الدكتور / السيد مصطفي أحمد أبو الخير
دكتوراه في القانون الدولي العام
مقدمة الدراسة
خطتها
المبحث الأول الشرعية الدولية
المطلب الأول: ماهية الشرعية الدولية.
المطلب الثاني: مصادر الشرعية الدولية.
المطلب الثالث: الشرعية الدولية والنظام الدولي الجديد.
المبحث الثاني
الشرعية الدولية والحرب ضد أفغانستان
المطلب الأول:عدم صحة إسناد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001 لتنظيم القاعدة.
المطلب الثاني: الأسباب الحقيقية للاعتداء على أفغانستان.
المطلب الثالث: الأمم المتحدة والاعتداء على أفغانستان.
المطلب الرابع: الشرعية الدولية والحرب ضد أفغانستان.
الفرع الأول: القانون الدولي المعاصر والحرب ضد أفغانستان.
الفرع الثاني: الشرعية الدولية ومعتقل جونتانامو.
خاتمـة:
مقدمة الدراسة
أثار تقرير لجنة حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عما يحدث في معتقل جوانتانامو حيفظة الرأي العام العالمي ومنهم فقهاء القانون الدولي, حيث تساءل العالم عن رأي القانون الدولي فيما حدث ويحدث من تجاوزات أهتز لها ومنها العالم.
فبادرت بعرض التقرير وما حدث علي قواعد وإحكام الشرعية الدولية لكي نضع أمام الرأي العام العالمي والباحثين موقف الشرعية الدولية مما سلف, فكان هذا البحث الذي تكون من مبحثين الأول تناولت فيه الشرعية الدولية في مطالب ثلاثة الأول خصصناه لماهية الشرعية الدولية وهي عبارة عن إسقاط أحكام وقواعد ومباديء القانون الدولي على النظام الدولي والواقع الدولي والمطلب الثاني بينا فيه مصادر الشرعية الدولية والتي تكاد تنحصر فيما ورد في نص المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وهي ذات مصادر القانون الدولي, وطبقنا كل ما سلف علي الواقع الدولي الراهن حتى نبين الطبيعة القانونية لهذا النظام كان ذلك في المطلب الثالث.
والمبحث الثاني الشرعية الدولية والحرب ضد أفغانستان والذي تكون من أربعة مطالب الأول تناولنا بالدراسة فيه عدم صحة إسناد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001لتنظيم القاعدة واستندا في ذلك إلي العديد من الوقائع والأدلة المحققة والموثوق بها ومصادر معتمدة لا يدخل ولا يتسرب إليها الشك, وتبن من الدراسة أن أحداُ (11/9) بالولايات المتحدة كانت داخلية الفاعل والمفعول به, فعلها من فعلها لتمرير المشروع الأمريكي للقرن القادم حتى إن البعض أطلق عليها (بيرل هاربير الجديدة ) والمطلب الثاني القينا الضوء علي الأسباب الحقيقة للحرب ضد أفغانستان السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والمطلب الثالث تناولنا بالدراسة القانونية القرارين الصادرين عن الأمم المتحدة بشأن الأحداث وهما القرار (1368)والقرار(1373)وبينا المثالب القانونية التي أصابتهما.
والمطلب الرابع خصصناه لموقف وحكم الشرعية الدولية من الحرب ضد أفغانستان ما ترتب عليها من تصرفات ونتائج لذلك أنقسم إلي فرعين الأول انتهينا فيه إلي عدم شرعية ومشروعية الحرب ضد أفغانستان وبينا أنها تمت خارج إطار الشرعية الدولية وخالفت وانتهكت العديد من مبادىء وأحكام القانون الدولي, ثم كان الفرع الثاني الذي يمثل ركيزة أسياسية في هذا البحث لذلك فقد أستأثر بعنوان البحث(الشرعية الدولية ومعتقل جوانتانامو, الذي وضحنا فيه موقف القانون الدولي الإنساني من المعتقل والمعتقلين وحقوق وواجبات الأسري كما وردت في اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 وانتهينا إلي أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تحترم ولم تضع أمامها القانون الدولي عامة في هذه الحرب و ما تلاها من تصرفات غير شرعية
فتتمثل مشكلة البحث في الإجابة علي السؤال التالي ما حكم الشرعية الدولية وما موقفها من الحرب ضد أفغانستان 2001 وما ترتب عليها من نتائج وما حكم القانون الدولي من معتقل جوانتانامو وما حقوق ووجبات الأسري الموجدين به؟ ومن ثم . يهدف هذا البحث إلي دراسة المركز القانوني لمعتقلي جوانتانامو وفقا لقواعد القانون الدولي الإنساني, ولذلك فأن هذه الدراسة ليست لتحديد الوضع القانوني لما يسمي الحرب علي الإرهاب, وليست دراسة لحقوق الإرهابيين, ولا لمحاكمتهم, ولكنها دراسة قانونية للقواعد التي تحكم الحرب ضد أفغانستان في أكتوبر2001وأثره علي معتقلي جوانتانامو.
المبحث الأول
الشرعية الدولية
إن مصطلح الشرعية الدولية من أكثر المصطلحات انتشارا على الساحة الدولية مما أثار حوله الغموض, رغم أنه مصطلح علمي ثابت ومحدد المعنى في العلوم السياسية والقانون الدولي, وقد يختلف العلماء والمتخصصون حول بعض التفاصيل لتحديد ه, ولكنهم يتفقون في عناصره الرئيسية ومن ثم يصبح لازما تحديد مفهومه وماهيته.وهذا ما سوف نوضحه في المطلب الأول .
وللشرعية الدولية مصادر متعددة تبدأ بالقانون الدولي بفروعه المختلفة قواعد وأحكام ومبادىء مرورا بقانون المنظمات الدولية وتشمل أيضا مجموعة المعاهدات والاتفاقيات والعهود الدولية التي أقرها أشخاص القانون الدولي وآلياته ونستطيع حصرها فيما ورد بالمادة (38) من النظام الاساسى لمحكمة العدل الدولية وتلك موضوع المطلب الثاني من هذا البحث
و لحسن الدراسة والعرض أن نبين مدى العلاقة بين الشرعية الدولية والنظام الدولي الجديد وما تأثير تلك على ذلك, وهذا ما نبينه في المطلب الثالث, لذلك فإن هذا المبحث يتكون من الاتى:
المطلب الأول: ماهية الشرعية الدولية.
المطلب الثاني: مصادر الشرعية الدولية.
المطلب الثالث: الشرعية الدولية والنظام الدولي الجديد.
المطلب الأول
ماهية الشرعية الدولية
أُحيط مصطلح الشرعية الدولية بالغموض والتزييف, وبات من أكثر المصطلحات على الصعيد الدولي ترديدا فالكل بات يتحدث عن الشرعية الدولية, ويزعم كافة السياسيين في كل رجا من أرجاء المعمورة أن أقوالهم وأفعالهم مطابقة للشرعية الدولية وفي نطاقها و تستظل بظلها. (1)
ورغم أن تعبير (الشرعية الدولية )مصطلح علمي محدد المعني في العلوم السياسية وعلم القانون الدولي.ولكن يختلف الفقهاء حول بعض التفاصيل في تحديده, ولكنهم يتفقون في عناصره الرئيسية التي تجعل هذه الكلمة قابلة للاستخدام كمصطلح علمي وليس كمصطلح سياسي, يفسره كل سياسي طبقا لمصالحه وهواه.حتى أن البعض وصف مصطلح الشرعية الدولية بأنه أحد أخبث أقنعة النظام الدولي الجديد وأكثرها فتنة للألباب.(2)
ولكن يبقى السؤال ما هي الشرعية ؟ وهل هي مجرد قرارات صادرة عن مجلس الأمن ؟ أم هى مجمل البنية التشريعية والقانونية التي تقوم عليها الأمم المتحدة ؟ ثم ما هي المرجعية التي يمكن الاستناد عليها لمعرفة مدى اتفاق تصرف دولي ما مع الشرعية الدولية ؟
بداية يجب التفرقة بين مفهوم الشرعية(legitimacy ( الذي يدور حول الأسس التي يتقبل فيها أفراد المجتمع النظام السياسي ويخضعون له طواعية, ومفهوم المشروعية ) legality ( بمعنى خضوع نشاط السلطات ونشاط الأشخاص للقانون , وبالتالي فقد تكون السلطة مشروعة ,أي مطابقة لأحكام القوانين , ولكنها غير شرعية برفض الجماعة لها . بسبب عدم تلاؤمها مع قيمهم وتوقعاتهم.فالشرعية فكرة أو معتقد تتعلق بأساس السلطة وكيفية ممارساتها, بالتالي فهي مفهوم مصدره الدين أو الكاريزما أو التقاليد, بينما المشروعية مصدرها القانون.(3)
كما أن هناك فرق بين القانونية (legality) والشرعية (legitimacy) فالقانونية هي صدور القرارات وفق القانون, وأما الشرعية ألا تمثل هذه القرارات تجاوزا من جانب السلطة لاختصاصاتها طبقا للقوانين أي استخدام السلطات القانونية لتحقيق أهداف لا ينص عليها القانون. (4)
إن مفهوم الشرعية الدولية ثابت عند الفقهاء في القانون الدولي والعلاقات الدولية والعلوم السياسية, ومعروف لدى القوى الدولية.فقد عرفها البعض في كلمات قليلة أنها (أحكام القانون الدولي المعاصر التي يمثلها ميثاق الأمم المتحدة والنظام الذي يحكم العلاقات الدولية عقب الحرب العالمية الثانية.
وهي تلك المباديء التي نص عليها الميثاق من عدم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات بين الدول, وعدم التدخل في الشئون الداخلية لهذه الدول, والمساواة في السيادة بينها, وحق الشعوب في تقرير مصيرها واختيار نظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحرية, وواجب الدول في تنفيذ التزاماتها وفقا للميثاق بحسن نية, وفي تسوية نزاعاتها بالطرق السلمية, وكل هذه المباديء تضمنها تفصيلا إعلان المباديء الخاصة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا للقانون الدولي والمطابقة لميثاق الأمم المتحدة, الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في24 أكتوبر1970.
وهي تلك المنظومة التي شكلتها الأمم المتحدة علي مدي ما يزيد علي نصف قرن لتبني عليها النظام الدولي المعاصر, والتي من أهم لبناتها تصفية الاستعمار وتفعيل حق تقرير مصير الشعوب واستقلالها, الأمر الذي كرسه الإعلان رقم (1514) الصادر عن الجمعية العامة في14 ديسمبر1960.
كما أن الشرعية الدولية تشمل مجموعة المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني, سواء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام1948 أو العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عام1966, والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام1966, واتفاقية إزالة كافة أشكال التمييز العنصري عام1965, والإعلان الخاص بإزالة التمييز ضد المرأة عام1967, واتفاقية تحريم وعقاب جريمة إبادة البشر عام1948, واتفاقية تحريم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة عام1984, وغيرها من الاتفاقات والإعلانات الدولية الخاصة بحقوق الطفل واللاجئين والعمال.
وهي التي تشمل اتفاقات جنيف الأربع لعام1949, الأولي الخاصة بتحسن حالة الجرحى والمرضي بالقوات المسلحة في الميدان والثانية الخاصة بتحسين حال الجرحى ومرضي وغرقي القوات المسلحة في البحار, والثالثة المتعلقة بمعاملة أسري الحرب, والرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب. كما تشمل البروتوكولين الإضافيين إلي هذه الاتفاقات عام1997, الأول الخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة ـ ومنها حرب التحرير ضد التسلط الاستعماري والاحتلال الأجنبي وضد الأنظمة العنصرية والثاني المتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية.
ومنها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عام1998, والذي يعرف بنظام روما, الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية التي تختص بمحاكمة مرتكبي جريمة إبادة البشر والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان. وتشمل كذلك الاتفاقات الدولية التي تحظر استخدام أنواع معينة من الأسلحة, ومنها اتفاقية عام1981 والبروتوكولات الأربعة الخاصة بالأسلحة الانشطارية والحارقة, والمخادعة وأسلحة الليزر, واتفاقية الألغام عام1997, والاتفاقات الخاصة بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية, وغيرها.
الشرعية الدولية إذن بناء متكامل, حاولت البشرية به أن تقيم العلاقات بين الدول علي أسس سليمة لتحقيق السلام والتعاون فيما بينها بعد أن اكتوت بنار حربين عالميتين خلال جيل واحد. وهذا البناء المتكامل يقوم علي أسس من مباديء القانون الدولي, منها ما يمليه العرف ومنها ما تتضمنه الاتفاقات الدولية,فالشرعية الدولية ليست مجرد شعار بل أنها مجموعة مبادىء ثابتة) .(5)
وعرفها أخر بأنها (سيادة منطق العدل والحق بين أعضاء الجماعة الدولية وليست مرادفا لشريعة القوة والغطرسة ) (6) وقال عنها آخر أنها (تجسيد وترجمة لإرادة المجتمع الدولي ), ولذلك ليس لطرف أو دولة أن تحدد هذه الشرعية. و هي المرجعية والإطار العام الذي بموجبه يتم الحكم علي كافة أفعال وتصرفات أشخاص وآليات المجتمع الدولي, وبناء عليه أن ما يقوم به طرف قوي أو طرف ضعيف, متفق أو مخالف مع الشرعية الدولية ينبغي تقويمه وفقا لقواعد وأسس هذه المرجعية الدولية.ومعنى ذلك أن الشرعية الدولية وإن تجاوزتها سلوكيات القوة للدول القوية, فلا يعنى ذلك إلغاء الشرعية الدولية, أو تبديل مفهوما أو إضفاء الشرعية على تصرف يتناقض مع مبادىء وأسس الشرعية الدولية.
عموما فالشرعية الدولية صفة لا تزول عن تصرف من التصرفات الدولية عن طريق معاهدة ما, أو وضع جديد يوصف بأنه يتناقض مع الشرعية الدولية أي مع الأسس المقررة في القانون الدولي العام, ولا يغير من ذلك الاضطرار إلى التعامل التطبيقات الباطلة القائمة على أرض الواقع, وهذا معناه رغم التعامل مع وضع قائم ما غير شرعي, فأن ذلك لا يعنى الاعتراف بمشروعيته.
فمصطلح الشرعية الدولية لا يتبدل مقصودة بكثرة استخدامه في غير موضعه فقد وضع ليسرى على مر الدهور وكر العصور وأوضاع متشابهة ومتعددة ومختلفة, وأحداث وتطورات جارية, دون أن يفقد معناه ومغزاه, ولا تضيع معالمه وحدوده. فالشرعية الدولية لا يمكن تفصيلها كما تفصل الملابس لتناسب لقطة زمنية معينة أو عصر معين.(7)
فلا يمكن لدولة ما أو مجموعة من الدول, أن تكون مرجعا للشرعية الدولية مفهوما وحدودا, فالشرعية الدولية هي المرجعية للحكم على تصرفات سائر أشخاص وآليات النظام الدولي على مر الدهور وكر العصور, وهى بناء متكامل ثابت الحدود والأركان والمعالم.
رغم ذلك ذهب البعض إلى الخلط بين مصالح الدول الكبرى والشرعية الدولية, فهم يبررون تصرفات الدول الكبرى على اعتبار أنها الشرعية الدولية, كما يفعل البعض في منطقتنا العربية من تبرير تصرفات الولايات المتحدة الأمريكية, بزعم أنها القطب الأوحد وتقف وحدها على قمة النظام العالمي الجديد, حيث تملك من المقومات ما يجعلها مرجعا للشرعية الدولية وأساس لها, وهم (المار ينز العرب).
فنحن العرب ننظر إلى الشرعية الدولية على أنها شيء عالي مقدس, لا يصدر عنها إلا الخير فقط, أو أنها كائن مثالي قائم بذاته, منفصل عن النظام الدولي وعلاقاته, يمسك بميزان العدالة والحق ويحكم بينهما بين أشخاصه وآلياته. وننسى أو نتناسى أن الشرعية الدولية (هي الوجه المعبر في كل لحظة دولية عن تقاطع مصالح الدول الكبرى المتصارعة في العالم وعلى العالم)وليست ولا يمكن أن تكون ذلك الكائن المثالي الذي نتصوره ونعلق عليه آمالنا, ونعتمد عليه في حل كافة أزماتنا الدولية الصغيرة والكبيرة.(
لو لم يكن ذلك صحيحا, لما كانت تتبدل المفاهيم لهذه الشرعية, كلما تبدلت موازين القوى, بين عصر وآخر, ولما ظهرت ليست ازدواجية المعايير بل تعددها, والكيل بأكثر من مكيال, ولما كانت بعض القرارات العادلة ولو بحدود ضيقة ترمى في سلة المهملات, أو في مزبلة التاريخ, أما القرارات الظالمة فتأخذ طريقها للتنفيذ لكونها تلبى مصالح الدول الكبرى وحلفاؤهم.
تلك حال المجتمع الدولي منذ أمد بعيد, ولا نغالي في القول إذا قلنا أن ذلك حال المجتمع الدولي على مر الدهور وكر العصور, مما أوجد حالة تناقض وفصام بين القانون الدولي قواعد وأحكام ومبادىء وبين النظام الدولي السائد في عصر من العصور, أي إن البون واسع بين القانون الدولي وبين الواقع الدولي.
والحقيقة يجب أن نفصل تماما بين مفهوم القانون الدولي كشرعية لتنظيم العلاقات الدولية على أسس ومبادىء ثابتة, أي بين الشرعية الدولية, وقرار أو قرارات يصدرها مجلس الأمن أو حتى الجمعية العامة للأمم المتحدة, لأن استعمال كلمة (شرعية) بما لها من حرمة وقدسية لا يمكن حصرها في قرار أو بضعة قرارات صادرة عن مجلس الأمن التي تسيطر عليه الدول الخمس الكبرى سيطرة كاملة أو حتى الجمعية العامة للأمم المتحدة, لان القرارات الصادرة عن الجمعية العامة تعبر عن مصالح الدول السياسية والقانون الدولي يحمى حقوق وليست مصالح, لان المصالح تخضع للسياسة.
لذلك يجب حصر استعمال كلمة ( شرعية دولية ) للدلالة على المفاهيم الثابتة في القانون الدولي والعرف الدولي الناشىء عن ممارسات تواترت وحظيت بالقبول من أشخاص وآليات المجتمع الدولي.(9)
ونحن نرى أن الشرعية الدولية هي (إسقاط قواعد ومبادىء وأحكام القانون الدولي بفروعه المختلفة ومصادره المتعددة, وكافة المعاهدات والاتفاقيات والعهود الدولية المتعددة الإطراف والجماعية وما يستجد من قواعد ومبادىء يتعارف عليها ويتواتر على تطبيقها المجتمع الدولي بأشخاصه وآلياته )
مما سبق من تعريفات للشرعية الدولية يمكن استخلاص الخصائص العامة لها فيما يأتي:
1- إن الشرعية الدولية تعلو ولا يعلو عليها في المجتمع الدولي.
2- إن الشرعية الدولية تستند على القانون الدولي وليس على تصرفات دولة معينة أو مجموعة دول مهما كانت وكانوا, فالشرعية الدولية تحكم على تصرفات الدول وليس العكس.
3- لا يمكن لأي شخص من أشخاص القانون الدولي أو آلية من الآليات أن تحدد أو تتحكم في الشرعية الدولية, بقرار أو بعدة قرارات أو بتصرف أو بعدة تصرفات.
4- الشرعية الدولية ثابتة لا تتغير ولكنها تتسع في المضمون أي في المبنى وليس في المعنى, وقفا على العرف الدولي وما قد يستحدثه من قواعد ومبادىء لاقت قبولا وتأييدا وتطبيقا من المجتمع الدولي.
المطلب الثاني
مصادر الشرعية الدولية
بعد أن انتهينا من تحديد ماهية ومضمون الشرعية الدولية في المطلب الأول سوف نوضح فدى هذا المطلب المصادر التي تستند عليها الشرعية الدولية, والتي تتمثل في القانون الدولي بفروعه المختلفة ومصادره المتعددة, إضافة إلى العديد من الاتفاقيات والمعاهدات والعهود الدولية المتعددة الأطراف والجماعية التي لاقت قبولا من كافة أشخاص وآليات المجتمع الدول, ويمكن أجمال هذه المصادر فبما ورد في المادة (38) من النظام الاساسى لمحكمة العدل الدولية والتي نصت على:
1- وظيفة المحكمة أن تفصل في المنازعات التي ترفع إليها وفقاً لأحكام القانون الدولي، وهي تطبق في هذا
( أ )الاتفاقات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترف بها صراحة من جانب الدول المتنازعة.
(ب)العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليها تواتر الاستعمال.
(ج)مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة.
(د) أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم ويعتبر هذا أو ذاك مصدراً احتياطياُ لقواعد القانون وذلك مع مراعاة أحكام المادة 59.
2 - لا يترتب على النص المتقدم ذكره أي إخلال بما للمحكمة من سلطة الفصل في القضية وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف متى وافق أطراف الدعوى على ذلك. (
وقد نشأ القانون الدولي العام في القرن السادس عشر الميلادي, لكي ينظم العلاقات السياسية والقانونية بين عدد قليل من الدول منحصرة في القارة الأوروبية فقط, مما جعله فرعا من القانون العام.(10) وقد أدى زيادة عدد الدول حتى وصل الآن حوالي(191) دولة هم أعضاء الأمم المتحدة, إلي زيادة هائلة في العلاقات الدولية, ونمو قواعد القانون الدولي العام وزيادة زيادة كبيرة.مما أدى إلى بروز فروع جديدة للقانون الدولي.
و أصبح القانون الدولي المعاصر قانونا للمجتمع الدولي.مما أدى إلى كثرة الموضوعا ت التي يعالجها هذا القانون و أصبح البعض منها فروعا ذاتية لها كيانها المتميز. فأصبح للقانون الدولي العام المعاصر فروع متعددة.كما له مصادر مختلفة.(11) و ساعد علي ذلك نشوء المنظمات الدولية, وما نتج عنه من اتساع دائرة الروابط القانونية التي يحكمها الآن في ظل التنظيم الدولي
على صعيد تعريف القانون الدولي يوجد مدرستين في هذا المجال الأولي, تركز على أن القانون الدولي هو ما أستقر من قيم ومبادىء وقواعد أساسية وحقوق إنسانية متعرف عليها عبر التجارب الماضية وتم تدوينها في مواثيق دولية ملزمة إذن يتمثل القانون الدولي العام في مجموعة القواعد والمبادىء الدولية الأساسية مثل مبدأ حظر استخدام القوة, وتحريم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة, وحق تقرير المصير. والثانية تركز على مجموعة المواثيق والمعاهدات والاتفاقات وقرارات المنظمات الدولية, وهذا هو القانون الدولي التطبيقي, ونحن لا نرى تناقضا بين المدرستين ولكنهما في الحقيقة مدرسة واحدة, فأي تصرف دولي و معاهدة ينبغي أن يكونا متطابقان معا. 12)
ويمكن تعريف القانون الدولي العام بأنه (مجموعة القواعد الملزمة التي تنشأ عن المصادر المشار إليها في المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية. و التي تهدف إلى تنظيم العلاقات المتبادلة بين أشخاص القانون الدولي العام ).(13)
وفروع القانون الدولي العام يمكن إيجازها في الآتي:
1- المبادىء العامة للقانون الدولي العام: التي تهتم بدراسة قواعد القانون الدولي ومصادر القانون الدولي, وأشخاصه, والمسؤولية الدولية, والعلاقات الدبلوماسية, والقواعد التي تحكم العلاقات الدولية وقت الحرب, ووسائل حل المنازعات الدولية بالوسائل السلمية.(14)
2- قانون التنظيم الدولي:نشأ هذا القانون نشأة متواضعة للغاية, تتناسب مع حجم و حركة التنظيم الدولي في بداية انطلاقها, ثم أخذ ينمو مع ازدياد عدد المنظمات الدولية العالمية والإقليمية, حتى أصبح اليوم فرعا متكاملا له ملامحه الخاصة, وطابعه المتميز. الذي يهتم بدراسة القواعد التي تحكم إنشاء المنظمات, وتحدد لها وسائل تنفيذ أهدافها, والعلاقة القانونية بين الدول والمنظمات الدولية, ووسائل التنسيق بين المنظمات الدولية.وهذا القانون يتسم بأنه سريع التطور ومرن. (15)
3- القانون الدولي الاقتصادي: وهذا الفرع يختص بدراسة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات الاقتصادية بين الدول بعضهم البعض, وبين المنظمات الدولية وبعضها البعض وبينها وبين الدول, كما يهتم بدراسة العلاقات القانونية المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية. ويتميز هذا القانون بأساليبه الفنية المتميزة, التي تتفق مع طبيعته الخاصة, ومع الموضوعات والأوضاع التي تتناولها قواعده, مثل التصويت في المنظمات الدولية الاقتصادية, الذي يأخذ بنظام وزن الأصوات, بهدف الوصول إلى تحقيق نوع من التوازن والتناسب بين حق التصويت, والمسئوليات الاقتصادية الدولية الملقاة على عاتق الدول, الأمر الذي يعد خروجا علي مبدأ المساواة في التصويت.(16) ونظام التحكيم في المنازعات الاقتصادية التي يسلم له بسلطات شبة تشريعية.
4- القانون الدولي الإداري: التي تنظم قواعده كافة مجالات الوظيفة العامة الدولية, كحقوق وواجبات الموظفين الدوليين والوسائل القانونية والقضائية التي تحمي حقوقهم.(17)
5- القانون الدولي للتنمية:أدى زيادة عدد الدول الفقيرة, إلى زيادة الفجوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة, خاصة وأن التقدم العلمي والتكنولوجي تركز في دول الشمال المتقدم, مما زاد من الحاجة إلى ظهور قواعد قانونية دولية تنظم عملية التنمية الاقتصادية لدول الجنوب أو دول العالم النامي.مما أدى إلى ظهور واستقرار مجموعة من القواعد القانونية الدولية,والتي يطلق عليها اليوم (القانون الدولي للتنمية ). والتي تطبق بصفة خاصة على العلاقات الاقتصادية بين الدول النامية دول الجنوب, ودول الشمال المتقدم.(18)
ولكن هناك جانب من الفقة يؤكد على أن قواعد القانون الدولي للتنمية جزء من القانون الدولي الاقتصادي. ولكننا نعتقد أن القانون الدولي للتنمية أصبح له ذاتية خاصة تميزه عن القانون الدولي الاقتصادي, أبرز ذلك, اعتداده بالظروف الواقعية للمخاطبين بأحكامه.ومن ثم فإن قواعده تفتقد إلى أهم صفات القاعدة القانونية وهي العمومية والتجريد, حيث ينحصر هدف القانون الدولي للتنمية في تصحيح اختلال التوازن في العلاقات الاقتصادية الدولية.لصالح الدول النامية, مما يتطلب إرساء قواعد قانونية, تتخلى عن فكرة المساواة القانونية.لإرساء نوع من عدم المساواة القانونية لصالح الدول المتخلفة.(19)
6- القانون الدولي الجوي: الذي يختص بدراسة القواعد القانونية التي تنظم استعمال الهواء والفضاء الجوى في المواصلات الدولية والتنمية الاقتصادية, والمنظمات الدولية التي تعنى بالمشاكل القانونية الناجمة عن ذلك, والتوفيق بين مصلحة الدولة ومصلحة المجتمع الدولي في استغلال الفضاء الجوي.(20)
7- القانون الدولي للعمل:أدى الثورة الصناعية وظهور طبقة العمال إلى المطالبة بحماية حقوق العمال ومكاسبهم خارج نطاق دولتهم. مما أدى إلى زيادة الأصوات المنادية بحماية العمال على المستوى الدولي فأنشأت منظمة العمل الدولية عام 1919 مع إنشاء عصبة الأمم, حيث وافق مؤتمر السلام في 11 أبريل 1949 م على تقرير اللجنة الخاصة التي شكلها المؤتمر, والذي تضمن مشروع اتفاقية خاصة بإنشاء جهاز دائم للتشريع الدولي للعمل, بعد إدخال بعض التعديلات, وأصبحت منظمة العمل الدولية من ضمن الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة, وأنشئت منظمة العمل الدولية العديد من القواعد القانونية التي كونت القانون الدولي للعمل و تهتم بتنظيم العلاقات القانونية الدولية بشأن العمل الإنساني الذي يتسم بالتبعية.(21)
8- القانون الدولي للبيئة: لقد حظيت البيئة باهتمام رجال القانون منذ أقدم العصور وذلك في إطار القوانين الداخلية. و بدأت الدول تدرك الأخطار المحدقة بالبيئة, وقد تمثل ذلك في مبادرة العمل على دعم قوانينها الداخلية في هذه المجالات, إلى جانب اعتماد البرامج والخطط اللازمة لحماية البيئة وصيانتها في حدود اختصاصها الإقليمي ووضع بعض القوانين واللوائح الجديدة في ميدان البيئة. وتلك الجهود السابقة لم تحقق غاياتها إلا بجهود على صعيد العلاقات الدولية, لارتباط البيئة ارتباطا وثيقا بالقانونين الداخلي والدولي. فكان لابد من توحيد جهود الدول في حماية البيئة فظهرت قواعد قانونية دولية تهتم بدراسة الجهود والوسائل الدولية التي تحمي البيئة.فكان القانون الدولي للبيئة.(22)
9- القانون الدولي البحري:و يهتم بدراسة المشاكل القانونية للبحار العامة سواء تعلقت بوسائل النقل البحري, أو استغلال الموارد الطبيعية للبحار ووضع القواعد لحماية البحار من التلوث, وعدم استخدامها لتخزين الأسلحة الذرية أو لإجراء التجارب الخاصة بإنتاج وتطوير هذه الأسلحة.
10- قانون الفضاء الخارجي:وهو فرع جديد في دور التكوين, نشأ لمواجهة نجاح محاولات غزو الفضاء الخارجي, وما يترتب على ذلك من مشاكل قانونية في العلاقات الدولية.(23)
11- القانون الدولي لحقوق الإنسان: يهتم بدراسة حقوق الإنسان وقت السلم وضمان حماية قانونية فعالة لها من قبل دولته أو الدول الأخرى, وتوفير الضمانات القانونية الفعالة لحماية الإنسان في ذاته وحياته.(24)
12- القانون الدولي الإنساني: وهو الفرع الذي يهتم بحماية الإنسان في النزاعات المسلحة سواء الدولية أو غير الدولية و في الأزمات السياسية. وهذا الفرع ترجع نشأته وتطوره إلي جهود المنظمات الدولية.(25)
13- قانون القضاء الدولي: يهتم هذا الفرع بالقواعد الخاصة بأنواع المحاكم الدولية وطريقة تشكيلها, واختصاصاتها والإجراء التي تسير عليها.
14- القانون الدولي الجنائي:يدرس هذا الفرع القواعد القانونية التي تحدد الجرائم الدولية وإجراءات المحاكمة والعقوبات المحددة لكل منها.(26)
بعد أن أستعر ضنا القانون الدولي العام بفروعه المختلفة.بقي أن نلقي الضوء علي مصادر القانون الدولي المتعددة والتي تعتبر بحق مصادر للشرعية الدولية, وقد قسم فقهاء القانون الدولي مصادره إلى مصادر أصلية تتمثل في المعاهدات الدولية والعرف الدولي والمبادىء العامة للقانون.ومصادر احتياطية تتمثل في أحكام المحاكم وأراء كبار الفقهاء في القانون الدولي ومبادىء العدالة والأنصاف و يضيف بعض الفقهاء التصرف بالإدارة المنفردة, وقرارات المنظمات الدولية.
مصادر القانون الدولي العام:
مصادر القانون الدولي العام هي الوقائع les faites أو الطرق procedes lesالتي يعترف لها هذا القانون بقوة إنشاء وتعديل وإلغاء قواعده وينصرف هذا التعريف المصادر الرسمية أو القانونية les sources formelles ou jurdiques والتي تختلف عن المصادر الماديةles sources materielle للقاعدة القانونية التي تنحصر في وسائل عديدة, مثل الضرورات المجردة, والعدالة, وغير ذلك من العوامل التي يمكن أن تلعب دورا ما في نشوء القاعدة القانونية علما بأن هذه العوامل لا تكفي بذاتها لنشوء القاعدة, لأن وجود القاعدة يتم بعد الشعور بهذه الضرورة الاجتماعية في صورة قاعدة قانونية, وذلك عن طريق أحد المصادر الرسمية المعترف بها في القانون الدولي. وسوف نلقي الضوء بإيجاز غير محل بكل مصدر من المصادر السابقة ذكرها:
أولا:المصادر الأصلية:تتمثل هذه المصادر في المعاهدات الدولية والعرف الدولي والمبادىء العامة للقانون.
1- المعاهدات الدولية: عرفت الشعوب القديمة المعاهدات الدولية كوسيلة لتنظيم علاقاتها الدولية, في زمن السلم و الحرب, لكن العرف كان السائد.ولم يشهد المجتمع الدولي قانونا للمعاهدات إلا في عام 1980.وقد بدأت الجهود الدولية لوضع قانون المعاهدات منذ منتصف القرن العشرين, حيث قامت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة عام 1950 وانتهت عام1966بوضع قانون للمعاهدات, تم مناقشته في المؤتمر الدولي الذي دعت إليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في فيينا عامي 1968, 1969, حيث وافقت الدول المجتمعة على إصدار أول اتفاقية دولية لقانون المعاهدات هي (اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات فيما بين الدول ) والتي تم التوقيع عليها في 23مايو 1962م ودخلت حيز النفاذ في 27يناير 1980م.
وواصلت اللجنة استكمال أحكام قانون المعاهدات, فتمكنت من إعداد مشروع معاهدة دولية في شأن خلافة الدول في المعاهدات ووافقت عليه الدول المجتمعة في مؤتمر فيينا في 22أغسطس1978م.وبناء على توصية واردة في القرار الذي أعتمده مؤتمر الأمم المتحدة لقانون المعاهدات بشأن المادة الأولى من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969م, قررت اللجنة في عام 1970م, أن تدرج في برنامجها العام مسألة المعاهدات المبرمة بين دول ومنظمات دولية أو بين منظمتين أو أكثر, وعرض مشروع معاهدة حول هذا الموضوع, ووافقت عليه الدول المجتمعة في فيينا في 21مارس 1986, بذلك أخذت كثير من القواعد العرفية طريقها للتدوين وأصبحت المعاهدات تتقدم مصادر القانون الدولي بعد إزاحة العرف الدولي.(27)
2- العرف الدولي: يلعب العرف الدولي دورا هاما في كل فروع القانون, إلا أن دوره في القانون الدولي العام أكثر أهمية, فقد بدأت قواعد هذا القانون بداية عرفية, و دون ما دون منها, وبقيت قواعد عديدة غير مدونة ولكنها ثابتة في العرف, وتتكون القاعدة العرفية من إتباع تصرف معين خلال مدة طويلة بحيث يتولد الإحساس بأن انتهاج هذا التصرف قد أصبح أمرا ملزما قانونا, فالعرف الدولي يتكون من ركنين مادي هو تكرار تصرف معين ومعنوي اعتقاد الدول بصفتها الإلزامية.(28)
3-المبادىء العامة للقانون:ذهب غالبية الفقهاء إلى أن المقصود بالمبادىء العامة للقانون (مجموعة المبادىء الأساسية التي تعترف بها النظم القانونية الوطنية لمختلف الدول ) يمكن تطبيقها في مجال العلاقات الدولية بين الدول, ما لم تكن هناك قاعدة اتفاقية أو عرفية تحكم الموضوع, وتكون هذه المبادىء ملائمة للنظام الدولي, ومعترف بها من الدول داخل المجتمع الدولي و مسلم بها في الأنظمة القانونية الرئيسية في العالم منها عدم التعسف في استعمال الحق و المسئولية عن المخاطر. (29)
أما المصادر الاحتياطية فقد أختلف الفقهاء فيها, ويمكن إجمالها في الفقة الدولي (أراء كبار فقهاء القانون الدولي ) وأحكام المحاكم الدولية, ومبادىء العدالة والإنصاف, وقرارات المنظمات الدولية, والتصرف بالإرادة المنفردة والاتفاقيات الدولية الشائعة وسوف نلقي الضوء كل على حدة:
1- الفقه الدولي أو أراء كبار فقهاء القانون الدولي: لعب الفقه في القانون الدولي دورا بارزا وكبيرا, بخلاف فروع القانون الأخرى, يعود ذلك إلى الطبيعة الخاصة بالنظام القانوني الدولي الذي تتولى فيه الأشخاص المخاطبة بأحكامه بالدور الرئيس في صنع وتطبق وتفسير قواعده, و تأثر القانون الدولي بكتابات وأراء كبار الفقهاء القدامى أمثال (جنتيلي) و(جروسيوس) و(فاتل) وغيرهم.
ولكن بعد التطور الهائل في النظام الدولي في الأشخاص والآليات, انحصر دور الفقه, وظهرت أبحاث ودراسات صادرة عن جمعيات علمية مثل مجمع القانون الدولي وجمعيات القانون الدولي و لجنة القانون الدولي في الأمم المتحدة واللجنة القانونية الاستشارية الآسيوية, وأنشئت الدول جمعيات علمية للقانون الدولي منها الجمعية المصرية للقانون الدولي, رغم أهمية دور الفقه في القانون الدولي, إلا أنه لا ينشأ قاعدة قانونية دولية بل هو دليل على وجودها, فالقاضي الدولي يحتكم إلى أراء كبار الفقهاء في تحديد مضمون القاعدة القانونية الدولية وتفسيرها.(30)
2- أحكام المحاكم: تعد أحكام المحاكم الدولية سواء محكمة العدل الدولية التي أنشئت مع الأمم المتحدة أو المحكمة الدائمة للعدل الدولي المنشأة مع عصبة الأمم و الجهاز الوحيد الذي أستمر عقب انهيار العصبة مع تغيير الاسم فقط مصدرا من مصادر القانون الدولي العام, من خلال تبنيها للقواعد العرفية وتدوينها وإبرازها, وتكوين قواعد دولية جديدة, علما بأن اللجوء للقضاء الدولي اختياري للدول.(31)
3- مبادئ العدالة والإنصاف: بعض الفقهاء قصر هذا المصدر على قواعد العدالة فقط دون الإنصاف, وأعتبر فكرة العدالة من الأفكار الغامضة, إلا أن كثير من الفقهاء يربطها بالحكمة من التشريع أو بمبدأ حسن النية وعرفها بأنها ( مجموعة من المبادىء المتوازنة يوصي بها العقل وحكمة التشريع ), وهي فكرة مرنة تختلف باختلاف الزمان والمكان, ورغم ذلك لم يتفق فقهاء القانون الدولي على تعريف جامع مانع للعدالة ولا على تأثيرها في تسوية المنازعات الدولية, إلا أنه يمكن الاستعانة بها كوسيلة لتخفيف القانون الدولي أو لتكملة أو استبعاد تطبيقه حينما يكون في ذلك ظلم شديد الوطأة, ومصدر مكمل للقانون الدولي, في حالة نقص القانون أو سكوته عن تنظيم مسألة معينة.(32)
4- الاتفاقيات الدولية الشارعه: وهي التي تعقدها جماعة كبيرة من الدول تضع فيها بعض القواعد لتنظيم مسألة هامة تتعلق بالعلاقات الدولية فيما بينهم وتتضمن قواعد قانونية جديدة,و ذهب بعض الفقهاء إلى اعتبار تلك المعاهدات مصدرا للقانون الدولي العام, شريطة ألا تكون الدول الكبرى قد استغلت هيمنتها وسيطرتها لتقنين وضع يحقق مصالحهم حينئذ لا تعتبر هذه المعاهدات من مصادر القانون الدولي العام. (33)
5- قرارات المنظمات الدولية: أختلف الفقهاء حول اعتبار قرارات المنظمات الدولية مصدرا من مصادر القانون الدولي, واستند جانب من الفقهاء على عدم اعتبار هذه القرارات مصدرا من مصادر القانون الدولي على أساس أن المادة (38)من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية لم يرد فيه هذه القرارات, ولكن الجانب الآخر, اعتبر ذلك ليس صحيحا لأن نص المادة السالفة منقول حرفيا من النظام الأساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي حيث لم تكن المنظمات الدولية قد تطورت وأصبحت من أشخاص القانون الدولي.(34)
كما أن محكمة العدل الدولية, استندت في العديد من آرائها الاستشارية أو أحكامها القضائية لقرارات المنظمات الدولية باعتبارها مصدر للقانون الدولي, منها الرأي الاستشاري بشأن جنوب أفريقيا, وكذلك أحكام المحكمة الإدارية للأمم المتحدة, و المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية (35).
6- التصرف بالإرادة المنفردة: له عدة صور مثل الإعلان والاحتجاج والاعتراف والتنازل والتعهد, ويتميز هذا المصدر بأنه تعبير عن إرادة واحدة, وهذا ما يفرق بينه وبين غيره من التصرفات القانونية الثنائية أو متعددة الأطراف أو الجماعية.(36) وقد اختلف الفقه الدولي حول اعتبار التصرف بالإدارة المنفردة مصدرا من مصادر القانون الدولي, حيث وجد من ينكر كلية أي أثر قانوني للإرادة المنفردة إلا إذا قابلتها أرادات من أشخاص قانونية أخرى تطابقها, بحيث لا تكون الإرادة وحدها مصدرا للقانون بل تقابل الإرادات هو المنشىء للقاعدة القانونية, ويري جانب كبير من الفقه أن التصرف بالإرادة المنفردة يمكن أن يكون مصدر الالتزام على عاتق من صدر عنه أو محددا لموقفه بالنسبة لواقعة معينة في علاقته مع الآخرين, ويتميز هذا التصرف بعناصر ثلاثة تتمثل في أنه لا يتوقف على تصرفات قانونية أخرى وأنه مظهر لإرادة شخص دولي واحد, كما أنه لا ينتج التزامات على عاتق الغير.(37)
وللتصرف بالإرادة المنفردة عدة صور منها:
- الإخطار Notification ويطلق عليه بعض الفقهاء الإبلاغ.(38) و عرفه البعض بأنه (تصرف ينطوي على إبلاغ شخص قانوني آخر بواقعة أو وضع أو عمل أو وثيقة) وقال آخر هو(تصرف دولي من جانب واحد قوامه الإرادة المنفردة لشخص بعينه من أشخاص القانون الدولي العام إلى إحاطة شخص دولي آخر – وبصورة رسمية – بوضع دولي معين مستهدفا بذلك-تحقيق آثار قانونية بعينها ) وعرفه أنزيلوتي (الإجراء الذي بواسطته تقوم أحدى الدول بأخطار دولة أو دول أخرى بواقعة معينه, يمكن أن عليها آثار قانونية ) والإعلان باعتباره عملا قانونيا دوليا لا يصدر ولا يوجه إلا من أشخاص القانون الدولي العام, وتلجأ إليه الدول في المسائل الهامة مثل الاعتراف, والإعلانات كإعلان الحرب, وإعلان تأميم قناة السويس.
- الاعتراف: recognition-la recomaissance. هو تصرف من جانب واحد ينطوي على إقرار من صدر عنه بوضع أو بواقعة معينة, ويكون هذا الإقرار صريحا وضمنيا يستفاد من تصرفات الشخص الدولي مع الأشخاص الدولية الأخرى, مثل الاعتراف بدولة جديدة, أو الاعتراف بحكومة, أو الاعتراف بالأمر الواقع.
- الوعـدromlse-le promesse هو تصرف يصدر عن الإرادة المنفردة ينطوي على تعهد بالعمل وفق طريقة معينة تجاه شخص أو أكثر من أشخاص القانون الدولي, وينتج أثره القانوني دون توقف على رضا المستفيد منهم بشرط أن تتوافر فيه شروط صحة التصرفات الدولية, بأن يكون من صدر عنه أهلا لذلك ومتمتعا بالشخصية القانونية الدولية, وأن يكون محل الوعد مشروعا وممكنا ماديا, ويترتب على عدم تنفيذه المسئولية الدولية إذا ما تسبب بضرر لشخص من أشخاص القانون الدولي.
- التنازل: Renunciation, la renonciation يمكن تعريفه بأنه (التعبير عن الإرادة التي بمقتضاها يترك أحد أشخاص القانون الدولي العام حقا شخصيا دون حاجة إلى التعبير عن إرادة أخرى من جانب شخص آخر من أشخاص القانون الدولي العام )(39)وعرفه البعض بأنه (تصرف من جانب واحد يتجه المتصرف بمقتضاه إلى التخلي عن حق يملكه أو اختصاص يتمتع به أو ادعاء أو دفع كان له أن يتمسك به) وقال آخر بأنه (تصرف دولي من جانب واحد إلى اتجاه الإرادة المنفردة لأي شخص من أشخاص القانون الدولي العام إلى التخلي عن واحد أو أكثر مما له من حقوق أو اختصاصات أو دعاوى أو دفوع, ثابتة كانت أو مجرد أدعاء, سواء تم التعبير عن إرادة التخلي صراحة أو بأسلوب ضمني قاطع في دلالته عليها).(40)
و ينتج آثاره القانونية متى توافرت فيه شروط صحة التصرفات الدولية, و أقرت محكمة العدل الدولية إمكانية التنازل الضمني في قضية مضيق كورفو بين ألبانيا وبريطانيا, وأكدت أن التنازل لا يمكن افتراضه, أنما يتعين إثباته بدليل قاطع, كما أن عدم ممارسة الحق مدة طويلة لا تعني التنازل عنه, ولا يقتصر التنازل على الحقوق الشخصية وحدها, فمن الجائز أن يكون محل التنازل حقا أو اختصاصا أو دعوى أو دفعا أو مجرد أدعاء, و التنازل نادر الحدوث في القانون الدولي لأنه من الصعب التضحية بالحقوق دون مقابل.
- الاحتجاج: la protestation-protest هو الوسيلة التي تلجأ الدول إليها ضد انتهاك حقوقها أو التدخل في مصالحها السياسية, ويلعب دورا هاما في تكوين العرف الدولي و يشترط فيه أن يكون صادرا من شخص من أشخاص القانون الدولي, ويقدم إلى الشخص المسئول عن العمل غير المشروع. (41) والاحتجاج تصرف يصدر عن شخص دولي بإرادته المنفردة يعلن بمقتضاه صراحة رفضه لوضع أو مسلك معين أو تحفظ ذو طابع سياسي, وتكمن أهميته في أن عدم صدوره من جانب صاحب الحق فيه يفيد إقراره للوضع أو المسلك أو التحفظ المعنى, وهذا ما أكدته محكمة العدل الدولية في قضية المصايد بين بريطانيا والنرويج عام 1951م.(42)
بعد استعراض المصادر الأصلية والاحتياطية للقانون الدولي والتي تعد مصادر للشرعية الدولية يتبين أن الشرعية الدولية لا تختلف عن القانون الدولي بفروعه المختلفة ومصادره المتعددة, بل هي ظل القانون الدولي على الواقع الدولي, فأن لم يمتد الظل إلى التصرف الدولي بات غير مشروع مهما كان مصدره دولة كبرى أو منظمة عالمية مثل الأمم المتحدة بأجهزتها الرئيسية أو وكالاتها المتخصصة.
إن القانون الدولي لا يتغير, ولكن يمكن أن يضاف إليه و يتطور ايجابيا أما الأسس والمصادر التي قام عليها والمعايير التي جاءت نتيجة التجارب العديدة للبشرية على مر الدهور وكر العصور, فهي ثابتة لا تتغير ولا تتبدل, وكانت نشأة المنظمات الدولية محاولة ناجحة من المجتمع الدولي لإيجاد قالب تنظيمي لتنفيذ القانون الدولي, وخاصة منظمة الأمم المتحدة التي تشمل في عضويتها كافة دول المجتمع الدولي وهذا القالب التنظيمي قابل للتغيير والتبديل ولكن في إطار الأسس التي قام عليها, أما أن يصبح هذا القالب أداة لتغيير تلك المصادر فأن ذلك يخالف مفهوم الشرعية الدولية (43) ويجعل المجتمع الدولي مختصرا في الأمم المتحدة والأمم المتحدة مختصرة في مجلس الأمن, والمجلس مختصر في دول الفيتو الخمس الكبار ودول الفيتو أصبحت مختصرة في الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تخفي ازدرائها بالمنظمة العالمية كلها.(44) وكل زعماء دول الفيتو الخمس لا يحترمون الأمم المتحدة فالرئيس الروسي الأسبق خرشوف كان يصوت على القرار بحذائه. وقال عنها الرئيس ديجول (الشيء التافه).
المطلب الثالث
الشرعية الدولية والنظام العالمي الجديد
هذا المطلب يتناول العلاقة بين الشرعية الدولية والواقع الدولي الحالي وما العلاقة بينهما وما هي طبيعة النظام الدولي الجديد وما تكييفه القانوني ؟وهل هناك نظام عالمي جديد من عدمه ؟
إن فكرة النظام الدولي أو العالمي الجديد, ليست جديدة في إطار العلاقات الدولية, ويمكن إرجاعها إلى العهد الروماني حين فرضت روما (السلام الروماني)على العالم القديم, وخلال الحقب الزمنية الطويلة التي امتدت ما بين(السلام الروماني) وبين ما يقال له اليوم النظام الدولي الجديد أو(السلام الأمريكاني), ظهرت عدة أنظمة عالمية متعاقبة (45) فبعد خروج المسلمين من الأندلس, نادوا بعالم دولي جديد, وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى قالوا بنظام دولي جديد, وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية, فرضوا نظاما دوليا.
وشاع استخدام مصطلح(النظام الدولي الجديد) بعد سقوط وانهيار الاتحاد السوفيتي عام 1989م, واستخدامه الرئيس الأمريكي بوش الأب أبان حرب الخليج الثانية, فالمجتمع الدولي اليوم يعيش مرحلة تاريخية مهمة من التحولات والمستجدات السريعة المتلاحقة ذات تأثيرات واضحة عديدة ومختلفة, تظهر آثارها علي كافة جوانب العلاقات الدولية.(46)
إن الغموض المتعمد يحيط بمعنى ومضمون(النظام الدولي الجديد), هل المقصود به العودة إلى ما قبل التنظيم الدولي؟ و القضاء علي كافة المكاسب التي حققها المجتمع الدولي في هذه الفترة و المبادىء العامة في القانون الدولي منها مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول, وحق تقرير المصير وغيرها أي العودة إلى القانون الدولي التقليدي, وتسخير القانون الدولي لتحقيق أهداف الدول الكبرى, واحتكار عضوية المجتمع الدولي وإسباغها على من يشابها من دول العالم الثالث وحجبها عمن سواها, وعودة الحكومة الدولية الواقعية من خلال مؤتمر الدول الصناعية السبع الكبرى الذي تأسس عام 1975.(47)
ولتحديد ماهية النظام الدولي القديم والجديد, ينبغي التفرقة بين (النظام الدولي) و(المجتمع الدولي) وهو الإطار الذي يشكل بنيان النظام الدولي تبعا لحقائقه, كما أن النظام الدولي يعد مجاله التطبيقي المجتمع الدولي, والتفرقة بين (التنظيم الدولي)و(النظام الدولي)فالأول يمثل التعبير المؤسسي للثاني, ولكنه ليس هو وكذلك فإن القانون الدولي ليس هو النظام الدولي, فالقانون الدولي بمصادره المختلفة قد يعبر عن حقائق المجتمع الدولي ولكنه لا يمثل صورة صادقة عن العلاقات في هذا المجتمع. (48)
أما النظام الدولي عموما فيعرفه البعض بأنه(مجموعة الحقائق الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية والسياسية التي تحكم علاقات المجتمع الدولي بكل أشخاصه ومؤسساته, وبكل الأنساق القيمة والقانونية التي تعبر عن هذه الحقائق والتي تنظم علاقات الدول بعضها ببعض وعلاقات الدول والمجتمع الدولي بالطبيعة, وآليات التنفيذ لهذه العلاقات) (49) وعرفه آخر بأنه(مجموعة قواعد التعامل الدولي الناتجة عن التفاعلات الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والثقافية الحاصله بين القوى الدولية الكبرى وآثرها على العالم كله في
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma