أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
 الموضوع : الاثبات الجزائي 580_im11 ENAMILS  الموضوع : الاثبات الجزائي 580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
 الموضوع : الاثبات الجزائي I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
 الموضوع : الاثبات الجزائي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
 الموضوع : الاثبات الجزائي I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
 الموضوع : الاثبات الجزائي I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
 الموضوع : الاثبات الجزائي I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
 الموضوع : الاثبات الجزائي I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
 الموضوع : الاثبات الجزائي I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
 الموضوع : الاثبات الجزائي I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
 الموضوع : الاثبات الجزائي I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
 الموضوع : الاثبات الجزائي I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    الموضوع : الاثبات الجزائي

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

     الموضوع : الاثبات الجزائي Empty الموضوع : الاثبات الجزائي

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 2:02 am



    الموضوع : الاثبات الجزائي

    المقدمة :

    للإثبات أهمية كبيرة للمسائل الجزائية، ذلك أن الجريمة تمس أمن المجتمع و نظامه ، فتنشأ عنها سلطة الدولة في متابعة الجاني لتوقيع الجزاء الجنائي عليها تحقيقا للردع العام، و بما أن الأصل براءة ذمة المتهم مما أسند إليه فإنه يجب أن تكفل له قواعد الإثبات التمتع بهذه القرينة، و على سلطة الإتهام أن تدحضها إذا إدعت خلافها و يكون ذلك عن طريق ما يسمى الدليل الجزائي الذي هو أساس الإثبات و هو الوسيلة التي يستعين بها القاضي للوصول إلى الحقيقة للإعمال الحكم القانون عليها بإثبات حصول الجريمة من الناحية الواقعية بركنيها المادي و المعنوي و نسبتها إلى المتهم ، و قد إزدادت أهمية الدليل الجنائي وفقا للسياسة الجنائية الحديثة التي تهدف إلى تفريد العقاب الجزائي وفقا لشخصية المتهم و على ذلك فإن الدليل الجنائي يفيد في أمرين : الأول التقدير القانوني للجريمة من حيث إرتكابها و نسبتها إلى المتهم من أجل تطبيق العقوبات و الثاني التقدير الإجتماعي للمتهم من حيث ظروفه الشخصية و خطورته و قد أورد المشرع الجزائري أدلة الإثبات الجزئاية في قانون الإجراءات الجزائية في الفصل الأول من الباب الأول من الكتاب الثاني تحت عنوان " في طرق الإثبات" المواد من 212 إلى 238 ق إ ج و أدلة الإثبات الجزائي حسب التشريع الجزائي هي : الإعتراف ، الشهادة ، المحررات ، القرائن، الإنتقال للمعاينة ، و الخبرة .
    و قد إرتأيت تحليل مذركتي الحاملة لعنوان " أدلة الإثبات الجزائية " بطرح عدة إشكاليات تتمثل اساسا في :
    ما هي المراحل التاريخية التي مر بها الإثبات الجزائي؟ ما هي نظم الإثبات الجزائي التي شهدها التشريع الجزائري ؟ و ما هي نظم الإثبات الجزائية الرئيسية ؟ ما هو مفهوم الإثبات الجزائي و أدلته و ما هي أدلة الإثبات الجزائية و الشروط الواجب توافرها فيها وحجية كل منها في الإثبات ؟ و قد إتبعت للتفصيل و الإجابة عن هذه التساؤلات الخطة التالية :

    مقدمة

    الفصل الأول : عموميات عن الإثبات الجزائي

    المبحث الأول : التطور التاريخي لنظم الإثبات الجزائية

    المطلب الأول : نظم الإثبات في العصور القديمة

    الفرع الأول : نظم الإثبات الجزائي في المجتمعات البدائية

    الفرع الثاني : لنظم الإثبات الجزائي في المجتمعات القبلية

    الفرع الثالث : نظم الإثبات الجزائي في بعض الحضارات القيدمة

    المطلب الثاني : نظم الإثبات الجزائي في القانون الروماني و في العصور الوسطى

    الفرع الأول : نظم الإثبات الجزائي في القانون الروماني

    الفرع الثاني : نظم الإثبات الجزائي في العصور الوسطى

    المطلب الثالث : نظم الإثبات في القوانين المعاصرة و في التشريع الجزائري

    الفرع الأول : نظم الإثبات الجزائي في القوانين المعاصرة

    الفرع الثاني : نظم الإثبات الجزائي في التشريع الجزائري

    المبحث الثاني : نظم الإثبات الجزائية الرئيسية

    المطلب الأول : نظام الإثبات الجزائي القانوني

    الفرع الأول : مضمون نظام الإثبات الجزائي القانوني

    الفرع الثاني : خصائص نظام الإثبات الجزائي القانوني

    الفرع الثالث : عيوب نظام الإثبات الجزائي القانوني

    المطلب الثاني : نظام الإثبات الجزائي الحر

    الفرع الأول : مضمون نظام الإثبات الجزائي الحر

    الفرع الثاني : خصائص نظام الإثبات الجزائي الحر

    الفرع الثالث : عيوب نظام الإثبات الجزائي الحر

    المطلب الثالث : نظام الإثبات الجزئاي المختلط

    المبحث الثاني : مفهوم الإثبات الجزائي و أدلته

    المطلب الأول : مفهوم الإثبات الجزائي

    الفرع الثاني : تعريف الإثبات الجزائي عن الإثبات في المواد المدنية

    الفرع الثالث : موضوع الإثبات الجزائي

    الفرع الرابع : هدف الإثبات الجزائي

    الفرع الخامس : عبء الإثبات في المواد الجزائية

    المطلب الثاني : مفهوم الدليل الجزائي

    الفرع الأول : تعريف الدليل الجزائي

    الفرع الثاني : تمييز الدليل الجزائي عن بعض المفاهيم الأخرى

    الفرع الرابع : الشروط الواجب توافرها في الدليل الجزائي

    الفصل الثاني : أدلة الإثبات الجزائية

    المبحث الأول : الإعتراف و الشهادة

    المطلب الأول : الإعتراف

    الفرع الأول : تعريف الإعتراف

    الفرع الثاني : خصائص الإعتراف

    الفرع الثالث : أنواع الإعتراف

    الفرع الرابع : شروط صحة الإعتراف

    الفرع الخامس : حجية الإعتراف في الإثبات

    المطلب الثاني : الشهادة

    الفرع الأول : تعريف الشهادة و أنواعها

    الفرع الثاني : خصائص و الشهادة

    الفرع الرابع : حجية الشهادة في الإثبات

    المطلب الأول : القرائن

    الفرع الأول : تعريف القرينة

    الفرع الثاني : أنواع القرائن

    الفرع الثالث : حجية القرائن في الإثبات

    المبحث الثاني : المحررات

    الفرع الأول : تعريف المحرر

    الفرع الثاني : شكل المحرر و مصدره

    الفرع الرابع : المحررات الرسمية

    الفرع الخامس : المحاضر

    المبحث الثالث : الخبرة و الإنتقال للمعاينة

    المطلب الأول : الخبرة

    الفرع الأول : الإجراءات السابقة لإنجاز الخبرة

    الفرع الثاني : سير الخبرة

    الفرع الثالث : تحرير و إيداع تقرير الخبرة

    الفرع الرابع : حجية الخبرة في الإثبات

    الفرع الخامس : تطبيقات عن الخبرة

    المطلب الثاني : الإنتقال للمعاينة

    الفرع الأول : مفهوم الإنتقال للمعاينة

    الفرع الثاني : بعض أنواع المعاينات

    الفصل الأول : عموميات عن الإثبات الجزائي
    سنتطرق في هذا الفصل إلى مختلف المراحل التي مر بها الإثبات في المادة الجزائية و إلى أهم نظم الإثبات الجنائية الرئيسية ثم نتطرق بعدها إلى مفهوم الإثبات الجنائي و أدلته و كل ذلك على النحو التالي :
    المبحث الأول : التطور التاريخي لنظم الإثبات الجزائية
    تتأثر أنظمة الإثبات الجزائية بالعوامل السياسية و الإجتماعية و الثقافية و بالقيم السائدة في المجتمعات كما تتأثر بدرجات النمو و التقدم في الدولة و من خلال ما يأتي سنتعرض لمختلف المراحل التي مرت بها أنظمة الإثبات .
    المطلب الأول : نظم الإثبات في العصور القديمة
    الفرع الأول :نظم الإثبات الجزائي في المجتمعات البدائية
    لقد عرفت المجتمعات البدائية بأنها تلك المجتمعات التي كانت تتشكل من أسرة أو مجموعة من الأسر مستقلة عن بعضها البعض، و القوة هي الطابع المميز لها، و أي إعتداء يقع على أحد الأفراد أو على ماله يولد لديه رد فعل مماثل إتجاه المعتدي، فقد تميزت بالتصارع بين الأفراد على وسائل الحياة و في غياب السلطة و النظام إحتكمت إلى القوة فأصبح الفرد قاضي نفسه يضع تقريره للأفعال بناء على ما يراه على أساس أن قوة الشخص تنشيء الحق و تحميه، لذا فإن إثبات هذا الحق يكون بناء على الإقتناع الشخص للفرد و هذا الإقتناع لا يحكمه لا العقل و لا المنطق بل تحكمه الغريزة و الحماية البدنية، لكن هذه الحالة لم تدم طويلا حيث أدرك الإنسان البدائي بفطرته أن ما يأتيه أمر غير طبيعي، و أن الضرر الذي يعود عليه أكبر بكثير من النفع الذي يجنيه لذا بدأ يبحث عن بديل يحتكم إليه، و يستخلص مما سبق أن هذه المرحلة لم تظهر أي وسيلة من وسائل الإثبات، لأن إنسان تلك الحقبة كان ينشيء حقه و يحميه بنفسه إعتمادا على قوته البدنية.
    الفرع الثاني : نظم الإثبات الجزائي في المجتمعات القبلية
    يطلق على المجتمعات التي تمارس الزراعة البسيطة و تربية الحيوانات إصطلاح المجتمعات القبلية، و في مجتمع القبيلة حل إنتقام القبيلة محل إنتقام الفرد فالإعتداء على الفرد في القبيلة عد إعتداء على القبيلة كلها و هو ما يعرف الآن بالإعتداء على المجتمع، و قد ساد إعتقاد في هذه المجتمعات أن الآلهة تنظر إلى أفعالهم و تراقب سلوكهم و تنزل النعقاب عليهم إن أذنبوا لذا فكان للدين شأن عظيم في حياة الناس،
    و إنعكس ذلك على وسائل الإثبات بحيث كان يعتقد بتدخل القوى الغيبية لمعاقبة المذنب الذي لا يريد الإعتراف بذنبه أو المساعدة على كشف الحقيقة، لذا ظهرت بعض وسائل الإثبات الذي يعتمد فيها على القوى الغيبية و من هذه الوسائل اليمين، الإبتلاء، العرافة، المبارزة القضائية.
    أ – اليمين :
    عبارة عن دعوة القوى الغيبية بأن تنزل بالحالف عقابا إذا كان كاذبا، فهي دعاء على النفس بالشر.
    ب- الإبتلاء :
    وسيلة من وسائل الإثبات و هو إجراء يخضع له من يشتبه في إرتكابه جرما معينا دون أن يقوم في مواجهته دليل كاف بإدانته، و غاية الإجراء هو التوصل إلى معرفة المتهم كونه بريئا أو مذنبا و هذا بتوجيه من القوى الغيبية، و كان للإبتلاء عدة صور نذكر منها :
    * إلزام المبتلى أن يغمس يده بماء مغلي أو زيت لإلتقاط شيء به في قاع الإناء .
    * إلزامه بالغطس في ماء بئر أو نهر فإذا نجى أعتبر بريئا.
    ج- العرافة :
    عبارة عن إجراء يهدف إلى الكشف عن أمر مجهول بالإستعانة بالآلهة و ذلك عندما تثور الشبهة في إرتكاب جريمة دون أن يكون في الوسع معرفة الفاعل الحقيقي .
    المبارزة القضائية :
    هي منازلة بين شخصين و المنهزم يقتل أو ينفى لأن الآلهة في إعتقادهم قد أقرت مصيرهم.
    الفرع الثالث : نظم الإثبات الجزائي في بعض الحضارات القديمة
    بدأت الملامح الأولى لأنظمة الإثبات في ظل هذه الحضارات تظهر و تبر، فقد عرف العبريون نظاما للإثبات يشبه إلى حد بعيد النظام المختلط و قد ثبت معرفتهم لقاعدة شفوية المرافعات، و كذلك فإن التشريع العبري ينص على عدم الإستناد في حكم الإدانة على إعتراف المتهم و حده أو على شهادة شاهد واحد أو على القرائن ([1]) و أن سيدنا موسى عليه السلام قد وجه توصية إلى القضاة حثهم عليها على مراعاة الدقة في أقوال الشهود ([2]) و نفس الوضع بالنسبة للهند في ظل شريعة "مانو" فلم تكن تكفي شهادة واحدة و كانت الشهادة تخضع لمطلق تقدير القاضي و من تعليمات "مانو" للقضاة أن يعملوا على الكشف عما يخطر في ذهن الشهود بواسطة الإمارات الخارجية التي تظهر من نبرة الصوت و لون الوجه و حالة الجسم و الحركات التي يقوم بها المتهم أو الشاهد ([3]).
    أما بالنسبة للحضارة الفرعونية فقد عرفت الكثير من الإجراءات المعروفة في عصرنا و إن كانت متأثرة بنفوذ الكهنة و ذات صبغة دينية، لأن قدماء المصريين كانوا يقدسون ملوكهم و يعتبرونهم مفوضين من الآلهة لتوقيع العقاب [4] و في غالب الأحيان كانت جلسات المحاكم العادية علنية غير أن المرافعات كانت تتم عن طريق الكتابة [5] و يعلل ذلك بأنه كان محاولة لعدم تأثر القضاة بالدفاع أو بحالة المتهم.
    كما أن القاضي كان يحكم بناء على إقتناعه الشخصي و يمكن إعتبار حالات التعذيب للحصول على الإعتراف أو المحاكمات الإلاهية بمجرد إستثناءات عن المبدأ.
    أما في الحضارة اليونانية فقد كانت المحاكم الشعبية التي تتكون من المواطنين هي التي تتولى القضاء الجنائي و هو الأصل في نظام المحلفين الذي تعرفه التشريعات المعاصرة و أن الطابع العام في هذا النظام من ناحية الإثبات يقوم على حرية الإثبات .
    و خلاصة القول بالنسبة للعصور القديمة يمكننا أن نقول بأنه و بصفة عامة فإن فكرة الإثبات الحر كانت هي السائدة بشكل بدائي تختلط به القيم السائدة و الفكر الديني و التفكير الغيبي.
    المطلب الثاني : نظم الإثبات الجزائي في القانون الروماني و في العصور الوسطى
    الفرع الأول : نظم الإثبات الجزائي في القانون الروماني
    مر الإثبات الجنائي في القانون الروماني بثلاث مراحل :
    أولا : العصر الملكي
    عرف هذا العصر بأن الملك هو الكاهن الأعظم لشعبه و قائده و ترتب على هذه السلطة الدينية للملك نتيجة هامة هو إستحواذه على السلطة القضائية و إرتباط القانون بالدين في المسائل الجنائية، و كان الرومان ينظرون إلى الجريمة على أنها إعتداء على الآلهة و العقوبة هي تطهير النفس من ذلك الإثم، أما فيما يخص طريقة الإثبات في العصر الملكي فليست هناك معلومات دقيقة في ذلك و يمكن القول أن الوضع كان يشبه الوضع السائد في الحضارات القديمة.
    العصر الجمهوري :
    إنتشر في هذا العصر القضاء الشعبي الذي يفصل في المسائل الجنائية عن طريق المنتديات الشعبية التي تعقد فيها المحاكمات الجنائية، و المبدأ السائد في هذا النظام المبني على العدالة الشعبية يتمثل في الإقتناع الشخصي الذي يدلي به القضاة الشعبيون أثناء التصويت، و قد كان تقدير الشهادة يخضع لإقتناع القاضي دون إعتبار لعدد الشهود، و قد كان الإعتراف يخضع لتقدير القاضي و لم يعرف العهد الجمهوري أي أثر لنظام الأدلة القانونية .
    عصر الإمبراطورية :
    تطورت وسائل الإثبات في هذا العصر نحو الأدلة القانونية و بذلك إنتهى نظام القضاء الشعبي و حل محله نظام القضاء المحترف الدائم، و كان على رأس كل محكمة حاكم المدينة، و قد أثر ذلك بطبيعة الحال على نظام الإثبات، حيث صدرت تعليمات إلى القضاة تحدد لهم بعض طرق الإثبات مثل إثبات صحة الواقعة بشهادة شاهدين على الأقل ([6] ) و عدم الإعتماد على القرائن القضائية، كما وضعت قائمة بحالات عدم الأهلية لأداء الشهادة، كما طلب من المدعين أن يقدموا وثائق حاسمة لا تحمل الشك([7]).
    أما الإعتراف فإنه كان يعتبر في بعض الأحيان دليلا كاملا و قد كان يحصل عليه في بعض الأحيان عن طريق التعذيب، إن الهدف من وراء إشتراط بعض القيود في تقدير أدلة الإثبات هو حماية المتهمين من تعسف حكام المدن و مساعديهم الذين كانوا يشكلون الهيئات القضائية.

    و يمكن القول بالرغم من هذه التحديدات في تقدير وسائل الإثبات في عهد الإمبراطورية الرومانية فإن فكرة الإثبات عن طريق الإقتناع ظلت هي السائدة بوجه عام رغم ظهور نظام الأدلة القانونية في القانون الروماني في العهد الإمبراطوري، كما أنه يمكن القول من جهة أخرى بأن نظام الإثبات الروماني في العهد الإمبراطوري نظام مختلط يغلب عليه طابع الإثبات الحر.
    الفرع الثاني : نظم الإثبات الجزائي في العصور الوسطى
    بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية و إستيلاء البربر على السلطة وقع تغيير في نظام الإثبات، و كان إمتداد لما شهده نظام الإثبات في العهد الإمبراطوري من القانون الروماني، حيث بدأ نظام الأدلة القانونية في التبلور فكان إعتراف المتهم أو وجوده في حالة تلبس يؤدي مباشرة إلى إدانته.
    و في عهد الإقطاع أعتبرت شهادة الشاهدين دليلا كاملا تترتب عنه إدانة المتهم، و أن الدليل الكتابي قرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس و كما أعتبرت بعض القرائن دليلا كاملا، و هكذا فقد تبلور نظام الأدلة القانونية و إزدهر خلال القرنين 16 و 17 الميلادية، و قد إمتازت الفترة بنقل السلطة القضائية من أفراد الشعب إلى قضاة محترفين دائمين، و قد ساد مبدأ أو نظام الأدلة القانونية حتى قيام الثورة الفرنسية سواء في فرنسا أو حتى في غيرها من الدول الأوربية.
    المطلب الثالث : نظم الإثبات الجزائي في القوانين المعاصرة و في التشريع الجزائري
    الفرع الأول : نظم الإثباتالجزائي في القوانين المعاصرة.
    في منتصف القرن 18 ميلادية بدأت حملة إنتقاد شديدة ضد نظام الأدلة القانونية على أساس أنه لا يمكن إدراك الحقيقة أو الجزم أو اليقين بالإنغلاق في حلقة من قواعد القانون، و يجب ألا يتقيد القاضي بالأدلة القانونية في الإثبات في المواد الجنائية و إنما يصدر القاضي حكمه بناء على إقتناعه الشخصي مهما كان مصدر هذا الإمتناع، و على إثر ذلك و بعد قيام الثورة الفرنسية تم تبني نظام الإثبات الحر أو الإقتناع الشخصي، و قد أثر القانون الفرنسي فيما يخص مبدأ الإثبات في كافة التشريعات المختلفة و اصبح مبدأ حرية الإثبات سائدا في أغلب التشريعات.
    و مع ظهور الثورة العلمية التي حققت قفزات هائلة عن طريق التقدم العلمي، بحيث بلغت أوجها في العصر الحالي، فقد إنعكس هذا التطور على كافة مجالات الدراسات الجنائية بصفة عامة، و مجال الإثبات الجنائي بصفة خاصة و إستفاد منها إستفادة كبيرة، لذلك إتجه غالبية الفقه المقارن إلى الحديث عن ظهور مرحلة جديدة للإثبات تسمى " بالمرحلة العلمية"، حيث تلعب فيها الخبرة الجنائية دورا كبيرا في تكوين عقيدة القاضي و ذلك بإعمال الدليل العلمي، و من وسائل الإثبات العلمية الحديثة نذكر : علم البصمات، علم التحليل الكيميائي، علم الطب الشرعي، أجهزة التسجيل الصوتي.
    إذن سمة هذا العصر في مجال الإثبات الجنائي بروز الدليل العلمي بما يتميز به من موضوعية و حياد و كفاءة في إقتناع القاضي الجنائي.
    الفرع الثاني : نظم الإثبات الجزائي في التشريع الجزائي
    نميز في هذه الحالة المراحل التالية :
    أولا : مرحلة ما قبل صدور قانون الإجراءات الجزائية
    * فترة الوجود العثماني بالجزائر :
    بإحتلال العثمانيون للجزائر حوالي سنة 1410 ظل العمل بمبادئ الشريعة الإسلامية لاسيما في مجال الإثبات الجنائي حيث تركزت وسائل الإثبات في الشهادة أساسا و لكن هذا لم يمنع من وجود وسائل أخرى كاليمين و الإقرار.
    * فترة الإحتلال الفرنسي :
    إلى غاية 1830 لم يكن موجودا قانون وضعي خاص بالجزائر فظل العمل بأحكام الشريعة الإسلامية، ثم عمدت فرنسا بحلول السنة المذكورة إلى وضع نظامين قضائيين مختلفين، نظام فرنسي يختص بمسائل الأوربيين على وجه عام و نظام محلي يطبق على الرعايا المحليين.
    * و فيما يخص القضايا الجنائية أصبحت من إختصاص القضاء الفرنسي منذ صدور قانون 1841 و قد ظل العمل بهذا القانون إلى غاية صدور أمر 1944 الذي أحدث إصلاحيات جوهرية في النظام القضائي خاصة فيما يتعلق بالمسائل المتعلقة بالإختصاص، و أثناء حرب التحرير لسنة 1954 طبقت فرنسا قوانين جائرة كان مبتغاها هو وقف الثورة فألغت حقوق الدفاع و أصبحت الشرطة تتمتع بسلطات في وقف و إحتجاز الأفراد و منح المحاكم العسكرية صلاحيات واسعة في جرائم تمرد المسلح و جرائم عصابات الأشرار أما إجراءات المحاكمة فكانت جد سريعة و التحقيق يقتصر على إستجواب الشخص حول هويته و إخباره بالأفعال المنسوبة إليه مما يمكن معه القول بأن من يتبع تاريخ تشريعات الجنائية و الممارسات القضائية في الميدان الجنائي على الخصوص إبان الثورة إنما يتابع تاريخ اللامشروعية و اللاإنسانية و تاريخ إهدار حريات الأفراد و أداميتهم
    ثانيا : مرحلة الإستقلال و صدور قانون الإجراءات الجزائية
    ظروف المرحلة لم تسمح بوضع قوانين خاصة بالجزائريين فظل العمل بالقوانين الفرنسية إلا ما يخالف مبدأ السيادة الوطنية.
    و بعد العمليات التحضيرية التي قامت بها اللجان المختصة صدر بتاريخ 1966 قانون الإجراءات الجزائية، و قد إستمد أحكامه من القانون الفرنسي .
    لقد تبنى المشرع الجزائري و على غرار التشريع الفرنسي مبدأ حرية الإثبات الجنائي و هذا ما أشير إليه في المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص " يجوز إثبات الجرائم بأي طريق من طرق الإثبات ماعدا الأحوال التي ينص فيها القانون على غير ذلك، و للقاضي أن يصدر حكمه تبعا لإقتناعه الخاص، و لا يسوغ للقاضي أن يبني قراره إلا على الأدلة المقدمة له في معرض المرافعات و التي حصلت المناقشة فيها حضوريا أمامه " و إنطلاقا من هذه المادة أعطى المشرع الجزائري الحرية الكاملة في إثبات الجرائم بأي وسيلة كانت إلا في حالات إستثنائية على خلاف المسائل المدنية التي قيد فيها القاضي بضوابط و أحكام لا يجوز له أن يحكم بغير ذلك .
    تفسير حرية الإثبات مرده إلى طبيعة الوقائع محل الدعوى، فمن غير الممكن أن يوضع لهذه الأخيرة طرق إثبات محددة، فيمكن اللجوء في إطار الدعوى الجنائية إلى الإثبات بالكتابة أو الشهادة أو الإقرار كما يمكن اللجوء إلى وسائل أخرى مثل المعاينة و الخبرة.
    و نعني بحرية الإثبات أن يكون القاضي حرا في أن يستعين بكافة طرق الإثبات للبحث عن الحقيقة و التوصل إليها، و بناءا على ذلك للقاضي الحنائي إتخاذ أي إجراء يراه مناسبا للتوصل إلى حل للنزاع سواءا من تلقاء نفسه أو بناءا على طلبات الخصوم، كما للقاضي الجزائي الحرية في تقدير عناصر الإثبات الذي يستمد منها إقتناعه و تقدير قيمة الأدلة المعروضة عليه، و له أن يكون عقيدته من أي مصدر يطمئن إليه، غير أن هذا الإقتناع تحكمه ضوابط عدة أهمها : أن يكون الإقتناع منطقي أي أن لا يكون مبني على التصورات الشخصية للقاضي، بل أكثر من ذلك فهو ملزم بأن يتحرى المنطق الدقيق في الطريقة التي توصل بها إلى هذا الإقتناع، و هو يخضع لرقابة المحكمة العليا فيما يخص صحة الأسباب التي إستدل بها على إقتناعه، لذا أوجب المشرع على القاضي أن يضمن أحكامه الأسباب التي بني عليها، كما على القاضي أن يظهر مضمون الأدلة و الواقعة المستوجبة للعقوبة و الظروف التي أحاطت بها، و أن يشير في حكمه إلى نص القانون الذي أصدرحكمه بموجبه، و أن يفصل في الطلب الذي تقدم به الخصوم دون نسيان ذكر الأسباب .
    يطبق مبدأ حرية الإثبات أو مبدأ الإقتناع الشخصي للقاضي الجزائي في جميع أنواع المحاكم و في جميع مراحل الدعوى الجزائية .
    و قد أورد المشرع الجزائري إستثناءات قيد فيها حرية الإثبات في المسائل الجزائية بوسائل معينة على النحو التالي :
    * وسائل الإثبات المبعدة :
    أغلب طرق الإثبات التي وجدت في العصور القديمة إستبعدت في الوقت الحالي كالإثبات الإلهي و المبارزة القضائية و اليمين الحاسمة.
    * وسائل الإثبات المفروضة :
    و هي تلك الوسائل التي أوجب المشرع الإستناد إليها في إثبات جرائم معينة فجريمة الزنا لا يمكن إثباتها إلا بالطرق التي حددها القانون و هذا ما ورد في نص المادة 341 من قانون العقوبات التي تنص " الدليل الذي يقبل عن إرتكاب الجريمة المعاقب عليها بالمادة 339 يقوم إما على محضر قضائي يحرره أحد رجال الضبط القضائي عن حالة تلبس، و إما بإقرار وارد في رسائل و مستندات صادرة من المتهم و إما بإقرار قضائي.
    المبحث الثاني : نظم الإثبات الجزائية الرئيسية
    هناك ثلاثة أنظمة للإثبات الجنائي تختلف فيما بينها في الأسس التي يقوم عليها كل واحد منها و هذه الأنظمة هي : نظام الإثبات القانوني او المقيد و فيه يحدد القانون الأدلة التي يجوز الأخذ بها و الإستناد إليها في الحكم، و ثانيها نظام الإثبات الحر أو ما يعرف بنظام الإثبات المعنوي أو المطلق و فيه لا يقيد القانون أطراف الدعوى بأدلة معينة، بل لهم إثبات الواقعة المدعى بها بكل الوسائل و الطرق المتاحة له و للقاضي أن يقتنع بأي دليل يعرض عليه
    حسب التكييف المتوصل إليه للواقعة القانونية موضوع النزاع، و ثالثهما النظام المختلط أو النظام الوسط و هو النظام الجامع بين النظامين .
    المطلب الأول : نظام الإثبات الجزائي القانوني
    سنتعرض لماهية هذا النظام من خلال عرض فكرته الرئيسية ثم نتعرض إلى خصائصه و عيوبه.
    الفرع الأول : مضمون نظام الإثبات الجزائي القانوني
    تقوم الفكرة الأساسية لهذا النظام على أن المشرع هو الذي يكون له الدور الرئيسي في الإثبات و ذلك من خلال التحديد المسبق للأدلة المقدمة في الدعوى و التي يستند إليها القاضي الجنائي في الحكم.
    و القاضي وفق هذا النظام يتقيد في حكمه بالإدانة أو البراءة من خلال الأدلة التي رسمها القانون دون ميوله و إقتناعه الشخصي بصحة الأدلة المقدمة له في كل واقعة تعرض عليه، إذ يقوم إقتناع المشرع مقام إقتناع القاضي، و عليه فإن اليقين القانوني يقوم أساسا على إفتراض صحة الدليل بغض النظر عن حقيقة الواقع أو إختلاف ظروف الدعوى، و يتجلى دور القاضي في هذا النظام كمطبق فحسب من حيث مراعاة توافر الدليل و شروطه، بحيث إذا لم تتوافر هذه الشروط و تلك الشكليات التي يتطلبها القانون في الدليل، فإن القاضي لا يستطيع أن يحكم بالإدانة حتى و لو كان إقتناعه يقينيا بأن المتهم مدان في الجريمة المستندة إليه.
    الفرع الثاني : خصائص نظام الإثبات الجزائي القانوني
    يقوم هذا النظام على بعض الخصائص منها:
    * أن دور القاضي الجنائي سلبي :
    يعتبردور القاضي سلبيا أمام الأسانيد و الحجج المقدمة له من طرف الخصوم، فهو يستمع لهم و يفحص الدليل و يحكم بناء عليه.
    * أن الإثبات الجنائي يخضع في نظام الأدلة القانونية لقواعد شكلية تتضح في سلطة القاضي المقيدة في تقدير عناصر الإثبات التي يستمد منها إقتناعه و تقدير قيمة الأدلة المعروضة عليه.
    * كما يتميز نظام الإثبات القانوني بخاصية هامة مفادها أن المشرع هو الذي يكون له الدور الإيجابي في عملية الإثبات في الدعوى الجزائية من حيث أنه هو الذي ينظم قبول الأدلة سواء عن طريق تعيين الأدلة المقبولة للحكم بالإدانة أو بإستبعاد أدلة أخرى أو بإخضاع كل دليل لشروط معينة، و أيضا أنه هو الذي يحدد القيمة الإقناعية لكل دليل بأن أعطى لبعض الأدلة الحجة الأقوى دون الأدلة الأخرى، و دور القاضي في هذا النوع من أنظمة الإثبات دور لا يتعدى مراعاة توافر الأدلة و الحجج القانونية بحيث إذا لم تتوافر لا يجوز للقاضي أن يحكم بالإدانة حتى و لو إقتنع أن المتهم مدان.
    الفرع الثالث : عيوب نظام الإثبات الجزائي القانوني
    رغم المزايا التي سبق ذكرها كخصائص هذا النظام المذكورة إلا أن الأخير لم يسلم من النقد و من جملة الإنتقادات التي وجهت له و ما يلي :
    1- ما عيب على هذا النظام بالدرجة الأولى أنه أخرج القاضي من وظيفته الطبيعية التي تتجلى في فحصه الدليل و تقديره و تكوين إقتناعه الشخصي .
    2- إقحام المشرع في وظيفة القاضي و إملاء أدلة الإدانة عليه على سبيل الحصر و بالتالي إستبعاد الإقتناع الشخصي للقاضي .
    3- عيب أيضا على هذا النظام أنه قام بتقنين اليقين في نصوص قانونية عامة و محددة سلفا رغم أن اليقين مسألة يطرحها الواقع و هو حالة مرتبطة بظروف القضية، و اليقين في جوهره مرتبط بتقدير قاضي الموضوع و ليس المشرع .
    4 - أنتقد هذا النظام أيضا لأنه وضع القاضي في في قالب جامد للإثبات و غاية المشرع من هذا الجمود هو حماية الإنسان في براءته، غير أن هذا أدى إلى إفلات حالات كثيرة من العقاب و هذا يشكل خطورة بنظام العدالة.
    5- أنه غلب مصلحة على حساب مصلحة أخرى، في حين كان عليه أن يقيم موازنة معتدلة بين حق المتهم في البراءة و حق المجتمع في توقيع العقاب.
    6- و عيب عليه قصوره في الوصول إلى الحقيقة بمعناها المطلق، فالقاضي غير حر في شأن الأدلة المقدمة إليه، بل يسير وفقا للإجراءات التي وضعها المشرع مسبقا في القانون و هذا ما يحول دون كشف الحقيقة.
    7-عيب أيضا على النظام أنه جعل القاضي يقف موقف سلبيا من النزاع المعروض عليه، لأن القانون قد حدد دوره في الإستماع لعرض الخصوم لأدلتهم التي قد تكون غير كافية كلها أو بعضا منها أو يشوبها نقص.
    8- عيب عليه أنه ساوى بين الدعوى المدنية و الدعوى الجنائية و أغفل الخلاف الجوهري بين الخصومتين و أدلة الإثبات في كل منهما .
    المطلب الثاني : نظام الإثبات الجزائي الحر
    الفرع الأول : مضمون نظام الإثبات الجزائي الحر
    يقوم هذا النظام على ركنين أساسيين:
    * الأول : يتمثل في إطلاق حرية الإثبات لأطراف الدعوى و القاضي الجنائي إنطلاقا من أن القضاء الجنائي يختلف عن القضاء المدني في موضوع الإثبات، ذلك أن موضوع الإثبات في المسائل الجنائية يتعلق بوقائع مادية و نفسية لا يصلح لإثباتها تحديد مجموعة من القواعد التشريعية مسبقة، بل أن الإثبات في المسائل الجنائية يكون بكافة السبل لجميع أطراف الخصومة الجنائية سواء النيابة العامة كونها سلطة إتهام يكون عليها إثبات التهمة بكل طرق الإثبات أو المتهم الذي له أن له أن يدفع بكل طرق الإثبات عن نفسه إسناد الفعل المجرم و القاضي له كامل الحرية لإجراء التحقيق و البحث قي الأدلة المقدمة من أطراف الخصومة في الجلسة و ذلك حتى يكون إقتناعه.
    * الثاني : يتمثل في حرية القاضي الجنائي في الإقتناع، إذ إن حرية القاضي الجنائي في الإقتناع بالدليل المطروح عليه في جلسة المحاكمة تعني أن القاضي حر في تكوين إقتناعه دون أن يكون عليه أي رقيب إلا ضميره و دون أن يطالب ببيان سبب إقتناعه بدليل دون الآخر .
    غير أن حرية القاضي في الإقتناع ليست مطلقة من كل قيد بل ترد عليها بعض القيود الخاصة تتعلق أساسا بتسبيب الحكم و التي تخضع لرقابة جهات الطعن.


    يتبع ...
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

     الموضوع : الاثبات الجزائي Empty رد: الموضوع : الاثبات الجزائي

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 2:04 am





    الفرع الثاني : خصائص نظام الإثبات الجزائي الحر

    تميز هذا النظام بأنه منح القاضي دور فعال حيال الدليل الذي يوضع أمامه، و تميز أيضا بأنه منح للقاضي الحرية في أن يستعين بكافة طرق الإثبات للبحث عن الحقيقة و الكشف عنها، كما أعطى للقاضي كافة الصلاحيات التي تمكنه من إتخاذ ما يجده يخدم إظهار الحقيقة، و خول للقاضي الجنائي حرية تقدير قيمة و وزن كل دليل وضع بين يديه، و بالإضافة إلى التنسيق بين الأدلة المقدمة و إستخلاص نتيجة منطقية إما بالإدانة أو البراءة،أعطى هذا النظام لأطراف الخصومة الحرية في إثبات الواقعة القانونية من عدمها، و يكون لسلطة الإتهام حرية الإثبات بكافة الوسائل المشروعة و للمتهم أن يدفع عنه الإتهام بكافة الوسائل المخولة له قانونا، و يتدخل المشرع بوضع الأدلة القانونية في حالات معينة و هذا يعد إستثناءا لمبدأ حرية الإثبات.

    الفرع الثالث : عيوب نظام الإثبات الجزائي الحر

    رغم المزايا التي عرفها هذا النظام إلا أنه لم يسلم من النقد و عيب عليه :

    - أنه إنطلق في إتجاه البحث عن الحقيقة و بأي وسيلة من الوسائل مما أفقد القاضي حياده، إذ كان المبدأ السائد هو عدم إفتراض براءة المتهم، مما أدى إلى إنتهاك حريته و إلصاق التهمة به دون النظر إلى مصلحته أو حقه في الدفاع عن نفسه .

    - و عيب عليه أن الإجراءات الأولية في هذا النظام لم يكن لها صفات الأعمال القضائية و لكنها إتسمت بالبولسية خاصة في المرحلة الإبتدائية، و هذا ما جعل الأدلة التي تجمع في هذه المرحلة محل شك.

    - و عيب أيضا عليه أنه سيطرت فيه سرية التحقيق و الخصومة و حبس المتهم لحين الفصل في الدعوى المقدمة ضده، و هذا ما غلب سلطة الدولة في جمع الدليل على سلطة المتهم.

    - و عيب عليه أن أساس الحكم في الدعوى لم يكن بناءا على ما سمعته المحكمة و ناقشته في حضور المتهم و إنما ما تراه و تعاينه في الملفات المطروحة عليها و هذا ما جعل القاضي لا يحقق لا مصلحة العدالة و لا مصلحة المتهم.


    المطلب الثالث : نظام الإثبات الجزائي المختلط

    يقوم هذا النظام أساسا على مزج النظامين السابقين و أخذ الملامح لكل من نظام الأدلة القانونية و نظام أدلة الإثبات الحر و محاولة التوفيق بينهما و تلافي عيوب كل نظام و تجلى هذا النظام في محاولته التوفيق بين النظامين في صورتين رئيسيتين.

    الصورة الأولى :

    أن يتم التوفيق بين إقتناع القاضي و التأكيد القانوني المطروح من طرف المشرع في جميع الحالات سواء في حالات البراءة أو الإدانة و هكذا يكون كل من النظامين على قدم المساواة في التطبيق و في حالة ما إذا لم ينطبق إقتناع القاضي مع تأكيد المشرع أي الإقتناع الشخصي للقاضي و الإقتناع القانوني، فإن القاضي لا يستطيع أن يقضي لا بالإدانة و لا بالبراءة غير أن أنصار الإتجاه يرون بأن الحل في هذه الحالة بأن يقرر القاضي أن الإتهام غير مؤكد و بألا يحكم في نفس الوقت بالبراءة و لكن بتأجيل الحكم مع بقاء الدعوى معلقة أمام القضاء.

    الصورة الثانية :

    أن يتم التوفيق بين النظامين في حالة الإدانة فقط أي التوفيق بين قناعة القانون و قناعة القاضي فإذا لم يقنع القاضي بالأدلة القانونية حكم بالبراءة.

    و يمكن القول أن المشرع الجزائري قد أخذ بنظام الإثبات الجزائي الحر و هذا ما يستشف من نص المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية غير أنه أخذ بنظام الإثبات الجزائي القانوني في حالات إستثنائية مثل ما نصت عليه نص المادة 341 من قانون العقوبات فيما يخص إثبات جريمة الزنا.

    المبحث الثالث : مفهوم للإثبات الجزائي و أدلته

    المطلب الأول : مفهوم الإثبات الجزائي

    الفرع الأول : تعريف الإثبات الجزائي


    لغويا :

    الإثبات يعني الدليل أو البرهان أو البينة أو الحجة و الكلمة المستعملة حاليا في اللغة الفرنسية preuve و غيرها من اللغات المشابهة تشتق مصدرها من الكلمة اللاتينية probatio و هذا اللفظ الأخير يتعلق بـ Probus التي معناها الجيد الصالح و النزيه، و من هنا فإن كلمة إثبات تنصرف إلى كل عملية يكتسب بواسطتها إدعاء ما صحة فيصبح أكثر قوة .

    قانونا : للإثبات معان ثلاث في القانون

    1)- أنه العملية القانونية التي يقوم بها المدعي أمام القضاء لإظهار حقه المدني أو حق المجتمع في القصاص من الجاني و ذلك عن طريق الأدلة اللازمة.

    فهو عملية الإقناع بأن واقعة حصلت أو لم تحصل بناء على حصول أو وجود واقعة أو وقائع مادية أو تقرير واقعة أو وقائع مثال ذلك : إقناع القاضي بحصول واقعة قتل بناء على حصول واقعة أخرى هي أن شخصا رأى المتهم و هو يقتل.

    و من هنا جاء القول بأن عبء الإثبات على المدعى أي عليه بالمطالبة بعقاب الجاني .

    2- أنه بيان العناصر أو الوقائع التي يعتمد عليها المدعى لإقناع القاضي بوجود الحق أو بأن واقعة حصلت أو لم تحصل لعلاقة هذه العناصر أو الوقائع بها و التي تدل على ذلك الوجود أو الحصول أو عدمه مثال ذلك : رؤية الشاهد الجاني و هو يقتل تصلح بينة أو إثباتا أو دليلا.
    3- أنه النتيجة التي وصل إليها المدعي من إقناع القاضي بوجود الحق أو صحته أو بقيام الواقعة الإجرامية .
    و هذه المعاني الثلاثة الس
    ابقة تبين الأدوار التي يمر فيها الإثبات إذ يبدأ الإثبات بتعيين من يقوم به و يتحمل عبئه ثم يمر بدور تقديم الأدلة و أخيرا بالنتيجة التي يصل إليها .

    الفرع الثاني : تمييز الإثبات الجزائي عن الإثبات في المواد المدنية

    يعرف الإثبات في المواد المدنية : بأنه إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتب آثارها .
    تشترك الدعوى الجنائية و الدعوى المدنية في أن إثباتها يعتمد على تقديم الأدلة للقاضي و تهيئة الفرصة له لتكوين إقتناعه و إصدار حكمه، و يشترط في كلتا الدعويين أن تقدم الأدلة في مواجهة الخصم الآخر مع تمكينه من مناقشتها و الرد عليها وعدا ذلك فإن نظام الإثبات الجنائي يختلف عن نظام الإثبات المدني في عدة فروق جوهرية تتعلق أساس بالغرض من الإثبات و من حيث عبء الإثبات و وسائله.

    1- من حيث غرض الإثبات :

    الإثبات الجزائي ينشد الحقيقة و لا مانع أن تظل هذه الحقيقة محل بحث و تنقيب إلى أن تصل بمبلغ العلم و اليقين، فإذا لم يقدم الدليل الكامل على إدانة المتهم في الدعوى فلا يجوزالحكم عليه بعقوبة ما، بل يجب الحكم ببراءته لأن الأصل في الإنسان البراءة إلى أن تثبت إدانته بدليل تقبله المحكمة و لا يدع مجالا للشك فيه.
    أما الإثبات في المسائل المدنية يفرض الفصل في نزاع بين طرفي الخصومة على حق يدعي به كل منهما.

    2- من حيث عبء الإثبات :

    تحريك و مباشرة الدعوى الجنائية يتم بمعرفة النيابة العامة بالإبلاغ عن الجريمة من المجني عليه أو الشرطة أو من أي فرد من أفراد المجتمع و لو كان مجهولا، و ما دامت الدعوى الجنائية تحرك ضد شخص تفترض براءته، فإن عبء الإثبات يقع على النيابة العامة حتى و لو كان محرك الدعوى هو المجني عليه في حالات إستثنائية ذلك أن دور المجني عليه يقف عند حد تحريك الدعوى العمومية دون إستعمالها، لأن خصومة المضرور تقتصر على الدعوى المدنية دون العمومية.
    أما عبء الإثبات في المسائل المدنية فإنه يقع على الخصوم بحيث يلتزم كل طرف بأن يثبت الواقعة المدعى بها في مواجهة الخصم الآخر .


    3- من حيث أدلة الإثبات :

    أعطى القانون للقاضي الجزائي كامل الحرية في تقدير الأدلة المقدمة إليه في الدعوى الجنائية و وزنها و ترجيح بعضها على الآخر، و ذلك تطبيقا لمبدأ حرية الإثبات المقرر في المسائل الجنائية بإستثناء بعض الحالات المحددة حصرا .
    .أما القاضي المدني فهو مقيد سلفا بأدلة الإثبات بحيث أن القانون حددها و أوضح الحالات التي تتخذ فيها كل طريقة من هذه الطرق و جعل للبعض منها حجة ملزمة بحيث تكفي بمفردها للإثبات كما هو الحال بالنسبة للإقرار أو اليمين الحاسمة .
    إذن لا يتقيد الإثبات الجزائي بوجه عام بأدلة معينة فالقاضي أن يكون إقتناعه من أي دليل يقدم إليه و هذا بخلاف الحال في الإثبات المدني فإن القاضي يتقيد بالإقتناع بأدلة معينة.

    4- من حيث دور القاضي في الدعوى :

    يختلف دور القاضي الجزائي عن دور القاضي المدني حيث أن الأخير يقتصر دوره على إعمال الموازنة بين الأدلة المقدمة من الخصوم في الدعوى و دوره بهذا المفهوم دورا سلبيا، أما الأول فدوره يتعدى النطاق الضيق إلى مرحلة أكثر إتساعا بالبحث عن الحقيقة في الدعوى بكافة الطرق القانونية بحيث أجاز له القانون أن يطلب من تلقاء نفسه تقديم أي دليل يراه لازما و معينا في إظهار الحقيقة.

    الفرع الثالث : موضوع الإثبات الجزائي

    موضوع الإثبات هو حقيقة واقعية ذات أهمية قانونية، و معنى هذا أن موضوع الإثبات هو الواقع و ليس القانون، فأطراف الدعوى غير ملزمين بإثبات حكم القانون في الواقعة المسندة إلى المتهم بحيث أن القاضي يعلم ذلك و القاضي في تفسيره للقانون يخضع لرقابة المحكمة العليا .
    هذا و يرد الإثبات على واقعة تنتمي إلى الماضي ، و معنى هذا أنه في مجال الإثبات الجزائي لا يجوز أن يكون موضوع الإثبات التنبؤ بوقائع مستقبلية..
    و يرد الإثبات أيضا على " حقيقة واقعة " و هذا التعبير يتسع لحصول الواقعة و بظروفها ذات الأهمية القانونية و نعني ذات أهمية في سير الدعوى الجنائية إلى نهايتها في بصدور حكم فاصل في موضوعها بالإدانة أو البراءة.


    الفرع الرابع : هدف الإثبات الجزائي

    إن الهدف الأساسي للإثبات في المواد الجزائية هو إظهار الحقيقة سواء فيما يتعلق بالأفعال المرتكبة أو فيما يتعلق بشخصية المتهم الذي يكون محل متابعة جزائية.

    * أولا : عنصر الحقيقة

    يتوقف إقرار سلطة الدولة في العقاب على ثبوت وقوع الجريمة و نسبتها إلى المتهم، و لذلك لابد أن يتوخى قانون الأجراءات الجزائية كشف هذه الحقيقة بمعناها المادي الواقعي و يتحقق ذلك من خلال إجراءات الإثبات المختلفة التي تهيء جمع الدليل .
    و ما تجدر الإشارة إليه أن الحقيقة التي يبحث عنها القاضي الجزائي ليست مطلقة فالقاضي الجزائي يبحث عن حقيقة خاصة هي الحقيقة القضائية، هذا و الحقيقة المقصودة هي الحقيقة الحقة و ليست الحقيقة النسبية أو المفترضة ذلك لأن الحقيقة التي تنتهي بالإدانة يجب أن تبنى على إقتناع يقينين، فالحقيقة لا يمكن توافرها إلا باليقين التام لا مجرد الظن و الإحتمال، و بمعنى آخر فإن اليقين هو مناط الحقيقة القضائية و هو الذي يولد في الوقت ذاته الثقة في حكم القضاء .
    هذا و يستوي في الحقيقة أن تكون في صالح المتهم أو في غير صالحه لذلك فإن إجراءات الكشف عن الحقيقة لا ينبغي أن تتوخى إثبات الإدانة بقدر ما يجب أن تتسم بالموضوعية و الحياد.

    * ثانيا : مميزات الحقيقة القضائية

    تختص الحقيقة القضائية عن الحقائق المشابهة لها كالحقيقة التاريخية و الحقيقة العلمية ببعض الخصوصيات مستمد أصلها من تعريف الإثبات ذاته و المتمثل في جمع أدلة وقائع أو أفعال وقعت في الماضي من جهة و لأن القضاة لا يمكنهم ضبط الوقائع التي تصاحب إرتكاب الجريمة عن طريق المشاهدة، لأن هذه الوقائع تنسب لوقت مضى من جهة ثانية و هذا ما جعل البعض يذهب إلى القول بالتقارب بين الإثبات في المسائل الجزائية و الإثبات في المسائل التاريخية، ثم إن تطور وسائل الإثبات في حد ذاتها واستعانتها بالأساليب العلمية الحديثة لإظهار الحقيقة جعل الفقه يقول بالتقارب بين الحقيقة القضائية و الحقيقة العلمية


    *الحقيقة القضائية و الحقيقة التاريخية :

    يقترب عمل القاضي بعمل المؤرخ في أن كل منهما يتناول وقائع حدثت في الماضي و لا يمكن بأي حال من الأحوال إعادة إحداثها بنفس الطريقة الأمر الذي يجعل كل من الحقيقتين تنسب إلى الماضي، و القاضي في سعيه إلى إعادة تمثيل ما حدث في الماضي يعتمد على عدة وسائل و يقوم بعدة إجراءات تتعلق في مجملها بتصريحات الأطراف و شهادة الشهود و معاينة بعض الآثار المادية التي خلفتها الجريمة، و بتقدير كل هذه الوسائل مجتمعة يسمح للقاضي بالإنتقال من النقاط المجهولة إلى النقاط المعلومة أي من الشك إلى اليقين.
    و يتميز عمل القاضي عن عمل المؤرخ في أن القاضي ملزم بإتخاذ قرار في المعطيات المتوفرة له سواء بالإدانة أو البراءة، أما المؤرخ فهو غير ملزم بإتخاذ قرار فبإمكانه أن يصرح أنه لم يصل إلى معرفة حقيقة الأحداث أما إذا إتخذ القاضي موقفا سلبيا بأنه لم يتوصل إلى معرفة الحقيقة و لا يمكنه الفصل في القضية أعتبر من الناحية القانونية منكرا للعدالة و من ثمة تنعقد مسؤوليته عن هذا الإنكار.

    * الحقيقة القضائية و الحقيقة العلمية :

    تقوم الحقيقة العلمية على بعض المعطيات لإثباتها في الميدان العلمي منها الملاحظة و التجريب، بمعنى تجريب الفعل و ملاحظته لإثبات النتيجة و تكرار العملية لعدة مرات إلى أن يحل المشكل نهائيا و تصبح الحقيقة العلمية يقينية مثال : الأكسجين + الهيدروجين = الماء .
    و تمتاز الحقيقة العلمية بالشمولية و هذا على خلاف الحقيقة القضائية التي لا يمكن إحداثها من جديد بنفس الطريقة التي حدثت فيها كما تتميز الحقيقة القضائية عن الحقيقة العلمية في مجال العامل الزمني ذلك أن الباحث غير مقيد بزمن معين لإثبات الحقيقة عكس القاضي الذي هو مقيد بالأجال القانونية.

    ثالثا : العوامل التي تؤثر في القاضي الجزائي عند بحثه عن الحقيقة القضائية

    قد يتعرض القاضي الجزائي عند بحثه عن الحقيقة القضائية لعدة عوامل منها ما هو داخلي نفسي و منها ما هو خارجي مادي، أما العوامل النفسية الداخلية فمنها ما هو فردي و منها ما هو جماعي، فالعوامل النفسية الفردية تتشكل من خلال المعطيات التي تتوفر عن القضية التي ينظر فيها القاضي، و كذا إلى طبعه و ميزات شخصيته و بمدى تأثره بالضغوط التي تمارس عليه و مدى التعاطف الذي يبديه إتجاه المتهم، أما العامل النفسي الجماعي فإنه يظهر في التشكيلات الجماعية للمحاكم خاصة بالنسبة للمجالس القضائية و محكمة الجنايات ، ففي مثل هذه الحالات العامل النفسي يتشكل بالنظر إلى هيئة المحكمة ككل،
    و إلى المتهم المساءل أمامها، و رأي الأغلبية هو الذي يعتد به، و من ثم فالعامل النفسي في هذه الظروف يكون برأي الأغلبية المشكلين للهيئة، أما العوامل الخارجية فهي عديدة إذ أن القاضي يقوم بوظيفة إجتماعية تتصارع فيها مصالح الأطراف الأمر الذي يجعله عرضة للتدخلات و أخطرها الصحافة التي تكون لها أراء ضاغطة قد يتبناها الرأي العام ضد القاضي.

    الفرع الخامس : عبء الإثبات في المواد الجزائية

    إن الأصل في كل إنسان البراءة سواء من الجريمة أو من الإلتزام و من يدعي خلاف هذا الأصل فعليه أن يثبت إدعائه و على ذلك يتعين على سلطة الإتهام أو المدعى المدني إثبات توافر جميع أركان الجريمة، غير أنه يثور البحث حول من يتحمل عبء الإثبات هل هو المتهم أم سلطة الإتهام ؟ .

    * أولا : قرينة البراءة الأصلية

    يقترن عبء الإثبات بقرينة البراءة الأصلية، و قرينة البراءة الأصلية تعني أن ينظر إلى الشخص مشتبها فيه أم متهم في جميع مراحل الإجراءات و مهما كانت جسامة الجريمة التي نسبت إليه على أنه بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات وفقا للضمانات التي قررها القانون للشخص، و أساس هذه القرينة الإتفاقيات و الإعلانات الدولية و كذا الدساتير و القوانين الداخلية منها الدستور الجزائري، و تتطلب قاعدة إفتراض البراءة في حق المتهم عدم مطالبته بتقديم أي دليل على براءته فله أن يتخذ موقفا سلبيا إتجاه الدعوى المقامة ضده و على سلطة الإتهام تقديم الدليل على ثبوت التهمة المنسوبة إليه، و تطبق قرينة البراءة الأصلية على جميع الأشخاص سواء كانوا مجرمين أو مبتدئون أو معتادي الإجرام كما تطبق في جميع الجرائم مهما كانت جسامتها و في جميع مراحل الدعوى العمومية من مرحلة جمع الإستدلالات إلى مرحلة الحكم النهائي


    * ثانيا : عبء إثبات الجريمة

    في المواد الجزائية يقع عبء الإثبات على عاتق المدعي و هو سلطة الإتهام و بالتبعية على المدعي المدني الذي يجب عليه إثبات عناصر الجريمة و تحقق الضرر و الرابطة السبيبة التي تربط هذا الضرر بسلوك المتهم، و النيابة عليها إثبات العناصر المكونة للجريمة فيجب عليها جمع عناصر الإثبات سواء للإدانة أو البراءة إذا ظهرت لها و تقدمها للقضاء لأنها بإعتبارها نائبة عن المجتمع يهمها إثبات براءة البريء كما يهمها إثبات إدانة المدان .
    و على النيابة أن تثبت كل العناصر المكونة للجريمة سواء كانت هذه العناصر عامة أو خاصة :

    1)- عبء إثبات الركن المادي :

    على سلطة الإتهام و المدعي المدني إثبات الركن المادي مهما كانت طبيعة الجريمة، و على المدعي المدني إضافة لذلك إثبات الضرر.
    - إذا كان الإتهام بجريمة شروع على سلطة الإتهام إثبات البدء في التنفيذ و عدم تمام الجريمة لسبب غير إختياري.
    - و في حالة جريمة الإشتراك فإنه على سلطة الإتهام أن تثبت الواقعة الرئيسية المكونة للجريمة و القصد الجزائي و أحد أفعال الإشتراك المنصوص عليها قانونا.

    2)- عبء إثبات الركن المعنوي : الركن المعنوي يتمثل في القصد الجزائي و الذي يعني العلم بإرتكاب فعل إجرامي و إرادة إرتكابه و هذا هو القصد العام و يقع على سلطة الإتهام إثباته.
    و في بعض الجرائم يتطلب القانون نوع خاص من القصد و من أمثلة ذلك نية إزهاق الروح في القتل العمد و نية التملك في جريمة السرقة، ففي هذين الغرضين و في كل الجرائم ذات النتائج ينبغي على سلطة الإتهام أن تثبت أن الجاني كان يريد الوصول إلى نتيجة إجرامية محددة بدقة في القانون.
    و العنصر المعنوي لا يقتصر فقط على حالة الجريمة التامة بل يكون واجب أيضا في حالة الشروع، و عبء الإثبات في هذه الحالة يكون على عاتق سلطة الإتهام .
    - و إذا كانت الجريمة غير عمدية فإنه يجب على سلطة الإتهام إثبات خطأ المتهم، و هذا الخطأ قد يكون بسبب عدم التبصر أو الإهمال أو عدم مراعاة الأنظمة و كذلك يجب أن يثبت النتيجة الضارة التي نجمت عن هذا الخطأ، و في حال عدم مراعاة الأنطمة اكتفي النيابة بإثبات مخالفة المتهم لأحكامها و إثبات العلاقة السببية بين المخالفة و تحقيق الضرر.

    3)- عبء إثبات ظروف الجريمة :

    أ)- الظروف التي تغير وصف الرجيمة أو من طبيعتها :

    مثال على ذلك السرقة بظرف الليل، ينبغي على سلطة الإتهام أن تحدد الوقت الذي وقعت فيها الجريمة، ما إذا كان هذا الوقت يقع في الفترة ما بين غروب الشمس و شروقها.
    ب)- الظروف التي تغير مقدار العقوبة :

    و هي التي تغير العقوبة بالتشديد أو التخفيف أو بالإعفاء مع بقاء الجريمة على وصفها، فإذا تعلق الأمر بتشديد العقاب، كما هو الحال في ظرف العود فإن على سلطة الإتهام إثبات حالة العود بمقتضى صحيفة السوابق القضائية.

    4)- عبء إثبات الشروط المفترضة للجريمة :

    قد يشترط القانون بالإضافة إلى قيام أركان الجريمة بعض الشروط الأخرى يلزم توافرها مثلا يشترط في جريمة خيانة الأمانة بالإضافة إلى ركني الإختلاس أو التبديد يجب أن يكون قد سبق إستلام الجاني للمال بناء على عقد من عقود الأمانة .
    و إذا كان المبدأ السائد هو أن الإثبات يخضع لمطلق تقدير القاضي، غير أن المبدأ محصور في إثبات أركان الجريمة لا شروطها فهذا الشرط يخضع لحكم القانون الذي ينظمه مثلا : عقد الوديعة ينظمه القانون المدني و يخضع لإثباته للقانون المدني فقد قضى في فرنسا بأن يكون إثبات العقود وفق لأحكام القانون المدني و يبقى إثبات الإختلاس أو التبديد خاضعا لحرية تقدير قاضي الموضوع، و إذا كان الأمر يتعلق بعقد ذو طبيعة تجارية فيجوز إثبات العقد بكل الوسائل

    5)- عبء إثبات طرق الدفاع :

    في حال توافر سبب من أسباب الإباحة كالدفاع الشرعي أو مانع من موانع المسؤولية كالإكراه أو سبب من أسباب إنقضاء الدعوى العمومية، إستقر القضاء أن يتمسك المتهم بالدفع دون أن يكون ملزم بإثبات صحته و على النيابة و المحكمة التحقق من صحة هذا الدفع، و إذا لم يتمسك المتهم بمثل هذا الدفع أمام المحكمة لم يخل ذلك دون واجب هذه المحكمة في التحقق من إنتفائها قبل أن تقضي بالإدانة .
    غير أنه إستثناء قد يكون المتهم ملزم بإثبات دفاعه فهناك بعض المحاضر تكون لها حجية مطلقة لا يجوز الطعن فيها إلا بالتزوير كالمحاضر الجمركية، كما يوجد حالات يفترض فيها وجود الركن المادي في الجريمة مثلا في التشريع الجمركي هناك أعمال تحضيرية إرتقت إلى الجريمة التامة كما نصت عليه المادة 11 من الأمر 05/06 الصادر بتاريخ 23/08/05 المتعلق بمكافحة التهريب فإن مجرد حيازة وسيلة نقل معدة للتهريب أو حيازة مخزن مهيأ للتهريب عد ذلك تهريبا و يكون حجة على المتهم و قد تتحقق الجريمة بمجرد الحيازة .
    كما يوجد عددا من الحالات يفترض فيها وجود الركن المعنوي و من تطبيقاته إفتراض علم الشريك في الزنا بزواج إمرأة زنى بها فقد إستقر القضاء على أن النيابة العامة لا تتحمل عبء إثبات علم المتهم بهذه الأمور و لا تقبل من المتهم الدفع يجهله بل عليه أن يثبت جهله راجع إلى قوة قهرية أو ظروف إستثنائية لم يكن في مقدوره أن يقف على الحقيقة.


    يتبع ...
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

     الموضوع : الاثبات الجزائي Empty رد: الموضوع : الاثبات الجزائي

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 2:04 am





    المطلب الثاني : مفهوم الدليل الجزائي
    الفرع الأول : تعريف الدليل الجزائي
    عرف الدليل الجزائي بأنه " الوسيلة المبحوث عنها في التحقيقات بغرض إثبات صحة واقعة تهم الجريمة أو ظرف من ظروفها المادية و الشخصية "

    و عرف أيضا أنه " الوسيلة التي يستعين بها للوصول إلى الحقيقة التي ينشدها و المقصود بالحقيقة في هذا الصدد كل ما يتعلق بالوقائع المعروضة عليه لإعمال حكم القانون عليها
    و التعريف الراجح : الدليل هو الواقعة التي يستمد منها القاضي البرهان على إثبات إقنتاعه بالحكم الذي ينتهي إليه .
    الفرع الثاني : نميز الدليل الجزائي عن بعض المفاهيم الأخرى
    أولا : تمييز الدليل الجزائي عن الإثبات الجزائي
    الإثبات الجزائي هو التنقيب عن الدليل و تقديمه لإستخلاص السند القانوني للفصل في الدعوى أما الدليل فهو الواقعة التي يستمد منها القاضي البرهان على إثبات إقتناعه بالحكم الذي ينتهي إليه أي المحصلة النهائية لكل مراحل الإثبات المختلفة و بعبارة أخرى ثمرة الإثبات فكلمة إثبات أوسع من كلمة دليل فالأولى أعم و أشمل .
    ثانيا : تمييز الدليل الجزائي عن وسيلة الوصول إليه
    يجب التفرقة بين مضمون الدليل الجزائي و المتمثل في الواقعة التي تصل إلى القاضي و بعض الوسائل التي تنقل الواقعة مضمون الدليل إلى علم القاضي إما عن طريق إدراكه الشخصي كما هو الشأن في المعاينة و قد نجد وسائل أخرى تنقل الواقعة إلى علمه عن طريق شخص آخر كما هو الشأن في شهادة الشهود .
    الفرع الثالث : أنواع الدليل الجزائي : نفرق في هذه الحالة بين عدة أنواع
    أولا : الدليل من حيث مصدره : ينقسم إلى :
    الدليل المادي :

    و هي أدلة تنبعث من عناصر مادية، فقد يترك الجاني في مكان الجريمة بعض الأدوات التي إستخدمها في إرتكابها فيترك بصمات أصابعه أو أقدامه أو غير ذلك من الظواهر التي تفيد القاضي في الإثبات، و الحصول على هذه الأدلة قد يكون عن طريق المعاينة أو الضبط أو التفتيش أو الخبرة
    - الدليل القولي : ينبعث من عناصر شخصية تتمثل في ما يصدر من الغير من أقوال و الأدلة الشفوية هي إعتراف المتهم و أقوال الشهود .
    - الدليل القانوني : هو الدليل الذي حدده المشرع و بين قوته بحيث لا يمكن الإثبات بغيره ز ذلك خروجا عن قاعدة حرية الإثبات في المواد الجزائية كما هو الأمر في إثبات جريمة الزنا.
    ثانيا : الدليل من حيث الجهة التي يقدم إليها
    الدليل القضائي : الدليل الذي له مصدر في أوراق الدعوى المطروحة أمام المحكمة .
    الدليل غير القضائي : الدليل الذي ليس له أصل في المحاضر المعروضة على القاضي و التي تحصل عليها خارج مجلس القضاء .
    ثالثا :الدليل من حيث علاقته بالواقعة المراد إثباتها
    الدليل المباشر : هو الذي ينصب مباشرة على الواقعة المراد إثباتها مثالها : المعاينة.
    الدليل غير المباشر : هو الدليل الذي ينصب على واقعة أخرى التي تفيد أو تؤدي إلى إستخلاص قرار معين بشأن الواقعة المراد إثباتها و مثالها القرائن.
    رابعا : الدليل من حيث الأثر المترتب عليه
    دليل الإتهام : الذي يسمح بتقديم المتهم للمحاكمة و رفع الدعوى عليه مع رجحان الحكم بإدانته .
    دليل الحكم : أدلة تتوافر فيها اليقين التام و القطع الكامل بالإدانة و ليست مجرد ترجيح لهذه الأدلة.
    دليل النفي : تسمح بتبرئة ساحة المتهم أو تخفيف مسؤوليته عن طريق نفي وقوع الجريمة و نسبتها إليه أو إثبات توافر الظروف المخففة و لا يشترط فيها أن ترقى لحد اليقين ببراءة المتهم بل يكفي أن يشكك في توافر أدلة الإدانة .
    الفرع الربع : الشروط الواجب توافرها في الدليل الجزائي
    يقتضي مبدأ حرية الإثبات حرية القاضي في أن يلتمس إقتناعه من أي دليل يطرح أمامه و في أن يقدر القيمة الإقناعية لكل منها حسبما تنكشف لوجدانه، حيث لا سلطة عليه إلا ضميره هذا من ناحية و من ناحية أخرى ترك حرية الإثبات لأطراف الخصومة في أن يقدموا ما يرونه مناسبا لإقناع القاضي، غير أنه إذا كان القاضي حر في تكوين قناعته على الدليل الذي يقدره و يرتاح إليه ضميره إلا أنه مقيد بالقيود التالية :
    أولا : بناء إقتناعه على أدلة مشروعة
    يكون الدليل باطلا إذا تم التحصل عليه بمخالفة القانون و إذا كان الدليل الباطل هو الدليل الوحيد فلا يصح الإستناد إليه في إدانة المتهم و إلا كان مشوبا بعيب فإذا شاب التفتيش عيب يبطله فإنه يتناول جميع الآثار المترتبة عليه مباشرة.
    و قد يكون البطلان ناجما عن مخالفة حكم في الدستور أو في قانون العقوبات فيكون بطلان متعلقا بالنظام العام، و قد يرجع البطلان إلى مخالفة قاعدة أساسية من قواعد الإجراءات و عندئذ نميز ما إذا كانت القاعدة تتعلق بالمصلحة العامة أو بمصلحة الخصوم.
    و قد أخذ المشرع الجزائري في المادة 159 من قانون الإجراءات الجزائية بنظرية البطلان الذاتي عند مخالفة الأحكام الجوهرية الخاصة بالتحقيق إذا أخلت بحقوق الدفاع أو باي خصم آخر ما لم يتم التنازل عن هذا الحق، فإذا كان الغرض من الإجراء هو المحافظة على مصلحة عامة أو مصلحة المتهم أو غيره من الخصوم فيكون الإجراء جوهريا و يترتب على عدم مراعاته البطلان أما إذا كان الغرض من الإجراء هو غير ذلك فلا بطلان عند مخالفة هذا الإجراء .

    أ- مشروعية الإستعانة بالأجهزة العلمية الحديثة في جمع الأدلة الجزائية
    من الغايات التي تهدف من ورائها الإجراءات الجزائية ضمان حريات الأفراد الأساسية عن طريق حظر كل الممارسات غير الشرعية في مختلف صورها كاللجوء للتعذيب للحصول على الإعترافات، و أي دليل يتحصل عليه من خلال هذه السبل يعد باطلا و لا يعتد به وتبعا لذلك سنتطرق إلى مشروعية بعض من هذه الوسائل فيما يلي :
    *شروعية الإستعانة بجهاز كشف الكذب:
    لقد كفل القانون للمتهم حقوق الدفاع فلا يجوز المساس بها، و منها حقه في الصمت و حقه في حرية الدفاع عن نفسه صادقا كان أم كاذبا، و إستخدام جهاز كشف الكذب هو إعتداء على هذه الحقوق، و هو إحدى صور الإكراه المعنوي لذا فهو إجراء غير مشروع سواء كان برضا الشخص أو دون رضاه.
    * ممشروعية إستخدام العقاقير المخدرة و التنويم المغناطيسي :
    غالبية الفقه يتجه نحو تحريم هذه الأساليب في مجال الإثبات لأنه يعتمد على الخداع للحصول على إعترافات المتهم و كذلك يعد إكراها ماديا و الإعترافات الناجمة عنه باطلة و لو كانت صادقة .
    * مشروعية إستخدام الأجهزة العلمية للتنصت على المحادثات التيليفونية و الأحاديث الشخصية و تسجيلها و إعتراض المراسلات و التقاط الصور :
    إن مبدأ حرية الإتصالات الخاصة بالأفراد من المبادئ الأساسية المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز الخروج عليها، غير أن التشريع الجزائري في التعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية بقانون 06/22 المؤرخ في 20/12/2006 من خلال المادة 65 مكرر 5 منه أنه إذا إقتضت ضرورات التحري في الجريمة المتلبس بها أو التحقيق الإبتدائي في جرائم المخدرات أو الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية أو الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات أو جرائم تبييض الأموال أو الإرهاب أو الجرائم المتعلقة بالتشريع بالصرف و كذا جرائم الفساد يجوز لوكيل الجمهورية المحتص أن يأذن بإعتراض المراسلات التي تتم عن طريق وسائل الإتصال السلكية و اللاسلك
    ية، و وضع الترتيبات التقنية دون موافقة المعنيين من أجل إلتقاط و تثبيت و بت و تسجيل الكلام المتفوه به بصفة خاصة أو سرية من طرف شخص أو عدة أشخاص في أماكن خاصة أو عمومية أو إلتقاط صور لشخص أو عدة أشخاص يتواجدون في مكان خاص و تنفذ هذه العمليات تحت المراقبة المباشرة لوكيل الجمهورية.
    ب- التسرب و التسليم المراقب و الترصد الإلكتروني :
    يعد التسرب و التسليم المراقب و الترصد الإلكتروني من الوسائل المشروعة التي أقرها المشرع الجزائري للحصول على الأدلة و ذلك وفق شروط حددها المشرع :
    - التسرب : يقصد به قيام ضابط شرطة قضائية بمراقبة الأشخاص المشتبه في إرتكابهم جرائم بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم .
    و قد أقر المشرع هذا الإجراء إثر التعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية بقانون 06/22 المؤرخ في : 20/12/2006 فسمح لضابط أو عون الشرطة أن يستعمل لهذا الغرض هوية مستعارة بعد إذن مكتوب و مسبب من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق و لا يجوز تحت طائلة البطلان أن تشكل هذه الأفعال تحريضا على إرتكاب الجرائم.
    التسليم المراقب : إجراء أتى به قانون الفساد 06/01 المؤرخ في 02/02/2006 المادة 2 و كذا المادة 40 من الأمر 05/06 المؤرخ في 23/08/2005 المتعلق بالتهريب و الذي يسمح لشحنات غير مشروعة بالخروج من الإقليم الوطني بعلم من السلطات المختصة و تحت مراقبتها بغية التحري عن جرم ما و الكشف عن هوية الأشخاص الضالعين في إرتكابه .
    الترصد الإلكتروني : أتى به أيضا قانون الفساد، و هو مطبق في فرنسا و هو يتعلق بتطبيق العقوبة على المحكوم عليه بأقل من سنة أجاز المشرع للقاضي بدل أن يحكم بالحبس يمكن أن يضع المجرم تحت الترصد الإلكتروني و لابد من توفر ما يسمى بالسوار الإلكتروني بعد منع المحكوم عليه من التجول في أماكن معينة .
    ثانيا : بناء الإقتناع على أدلة مطروحة للمناقشة و لها أصل في الدعوى
    نصت المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية " لا يسوغ للقاضي أن يبنى قراره إلا على الأدلة المقدمة له في معرض المرافعات و التي حصلت المناقشة فيها حضوريا أمامه" .
    من القواعد التي تحكم الإثبات الجنائي قاعدة وجوب مناقشة الدليل، و نعني به أنه لا يمكن للقاضي تأسيس إقتناعه إلا على عناصر الإثبات المطروحة أمامه في الجلسة و خضعت لحرية مناقشة أطراف الدعوى، و الغاية من ذلك تمكين الخصوم من ومعرفة ما تقدم ضدهم من أدلة و من ثم يبطل الحكم إذا كان مبنيا على دليل لم يطرح للمناقشة أو لم تتح للخصوم فرصة إبداء الرأي فيه و يترتب على القاعدة .
    1- عدم جواز قضاء القاضي بناء على معلوماته الشخصية : إن إعتماد القاضي على معلوماته الشخصية أو على ما رآه بنفسه أو حققه في غير مجلس القضاء و بدون حضور الخصوم يتعارض مع قاعدة الشفوية و المواجهة التي تحكم المحاكمة الجنائية.
    2- عدم جواز قضاء القاضي بناء على رأي الغير :
    - يجب على القاضي أن يستمد الإقتناع من مصادر يستقيها بنفسه من التحقيق في الدعوى، و تطبيق لذلك لا يجوز أن يحيل الحكم في شأن وقائع الدعوى و مستنداتها إلى دعوى أخرى غير مطروحة، و أن تعتمد المحكمة على أدلة و وقائع إستقتها من أوراق قضية أخرى لم تكن معلومة للدعوى التي تنظرها للفصل فيها و لا مطروحة على بساط البحث بالجلسة تحت نظر الخصوم، و يجب على القاضي أن يؤسس إقتناعه من أدلة مستوحاة من أوراق الدعوى و عناصرها و أن يكون الدليل الذي يعتمد عليه قائما في تلك الأوراق.
    ثالثا : تساند الأدلة القاضي مقيد في تسبيب أحكامه بأن تكون الأدلة التي يستند إليها متساندة، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية يكمل بعضها بعضا، تكون المحكمة عقيدتها منها مجتمعه، و بناء على ذلك يجب أن تؤدي الأدلة في المنطق و العقل إلى النتيجة التي إنتهت إليها المحكمة في حكمها، بشرط ألا يشوبها خطأ في الإستدلال و لا يعتريها تناقض أو تخاذل.
    و لذلك فإن القاضي ملزم بإيراد الأدلة التي إعتمد عليها و مضمون تلك الأدلة و ألا يكون هناك تناقض أو تخاذل و لا إبهام أو غموض في الحكم الذي أصدره ([8]) .
    * بيان الأدلة و مضمونها : متى إستند القاضي إلى دليل من الأدلة في إثبات إدانة المتهم وجب عليه أن يتعرض في أسباب الحكم إلى ما يتضمنه هذا الدليل و أن لا يقتصر على الإشارة إلى أدلة الإثبات دون أن يتعرض إلى ما تتضمنه .
    * إنعادم التناقض و التخاذل :
    نتيجة لقاعدة وجوب تساند الأدلة في المواد الجزائية يشترط في الأدلة التي يعتمدها القاضي في حكمه أن لا يكون بينها تناقض أو تخاذل ينفي بعضها البعض الآخر بحيث لا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، كما أنه لا ينبغي أن يكون هناك تناقض يبين أساب الحكم و منطوقه .
    * إنعدام الإبهام و الغموض : إن الغموض و الإبهام قد يشوب أدلة الإثبات نتيجة لعدم إيراد القاضي لمضمون الأدلة أو الغموض الذي يعتري تدليله لثبوت الوقائع أو نفيها و التي تتعلق بتوافر أركان الجريمة أو ظروفها.



    يتبع ...

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

     الموضوع : الاثبات الجزائي Empty رد: الموضوع : الاثبات الجزائي

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 2:05 am




    الفصل الثاني : أدلة الإثبات الجزائية
    المبحث الأول : الإعتراف و الشهادة
    لقد نظم المشرع الجزائري طرق الإثبات الجزائية في الفصل الأول من الباب الأول من الكتاب الثاني من قانون الإجراءات الجزائية في الموادمن 212 إلى 238، و تتمثل أدلة الإثبات الجزائية حسب التشريع الجزائي في : الإعتراف منظم في المادة 213 من قانون الإجراءات الجزائية، الشهادة المواد من 220 إلى 237 من نفس القانون، المحررات المواد 215 إلى 218، الخبرة المادة 219 و الإنتقال لإجراء المعاينة المادة 235 ، و هناك أيضا ما يسمى بالقرائن و هي من أدلة الإثبات الجزائية التي أقرها المشرع الجزائري في عدة نصوص قانونبة و فيما يلي سنقوم بدراسة موجزة لمختلف أدلة الإثبات الجزائية وفقا للتشريع الجزائري :
    المطلب الأول : الإعتراف
    لم يكن الإعتراف في عهد النظام الإتهامي الأول الذي عرفته روما القديمة دليلا قاطعا ملزما للقاضي في كل الأحوال، بل كان تقديره خاضع لسلطة القاضي ثم إرتقى الإعتراف عندما أصبح نظام الإتهام أكثر دقة و إنتظام، فأجيز توقيف المعترف بناءا على إقراره ثم أمسى معادلا للشهادة من حيث قوة الإثبات، و لكنه لم يكن لوحده كافيا للحكم إذ لابد من أن يقترن بدليل للحكم به.
    أما التشريع الجزائري فقد نص في المادة 213 من فانون الإجراءات الجزائية " أن الإعتراف شأنه كشأن الجميع و عناصر الإثبات يترك لحرية تقدير القاضي".
    الفرع الأول : تعريف الإعتراف
    لقد عرف الإعتراف بأنه " قول صادر من المتهم يقر فيه بصحة إرتكابه الوقائع المكونة للجريمة بعضها أو كلها و هو بذلك يعتبر أقوى الأدلة و سيدها.
    و هناك من عرفه بأن الإعتراف هو " إقرار المتهم على نفسه بإرتكاب الوقائع المكونة للجريمة كلها أو بعضها.
    و هناك من عرفه بأنه هو " إقرار من المتهم بعبارات واضحة بحقيقة الوقائع المنسوبة إليه أو ببعضها.
    و إعتراف المتهم إما أن يكون شفويا و إما أن يكون مكتوبا و أي منهما كاف في الإثبات، و الإعتراف الشفوي يمكن أن يثبت بواسطة المحقق أو كاتب التحقيق في محضر الإستجواب أما الإعتراف المكتوب فليس له شكل معين و هو في الحالتين يخضع لسلطة المحكمة. الفرع الثاني : خصائص الإعتراف
    يمكن حصر خصائص الإعتراف فيما يلي :
    1- الإعتراف ليس حجة في حد ذاته و إنما هو خاضع لتقدير المحكمة فيحق للمتهم العدول عنه في أي وقت دون أن يكون ملزما بان يثبت عدم صحة الإعتراف الذي عدل عنه.
    2- لا دخل للنية في الإعتراف لأن القانون هو الذي يرتب الآثار القانونية على هذا الإعتراف و لو لم تتجه نية المعترف إلى حصولها.
    3- الإعتراف قد يكون وسيلة للمتهم للدفاع عن نفسه، كما أنه لا يتقيد بسن معينة إذ قد يصدر من الشخص المميز، كما لا يجوز تحليف المتهم اليمين القانونية قبل أدائه لأقواله و إلا كان الإعتراف باطلا .
    4- الإعتراف هو أمر متروك لتقدير المتهم و مشيئته، فإذا رأى أن الصدق أحسن وسيلة للدفاع بها على نفسه ضد الإتهام الموجه إليه فله الحق المطلق بعدم الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه .
    5- الإعتراف هو مسألة شخصية تتعلق بشخص المقر نفسه فإذا سلم المحامي بالتهمة المنسوبة إلى موكله و لم يعترض فإن ذلك كله لا يعتبر إعترافا صريحا أو ضمنيا، و إذا أنكر المتهم تسليم المحامي لا يعتبر حجة عليه، و صمت المتهم مع تسليم المحامي و عدم إعتراضه لا يعتبر إعترافا من جانبه و من ثم لا يصح أن تعتد المحكمة بتسليم المحامي بصحة إسناد التهمة على موكله.
    6- حجية الإعتراف قاصرة على التهم فقط، فالأقوال الصادرة من متهم آخر هي في حقيقتها ليست إلا شهادة متهم على متهم آخر و هو من قبيل الإستدلالات التي يجوز للمحكمة أن تعزز بها ما لديها من أدلة أخرى، فمن الجائز الأخذ بإعتراف متهم على آخر مادام القانون لم يمنع ذلك، غير أن ذلك متروك للسلطة التقديرية للقاضي إن شاء أخذ به أو إستبعده.
    7- يجوز تجزئة الإعتراف، فالقاعدة في المواد الجزائية هو أن الإعتراف قابل للتجزئة خلافا لما هو مقرر في المواد المدنية لأن مبدأ الإقتناع الشخصي يفرض هذه القاعدة، فإذا إعترف المتهم بجريمة و أضاف إليها ما من شأنه الحد من مسؤوليته أو إستبعادها فعلى القاضي أن يدقق في كافة أجزاء الإعتراف و أن لا يستند منها إلا على ما يقتنع به، و له أن يأخذ بشق منه دون الشق الآخر إذا قدر أن التحقيق الذي أجراه أوضح له عدم صحة ما أهمله.
    غير أنه إقرار المتهم أو المدعي عليه بجزء من الوقائع لا يمكن إعتباره معترفا بالكل بل ينبغي إكماال الإعتراف الناقص بالأدلة و القرائن الأخرى.
    8- للإعتراف قوة ثبوتية يعود للقاضي أمر تقديرها، و غالبا ما يأخذ القاضي به على إعتبار أنه كافي للتجريم أو الإدانة، و لكنه ليس ملزما بها حتما إذ تمكنه أن لا يأخذ به و إن كان صريحا، شريطة أن يعلل بالأسباب التي دعته إلى ذلك، و إلا عرض حكمه للنقض، و ليس ما يمنع المتهم من أن يرجع عن إقرار سابق دون أن يبرر رجوعه، و يترك للمحكمة أن تقدر الرجوع و لها أن يأخذ بالإعتراف رغم عدول المتهم عنه.
    الفرع الثالث : أنواع الإعتراف
    1- الإعتراف الكلي و الإعتراف الجزئي:
    الإعتراف الكلي :
    هو الذي يقر فيه شخص المقر بصحة إسناد التهمة إليه كما وصفتها سلطة التحقيق أي يعترف بإرتكاب الجريمة بجميع أركانها : الشرعي، المادي و المعنوي.
    الإعتراف الجزئي:
    و هو إذا إقتصر المتهم في الإقرار بإرتكابه الجريمة في ركنها المادي نافيا مع ذلك مسؤوليته عنها أو إعترافه بمساهمته شريكا لا غير، أو إعترف بإرتكاب الجريمة و لكن في صورة مخففة تختلف عن التصوير المنسوب إليه.
    2- الإعتراف القضائي و الإعتراف غير القضائي :
    *الإعتراف القضائي : و هو الإعتراف الذي يقع أثناء الخصومة أمام إحدى الجهات القضائية أي أمام قاضي التحقيق أو أمام المحكمة و قد يعتبر دليلا كافيا إذا توافرت فيه شروط صحته.
    *الإعتراف غير القضائي : هو الذي يصدر أمام جهة أخرى غير جهات القضاء، كما إذا صدر أمام النيابة أو مأموري الضبط القضائي أو في التحقيق الإداري أو أمام أحد الأشخاص أو في محرر صادر منه و قد يعتبر هذا النوع من الإعتراف دليلا تستند إليه المحكمة إذا إطمأنت إليه فيجوز لها أن تبني إقتناعها بناء على هذا الإعتراف.
    الفرع الرابع : شروط صحة الإعتراف
    الإعتراف دليل من أدلة الإثبات الجزائية، و لكل دليل شروط و قواعد تتحقق به صحته و بالتالي ثقة المحكمة فيه و الإستناد عليه بحكمها و شروط الإعتراف هي :
    1- الأهلية الإجرائية للمتهم :
    الأهلية الإجرائية هي الأهلية لمباشرة نوع من الإجراءات على نحو يعتبر معه هذا الإجراء صحيحا و منتجا لآثاره القانونية و تتكون من عنصرين :
    أ- أن يكون المعترف متهما بإرتكاب الجريمة: و نعني به أن يكون معترف متهما بأن يوجه إليه الإتهام بواسطة تحريك الدعوى الجزائية قبله.
    ب- أن يتوافر في المعترف الإدراك و التمييز وقت الإدلاء بالإعتراف.
    و يشترط فيه توافر الإدراك أو التمييز وقت الإدلاء بالإعتراف و أن يكون المتهم المعترف القدرة على فهم ماهية الأفعال و طبيعتها و توقع آثارها، و على ذلك لا يتمتع بكامل الأهلية كل من المجنون و المصاب بعاهة عقلية و السكران أما الإعتراف الصادر عن الحدث الذي يكون سنه ما بين 13 و 18 سنة يكون إعترافه ناصقا لنقص أهليته و من ثمة فإن مثل هذا الإعتراف يقع على القاضي عبء تقديره و فحصه فحصا دقيقا للتأكد من صحته أولا و لمطابقته للجريمة و لقصد الحدث ثالثا و لمدى فهم الحدث لطبيعة إعترافه و ذلك تطبيقا لأحكام المادة 213 من قانون الإجراءات الجزائية
    2- تمتع المتهم بحرية الإختيار : يجب أن يكون المتهم قد أدلى بالإعتراف و هو في كامل إرادته بأن تكون حرة و واعية بعيدة عن كل ضغط من الضغوط التي تعيب أو تؤثر عليها، فإن أي تأثير يقع على المتهم سواء أكان عنفا أو تهديدا أو وعدا يعيب إرادته يفسد إعترافه.
    أما إذا صدر الإعتراف من المتهم بإختياره و هو بكامل إرادته بدون أي ضغط أو تأثير فإنه يكون دليلا صحيحا مقبولا في الإثبات.
    و التأثير الذي قد يؤثر في إعتراف المتهم إما أن يكون تأثير معنوي كالوعد أو الإغراء أو يكون ماديا كالعنف و إرهاق المتهم بالإستجواب أو إستخدام كلاب البوليس و التنويم المغناطيسي و العقاقير المخدرة
    فإذا كان الإعتراف نتيجة أمر غير مشروع على نحو ما سبق فإنه يكون باطلا و يؤدي إلى بطلان كل ما ترتب عليه من آثار .
    3- صراحة الإعتراف و مطابقته للحقيقة :
    يجب أن ينصب الإعتراف على نفس الواقعة الإجرامية و ليس على ملابستها المختلفة فلا يعد إعتراف إقرار المتهم بواقعة أو أكثر تتعلق بالدعوى كإقراره بكراهيته للمجني عليه أو تواجده بمكان الحادث فهذه الأمور لا تعد إعتراف لأنها لا تنصب على الواقعة الإجرامية بذاتها و إنما قد تصلح لأن تكون أدلة موضوعية لا تكفي للإدانة إلا إذا عززتها أدلة أخرى كافية و يتعين مع ذلك أن يكون الإعتراف واردا على الواقعة الإجرامية المسندة إلى المعترف صراحة بحيث لا يحتمل التساؤل أو الشك و ينبغي أيضا أن يكون الإعتراف مطابقا للحقيقة، فقد يعترف الشخص كذبا للتخلص من إكراه مادي أو لتخليص المجرم الحقيقي من العقاب بدافع المحبة أو المصلحة أو الصلة و قد يعترف الشخص معتقدا بصحة هذا الإعتراف و هو ما يسمى بالإعرتاف الوهمي و قد يعترف الشخص نتيجة مرض عقلي فكل هذه الصور لا تعد إعترافا مطابقا للحقيقة و لا يعتد به .
    و الرأي مستقر أن صمت المتهم لا يعد إعترافا لأن هذا الصمت لا يعني إقرار بالواقعة الإجرامية المنسوبة إليه .
    4- إستناد الإعتراف إلى إجراءات صحيحة :
    يجب أن يكون الإعتراف الصادر من المتهم نتيجة إجراء صحيح فالإعرتاف الذي يكون وليد إجراء باطل يعتبر باطلا هو الآخر و لا يجوز الإستناد إليه إذا كان الإجراء مرتبطا به، أما إذا كان الإجراء الباطل منفصلا عن الإعتراف فيبطل الإجراء دون أن يمس بصحة الإعتراف.
    -و قد يكون الإعتراف باطلا بسبب تحليف المتهم اليمين أو بسبب عدم دعوة محامي المتهم في الجناية للحضور قبل إستجوابه، و كذلك يقع باطلا الإعتراف الذي يكون نتيجة لإجراء توقيف أو تفتيش باطلين، و لا يصح للمحكمة الإعتماد على الدليل المستمد منها و إلا كان الحكم مشوبا بعيب حتى ولو أورد معه أدلة أخرى صحيحة .
    غيرأن بطلان الإجراء الباطل لا يترتب عليه حتما بطلان الإعتراف اللاحق عليه فيصح أن يكون هذا الإعتراف مستقلا عن الإجراء الباطل و ليس نتيجة له، و بالتالي يمكن إعتباره دليلا مستقلا بذاته و يعتد به في مجال الإثبات ضد المتهم متى إطمأنت المحكمة إلى صحته و عدم تأثره بالإجراء الباطل .
    و يتحقق عادة الإستقلال بين الإجراء الباطل و الإعتارف متى وجد فا صل زمني أو مكاني أو إختلاف الشخص القائم بهما.
    و محكمة الموضوع هي التي تقدر قيمة الإعتراف الصادر من المتهم على إثر إجراء باطل حسب ما ينكشف لها من ظروف الدعوى و ملابستها و هذا التقدير من المسائل الموضوعية التي لا تعقيب على حكمها إلا في الحدود العامة التي تراقب فيها محكمة الموضوع هذه المسائل الموضوعية.
    الفرع الخامس : حجية الإعتراف في الإثبات
    على القاضي الجزائي أن لا يكتفي بمجرد صدور الإعتراف مستكملا لشروط صحته للإستناد إليه في حكم الإدانة، إنما يجب عليه تقديره بالتحقق من صدقه، فإذا تبين له أن الإعتراف غير صادق إستبعده أما إذا تحقق من صدقه فله الإستناد عليه كدليل للإدانة، و يستعين القاضي في تقدير قيمة الإعتراف بما قد يتوافر لديه من أدلة أخرى في الدعوى، غير أنه ليس هناك ما يقيد حرية القاضي الجزائي في تقدير قيمة الإعتراف وفقا لمطلق قناعته ، إذ يخضع شأنه شأن باقي الأدلة لمبدأ حرية إقتناع القاضي فله الأخذ به أو إستبعاده كما له أن يأخذ بإعتراف المتهم و لو كان خارج مجلس القضاء كالإعتراف الوارد في محضر النحقيق الإبتدائي إذا ما إقتنع بصدق هذا الإعتراف، و له أن يأخذ بالإعتراف الصادر من المتهم أمامه و لو كان قد أنكر في المراحل السابقة على المحاكمة، و في حالة عدم إقتناعه بالإعتراف أن يقضي بالبراءة و يكون عندئذ ملزم بتبيان سبب طرحه للإعتراف و إلا كان الحكم مشوبا بالقصور في التسبيب.
    المطلب الثاني : الشهادة
    تعتبر الشهادة من أهم وسائل الإثبات و أكثرها شيوعا في المواد الجزائية و هي الطريق الذي تعتمد عليه المحكمة في كثير من الأحيان في تقرير مصيره المتهم.
    و تبقى حجية الشهادة أمر متروك لسلطة القاضي فله أن يأخذ بها أو أن يستغنى عنها ما دام أن ذاكرة الإنسان معرضة للنسيان و النفس البشرية معرضة للأهواء، هذا ما يلزم القاضي من التدقيق في دراسة الشهادة و الظروف الشخص المحيطة به، لهذا أولى المشرع الجزائري إهتمام كبيرا بها و إحكامها بمجموعة من الإجراءات كتخلف الشاهد و حضوره أمام المحكمة و غيرها من الضمانات.
    الفرع الأول : تعريف الشهادة و أنواعها
    الشهادة هي إثبات واقعة معينة من خلال ما يقوله أحد الأشخاص عما شهده أو سمعه أو أدركه بحواسه من هذه الواقعة بطريقة مباشرة [5].
    و هناك أنواع من الشهادة :
    - الشهادة المباشرة و الشهادة الغير الباشرة: الشهادة المباشرة هي التي يدلي بها الشاهد شفويا أمام القضاء مستمد إياها من ذاكرته و يستدعي الشاهد ليقول ما رآه أو ما سمعه من وقائع متعلقة بالدعوى، أما الشهادة غير المباشرة : هي أن يدلي الشاهد بما نقله إليه شخص آخر يكون عايش أو شاهد موضوع النزاع .
    الشهادة التبريئية و الشهادة الإتهامية : يقصد بالشهادة التبريئية الشهادة التي يدلي بها الشاهد لصالح المتهم و ينفي التهمة عنه أو لتقوية موقفه في الدعوى و يطلق عليها شهادة النفي.
    أما الشهادة الإتهامية هي تلك التي يدلي بها الشاهد ضد المتهم لإثبات التهمة عليه و يطلق عليها شهادة الإثبات .
    الفرع الثاني : خصائص الشهادة
    أولا : الشهادة شخصية و لا تصدر إلا من إنسان : يجب أن يؤدي الشاهد شهادته بنفسه فلا يجوز الإنابة في الشهادة، فيجب عليه الحضور بنفسه أمام المحكمة، بل ألزمت المحكمة الإنتقال إلى محل إقامة الشاهد إذا تعذر عليه الحضور أمام المحكمة لأعذار مشروعة.
    ثانيا : إن الشهادة تنصب على ما أدركه الشاهد بحواسه
    الأصل في الشهادة أنها يجب أن تنصب على ما يدركه الشاهد بحواسه و أهمها : البصر، السمع و الشم ، و هي الحواس التي يدركها العقل، و الشهادة تعبير عن مضمون إدراك الحسي للشاهد عن الواقعة التي يشهد عليها و الأصل في الشهادة أن تكون مباشرة فيشهد الشاهد بما رأه أو سمعه أو أدركه بحاسة من حواسه بطريقة مباشرة إلا أنه يوجد فضلا عن ذلك أنواع أخرى من الشهادات أضعف منها في القوة و لا يجوز أن تتناول الشهادة معتقدات الشخصية للشاهد أو تقديره لجسامة الواقعة أو مسؤولية المدعى عليه.
    ثالثا : الشهادة لها قوة مطلقة في الإثبات
    تلعب الشهادة دورا خطيرا في المسائل الجنائية، فهي لها قوة مطلقة في اللإثبات الجزائي، نظرا لأن المشرع لم يضع أية قيود على الإثبات الجزائي، و مع ذلك فهي تخضع للسلطات القاضي التقديرية فيأخذ منها بما يقنع ضميره.
    الفرع الثالث : الشروط الواجب توافرها في الشهادة
    حتى يوصف ما يصدر عن الشاهد بأنه شهادة في مدلولها القانوني يجب أن تتوافر في أداء الشهادة عدة شروط منها ما يتعلق بالشاهد ذاته و منها ما يتعلق بالشهادة ذاتها .
    أولا : الشروط الواجب توافرها في الشاهد و هي :
    * أن يكون الشاهد مميزا.
    * أن يكون الشاهد حر الإرادة .
    * أن لا يكون الشاهد محكوم عليه بعقوبة جنائية أو تربطه علاقة قرابة مع المتهم.
    * أن لا يكون الشاهد ممنوع من أداء الشهادة.
    * أن يكون الشاهد مميزا : فلا يجوز سماع شهادة شخص منعدم التمييز و الإدراك و نقصد بالتمييز القدرة على فهم ماهية العقل و طبيعته و توقع الأثار التي من شأنه إحداثه، و يرجع إنعدام التمييز إلى صغر السن أو المرض كالجنون أو أي سبب أخر يفقد الإنسان القدرة على التمييز، و سن التمييز حدد بـ 16 سنة حسب نص المادة 229 من قانون الإجراءات الجزائية غير أنه إستثناءا تسمع شهادة القصر الذين لم يكملوا 16 سنة بغير حلف اليمين على سبيل الإستدلال و قد يسمعون بعد حلف اليمين إذا لم تعارض النيابة العامة أو أحد أطراف الدعوى على ذلك.
    * أن يكون الشهاد حر الإرادة وقت إدلائه بالشهادة يقصد بحرية الإرادة قدرة الإنسان على توجيه نفسه إلى إتخاذ عمل معين أو الإمتناع عنه دون تهديد أو إكراه و لذلك يتعين أن يكون الشاهد وقت إدلائه بشهادته حر الإرادة أما إذا كان خاضعا في ذلك الوقت لتاثير تهديد أو إكراه فشهادته باطلة و الدفه ببطلان الشهادة لصدورها تحت تأثير الإكراه أو التهديد دفع جوهري يجب على المحكمة مناقشته و الرد عليه و إذا كان حكمها قاصرا .
    * ألا يكون الشاهد محكوم عليه بعقوبة جنائية أو تربطه علاقة قرابة مع المتهم :فلا يكفي أن يكون الشاهد قد إرتكب جناية بل يجب أن يكون قد حكم عليه بعقوبة جنائية فإذا تحقق ذلك فلا يجوز سماع شهادته إلا على سبيل الإستدلال و هذا ما نصت عليه المادة 228 الفقرة 03 من قانون الإجراءات الجزائية كذلك هو الشأن إذا كان أصوله أو فروعه أو زوجه أو أحد إجوته أو أخواته أو أصهاره على درجته من عمود النسب فهؤلاء جميعا تسمع شهادتهم على سبيل الإستدلال دون حلف اليمين و يجوز سماعهم بعد حلفها إذا لم تعارض النيابة العامة أو أحد أطراف الدعوى على ذلك
    * ألا يكون الشاهد ممنوع من تأدية الشهادة : كالمقيدون بالسر المهني و ذلك حسب المادة 323 من قانون الإجراءات الجزائية غير أنه و كإستثناء يجوز سماع شهادتهم لكن على وجه الإستدلال فقط حسب نص القانون 2 من نفس المادة المذكورة.

    ثانيا : الشروط الواجب توافرها في موضوع الشهادة
    يجب أن تتوافرفي الشهادة الشروط التالية :
    * أن يكون موضوع الشهادة واقعة ذات أهمية قانونية، و لما كانت الشهادة في نطاق الدعوى الجزائية فإن الواقعة موضوع الشهادة تستمد أهميتها من حيث دلالتها على وقوع الجريمة و نسبتها إلى موقعها و يتضح من ذلك أن موضوع الشهادة واقعة فلا يجوز أن يكون رأيا أو تقييم .
    * يجب أن تأد الشهادة أمام المحكمة في جلسة علنية، و العلنية ضمانة للمتهم الدفاع عن نفسه و هي قاعدة جوهرية فرضها القانون تحت طائلة البطلان، فإذا أغفلت كان الحكم باطلا غير أنه عقد الجلسة سرية في حالات محددة في القانون.
    * يجب أن تأدى الشهادة في مواجهة الخصوم سواء النيابة العامة أو باقي الخصوم .
    الفرع الرابع : حجية الشهادة في الإثبات
    للقاضي الجزائي السلطة المطلقة في تقدير الشهادة فلها أن تأخذ بشهادة الشاهد في التحقيق الإبتدائي دون شهادته في الجلسة و العكس صحيح و لها أن تعتمد على شهادة الشاهد برغم مما وجه إليه من طعون لا تدل بذاتها على كذبه فلها أن تأخذ بأقوال الشاهد و لو كان قريبا للمجني عليه متى إطمأنت إلى أن القرابة لن تحمله على تغيير الحقيقة و لها أن تأخذ بأقوال شاهد حتى و إن كانت تتناقض مع شهادة أخرى و للمحكمة أن تجزئ أقوال الشاهد و المحكمة ليست ملزمة بتبيان سبب إقتناعها و لكن إذا أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد فإن للمحكمة العيا أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها أم لا

    يتبــع ...



    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

     الموضوع : الاثبات الجزائي Empty رد: الموضوع : الاثبات الجزائي

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 2:06 am



    يتبع

    المبحث الثاني : القرائن و المحررات
    يمكن أن يستند القاضي في تكوين قناعته ليس فقط على أدلة مباشرة و التي إستقاها من الشهادات و غير ذلك من العمليات التي قام بنفسه و إنما يستند على أدلة أخرى كالقرائن و المحررات و هذا ما سيتم عرضه في هذا البحث.
    المطلب الأول : القرائن
    الفرع الأول : تعريف القرينة
    الإستدلال بالقرينة هو إستنتاج واقعة مجهولة من واقعة معلومة أو هي " الإمارة الدالة على تحقيق أمر من الأمور أو عدم تحققه و قد عرفها الفقهاء بأنها " الإمارة المعلومة التي تدل على أمر مجهول على سبيل الظن.
    فالإستدلال بالقرائن هو الوصول إلى نتائج معينة من وقائع ثابتة فالقرينة هي التي تناولها المشرع و جعل منها وسيلة للإثبات تعفي من تقررت لصالحه من عبء إثباتها ، غير أنها تناولها المشرع و جعل منها وسيلة للإثبات تعفي من تقررت لصالحه من عبء إثباتها غير أنها ليست على درجة واحدة من الحجية في الإثبات فمنها ما هو قطعي الثبوت لأسباب يرى المشرع فيها أساسا لإستقرار النظم القانونية و منها ما هو غير ذلك يمكن لصاحب المصلحة أن يقيم العكس على عدم صحة القرينة التي تمثل سند لإدانته بالواقعة المنسوبة إليه و له في ذلك كافة طرق و أدوات الإثبات.
    الفرع الثاني : أنواع القرائن
    1- القرائن القضائية : و هي القرائن التي يترك للقاضي تقديرها و إستخلاصها من ظروف و ملابسات القضية، و بما أن الإستنباط هو الإختيار و الإستخلاص فمن القضاة من يكون إستنباطه سليما فيستقيم له الدليل و منهم من يحيد عن الصواب لذلك فإن القرينة القضائية تعتبر خطيرة من حيث صحة الإستنباط، و القرائن القضائية غير محددة و لا يمكنك حصرها فهي متروكة لإستنتاج القاضي و خطته و ذكائه ، كما أنها غير قاطعة إذ تقبل إثبات العكس .
    و القرينة القضائية تتكون من عنصرين :
    * العنصر المادي : و هو تلك الواقعة المراد إثباتها التي يختارها القاضي من بين وقائع الدعوى و تسمى بالإمارات و يتم اللجوء إليها في حالة عدم وجود إقرار أو بينة مثال : وجود بصمة أصبح المتهم في مكان الجريمة.
    * العنصر المعنوي : و هو إستنباط الواقعة المراد إثباتها من الواقعة الثابتة إذ يتخذ من الواقعة المعلومة قرينة على الواقعة المجهولة، فعلى القاضي أن يستخلص من وجود بصمة أصبح المتهم في مكان الجريمة قرينة على مساهمته فيها و من ظهور علامات الثراء قرينة على إختلاسه للمال .
    و القاضي حر في تقدير ما تحمله الواقعة من دلالة ، و لا رقابة تفرض عليه في ذلك متى كانت القرينة التي إستخلصها مستمدة من واقعة ثابتة يقينا في حق المتهم، و كان إستنباطه عقلاني .
    2- القرائن القانونية : هي تلك المستمدة من نصوص قانونية صريحة و أغلبها قطعي في مواجهة الخصوم و القاضي معا، فلا يمكن المجادلة في صحتها أو إثبات عكسها، و القرائن القانونية إما أن تكون قرائن قاطعة لا يجوز إثبات عكسها أو قرائن غير قاطعة قابلة لإثبات العكس، و من أمثلة ذلك قرينة إنعدام التمييز في المجنون و الصغير و بالتالي عدم مسؤوليتهما و قرينة الصحة في الأحكام النهائية فلا يجوز الحكم على خلافها و قرينة العلم بالقانون بعد نشره في الجريدة الرسمية فلا يجوز الدفع بجهله .
    الفرع الثالث : حجية القرائن في الإثبات
    إن القرائن القانونية من حيث قوتها الثبوتية تنقسم إلى قرائن قانونية قاطعة لا يجوز إثبات عكسها و قرائن بسيطة يقبل إثبات العكس.
    أما القرائن القانونية فقد إتخذ المشرع من توافر وقائع معينة مبررا لإفتراض قيام الركن المادي أو المعنوي للجريمة و لذلك إستثناءا إلى ما يدل عيله السلوك في الحياة الإجتماعية و تيسر هذه القرائن عبء الإثبات الملقى على عاتق النيابة العامة في حالات يصعب فيها إن لم يتعذر تقديم الدليل، و يترتب على هذه القرائن إعفاء النيابة من إثبات أحد عناصر الجريمة كالعنصر المادي مثال يعد شريكا للأشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو الأمن العام أو ضد الأشخاص و الأموال من يقدم لهم مسكنا أو ملجأ أو مكانا للإجتماع مع علمه بسلوهم الإجراميو هذا ما نصت عليه المادة 43 من قانون العقوبات، أو تعفى النيابة العامة من إثبات العنصر المعنوي مثال: إعتبار عدم دفع المدين للمبالغ المقررة لإعالة أسرته قد حدث عمدا و ذلك حسب نص المادة 331 الفقرة 02 من قانون العقوبات، بل أن القضاء قد إستقر على بعض هذه القرائن، فإفترض توافر العنصر المعنوي في أغلب المخالفات و بعض الجنح التي يطلق عليه الجرائم المادية بمجرد إثبات العنصر المادي و ذلك مهما كان المتهم حسن النية.
    و لا يتعارض مثل هذا الإفتراض مع أصل البراءة طالما أنها قد بنيت على وقائع أثبتها النيابة ضد المتهم .
    المبحث الثاني : المحررات
    ليس للمحررات في المواد الجزائية القيمة ذاتها التي لها في القضايا المدنية و لكن لا يمنع من أن توجد وثائق خطيئة يتعلق بالجريمة و تكون دليلا على وقوعه أو على نسبتها إلى فاعلها .
    المطلب الأول : تعريف المحررات
    عرفت بأنها " المحررات هي عبارة عن أوراق تحمل بيانات في شأن واقعة ذات أهمية في إثبات إرتكاب الجريمة و نسبتها إلى المتهم [1].
    و عرفت بأنها " مجموعة من العلامات و الرموز تعبر إصطلاحا عن مجموعة مترابطة من الأفكار و المعاني.
    و تشتمل المحررات على الأدلة الكتابية التي يمكن أن تقدم للمحكمة كدليل إثبات في الدعوى الجزائية و هي نوعان :
    النوع الأول : يشمل المحررات التي تحمل جسم الجريمة مثل : الورقة التي تتضمن التهديد أو القذف ألا التزوير.
    النوع الثاني : يشمل المحررات التي تكون مجرد دليل على الجريمة مثل الورقة التي تحمل إعتراف المتهم أو المحاضر التي تثبت الإتهام .
    الفرع الثاني : شكل المحرر و مصدره
    يجب أن يتخذ المحرر شكل الكتابة شريطة أن تكون مفهومة لدى العامة أو على الأقل لدى فئة محددة من الناس و بذلك يخرج من نطاق المحررات كل أشكال التعبير من الفكر الإنساني و التي تأخذ شكل الكتابة حتى و لو كانت أكثر تعبير أو دلالة في الإثبات عنها و مثال ذلك الصور و غيرها فالكتابة هي الشكل الوحيد الذي يجب أن تقوم عليه المحررات .
    و نرى أن تكون الكتابة قد دونت بخط اليد أو آلة طباعة كما يشترط أن تكون بلغة معينة ، كما لا يهم في المحررات المادة التي سطر عليها إذا كانت جلدا أو ورقا.
    يشترط في المحرر أن تكون الكتابة المدونة فيه منسوبة صدورها إلى شخص معين أو جهة معينة، فإذا جهل مصدره فلا يعتبر محرر بالمعنى المقصود.
    و الشخص المصدر للمحرر ليس بالضرورة من خطه أو تولى طبعه و إنما هو مصدر مضمونه و الذي إتجهت إرادته إلى الإرتباط بمضمونه و الشخص المصدر هو من أملاه إذا دون بواسطة غيره و هو الأصيل إذا أملاه نائبا عنه
    و تنفي صفة المحرر عن كل مكتوب لا يكشف بالإطلاع عليه عن شخصية مصدره كاالشكوى التي تقدم من مجهول، و لايشترط في التوقيع شكلا معينا قد يكون بخط اليد أو بالبصمة و عادة ما يكمل المحرر بالتاريخ و المكان الذي حرر فيهما .
    الفرع الثالث: المحررات الرسمية
    المحررات الرسمية هي تلك المحررات و العقود ذات الدليل الكتابي الذي يأتي في مقدمة أدلة الإثبات و هي سندات رسمية حسب المادة 324 من القانون المدني[2].
    و لكي تضفي عليها صفة الرسمية يجب أن تتوافر فيها ثلاث شروط[3].
    - أن يحررها موظف عمومي أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة .
    - أن يكون الموظف أو الضابط العمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة.
    -أن يكون الموظف أو الضابط العمومي مختص من حيث الموضوع و الشكل و المكان.
    - أن يراعى في تحريره أوضاع القانون المقررة
    فإذا تخلف شرط من هذه الشروط لا يكتسب المحرر صفة الرسمية و يعتبر باطلا، غير أنه لا يعتبر مجردا من كل قيمته ، فإنه يتحول إلى محرر عرفي بشرط أن يوقع عليه ذوي الشأن بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم.
    و تعتبر المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود معينة أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا.
    و تكون للمحررات الرسمية حجية في الإثبات بالنسبة لما دون فيها من أمور قام بها الموثق في حدود مهنته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره، و إذا أراد شخص أن يطعن في صحة المحرر ليس أمامه سوى الطعن بالتزوير .
    الفرع الرابع : المحررات العرفية
    المحرر العرفي لا يصدق عليه وصف المحرر الرسمي ، و هي المحررات الصادرة عن الأفراد دون أن يتدخل موظف عام في تحريرها و لا تتوافر فيها إذن أية صفة رسمية و تكتسب الحجية إذا كانت موقعة من الشخص الذي نسبت إليه و أن تكون مكتوبة بخطه.
    و من قبيل المحررات العرفية المحررات الصادرة عن أحد الأفراد أو هيئة خاصة و كذا المحررات الصادرة عن موظف عام مختص بتحريرها و كذلك الرسائل و الخطابات الخاصة و الأوراق المنزلية و المحررات العرفية نوعان : محررات عرفية معدة للإثبات و محررات عرفية غير معدة للإثبات، الأولى يشترط لصحتها التوقيع ممن هي حجة عليه و لايلزم في المحررات أي شكل خاص، فكل ما يكتب و يؤدي المعنى يعتبر كافيا، و لا تهم اللغة التي كتبت بها، و التوقيع يكون بإمضاء الشخص نفسه كما يكون أيضا بالختم أو ببصمة الأصبع و إذا خلت المحررات العرفية من التوقيع أصبحت لا قيمة لها إلا إذا كانت مكتوبة بخط المدين فإنها تصبح مبدأ ثبوت بالكتابة .
    و المحررات العرفية لا تكون حجة إلا إذا لم ينكر من نسبت إليه ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة و لابد أن يكون الإنكار صريحا.
    أما المحررات العرفية غير المعدة للإثبات فهي عبارة عن الرسائل و البرقيات و دفاتر التجار و الأوراق المنزلية .
    الفرع الخامس : المحاضر
    المحاضر هي الأوراق التي يحررها موظف الضبطية القضائية و الموظفون المختصون بما يشاهدونه من جريمة و ما تقوم عليه من أدلة أو بما يقفون عليه من ظروفها و بما يعلمونه عن فاعليها، و قد أخذت كلمة المحاضر من الإصلاح الفرنسي procès verbal ، المحضر الشفهي، و أصل هذا الإصطلاح هو أن الموظفين كانوا فيما مضى يجهلون القراءة و وكانوا يروون ما يشاهدونه شفهيا.
    و المحاضر لا تكون لها حجيتها القانونية وقوتها في الإثبات إلا إذا توافرت فيها الشروط التالية حسب نص المادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية .
    1- الشروط الموضوعية :
    و هو أن يكون المحضر صحيحا و المقصود بالصحة هنا أن يتضمن المحضر معلومات مطابقة للحقيقة و الواقع.
    - أن يكون المحضر وافيا و دقيقا و واضحا.
    - أن يكون المحضر محرر بصياغة و أسلوب واضحين .
    2-الشروط الشكلية : يجب تحرير المحضر طبقا للإشكال التي نص عليه أحكام قانون الإجراءات الجزائية و من تلك الشكليات الواجب مراعاتها في مرحلة جمع الإستدلالات ما نصت عليه المادة 52 من قانون الإجراءات الجزائية من تضمين محضر الإستجواب كل شخص محتجز تحت المراقبة عدد الإستجوابات ، فترات الراحة و ساعة إطلاق سراحه.
    و ضرورة توقيع الشخص المعني على هامش المحضر و تحرير المحضر في الحال و توقيع كل ورقة من أوراقها و يجب أن يكون المحضر مؤرخا و ممهورا بخاتم الوحدة التي ينتمي إليها من حرره و يسجل في سجل المحاضر.
    و يجب أن يحرر المحضر الموظف أثناء أداء مهامه و وظيفته و أن يحترم فيها قواعد الإختصاص سواء الإختصاص الشخصي أو النوعي أو المحلي.
    * أنواع المحاضر : هناك أنواع في المحاضر هناك : المحاضر المعمول بها حتى ثبوت التزوير فيها و هناك محاضر معمول بها حتى ثبوت ما يخالفها و هناك محاضر التي تعبر كمجرد معلومات لا غير:
    - المحاضر المعمول بها حتى ثبوت التزوير : هذه المحاضر تتعلق بالجرائم التي يصعب إثباتها فيما لو تلاشت آثارها و التي لا يمكن الإعتماد على الأفراد في ملاحقتها و جمع الأدلة عليها فهي ترتبط إجمالا بمصالح الدولة، و هذه المحاضر هي أدلة قانونية ملزمة للمحكمة بصورة قاطعة ما لم يعترض المخالف و يثبت تزويرها ، و إذا تحقق القاضي من بطلان المحضر لمخالفة الأصول الشكلية أو الموضوعية توقف عن متابعة النظر في المخالفة فيما لو كان القانون الذي نص على المخالفة قد إشترط إثباتها تنظيم محضر إعتبره إستثناء السبيل الوحيد إلى الملاحقة بها من دون أية وسائل إثبات أخرى، أما إذا لم يكن كذلك أي إذا كان جائزا عملا بالمبدأ العام إثبات المخالفة بطرق أخرى و كانت الجهة طالبة الملاحقة قد أصرت على متابعتها و عرضت أدلة جديدة واصلت المحكمة النظر في الدعوى و كان لها أن تستند إلى طرق الإثبات المقررة و المقبولة و أن تقدر الأدلة و ما أدلى به من حجج و دفوع أثناء المحكمة، و إذا أقدم أحد أطراف الدعوى طالبا قبول البينة في حال الملاحقة على أساس محضر معمول به حتى ثبوت تزويره وجب على المحكمة أن لا تقبله إلا إذا ثبت أنه لا يتعارض بصورة مباشرة أو غير مباشرة مع مضمون المحضر و قوته الثبوتية.
    و لا يجوز للمحكمة أن تناقش في الوقائع المادية التي تضمنتها هذه الفئة من المحاضر التي تعتبر حجة حتى ثبوت التزوير و ليس لها أن تستمع إلى الشهود إثباتا لما تخالفها أو تجري تحقيقا بنفسها للغاية ذاتها، لأن ذلك يؤدي إلى قبول نية العكس ، و هذا غير جائز، و للمحكمة أن تقدر ظروف المخالف الشخصية و مدى مسؤوليته الجزائية تحكم عليه في ضوء ما قدرته، و لا تكون قد مست بما جاء في المحضر إذا قالت بوقوع المخالفة من الناحية المادية و إحتفظت بنفسها بحق تقدير التبعة الشخصية و ملابساتها و ظروفها ، و تفسير ذلك هو أن للمحضر قوته بالنسبة إلى وقائع الجريمة المادية و ليس بالنسبة إلى إكتمال عناصرها القانونية و المعنوية.
    * المحاضر المعمول بها حتى ثبوت ما يخالفها : هذه المحاضر التي لها حجة عن الفاعل و ملزمة للمحكمة ما لم يقم الدليل على عكسها و قد أعطت القوانين القوة الثبوتية لهذه المحاضر ما لم يثبت ما يخالفها و أحيانا قد يقدم عليه أو المتهم دليله ما يخالف المحضر .
    ففي مثل هذه الحالة هل يحق للقاضي أن يطلب من منظم المحضر أدلة أخرى، الرأي الغالب هو أنه يكون للدائرة المختصة أن تعرض أدلة إضافية ، غير أنه ليس للقاضي أن يمتنع عن الأخذ بالمحضر إذا لم يقدم المتهم نفسه ما يثبت عكسه، و الدليل العكسي قد يكون عن طريق وثائق خطية أو أدلة أخرى تستهدف إلى نفي الفعل أصلا أو تعديل وصفه لإزالة طابعه الجزائي أو إستبعاد المخالفة عمن نسبت إليه .
    و إذا تجمعت في الدعوى أدلة إثبات و أدلة نفي وازن القاضي و قدرها و توصل من الموازنة و التقدير إلى الحكم الذي يرتاح إليه، و إذا جاء حكمه قاضيا بالبراءة مخالفا لما ورد في المحضر وجب تبيان الأدلة المبررة لعدم الأخذ بهذا المحضر.
    * المحاضر التي ليس لها قوة إلزامية بل مجرد معلومات و يدخل في هذه الفئة مثلا :
    - التقارير التي يحررها أفراد الشرطة و الدرك ممن ليس لهم صفة الضبطية القضائية.
    - المحاضر التي ينظمها ضباط شرطة لم تراعى فيها الشكليات القانونية

    و هذه المحاضر متروكة لتقدير القضاء يأخذ بها أو يهملها و يرجح عليها أدلة أخرى و له أن يدعمها بأدلة أخرى و للمتهم الطعن فيها يدحضها بدليل آخر.


    يتبع ...
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

     الموضوع : الاثبات الجزائي Empty رد: الموضوع : الاثبات الجزائي

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 2:06 am




    المبحث الثالث : الخبرة و الإنتقال للمعاينة

    المطلب الأول : الخبرة

    تنص المادة 219 من قانون الإجراءات الجزائية " إذا رأت الجهة القضائية لزوم إجراء خبرة فعليها إتباع ما هو منصوص عليه في المواد 143 إلى 156 من قانون الإجراءات الجزائية، و رغم أن هذه الأحكام ليست خاصة إلا بقاضي التحقيق و لكنها تتبع على مستوى جهات التحقيق المتمثلة في قاضي التحقيق و قاضي الأحداث و غرفة الإتهام و على مستوى جهات الحكم و نعني بذلك قضاة المحاكم الفاصلة في مواد الجنح و المخالفات أو قضاة المجلس أو أمام محكمة الجنايات.

    الخبرة الجزائية هي إبداء رأي فني من شخص مختص فس شأن واقعة ذات أهمية في الدعوى الجزائية و هي إجراء غير إجباري على القاضي بل هو إجراء إختياري يمكن العمل به أو تركه، غير أن معاينة بعض الجرائم تتطلب أحيانا دراسة خاصة ببعض العلوم لا تجدها في رجل القانون.

    يختار الخبراء من الجدول الذي تعده المجالس القضائية و يجوز للجهة القضائية بصفة إستثنائية أن تختار بقرار مسبب خبراء غير مقيدين بهذا الجدول، إن القاضي حر في إختيار كل شخص يراه أهلا للقيام بمهمة معينة بشرط أن يتخذ بقرار مسبب نذكر فيه الأسباب و الظروف الذي جعلته يلجؤ إلى مثل هذا الإختيار و يكون تحت طائلة البطلان.

    الفرع الأول : الإجراءات السابقة لإنجاز الخبرة

    أولا : صدور أمر من القاضي

    يجب أن يصدر أمر من الجهة القضائية حتى يشرع الخبير في أداء مهامه.

    - إسم و لقب القاضي

    - هوية المتهم و التهمة المنسوبة إليه

    - إسم و لقب الخبير و مهمته و عنوانه

    - التوقيع المطلوب إنجازها و المهلة الواجب إيداع التقرير خلالها

    يجب أن تكون الخبرة في شكل أسئلة مطروحة على الخبير و يجب أن تكون واضحة و أن يجتنب القاضي طرح أسئلة ذات طابع قانوني.

    ثانيا : أداء اليمين

    أداء اليمين إجراء جوهري فبعدما يكتسب الخبير الصفة القانونية التي تمكنه من مباشرة أعماله و يتم ذلك أمام المجلس القضائي في جلسة خاصة يحرر على إثرها محضر يوقع عليه كل من الرئيس و الكاتب و الخبير.

    إن الخبير المقيد في الجدول يعفى من أداء اليمين أما غير المقيد فإنه يؤدي قبل مباشرته مهامه اليمين القانونية أمام القاضي المشرف على الخبرة .

    ثالثا : تبليغ بأمر بتعيين الخبير

    يبلغ الخبير بأمر تعيينه غالبا عن طريق الشخص الذي تعنيه الخبرة، كما يمكن أن يرسل الأمر كما يمكن أن يرسل الأمر عن طريق البريد أو عن طريق إخطار من المحكمة التي عينته.

    الفرع الثاني : سير الخبرة

    أولا : أداء الخبير لمهمته

    يشرع الخبير لأداء مهامه بمجرد تسلمه لأمر تعيينه و يتمتع خلال قيامه بذلك بحرية التصرف و إختيار الوسائل الفنية التي يراها مناسبة و التي تمنكنه من الإجابة على أسئلة القاضي فله سماع أي شخص معين بإسمه قد يكون قادرا على مده بالمعلومات ذات الطابع الفني و لهم ايضا في سبيل جمع المعلومات و في الحدود اللازمة في أداء مهمتهم أن يتلقوا أشخاص غير المتهم و إذا رأو محلا لإستجواب المتهم فإن هذا الإجراء يقوم به بحضور القاضي المشرف عليه على أن تراعى في جميع الأحوال الأوضاع و الشروط المنصوص في المادتين 105/106 من قانون الإجراءات الجزائية و يجب على الخبير عند قيامه بمهامه أن يكون على إتصال بالقاضي المعين له و أن يحيطه علما بتطروات الأعمال التي يقومون بها و يمكنوه من كل ما يجعله في كل حين قادرا على إتخاذ الإجراءات اللازمة.

    الفرع الثالث : تحرير و إيداع التقرير

    التقرير هو خلاصة أعمال الخبرة يتناول مختلف الإجراءات التي بشرها الخبير و يتضمن النتائج التي توصل إليها يودع، و بعد تحرير التقرير و التوقيع عليه يودع الخبير التقرير على النسختين بين يد كاتب الجهة التي أمرت بلاخبرة و التي يقوم بتحرير محضر عن ذلك و يوقع عليه مع الخبير إشهادا على عملية الإيداع بإعطائها تاريخا ثابتا و كذا يعترف بالخبير في هذا المحضر بأنه قد قام شخصيا بالمهمة ثم يتحصل الخبير على أتعابه بأمر بدفع هذه المبالغ من خزينة الدولة .

    الفرع الرابع : حجية الخبرة في الإثبات

    تعتبر الخبرة من بين الأدلة التي يمكن للقاضي أن يبني عليها إقتناعه، غير أن المادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية قد قيدت قوتها الثبوتية بشروط فنصت على أنه لا يكون للمحضر أو التقرير قوة الإثبات إلا إذا كان صحيحا في الشكل و يكون قد حرره واضعه أثناء مباشرة أعمال وظيفته و أورد فيه موضوعا داخل في نطاق إختصاصه ما قد رآه أو سمعه أو عابنه بنفسه و القاضي غير مقيد بقرار الخبرة و له أن يأخذ بها أو أن يستبعدها بحسب إقتناعه بصواب الأسباب التي بنيت عليها أو الإعتراضات التي وجهت إليها من باب السلطة التقديرية للقاضي، فرأي الخبير غير ملزم للقاضي و تشكل الخبرة بالنسبة إليه وسيلة من وسيلة الإقناع و لكنه في الواقع نجد أن حكم القاضي يبنى على رأي الخبير لأنه منطقي لا يمكن إسبعاد نتائج الخبرة و ذلك طبيعة الأعمال التي قام بها الخبير و مؤهلاته الخاصة تجعل من الخبرة إجراء يفلت من مراقبة القاضي .


    الفرع الخامس : تطبيقات عن الخبرة

    أولا : الخبرة الطبية

    ينتدب القاضي طبيبا له تأهيل خاص و لاسيما عندما تطرح عليه مسألة فنية خارج عن نطاق تدخل الطب العام و يتطلب تأهيلا خاصا مثل الطب الشرعي، الطب الشرعي علم يعتمد على تقديم الأدلة المحسوسة بتقارير طبية شرعية و تشكل مسائل التشريح أهم أعمال الطب الشرعي فالخبير يحدد سبب الوفاة و الوسيلة التي أستخدمت و تحديد زمن وقوع الجريمة و طبيعة الجروح و الإصابات و محتلف هذه المسائل الطبية يتم تدوينها في تقارير طبية.

    ثانيا : الخبرة النفسية

    يجب أن تكون مهمة هذه الخبرة محددة و غالبا ما تتعلق هذه الخبرات بمدى مسؤولية المتهم و حالته النفسية وقت وقوع الجريمة و يتم طرح السؤال على الأطباء كالتالي :

    هل الفحص النفسي للمتهم يشير إلى وجود أمراض نفسية أو عقلية ؟ هل توجد علاقة بين الجريمة المنسوبة إليه و هذه الأمراض ؟ و هل تشكل الأمراض خطر على المتهم نفسه أو على غيره؟ و هل يمكن إخضاع المتهم للعقوبة ؟ .

    ثالثا : الخبرات الفنية في بعض الجرائم

    تتعلق أساس بجرائم المخدرات و يلجؤا إلى الخبرة لتحديد طبيعة المادة محل الجريمة فيما إذا كانت صنفا من اصناف المخدرات أما لا، و يستعمل لذلك تقنيات عيددة منها تصوير الأشعة المنعكسة على النباتات المخدرة فقد ثبت علميا أن خاصية النباتات أنها تعكس أشعة الموجات الضوئية و درجت إنعكاس هذه الأشعة و كميتها تحدد نوع النبات موضوع الخبرة و ذلك عند إستعمال الأشعة تحت الحمراء لكشف التبيان بين النبات المخدر و نبات أخر يشبهه .


    المطلب الثاني : الإنتقال للمعاينة

    الفرع الأول : مفهوم الإنتقال للمعاينة

    نصت المادة 235 من قانون الإجراءات الجزائية " يجوز للجهة القضائية إما من تلقاء نفسها أو بناءا على طلب النيابة العامة أو المدعي المدني أو المتهم أن تأمر بإجراء الإنتقالات و يحرر محضر لهذه الإجراءات ".

    الإنتقال للمعاينة هي إجراء بمقتضاه ينتقل المحقق و المحكمة إلى مكان وقوع الجريمة ليشاهد بنفسه و يجمع الآثار المتعلقة بالجريمة و يكيفية وقوعها و كذلك جميع الأشياء الأخرى التي تفيد في كشف الحقيقة، و توجه المحقق لمكان الجريمة لمباشرة إجراء من إجراءات التحقيق متروك لتقدير المحقق وفقا لإختياره حرصا على صالح التحقيق و سرعة إنجازه .

    الإنتقال للمعاينة يهدف :

    1- جمع الأدلة التي خلفتها الجريمة كرفع البصمات و تقصي الآثار و تحليل الدماء و البحث عن كل ما يفيد إظهار الحقيقة.

    2- إعطاء المحقق فرصة ليشاهد بنفسه على الطبيعة مسرح الجريمة حتى يتمكن من تمحيص الأقوال التي أبديت حول كيفية وقوع الجريمة و تقديم المسافقات و مدى الرؤية و غيرها.

    و يجب على المحقق إثبات حالة المكان و وصفه و بيان مدى إمكان وقوع الجريمة بالشكل الذي ورد لعى لسان المجني عليه و الشهود و كذلك إثبات حالة الأشخاص و الأشياء الموجودة بمكان الجريمة و رفع الأثار المتعلقة بها و يقوم بعمل التجارب المختلفة و تصوير الحادث ،ويجب الإسراع إلي الإنتقال للمعاينة حتى لا يتطرق الشك إلا الدليل المستفاد منها و ذلك إذا ما إنقضت فترة بين وقوع الجريمة و إجراء المعاينة، و تأمر المحكمة بالإنتقال بواسطة الحكم تصدره في جلسة علنية تعين اليوم و الساعة الذين يحصل فيهما الإتنقال، كما يجوز للمحكمة أن تعين أهل خبرة في حال تواجدها بمحل الواقعة و لها سماع الشهود الذين ترى لزوم سماع شهادتهم ، و لما كان إنتقال المحكمة للمعاينة هو جزء من التحقيق النهائي الذي تجريه في الدعوى وجب أن تتوفر فيه سائر شروط التحقيق في الجلسة من حضور و علانية ، إذ أن الجلسة تعتبر مستمرة خارج قاعة المحاكمة التي تعقد فيها عادة، و إذا كان القاضي ملزم بإتباع الشروط المطلوبة قانونا في إجراء المعاينات و تحرير محضر الإنتقال إلا أنه و على العكس من ذلك يتمتع بسلطة واسعة في تقرير ما تسفر عنه المعاينة إذ أنه يخضع في تقدير نتائج المعاينة فيما يمليه عليه ضميره و إقتناعه الشخصي.

    الفرع الثاني بعض أنواع المعاينات

    1-المعاينة الكتابية : يعد الوصف الكتابي من أهم الوسائل و أقدمها حيث يتم تسجيل وقائع الحديث بصورة صادقة ، إن الهدف من هذا التسجيل هو إمكان تصور حالة الجريمة وقت حدوثها و المكان الذي أرتكبت فيه و تدوين أقوال كل من له علاقة بالحادث و الإجراءات التي إتخذت بواسطة المحققين و الخبراء فيقوم المحقق أو القاضي مثلا بوصف مكان الحادث فيما إذا كان مسورا و وصف الحجورات وصفا دقيقا من حيث نوافذها و أبوابه ، كما تشمل المعاينة الأثاث فيما إذا كان مرتبا او مبعثرا كما يصف المعاين الجثة من حيث حالتها و موضعها...إلخ.

    2-المعاينة الهندسية : إن المعاينة الهندسية لمكان الجريمة في حادث قتل مثلا تبين لنا بدقة مساحة المكان وطرق الوصول و الخروج منه و توضيح مكان الجثة و بعدها أو قربها عن الأماكن الثابتة، و نظهر أهمية المعاينة الهندسية في جرائم الحرائق و حوادث المصادمات لأن حكم القاضي يتوقف في هذه الأخيرة على معاينة إتساع الطريق و إتجاه و بعد السيارة التي نجم عنها الحادث و أماكن تناثر الزجاج...إلخ.

    الخاتمة :
    تعتبر وسائل الإثبات ضمانا لحريات و حقوق الأبرياء و منعا للتجاوزات اللاشرعية و جميع الوسائل المشبوهة ، و لقد أعطى لامشرع للقاضي الجزائي السلطة في تقدير هذه الأدلة و الوسائل لاتي تقدم إليه ، و هذه السلطة لا تنحصر في وسائل معينة بذاته بل تمتد بكل الوسائل و الأدلة و هذا تطبيقا لمبدا حرية الإثبات التي نتج عنها مبدأ حرية إقتناع القاضي الجزائي بالدليل المقدم أمامه ، و لكن بالرغم من كل ذلك فإن النتائج التي نتوصل إليه بإعمال وسائل الإثبات قد تكون ناقصة و لهذا كان من الضروري إدخال الطرق العلمية و الحديثة في ميدان الإثبات الجزائي التي تعتبر أكثر دقة و قليلة الأخطاء و أخيرا فإن مبدأ حرية الإثبات تقترن مع مبدأ البراءة الأصلية و التي تتماشى أيضا مع مبدأ الإقتناع الشخصي للقاضي الجزائي و كل ذلك يهدف إلى غاية واحدة و هي إظهار الحقيقة و إرساء قواعد العدالة التي هي أساس قيام دولة القانون.


    منقول

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:34 am