عوارض الخصومة( وقفها أوإنقطاعها)
مقدمة:
إن الخصومة القضائية هي ذلك الأثر المباشر الناتج عن استعمال الدعوى والتي ترتكز على المطالبة القضائية إذ تنتج هذه المطالبة أثناء تقديمها للقاضي ما يصطلح عليه بالخصومة القضائية، وهذه الأخيرة تقوم على مجموعة من الإجراءات تتجسد في أشكال محددة ينبغي احترامها قانونا من طرف القاضي الذي هو ملزم بالإشراف عليها إلى غاية آخر مرحلة فيها وكذلك الخصوم الذين هم ملزمون باحترام مبدأ المواجهة بينهم ولذلك فإن القاعدة العامة المتعارف عليها هو أن تتابع إجراءات الدعوى إلى حين انقضاءها بصدور حكم منهي لها من قبل القاضي وهو الطريق المألوف لإنهاء جميع المنازعات بين الأفراد.
المبحث الأول : وقف الخصومة
نعني بوقف الخصومة عدم السير فيها بناءاً على اتفاق الأطراف أي المدعي والمدعى عليه أو بحكم من القاضي أو القانون ، وهنا توقف الخصومة رغم صلاحيات ووجود أطرافها.
ويتضح من ذلك أن وقف الخصومة يتخذ عدة صور وذلك مرده إلى تعدد وتنوع أسباب الوقف .
فكما أسلفنا قد يكون الوقف باتفاق الخصوم وهنا يكون لنا مجال للحديث عن وقف اتفاقي، وقد يكون بحكم من المحكمة فنكون أمام وقف قضائي، وأحيانا أخرى إلى جانب الوقف الاتفاقي والقضائي قد يعمد المشرع إلى النص على بعض الحالات التي تؤدي إلي الوقف وعليه سنتعرض إلي الحديث عن أسباب الوقف المذكورة تباعا فيما يلي:
المطلب الأول: أسباب وقف الخصومة
الفرع الأول: وقف الدعوى الاتفاقي
أ- وجود اتفاق بين أطراف الخصومة على عدم السير فيها : وهو تعبير عن إرادة الطرفين المدعي والمدعى عليه، وهذا الاتفاق هو عبارة عن تصرف قانوني إجرائي تلعب فيه إرادة الطرفين دورا هاما، وليعتدد القانون بصحة هذا الاتفاق يشترط هذا الأخير أن يكون بين جميع أطراف الخصومة أصليين كانوا أو متدخلين، وقد قضت محكمة النقض، أن الاتفاق على وقف الخصومة كما يصح أن يكون بين الخصوم أنفسهم يصح أن يكون بين وكلائهم وهم المحامون الحاضرون عن هم .
وقد يكون باعث هذا الاتفاق رغبة الخصوم في إجراء مفاوضات الصلح خارج جلسات المحكمة أو بسبب سفرهم جميعا، ولم يحدد القانون سبب أو باعث معين للاتفاق كما أنه لم يتطلب هذا الباعث، ولكن وقفا للقواعد العامة لابد أن يكون هذا الباعث مشروعا .
هذا وأن المحكمة لا يسوغ لها أن توقف الخصومة بناء على أحد طرفيها إذ لا بد من اجتماع إيجاب و قبول كلا الطرفين لان الاستجابة لطلب أحدهما منفردا دون رغبة الطرف الآخر أو من ينوب عنه يؤدي إلى الأضرار به .
ب- أن لا تزيد مدة الوقف للمدة القانونية المحددة
ج- إقرار المحكمة للاتفاق :يعد الحكم الصادر عن المحكمة محصن لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن.
الفرع الثاني: الوقف القضائي: (أو وقف الخصومة بحكم من المحكمة)
تتميز هذه الصورة بأنها تتم بناء علي حكم المحكمة المعروض عليها النزاع، ولا يخرج حكم المحكمة بالوقف عن أحد الفرضين:
إما كجزاء لتهاون المدعي عن القيام بإجراء في ميعاده المحدد أو عدم احترامه لإجراء معين .
الفرع الثالث: وقف الخصومة بحكم القانون
قد ينص القانون في بعض الحالات على وقف الخصومة بسبب تقديم طلب معين يتحتم معه وقف الخصومة القضائية ومنع السير فيها، ومتى قام سبب من هذه الأسباب تقرر المحكمة وقف الخصومة " ولكن حكم المحكمة هنا لا يعد سوى تقرير لحكم القانون وعليه تعد الخصومة موقوفة لا من يوم حكم المحكمة وإنما من يوم نشوء السبب ".
المطلب الثاني: أثار الوقف ومصير الخصومة الموقوفة:
بعد توافر جميع أسباب وقف الخصومة وبعد حكم المحكمة به يثور التساؤل حول الآثار الناجمة عن هذا الوقف بالإضافة إلى مصير الخصومة الموقوفة.
الفرع الأول: الآثار المترتبة عن وقف الخصومة
هناك مجموعة من الآثار يمكن ذكرها تباعا فيما يلي:
1- بقاء الخصومة قائمة رغم وقفها وكذا جميع الإجراءات اللاحقة التي اتخذت في الخصومة مما يجب القول معه أن الدعوى تبقى منتجة لكافة آثارها ومن أهمها التقادم، " وفي حالة الوقف يوقف التقادم وعند انتهاء حالة الوقف بانتهاء سببه يعاد السير في الخصومة من النقطة التي وقفت عندها مع الاعتداد بجميع الإجراءات السابقة".
2- عدم السير في الدعوى إذ يكون باطلا كل إجراء يتخذ فيها قبل انقضاء مدة الوقف أو زوال سببه ولكن ذلك لا يمنع من اتخاذ إجراءات تحفظية مستعجلة في الخصومة إذا استدعى الأمر ذلك.
3- وقف المواعيد الخاصة بالإجراءات، فلا يبدأ سريان الميعاد أثناء مدة توقف الخصومة إذا لم يبدأ بعد، وفي حالة سريان الميعاد قبل الوقف ولم ينته فإن هذا السريان يوقف إلى حين انتهاء حالة الوقف، ولكن يستثنى من ذلك الوقف الاتفاقي والذي يقتصر أثره على الإجراءات التي لم يحدد لها القانون ميعاد حتميا.
الفرع الثاني: مصير الخصومة الموقوفة
كما رأينا سلفا فإن هذه الخصومة رغم وقفها إلا أنها تعد قائمة، لكن لا تبقى موقوفة إلى الأبد وإنما تنتهي إلى أحد الأمرين إما السير فيها من جديد عن طريق تعجيلها وإما انقضاؤها انقضاء مبتسر.
1- تعجيل الخصومة: يقصد به مباشرة الدعوى عن طريق تعجيلها أما عن الطريقة التي يتم بها تعجيل الخصومة فهي تقديم أحد الخصوم طلب لتحديد جلسة لنظر الدعوى وتكليف خصمه بالحضور إليها وغالبا ما يقوم بهذا العمل المدعي، ويشترط أن يتم التعجيل بعد انتهاء فترة الوقف الاتفاقي أو الجزائي أو بعد زوال سبب الوقف كما هو الحال في الوقف التعليقي والوقف بحكم القانون.
2- انقضاء الخصومة انقضاء مبتسر: في حالة عدم تعجيل الخصومة بعد انتهاء مدة الوقف فإن الخصومة تنتهي تبعا لذلك.
المبحث الثاني: انقطاع الخصومة:
يقصد بانقطاع الخصومة عدم السير فيها بحكم القانون بسبب طارئ يحدث في حالة أو مركز أحد الخصوم أو من يمثله قانونا، ويعرف الأستاذ فانسان الانقطاع على أنه:" هو عدم السير في الخصومة بحكم القانون بسبب تغيير يطرأ على حالة أو مركز أحد أطراف الخصومة يأثر في صحة الإجراءات
المطلب الأول: شروط انقطاع الخصومة
كما أسلفنا فإن انقطاع الخصومة يتحقق بتوفر السبب العارض والذي قد يمس أحد الخصوم أو مركزه القانوني كطرف في الدعوى كوفاة أحد الخصوم مثلا أو فقدان أهليته أو قد يتصل السبب بالشخص الذي ينوب عن صاحب الحق في الدعوى كوصي مثلا فقد صفته.
الفرع الأول: تحقق سبب من أسباب انقطاع الخصومة
"يميز المشرع الجزائري بين الأسباب التي تؤدي إلى الانقطاع حسب الجهة القضائية التي تعرض عليها الدعوى ".
1- في حالة عرض النزاع أمام المحكمة أو المجلس القضائي فتنقطع الخصومة لوفاة أحد الخصوم أو تغير أهليته وذلك قبل أن تكون القضية مهيأة للفصل فيها.
2- في حالة عرض الدعوى أمام المحكمة العليا فتنقطع الخصومة لأمرين:
أ- وفاة أحد الخصوم.
ب- وفاة المحامي أو تنحيه أو عزله أو شطبه.
ومن جهتنا نرى بوجوب التسوية بين حالات الانقطاع أيا كانت الجهة القضائية الموجود أمامها النزاع وذلك اتباعا لما يلي:
• تغير أهلية المدعى عليه في الطعن بالنقض بين مرحلة تبليغه عريضة الطعن وتوكيله محاميا هي وضعية تستدعي انقطاع الخصومة.
• لا يعتبر المحامي سوى وكيل في الخصومة ويفترض أن تطابق أقواله موقف موكله ولا موقف للموكل قانونا إلا إذا كان كامل الأهلية.
المطلب الثاني: آثار الانقطاع ومصير الخصومة المنقطعة
لما تصدر المحكمة حكمها بانقضاء الخصومة عن طريق الترك، وبعد التحقق من توافر شروطه، ولكن ما يلاحظ أن حكم المحكمة ما هو إلا حكم تقريري وليس إنشائي بمجرد تحقق هذه الشروط ويمكن ذكر بعض الآثار المترتبة عن طريق الخصومة فيما يلي:
إلغاء جميع إجراءات الدعوى وكافة الآثار القانونية المترتبة عن قيامها: بما في ذلك آثار العريضة الافتتاحية، ولكن هذا الأثر لا يمتد إلى الحق الذي رفعت لأجله الدعوى إذ يكون لصاحب هذا الحق إمكانية رفع دعوى من جديد ما لم يكن هذا الحق قد انقضى بالتقادم.
هذا وقد ينصب الترك على إجراء من إجراءات الخصومة كطلب تعيين خبير أو طلب خروج المحكمة للمعاينة فيقتصر أثر الترك على هذا الإجراء ولا يسري على باقي الإجراءات، وقد ينتج الترك أثره في أي جهة على الإجراءات المتبعة أمام هذه الجهة دون غيرها كما يحكم على طالب ترك الخصومة بالمصاريف القضائية ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma