الفرق بين الاحكام الابتدائية و النهائية و بين التمهيدية و التحضيرية
--------------------------------------------------------------------------------
يعتبر الحكم القضائي النهاية الطبيعية التي تختم بها الخصومة القضائية، و ينطبق هذا المدلول
على الأحكام القطيعة التي تفصل في موضوع النزاع بصفة نهائية، غير أن هناك نوعان من
الأحكام تتعلق ب سير الدعوى يكون الغرض منها اتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات و بالتالي لا
تحسم النزاع بصفة قطعية، يطلق عليها تسمية:
الأحكام التحضيرية و الأحكام التمهيدية.
فغالبا ما تطرح على جداول المحاكم خصومات يتوقف الفصل فيها على نقاط معينة تغيب عن
مدارك القاضي نظرا لخصوصيتها و تعلقها بموضوع يخرج عن تأهيله، و من ثمة يكون م ضظرا
قبل الفصل في جوهر النزاع أن يسند بعض المهام ذات الطابع الفني إلى ذوي الاختصاص من
الخبراء و الفنيين ، ليستنير برأيهم و ما قاموا به من أعمال لتوضيح النقاط و المسائل الفنية التي
يتوقف عليها الفصل في الخصام ، و يكون تعيين هؤلاء الخبراء بموجب أحكام قبل الفصل في
الموضوع . لكن الإشكال المطروح في الحياة العملية : متى يكون الحكم الذي يصدره القاضي قبل
الفصل في الموضوع بانتداب خبير تمهيديا و متى يكون تحضيريا ؟
هذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال هذا البحث ، لا ن التمييز بينهما تترتب عليه آثار هامة
كما سيأتي بيانه:
1
. مفهوم الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي.
2
. معايير التمييز بين الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي.
3
. أهمية التفرقة بين الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي.
الخاتمة
- 3 -
مفهوم الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي
هو الحكم الذي تصدره المحكمة
: jugement préparatoire -1 الحكم التحضيري
أثناء سير الدعوى بإجراء معيين دون أن تكشف عن وجهة نظرها فيه.
أمثلة عن الحكم التحضيري:
الحكم بندب خبير لرسم معالم الحدود الفاصلة بين الملكيات المتجاورة طبقا للمادة
703 من القانون
المدني.
الحكم بندب خبير للقول هل أن المدعى عليه استولى أو اعتدى على جزء من المساحة الأرضية
التابعة للمدعي، يعد حكما تحضيريا لأنه لا يستشف منه رأي القاضي و لا حتى الموقف الذي
سوف يتخذه، إنما يهدف إلى توضيح جانب من جوانب النزاع ليس إلا.
الحكم بإجراء خبرة في دعوى الغبن في بيع عقار متنازع فيه يعد حكما تحضيريا ، قرار المحكم ة
06
مجلية قضائية رقم 01 سنة 1990 ص 63 /03/ العليا رقم 34.834 المؤرخ في 1985
يستشف من خلال هذه الأمثلة أن الحكم التحضيري لا يحمل دلالة على اتجاه و قناعة المحكمة،
لأنه لا يمس بحقوق الأطراف المتخاصمة ولا يفصل في جانب من جوانب النزاع، و يمكن
الاستعانة لمعرفة ذلك بظ روف الخصومة التي صدر فيها الحكم و بالغرض المقصود من الإجراء
المأمور به و بموقف الخصوم و دفاعهم.
هو الحكم الذي يصدر أثناء سير
: jugement interlocutoire -2 الحكم التمهيدي
الدعوى، لغرض القيام بما من شأنه أن ينور المحكمة من التدابير و الإجراءات، و لكن ه يستشف
منه قليلا أو كثيرا عما ستقضي به المحكمة، و يتعرض لمصير النزاع، فضلا على أنع ينبئ عن
وجهة نظر معينة بالنسبة للمحكمة.
أمثلة عن الحكم التمهيدي:
تعيين خبير مختص في المحاسبة للقيام بتصفية حسابات الشركة ، و بيان نصيب كل واحد من
الشركاء على ضوء الصفقات التي أبرمت منذ تأسيس الشركة وفقا للفواتير المقدمة.
الحكم بندب خبير لتحديد الضرر الذي لحق المدعى و تقييمه نقدا، عن المساحة الأرضية المعتدى
عليها من قبل المدعى عليه.
- 4 -
الحكم بتسخير خبير لتصفية حسابات الشركة الفعلية ، يعد تمهيديا ، لأنه يقر بالوجود القانوني
للشركة و صحة تصرفاتها ، و يبين بصفة جلية اتجاه القاضي بشأن قبول الفعلي للشركة.
أمثلة يختلط فيها الحكم التحضير بالحكم التمهيدي:
يدق التمييز في بعض القضايا بين الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي ، إذ أن الحكم الوارد في
دعوى مماثلة يمكن أن يكون تحضيريا أو تمهيديا ، و سنورد أمثلة تطبيقية لتوضيح ذلك :
أ- الحكم بندب خبير لإعداد حصص ( مشروع قسيمة ) :
يكون تحضيري ا: إذا لم يفصل القاضي في أية نقطة قانونية متنازع فيها ، و هو ما أكدته
29
مجلة قضائية رق م: 01 /05/ 34 مؤرخ في 1985 / المحكمة العليا في القرار رقم: 970
لسنة
1989 ص 64 ( الحكم بتعيين خبير للبحث في مزاعم الأطراف و عند الاقتضاء القيام
بمشروع قسيمة معتمدا على فريضة يعد حكما تحضيريا) .
13
مجلة قضائية رقم 04 لسنة 1989 ص 95 /12/ 35 مؤرخ في 1984 / القرار رقم 351
( الحكم القاضي بتعيين موثق كخبير للقيام بإجراء حص ر مخلفات الهالك و إعداد فريضة و تحديد
مشروع قسيمة، حكما تحضيريا)
يكون تمهيدي ا : إذا فصل القاضي في مسألة أو في نقطة قانونية ، كأن يطالب أحد الورثة بتعيين
خبير لحصر مخلفات الهالك العقارية و إعداد حصص بشأنها، فيدفع باقي الورثة المدعى عليهم
بوقوع قسمة ودية دامت أكثر من
15 سنة و بالتالي أصبحت القسمة نهائية ( قسمة مهايأة )، ففي
هذه الحالة يجب على القاضي التحقق من توفر شروط صحة القسمة المزعومة ، فقد يرى بأن هذه
القسمة الودية باطلة لأنها لم تشمل جميع ذوي الحقوق من الورثة ، و بالتالي يستبعدها ، و يقوم
بتعيين خبير لحصر مخلفات الهالك ، ففي هذه الحالة يكون الحكم الصادر بتعيين خبير تمهيديا لا
تحضيريا، لان المحكمة فصلت في مسألة قانونية ، إذ أبطلت القسمة الودية.
01
مجلة قضائية / 12 / 43 مؤرخ في 1986 / و قد ذهبت المحكمة العليا في القرار رق م: 727
1993 عدد 3 ص 51 الحكم الذي يعين خبير لإعداد مشروع قسمة قي موضوع يتنازع فيه
الأطراف في حق الملكية ومدى أحقية المطعون ضدهم في الإرث هو حكم تمهيدي و ليس
تحضيري ، لان المحكمة قبلت مبدئيا بحق المدعين في الإرث بينما الحكم التحضيري هو الحكم
الذي لا ينبئ على اتجاه المحكمة و إنما يتعلق فقط بإجراء من إجراءات التحقيق الاثباتية.
- 5 -
ب- الحكم بندب خبير لتقدير تعويض الاستحقاق:
يكون تحضيريا إذا ما تم تعيين الخبير بموجب أمر استعجالي ، و هو ما أكدته المحكمة العليا في
04
مجلة قضائية 1989 عدد 2 ص 104 ( متى / 05/ 34 مؤرخ في 1985 / القرار رق م: 023
كان من المقرر قانونا، أنه إذا طالب المستأجر بتعويض الإخلاء جاز للطرف الذي يهمه التعجيل
أن يقيم دعواه أمام رئيس المحكمة الناظرة في القضايا الإستعج الية ليأمر باتخاذ الخبرة اللازم ة،
فإن هذه الأوامر التي يصدرها قضاة الاستعجال تعد أوامر تحضيرية لا تتصدى لصحة التنبيه
بالإخلاء لتعلقه بالموضوع، و إنه لما لهذه الأوامر من صفة تحضيرية فهي غير قابلة الاستئناف.
ومن ثمة نخلص إلى على أن الأمر الإستعجالي الذي يصدر بتعيين خبير لتقديم تعويض الإخلاء
الواجب دفعه للمستأجر مخلي المحل يكتسي طابعا تحضيريا للأسباب التالية.
1
) لأن قاضي الاستعجال لا يتصدى لصحة التنبيه بالإخلاء لتعلقه بالموضوع.
2
) الأوامر الصادرة من قضاء الاستعجال هي أوامر ذات طابع تحفظي و مؤقت و لا تمس
بحقوق الأطراف.
و يكون تمهيدي ا : إذا تم تعيين الخبير بموجب حكم قضائي صادر من محكمة الموضوع و يحدث
ذلك في حالة منازعة المستأ جر في صحة التنبيه بالإخلاء الموجه له من قبل المؤجر ، إذا في هذه
الحالة فإن الجهة المختصة بندب خبير هي محكمة الموضوع.
و نشير هنا أن الحكم القاضي بتعيين خبير لتقييم تعويض الاستحقاق يكتسي طابعا تمهيديا
للأسباب التالية:
1
)- لأنه يحسن مركز المؤجر في دعوى الذي سيسترجع محله.
2
)- لأنه يفصل في جانب من جوانب النزاع ، إ ذ القاضي بتعيينه للخبير يكون قد أقر بصحة
التنبيه بالإخلاء و بالتالي فصل في نقطة قانونية.
3
)– يستشف منه رأي القاضي في النزاع، الذي يكون قد اتجه نحو إلزام المستأجر بإخلاء المحل.
ج) الحكم بندب خبير في دعوى تعويض عن حادث سيارة:
يكون تحضيريا : إذا كلف الخبير في الحكم بتحديد كيفية وقوع الحادث واحتمالات الخطأ أو
الإهمال في جانب سائق السيارة.
( التأكد من وقوع الخطأ منجاب المدعى عليه).
- 6 -
و يكون تمهيديا : إذا انصبت مهمة الخبير على تقدير الخسائر التي لحقت المصاب م ن جراء
الحادث، إذ أن بحت المحكمة في مقدار الخسائر يدل على إقناعها بمسؤولية السائق و اتجاهها إلى
تحديد مقدار التعويض.
معايير التميز بين الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي:
لعدم وجود أي نص في قانون الإجراءات المدنية، يسمح بالتفرقة بين الحكم التحضيري و الحكم
التمهيدي، لاحظنا في الحياة العملية أحكاما و قرارات تصدر قبل الفصل في الموضوع دون أن
تعطي وصفا لذلك الحكم أو القرار، إن كان تحضيريا أو تمهيديا، إذ غالبا ما يكون المنطوق على
النحو التالي : ( حكمت المحكمة حال فصلها في القضايا ... علنيا حضوريا و قبل الفصل في
الموضوع بتعين السيد ... كخبير في قضية الحال تسند إليه...).
وعليه يمكن استخلاص المعايير التالية للتميز بينهما، و هذا من خلال استقراء الصادرة عن
المحكمة العليا بخصوص هذه المسألة:
أ) الفصل في جانب من جوانب النزاع:
يتميز الحكم التمهيدي عن الحكم التحضيري في أنه يفص ل في جانب من جوانب النزاع أي يفصل
في نقطة قانونية مطروحة و مثاله الحكم بتعيين خبير لتقدير تعويض الإخلاء الذي يتطلب من
القاضي الفصل في مدى صحة التنبيه بالإخلاء.
ب ) المساس بحقوق الأطراف:
الحكم التمهيدي يمس بحقوق الأطراف المتخاصمة، ففي حالة تعيين خبير لتقويم ا لأضرار التي
لحقت المدعي، تمس الذمة المالية للمدعى عليه التي ستفتقر على حساب اغتناء ذمة المدعي.
ت ) تحسين مركز أحد الخصوم:
يعتبر الحكم نهائيا إذا ترتب عليه تحسين مركز أحد الخصوم في الدعوى دون الخصم الأخر، أما
إذا أبقى الحكم الخصمين في مركزين متعادلين فهو حكم تحضيري.
ث ) إبداء القاضي قناعته و رأيه في موضوع النزاع:
الحكم التمهيدي يستشف من خلاله اتجاه المحكمة في موضوع الخصام، و ينبئ لصالح أي
الخصمين سيصدر، و مثاله الحكم بندب خبير لتقدير تعويض الاستحقاق الذي يستشف منه اتجاه
القاضي نحو الحكم لصالح المؤجر و ذلك بإلزام المستأجر بإخلاء العين المؤجرة.
- 7 -
أهمية التفرقة بين الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي:
تتجلى أهمية التفرقة بين الحكمين فيما يلي:
أ) من حيث الحجية:
بالنسبة للحكم التحضيري:
استقر رأي الفقه و القضاء على أن الحكم التحضيري لا يجوز حجية الشيء المقضي فيه، و هو
13
مجلة قضائية / 12 / 35 مؤرخ في 1984 / ما أكدته المحكمة العليا في القرار رق م: 351
1989 عدد 4 ص 95 ( حجية الشيء المقضى فيه – حكم تحضيري - لا يحوز هذه الحجية).
بالنسبة للحكم التمهيدي:
يجوز الحكم التمهيد ي الذي يفصل في جزء من الموضوع حجية الشيء المقضى فيه خلافا للحكم
245
مؤرخ في / التحضيري و هو ما أشارت إليه المحكمة العليا في القرار رقم : 09
.
03/03/1982 مجلة قضائية 1989 عدد 1 ص 26
21 قضى ب تقسيم /11/ ( حيث يتبين من وثائق القضية أن هناك حكما تمهيديا حرر بتاريخ 1974
المسؤولية بين الضحية و سائق الشاحنة العسكرية و بتعيين طبيب لتقدير العج ز. و أصبح هذا
الحكم حائزا على قوة الشيء المقضي فيه لعدم استئنافه.
و حيث أن الوكيل القضائي للخزينة العمومية ( باعتباره يتحمل المسؤول ية المدنية التي تعود على
27
/ 10 / سائق الشاحنة العسكرية ) لم يستأنف إلا الحكم الابتدائي الصادر على في 1976
القاضي عليه بدفع مبلغ مائة ألف دينار للمدعو . د . تعويضا عن الأضرار التي أصيب بها من
جراء الحادث و من ثم كان على المجلس في هذه الحالة إما أن يوافق على الحكم فيما قضى به
من تعويض أو ينقض من هذه ال تعويضات، حسب تقديراته و لا يجوز له أن يحكم بإبطال دعوى
المدعى الذي حاز حقوقا أصبحت ثابتة بمقتضى الحكم التمهيدي لان عريضة الاستئناف لا تشير
إطلاقا إلى استئناف الحكم التمهيدي الذي هو في الحقيقة في جزء منه موضوعي بل اقتصرت
على استئناف الحكم الابتدائي، و من ث م فإن المجلس عندما حكم بإبطال دعوى المدعى يكون قد
تجاوز سلطته و عرض قراره للنقض).
وعليه فإن المبدأ الذي يمكن استخلاصه من هذا القرار : أن الحكم التمهيدي، يعتبر في جزء منه
موضوعيا، و استئناف الحكم الابتدائي دونه يخول القضاء برفض الدعوى من قبل المجلس
لصيرورته نهائيا، غير أن قاعدة الحجية بالنسبة لأحكام التمهيدية لا تتعلق بالنظام العام، و هو ما
- 8 -
02
، مجلة قضائية /05/ 116 المؤرخ في 1195 / قضت به المحكمة العليا في القرار رقم : 375
1996 ، عدد 01 ص 111 ( و بذلك فإن قضاة الموضوع بالمجلس استبعدوا الاحتجاج بالوصية
02
الذي يشير إلى موضوع الوصية معتبرين أن /05/ لكون الطاع نين لم يستأ نف وا حكم : 1989
عدم الاستئناف لهذا الحكم فيه تفويت لفرصة الاستئناف بالنسبة له ، مما يجعل منه حكم نهائيا لا
يمكن للطاعنين بعده إثارة الدفع بالوصية، و بقطع النظر عن كون هذا الحكم تمهيديا أو تحضيريا
يقبل أو لا يقبل الاستئناف طبقا لما تقضي به أحكام المادة
106 من ق إ م فإن قضاة المجلس قد
سمحوا لأنفسهم بإثارة هذا الدفع تلقائيا دون طلبه من الأطراف و هو دفع مخصص لأطراف
النزاع وحدهم لعدم تعلقه بالنظام العام، و بتعريضهم لهذا الدفع تلقائيا يكونوا قد تجاوزوا السلط ة
المخولة لهم قانونا و أساءوا تطبيق المادة 106 من ق إ م.
ب ) من حيث جواز الطعن فيهما:
الاستئناف:
ما دام الحكم التحضيري لا يمس بحقوق الأطراف، و لا يفصل في أي جانب من جوانب النزاع و
أكثر من ذلك لا يستشف منه حتى رأي القاضي في الموضوع، فإن المشرع جعله غير قابل
للاستئناف منفردا، و جعل استئنافه لا يكون إلا مع الحكم القطعي عملا بنص المادة
106 من
قانون الإجراءات المدنية.
أما اجتهاد المحكمة العليا فيما يخص عدم قابلية استئناف الأحكام التحضيرية فهو ثابت لا جدال فيه.
ملاحظة
: طرح إشكال في الحياة العملية ، في حالة خطأ قاض ي الدرجة الأولى في وصف الحكم
بأنه تمهيديا مثلا و هو في حقيقته تحضيريا فكيف سيكون موقف المجلس القضائي في حالة
استئناف هذا الحكم أمام؟
الإجابة على هذا الإشكال وجدت الإجابة عنها في صلب نص المادة ( 5) الخامسة من قانون
الإجراءات المدنية التي نص ت: ( تختص المجال س القضائية بنظر استئناف الأحكام الصادرة من
المحاكم في جميع المواد في الدرجة الأولى حتى ولو وجد خطأ في وصفها ) و تجدر الإشارة، أي
أن هذه المادة مستقاة من المبدأ الفقهي القائل بأن ه: ( لا يعتد بتكييف المحكمة للحكم إدا كان مخالفا
للقانون)، إذ أن طبيعة الحكم تت حدد طبقا لنصوص القانون وحدها، و لا يؤخذ بتكييف المحكمة
للحكم الذي أصدرته إن لم يكن صحيحا، فإن أكدت المحكمة أن حكمها الذي أصدرته تمهيديا، فإن
- 9 -
هذا التأكيد لا يمنع المجلس في حالة استئنافه من إعادة تكييفه و اعتباره تحضيري ا. و بالتالي
يقضي بعدم قبول الاستئناف لعدم جوازه، لكون الحكم المستأنف يكتسي طابعا تحضيريا.
علما أنه في حالة صدور حكم تحضيري، و كانت المحكمة التي أصدرته غير مختصة نوعيا بنظر
النزاع، فإنه بالإمكان استئنافه، رغم طبيعته التحضيرية – إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي
حتى و لو لأول مرة أمام هيئة الاست ئناف، و هو ما ذهبت إليه المحكمة العليا في القرار رق م:
30
، مجلة قضائية 1989 ، عدد 01 ص 82 ( متى كان /05/ 31/432 المؤرخ في : 1983
من المقرر قانونا أن عدم اختصاص المحكمة بسب نوع الدعوى يعد من النظام العام، و تقضي به
المحكمة و لو من تلقاء نفسها و في أية حالة كانت عليها الدعوى.
فإن استئناف الحكم بإجراء خبرة باعتباره حكما تحضيريا يكون مقبولا رغم مقتضيات المادة
106
ق إ م قضاة الاستئناف المخطرين بفعل – الأثر الناقل للاستئناف – مطالبون بالبث في الوجه
المأخوذ من الدفع بعدم الاختصاص، و هذا الدفع لا يعد طلبا جديدا ط بقا لمقتضيات المادة
107
من نفس القانون).
الطعن بالنقض:
بالنسبة للحكم أو القرار التحضيري:
إذا كان الحكم التحضيري لا يقبل الاستئناف عملا لمقتضيات نص المادة
106 من ق إ م فإنه من
باب أولى لا يقبل الطعن فيه بالنقض.
لكن المسألة محل خلاف بين الغرفة المدنية و ال غرفة التجارية و البحرية للمحكمة العليا حول مدى
34/
جواز الطعن بالنقض في القرارات التحضيرية ، فالغرفة المدنية ، ذهبت في القرار رقم 834
06 مجلة قضائية 1990 العدد 01 ص 36 ( إذا كان مؤدى نص المادة /03/ المؤرخ في : 1985
231 هو أن المحكمة العليا تختص بالطعون في الأحكام النهائية الصادرة من المجالس القضائية،
ومن ثم فإنه يستنتج من هذا النص أن الأحكام التحضيرية لا يمكن أن تكون موضوع طعن
بالنقض.
و لما كان ثابتا في القرار المطعون فيه أنه أيد قرار غيابيا أمر بإجراء خبرة في دعوى الغبن في
بيع عقار متنازع فيه، فإن هذا القر ار يعد تحضيريا، و ليس له الطابع النهائي المنصوص عليه في
المادة 231 من ق إ م مما يترتب عليه عدم قبول طلب الطعن بالنقيض).
- 10 -
189
المؤرخ / في حين ذهبت الغرفة التجارية و البحرية في القرار رقم 344
08 ( حيث أن المادة 231 م ن ق إ م تجيز الطعن بالنقض في جميع القرارات / 06 / في 1999
الصادرة عن المجالس القضائية دون تميز بين القرارات التحضيرية و القرارات التمهيدية ).
بالنسبة للقرارات التمهيدية:
55
المؤرخ / ذهبت غرفة الأحوال الشخصية للمحكمة العليا في القرار رقم 667
11 إلى أن الطعن بالنقض غير جائز في القرارات التمهيدية ( من المقرر / 12 / في 1989
قانونا أن الحكم باليمين هو من الأحكام التمهيدية التي لا تنهي الخصومة كلها أو بعضها، والطعن
بالنقض مخصص للأحكام النهائية، و لذا فاطعن في توجيه اليمين غير مقبول قانونا).
في حين أجازت الغرفة التجارية و البحرية للمحكمة العليا في القرار المؤرخ
08
المشار إليه سلفا، الطعن بالنقض في القرارات التحضيرية، مسببة موقفها / 06 / في 1999
بكون أن المادة
231 ق إ م أجازت الطعن بالنقض في القرارات الصادرة عن هيئات الاستئناف
دون تميز بين القرارات التمهيدية و القرارات التحضيرية.
و نرى، بأن قرار الغرفة التجارية و البحرية هو الأولى بالترجيح، كون أن المادة 231 من ق إ م
صريحة في إجازة الطعن بالنقض في الأحكام النهائية.
وحيث أن – وصف النهائية – ينطبق على الأحكام التي لا تقبل الطعن بط رق الطعن
العادية(المعارضة و الاستئنا ف) وما دامت القرارات الصادرة عن المجالس القضائية تكتسي هذا
الوصف ( وصف النهائي ة) فإنه لا مجال لأعمال تفرقة بينها، لان كل ما هنالك استثناء مقرر بنص
خاص . فضلا على أن قابلية الطعن بالنقض في القرارات التمهيدية، يبرر أيضا بكون أن هذه
الأخيرة تمس في جزء منها بموضوع وجوهر النزاع، و بالتالي في المراكز القانونية الأطراف زد
على ذلك أن القاضي يفصل فيها في بعض النقاط و الجوانب القانونية.
140
المؤرخ / أما بشأن تبلغ القرارات التمهيدية، فقد ذهبت المحكمة العليا، في القرار رقم 798
27 ، مجلة قضائية 1996 العدد 02 ، ص 119 ( .. لكن حيث أن إجراء تبليغ / 02 / في 1996
صادر عن مجلس قضائي لمحكوم عليه هو – إجراء غير ضروري – عندما يأمر ذلك القرار
بإجراء خبرة، كما هو الحال بالنسبة للقضية الحالية.
حيث أن إجراء التبليغ لا يؤثر على تنفيذ القرار التمهيدي ، و ما هو مطلوب إلا لبداية سريان
مهلة الطعون القانونية في ذلك القرار).
- 11 -
ونرى بأن هذا القرار، مخالف لروح نص المادة
52 من ق إ م التي توجب تبليغ الأحكام
والقرارات الناطقة بتعين خبراء، سواء أكانت تمهيدية أو تحضيرية، و هذا من أجل سريان مهلة
الثمانية ( 08 ) أيام ا لمنصوص عليها لصالح الخصم الذي يرغب في رد الخبير المعين من طرف
القضاء ، إذ جاء فيها، ( على الخصم الذي يرغب في رد الخبير الذي عينته المحكمة من تلقاء
نفسها أن يقدم طلب الرد خلال ثمانية أيام تسري من تاريخ تبليغه هذا التعين و يكون هذا الطلب
موقعا منه أو من وكيله، ويتضمن أسباب الرد و يفصل في طلب الرد دون تأخير).
الخاتمة:
نلخص في نهاية المطاف إلى القول ، بأن التفرقة بين الحكم التمهيدي و الحكم التحضيري بقدر ما
هي صعبة ( لعدم وجود معيار تشريعي يفصل في ا لمسألة )، بقدر ما هي مهمة من ناحية الآثار
التي تترتب على كل منهما سواء من حيث الحجية أو من ناحية سلوك الطعن فيهما بالاستئناف.
و عليه إذا استطاع القاضي أن يستوعب المعايير المستقاة من الاجتهاد الثابت للمحكمة العليا، فإنه
سيعرف لا محالة متى يكون الحكم الذي يصدره قبل الفصل في الموضوع تحضيريا و متى يتكون
تمهيديا.
و
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma