الفاعل المعنوي في الجريمة
المقدمة
قد تقع الجريمة بفعل فاعل واحد لا يشاركه فيه أحد، كما أن يساهم عدد من
الاشخاص في إرتكاب هذه الجريمة (1). وهؤلاء المساهمون قد يشاركون كلهم
قصدا في اتيان الافعال المادية المكونة للجريمة , وعندئذ يسأل الواحد منهم
كما لو كان قد ارتكب الجريمة بمفرده، إذ أن كلا منهم يعد فاعلا اصليا في
الجريمة طالما توافر لديهم جميعا قصد الاشتراك فيها بهدف ابرازها إلى حيز
الوجود،
المقدمة :
المبحث الأول : مفهوم فكرة الفاعل المعنوي للجريمة .
المطلب الأول : التعريف بالفاعل المعنوي للجريمة .
المطلب الثاني : تمييز الفاعل المعنوي للجريمة عن غيره من الفاعلين والشركاء .
المبحث الثاني : الأساس القانوني لفكرة الفاعل المعنوي للجريمة .
المبحث الثالث : مجال تطبيق فكرة الفاعل المعنوي للجريمة .
المبحث الرابع : الفاعل المعنوي للجريمة في التشريع والفقه المقارن .
المطلب الأول : نظرية الفاعل المعنوي للجريمة في القانون المقارن .
المطلب الثاني : نظرية الفاعل المعنوي للجريمة في الفقه المقارن .
الخاتمة .
وقد يقوم اشخاص – عن قصد – بإتيان أفعال لا تعتبر في حد ذاتها من الافعال
المكونة للركن المادي للجريمة، ولكنها على جانب من الخطورة والأهمية بحيث
لولاها، لما امكن للفاعل الاصلي أن يرتكب جريمته، كما لو تدخل شخص وقدم
للفاعل الاصلي سلاحا أو ادوات أو إرشادات مما يساعد على إرتكاب الجريمة،
ومن المتصور أيضا أن يتخذ التعاون الإجرامي شكلا آخر وهو التحريض على
إرتكاب الجريمة كما هو الحال حين يحرض شخص شخصا آخر على إرتكاب جناية أو
جنحة .
وعلى ذلك، فإن المساهمة الجنائية (2) يمكن أن تقع في صور متعددة، حين توزع
الادوار بين الشركاء، فيقوم كل منهم بالدور المادي الموكل إليه، ويكون لكل
منهم إرادته الإجرامية التي تتجه نحو الإعتداء على الحق الذي يحميه
القانون، اي نحو تحقيق الجريمة وابرازها إلى حيز الوجود .
ويعتبر التحريض من اخطر صور النشاط الاجرامي، لان المحرض غالبا ما يكون هو
المدبر لإرتكاب الجريمة والمخطط لها والمسؤول الرئيسي عن تنفيذها، وهذا ما
دعا بعض التشريعات إلى آخراج التحريض من نطاق المساهمة الجنائية، والنص
عليه بصفة مستقلة، واعتبار المحرض في حكم الفاعل، ولو امعنا النظر في
المحرض، لما امكن وصفه بأنه فاعل للجريمة لانه لا يساهم في تنفيذها، كما
لا يسوغ القول بأن نشاط المحرض تبعي بالنسبة لنشاط فاعل الجريمة الاصلي،
لأن هذا المحرض هو الذي يخلق التصميم الاجرامي في ذهن الفاعل (3) وعليه،
فإن بعض التشريعات – ومنها المشرع الأردني – تقرر مسؤولية المحرض وفقا
لقصده الجرمي، وهي تعتمد في ذلك على فكرة الفصل بين مسؤولية المحرض
ومسؤولية " الفاعل".
وقد تنأول المؤتمر السابع الذي نظمته " الجمعية الدولية لقانون العقوبات "
في أثينا سِنّه 1957، موضوع " الاتجاه الحديث في فكرة الفاعل أو الشريك
والمساهمة في الجريمة " ومن ضمن توصيات هذا المؤتمر أن قواعد المساهمة
الجنائية التي يقررها كل نظام قانوني يجب أن تضع في اعتبارها الفروق بين
أفعال المساهمة التي تصدر عن كل مساهم في الجريمة من ناحية، والفروق بين
المساهمين من حيث الخطيئة الشخصية وخطورة الشخصية من ناحية آخرى. كما اوصى
المؤتمر بأنه يعتبر " فاعلا Auteur" من يحقق بسلوكه العناصر المادية
والشخصية المكونة للجريمة، واذا كانت الجريمة " جريمة امتناع " اعتبر
فاعلا من يحمله القانون التزاما باتيان الفعل، كما يعتبرون " فاعلين Co-
auteurs " من يرتكبون سويا الاعمال التنفيذية للجريمة بقصد مشترك متجه إلى
إرتكابها، ويعتبر " فاعلا غير مباشر Auteur mediat " من يدفع إلى إرتكاب
الجريمة منفذا لا يجوز تقرير مسؤوليته عنها، ويعتبر " محرضا Instigateur "
من يحمل عمدا شخصا على إرتكاب جريمة، ولا يجوز توقيع عقاب على المحرض إلا
إذا بدأ الشخص الذي اتجه التحريض إليه في تنفيذ جريمته، ومع ذلك، فإنه
يجوز توقيع الجزاء على المحرض إذا كان التحريض غير متبوع بأثر على أن يحدد
هذا الجزاء وفقا للشروط التي يحددها القانون وفي ضوء الخطورة الاجرامية
للمحرض (4) .
وبالرجوع إلى نصوص قانون العقوبات الأردني، نجد أن المادة /80/أ منه تنص
على انه يعد محرضا من حمل أو حأول أن يحمل شخصا على إرتكاب جريمة باعطائه
نقودا أو بتقديم هدية له أو بالتأثير عليه بالتهديد أو بالحيلة والخديعة
أو بصرف النقود أو بإساءة الإستعمال في حكم الوظيفة. كما أن الفقرة /ب من
المادة نفسها تنص على أن تبعة المحرض مستقلة عن تبعة المحرض على إرتكاب
الجريمة، ويتبين من قراءة هذا النص أن المشرع الأردني يعاقب على التحريض
ولو لم يترتب عليه أثر، وذلك على اعتبار أن التحريض جريمة مستقلة، وهذا
يعني أن التحريض على إرتكاب الجريمة " جناية أو جنحة " هو في حد ذاته
جريمة سواء قبل الشخص الذي وجه إليه هذا التحريض أن يقوم بما طلب منه أو
رفضه. وتأكيدا لذلك فإن المادة /81 /3 من قانون العقوبات تنص على انه إذا
لم يفض التحريض على إرتكاب جناية أو جنحة إلى نتيجة خفضت العقوبة المبينة
في الفقرتين السابقتين من هذه المادة إلى ثلثها وعليه فإن المشرع الأردني
يجعل من التحريض غير المتبوع بأثر جريمة مستقلة عقوبتها اخف نسبيا من
عقوبة الجريمة المحرض عليها، بل وأخف من عقوبة التحريض فيما لو استجاب
المحرض وارتكب الجريمة التي طلب إليه تنفيذها (5).
ولأن التحريض على إرتكاب الجريمة هو عبارة عن خلق فكرتها في ذهن المحرض،
وتوجيه ارادته إلى إرتكابها، ودفعه إلى ذلك بوسائل التأثير التي نص عليها
القانون في المادة /80/أ، فينبغي أن يكون الشخص الذي وجه إليه التحريض
اهلا لتحمل المسؤولية الجنائية سيء النية حتى يعد فاعلا اصليا للجريمة
التي جرى تحريضه على إرتكابها. أما إذا كان هذا الشخص عديم المسؤولية
لانعدام الادراك أو التمييز ـ كالصغير والمجنون، أو كان حسن النية لعدم
توافر القصد الجرمي لديه، فإن من شأن ذلك أن يؤدي إلى افلات المحرض من
العقاب، ولا شك أن هذه النتيجة غير منطقية، وهي بذلك غير مقبوله وكان لا
بد من وضع حل لعلاج مثل هذا الموقف، فظهرت نظرية الفاعل المعنوي التي
تتوسع في مفهوم فاعل الجريمة، وتعتبر كل من سخر شخصا غير مسؤول جنائيا
فاعلا اصليا للجريمة، وقد أخذ بهذا الحل كل من الفقه والقضاء في المانيا
(6). إلا أن هذا الاتجاه لم يصادف قبولا لدى الفقه والقضاء في فرنسا، حيث
ينادي هؤلاء بالابقاء على فكرة أن التحريض هونشاط ثانوي وتابع لنشاط
الفاعل الاصلي مع العدول عن مبدأ التبعية المطلقة للشريك، وجعل هذه
التبعية مقيدة فلا يشترط سوى أن يكون الفعل المحرض على إرتكابه غير مشروع،
بغض النظر عن مدى مسؤولية الفاعل عنه، وبحيث يمكن معاقبة من حرض شخصا غير
مسؤول أو حسن النية (7).
وقد أثار موضوع الفاعل المعنوي للجريمة الكثير من الجدل والنقاش الفقهي،
فمن مؤيد لفكرة الفاعل المعنوي ومن معارض لها كما أن التشريعات العقابية
قد تباينت في مواقفها حيال هذا الموضوع، فهناك من التشريعات من ينص صراحة
على الأخذ بهذه الفكرة وهناك من لم يأت على ذكر الفاعل المعنوي، وكأنما
ترك الأمر للقضاء ليقول كلمته فيه وفقا للظروف والملابسات التي تحيط
بإرتكاب الجريمة .
ولم ينص المشرع الأردني صراحة على الفاعل المعنوي للجريمة، وانما اقتصر
على ذكر أن فاعل الجريمة هو من ابرز إلى حيز الوجود العناصر التي تؤلف
الجريمة أو ساهم مباشرة في تنفيذها(المادة/75 من قانون العقوبات)، مما
يعطي لهذا الموضوع أهمية خاصة، لتوضيح معنى الفاعل المعنوي وبيان حكمه في
القانون الأردني والمقارن مع عرض لموقف الفقه العربي والأجنبي من هذه
الفئة من الجناة .
وسوف تقسم دراستنا هذه إلى أربعة مباحث، حيث نخصص المبحث الأول منها لبيان
مفهوم فكرة الفاعل المعنوي للجريمة، وندرس في المبحث الثاني الأساس
القانوني لفكرة الفاعل المعنوي ونبين في المبحث الثالث مجال تطبيق فكرة
الفاعل المعنوي، وفي المبحث الرابع سوف نستعرض فكرة الفاعل المعنوي
للجريمة في التشريع والفقه المقارن، ثم ننهي هذا البحث بخاتمة تبرز من
خلالها أهم الأفكار والنتائج المتعلقة بهذا الموضوع .
المقدمة
قد تقع الجريمة بفعل فاعل واحد لا يشاركه فيه أحد، كما أن يساهم عدد من
الاشخاص في إرتكاب هذه الجريمة (1). وهؤلاء المساهمون قد يشاركون كلهم
قصدا في اتيان الافعال المادية المكونة للجريمة , وعندئذ يسأل الواحد منهم
كما لو كان قد ارتكب الجريمة بمفرده، إذ أن كلا منهم يعد فاعلا اصليا في
الجريمة طالما توافر لديهم جميعا قصد الاشتراك فيها بهدف ابرازها إلى حيز
الوجود،
المقدمة :
المبحث الأول : مفهوم فكرة الفاعل المعنوي للجريمة .
المطلب الأول : التعريف بالفاعل المعنوي للجريمة .
المطلب الثاني : تمييز الفاعل المعنوي للجريمة عن غيره من الفاعلين والشركاء .
المبحث الثاني : الأساس القانوني لفكرة الفاعل المعنوي للجريمة .
المبحث الثالث : مجال تطبيق فكرة الفاعل المعنوي للجريمة .
المبحث الرابع : الفاعل المعنوي للجريمة في التشريع والفقه المقارن .
المطلب الأول : نظرية الفاعل المعنوي للجريمة في القانون المقارن .
المطلب الثاني : نظرية الفاعل المعنوي للجريمة في الفقه المقارن .
الخاتمة .
وقد يقوم اشخاص – عن قصد – بإتيان أفعال لا تعتبر في حد ذاتها من الافعال
المكونة للركن المادي للجريمة، ولكنها على جانب من الخطورة والأهمية بحيث
لولاها، لما امكن للفاعل الاصلي أن يرتكب جريمته، كما لو تدخل شخص وقدم
للفاعل الاصلي سلاحا أو ادوات أو إرشادات مما يساعد على إرتكاب الجريمة،
ومن المتصور أيضا أن يتخذ التعاون الإجرامي شكلا آخر وهو التحريض على
إرتكاب الجريمة كما هو الحال حين يحرض شخص شخصا آخر على إرتكاب جناية أو
جنحة .
وعلى ذلك، فإن المساهمة الجنائية (2) يمكن أن تقع في صور متعددة، حين توزع
الادوار بين الشركاء، فيقوم كل منهم بالدور المادي الموكل إليه، ويكون لكل
منهم إرادته الإجرامية التي تتجه نحو الإعتداء على الحق الذي يحميه
القانون، اي نحو تحقيق الجريمة وابرازها إلى حيز الوجود .
ويعتبر التحريض من اخطر صور النشاط الاجرامي، لان المحرض غالبا ما يكون هو
المدبر لإرتكاب الجريمة والمخطط لها والمسؤول الرئيسي عن تنفيذها، وهذا ما
دعا بعض التشريعات إلى آخراج التحريض من نطاق المساهمة الجنائية، والنص
عليه بصفة مستقلة، واعتبار المحرض في حكم الفاعل، ولو امعنا النظر في
المحرض، لما امكن وصفه بأنه فاعل للجريمة لانه لا يساهم في تنفيذها، كما
لا يسوغ القول بأن نشاط المحرض تبعي بالنسبة لنشاط فاعل الجريمة الاصلي،
لأن هذا المحرض هو الذي يخلق التصميم الاجرامي في ذهن الفاعل (3) وعليه،
فإن بعض التشريعات – ومنها المشرع الأردني – تقرر مسؤولية المحرض وفقا
لقصده الجرمي، وهي تعتمد في ذلك على فكرة الفصل بين مسؤولية المحرض
ومسؤولية " الفاعل".
وقد تنأول المؤتمر السابع الذي نظمته " الجمعية الدولية لقانون العقوبات "
في أثينا سِنّه 1957، موضوع " الاتجاه الحديث في فكرة الفاعل أو الشريك
والمساهمة في الجريمة " ومن ضمن توصيات هذا المؤتمر أن قواعد المساهمة
الجنائية التي يقررها كل نظام قانوني يجب أن تضع في اعتبارها الفروق بين
أفعال المساهمة التي تصدر عن كل مساهم في الجريمة من ناحية، والفروق بين
المساهمين من حيث الخطيئة الشخصية وخطورة الشخصية من ناحية آخرى. كما اوصى
المؤتمر بأنه يعتبر " فاعلا Auteur" من يحقق بسلوكه العناصر المادية
والشخصية المكونة للجريمة، واذا كانت الجريمة " جريمة امتناع " اعتبر
فاعلا من يحمله القانون التزاما باتيان الفعل، كما يعتبرون " فاعلين Co-
auteurs " من يرتكبون سويا الاعمال التنفيذية للجريمة بقصد مشترك متجه إلى
إرتكابها، ويعتبر " فاعلا غير مباشر Auteur mediat " من يدفع إلى إرتكاب
الجريمة منفذا لا يجوز تقرير مسؤوليته عنها، ويعتبر " محرضا Instigateur "
من يحمل عمدا شخصا على إرتكاب جريمة، ولا يجوز توقيع عقاب على المحرض إلا
إذا بدأ الشخص الذي اتجه التحريض إليه في تنفيذ جريمته، ومع ذلك، فإنه
يجوز توقيع الجزاء على المحرض إذا كان التحريض غير متبوع بأثر على أن يحدد
هذا الجزاء وفقا للشروط التي يحددها القانون وفي ضوء الخطورة الاجرامية
للمحرض (4) .
وبالرجوع إلى نصوص قانون العقوبات الأردني، نجد أن المادة /80/أ منه تنص
على انه يعد محرضا من حمل أو حأول أن يحمل شخصا على إرتكاب جريمة باعطائه
نقودا أو بتقديم هدية له أو بالتأثير عليه بالتهديد أو بالحيلة والخديعة
أو بصرف النقود أو بإساءة الإستعمال في حكم الوظيفة. كما أن الفقرة /ب من
المادة نفسها تنص على أن تبعة المحرض مستقلة عن تبعة المحرض على إرتكاب
الجريمة، ويتبين من قراءة هذا النص أن المشرع الأردني يعاقب على التحريض
ولو لم يترتب عليه أثر، وذلك على اعتبار أن التحريض جريمة مستقلة، وهذا
يعني أن التحريض على إرتكاب الجريمة " جناية أو جنحة " هو في حد ذاته
جريمة سواء قبل الشخص الذي وجه إليه هذا التحريض أن يقوم بما طلب منه أو
رفضه. وتأكيدا لذلك فإن المادة /81 /3 من قانون العقوبات تنص على انه إذا
لم يفض التحريض على إرتكاب جناية أو جنحة إلى نتيجة خفضت العقوبة المبينة
في الفقرتين السابقتين من هذه المادة إلى ثلثها وعليه فإن المشرع الأردني
يجعل من التحريض غير المتبوع بأثر جريمة مستقلة عقوبتها اخف نسبيا من
عقوبة الجريمة المحرض عليها، بل وأخف من عقوبة التحريض فيما لو استجاب
المحرض وارتكب الجريمة التي طلب إليه تنفيذها (5).
ولأن التحريض على إرتكاب الجريمة هو عبارة عن خلق فكرتها في ذهن المحرض،
وتوجيه ارادته إلى إرتكابها، ودفعه إلى ذلك بوسائل التأثير التي نص عليها
القانون في المادة /80/أ، فينبغي أن يكون الشخص الذي وجه إليه التحريض
اهلا لتحمل المسؤولية الجنائية سيء النية حتى يعد فاعلا اصليا للجريمة
التي جرى تحريضه على إرتكابها. أما إذا كان هذا الشخص عديم المسؤولية
لانعدام الادراك أو التمييز ـ كالصغير والمجنون، أو كان حسن النية لعدم
توافر القصد الجرمي لديه، فإن من شأن ذلك أن يؤدي إلى افلات المحرض من
العقاب، ولا شك أن هذه النتيجة غير منطقية، وهي بذلك غير مقبوله وكان لا
بد من وضع حل لعلاج مثل هذا الموقف، فظهرت نظرية الفاعل المعنوي التي
تتوسع في مفهوم فاعل الجريمة، وتعتبر كل من سخر شخصا غير مسؤول جنائيا
فاعلا اصليا للجريمة، وقد أخذ بهذا الحل كل من الفقه والقضاء في المانيا
(6). إلا أن هذا الاتجاه لم يصادف قبولا لدى الفقه والقضاء في فرنسا، حيث
ينادي هؤلاء بالابقاء على فكرة أن التحريض هونشاط ثانوي وتابع لنشاط
الفاعل الاصلي مع العدول عن مبدأ التبعية المطلقة للشريك، وجعل هذه
التبعية مقيدة فلا يشترط سوى أن يكون الفعل المحرض على إرتكابه غير مشروع،
بغض النظر عن مدى مسؤولية الفاعل عنه، وبحيث يمكن معاقبة من حرض شخصا غير
مسؤول أو حسن النية (7).
وقد أثار موضوع الفاعل المعنوي للجريمة الكثير من الجدل والنقاش الفقهي،
فمن مؤيد لفكرة الفاعل المعنوي ومن معارض لها كما أن التشريعات العقابية
قد تباينت في مواقفها حيال هذا الموضوع، فهناك من التشريعات من ينص صراحة
على الأخذ بهذه الفكرة وهناك من لم يأت على ذكر الفاعل المعنوي، وكأنما
ترك الأمر للقضاء ليقول كلمته فيه وفقا للظروف والملابسات التي تحيط
بإرتكاب الجريمة .
ولم ينص المشرع الأردني صراحة على الفاعل المعنوي للجريمة، وانما اقتصر
على ذكر أن فاعل الجريمة هو من ابرز إلى حيز الوجود العناصر التي تؤلف
الجريمة أو ساهم مباشرة في تنفيذها(المادة/75 من قانون العقوبات)، مما
يعطي لهذا الموضوع أهمية خاصة، لتوضيح معنى الفاعل المعنوي وبيان حكمه في
القانون الأردني والمقارن مع عرض لموقف الفقه العربي والأجنبي من هذه
الفئة من الجناة .
وسوف تقسم دراستنا هذه إلى أربعة مباحث، حيث نخصص المبحث الأول منها لبيان
مفهوم فكرة الفاعل المعنوي للجريمة، وندرس في المبحث الثاني الأساس
القانوني لفكرة الفاعل المعنوي ونبين في المبحث الثالث مجال تطبيق فكرة
الفاعل المعنوي، وفي المبحث الرابع سوف نستعرض فكرة الفاعل المعنوي
للجريمة في التشريع والفقه المقارن، ثم ننهي هذا البحث بخاتمة تبرز من
خلالها أهم الأفكار والنتائج المتعلقة بهذا الموضوع .
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma