ندوة الويبو الوطنية حول الملكية الفكرية
للمسؤولين الحكوميين وأعضاء غرف التجارة
تنظمها المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)
بالتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة
صنعاء، 10 و11 يوليه/تموز 2004
قضايا عالمية جديدة في مجال الملكية الفكرية
د. حسن الجميعي
أستاذ القانون الخاص
كلية الحقوق
جامعة القاهرة
.../...
تابع ...
المبحث الثاني : معاهدة الويبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتي
قدمنا عند التعرض لمعاهدة الويبو بشان حق المؤلف لما قام به مؤتمر الويبو الدبلوماسي المختص ببعض مسائل حق المؤلف والحقوق المجاورة و المنعقد في جنيف في الفترة من2 إلى 20 ديسمبر 1996 , من اعتماد معاهدتا الويبو بشأن حق المؤلف و بشأن الأداء والتسجيل الصوتي .
وحيث انتهينا فيما تقدم ن بيان الخصائص التي تميزت بها معاهدة الويبو عن اتفاقية برن و عن اتفاقية التريبس , و بصفة خاصة لتناول الحقوق المتعلقة باستخدام التقنيات الرقمية و نق المصنفات عبر الإنترنت و غيرها من الدعامات الرقمية , لذلك فإننا و نحن نتناول معاهدة الويبو في شأن الأداء و التسجيل الصوتي , فإننا لن نكرر ما سبق و قدمناه بشأن هذه المستجدات و أوجه تميز هاتين المعاهدتين عن برن و التريبس , و إنما سنقصر الحديث في شأن معاهدة حق الأداء و التسجيلات الصوتية عما يخص هذه المعاهدة و يميزها عن معاهدة حق المؤلف السالف التعرض لها بالتفصيل .
وحيث تولت لجنتان من الخبراء القيام بالأعمال التحضيرية للمعاهدتين , فقد تولت لجنة إعداد معاهدة الويبو بشأن حق المؤلف. أما اللجنة الثانية فقد كانت مهمتها تتعلق بحسب الأصل بحقوق منتجي التسجيلات الصوتية. وقد أشير إلى تلك الوثيقة في سياق الأعمال التحضيرية, بكونها "الصك الجديد". كما تضمنت مهمة هذه اللجنة أيضا حماية حقوق فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية في كل نواحيها بما في ذلك توضيح المعايير الدولية القائمة أو وضع معايير جديدة.
وفيما يتعلق بحقوق فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية ، فقد أدرجت المعاهدة المعايير الدولية المعمول بها في اتفاقية روما لعام 1961.
و بالرغم من أن اتفاقية روما كانت تعد اتفاقية رائدة لما قامت به من إنشاء معايير جديدة في خصوص هذه الطائفة الجديدة من الحقوق , فضلا عن حقوق هيئات الإذاعة و المعروفة باسم الحقوق المجاورة .
على أن اتفاقية روما بما أتت به من معايير لم تعد كافية لحل مشكلات الطائفة الجديدة من الحقوق, فلقد حدثت عدة تطورات و طفرات تكنولوجية رئيسية و هامة في مجالات تقنيات الفيديو وأنظمة التسجيل المنزلي , و من بعد ذلك البث الفضائي المسموع و المرئي عبر الأقمار الصناعية و الكابلات التلفزيونية , بالإضافة لمستجدات البث و التسجيل عبر الإنترنت و الدعامات الرقمية , و غير ذلك ..
وعلى ضوء تلك التطورات الجديدة جرت مناقشات اللجنة الدولية الحكومية المعنية باتفاقية روما و اجتماعات لجان الويبو حيث اقتصرت هذه الأخيرة على إسداء مشورتها للحكومات في شكل توصيات ومبادئ توجيهية. على أن الحاجة إلى مواجهة هذه التطورات أوضحت عدم كفاية المشورة , و ضرورة وضع معايير دولية ملزمة.
و لقد بدأ التحضير لوضع معايير دولية ملزمة جديدة في إطار اتفاقية الجات / مفاوضات جولة أوروجواي , و في الويبو التي تباطأت وتيرة العمل التحضيري في لجنتيها لبعض الوقت، لما ارتأته الحكومات من ضرورة منح فرصة كافية لإبرام اتفاقية التريبس , و بغرض عدم التعارض مع أحكامها . إلا أنه و بعد اعتماد اتفاقية التريبس فقد تبين أنها لم تستوعب كل التحديات الناجمة عن التكنولوجيا الجديدة, و بصفة خاصة التكنولوجيا الرقمية، و منها على وجه الخصوص الإنترنت، وهو ما أظهر الحاجة إلى متابعة الجهد من خلال لجنتي الويبو , و الدعوة إلى عقد المؤتمر الدبلوماسي في جنيف في الفترةمن2 إلى 20 ديسمبر 1996 , وهو ما أسفر عن اعتماد المعاهدتين الجديدتين محل هذه الدراسة .
هذا و سوف نتناول فيما ورد به الفصل الأول من المعاهدة تحــت مسمى الأحكام العامة , بيان علاقة المعاهدة بالمعاهدات الأخرى , ثم نستعرض تباعا و فيما لا يعد تكرارا للمبادئ السالف شرحها في شأن معاهدة حق المؤلف , الأحكام الموضوعية الخاصة بمعاهدة الأداء و التسجيل الصوتي:
أولا : علاقة معاهدة الويبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتي بالمعاهدات الدولية الأخرى:
دعا البعض أثناء مراحل التحضير لمعاهدة الويبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتي إلى الربط بينها و بين اتفاقية روما , بما يجعلها و كأنها اتفاق خاص مبرم استنادا إلى المادة 22 من اتفاقية روما والتي تحدد طبيعة وشروط هذا النوع من الاتفاقات بالاستناد المادة 20 من اتفاقية برن.
على أن ما انتهى إليه الأمر كان على خلاف ما تقدم , و تم الربط بين معاهدة الأداء والتسجيل الصوتي واتفاقية روما على ذات النسق الذي تم به الربط بين اتفاقية التريبس واتفاقية روما. و هو ما ورد به نص المادة الأولى من المعاهدة و الذي جاء بأنه :
"1- ليس في هذه المعاهدة ما يحد من الالتزامات المترتبة حاليا على الأطراف المتعاقدة بعضها تجاه البعض الآخر بناء على الاتفاقية الدولية لحماية فناني الأداء أو منتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة المبرمة في روما في 26 أكتوبر / تشرين الأول 1961 (والمشار إليها فيا يلي بعبارة "اتفاقية روما").
2- تبقى الحماية الممنوحة بناء على هذه المعاهد حماية حق المؤلف في المصنفات الأدبية الفنية على حالها ولا تؤثر فيها بأي شكل من الأشكال. وعليه، لا يجوز تفسير أي حكم من أحكام هذه المعاهدة بما يخل بتلك الحماية.
3- ليست لهذه المعاهدة أي صلة بأي معاهدات أخرى، ولا تخل بأي حقوق أو التزامات مترتبة عليها."( )
هذا و لم يتم الاستعانة باتفاقية روما إلا في القليل من مواطن المعاهدة و من خلال الإحالة إليها, و فيما يتعلق على وجه الخصوص بالأحكام المتعلقة بمعايير الأهلية للحماية.
و بالإضافة إلى معالجة نص المادة الأولى لعلاقة المعاهدة مع المعاهدات و الاتفاقيات الأخرى, فإن نص الفقرة الثانية من هذه المادة قد تطرق إلى العلاقة بين المعاهدة و بين حق المؤلف. بل أن صريح نص هذه الفقرة يأتي مطابقا لما أتى به نص المادة الأولى من اتفاقية روما فيما ورد به من الإبقاء و عدم المساس بحماية حق المؤلف , إذ ورد بأن : "تبقى الحماية الممنوحة بناء على هذه المعاهدة حماية حق المؤلف في المصنفات الأدبية والفنية على حالها ولا تؤثر فيها بأي شكل من الأشكال".
والفائدة المحققة من هذا البيان تتضح و على سبيل المثال في الحالات التي قد يرغب فيها المؤلف في الترخيص أو التنازل عن استغلال تسجيل صوتي لمصنفه الذي تم أداؤه بواسطة الفنان صاحب الحق في هذا الأداء . ففي هذا الفرض , فإن ما أتى به نص المادة الأولى من المعاهدة يؤدي إلى منع فنان الأداء - أو منتج التسجيل – من أن يحظر على المؤلف هذا النوع من أنواع الترخيص أو الاستغلال بالاستناد إلى ما أتت به نصوص المعاهدة من تنظيم قانوني لحماية حقوقه المجاورة لحق المؤلف . ولذلك أيضا , فإنه و في الحالات المتعلقة بمصنف تم إفراغه في تسجيل صوتي , و التي يلزم فيها الحصول على ترخيص أو تنازل من مؤلف المصنف ومن فناني الأداء أو المنتج في ذات الوقت ، فإن الحصول على تصريح من فنان الأداء أو المنتج لا يغني عن الحصول على موافقة المؤلف , و العكس صحيح .
ثانيا : المبادئ الأساسية التي وردت بالمعاهدة :
بالإضافة إلى مبدأ المعاملة الوطنية الذي سبق و أن رسخته اتفاقية التريبس , فإن معاهدة الويبو بشأن الاداء و التسجيل الصوتي تضمنت بعض المبادئ الهامةالأخرى التي من أهمها معايير الأهلية للحماية. و في هذا الشأن فقد ورد نص المادة 3 من معاهدة الويبو بشأن الأداء و التسجيلات الصوتية مرددا لذات معايير الأهلية للحماية التي سبق و أوردتها اتفاقة روما فيما تمنته نصوص موادها أرقام 4 و 5 و 17 و 18.
ثالثا : التعاريف و التوسع في مفهوم التسجيل الصوتي :
نهجت معاهدة الويبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتي نهج اتفاقية روما في تضمنها ( في المادة الثانية ) تعاريف بأهم المصطلحات و الحقوق التي تتناولها , و ذلك بصفة خاصة بالتعرض لتعريف : فنان الأداء , التسجيل الصوتي , منتج التسجيل الصوتي , النشر , والإذاعة. وتضيف إلى ذلك تعريف لكلمة "التثبيت" وعبارة "النقل إلى الجمهور"، ولكنها لا تنص على تعريف لمصطلح "الاستنساخ" ومصطلح "إعادة البث".
فجاء نص المادة الثانية من المعاهدة بالآتي : تعاريف:
"لأغراض هذه المعاهدة:
1) يقصد بعبارة "فناني الأداء" الممثلون والمغنون والموسيقيون الراقصون وغيرهم من الأشخاص الذين يمثلون أو يغنون أو يلقون أو ينشدون أو يؤدون بالتمثيل أو بغيره مصنفات أدبية أو فنية أو أوجهاً من التعبير الفولكلورى؛
2) يقصد بعبارة " التسجيل الصوتي" تثبيت الأصوات التي يتكون منها الأداء أو غيرها من الأصوات، أو تثبيت تمثيل للأصوات في شكل خلاف تثبيت مدرج في مصنف سينمائي أو مصنف سمعي بصري آخر؛
3) يقصد بكلمة "التثبيت" كل تجسيد للأصوات أو لكل تمثيل لها، يمكن بالانطلاق منه إدراكها أو استنساخها أو نقلها بأداة مناسبة؛
4) يقصد بعبارة "منتج التسجيل الصوتي" الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يتم بمبادرة منه وبمسئوليته تثبيت الأصوات التي يتكون منها الأداء أو غيرها من الأصوات أو تثبيت أي تمثيل للأصوات لأول مرة؛
5) يقصد بكلمة "نشر" أداء مثبت أو تسجيل صوتي عرض نسخ عن الأداء المثبت أو التسجيل الصوتي على الجمهور، بموافقة صاحب الحق وبشرط أن تعرض النسخ على الجمهور بكمية معقولة؛
6) يقصد بكلمة "إذاعة" إرسال الأصوات أو الصور والأصوات أو تمثيل لها بوسائل لاسلكية ليستقبلها الجمهور؛ ويعتبر كل إرسال من ذلك القبيل يتم عبر الساتل من باب "الإذاعة" أيضا؛ ويعتبر إرسال إشارات مجفرة من باب "الإذاعة" في الحالات التي تتيح فيها هيئة الإذاعة للجمهور الوسيلة الكفيلة بفك التجفير أو يتاح فيها ذلك للجمهور بموافقة هيئة الإذاعة؛
7) يقصد بعبارة "النقل إلى الجمهور" إن كان المنقول أداء أو تسجيلاً صوتياً تنقل إلى الجمهور، بأي وسيلة خلاف الإذاعة، الأصوات التي يتكون منها الأداء أو الأصوات أو أوجه تمثيل الأصوات المثبتة في تسجيل صوتي. ولأغراض المادة 15، تشمل عبارة "النقل إلى الجمهور" تمكين الجمهور من سماع الأصوات أو أوجه تمثيل الأصوات المثبتة في تسجيل صوتي.".
هذا و قد ورد نص المادة الثالثة من المعاهدة بتحديد المستفيدون من الحماية على النحو التالي :
(1) تمنح الأطراف المتعاقدة الحماية المنصوص عليها في هذه المعاهدة لفناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية من مواطني سائر الأطراف المتعاقدة.
(2) يفهم من عبارة مواطني سائر الأطراف المتعاقدة أنها تعنى فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية الذين يستوفون معايير الأهلية اللازمة للحماية للمنصوص عليها في اتفاقية روما، لو كانت كل الأطراف المتعاقدة بموجب هذه المعاهدة دولا متعاقدة بموجب تلك الاتفاقية. وتطبق الأطراف المتعاقدة على معايير الأهلية هذه التعاريف التي تخصها من المادة 2 من هذه المعاهدة.
(3) على كل طرف متعاقد يستفيد من الإمكانات المنصوص عليها في المادة 5 (3) أو في المادة 17 من اتفاقية روما لأغراض المادة 5 أن يرفع إلى المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) إخطاراً وفق تلك الأحكام".
و لقد تصدت المعاهدة للآثار المترتبة على التكنولوجيا الرقمية في شأن تحديد المقصود بالتسجيلات الصوتية من خلال تعاريف التسجيل الصوتي والتثبيت ومنتج التسجيل الصوتي والإذاعة والنقل إلى الجمهور. فلم يعد التسجيل الصوتي مقصورا على تثبيت أصوات أداء أو غيرها من الأصوات , بل أصبح التسجيل الصوتي معتدا به في الحالات التي يتم فيها تثبيت الأصوات الرقمية التي لم تكن معروفة من قبل و التي تم استحداثها من خلال تقنيات إلكترونية.
الأحكام الموضوعية لمعاهدة الويبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتي
رابعا: معالجه مشكله جدول الأعمال الرقمي :
ظهرت المشكلات المتعلقة بالتكنولوجيا الرقمية ، وفيها علي وجه الخصوص ما تعلق باستخدامات الإنترنت ، في الفترة التي تلت إبرام اتفاقية التريبس ، وهو ما أدى إلي أن تتصدى هذه المعاهدتين , المتعلقة بحق المؤلف , و المتعلقة بالأداء و التسجيل الصوتي لها .
وفي مواجهة هذه المشكلات تصدت معاهدة الأداء و التسجيل الصوتي , كما تصدت معاهدة الويبو لحق المؤلف , لما عرف باسم " جدول الأعمال الرقمي " , و على ذات النسق الذي تم التعامل به مع حق المؤلف في معاهدة الويبو بشأن حق المؤلف .
هذا و تضمنت معاهدة الأداء و التسجيل الصوتي و التي تتعلق – مثلها في ذلك مثل معاهدة حق المؤلف - بجدول الأعمال الرقمي , بعض التعاريف و تنظيم الحقوق المطبقة على تخزين صور و أنماط الأداء والتسجيلات الصوتية و تنظيم إرسالها عبر الأنظمة الرقمية , بالإضافة إلى معالجة التقييدات والاستثناءات الواردة على الحقوق في المحيط الرقمي . كذلك تناولت هذه المعاهدة و كما هو الشأن في معاهدة حق المؤلف تنظيم التدابير التكنولوجية لحماية هذه الحقوق , و معالجة أنظمة و ممعلومات إدارتها.
هذا و يعد تصدي هذه المعاهدة لحقوق فناني الأداء و منتجو التسجيلات الصوتية المقررة بشأن تخزين المصنفات و نقلها عبر الأنظمة الرقمية , إنشاءا لمعايير دولية جديدة في مواجهة هذه التطورات التكنولوجية .
كذلك , و كما في معاهدة الويبو بشأن حق المؤلف , فقد تصدت المعاهدة للمشكلات التي ظهرت في مدى اعتبار التثبيت علي الدعامات الإلكترونية من قبيل النسخ ، وما إذا كان التحميل ولو للحظات محدودة لأحد المصنفات علي أجهزة المستخدم يعد من قبيل الاعتداء علي المصنفات محل الحماية ، وعما إذا كان القيام بهذه الأعمال أو غيرها ( كالنسخ الإلكتروني) يقتضي الحصول علي إذن أو ترخيص من صاحب حق المؤلف أو صاحب الحق المجاور قياساً علي ما يقتضيه النسخ التقليدي من الحصول علي إذن مكتوب ومحدد به حدود التصريح من حيث الحق والمكان والزمان والمدى والغرض .....الخ
لهذا وأثناء المفاوضات التي سبقت إتمام معاهدتا الويبو في شأن حق المؤلف , و في شأن الأداء والتسجيل الصوتي ، فقد اقترح وضع معيار لحماية أنظمة إدارة حق المؤلف والحقوق المجاورة وعلي نطاق واسع ، بحيث لا يقتصر الأمر علي حماية المصنفات بذاتها ، وإنما يمتد إلي تحقيق السيطرة علي التكنولوجيا التي تسمح وتسهل انتشار ونشر المصنفات محل الحماية في الوسائط الرقمية .
هذا و لقد أثار تحديد المعيار في شأن حماية أنظمة إدارة الحقوق جدلاً كبيراً .
فبينما ذهب البعض إلي تمكين صاحب حق المؤلف أو صاحب الحق المجاور من السيطرة علــي النظم التي تمنع وصول الغير إلي المصنف بغير إذنه حتى لو كان دافعه سبباً مشروعاً و معقولا , فلقد ذهب البعض الآخر إلي أن هذا المعيار مرفوض , لأنه يؤدي إلي فرض السيطرة علي المنتجات وأجزاء المنتجات , و منع التداول المشروع للحقوق الواردة علي المصنفات.
لذلك فقد انتهت المفاوضات إلي تبني النص الآتي في المادة 18 من المعاهدة :
" على الأطراف المتعاقدة أن تنص فى قوانينها على حماية مناسبة وعلى جزاءات فعالة ضد التحايل على التدابير التكنولوجية الفعالة التى يستعملها فنانو الأداء أو منتجو التسجيلات الصوتية بالارتباط بممارسة حقوقهم بناء على هذه المعاهدة والتى تمنع من مباشرة أعمال لم يصرح به فنانو الأداء أو منتجو التسجيلات الصوتية المعنيون أو لم يسمح بها القانون فيما يتعلق بأوجه أدائهم أو تسجيلاتهم الصوتية " .
كذلك فقد ورد نص المادة 19 في شأن المعلومات الضرورية لإدارة الحقوق بما يأتي :
" على الأطراف المتعاقدة أن تنص فى قوانينها على توقيع جزاءات مناسبة وفعالة على أى شخص يباشر عن علم أيا من الأعمال التالية وهو يعرف أو، فيما يتعلق بالجزاءات المدنية، له أسباب كافية ليعرف أن تلك الأعمال تحمل على ارتكاب تعد على أى حق من الحقوق التى تشملها هذه المعاهدة أو تمكن من ذلك أو تسهل ذلك أو تخفيه:
أن يحذف أو يغير، دون إذن، أى معلومات واردة فى شكل الكترونى تكون ضرورية لإدارة الحقوق؛
وأن يوزع أو يستورد لأغراض التوزيع أو يذيع أو ينقل إلى الجمهور أو يتيح له، دون إذن، أوجه أداء مثبتة أو تسجيلات صوتية مع علمه بأنه قد حذفت منها أو غيرت فيهان دون إذن، معلومات واردة فى شكل ألكترونى تكون ضرورية لإدارة الحقوق.
يقصد بعبارة "المعلومات الضرورية لإدارة الحقوق"، كما وردت فى هذه المادة، المعلومات التى تسمح بتعريف فنان الأداء وأدائه ومنتج التسجيل الصوتى وتسجيله الصوتى ومالك أى حق فى الأداء أ, التسجيل الصوتى، أو المعلومات المتعلقة بشروط الانتفاع بالأداء أو التسجيل الصوتى، وأى أرقام أو شفرات ترمز إلى تلك المعلومات، متى كان أى عنصر من تلك المعلومات مقترنا بنسخة عن أداء مثبت أو تسجيل صوتى أو ظاهرا لدى نقل أداء مثبت أو تسجيل صوتى إلى الجمهور أو إتاحته له."
ومن المستقر في شأن كل من معاهدتا الويبو بشأن حق المؤلف و بشأن الأداء و التسجيل الصوتي , و على نحو ما ورد في بيان متفقق عليه و معتمد من المؤتمر الدبلوماسي (بشأن المادة 12 من معاهدة حق المؤلف و التى تقابل المادة 19 من معاهدة الأداء والتسجيل الصوتى) أن الأطراف المتعاقدة في أي من المعاهدتي لا تستطيع أن تستند إلى المواد الخاصة بالتدابير التكنولوجية أو بأنظمة إدارة الحقوق لتفرض اتخاذ إجراءات شكلية لا تسمح بها اتفاقية برن أو المعاهدة أو تحظر الحركة الحرة للسلع أو تحول دون التمتع بالحقوق بناء على هذه المعاهدة.
هذا وتضمنت الاتفاقية أيضاُ ( وفي خصوص الجدول الرقمي ) ما تعلق بحقوق التوزيع وعمليات نقل المصنفات عبر الشبكات الرقمية ، وهو ما سنوضحه في حينه فيما بعد .
خامسا : الحل الشامل" : الحق الاستئثاري في التصريح بإتاحة أوجه الأداء المثبتة في تسجيلات صوتية والتسجيلات الصوتية:
ورد النص في معاهدة الويبو في كل المادة 10 بشأن فناني الأداء و المادة 14 بشأن منتجي التسجيلات الصوتية على تقرير حق استئثاري لكل منهما فيما يتعلق بالتصريح بإتاحة و نقل الأداء و التسجيلات موضوعات الحقوق المجاورة عبر شبكة الإنترنت وغيرها من الشبكات.
وبناء على ما ورد بهذه النصوص , فإن فنانو الأداء و منتجو التسجيلات الصوتية يتمتعون بالحق الاستئثارى فى التصريح بإتاحة أوجه الأداء و التسجيلات المثبتة فى تسجيلات صوتية للجمهور، بوسائل سلكية أو لاسلكية بما يمكن أفرادا من الجمهور من الاطلاع عليها من مكان وفى وقت يختارهما الواحد منهم بنفسه.
و بالنظر إلى أن الحل الشامل قد قرر حقا استئثاريا لأصحاب الحقوق في هذه المعاهدة – كما هـو الشأن في خصوص حق المؤلف في معاهدة حق المؤلف – استنادا إلى معيار تقني بحت , و دون التوقف عند الطبيعة القانونية لهذه الحقوق . و لما كان السبب في منهج الحل الشامل هو تجنب صعوبا إيجاد حل تتفق عليه الدول المتعاقدة بشأن هذه الطبيعة القانونية , وبالتالي ترك أمر تحديد الطبيعة القانونية لهذا الحق لكل طرف من الأطراف المتعاقدة على حدة . لذلك فإنه يصبح من حق كل طرف من أطراف المعاهدة أن يطبق أحكام الحل الشامل من خلال المسميات التي تتفق مع طبيعة النظام القانوني و التشريعي الذي يتبناه , و بالتالي أن يتضمن ذلك الحق الاستئثاري بعض الحقوق الأخرى ، مثل حق التوزيع أو حق النقل إلى الجمهور , طالما أن هذه الحقوق توافق مع ما ألزمت به الإتفاقية من ضرورة منح هذا الحق الاستئثاري لأصحاب الحقوق محل التنظيم .
وعلى غرار ما سبق و أوضحناه في شأن المادة 8 من معاهدة حق المؤلف، فإنه من المستقر أن مجرد توفير تسهيلات مادية لتيسير النقل لا يرقى بحد ذاته إلى معنى النقل في مفهوم أي من معاهدتي الويبو بشأن حق المؤلف أو الأداء و التسجيل الصوتي . و يتيح ذلك على وجه الخصوص التعامل بسهولة و بغير معوقات مع موضوعات تحديد التزامات و مسئوليات موردى الخدمات في الشبكات الرقمية مثل شبكة الإنترنت.
سادسا : نطاق حقوق فناني الأداء :
يتطابق نطاق حقوق فناني الأداء في معاهدة الويبو مع النطاق الذى تغطيه اتفاقية التريبس.
و على ذلك فإن الحقوق محل التنظيم بالمعاهدة تنحصر في أوجه الأداء السمعية الحية وأوجه الأداء المثبتة في تسجيلات صوتية.
و بالرغم من أن خلافا قد ثار حول تحديد المقصود بالتثبيت في مفهوم الفقرة الثانية من المادة السادسة من معاهدة الويبو بشأن الأداء و التسجيل الصوتي , فذهب البعض إلى اقتصاره على التسجيل الصوتي, و ذهب البعض الآخر إلى امتداده إلى كل أنواع التثبيت , إلا أننا نعتقد بأن التثبيت المقصود في المعاهدة هو تثبيت التسجيلات الصوتية دون غيرها . فمن ناحية أولى, فإن أيا من الاتفاقيات أو المعاهدات الدولية لم تخرج عن هذا الإطار بعد . و من ناحية ثانية , فإن هذا هو ما يظهر بوضوح من تعريف التثبيت في المادة الثانية من المعاهدة . فحــيث جاء تعريف التثبيت بأنه " ليس إلا تجسيدا "للأصوات أو لكل تمثيل لها، يمكن بالانطلاق منه إدراكها أو استنساخها أو نقلها بإدارة مناسبة", فإن هذا التعريف يصبح ملزما و لا يجوز الإنحراف عنه .
سابعا : حقوق فناني الأداء المعنوية و المالية
تصدت المعاهدة في الفصل الثاني لحقوق فناني الأداء المعنوية و المالية من خلا ل ما وردت به نصوص المادتين 5 و 6 , و ذلك على النحو التالي :
ورد نص المادة 5 المعنون " حقوق فناني الأداء المعنوية" بما يلي :
"1- بغض النظر عن الحقوق المالية فنان الأداء بل و حتى بعد انتقال هذه الحقوق، فإن فنان الأداء يحتفظ، فيما يتعلق بأدائه السمعي الحي أو أدائه المثبت في تسجيل صوتي، بالحق في أن يطالب بأن ينسب أداؤه إليه إلا في الحالات التي يكون فيه الامتناع عن نسب الأداء تمليه طريقة الانتفاع بالأداء، وله أيضا الحق في الاعتراض على كل تحريف أو تشويه أو أي تعديل آخر لأدائه يكون ضارا بسمعته.
2- الحقوق الممنوحة لفنان الأداء بمقتضى الفقرة السابقة تظل محفوظة بعد وفاته وإلى حين انقضاء الحقوق المالية على الأقل، ويمارس هذه الحقوق الأشخاص أو الهيئات المصرح لها في تشريع الطرف المتعاقد المطلوب توفير الحماية فيه. ومع ذلك، فإن الأطراف المتعاقدة التي لا يتضمن تشريعها المعمل به، عند التصديق على هذه المعاهدة أو الانضمام إليها، نصوصا تكفل الحماية بعد وفاة فنان الأداء لكل الحقوق المنصوص عليه في القبرة السابقة يكون لها الحق في النص على أن بعض هذه الحقوق لا يحتفظ بها بعد وفاته.
3- وسائل الطعن للمحافظة على الحقوق المقررة في هذه المادة يحكمها تشريع الطرف المتعاقد المطلوب توفير الحماية فيه".
وبشأن حقوق فناني الأداء المالية في أوجه أدائهم غير المثبتة فقد ورد نص المادة 6 بأنه :
" يتمتع فنانو الأداء بالحق الاستئثاري في التصريح بما يلي فيما يتعلق بأوجه أدائهم:
1- إذاعة أوجه أدائهم غير المثبتة ونقلها إلى الجمهور إلا إذا سبق للأداء أن كان أداء مذاعا؛
2- وتثبيت أوجه أدائهم غير المثبتة" .
1- حقوق فناني الأداء المعنوية:
ورد نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من المعاهدة و كما يتضح من عباراته مقررا لحق الأبوة ( أن ينسب الأداء إلى المؤدي ) , بالإضافة إلى تقرير الحق في احترام الأداء . و بالتالي الحق في الاعتراض على كل تحريف أو تشويه أو أي تعديل آخر لأدائه يكون ضارا بسمعته.
و بالرغم من هذه الحقوق تشتبه بالحقوق المقررة للمؤلف وفقا لما ورد به نص المادة 6 ثانياً من اتفاقية برن , إلا أن طبيعة الحق المجاور تقتضي بذاتها أن يكون مقدار الحماية أقل مساحة من الحماية المقررة لحق المؤلف . لذلك فقد أتاح النص في المعاهدة الخاصة بفناني الأداء التجاوز عن تلك الحماية فى الحالات التى يكون فيه الامتناع عن نسبة الأداء تمليه طريقة الانتفاع بالأداء.
2- حقوق فناني الأداء المالية
إضافة إلى "الحق في إتاحة الأداء للجمهور" الذي تم تناوله تحت عنوان" جدول الأعمال الرقمي" أعلاه والحق في التوزيع الذي يتم تنأوله أدناه, تنص معاهدة الويبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتى على ذات الحقوق المالية المنصوص عليها في اتفاق تريبس, وهي حق إذاعة الأداء غير المثبت ونقلة إلى الجمهور (إلا إذا سبق للأداء أن كان أداء مذاعا, و على نحو ما ورد بذلك نص المادة 16) , والحق في الاستنساخ والحق في التأجير (المواد 6و7و9) وهما ذات الحقان اللذان تم منحهما لأصحاب الحقوق المجاورة في اتفاقية التريبس بموجب المادتين 14/1 و 14/4 .
وفيما يتعلق بالحق في التوزيع , فقد ورد نص المادة 8/1 من المعاهدة بمنح فنانو الأداء حقا استئثاريا في التصريح بإتاحة النسخة الأصلية وغيرها من النسخ عن أوجه أدائهم المثبتة في تسجيلات صوتية للجمهور و الترخيص لهم ببيعها أو نقل ملكيتها بأي طريق .
هذا و قد تناولت الفقرة الثانية من المادة الثامنة مسألة استنفاد الحق الاستئثاري في الترخيص بالنقل و التوزيع , و انتهت إلى ترك الخيار حرا أمام كل دولة في هذا الشأن , فلم توجد التزاما باختيار أي من نظامي الاستنفاد ( الاستنفاد الوطني أو الاستنفاد الدولي) , سواء في حالات بيع النسخة الأصلية أو أي نسخة أخرى أو نقل ملكيتها أو التنازل عن حق الاستغلال بناء على تنازل أو ترخيص صاحب الحق .
حق الاستنساخ و تخزين المصنفات المعدة في شكل رقمي على دعامة إلكترونية:
لم تتضمن معاهدة الويبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتي أي أحكام تتعلق بتطبيق حق الاستنساخ على تخزين المصنفات المعدة في شكل رقمي في دعامة إلكترونية. و مع ذلك فقد اعتمد المؤتمر الدبلوماسي بيانا متفقا عليه جاء فيه أن حق الاستنساخ، وكما ورد به نص المادتان 7 و 11 من المعاهدة، والاستثناءات المقررة بناء على المادة 16، ينطبق انطباق كاملا على ما يتم إنتاجه وتداوله في المحيط الرقمي، و بصفة خاصة فيما يتعلق بالانتفاع بأوجه الأداء والتسجيلات الصوتية التي تتخذ الشكل الرقمي.
و على ذلك فإن تخزين أداء أو تسجيل صوتي رقمي على دعامة إلكترونية يعد من قبيل الاستنساخ في مفهوم معاهدة الويبو بشأن الأداء و التسجيل الصوتي .
و على هذا فمن الواضح الذي لا يحتمل جدلا أن المعاهدة تصبح واجبة التطبيق في شأن حقوق الاستنساخ في المحيط الرقمي ,و بغض النظر عما إذا كان الاستنساخ قد تم في شكل رقمي ، أو أن الاستنساخ كان مؤقتا.
كذلك , فإن هذا المفهوم المتطور لحق الاستنساخ يــؤدي إلى تطبيق المادة 16 من المعاهدة, و بالتالي اعتماد أي استثناءات يكون لها ما يبررها في التشريع الوطني بشأن الاستنساخ العابر والعرضي , و على النحو بالضوابط السابق بيانها حينما تعرضنا لذات الموضوع في معاهدة الويبو بشأن حق المؤلف .
ثامنا : حقوق منتجي التسجيلات الصوتية:
1- حق التصريح بإتاحة نقل و توزيع التسجيلات : بالإضافة إلى ما قررته المعاهدة من حق استئثاري لأصحاب الحقوق المجاورة في الإتاحة و على النحو الذي سبق لنا معاجته في تحديد المقصود منه و ما تعلق به من تفصيلات عن مناقشة مشكلات جدول الأعمال الرقمي و الحل الشامل وحق التوزيع, فلقد أوردت معاهدة الويبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتى في شأن منتجي التسجيلات الصوتية و بموجب المادتين 11 و 13حقين آخرين هما حق الاستنساخ وحق التأجير .( وهو ذات المنهج الذي تمنه نص الفقرتين الثانية و الرابعة من المادة 14 من اتفاقية التريبس .
أما المادة الثانية عشرة فقد تناولت حق فناني الأداء في توزيع أوجه أدائهم غير المثبتة في تسجيلات صوتيه .
2- الحق في الحصول على مكافأة مقابل الإذاعة أو النقل الى الجمهور :
ورد نص المادة 15 من المعاهدة بتقرير حق فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية في الحصول على مكافأة مقابل الإذاعة أو نقل العمل او التجيل إلى الجمهور . و يجدر بالملاحظة في هذا الشأن أن معاهدة الويبو بشأن حقوق فناني الأداء و منتجي التسجيلات الصوتية قد انتجت نهج نص المادة 12 من اتفاقية روما في هذا الشأن مع تبني ذات التحفظات المقررة في الفقرة الأولى /أ من المادة 16 من هذه المعاهدة الأخيرة .
و يلاحظ ايضا في معاهدة الويبو بشأن حقوق فناني الأداء و منتجي التسجيلات الصوتية أنها و بقصد مسايرة التقنيات الحديثة , فإنها قد اعتبرت في الفقرة الرابعة من نص المادة 15 - و لأغراض تطبيق هذه المادة - التسجيلات الصوتية للجمهور بوسائل سلكية بما يمكن أفرادا من الجمهور من الاطلاع عليها من مكان وفي وقت يختارهما الواحد منهم بنفسه كما لو كانت قد نشرت لأغراض تجارية .
و يجدر بنا أخيرا أن نوضح أن ما توصلت إليه المعاهدة من نصوص لا يعتبر الحل الأمثل أو الأكمل لمستويات الحماية و الحقوق التي كان من الواجب تقريرها لمنتجو التسجيلات الصوتية وفنانو الأداء. و لذلك فقد اتفق في المؤتمر الدبلوماسي على البيان الذي انتهى إلى التوافق على ضرورة السعي في محاولات أخرى لإيجاد نصوص منظمة لهذه الحقوق و لتلك الحماية الواجبة في وقت لاحق .
تاسعا : التقييدات والاستثناءات
ورد نص الفقرة الأولى من المادة 16 من معاهدة الويبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتي للطرف المتعاقد بأنه : " يجوز للطرف المتعاقد أن ينص فى تشريعه الوطنى على تقييدات أو استثناءات للحماية الممنوحة لفنانى الأداء ومنتجى التسجيلات الصوتية من النوع ذاته الذى ينص عليه فى تشريعه الوطنى لحماية حق المؤلف فى المصنفات الأدبية والفنية.".
و يلاحظ في هذا الصدد أن معاهدة الويبو تميزت بأنها قيدت الاستثناءات و التقييدات المصرح للدول المتعاقدة أن تنص عليها في تشريعاتها الوطنية , بأن تكون من النوع ذاته الذى ينص عليه فى التشريع الوطنى بشأن حماية حق المؤلف فى المصنفات الأدبية والفنية.
ومن ناحية أخرى , فإن يجدر بالملاحظة أن معاهدة الويبو اختلفت عن منهج معاهــدة روما (المادة 15/2) في شأن التقييدات الخاصة بإمكان التصريح في التشريع الوطني للآخرين بالانتفاع بمقتطفات قصيرة لأغراض نقل الأحداث الجارية , و بالانتفاع لأغراض خاصة, والتثبيتات المؤقتة التي تعهد لهيئات الإذاعة . فبينما يمكن التصريح بهذه التقييدات بغير حاجة لاتباع معيار الخطوات الثلاثة في اتفاقية روما , فإن المعاهدة أدخلت كل التقييدات التي يمكن للدولة المتعاقدة أن تتيحها في إطار الاتزام بمعيار الخطوات الثلاثة .
و بالرغم من أن هذا التشدد في إطار المقارنة باتفاقية روما يتماشى مع نهج اتفاقية برن في شأن في شأن الإلزام باتباع معيار الخطوات الثلاثة حينما يتعلق التقييد بتقرير الانتفاع للأغراض الخاصة ( نطبيقا للمادة 9/2 من برن ) , إلا أن ما ورد به نص الفقرة الأولى من المادة 16 من معاهدة الويبو في شأن التقييدات المتعلقة بالتصريح بالانتفاع بمقتطفات صغيرة , و التقييد الخاص بالتثبيتات المؤقتة لهيئات الإذاعة , فقد كانت معاهدة الويبو أكثر تشددا من اتفاقية برن التي لم تستلزم تطبيق معيار الخطوات الثلاثة بالنسبة لها.
على أن هذه المعاهدة – و كما هو الشأن في ماهدة الويبو بشأن حق المؤلف - قد نصت في الفقرة الثانية من المادة السابقة ( 16 ) على المحددات و المقيدات لسلطة الدولة المتعاقدة في الاستثناء من نصوصها , و ذلك باتباع المعيار المعروف باسم معيار الخطوات الثلاثة . و يقتضي هذا المعيار الاخير ألا تقيد أي دولة متعاقدة الحقوق المقررة لأصحابها بموجب المعاهدة إلا إذا : 1- كان الأمر متعلقا بحالات خاصة استثنائية 2- ألا يكون ذلك الاستثناء متعارضا والاستغلال العادى للأداء أو التسجيل الصوتى 3- ألا يتسبب هذا الاستثناء في الإضرار بغير مبرر بالمصالح المشروعة لفنان الأداء أو منتج التسجيلات الصوتية.
التقييدات والاستثناءات في المحيط الرقمى:
أعلن المؤتمر الدبلوماسى أن البيان المعتمد و المتفق عليه بشأن أحكام المادة 10 معاهدة حق المؤلف ينطبق أيضا على المادة 16 و التي نظمت التقييدات والاستثناءات في معاهدة الأداء والتسجيل الصوتى.
وبالرجوع إلى البيان الوارد بشأن المادة 10 من معاهدة الويبو بشأن حق المؤلف , فإننا نخلص إلى أن الأطراف المتعاقدة تستطيع و يسمح لها بمد التقييدات والاسثناءات الواردة في قوانينها الوطنية التى اعتبرت مقبولة بناء على اتفاقية برن إلى المحيط الرقمى وتطبيقها عليه على النحو المناسب. و أن الأطراف المتعاقدة تستطيع وضع استثناءات وتقييدات جديدة مناسبة لمحيط الشبكات الرقمية. على أنه يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن المواد الواردة بالمعاهدتين ليس من شأنها أن تحد أو أن تمد نطاق تطبيق التقييدات والاستثناءات المسموح بها في اتفاقية برن , و بصفة خاصة أن التقييدات و الاستثناءات في معاهدتا الويبو تلتزمان بمعيار الخطوات الثلاثة و بشكل أكثر تشددا مما تمسكت به اتفاقية برن ذاتها , و على النحو السابق إيضاحه .
عاشرا : مـدة الحمايـــة
ورد نص المادة 17 من معاهدة فناني الأداء و منتجي التسجيلات الصوتية بأن:
"1- تسرى مدى الحماية الممنوحة لفنانى الأداء بناء على هذه المعاهدة حتى نهاية مدة 50 سنة، على الأقل ، من نهاية السنة التى تم فيها تثبيت الأداء فى تسجيل صوتى.
2- تسرى مدة الحماية الممنوحة لمنتجى التسجيلات الصوتية بناء على هذه المعاهدة حتى نهاية مدة 50 سنة، على الأقل، اعتبارا من نهاية السنة التى تم فيها نشر التسجيل الصوتى، أو اعتبارا من نهاية السنة التى تم فيها التثبيت إذا لم يتم النشر فى غضون 50 سنة من تثبيت التسجيل الصوتى.".
تطابقت معاهدة الويبو في تبنيها لمعيار حساب مدة حماية حق الأداء المثبت مع ما وردت به اتفاقية التريبس , حيث يتم فيهماحساب مدة الحماية اعتبارا من تاريخ التثبيت . على أن معاهدة الويبو لم تنظم معيارا لبدء مدة الحماية في شأن الأداء غير المثبت بالمخالفة لمنهج التريبس الذي اعتمد على حساب مدة الحمايةاستنادا اإلى السنة التي تم فيها الأداء .
أما بالنسبة لمدة حماية التسجيلات الصوتية , فإن معاهدة الويبو قررت مدة حماية أطول نسبيا من التي قررتها اتفاقية التريبس . فبينما قررت اتفاقية التريبس الحماية لمدة خمسون عاما من تاريخ تثبيت التسجيل , فإن المعاهدة قررت الحماية لذات المدة و لكن اعتبارا من تاريخ نشر التسجيل الثبت. و هو ما يعني امتداد مدة الحماية لمدة تساوي الفترة الزمينة بين التثبيت و بين النشر .
حادي عشر : الإجراءات الشكلية
أوضح نص المادة 20 من معاهدة الويبو بشأن فناني الأداء و منتجي التسجيلات الصوتية , أن التمتع بالحقوق المنصوص عليها في المعاهدة أو ممارسةهذه الحقوق لا يخضع لأي إجراء شكلى.
" لا يخضع التمتع بالحقوق المنصوص عليها فى هذه المعاهدة أو ممارستها لأى إجراء شكلى.".
ثاني عشر : التطبيق الزمني
ورد نص المادة 22 من معاهدة الويبو بشأن فناني الأداء و منتجي التسجيلات الصوتية بأنه :
"1- تطبق الأطراف المتعاقدة أحكام المادة 18 من اتفاقية برن مع ما يلزم من تبديل على حقوق فنانى الأداء ومنتجى التسجيلات الصوتية المنصوص عليها فى هذه المعاهدة.
2- بالرغم من أحكام الفقرة (1)، يجوز للطرف المتعاقد أن يقصر تطبيق المادة 5 من هذه المعاهدة على أوجه الأداء المنجزة بعد دخول هذه المعاهدة حيز التنفيذ بالنسبة إلى ذلك الطرف.".
ثالث عشر : إنفاذ الحقوق
ورد نص المادة 23 من المعاهدة بأنه :
"1- تتعهد الأطراف المتعاقدة بأن تأخذ، وفقا لأنظمتها القانونية، التدابير اللازمة لضمان تطبيق هذه المعاهدة.
2- تكفل الأطراف المتعاقدة أن تتضمن قوانينها إجراءات إنفاذ تسمح باتخاذ تدابير فعالة ضد أى تعد على الحقوق التى تغطيها هذه المعاهدة، ما فى ذلك توقيع الجزاءات العاجلة لمنع التعديات والجزاءات التى تعد رادعا لتعديات أخرى.".
رابع عشر : الأحكام الإدارية والختامية
تتضمن المواد من 24 إلى 33 من معاهدة الويبو بشأن فناني الأداء و منتجي التسجيلات الصوتية الأحكام الإدارية والختامية للمعاهدة.
وكما أسلفنا بيانه , فإن الفرق الوحيد بين معاهدتا الويبو بشأن حق المؤلف و بشأن الأداء و التسجيل الصوتي وبين المعاهدات الأخرى يتمحور حول ميزتين ، إمكانية انضمام المنظمات الدولية الحكومية و الجماعة الأوروبية إلى المعاهدة , بالإضافة إلى زيادة عدد وثائق التصديق أو الانضمام اللازمة لدخول المعاهدة حيز التنفيذ.
ولقد ورد نص المادة 26 من المعاهدة على تحديد من لهم الحق في الانضمام إلى المعاهدة:
"1- يجوز لأى دولة عضو فى الويبو أن تصبح طرفا فى هذه المعاهدة.
2- يجوز للجمعية أن تقرر قبول أى منظمة دولية حكومية لتصبح طرفا فى هذه المعاهدة، شرط أن تعلن تلك المنظمة أن لها صلاحية النظر فى الموضوعات التى تشملها هذه المعاهدة ولها تشريعا خاصا عن تلك الموضوعات ملزما لكل الدول الأعضاء فيها وأنها مفوضة تفويضا صحيحا، وفقا لنظامها الداخلى، لأن تصبح طرفا فى هذه المعاهدة.
3- يجوز للجماعة الأوربية، إذ تقدمت بالإعلان المشار إليه فى الفقرة السابقة فى المؤتمر الدبوماسى الذى اعتمد هذه المعاهدة، أن تصبح طرفا فى هذه المعاهدة.".
انتهت الوثيقة .
منقول للفائدة .
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma