المقدمة:
يشمل التنظيم القضائي مجموعة القواعد القانونية المنظمة للسلطة القضائية بشكل عام والمتعلقة بالجهات القضائية على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتشكيلاتها، وكذا الشروط المتعلقة بتعين القضاة ووضعيتهم خلال الخدمة وحالات إنهائها، بالإضافة إلى نظام انضباطهم, كما تمتد قواعد التنظيم القضائي، لتشمل أسلاك أعوان القضاء ومساعديه من أمناء ضبط ومحامين و محضرين و محافظي ببيع بالمزاد العلني و خبراء، و قد مر التنظيم القضائي في بلادنا بعدة محطات أساسية، أهمها مرحلة الإصلاح القضائي لسنة 1965 و الذي كرس نظام وحدة القضاء الذي استمر مدة معتبرة إلى غاية صدور دستور 1996 ،وقد تبنى هذا الأخير نظام الازدواجية القضائية لتتميز الفترة الأخيرة للبلاد بمتطلبات اجتماعية و اقتصادية و سياسية أملت ضرورة إعادة النظر في الكثير من المفاهيم التي تحكم التنظيم القضائي الجزائري، مما أدى إلى ظهور توجهات جديدة تم تفعيلها بإحداث اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة سنة 1999، و قد بدأت ثمار الإصلاحات تظهر من خلال مراجعة العديد من النصوص التي لها علاقة بالتنظيم القضائي كالقانون الأساسي للقضاء و القانون العضوي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء و كذا إلغاء الأمر رقم 65-278 بصدور القانون العضوي رقم 05/11 المتعلق بالتنظيم القضائي .
لذلك فان أهمية دراسة موضوع التنظيم القضائي تكمن في ضرورة الإلمام بحاصل التطورات الراهنة التي مست العديد من القوانين ذات العلاقة بقواعد التنظيم القضائي ، وذلك بالنظر إلى مختلف المحطات التي مر بها ، ومن ثمة إعطاء صورة شاملة لمختلف أجهزة ومؤسسات المنظومة القضائية الجزائرية العادية منها والإدارية وكذا وعن طرق دراسة استشرافية محاولة التطلع إلى آفاق وتوجهات التنظيم القضائي الجزائري على ضوء هذه المستجدات،وعليه فان الإشكالات التي يطرحها الموضوع هي كالآتي:
ما هي مختلف المراحل التي مر بها التنظيم القضائي في الجزائر ؟ وما هي آفاقه وتوجهاته الجديدة؟ والى أي مدى تم تكريس هذه التوجهات في القانون العضوي رقم 05-11 المتعلق بالتنظيم القضائي؟ ومن ثمة على ماذا يشمل التنظيم القضائي الجزائري الراهن في جانبه البشري والهيكلي؟
ولمعالجة هذه الإشكالات ارتأينا تقسيم هذه الدراسة إلى فصلين ، نتناول في الأول مختلف المراحل التي مر بها التنظيم القضائي الجزائري من مرحلة الوحدة إلى الازدواجية القضائية ، وكذا مختلف التوجهات الجديدة له وصدور القانون العضوي رقم 05-11 المتعلق بالتنظيم القضائي ، متبعين في ذلك منهجا تحليليا لنقف على أهم المميزات التي ستسود التنظيم القضائي الجزائري بعد الإصلاحات ، أما في الفصل الثاني نتناول الإطار البشري والهيكلي لمرفق القضاء الجزائري الراهن بما فيه من قضاة وأعوانهم ومختلف أجهزة النظام القضائي العادي والنظام القضائي الإداري والجهات القضائية المتخصصة بالإضافة إلى أجهزة الإدارة القضائية ، لنقف على مواطن المقارنة مع الأنظمة القضائية المشابهة كمصر وتونس وفرنسا عند الاقتضاء ،وعلى ضوء هذا التقسيم نبرز خطة دراسة الموضوع كالآتي:
الخطة :
- المقدمة :
-الفصل الأول : تطور التنظيم القضائي الجزائري و التوجهات الجديدة
-المبحث الأول : المراحل التي مر بها التنظيم القضائي .
-المطلب الأول : مرحلة الوحدة (الإصلاح القضائي لسنة 1965)
-المطلب الثاني : مرحلة الازدواجية القضائية (إبتداءا من سنة 1996)
-المبحث الثاني : التوجهات الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري وصدور القانون العضوي رقم 05/11 المتعلق بالتنظيم القضائي
-المطلب الأول : التوجهات الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري
- المطلب الثاني : صدور القانون العضوي رقم 05/11 المتعلق بالتنظيم القضائي
-المبحث الثالث :مميزات النظام القضائي الجزائري بعد الإصلاحات
- المطلب الأول : تعزيز العدالة الجوارية
- المطلب الثاني : القضاء المتخصص
-الفصل الثاني :الإطار البشري والهيكلي لمرفق القضاء في الجزائر
- المبحث الأول : مرفق القضاء في محتواه البشري
- المطلب الأول : القضاة
- المطلب الثاني : أعوان ومساعدي القضاء
- المبحث الثاني : أجهزة التنظيم القضائي
- المطلب الأول : أجهزة النظام القضائي العادي
- المطلب الثاني : أجهزة النظام القضائي الإداري
-المطلب الثالث : الجهات القضائية المتخصصة
-المبحث الثالث : أجهزة الإدارة القضائية
-المطلب الأول : وزارة العدل
-المطلب الثاني : المجلس الأعلى للقضاء
-الخاتمة:
الفصل الأول
تطور التنظيم القضائي الجزائري
عرف التنظيم القضائي في الجزائر عدة مراحل وقد مر بمحطات أساسية بموجبها تم تبني الأحادية ثم نظام الازدواجية القضائية ، فبعد الاستقلال مباشرة توجهت السياسة التشريعية إلى توحيد جهات القضاء في نظام قضائي واحد ينسجم و ظروف المجتمع الجزائري(1)، حيث أصدرت الجمعية العامة التأسيسية القانون رقم 62-157 و الذي نص على إبقاء العمل بالنصوص السابقة ما لم تتعارض مع السيادة الوطنية كما نص الأمر 62-49 على التعين المؤقت للإطارات الجزائرية في مناصب القضاء، مما ساعد على تحكم الجزائريين في القضاء في الشهور الأولى بعد الاستقلال، وقصد إحالة قضايا الجزائريين من محكمة النقض ومجلس الدولة الفرنسيين إلى الجهات القضائية الجزائرية ثم إبرام بروتوكول مع فرنسا بتاريخ 28/08/1962 ، وعلى إثره أنشأ المجلس الأعلى(المحكمة العليا) بموجب القانون رقم 63-218 المؤرخ في 28/08/1963 والذي كان يتكون من أربعة غرف (غرفة القانون الخاص – الغرفة الاجتماعية – الغرفة الجنائية- الغرفة الإدارية) (2)، وفي سنة 1965 صدر الأمر 65/278 المؤرخ في 16/11/1965 المتضمن التنظيم القضائي والذي بموجبه تبنت الجزائر نظام وحدة القضاء والذي استمر العمل به إلى غاية صدور دستور 1996، وقد كرس هذا الأخير نظام الازدواجية القضائية ، ثم ظهرت على مستوى التنظيم القضائي الجزائري مجموعة من التوجهات كللت أخيرا بصدور القانون العضوي رقم 05/11 المتضمن التنظيم القضائي وعليه سنتناول في المبحث الأول مختلف المراحل التي مر بها التنظيم القضائي الجزائري، وفي المبحث الثاني التوجهات الجديدة وصدور القانون العضوي رقم 05/11 لنخصص المبحث الثالث للمميزات الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري بعد الإصلاحات .
المبحث الأول
المراحل التي مر بها التنظيم القضائي الجزائري
بعد الاستقلال تم إلغاء المحاكم الشرعية و المحاكم التجارية و منح اختصاصهما لمحاكم المرافعات و أصبح التنظيم القضائي الجزائري على الشكل التالي:
المواد المدنية (تختص بها محاكم المرافعات – محاكم المرافعات الكبرى – المجالس الإجتماعية) - المواد
ـــــــــــــــ
(1)- عبد العزيز سعد – أجهزة ومؤسسات النظام القضائي الجزائري-المؤسسة الوطنية للكتاب –ط1988 –ص26
(2)-ساحلي سي علي –طبيعة النظام القضائي الجزائري ومدى فعاليته في مراقبة أعمال الإدارة – معهد العلوم القانونية –الجزائر1985
ص-43
الجزائية (تختص بها محاكم المخالفات – المحاكم الشعبية للجنح – المحاكم الجنائية الشعبية و في الدرجة الثانية
ثلاثة محاكم استئناف مقرها الجزائر العاصمة – قسنطينة – وهران)(1) ، كما تم الإحتفاظ بالمحاكم الإدارية الثلاث الموجودة بالجزائر العاصمة و قسنطينة و وهران(2) ، الأمر الذي جعل التنظيم القضائي على هذه الصورة يمتاز بتوحيد قمته و إزدواجية الجهات القضائية الدنيا (القضاء العادي و القضاء الإداري)(3) ، غير أنه ما لبث المشرع الجزائري يضع مشروعا إصلاحيا تضمنه الأمر رقم 65 -278 الذي ألغى النظام السابق و أرسى نظام وحده القضاء ليستمر إلى غاية 1996 و هذا ماسنتناوله من خلال المطلب الأول و الثاني.
المطلب الأول
نظام وحدة القضاء (الإصلاح القضائي لسنة 1965)
يقصد بنظام وحده القضاء أن تختص المحاكم المنتمية إلى جهة قضائية واحدة بالفصل في كل المنازعات دون تميز بين المسائل العادية منها والمسائل الإدارية(4)، و قد إتجهت السياسة التشريعية في هذه المرحلة إلى إعادة هيكلية النظام القضائي من نظام الإزدواجية المعمول به و لو جزئيا إلى نظام وحدة القضاء، وقد حمل الإصلاح الأمر رقم 65-278 المؤرخ في 16/11/1965 المتضمن التنظيم القضائي، الذي ألغى النظام القضائي السابق بكامله بما فيه من المحاكم الإدارية و المجالس العمالية و المحاكم التجارية و أنشا 15 مجلسا قضائيا، و نقل إختصاص المحاكم الإدارية إلى ثلاث غرف جهوية ،ثم تلته عدة تعديلات أضافت غرف جديدة(5).
الفرع الأول
الإصلاح القضائي لسنة 1965 / الأمر رقم 65 – 278 المؤرخ في 16/11/1965 المتضمن التنظيم القضائي
صدر الأمر 65-278 وبدأ العمل به في جوان 1966 ،و أنشا خمسة عشر مجلسا قضائيا ورفع عدد
ـــــــــــــــــ
(1)-بوبشير محند أمقرآن – النظام القضائي الجزائري- ديوان المطبوعات الجامعية–ط2 1994-ص202
(2)- الدكتور عمار بوضياف –النظام القضائي الجزائري –دار ريحانة –ط2003 –ص195
(3)-بوبشيرمحند أمقران-نفس المرجع-ص204
(4)- ساحلي سي علي- المرجع السابق-ص44
(5)-عبد العزيز سعد-المرجع السابق-ص79
المحاكم إلى130محكمة(1) ، و أحل المجالس قضائية محل محاكم الإستئناف و المحاكم مكان المحاكم الإبتدائية و المحاكم الإبتدائية الكبرى و نقل إختصاص المحاكم الإدارية إلى ثلاث غرف إدارية ،و هي الغرفة الإدارية لمجلس قضاء : الجزائر-قسنطينة- وهران، و نقل إختصاص المجالس الإجتماعية إلى المجالس القضائية ،و بذلك يكون المشرع قد وضع حدا للإزدواجية القضائية(2)، و تبنى نظام وحدة القضاء ومرد ذلك إلى عدة أسباب أملتها الظروف الإجتماعية و السياسية التي كانت تسود بلاد حديثة العهد بالإستقلال منها:
1-أن التنظيم القضائي الموروث عن الإستعمار يمتاز بالتعقيد و التشعب و العكس من ذلك ما نجده في نظام وحدة القضاء.
2-القضاء المزدوج يتطلب إمكانات بشرية و مادية غير متوفرة بالبلاد ولعل هذا السبب هو الذي جعل المشرع يقصر عدد الغرق الإدارية على ثلاث غرف جهوية بالجزائر العاصمة و قسنطينة ووهران الأمر الذي يجعل التنظيم القضائي في هذه المرحلة على صعيد المنازعات الإدارية لم يجسد مبدأ تقريب العدالة من المتقاضين(3).
الفرع الثاني
التعديلات الواردة على الأمر رقم 65 -278
عرف قانون التنظيم القضائي بعد إصلاح سنة 1965 عدة تعديلات أهمها :
أولا - تعديل قانون الإجراءات المدنية سنة 1971:
جاء الأمر رقم 71 -80 المؤرخ في 29/12/1971 المتضمن تعديل قانون الإجراءات المدنية بتكريس ما نص عليه قانون التنظيم القضائي و المتمثل في إختصاص مجالس قضاء الجزائر قسنطينة ووهران بواسطة غرفها الإدارية للفصل إبتدائيا بحكم قابل لإستئناف أمام المجلس الأعلى في المنازعات التي تكون الدولة أو الولايات أو البلديات أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها مع تمديد إختصاص هذه المجالس لتشمل ولايات مجاورة .
ثانيا - الأمر رقم 74 -73 المؤرخ في 12/07/1974 :
تضمن هذا الأمر إعادة تنظيم المجلس الأعلى الذي أصبح يضم: رئيس أول و نائب الرئيس و سبعة
ــــــــــــــــ
(1)- حسين مصطفى حسين –المرجع السابق –ص69 .70
(2)-الدكتور عمار بوضياف –المرجع السابق –ص200
- ساحلي سي علي –المرجع السابق –ص79
(3)- الدكتور عمار بوضياف –المرجع السابق –ص210
رؤساء غرف و 43 مستشارا كقضاة للحكم و نائبا عاما و سبعة محامين عامين ، و يشكل من سبعة غرف و هي : الغرفة الإدارية – الغرفة المدنية – الغرفة الجزائية الأولى – الغرفة الجزائية الثانية – غرفة الأحوال الشخصية – الغرفة التجارية و البحرية – الغرفة الإجتماعية(1).
ثالثا - القانون رقم 86 -01 المؤرخ في 28/01/1986 المتضمن تعديل قانون الإجراءات المدنية :
و بموجبه تم تعديل المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية على النحو التالي: تختص المجالس القضائية بالفصل إبتدائيا بحكم قابل للإستئناف أمام المجلس الأعلى في جميع القضايا التي تكون الدولة أو الولايات أو البلديات أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري طرفا فيها – تمارس الإختصاصات المذكورة في الفقرة أعلاه من قبل المجالس القضائية التي ستحدد قائمتها و إختصاصها الإقليمي بنص تنظيمي ، و بموجبه صدر المرسوم رقم 86-107 المؤرخ في 29/04/1986 ليرفع عدد الغرف الإدارية إلى 20 غرفة .
رابعا-القانون رقم 90 -23 المؤرخ في 18/08/1990 المعدل و المتمم لقانون الإجراءات المدنية :
بموجبه ثم تعديل المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية التي أعطت الإختصاص للفصل في الطعون بالبطلان في القرارات الصادرة عن الولايات و الطعون الخاصة بتفسيرها و بفحص مشروعيتها للغرف الإدارية الجهوية الموجودة على مستوى مجالس الجزائر – وهران – قسنطينة – بشار – ورقلة ، وبموجب هذا التعديل صدر المرسوم رقم 90-407 المؤرخ في 22/12/1990 يحدد الإختصاص الإقليمي لهذه الغرف(2) ،و الملاحظ أن هذه التعديلات التي مست نص المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية جعلت بعض الدارسين يتساؤلون عن طبيعة الغرفة الإدارية ضمن التنظيم القضائي الجزائري، و فيما إذا كان النظام القضائي يسوده وحدة الهيئات القضائية و إزدواجية المنازعات أم هو نظام الإزدواجية القضائية و هناك من وصفه بأنه نظام وحدة القضاء المرن(3)، غير أن هذا الخلاف حول طبيعة النظام القضائي الجزائري الذي ساد هذه المرحلة لم يعد له محل بعد أن كرس نظام الإزدواجية القضائية بموجب دستور 1996 ،و هذا ما سنتناوله في المطلب الموالي .
المطلب الثاني :
نظام الإزدواجية القضائية (إبتداءا من سنة 1996)
ـــــــــــــــــ
(1)- عبد العزيز سعد –المرجع السابق –ص27 .28
(2)- الدكتور عمار بوضياف-المرجع السابق-ص214 .216
- بوبشير محند امقران –المرجع السابق –ص206 .207
(3)- الدكتور رياض عيسى –ملاحظات حول تعديل قانون الاجراءات المدنية وأثره على طبيعة الغرف الادارية في التنظيم القضائي الجزائري –مقال منشور بنشرية ملتقى القضاة الغرفة الادارية –وزارة العدل –الديوان الوطني للاشغال التربوية -75
تم تبني نظام الإزدواجية القضائية بموجب المادة 152 من دستور 1996 ،الأمر الذي يجعل صورة التنظيم القضائي في هده المرحلة تختلف من حيث الهياكل و الإجراءات عن نظام وحدة القضاء الذي ساد لفترة طويلة(1) ،و مرد ذلك إلى إختلاف المفاهيم و العناصر المميزة للنظامين و التي أخذت بها كل الدول التي تبنتها مثل مصر ، تونس ، فرنسا(2) ، غير أن الإطار القانوني للتنظيم القضائي الإداري في الجزائر ينفرد من حيث مبادئه الأساسية ،الأمر الذي جعل بعض الدارسين يعتبرون أن التغير الذي مس التنظيم القضائي هو مجرد تغيير هيكلة، وأن التنظيم القضائي الجزائري هو بمثابة إزدواجية هيكلية وليست إزدواجية قضائية (3) ، كما أن تبني نظام الإزدواجية القضائية كان وراءه عدة دوافع وأسباب نظرا لأنه جاء في مرحلة اتسمت بتوجهاتها الجديدة ، الأمر الذي استلزم وضع الأليات الكفيلة بإرساء دعائم الإزدواجية على أرض الواقع (4) .
الفرع الأول
أسباب تبني نظام الازدواجية القضائية في الجزائر
هناك عدة أسباب أدت بالمشرع الجزائري إلى تبني نظام الازدواجية القضائية منها :
أولا-تزايد حجم المنازعات الإدارية :
حيث صرح السيد وزير العدل أمام مجلس الأمة في جلسة يوم 21/03/1998 بأن: مهمة الفصل في
تنازع الاختصاص بين مختلف الجهات القضائية ، قد أسندت إلى المحكمة العليا ، ألا أن الواقع العملي وتزايد النزاعات الإدارية وتعقيدها نتيجة التطور السريع للمجتمع ، كل هذا أدى إلى ضرورة إعادة النظر في النظام القضائي السائد(5) .
ثانيا-فكرة التخصص (6) :
لقد اتجهت إرادة المشرع الجزائري وهو يفصل بين القضاء الإداري والقضاء العادي إلى تكريس فكرة
ــــــــــــــــ
(1)- الدكتور عمار عوابدي –النظرية العامة للمنازعات الادارية في النظام القضائي الجزائري –الجزء الأول-القضاء الاداري-ديوان المطبوعات الجامعية-ط3-2004-ص175 .178
(2)- يمتاز القضاء الأمريكي والانجليزي بميزة أساسية وهي محاولة اقامة المساوات المطلقة بين الفرد والدولة عن طريق اخضاعهما لقاض واحد ومرد ذلك لطغيان فكرة الفردية أما ظهور الازدواجية القضائية في فرنسا فقد كان نتيجة ضروف تاريخية – للمزيد من التفصيل انظر –مسعود شهوب –المبادىءالعامة للمنازعات الادارية – أنظمة القضائية المقارنة والمنازعات الادارية –ج1-ديوان المطبوعات الجامعية –ط1999 –ص31. 66
(3)- خلوفي رشيد – النظام القضائي الجزائري –مجلس الدولة –مقال منشور بمجلة الموثق-ع2 جويلية أوت 2001-ص27 .28
(4)- بودريوه عبد الكريم –القضاء الاداري في الجزائر – الواقع والآفاق-مقال منشور بمجلة مجلس الدولة –ع6- 2005-ص9 .11
(5)- الجريدة الرسمية لمداولات مجلس الأمة – السنة الأولى-ع1-ص7
(6)- ساحلي سي علي –المرجع السابق –ص150
التخصص عن طريق تفرغ قضاة إداريين لهم جانب كبير من الدراية والخبرة بطبيعة النزاع الإداري ، خاصة وأن القاضي الإداري تقع على عاتقه مهمة الإجتهاد القضائي ، وقد إهتم التنظيم القضائي في الكثير من الدول بتخصص القضاة(1)،كما أكدت هذا التوجه الكثير من المؤتمرات الدولية التي عقدها الإتحاد الدولي للقضاة(2)، و سنفصل هذه الفكرة في الجزء الخاص بالإتجاهات الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري.
ثالثا-توفر الجانب البشري:
إذا كان الدافع الأساسي لتبني نظام وحدة القضاء بعد الإستقلال هو هجرة القضاة الفرنسيين و عدم وجود العدد الكافي من القضاة الجزائريين لشغل هياكل القضاء الإداري، فإن هذا العائق لم يعد موجودا لتوفر عدد معتبر من القضاة الأكفاء مما يجعل الجانب البشري المتوفر يساعد على القيام بهذا الإصلاح القضائي(3).
رابعا-تغيير المجتمع الجزائري :
عرف المجتمع الجزائري إبتداءا من دستور 1989 تغيرات جذرية على الصعيد الإقتصادي و السياسي و الإجتماعي و الثقافي، مما تطلب بالضرورة إجراء إصلاحات على مستوى الجانب التشريعي، و كذا على مستوى مؤسسات الدولة، كما تطلب الأمر بالضرورة تغيير هيكلة النظام القضائي.
الفرع الثاني
تفعيل نظام الإزدواجية القضائية في التنظيم القضائي الجزائري
بعد تكريس الإزدواجية القضائية بدستور 1996 صدرت عدة قوانين و هي: القانون العضوي رقم 98-01 المؤرخ في 30 ماي 1998 و المتعلق بإختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه و عمله، و القانون رقم 98-02 المتعلق بالمحاكم الإداري و القانون العضوي 98-03 المتعلق بمحكمة التنازع الصادرين بنفس التاريخ، كما صدرت عدة مراسيم تنفيذية أهمها:
1-المرسوم التنفيذي رقم 98-263 المؤرخ في 29 أوت 1998 يحدد كيفيات تعيين رؤساء المصالح و الأقسام لمجلس الدولة و تصنيفهم .
2-المرسوم التنفيذي رقم 98-322 المؤرخ في 13 أكتوبر 1998 يحدد تصنيف وظيفة الأمين العام لمجلس الدولة .
3-المرسوم التنفيذي رقم 98-262 المؤرخ في 29 أوت 1998 الذي يحدد كيــفية إحالة جميع
ـــــــــــــــ
(1)- تم تأكيد هذا الاتجاه في فعاليات الندوة الوطنية الثانية للقضاء – نادي الصنوبر 23 .24 .25 فيفري 1991 – أنظر منشور صادر عن وزارة العدل –ص23
(2) –(3)- الدكتو عمار بوضياف –المرجع السابق –ص230
القضايا المسجلة و المعروضة على الغرفة الإدارية للمحكمة العليا إلى مجلس الدولة .
و إذا كان مجلس الدولة و محكمة التنازع قد تم تنصيبهما فإن الوضع يختلف بالنسبة للمحاكم الإدارية التي لم تنصب بعد، وقد يرجع ذلك لنقص الوسائل المادية ومقرات المحاكم (1) ،وقد لاحظ بعض الدارسين من أجل تفعيل نظام الإزدواجية القضائية الإلتفات إلى المسائل الآتية :
أ – على مستوى النصوص المنظمة للقضاء الإداري :
جاءت نصوص القانون العضوي رقم 98-01 المتعلق بمجلس الدولة والقانون رقم 98-02 المتعلق بالمحاكم الإدارية جد مقتضبة وأحالت في اغلب المسائل الإجرائية إلى قانون الإجراءات المدنية، مما يشكك نسبيا في إستقلالية القضاء الإداري ، ويتعين قصد تكريس الإزدواجية فعلا وضع قانون خاص بالإجراءات الإدارية الذي يتلاءم مع الطبيعة الخاصة للمنازعات الإدارية(2) .
ب- على مستوى الهياكل القضائية :
إن عدم تنصيب المحاكم الإدارية إلى حد الآن و استمرار العمل بنظام الغرف الإدارية ، هو عقبة من عقبات إرساء الإزدواجية الفعلية ، وكلما تم الإسراع في تنصيب هذه المحاكم ، كلما اقتربنا من الأهداف المرجوة من نظام الإزدواجية القضائية(3) ، وهو الأمر الذي بمقتضاه تم اعتبار إصلاح التنظيم القضائي من أولويات إصلاح العدالة في الجزائر، وقد جاء في اتفاقية التمويل الجزائرية الأوربية لمشروع دعم إصلاح العدالة في الجزائر : أن من بين النتائج المنتظرة لهذا المشروع هو الوصول إلى تنظيم قضائي أحسن ، كما تضمنت الإتفاقية العمل على إنشاء 15 محكمة إدارية و خمس مجالس جهوية ، مع تقديم الدعم اللازم لتنظيمها وتسيرها واقتراح كيفية انتقاء القضاة وإلحاقهم وكتاب الضبط المختصين في النظام الإداري(4) . ج- على مستوى الجانب البشري :
إن الوصول إلى قضاء قوي ومستقل سواءا على مستوى النظام القضائي العادي أو الإداري هو في النهاية حكر على فعالية القائمين على شؤونه ، مما يستوجب البحث عن أحسن السبل لإختيار التشكيلة البشرية وضع معاير واضحة لذلك، وإعتماد مبدأ التخصــص بدلا من الخبرة ، فالصيغة الحالية التي تشترط رتبة
مستشار في القاضي الإداري ركزت على فكرة مفادها أن خبرة وكفاءة المستشارين ستمكنهم من مباشرة
ــــــــــــــــ
(1)- الحسين بن الشيخ آث ملويا- المنتقى في قضاء مجلس الدولة-ج1-دار هومة –ط-2002-ص7 .9
(2)- بودريوه عبد الكريم – القضاء الاداري في الجزائر – الواقع والآفاق – مقال منشور بمجلة مجلس الدولة- ع 6- 2005-13
(3)- بودريوه عبد الكريم –المرجع نفسه – ص14
(4)- أنظر اتفاقية التمويل الجزائرية الأوربية لمشروع دعم اصلاح العدالة في الجزائر –ص 1 .2
القضاء الإداري إلى حين وضع السبل الكفيلة بتكوين القضاة المتخصصين في هذا المجال(1)
وإذ كانت النتيجة التي نصل إليها من خلال كل ما تقدم أن التنظيم القضائي الجزائري حاليا تسوده الإزدواجية القضائية ،غير أنها لا تزال في حاجة إلى تفعيل أكثر وجهود إصلاحية وتوجهات جديدة من أجل إرساء تنظيم قضائي قوي وهذا ما سنتناوله بالبحث في المبحث الموالي .
المبحث الثاني
التوجهات الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري وصدور القانون العضوي رقم 05/11
المتعلق بالتنظيم القضائي
إن التوجهات الجديدة لإصلاح التنظيم القضائي في الجزائر في حقيقة الأمر ليس مردها إلى طبيعة هذا التنظيم، ولكن ذلك يعكس وضعية العدالة بشكل عام في الجزائر والتوجهات الطموحة نحو إصلاحها و تعزيز مكانتها ، وعلى هذا الأساس سنتناول مختلف التوجهات في المطلب الأول ونخصص المطلب الثاني لتحليل القانون العضوي رقم 05/11 في إطار هذه التوجهات .
المطلب الأول
التوجهات الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري
قامت اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة بتقديم تقريرها حول الإصلاح بتاريخ 11 جوان 2000 إلى السيد رئيس الجمهورية ، وقد تضمن فيما يتعلق بالتنظيم القضائي عدة مقترحات أهمها :خصخصة أمانة ضبط المحكمة العليا وتوسيع اختصاص وصلاحيات مجلس الدولة الإستشارية لتشمل المراسيم الرأسية ، والمراسيم التنفيذية ذات الطابع التنظيمي ، وإعداد النظام الداخلي لمجلس الدولة ، وتصحيح صياغة المادة 152 من الدستور الفقرة 4 بإستبدال عبارة المحكمة العليا ومجلس الدولة بعبارة النظام القضائي العادي والنظام القضائي الإداري ،كما قدمت اللجنة مقترحات من أجل إعادة تنظيم الجهات القضائية يمكن حصرها في : نظام المحاكم الصغرى ونظام المحاكم ومحاكم الإستئناف (الإحتفاظ بـ 31 مجلسا ) ، وتوسيع إختصاص المحاكم الإدارية لتنظر كمحكمة درجة أولى في الطعون ضد القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية ، وإعادة النظر في الخريطة القضائية للمحاكم الإدارية ، وإستحداثها بقانون العضوي(2) ونتيجة ذلك تم وضع مخطط على مستوى وزارة العدل لتجسيد إصلاح العدالة على المدى القصير والمتوسط مما جاء فيه : العمل على تحـــسين وضعية القاضي ، وتكوينه وتفعيل إستقلاليته ومسؤوليته
ــــــــــــــــ
(1)-(2)- أنظر : إصلاح العدالة – منشور صادر عن وزارة العدل- ص47
وتأهيل مساعدي القضاة ، كما تضمن المخطط العمل على إعادة الإعتبار للجهات القضائية ، ومن أجل تنظيم قضائي أكثر فعالية على المدى المتوسط العمل على إنشاء محاكم الدرجة الأولى ، والمحاكم الكبرى ، بالإضافة إلى تنصيب المحاكم الإدارية الذي يبقى مرتبطا بتخصص القضاة ، كما تضمن المخطط إعادة تنظيم الإدارة المركزية لوزارة العدل ، ونتيجة لهذه المساعي صدرت عدة قوانين بصفة إستعجالية وأخرى على المدى المتوسط، وأهمها فيما يتعلق بالتنظيم القضائي : -قانون الإجراءات الجزائية الذي أنشأ أقطابا قضائية متخصصة في بعض القضايا –مشروع قانون الإجراءات المدنية والإدارية والذي يتضمن تقسيم الإجراءات على مادتين مدني وإداري – القانون العضوي رقم 04-11 المتضمن القانون الأساسي للقضاء – القانون العضوي رقم 04-12 المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، ثم صدر أخيرا القانون العضوي رقم 05-11 المؤرخ في 17 يوليو2005 والمتعلق بالتنظيم القضائي .
ومن خلال هذا التحليل نجد أن هناك توجهات جديدة بدأت ملامحها تظهر إبتداءا من دستور 1989 ، فقد تضمنت الندوة الوطنية الثانية للقضاء سنة 1991 فصلا كاملا خاصا بتطلعات وأفاق جهاز العدالة وأشارت هذه التطلعات إلى ضرورة تنظيم وتطوير جهاز العدالة من أجل ضمان نجاعة وفعالية القضاء ،وذالك بالتركيز على تكوين القضاة والتخصص القضائي(1) ، مما أدى إلى تبني دستور 1996 أول هذه التوجهات ،وهي نظام الإزدواجية القضائية لنجد في الحركة المثابرة للإصلاح والمساعي الجادة منذ تنصيب لجنة إصلاح العدالة من طرف السيد رئيس الجمهورية التوجهات الآتية : ـ تخصيص جهات قضائية بحسب عدد السكان وحجم المنازعات ـ تخصص القضاة ـ وضع عدالة جوارية ـ تحسين طرق اللجوء إلى القضاء ، وسنحاول بدراسة تحليلية معرفة إلى أي حد أخذ القانون العضوي رقم 05/11 بهذه التوجهات .
المطلب الثاني
صدور القانون العضوي رقم05/11 المؤرخ في17/06/2005 المتعلق بالتنظيم القضائي(2)
يعتبر هذا القانون خطوة هامة نحو تكريس التوجهات الجديدة وإعادة هيكلة شاملة للتنظيم القضائي ، وقد أكد ذلك السيد وزير العدل في كلمته الإفتتاحية بمناسبة فعاليات الندوة الوطنية لإصلاح العدالة(3) التي جاء فيها : أنه كان من المنطقي أن تعقب عمليات تعديل المبادئ المستعجلة إيلاء العناية بالمؤسسات التي يقع على كاهلها الجزء الكبير في تحسين نوعية الأداء ،وفي المواكبة الموجبة لعـملية الإصلاح التي هي
ـــــــــــــــــ
(1)- أنظر المنشور الصادر عن وزارة العدل حول فعاليات الندوة الوطنية الثانية للقضاء – نادي الصنوبر 23 .24 .25 فبراير 1991 –ص23
(2)- الجريدة الرسمية- العدد51
(3)- أنظر المنشور الصادر عن وزارة العدل حول فعاليات الندوة الوطنية لاصلاح العدالة –نادي الصنوبر 2005 –ص23
كما قلت عملية متواصلة والتي يتحقق إكتمالها بالقانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي ، هذا القانون الذي جاء تحصيلا لدراسات مستفيضة قامت بها وزارة العدل ، وقاربت خلالها بين الواقع التنظيمي الموجود والإحتياجات القضائية القائمة ، أو التي ستطرح في المستقبل والتي تتجه بالتأكيد إلى المزيد من التشابك والتعقيد بسبب التحولات الإقتصادية والإجتماعية الجارية .
وسنتناول بالدراسة مختلف المسائل التي تضمنها هذا القانون في نصه الأصلي على ضوء مراقبة المجلس الدستوري لها :
أولا : أحكام تتعلق بإختصاص محكمة التنازع والمحكمة العليا ومجلس الدولة والمحاكم الإدارية وكذا دور النائب العام ومحافظ الدولة :
اعتبر المجلس الدستوري هذه الأحكام لا تتعلق بالتنظيم القضائي كونها من جهة تدخل في المجال المحدد في المادة 153 من الدستور والقوانين العضوية المتعلقة بتنظيم المحكمة العليا ومجلس الدولة ومحكمة التنازع وعملهم واختصاصاتهم ، ومن جهة أخرى أعتبر المادتين :6 ،28 ( قبل المطابقة) تدخلان ضمن مجال التشريع المنصوص عليه بالمادة 122 من الدستور، بالإضافة إلى أن هذه المواد هي مجرد نقل حرفي لما ورد بالمادة 153 من الدستور والقوانين العضوية الأخرى وخلص المجلس الدستوري أن المشرع قد أخل بالمبدأ الدستوري القاضي بتوزيع مجالات الإختصاصات .
ثانيا : إنشاء أقطاب قضائية متخصصة:
لا شك أن تخصيص جهات القضاء و تخصص القضاة هما من التوجهات الحديثة البارزة للتنظيم القضائي الجزائري، و أن السعي الحثيث من أجل تفعيل هذا التوجه قد يضعه على عتبة المبادئ الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري، ذلك أن إلتفات لجنة إصلاح العدالة إلى هذا الجانب لم يكن إعتباطيا، بل أملته "الإحتياجات القضائية القائمة أو التي ستطرح في المستقبل و التي تتجه بالتأكيد إلى المزيد من التشابك و التعقيد بسبب التحولات الإقتصادية و الإجتماعية الجارية(1)، و قد جاء في إتفاقية التمويل الجزائرية الأوروبية لمشروع دعم إصلاح العدالة في الجزائر أن: هذا المشروع يهدف إلى دعم التخصص و تكوين القضاة داخل و خارج الوطن للإستجابة للمتطلبات المستجدة، الناتجة عن التزايد المطرد للمنازعات التي يجب عليهم الفصل فيها(2)، و نظرا لأهمية نظام التخصص القضائي فقد عقدت له عدة مؤتمرات دولية منها مؤتمر روما 1958 و مـؤتمر نيس 1972 ومؤتمر ريوديجانيرو 1978 وقد أكدت هذه المؤتمرات أن
ــــــــــــــــــ
(1)- كلمة السيد وزير العدل – المرجع السابق – ص23
(2)- أنظر اتفاقية التمويل – المرجع السابق-ص2
التخصص في مجال القضاء له أهمية كبيرة ودور فعال في رفع مستوى العمل القضائي(1)، ولنظام التخصص جانبين هما تخصص القضاة و تخصيص جهات القضاء وهو الأمر الذي عبر عليه المشرع الجزائري في هذا القانون العضوي (قبل المطابقة) بالأقطاب القضائية المتخصصة، غير أنه لم يعط تعريفا لها و فيما إذا كانت هذه الأقطاب جهات قضائية بالمفهوم التقليدي لهياكل التنظيم القضائي و إذا كانت كذلك فهل تتبع النظام القضائي العادي أم الإداري، وللإجابة على هذه التساؤلات سنقوم بتحليل النص الأصلي و كذا موقف المجلس الدستوري عند مطابقتة لأحكام الدستور
أ-تحليل الصياغة :
نصت المادة 24 (قبل المطابقة) على أنه يمكن إنشاء أقطاب قضائية متخصصة ذات إختصاص إقليمي موسع لدى المحاكم و يحدد الإختصاص النوعي لهذه الأقطاب حسب الحالة في قانون الإجراءات المدنية و قانون الإجراءات الجزائية .
كما نصت المادة 25 (قبل المطابقة) على أنه تتشكل الأقطاب القضائية من قضاة متخصصين و يمكن الإستعانة عند الإقتضاء بمساعدين، تحدد شروط وكيفيات تعيينهم عن طريق التنظيم، ومن خلال هذه الصياغة يمكن ملاحظة المسائل التالية:
1-أن المشرع قد أعطى لهذه الأقطاب القضائية إختصاص إقليمي موسع لدى المحاكم .
2-لهذه الأقطاب إختصاص نوعي يحدد بموجب قانون الإجراءات المدنية أو الجزائية .
3-تشكيلة الأقطاب القضائية تختلف عن تشكيلة المحكمة فهي تضم قاضي متخصص ومساعدين عند الإقتضاء، و الملاحظ أن المشرع نص من جهة على أن الأقطاب المتخصصة ذات إختصاص إقليمي موسع لدى المحاكم (م 24 قبل المطابقة) و من جهة أخرى تضمنت المادة 13 (بعد المطابقة) أقسام المحكمة دون الإشارة إلى الأقطاب القضائية الأمر الذي يجعلنا نعتقد بأن هذه الأخيرة ما هي إلا أقسام عادية من أقسام المحكمة تمنحها صفة القطب القضائي من جهة توسيع دائرة إختصاصها الإقليمي لدى المحكمة التابعة لها و من جهة أخرى إختصاصا نوعيا محددا لا يمنعها على أي حال من الفصل في المسائل التي تدخل ضمن إختصاصها العادي و ما يؤكد ذلك هو ما تضمنه التعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية .
ب-تحليل موقف المجلس الدستوري :
جاء في رأي المجلس الدستوري عند مطابقته لهذا القانون العضوي(2) :
- إعتبارا أن المؤسس الدستوري أقر مبدأ إمكانية إنشاء هيئات قضائية بموجب المادة 122 فقرة6
ــــــــــــــــ
(1)- الدكتور عمار بوضياف – المرجع السابق –ص229 .230
(2)- الجريدة الرسمية –العدد51
وخول المشرع دون غيره صلاحيات إنشاءها على أن يكون ذلك بقانون عادي و ليس بقانون عضوي
- و إعتبارا أن المشرع نص في المادة 24 من القانون العضوي على إمــكانية إنشاء هيئات قضائية
مسماة أقطاب قضائية إلى جانب المحكمة العليا و المجالس القضائية و المحاكم و الجهات القضائية الجزائية المتخصصة .
- و اعتبارا أن المشرع حين أقر بدوره إمــــكانية إنشاء هيآت قضائية مسماة أقطاب قضائية
متخصصة في المادة 24 يكون قد أخل بالمبدأ الدستوري القاضي بتوزيع مجالات الإختصاص المستمد من المادتين 122 و 123 من الدستور من جهة.
- و إعتبارا من جهة أخرى أن المشرع وضع حكما تشريعيا في المادة 24 يترتب على تطبيقه تحويل
صلاحيات إنشاء الهيئات القضائية إلى المجال التنظيمي الذي يعود إلى رئيس الحكومة طبقا للمادة 125 من الدستور .
- و إعتبارا بالنتيجة فإن المشرع عند إقراره إمكانية إنشاء أقطاب قضائية متخصصة و تنازله عن
صلاحيات إنشاءها للتنظيم يكون قد تجاوز مجال إختصاصه من جهةومس بالمادة 122-6 من الدستور من جهة أخرى.
و بتحليل موقف المجلس الدستوري نلاحظ أنه :
1- ذكر بالمبدأ الدستوري القاضي بإمكانية إنشاء هيئات قضائية من طرف المشرع و أن ذلك يتم بقانون عادي و ليس بقانون عضوي .
2- إعتبر بأن المشرع أنشأ بموجب المادة 24 من القانون العضوي هيأة قضائية تابعة للنظام القضائي العادي، و إعتبر ذلك إخلالا بمبدأ توزيع الإختصاصات (إختصاص القانون العادي و إختصاص القانون العضوي).
3- أعتبر أن المشرع من جهة أخرى تنازل عن إختصاصه في إنشاء الهيآت القضائية إلى التنظيم.
و على هذا الأساس نجد أن المجلس الدستوري إعتبر الأقطاب القضائية المتخصصة هيئات قضائية تنتمي إلى النظام القضائي العادي يجب أن تنشا بموجب قانون عادي و ليس بموجب قانون عضوي، و يجب أن لا يجيل المشرع من أجل إنشاءها إلى التنظيم ، و هذا الموقف يتناقض مع المبادئ العامة التي جاء بها القانون العضوي الذي حصرالتنظيم القضائي في النظام العادي و النظام القضائي الإداري و نصت المادة 3 (بعد المطابقة) على أن النظام القضائي العادي يشمل المحكمة العليا و المجالس القضائية و المحاكم و لم تشر إلى الأقطاب القضائية، كما يتناقض هذا الموقف مع نص المادة 24 (قبل المطابقة) نفسها التي أشارت بأن هذه الأقطاب المتخصصة ذات إختصاص إقليمي موسع لدى المحاكم، و أخيرا نجد هذا الموقف متناقضا مع الإعتبارات التي بموجبها إعتبر المجلس الدستوري المادة 30 من القانون العضوي دون موضوع و التي قضت :
تحدد عن طريق التنظيم كيفيات تحويل الدعوى القائمة أمام الجهات القضائية القديمة إلى الجهات القضائية الجديدة ... حيث جاء في رأي المجلس الدستوري بشأنها:
- إعتبارا بأن المشرع لم ينشأ أي جهة قضائية جديدة ضمن القانون العضوي موضوع الإخطار وإعتبارا بالنتيجة فإن المادة 30 من القانون العضوي موضوع الإخطار تكون بدون موضوع .
مما يجعلنا نعتقد أن هذا الغموض تسبب فيه المشرع نفسه الذي لم يحدد طبيعة الأقطاب القضائية في نص المادة 24 (قبل المطابقة) من جهة و الذي أورد حكم المادة 30 (قبل المطابقة) المتناقض مع فحوى المادة 24 من جهة أخرى و مع مبادئ التنظيم القضائي المقررة في المواد 1. 2 .3 .4 (بعد المطابقة) من القانون العضوي .
ثالثا: قواعد متعلقة بتصنيف الجهات القضائية :
نصت المادة 29 (قبل المطابقة): تصنف الجهات القضائية المنصوص عليها في هذا القانون العضوي و تم التصنيف بموجب قرار من وزير العدل حافظ الأختام بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للقضاء . و ذهب المجلس الدستوري عند رقابة مطابقة هذه المادة إلى التميز بين التنظيم القضائي الذي يكون بموجب قانون عضوي (المادة 123 من الدستور) و بين قواعد التنظيم القضائي التي تكون بموجب قانون عادي (المادة 122 من الدستور)، و إعتبر تصنيف الجهات القضائية قاعدة من قواعد التنظيم القضائي، يجب أن يؤسس لها بموجب قانون عادي و هي تخرج عن مجال إختصاص التنظيم(1).
كانت هذه أهم المسائل التي جاء بها القانون العضوي رقم 05/11 أما بقيت المسائل الأخرى فسندرسهاعند تناول مختلف أجهزة التنظيم القضائي، ولاشك أن هذه المسائل التي تم تكريسها في القانون العضوي جاءت نتيجة التوجهات الحديثة التي تناولناها سابقا، و هي ستؤدي لاريب إلى ظهور مميزات جديدة للتنظيم القضائي الجزائري، و هذا ما سنناقشه من خلال المبحث الموالي :
المبحث الثالث :
مميزات التنظيم القضائي الجزائري بعد الإصلاحات
بالإضافة إلى مختلف مبادئ التنظيم القضائي المعروفة في كل الأنظمة القضائية المقارنة و المتمثلة في حيدة
ــــــــــــــــــ
(1)- أنظر رأي المجلس الدستوري – الجريدة الرسمية- العدد 51
القضاء و علانية الجلسات وتسبيب الأحكام ونظام القاضي الفرد و تعدد القضاة، و مبدأ المساواة و مبدأ
حرية اللجوء إلى القضاء و التقاضي على درجات ومجانية التقاضي(1) و إن إختلف مدى تفعيلها من نظام
لأخر خاصة مبدأ إستقلال السلطة القضائية(2) فإن التطورات الجارية على صعيد التنظيم القضائي الجزائري من شأنها أن تؤدي إلى تعزيز هذه المبادئ من جهة و من جهة أخرى من شأنها إبراز مميزات جديدة قد ترقى في وقت ما إلى مصاف المبادئ ،و من هذه المميزات القضاء المتخصص و تفعيل العدالة الجوارية و تعقد و تشابك الأنظمة القضائية.
المطلب الأول
تفعيل العدالة الجوارية
العدالة الجوارية هي تفعيل لأحد مبادئ التنظيم القضائي ،و هو مبدأ تقريب القضاء من المتقاضي، إذ ما الفائدة من الإهتمام بإصلاح العدالة إذا لم تكن هذه العدالة قريبة من المتقاضي، و إذا كان ذلك يتطلب توفير محاكم في كل مناطق الوطن(3)، فإنه يجب وضع خريطة قضائية جديدة ترمي إلى ترشيد عدد المؤسسات القضائية و مجال إختصاصها الإقليمي لتقريب العدالة و تحسين آداء المرفق العام لفائدة المتقاضي للإستجابة للواقع الراهن للمجتمع الجزائري ، و يتمثل هذا العمل في تحسين المعايير المتعلقة بوضع الخريطة القضائية، و إجراء نقد تحليلي لمجال الإختصاصات القضائية الحالية و اقتراح وانشاء جهات قضائية جديدة و تحضير الدراسات الضرورية المتعلقة بالوسائل المالية التي يجب تخصيصها و الهياكل و المستخدمين و الأخذ بعين الإعتبار الجهات القضائية المقرر إنشاؤها من طرف المشرع(4) .
ــــــــــــــــ
(1)- أظر بخصوص هذه المبادئ: - الدكتور عمار بوضياف – المرجع السابق –ص8
-الدكتور محند أمقران – المرجع السابق –ص29
- الدكتور الغوثي بن ملحة – المرجع السابق –ص44
- ويظيف سعد عبد العزيز الى هذه المبادئ: مبدأ حجية الأحكام – مبدأ شفافية المرافعات – مبدأ علانية المحاكمة – مبدأ جواز التحكيم – مبدأ الدولة مصدر القضاء . للمزيد من التفصيل أنظر – عبد العزيز سعد – المرجع السايق –ص31 ، كم ا يضيف الدكتور حسن علام : مبدأ نظام اختيار القضاة –مبدأ قابلية القاضي للتنحية – أ نظر الدكتور حسن علام – موجز القانون القضائي الجزائري – الشركة الوطنية للنشر والتوزيع –ط2. 1972 –ص135
(2 )-الأستاذ عبد الوهاب الباهي– استقلال القضاء في تونس بين التشريع والواقع– مجلة الحق لاتحاد المحامين العرب-ع2 .3– 198-207
- الدكتور عمر فاروق الفحل – استقلال القضاء بين الشريعة والقانون – مجلة الحق لاتحاد المحامين العرب – ع2 .3 -1989 –ص224
(3)- بوبشير محند أمقران – المرجع السابق –ص43
(4)- أنظر اتفاقية التمويل الجزائرية الأوربية لمشروع دعم إصلاح العدالة في الجزائر –المرجع السابق –ص2
ولاشك أن تعزيز العدالة الجوارية إرتبط بالسياسة الإصلاحية التي عرفتها البلاد منذ تقرير الإزدواجية القضائية سنة 1996، و قد جاء في خطاب السيد رئيس الجمهورية بمناسبة إفتتاح السنة القضائية 1998
– 1999 أن تكييف و تعزيز نظامنا القضائي الذي أثرى مؤخرا بإقامة مجلس الدولة و تقريب العدالة من المواطن عبر إنشاء مجالس و محاكم جديدة و التخصيص الجاري للهيئات القضائية، و كذا الإجراءات المتخذة و الأعمال الجارية لتعزيز قطاع القضاء هي كلها إجراءات تأتي إنطلاقا من المسعى الرامي إلى تحديث الجهاز القضائي و تعزيز فعاليتة و جعل العدالة في متناول المواطن أكثر فأكثر و دعم سلطتها ومصدقيتها (1) .
المطلب الثاني
القضاء المتخصص
يتجه التنظيم القضائي الجزائري إلى إرساء فكرة القضاء المتخصص على أرض الواقع و ما يؤكد ذلك الأحكام التي تمت مطابقتها من طرف المجلس الدستوري للقانون العضوي رقم 05/11 و التي تضمنت إنشاء أقطاب قضائية متخصصة، كما نص القانون رقم 04/14 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004 المعدل و المتمم لقانون الإجراءات الجزائية على أنه يجوز تمديد دائرة الإختصاص للمحكمة و كذا لوكيل الجمهورية وقاضي التحقيق عن طريق التنظيم في جرائم المخدرات و الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، و الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات و جرائم ... الأموال و الإرهاب و الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف(2)، و إذا كان للقضاء المتخصص جانبين هما تخصص القضاة و الأجهزة القضائية المتخصصة (فإن هذه الأخيرة تتطلب رصد إمكانيات مادية و بشرية ضخمة(3)، وهو الأمر الذي نعتقد أنه جعل المشرع الجزائري لتلافي هذه العقبات التي تواجه القضاء المتخصص، يختارأسلوب الأقطاب القضائية فيتجنب إنشاء هيآت قضائية جديدة لكنه يوسع من دائرة الاختصاص الإقليمي للمحاكم لتشكل أقطاب قضائية و يمنحها إختصاصا نوعيا في مواد معينةدون ان يمنعها ذلك من الفصل الفصل في المواد التي تدخل ضمن اختصاصها العادي،وهدا مايجعلنا نعتقد من جانب آخر أن التخصص الدي سيسود التنظيم القضائي الجزائري سيرتكز أكثر على الجانب البشري أي تخصص القضاة، وليشكل دلك حجر الزاوية لفكرة الأقطاب القضائية ، كما نلاحظ أن المشرع الجزائري في التعديل الأخير لقانون الاجراءات الجــزائية نص في المادة 40 مــكرر على أنه: تــــطبق قواعـد هدا القانون التعلقة بالدعوى
ـــــــــــــــــــ
(1)- كلمة السيد رئيس الجمهورية بمناسبة افتتاح السنة القضائية1998-1999 – نشرة القضاة – العدد 55-ص11
(2)- الجريدة الرسمية – العدد 71
(3)- الدكتور عمار بوضياف المرجع السابق – ص 229
العمومية والتحقيق والمحاكمة أمام الجهات القضائية التي يتم توسيع اختصاصها المحلي طبقا للمواد:37،40، 329 من هدا القانون مع مراعات أحكام المواد من 40 مكرر1الى 40مكرر5 أدناه ، وبالرجوع الى هده المواد نجدها نظمت اجراءات خاصة، الأمر الذي يجعلنا نعتقد أن الأقطاب القضائية ستتميز شيئا فشيئا باجراءاتها الخاصة في ظل الإطار العام للاجراءات المدنية والجزائية،وهذا ما سيحقق بالنتيجة مظهر من مظاهر القضاء المتخصص ويؤدي الى خلق خاصية جديدة للتنظيم القضائي الجزائري وهي تعقد الأنظمة القضائية وتشعبها.
هذا ومن خلال دراستنا في هدا الفصل تطور التنظيم القضائي الجزائري يتضح لنا أن التنظيم القضائي الجزائري عرف ثلاث محطات أساسية هي:- الإصلاح القضائي سنة 1996 –الازدواجية القضائية مند 1996 – ثم الاتجاهات الجديدة التي تكرست في مساعي الإصلاح الشامل للعدالة، وهو ما سينتج عنه مميزات جديدة للتنظيم القضائي أهمها القضاء المتخصص والعدالة الجوارية، وإذا كان القانون العضوي رقم 05-11 قد وضع الأسس التي يقوم عليها التنظيم القضائي الحالي فان هنالك أيضا تعديلات شملت بعض القوانين التي لها علاقة بالتنظيم القضائي، كالقانون الأساسي للقضاء ومشاريع قوانين ستمس جوانب أخرى ، وهذا ما سنتناوله من خلال الفصل الثاني.
الفصــــــل الثانـــــــي
الإطار البشري والهيكلي لمرفق الفضاء
يتكون مرفق القضاء من القضاة الذين يساعدهم أعوان ومساعدين، ويؤدون أعمالهم القضائية ضمن الأجهزة القضائية، ويتابع الحياة المهنية للقضاة أجهزة تسمى أجهزة الإدارة القضائية، وسنتطرق في هدا الفصل إلى المحتوى البشري والهيكلي لمرفق القضاء ،وسنولي التركيز على أهم الجوانب على ضوء المتغيرات والتعديلات الأخيرة
المبحـــــــث الأول
مرفـــــق القضاء في محتواه البشري
يشمل مرفق القضاء في محتواه البشري القضاة وأعوانهم( أمناء الضبط) ومساعدي القضاء كالمحامين والمحضرين والخبراء...
المطلب الأول
القضاة
نصت المادة2 من القانون العضويرقم04-11 المؤرخ في06/09/2004 والمتضمن القانون الأساسي للقضاء على أن سلك القضاء يشمل:قضاة الحـكم والنـيابة العامة للمحـكمة العليا والمجالس القضائية
والمحاكم التابعة للنظام القضائي العادي – قضاة الحكم ومحافظي الدولة لمجلس الدولة والمحاكم الإدارية – القضاة العاملين في:- الإدارة المركزية لوزارة العدل- أمانة المجلس الأعلى للقضاء- المصــالح الإدارية للمحكمة العليا ومجلس الدولة- مؤسسات التكوين والبحث التابعة لوزارة العدل.
ونلاحظ أن هده المادة جاءت بتفعيل أكثر في إطار الازدواجية القضائية في حين كانت جد مقتضبة
في القانون الأساسي للقضاء لسنة 89 اذ كانت تنص على أنه: يشمل سلك القضاء- قضاة الحكم والنيابة العامة للمحكمة العليا والمجالس القضائية والمحاكم وكذا القضاة العاملين في الإدارة المركزية لوزارة
يشمل التنظيم القضائي مجموعة القواعد القانونية المنظمة للسلطة القضائية بشكل عام والمتعلقة بالجهات القضائية على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتشكيلاتها، وكذا الشروط المتعلقة بتعين القضاة ووضعيتهم خلال الخدمة وحالات إنهائها، بالإضافة إلى نظام انضباطهم, كما تمتد قواعد التنظيم القضائي، لتشمل أسلاك أعوان القضاء ومساعديه من أمناء ضبط ومحامين و محضرين و محافظي ببيع بالمزاد العلني و خبراء، و قد مر التنظيم القضائي في بلادنا بعدة محطات أساسية، أهمها مرحلة الإصلاح القضائي لسنة 1965 و الذي كرس نظام وحدة القضاء الذي استمر مدة معتبرة إلى غاية صدور دستور 1996 ،وقد تبنى هذا الأخير نظام الازدواجية القضائية لتتميز الفترة الأخيرة للبلاد بمتطلبات اجتماعية و اقتصادية و سياسية أملت ضرورة إعادة النظر في الكثير من المفاهيم التي تحكم التنظيم القضائي الجزائري، مما أدى إلى ظهور توجهات جديدة تم تفعيلها بإحداث اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة سنة 1999، و قد بدأت ثمار الإصلاحات تظهر من خلال مراجعة العديد من النصوص التي لها علاقة بالتنظيم القضائي كالقانون الأساسي للقضاء و القانون العضوي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء و كذا إلغاء الأمر رقم 65-278 بصدور القانون العضوي رقم 05/11 المتعلق بالتنظيم القضائي .
لذلك فان أهمية دراسة موضوع التنظيم القضائي تكمن في ضرورة الإلمام بحاصل التطورات الراهنة التي مست العديد من القوانين ذات العلاقة بقواعد التنظيم القضائي ، وذلك بالنظر إلى مختلف المحطات التي مر بها ، ومن ثمة إعطاء صورة شاملة لمختلف أجهزة ومؤسسات المنظومة القضائية الجزائرية العادية منها والإدارية وكذا وعن طرق دراسة استشرافية محاولة التطلع إلى آفاق وتوجهات التنظيم القضائي الجزائري على ضوء هذه المستجدات،وعليه فان الإشكالات التي يطرحها الموضوع هي كالآتي:
ما هي مختلف المراحل التي مر بها التنظيم القضائي في الجزائر ؟ وما هي آفاقه وتوجهاته الجديدة؟ والى أي مدى تم تكريس هذه التوجهات في القانون العضوي رقم 05-11 المتعلق بالتنظيم القضائي؟ ومن ثمة على ماذا يشمل التنظيم القضائي الجزائري الراهن في جانبه البشري والهيكلي؟
ولمعالجة هذه الإشكالات ارتأينا تقسيم هذه الدراسة إلى فصلين ، نتناول في الأول مختلف المراحل التي مر بها التنظيم القضائي الجزائري من مرحلة الوحدة إلى الازدواجية القضائية ، وكذا مختلف التوجهات الجديدة له وصدور القانون العضوي رقم 05-11 المتعلق بالتنظيم القضائي ، متبعين في ذلك منهجا تحليليا لنقف على أهم المميزات التي ستسود التنظيم القضائي الجزائري بعد الإصلاحات ، أما في الفصل الثاني نتناول الإطار البشري والهيكلي لمرفق القضاء الجزائري الراهن بما فيه من قضاة وأعوانهم ومختلف أجهزة النظام القضائي العادي والنظام القضائي الإداري والجهات القضائية المتخصصة بالإضافة إلى أجهزة الإدارة القضائية ، لنقف على مواطن المقارنة مع الأنظمة القضائية المشابهة كمصر وتونس وفرنسا عند الاقتضاء ،وعلى ضوء هذا التقسيم نبرز خطة دراسة الموضوع كالآتي:
الخطة :
- المقدمة :
-الفصل الأول : تطور التنظيم القضائي الجزائري و التوجهات الجديدة
-المبحث الأول : المراحل التي مر بها التنظيم القضائي .
-المطلب الأول : مرحلة الوحدة (الإصلاح القضائي لسنة 1965)
-المطلب الثاني : مرحلة الازدواجية القضائية (إبتداءا من سنة 1996)
-المبحث الثاني : التوجهات الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري وصدور القانون العضوي رقم 05/11 المتعلق بالتنظيم القضائي
-المطلب الأول : التوجهات الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري
- المطلب الثاني : صدور القانون العضوي رقم 05/11 المتعلق بالتنظيم القضائي
-المبحث الثالث :مميزات النظام القضائي الجزائري بعد الإصلاحات
- المطلب الأول : تعزيز العدالة الجوارية
- المطلب الثاني : القضاء المتخصص
-الفصل الثاني :الإطار البشري والهيكلي لمرفق القضاء في الجزائر
- المبحث الأول : مرفق القضاء في محتواه البشري
- المطلب الأول : القضاة
- المطلب الثاني : أعوان ومساعدي القضاء
- المبحث الثاني : أجهزة التنظيم القضائي
- المطلب الأول : أجهزة النظام القضائي العادي
- المطلب الثاني : أجهزة النظام القضائي الإداري
-المطلب الثالث : الجهات القضائية المتخصصة
-المبحث الثالث : أجهزة الإدارة القضائية
-المطلب الأول : وزارة العدل
-المطلب الثاني : المجلس الأعلى للقضاء
-الخاتمة:
الفصل الأول
تطور التنظيم القضائي الجزائري
عرف التنظيم القضائي في الجزائر عدة مراحل وقد مر بمحطات أساسية بموجبها تم تبني الأحادية ثم نظام الازدواجية القضائية ، فبعد الاستقلال مباشرة توجهت السياسة التشريعية إلى توحيد جهات القضاء في نظام قضائي واحد ينسجم و ظروف المجتمع الجزائري(1)، حيث أصدرت الجمعية العامة التأسيسية القانون رقم 62-157 و الذي نص على إبقاء العمل بالنصوص السابقة ما لم تتعارض مع السيادة الوطنية كما نص الأمر 62-49 على التعين المؤقت للإطارات الجزائرية في مناصب القضاء، مما ساعد على تحكم الجزائريين في القضاء في الشهور الأولى بعد الاستقلال، وقصد إحالة قضايا الجزائريين من محكمة النقض ومجلس الدولة الفرنسيين إلى الجهات القضائية الجزائرية ثم إبرام بروتوكول مع فرنسا بتاريخ 28/08/1962 ، وعلى إثره أنشأ المجلس الأعلى(المحكمة العليا) بموجب القانون رقم 63-218 المؤرخ في 28/08/1963 والذي كان يتكون من أربعة غرف (غرفة القانون الخاص – الغرفة الاجتماعية – الغرفة الجنائية- الغرفة الإدارية) (2)، وفي سنة 1965 صدر الأمر 65/278 المؤرخ في 16/11/1965 المتضمن التنظيم القضائي والذي بموجبه تبنت الجزائر نظام وحدة القضاء والذي استمر العمل به إلى غاية صدور دستور 1996، وقد كرس هذا الأخير نظام الازدواجية القضائية ، ثم ظهرت على مستوى التنظيم القضائي الجزائري مجموعة من التوجهات كللت أخيرا بصدور القانون العضوي رقم 05/11 المتضمن التنظيم القضائي وعليه سنتناول في المبحث الأول مختلف المراحل التي مر بها التنظيم القضائي الجزائري، وفي المبحث الثاني التوجهات الجديدة وصدور القانون العضوي رقم 05/11 لنخصص المبحث الثالث للمميزات الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري بعد الإصلاحات .
المبحث الأول
المراحل التي مر بها التنظيم القضائي الجزائري
بعد الاستقلال تم إلغاء المحاكم الشرعية و المحاكم التجارية و منح اختصاصهما لمحاكم المرافعات و أصبح التنظيم القضائي الجزائري على الشكل التالي:
المواد المدنية (تختص بها محاكم المرافعات – محاكم المرافعات الكبرى – المجالس الإجتماعية) - المواد
ـــــــــــــــ
(1)- عبد العزيز سعد – أجهزة ومؤسسات النظام القضائي الجزائري-المؤسسة الوطنية للكتاب –ط1988 –ص26
(2)-ساحلي سي علي –طبيعة النظام القضائي الجزائري ومدى فعاليته في مراقبة أعمال الإدارة – معهد العلوم القانونية –الجزائر1985
ص-43
الجزائية (تختص بها محاكم المخالفات – المحاكم الشعبية للجنح – المحاكم الجنائية الشعبية و في الدرجة الثانية
ثلاثة محاكم استئناف مقرها الجزائر العاصمة – قسنطينة – وهران)(1) ، كما تم الإحتفاظ بالمحاكم الإدارية الثلاث الموجودة بالجزائر العاصمة و قسنطينة و وهران(2) ، الأمر الذي جعل التنظيم القضائي على هذه الصورة يمتاز بتوحيد قمته و إزدواجية الجهات القضائية الدنيا (القضاء العادي و القضاء الإداري)(3) ، غير أنه ما لبث المشرع الجزائري يضع مشروعا إصلاحيا تضمنه الأمر رقم 65 -278 الذي ألغى النظام السابق و أرسى نظام وحده القضاء ليستمر إلى غاية 1996 و هذا ماسنتناوله من خلال المطلب الأول و الثاني.
المطلب الأول
نظام وحدة القضاء (الإصلاح القضائي لسنة 1965)
يقصد بنظام وحده القضاء أن تختص المحاكم المنتمية إلى جهة قضائية واحدة بالفصل في كل المنازعات دون تميز بين المسائل العادية منها والمسائل الإدارية(4)، و قد إتجهت السياسة التشريعية في هذه المرحلة إلى إعادة هيكلية النظام القضائي من نظام الإزدواجية المعمول به و لو جزئيا إلى نظام وحدة القضاء، وقد حمل الإصلاح الأمر رقم 65-278 المؤرخ في 16/11/1965 المتضمن التنظيم القضائي، الذي ألغى النظام القضائي السابق بكامله بما فيه من المحاكم الإدارية و المجالس العمالية و المحاكم التجارية و أنشا 15 مجلسا قضائيا، و نقل إختصاص المحاكم الإدارية إلى ثلاث غرف جهوية ،ثم تلته عدة تعديلات أضافت غرف جديدة(5).
الفرع الأول
الإصلاح القضائي لسنة 1965 / الأمر رقم 65 – 278 المؤرخ في 16/11/1965 المتضمن التنظيم القضائي
صدر الأمر 65-278 وبدأ العمل به في جوان 1966 ،و أنشا خمسة عشر مجلسا قضائيا ورفع عدد
ـــــــــــــــــ
(1)-بوبشير محند أمقرآن – النظام القضائي الجزائري- ديوان المطبوعات الجامعية–ط2 1994-ص202
(2)- الدكتور عمار بوضياف –النظام القضائي الجزائري –دار ريحانة –ط2003 –ص195
(3)-بوبشيرمحند أمقران-نفس المرجع-ص204
(4)- ساحلي سي علي- المرجع السابق-ص44
(5)-عبد العزيز سعد-المرجع السابق-ص79
المحاكم إلى130محكمة(1) ، و أحل المجالس قضائية محل محاكم الإستئناف و المحاكم مكان المحاكم الإبتدائية و المحاكم الإبتدائية الكبرى و نقل إختصاص المحاكم الإدارية إلى ثلاث غرف إدارية ،و هي الغرفة الإدارية لمجلس قضاء : الجزائر-قسنطينة- وهران، و نقل إختصاص المجالس الإجتماعية إلى المجالس القضائية ،و بذلك يكون المشرع قد وضع حدا للإزدواجية القضائية(2)، و تبنى نظام وحدة القضاء ومرد ذلك إلى عدة أسباب أملتها الظروف الإجتماعية و السياسية التي كانت تسود بلاد حديثة العهد بالإستقلال منها:
1-أن التنظيم القضائي الموروث عن الإستعمار يمتاز بالتعقيد و التشعب و العكس من ذلك ما نجده في نظام وحدة القضاء.
2-القضاء المزدوج يتطلب إمكانات بشرية و مادية غير متوفرة بالبلاد ولعل هذا السبب هو الذي جعل المشرع يقصر عدد الغرق الإدارية على ثلاث غرف جهوية بالجزائر العاصمة و قسنطينة ووهران الأمر الذي يجعل التنظيم القضائي في هذه المرحلة على صعيد المنازعات الإدارية لم يجسد مبدأ تقريب العدالة من المتقاضين(3).
الفرع الثاني
التعديلات الواردة على الأمر رقم 65 -278
عرف قانون التنظيم القضائي بعد إصلاح سنة 1965 عدة تعديلات أهمها :
أولا - تعديل قانون الإجراءات المدنية سنة 1971:
جاء الأمر رقم 71 -80 المؤرخ في 29/12/1971 المتضمن تعديل قانون الإجراءات المدنية بتكريس ما نص عليه قانون التنظيم القضائي و المتمثل في إختصاص مجالس قضاء الجزائر قسنطينة ووهران بواسطة غرفها الإدارية للفصل إبتدائيا بحكم قابل لإستئناف أمام المجلس الأعلى في المنازعات التي تكون الدولة أو الولايات أو البلديات أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها مع تمديد إختصاص هذه المجالس لتشمل ولايات مجاورة .
ثانيا - الأمر رقم 74 -73 المؤرخ في 12/07/1974 :
تضمن هذا الأمر إعادة تنظيم المجلس الأعلى الذي أصبح يضم: رئيس أول و نائب الرئيس و سبعة
ــــــــــــــــ
(1)- حسين مصطفى حسين –المرجع السابق –ص69 .70
(2)-الدكتور عمار بوضياف –المرجع السابق –ص200
- ساحلي سي علي –المرجع السابق –ص79
(3)- الدكتور عمار بوضياف –المرجع السابق –ص210
رؤساء غرف و 43 مستشارا كقضاة للحكم و نائبا عاما و سبعة محامين عامين ، و يشكل من سبعة غرف و هي : الغرفة الإدارية – الغرفة المدنية – الغرفة الجزائية الأولى – الغرفة الجزائية الثانية – غرفة الأحوال الشخصية – الغرفة التجارية و البحرية – الغرفة الإجتماعية(1).
ثالثا - القانون رقم 86 -01 المؤرخ في 28/01/1986 المتضمن تعديل قانون الإجراءات المدنية :
و بموجبه تم تعديل المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية على النحو التالي: تختص المجالس القضائية بالفصل إبتدائيا بحكم قابل للإستئناف أمام المجلس الأعلى في جميع القضايا التي تكون الدولة أو الولايات أو البلديات أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري طرفا فيها – تمارس الإختصاصات المذكورة في الفقرة أعلاه من قبل المجالس القضائية التي ستحدد قائمتها و إختصاصها الإقليمي بنص تنظيمي ، و بموجبه صدر المرسوم رقم 86-107 المؤرخ في 29/04/1986 ليرفع عدد الغرف الإدارية إلى 20 غرفة .
رابعا-القانون رقم 90 -23 المؤرخ في 18/08/1990 المعدل و المتمم لقانون الإجراءات المدنية :
بموجبه ثم تعديل المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية التي أعطت الإختصاص للفصل في الطعون بالبطلان في القرارات الصادرة عن الولايات و الطعون الخاصة بتفسيرها و بفحص مشروعيتها للغرف الإدارية الجهوية الموجودة على مستوى مجالس الجزائر – وهران – قسنطينة – بشار – ورقلة ، وبموجب هذا التعديل صدر المرسوم رقم 90-407 المؤرخ في 22/12/1990 يحدد الإختصاص الإقليمي لهذه الغرف(2) ،و الملاحظ أن هذه التعديلات التي مست نص المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية جعلت بعض الدارسين يتساؤلون عن طبيعة الغرفة الإدارية ضمن التنظيم القضائي الجزائري، و فيما إذا كان النظام القضائي يسوده وحدة الهيئات القضائية و إزدواجية المنازعات أم هو نظام الإزدواجية القضائية و هناك من وصفه بأنه نظام وحدة القضاء المرن(3)، غير أن هذا الخلاف حول طبيعة النظام القضائي الجزائري الذي ساد هذه المرحلة لم يعد له محل بعد أن كرس نظام الإزدواجية القضائية بموجب دستور 1996 ،و هذا ما سنتناوله في المطلب الموالي .
المطلب الثاني :
نظام الإزدواجية القضائية (إبتداءا من سنة 1996)
ـــــــــــــــــ
(1)- عبد العزيز سعد –المرجع السابق –ص27 .28
(2)- الدكتور عمار بوضياف-المرجع السابق-ص214 .216
- بوبشير محند امقران –المرجع السابق –ص206 .207
(3)- الدكتور رياض عيسى –ملاحظات حول تعديل قانون الاجراءات المدنية وأثره على طبيعة الغرف الادارية في التنظيم القضائي الجزائري –مقال منشور بنشرية ملتقى القضاة الغرفة الادارية –وزارة العدل –الديوان الوطني للاشغال التربوية -75
تم تبني نظام الإزدواجية القضائية بموجب المادة 152 من دستور 1996 ،الأمر الذي يجعل صورة التنظيم القضائي في هده المرحلة تختلف من حيث الهياكل و الإجراءات عن نظام وحدة القضاء الذي ساد لفترة طويلة(1) ،و مرد ذلك إلى إختلاف المفاهيم و العناصر المميزة للنظامين و التي أخذت بها كل الدول التي تبنتها مثل مصر ، تونس ، فرنسا(2) ، غير أن الإطار القانوني للتنظيم القضائي الإداري في الجزائر ينفرد من حيث مبادئه الأساسية ،الأمر الذي جعل بعض الدارسين يعتبرون أن التغير الذي مس التنظيم القضائي هو مجرد تغيير هيكلة، وأن التنظيم القضائي الجزائري هو بمثابة إزدواجية هيكلية وليست إزدواجية قضائية (3) ، كما أن تبني نظام الإزدواجية القضائية كان وراءه عدة دوافع وأسباب نظرا لأنه جاء في مرحلة اتسمت بتوجهاتها الجديدة ، الأمر الذي استلزم وضع الأليات الكفيلة بإرساء دعائم الإزدواجية على أرض الواقع (4) .
الفرع الأول
أسباب تبني نظام الازدواجية القضائية في الجزائر
هناك عدة أسباب أدت بالمشرع الجزائري إلى تبني نظام الازدواجية القضائية منها :
أولا-تزايد حجم المنازعات الإدارية :
حيث صرح السيد وزير العدل أمام مجلس الأمة في جلسة يوم 21/03/1998 بأن: مهمة الفصل في
تنازع الاختصاص بين مختلف الجهات القضائية ، قد أسندت إلى المحكمة العليا ، ألا أن الواقع العملي وتزايد النزاعات الإدارية وتعقيدها نتيجة التطور السريع للمجتمع ، كل هذا أدى إلى ضرورة إعادة النظر في النظام القضائي السائد(5) .
ثانيا-فكرة التخصص (6) :
لقد اتجهت إرادة المشرع الجزائري وهو يفصل بين القضاء الإداري والقضاء العادي إلى تكريس فكرة
ــــــــــــــــ
(1)- الدكتور عمار عوابدي –النظرية العامة للمنازعات الادارية في النظام القضائي الجزائري –الجزء الأول-القضاء الاداري-ديوان المطبوعات الجامعية-ط3-2004-ص175 .178
(2)- يمتاز القضاء الأمريكي والانجليزي بميزة أساسية وهي محاولة اقامة المساوات المطلقة بين الفرد والدولة عن طريق اخضاعهما لقاض واحد ومرد ذلك لطغيان فكرة الفردية أما ظهور الازدواجية القضائية في فرنسا فقد كان نتيجة ضروف تاريخية – للمزيد من التفصيل انظر –مسعود شهوب –المبادىءالعامة للمنازعات الادارية – أنظمة القضائية المقارنة والمنازعات الادارية –ج1-ديوان المطبوعات الجامعية –ط1999 –ص31. 66
(3)- خلوفي رشيد – النظام القضائي الجزائري –مجلس الدولة –مقال منشور بمجلة الموثق-ع2 جويلية أوت 2001-ص27 .28
(4)- بودريوه عبد الكريم –القضاء الاداري في الجزائر – الواقع والآفاق-مقال منشور بمجلة مجلس الدولة –ع6- 2005-ص9 .11
(5)- الجريدة الرسمية لمداولات مجلس الأمة – السنة الأولى-ع1-ص7
(6)- ساحلي سي علي –المرجع السابق –ص150
التخصص عن طريق تفرغ قضاة إداريين لهم جانب كبير من الدراية والخبرة بطبيعة النزاع الإداري ، خاصة وأن القاضي الإداري تقع على عاتقه مهمة الإجتهاد القضائي ، وقد إهتم التنظيم القضائي في الكثير من الدول بتخصص القضاة(1)،كما أكدت هذا التوجه الكثير من المؤتمرات الدولية التي عقدها الإتحاد الدولي للقضاة(2)، و سنفصل هذه الفكرة في الجزء الخاص بالإتجاهات الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري.
ثالثا-توفر الجانب البشري:
إذا كان الدافع الأساسي لتبني نظام وحدة القضاء بعد الإستقلال هو هجرة القضاة الفرنسيين و عدم وجود العدد الكافي من القضاة الجزائريين لشغل هياكل القضاء الإداري، فإن هذا العائق لم يعد موجودا لتوفر عدد معتبر من القضاة الأكفاء مما يجعل الجانب البشري المتوفر يساعد على القيام بهذا الإصلاح القضائي(3).
رابعا-تغيير المجتمع الجزائري :
عرف المجتمع الجزائري إبتداءا من دستور 1989 تغيرات جذرية على الصعيد الإقتصادي و السياسي و الإجتماعي و الثقافي، مما تطلب بالضرورة إجراء إصلاحات على مستوى الجانب التشريعي، و كذا على مستوى مؤسسات الدولة، كما تطلب الأمر بالضرورة تغيير هيكلة النظام القضائي.
الفرع الثاني
تفعيل نظام الإزدواجية القضائية في التنظيم القضائي الجزائري
بعد تكريس الإزدواجية القضائية بدستور 1996 صدرت عدة قوانين و هي: القانون العضوي رقم 98-01 المؤرخ في 30 ماي 1998 و المتعلق بإختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه و عمله، و القانون رقم 98-02 المتعلق بالمحاكم الإداري و القانون العضوي 98-03 المتعلق بمحكمة التنازع الصادرين بنفس التاريخ، كما صدرت عدة مراسيم تنفيذية أهمها:
1-المرسوم التنفيذي رقم 98-263 المؤرخ في 29 أوت 1998 يحدد كيفيات تعيين رؤساء المصالح و الأقسام لمجلس الدولة و تصنيفهم .
2-المرسوم التنفيذي رقم 98-322 المؤرخ في 13 أكتوبر 1998 يحدد تصنيف وظيفة الأمين العام لمجلس الدولة .
3-المرسوم التنفيذي رقم 98-262 المؤرخ في 29 أوت 1998 الذي يحدد كيــفية إحالة جميع
ـــــــــــــــ
(1)- تم تأكيد هذا الاتجاه في فعاليات الندوة الوطنية الثانية للقضاء – نادي الصنوبر 23 .24 .25 فيفري 1991 – أنظر منشور صادر عن وزارة العدل –ص23
(2) –(3)- الدكتو عمار بوضياف –المرجع السابق –ص230
القضايا المسجلة و المعروضة على الغرفة الإدارية للمحكمة العليا إلى مجلس الدولة .
و إذا كان مجلس الدولة و محكمة التنازع قد تم تنصيبهما فإن الوضع يختلف بالنسبة للمحاكم الإدارية التي لم تنصب بعد، وقد يرجع ذلك لنقص الوسائل المادية ومقرات المحاكم (1) ،وقد لاحظ بعض الدارسين من أجل تفعيل نظام الإزدواجية القضائية الإلتفات إلى المسائل الآتية :
أ – على مستوى النصوص المنظمة للقضاء الإداري :
جاءت نصوص القانون العضوي رقم 98-01 المتعلق بمجلس الدولة والقانون رقم 98-02 المتعلق بالمحاكم الإدارية جد مقتضبة وأحالت في اغلب المسائل الإجرائية إلى قانون الإجراءات المدنية، مما يشكك نسبيا في إستقلالية القضاء الإداري ، ويتعين قصد تكريس الإزدواجية فعلا وضع قانون خاص بالإجراءات الإدارية الذي يتلاءم مع الطبيعة الخاصة للمنازعات الإدارية(2) .
ب- على مستوى الهياكل القضائية :
إن عدم تنصيب المحاكم الإدارية إلى حد الآن و استمرار العمل بنظام الغرف الإدارية ، هو عقبة من عقبات إرساء الإزدواجية الفعلية ، وكلما تم الإسراع في تنصيب هذه المحاكم ، كلما اقتربنا من الأهداف المرجوة من نظام الإزدواجية القضائية(3) ، وهو الأمر الذي بمقتضاه تم اعتبار إصلاح التنظيم القضائي من أولويات إصلاح العدالة في الجزائر، وقد جاء في اتفاقية التمويل الجزائرية الأوربية لمشروع دعم إصلاح العدالة في الجزائر : أن من بين النتائج المنتظرة لهذا المشروع هو الوصول إلى تنظيم قضائي أحسن ، كما تضمنت الإتفاقية العمل على إنشاء 15 محكمة إدارية و خمس مجالس جهوية ، مع تقديم الدعم اللازم لتنظيمها وتسيرها واقتراح كيفية انتقاء القضاة وإلحاقهم وكتاب الضبط المختصين في النظام الإداري(4) . ج- على مستوى الجانب البشري :
إن الوصول إلى قضاء قوي ومستقل سواءا على مستوى النظام القضائي العادي أو الإداري هو في النهاية حكر على فعالية القائمين على شؤونه ، مما يستوجب البحث عن أحسن السبل لإختيار التشكيلة البشرية وضع معاير واضحة لذلك، وإعتماد مبدأ التخصــص بدلا من الخبرة ، فالصيغة الحالية التي تشترط رتبة
مستشار في القاضي الإداري ركزت على فكرة مفادها أن خبرة وكفاءة المستشارين ستمكنهم من مباشرة
ــــــــــــــــ
(1)- الحسين بن الشيخ آث ملويا- المنتقى في قضاء مجلس الدولة-ج1-دار هومة –ط-2002-ص7 .9
(2)- بودريوه عبد الكريم – القضاء الاداري في الجزائر – الواقع والآفاق – مقال منشور بمجلة مجلس الدولة- ع 6- 2005-13
(3)- بودريوه عبد الكريم –المرجع نفسه – ص14
(4)- أنظر اتفاقية التمويل الجزائرية الأوربية لمشروع دعم اصلاح العدالة في الجزائر –ص 1 .2
القضاء الإداري إلى حين وضع السبل الكفيلة بتكوين القضاة المتخصصين في هذا المجال(1)
وإذ كانت النتيجة التي نصل إليها من خلال كل ما تقدم أن التنظيم القضائي الجزائري حاليا تسوده الإزدواجية القضائية ،غير أنها لا تزال في حاجة إلى تفعيل أكثر وجهود إصلاحية وتوجهات جديدة من أجل إرساء تنظيم قضائي قوي وهذا ما سنتناوله بالبحث في المبحث الموالي .
المبحث الثاني
التوجهات الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري وصدور القانون العضوي رقم 05/11
المتعلق بالتنظيم القضائي
إن التوجهات الجديدة لإصلاح التنظيم القضائي في الجزائر في حقيقة الأمر ليس مردها إلى طبيعة هذا التنظيم، ولكن ذلك يعكس وضعية العدالة بشكل عام في الجزائر والتوجهات الطموحة نحو إصلاحها و تعزيز مكانتها ، وعلى هذا الأساس سنتناول مختلف التوجهات في المطلب الأول ونخصص المطلب الثاني لتحليل القانون العضوي رقم 05/11 في إطار هذه التوجهات .
المطلب الأول
التوجهات الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري
قامت اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة بتقديم تقريرها حول الإصلاح بتاريخ 11 جوان 2000 إلى السيد رئيس الجمهورية ، وقد تضمن فيما يتعلق بالتنظيم القضائي عدة مقترحات أهمها :خصخصة أمانة ضبط المحكمة العليا وتوسيع اختصاص وصلاحيات مجلس الدولة الإستشارية لتشمل المراسيم الرأسية ، والمراسيم التنفيذية ذات الطابع التنظيمي ، وإعداد النظام الداخلي لمجلس الدولة ، وتصحيح صياغة المادة 152 من الدستور الفقرة 4 بإستبدال عبارة المحكمة العليا ومجلس الدولة بعبارة النظام القضائي العادي والنظام القضائي الإداري ،كما قدمت اللجنة مقترحات من أجل إعادة تنظيم الجهات القضائية يمكن حصرها في : نظام المحاكم الصغرى ونظام المحاكم ومحاكم الإستئناف (الإحتفاظ بـ 31 مجلسا ) ، وتوسيع إختصاص المحاكم الإدارية لتنظر كمحكمة درجة أولى في الطعون ضد القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية ، وإعادة النظر في الخريطة القضائية للمحاكم الإدارية ، وإستحداثها بقانون العضوي(2) ونتيجة ذلك تم وضع مخطط على مستوى وزارة العدل لتجسيد إصلاح العدالة على المدى القصير والمتوسط مما جاء فيه : العمل على تحـــسين وضعية القاضي ، وتكوينه وتفعيل إستقلاليته ومسؤوليته
ــــــــــــــــ
(1)-(2)- أنظر : إصلاح العدالة – منشور صادر عن وزارة العدل- ص47
وتأهيل مساعدي القضاة ، كما تضمن المخطط العمل على إعادة الإعتبار للجهات القضائية ، ومن أجل تنظيم قضائي أكثر فعالية على المدى المتوسط العمل على إنشاء محاكم الدرجة الأولى ، والمحاكم الكبرى ، بالإضافة إلى تنصيب المحاكم الإدارية الذي يبقى مرتبطا بتخصص القضاة ، كما تضمن المخطط إعادة تنظيم الإدارة المركزية لوزارة العدل ، ونتيجة لهذه المساعي صدرت عدة قوانين بصفة إستعجالية وأخرى على المدى المتوسط، وأهمها فيما يتعلق بالتنظيم القضائي : -قانون الإجراءات الجزائية الذي أنشأ أقطابا قضائية متخصصة في بعض القضايا –مشروع قانون الإجراءات المدنية والإدارية والذي يتضمن تقسيم الإجراءات على مادتين مدني وإداري – القانون العضوي رقم 04-11 المتضمن القانون الأساسي للقضاء – القانون العضوي رقم 04-12 المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، ثم صدر أخيرا القانون العضوي رقم 05-11 المؤرخ في 17 يوليو2005 والمتعلق بالتنظيم القضائي .
ومن خلال هذا التحليل نجد أن هناك توجهات جديدة بدأت ملامحها تظهر إبتداءا من دستور 1989 ، فقد تضمنت الندوة الوطنية الثانية للقضاء سنة 1991 فصلا كاملا خاصا بتطلعات وأفاق جهاز العدالة وأشارت هذه التطلعات إلى ضرورة تنظيم وتطوير جهاز العدالة من أجل ضمان نجاعة وفعالية القضاء ،وذالك بالتركيز على تكوين القضاة والتخصص القضائي(1) ، مما أدى إلى تبني دستور 1996 أول هذه التوجهات ،وهي نظام الإزدواجية القضائية لنجد في الحركة المثابرة للإصلاح والمساعي الجادة منذ تنصيب لجنة إصلاح العدالة من طرف السيد رئيس الجمهورية التوجهات الآتية : ـ تخصيص جهات قضائية بحسب عدد السكان وحجم المنازعات ـ تخصص القضاة ـ وضع عدالة جوارية ـ تحسين طرق اللجوء إلى القضاء ، وسنحاول بدراسة تحليلية معرفة إلى أي حد أخذ القانون العضوي رقم 05/11 بهذه التوجهات .
المطلب الثاني
صدور القانون العضوي رقم05/11 المؤرخ في17/06/2005 المتعلق بالتنظيم القضائي(2)
يعتبر هذا القانون خطوة هامة نحو تكريس التوجهات الجديدة وإعادة هيكلة شاملة للتنظيم القضائي ، وقد أكد ذلك السيد وزير العدل في كلمته الإفتتاحية بمناسبة فعاليات الندوة الوطنية لإصلاح العدالة(3) التي جاء فيها : أنه كان من المنطقي أن تعقب عمليات تعديل المبادئ المستعجلة إيلاء العناية بالمؤسسات التي يقع على كاهلها الجزء الكبير في تحسين نوعية الأداء ،وفي المواكبة الموجبة لعـملية الإصلاح التي هي
ـــــــــــــــــ
(1)- أنظر المنشور الصادر عن وزارة العدل حول فعاليات الندوة الوطنية الثانية للقضاء – نادي الصنوبر 23 .24 .25 فبراير 1991 –ص23
(2)- الجريدة الرسمية- العدد51
(3)- أنظر المنشور الصادر عن وزارة العدل حول فعاليات الندوة الوطنية لاصلاح العدالة –نادي الصنوبر 2005 –ص23
كما قلت عملية متواصلة والتي يتحقق إكتمالها بالقانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي ، هذا القانون الذي جاء تحصيلا لدراسات مستفيضة قامت بها وزارة العدل ، وقاربت خلالها بين الواقع التنظيمي الموجود والإحتياجات القضائية القائمة ، أو التي ستطرح في المستقبل والتي تتجه بالتأكيد إلى المزيد من التشابك والتعقيد بسبب التحولات الإقتصادية والإجتماعية الجارية .
وسنتناول بالدراسة مختلف المسائل التي تضمنها هذا القانون في نصه الأصلي على ضوء مراقبة المجلس الدستوري لها :
أولا : أحكام تتعلق بإختصاص محكمة التنازع والمحكمة العليا ومجلس الدولة والمحاكم الإدارية وكذا دور النائب العام ومحافظ الدولة :
اعتبر المجلس الدستوري هذه الأحكام لا تتعلق بالتنظيم القضائي كونها من جهة تدخل في المجال المحدد في المادة 153 من الدستور والقوانين العضوية المتعلقة بتنظيم المحكمة العليا ومجلس الدولة ومحكمة التنازع وعملهم واختصاصاتهم ، ومن جهة أخرى أعتبر المادتين :6 ،28 ( قبل المطابقة) تدخلان ضمن مجال التشريع المنصوص عليه بالمادة 122 من الدستور، بالإضافة إلى أن هذه المواد هي مجرد نقل حرفي لما ورد بالمادة 153 من الدستور والقوانين العضوية الأخرى وخلص المجلس الدستوري أن المشرع قد أخل بالمبدأ الدستوري القاضي بتوزيع مجالات الإختصاصات .
ثانيا : إنشاء أقطاب قضائية متخصصة:
لا شك أن تخصيص جهات القضاء و تخصص القضاة هما من التوجهات الحديثة البارزة للتنظيم القضائي الجزائري، و أن السعي الحثيث من أجل تفعيل هذا التوجه قد يضعه على عتبة المبادئ الجديدة للتنظيم القضائي الجزائري، ذلك أن إلتفات لجنة إصلاح العدالة إلى هذا الجانب لم يكن إعتباطيا، بل أملته "الإحتياجات القضائية القائمة أو التي ستطرح في المستقبل و التي تتجه بالتأكيد إلى المزيد من التشابك و التعقيد بسبب التحولات الإقتصادية و الإجتماعية الجارية(1)، و قد جاء في إتفاقية التمويل الجزائرية الأوروبية لمشروع دعم إصلاح العدالة في الجزائر أن: هذا المشروع يهدف إلى دعم التخصص و تكوين القضاة داخل و خارج الوطن للإستجابة للمتطلبات المستجدة، الناتجة عن التزايد المطرد للمنازعات التي يجب عليهم الفصل فيها(2)، و نظرا لأهمية نظام التخصص القضائي فقد عقدت له عدة مؤتمرات دولية منها مؤتمر روما 1958 و مـؤتمر نيس 1972 ومؤتمر ريوديجانيرو 1978 وقد أكدت هذه المؤتمرات أن
ــــــــــــــــــ
(1)- كلمة السيد وزير العدل – المرجع السابق – ص23
(2)- أنظر اتفاقية التمويل – المرجع السابق-ص2
التخصص في مجال القضاء له أهمية كبيرة ودور فعال في رفع مستوى العمل القضائي(1)، ولنظام التخصص جانبين هما تخصص القضاة و تخصيص جهات القضاء وهو الأمر الذي عبر عليه المشرع الجزائري في هذا القانون العضوي (قبل المطابقة) بالأقطاب القضائية المتخصصة، غير أنه لم يعط تعريفا لها و فيما إذا كانت هذه الأقطاب جهات قضائية بالمفهوم التقليدي لهياكل التنظيم القضائي و إذا كانت كذلك فهل تتبع النظام القضائي العادي أم الإداري، وللإجابة على هذه التساؤلات سنقوم بتحليل النص الأصلي و كذا موقف المجلس الدستوري عند مطابقتة لأحكام الدستور
أ-تحليل الصياغة :
نصت المادة 24 (قبل المطابقة) على أنه يمكن إنشاء أقطاب قضائية متخصصة ذات إختصاص إقليمي موسع لدى المحاكم و يحدد الإختصاص النوعي لهذه الأقطاب حسب الحالة في قانون الإجراءات المدنية و قانون الإجراءات الجزائية .
كما نصت المادة 25 (قبل المطابقة) على أنه تتشكل الأقطاب القضائية من قضاة متخصصين و يمكن الإستعانة عند الإقتضاء بمساعدين، تحدد شروط وكيفيات تعيينهم عن طريق التنظيم، ومن خلال هذه الصياغة يمكن ملاحظة المسائل التالية:
1-أن المشرع قد أعطى لهذه الأقطاب القضائية إختصاص إقليمي موسع لدى المحاكم .
2-لهذه الأقطاب إختصاص نوعي يحدد بموجب قانون الإجراءات المدنية أو الجزائية .
3-تشكيلة الأقطاب القضائية تختلف عن تشكيلة المحكمة فهي تضم قاضي متخصص ومساعدين عند الإقتضاء، و الملاحظ أن المشرع نص من جهة على أن الأقطاب المتخصصة ذات إختصاص إقليمي موسع لدى المحاكم (م 24 قبل المطابقة) و من جهة أخرى تضمنت المادة 13 (بعد المطابقة) أقسام المحكمة دون الإشارة إلى الأقطاب القضائية الأمر الذي يجعلنا نعتقد بأن هذه الأخيرة ما هي إلا أقسام عادية من أقسام المحكمة تمنحها صفة القطب القضائي من جهة توسيع دائرة إختصاصها الإقليمي لدى المحكمة التابعة لها و من جهة أخرى إختصاصا نوعيا محددا لا يمنعها على أي حال من الفصل في المسائل التي تدخل ضمن إختصاصها العادي و ما يؤكد ذلك هو ما تضمنه التعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية .
ب-تحليل موقف المجلس الدستوري :
جاء في رأي المجلس الدستوري عند مطابقته لهذا القانون العضوي(2) :
- إعتبارا أن المؤسس الدستوري أقر مبدأ إمكانية إنشاء هيئات قضائية بموجب المادة 122 فقرة6
ــــــــــــــــ
(1)- الدكتور عمار بوضياف – المرجع السابق –ص229 .230
(2)- الجريدة الرسمية –العدد51
وخول المشرع دون غيره صلاحيات إنشاءها على أن يكون ذلك بقانون عادي و ليس بقانون عضوي
- و إعتبارا أن المشرع نص في المادة 24 من القانون العضوي على إمــكانية إنشاء هيئات قضائية
مسماة أقطاب قضائية إلى جانب المحكمة العليا و المجالس القضائية و المحاكم و الجهات القضائية الجزائية المتخصصة .
- و اعتبارا أن المشرع حين أقر بدوره إمــــكانية إنشاء هيآت قضائية مسماة أقطاب قضائية
متخصصة في المادة 24 يكون قد أخل بالمبدأ الدستوري القاضي بتوزيع مجالات الإختصاص المستمد من المادتين 122 و 123 من الدستور من جهة.
- و إعتبارا من جهة أخرى أن المشرع وضع حكما تشريعيا في المادة 24 يترتب على تطبيقه تحويل
صلاحيات إنشاء الهيئات القضائية إلى المجال التنظيمي الذي يعود إلى رئيس الحكومة طبقا للمادة 125 من الدستور .
- و إعتبارا بالنتيجة فإن المشرع عند إقراره إمكانية إنشاء أقطاب قضائية متخصصة و تنازله عن
صلاحيات إنشاءها للتنظيم يكون قد تجاوز مجال إختصاصه من جهةومس بالمادة 122-6 من الدستور من جهة أخرى.
و بتحليل موقف المجلس الدستوري نلاحظ أنه :
1- ذكر بالمبدأ الدستوري القاضي بإمكانية إنشاء هيئات قضائية من طرف المشرع و أن ذلك يتم بقانون عادي و ليس بقانون عضوي .
2- إعتبر بأن المشرع أنشأ بموجب المادة 24 من القانون العضوي هيأة قضائية تابعة للنظام القضائي العادي، و إعتبر ذلك إخلالا بمبدأ توزيع الإختصاصات (إختصاص القانون العادي و إختصاص القانون العضوي).
3- أعتبر أن المشرع من جهة أخرى تنازل عن إختصاصه في إنشاء الهيآت القضائية إلى التنظيم.
و على هذا الأساس نجد أن المجلس الدستوري إعتبر الأقطاب القضائية المتخصصة هيئات قضائية تنتمي إلى النظام القضائي العادي يجب أن تنشا بموجب قانون عادي و ليس بموجب قانون عضوي، و يجب أن لا يجيل المشرع من أجل إنشاءها إلى التنظيم ، و هذا الموقف يتناقض مع المبادئ العامة التي جاء بها القانون العضوي الذي حصرالتنظيم القضائي في النظام العادي و النظام القضائي الإداري و نصت المادة 3 (بعد المطابقة) على أن النظام القضائي العادي يشمل المحكمة العليا و المجالس القضائية و المحاكم و لم تشر إلى الأقطاب القضائية، كما يتناقض هذا الموقف مع نص المادة 24 (قبل المطابقة) نفسها التي أشارت بأن هذه الأقطاب المتخصصة ذات إختصاص إقليمي موسع لدى المحاكم، و أخيرا نجد هذا الموقف متناقضا مع الإعتبارات التي بموجبها إعتبر المجلس الدستوري المادة 30 من القانون العضوي دون موضوع و التي قضت :
تحدد عن طريق التنظيم كيفيات تحويل الدعوى القائمة أمام الجهات القضائية القديمة إلى الجهات القضائية الجديدة ... حيث جاء في رأي المجلس الدستوري بشأنها:
- إعتبارا بأن المشرع لم ينشأ أي جهة قضائية جديدة ضمن القانون العضوي موضوع الإخطار وإعتبارا بالنتيجة فإن المادة 30 من القانون العضوي موضوع الإخطار تكون بدون موضوع .
مما يجعلنا نعتقد أن هذا الغموض تسبب فيه المشرع نفسه الذي لم يحدد طبيعة الأقطاب القضائية في نص المادة 24 (قبل المطابقة) من جهة و الذي أورد حكم المادة 30 (قبل المطابقة) المتناقض مع فحوى المادة 24 من جهة أخرى و مع مبادئ التنظيم القضائي المقررة في المواد 1. 2 .3 .4 (بعد المطابقة) من القانون العضوي .
ثالثا: قواعد متعلقة بتصنيف الجهات القضائية :
نصت المادة 29 (قبل المطابقة): تصنف الجهات القضائية المنصوص عليها في هذا القانون العضوي و تم التصنيف بموجب قرار من وزير العدل حافظ الأختام بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للقضاء . و ذهب المجلس الدستوري عند رقابة مطابقة هذه المادة إلى التميز بين التنظيم القضائي الذي يكون بموجب قانون عضوي (المادة 123 من الدستور) و بين قواعد التنظيم القضائي التي تكون بموجب قانون عادي (المادة 122 من الدستور)، و إعتبر تصنيف الجهات القضائية قاعدة من قواعد التنظيم القضائي، يجب أن يؤسس لها بموجب قانون عادي و هي تخرج عن مجال إختصاص التنظيم(1).
كانت هذه أهم المسائل التي جاء بها القانون العضوي رقم 05/11 أما بقيت المسائل الأخرى فسندرسهاعند تناول مختلف أجهزة التنظيم القضائي، ولاشك أن هذه المسائل التي تم تكريسها في القانون العضوي جاءت نتيجة التوجهات الحديثة التي تناولناها سابقا، و هي ستؤدي لاريب إلى ظهور مميزات جديدة للتنظيم القضائي الجزائري، و هذا ما سنناقشه من خلال المبحث الموالي :
المبحث الثالث :
مميزات التنظيم القضائي الجزائري بعد الإصلاحات
بالإضافة إلى مختلف مبادئ التنظيم القضائي المعروفة في كل الأنظمة القضائية المقارنة و المتمثلة في حيدة
ــــــــــــــــــ
(1)- أنظر رأي المجلس الدستوري – الجريدة الرسمية- العدد 51
القضاء و علانية الجلسات وتسبيب الأحكام ونظام القاضي الفرد و تعدد القضاة، و مبدأ المساواة و مبدأ
حرية اللجوء إلى القضاء و التقاضي على درجات ومجانية التقاضي(1) و إن إختلف مدى تفعيلها من نظام
لأخر خاصة مبدأ إستقلال السلطة القضائية(2) فإن التطورات الجارية على صعيد التنظيم القضائي الجزائري من شأنها أن تؤدي إلى تعزيز هذه المبادئ من جهة و من جهة أخرى من شأنها إبراز مميزات جديدة قد ترقى في وقت ما إلى مصاف المبادئ ،و من هذه المميزات القضاء المتخصص و تفعيل العدالة الجوارية و تعقد و تشابك الأنظمة القضائية.
المطلب الأول
تفعيل العدالة الجوارية
العدالة الجوارية هي تفعيل لأحد مبادئ التنظيم القضائي ،و هو مبدأ تقريب القضاء من المتقاضي، إذ ما الفائدة من الإهتمام بإصلاح العدالة إذا لم تكن هذه العدالة قريبة من المتقاضي، و إذا كان ذلك يتطلب توفير محاكم في كل مناطق الوطن(3)، فإنه يجب وضع خريطة قضائية جديدة ترمي إلى ترشيد عدد المؤسسات القضائية و مجال إختصاصها الإقليمي لتقريب العدالة و تحسين آداء المرفق العام لفائدة المتقاضي للإستجابة للواقع الراهن للمجتمع الجزائري ، و يتمثل هذا العمل في تحسين المعايير المتعلقة بوضع الخريطة القضائية، و إجراء نقد تحليلي لمجال الإختصاصات القضائية الحالية و اقتراح وانشاء جهات قضائية جديدة و تحضير الدراسات الضرورية المتعلقة بالوسائل المالية التي يجب تخصيصها و الهياكل و المستخدمين و الأخذ بعين الإعتبار الجهات القضائية المقرر إنشاؤها من طرف المشرع(4) .
ــــــــــــــــ
(1)- أظر بخصوص هذه المبادئ: - الدكتور عمار بوضياف – المرجع السابق –ص8
-الدكتور محند أمقران – المرجع السابق –ص29
- الدكتور الغوثي بن ملحة – المرجع السابق –ص44
- ويظيف سعد عبد العزيز الى هذه المبادئ: مبدأ حجية الأحكام – مبدأ شفافية المرافعات – مبدأ علانية المحاكمة – مبدأ جواز التحكيم – مبدأ الدولة مصدر القضاء . للمزيد من التفصيل أنظر – عبد العزيز سعد – المرجع السايق –ص31 ، كم ا يضيف الدكتور حسن علام : مبدأ نظام اختيار القضاة –مبدأ قابلية القاضي للتنحية – أ نظر الدكتور حسن علام – موجز القانون القضائي الجزائري – الشركة الوطنية للنشر والتوزيع –ط2. 1972 –ص135
(2 )-الأستاذ عبد الوهاب الباهي– استقلال القضاء في تونس بين التشريع والواقع– مجلة الحق لاتحاد المحامين العرب-ع2 .3– 198-207
- الدكتور عمر فاروق الفحل – استقلال القضاء بين الشريعة والقانون – مجلة الحق لاتحاد المحامين العرب – ع2 .3 -1989 –ص224
(3)- بوبشير محند أمقران – المرجع السابق –ص43
(4)- أنظر اتفاقية التمويل الجزائرية الأوربية لمشروع دعم إصلاح العدالة في الجزائر –المرجع السابق –ص2
ولاشك أن تعزيز العدالة الجوارية إرتبط بالسياسة الإصلاحية التي عرفتها البلاد منذ تقرير الإزدواجية القضائية سنة 1996، و قد جاء في خطاب السيد رئيس الجمهورية بمناسبة إفتتاح السنة القضائية 1998
– 1999 أن تكييف و تعزيز نظامنا القضائي الذي أثرى مؤخرا بإقامة مجلس الدولة و تقريب العدالة من المواطن عبر إنشاء مجالس و محاكم جديدة و التخصيص الجاري للهيئات القضائية، و كذا الإجراءات المتخذة و الأعمال الجارية لتعزيز قطاع القضاء هي كلها إجراءات تأتي إنطلاقا من المسعى الرامي إلى تحديث الجهاز القضائي و تعزيز فعاليتة و جعل العدالة في متناول المواطن أكثر فأكثر و دعم سلطتها ومصدقيتها (1) .
المطلب الثاني
القضاء المتخصص
يتجه التنظيم القضائي الجزائري إلى إرساء فكرة القضاء المتخصص على أرض الواقع و ما يؤكد ذلك الأحكام التي تمت مطابقتها من طرف المجلس الدستوري للقانون العضوي رقم 05/11 و التي تضمنت إنشاء أقطاب قضائية متخصصة، كما نص القانون رقم 04/14 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004 المعدل و المتمم لقانون الإجراءات الجزائية على أنه يجوز تمديد دائرة الإختصاص للمحكمة و كذا لوكيل الجمهورية وقاضي التحقيق عن طريق التنظيم في جرائم المخدرات و الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، و الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات و جرائم ... الأموال و الإرهاب و الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف(2)، و إذا كان للقضاء المتخصص جانبين هما تخصص القضاة و الأجهزة القضائية المتخصصة (فإن هذه الأخيرة تتطلب رصد إمكانيات مادية و بشرية ضخمة(3)، وهو الأمر الذي نعتقد أنه جعل المشرع الجزائري لتلافي هذه العقبات التي تواجه القضاء المتخصص، يختارأسلوب الأقطاب القضائية فيتجنب إنشاء هيآت قضائية جديدة لكنه يوسع من دائرة الاختصاص الإقليمي للمحاكم لتشكل أقطاب قضائية و يمنحها إختصاصا نوعيا في مواد معينةدون ان يمنعها ذلك من الفصل الفصل في المواد التي تدخل ضمن اختصاصها العادي،وهدا مايجعلنا نعتقد من جانب آخر أن التخصص الدي سيسود التنظيم القضائي الجزائري سيرتكز أكثر على الجانب البشري أي تخصص القضاة، وليشكل دلك حجر الزاوية لفكرة الأقطاب القضائية ، كما نلاحظ أن المشرع الجزائري في التعديل الأخير لقانون الاجراءات الجــزائية نص في المادة 40 مــكرر على أنه: تــــطبق قواعـد هدا القانون التعلقة بالدعوى
ـــــــــــــــــــ
(1)- كلمة السيد رئيس الجمهورية بمناسبة افتتاح السنة القضائية1998-1999 – نشرة القضاة – العدد 55-ص11
(2)- الجريدة الرسمية – العدد 71
(3)- الدكتور عمار بوضياف المرجع السابق – ص 229
العمومية والتحقيق والمحاكمة أمام الجهات القضائية التي يتم توسيع اختصاصها المحلي طبقا للمواد:37،40، 329 من هدا القانون مع مراعات أحكام المواد من 40 مكرر1الى 40مكرر5 أدناه ، وبالرجوع الى هده المواد نجدها نظمت اجراءات خاصة، الأمر الذي يجعلنا نعتقد أن الأقطاب القضائية ستتميز شيئا فشيئا باجراءاتها الخاصة في ظل الإطار العام للاجراءات المدنية والجزائية،وهذا ما سيحقق بالنتيجة مظهر من مظاهر القضاء المتخصص ويؤدي الى خلق خاصية جديدة للتنظيم القضائي الجزائري وهي تعقد الأنظمة القضائية وتشعبها.
هذا ومن خلال دراستنا في هدا الفصل تطور التنظيم القضائي الجزائري يتضح لنا أن التنظيم القضائي الجزائري عرف ثلاث محطات أساسية هي:- الإصلاح القضائي سنة 1996 –الازدواجية القضائية مند 1996 – ثم الاتجاهات الجديدة التي تكرست في مساعي الإصلاح الشامل للعدالة، وهو ما سينتج عنه مميزات جديدة للتنظيم القضائي أهمها القضاء المتخصص والعدالة الجوارية، وإذا كان القانون العضوي رقم 05-11 قد وضع الأسس التي يقوم عليها التنظيم القضائي الحالي فان هنالك أيضا تعديلات شملت بعض القوانين التي لها علاقة بالتنظيم القضائي، كالقانون الأساسي للقضاء ومشاريع قوانين ستمس جوانب أخرى ، وهذا ما سنتناوله من خلال الفصل الثاني.
الفصــــــل الثانـــــــي
الإطار البشري والهيكلي لمرفق الفضاء
يتكون مرفق القضاء من القضاة الذين يساعدهم أعوان ومساعدين، ويؤدون أعمالهم القضائية ضمن الأجهزة القضائية، ويتابع الحياة المهنية للقضاة أجهزة تسمى أجهزة الإدارة القضائية، وسنتطرق في هدا الفصل إلى المحتوى البشري والهيكلي لمرفق القضاء ،وسنولي التركيز على أهم الجوانب على ضوء المتغيرات والتعديلات الأخيرة
المبحـــــــث الأول
مرفـــــق القضاء في محتواه البشري
يشمل مرفق القضاء في محتواه البشري القضاة وأعوانهم( أمناء الضبط) ومساعدي القضاء كالمحامين والمحضرين والخبراء...
المطلب الأول
القضاة
نصت المادة2 من القانون العضويرقم04-11 المؤرخ في06/09/2004 والمتضمن القانون الأساسي للقضاء على أن سلك القضاء يشمل:قضاة الحـكم والنـيابة العامة للمحـكمة العليا والمجالس القضائية
والمحاكم التابعة للنظام القضائي العادي – قضاة الحكم ومحافظي الدولة لمجلس الدولة والمحاكم الإدارية – القضاة العاملين في:- الإدارة المركزية لوزارة العدل- أمانة المجلس الأعلى للقضاء- المصــالح الإدارية للمحكمة العليا ومجلس الدولة- مؤسسات التكوين والبحث التابعة لوزارة العدل.
ونلاحظ أن هده المادة جاءت بتفعيل أكثر في إطار الازدواجية القضائية في حين كانت جد مقتضبة
في القانون الأساسي للقضاء لسنة 89 اذ كانت تنص على أنه: يشمل سلك القضاء- قضاة الحكم والنيابة العامة للمحكمة العليا والمجالس القضائية والمحاكم وكذا القضاة العاملين في الإدارة المركزية لوزارة
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma