أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
 عقد الكفالة - ,,,, 580_im11 ENAMILS  عقد الكفالة - ,,,, 580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
 عقد الكفالة - ,,,, I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
 عقد الكفالة - ,,,, I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
 عقد الكفالة - ,,,, I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
 عقد الكفالة - ,,,, I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
 عقد الكفالة - ,,,, I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
 عقد الكفالة - ,,,, I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
 عقد الكفالة - ,,,, I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
 عقد الكفالة - ,,,, I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
 عقد الكفالة - ,,,, I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
 عقد الكفالة - ,,,, I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    عقد الكفالة - ,,,,

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

     عقد الكفالة - ,,,, Empty عقد الكفالة - ,,,,

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 28, 2013 1:18 pm



    مقدمـة

    إن علاقة المديونية التي تربط الدائن بالمدين تكتسي أهمية كبيرة لتعلقها بحقوق مالية، إذ أن الدائن يكون مهدد بخطر عدم تمكنه من الحصول على الحق الذي له قبل مدينه، وذلك متى لم يف المدين بما عليه من دين اختياريا، ولهذا الغرض بالذات أوجد القانون نوعين من الوسائل لضمان حق الدائن من الضياع، الأول، يسمي بالضمان العام ومؤداه أن جميع أموال المدين ( أي ذمته المالية) ضامنة للوفاء بديونه وهو المبدأ المقرر بالمادة 188 من التقنين المدني الجزائري، إلا أنه لا يكفي لتأمين حق الدائن لسببين، أحدهما يعود لعموميته باعتبار أنه يشمل أموال المدين دون تخصيص شيء منها للوفاء بحق الدائن، الشيء الذي يجعل للمدين الحق في التصرف في هذا المال مما يؤدي حتما إلى إنقاص هذا الضمان ، والثاني أنه مشترك بين كل الدائنين مما يجعلهم متساوين فيه، فيقتسمون أموال المدين قسمة غرماء بنسبة قيمة حق كل منهم، ويزاحم بعضهم بعض في ذلك، فإن لم تكف أموله للوفاء بجميع حقوق الدائنين، ضاع على كل منهم جزء من حقه.
    هذا ولقد أحاط المشرع الجزائري هذا الضمان بوسائل للمحافظة عليه، ومن ذلك ما جاءت به المادتين 189 و 190 من قانون المدني الجزائري من إمكان الدائن إتباع الدعوى غير المباشرة أو دعوى عدم نفاد التصرف، أو ما اصطلح عليه بالدعوى البوليصية طبقا للمادة 191 من قانون المدني الجزائري وما بعدها، هذا وللدائن أيضا العمل على كشف مساعي المدين لإبعاد أمواله عن الضمان العام، وذلك بانتهاجه الدعوى الصورية المادة 198 من قانون المدني الجزائري، ورغم كل هذه الوسائل إلا أنها لا تقضي على المخاطر التي قد يتعرض لها الدائن من عدم حصوله على حقه لهذا السبب أوجد المشرع وسائل أخرى من شأنها توفير قدر أكبر من الثقة للدائن، وهذه الوسائل هي ما اصطلح تسميتها بالتأمينات الخاصة، والتي تتجسد في نوعين ألا وهما :
    -تأمينات شخصية ، وتأمينات عينية ، فأما الأولى فتقوم على تعدد المسؤولين عن تنفيذ الالتزام، فيتحقق ضمان الدائن فيها من ضم ذمة أخرى إلى ذمة المدين، بحيث لو أعسر المدين تكون الذمة الأخرى مسؤولة عن الوفاء بنفس الدين، ومن ثمة تتزايد فرص حصول الدائن على حقه، والكفالة في هذا المجال هي من أهم صورها و أوضحها، وهناك صور أخرى يتعدد فيها المسؤولون عن إلتزام واحد، ولقد تضمن القانون هذه الصور وهي التضامن بين المدين المادة 217 و ما بعدها، إذ للدائن مطالبة المدينين المتضامنين بالدين مجتمعين أو منفردين، فيختار من هو أكثرهم يسارا و يقضي دينه كاملا أو يعود على أي مدين بما تبقى له من حقه إذا لم يستوفه من المدين الأول.
    وكذا عدم قابلية الالتزام للانقسام بين المدينين به ( 237 م ) وكذا الإنابة في الوفاء مع بقاء المدين الأصلي مسؤولا قبل الدائن مع المدين الجديد المناب. ( 294 ق.م).
    -أما التأمينات العينية فهي تقوم على تخصيص مال معين من أموال المدين لضمان الوفاء بالالتزام، وهي تحقق للدائن حماية من خطر تصرف مدينه في هذا المال لأنه يخول للدائن حق تتبع هذا المال و التنفيذ عليه في أي يد ينتقل إليها، ويقيه أيضا خطر مزاحمة بقية الدائنين له إذ يمنحه حق التقدم عليهم جميعا، والتأمينات العينية التي تضمها التفنين المدني هي الرهن الرسمي ( 882 من قانون المدني الجزائري ) و للرهن الحيازي ( 948 ق.م.ج ) وحق التخصيص ( 937 ق.م.ج) وحق الامتياز ( 882، 1001).


    -ولعل أهم صور التأمينات الخاصة السالف ذكرها هي عقد الكفالة، موضوع بحثنا هذا، ولهذا نشير إلى أن المشرع الجزائري أفرد لها في التقنين المدني جزءا هاما إذ تناولها بالتنظيم، في الباب الحادي عشر المعنون بالكفالة من الكتاب الثاني الالتزامات والعقود مخصصا لها 20 مادة إمتدت من 644 إلى 673، وهذا كله و إن دل على شيء إنما يدل على الأهمية البالغة لهذا العقد الهام الذي سنتناوله بالتحليل وفقا للخطة التالية:

    الفصل الأول : القواعد العامة التي تحكم عقد الكفالة

    المبحث الأول: ماهية عقد الكفالة
    المطلب الأول: تعريف عقد الكفالة و خصائصه
    المطلب الثاني: تمييز عقد الكفالة عن بعض الأنظمة الأخرى المشابهة لها

    المبحث الثاني: أنواع الكفالة والأركان الوجبة لقيامها
    المطلب الأول: أنواع الكفالة والشروط الواجبة التوفر في شخص الكفيل
    المطلب الثاني: أركان عقد الكفالة

    الفصل الثاني: آثار عقد الكفالة

    المبحث الأول: العلاقة بين الكفيل والدائن
    المطلب الأول: الضوابط التي تحكم مطالبة الدائن للكفيل
    المطلب الثاني: الدفوع الممنوحة للكفيل لرد المطالبة
    المبحث الثاني: العلاقة بين الكفيل والمدين، ودراسة لحالة تعدد الكفلاء و المدنيين
    المطلب الأول: طرق رجوع الكفيل على المكفول عنه
    المطلب الثاني: دراسة لحالة تعدد المدنيين و الكفلاء في الدين

    الفصل الثالث : طرق انقضاء عقد الكفالة

    المبحث الأول: انقضاء الكفالة بالتبعية لانقضاء التزام الأصلي
    المطلب الأول: انقضاء الالتزام الأصلي بالوفاء وبما يعادل الوفاء
    المطلب الثاني: انقضاء الالتزام الأصلي دون وفاء
    المبحث الثاني: انقضاء الكفالة بصفة أصلية
    المطلب الأول: انقضاء التزام الكفيل سبب من أسباب الانقضاء العامة
    المطلب الثاني: أوجه الانقضاء الخاصة بالكفالة
    الخاتمة
    المبحــث الأول: ماهيــة عقــد الكفالــة

    المطلـب الأول : تعريـف عقـد الكفالـة و خصائصـه

    الفــرع الأول :تعــريفهـا

    نصت المادة 644 من التقنين المدني الجزائري على ما يلي :
    « الكفالة عقد يكفل بمقتضاه شخص تنفيذ إلتزام بأن يتعهد للدائن بأن يفي بهذا الالتزام إذا لم يف به المدين نفسه ».
    من هذا التعريف يتبين لنا في البداية أن عقد الكفالة هذا، إنما ينشأ عن وجود علاقة مديونية، تقوم بين دائن و مدين، وأن الكفيل إنما يأتي لضمان الوفاء بهذه المديونية، وأنه لولا عقد الكفالة لظل الكفيل غريبا عن هذه العلاقة، ومن ثمة كان عقد الكفالة بهذا المعني يتم بين شخصين أساسين هما : الدائن في الالتزام الأصلي و بين الكفيل، وأن المدين في الالتزام الأصلي ليس طرفا في عقد الكفالة، رغم أنه يلعب دورا في إنعقادها، ذلك أن المعتاد أو الغالب أنه من يدعو الكفيل للتعاقد مع الدائن، ليوفر له الثقة و الإئتمان، و مع ذلك يظل أجنبي عن عقد الكفالة و لا يعتبر طرفا فيها، هذا وقد تتم الكفالة من جهة أخرى دون علم المدين، وحتى رغم معارضته، إذ تنص المادة 647 من التقنين المدني على أنه: « تجوز كفالة المدين بدون علمه، و تجوز أيضا رغم معارضته ». فالكفالة بما أنها ترتكز على التزام أصلي، و تعمل على الوفاء به، فهي تابعة دائما له، ومن ثمة فهي ترتب إلتزام شخصي في ذمة الكفيل محله الوفاء بالالتزام الأصلي إن لم يف به المدين.
    ومنه لا يكون مصدر الالتزام المكفول هو العقد دائما بل تتعدد مصادره بمصادر الالتزام، المعروفة وهي : العقد، الإرادة المنفردة، شبه العقد، الفعل المستحق للتعويض أو القانون، بينما التزام الكفيل الناشئ عن عقد الكفالة، مصدره دائما واحد وهو العقد (1).
    -هذا، ومما تجدر الإشارة إليه أنه لا ينبغي أن يفهم من العبارة الأخيرة الواردة، بنص المادة 644 : « إذا لم يف به المدين نفسه ».أن التزام الكفيل معلق على شرط واقف، وهو عدم قيام المدين، الأصلي بالوفاء لأن التزام الكفيل التزام بأن يترتب في ذمة الكفيل بمجرد انعقاد الكفالة، فالمراد من هذا التنصيص العمل على إبراز الصفة الاحتياطية به للكفالة، والتي تجعل الكفيل ملتزم من الدرجة الثانية، بمعنى أن الدائن ملزم بأن يطالب المدين أولا وهو ما نصت عليه المادة 660 من ق.م.ج(2)، وأن يبدأ بالتنفيذ على أمواله قبل التنفيذ على أموال الكفيل أيضا، وهو الشيء الذي سنتعرض له تفصيلا عند دراستنا لأثار عقد الكفالة في الفصل الثاني من هذا البحث.
    من هذا التحليل المختصر لمضمون المادة 644 ق.م نخلص أخيرا بالقول إلى أن الكفالة، عقد تأمين شخصي، يلتزم بموجبه شخصي الكفيل بالوفاء بالتزام المدين متى عزف هذا الأخير عن أدائه، وذلك بضم ذمته المالية لذمة المدين.


    (1)ترد الكفالة على أي التزام مهما كان نوعه، مادام يمكن تقديره نقدا أو ما يترتب على عدم تنفيذه كالحكم بالتعويضات.
    (2)زاهية سي يوسف، عقد الكفالة، دار الأمل، صفحة 18.


    الفرع الثاني : خصائصها

    يمكن أن نحدد خصائص عقد الكفالة من التعريف السابق إيراده، كالتالي:
    أولا :عقد الكفالة عقد ضمان شخصي
    وذلك لأنها تضمن وفاء المدين بالدين، فهي تأمين للدائن ضد امتناع المدين عن الوفاء بالتزامه، فتعهد الكفيل بالوفاء بالدين يزيد ثقة الدائن في حصوله على حقه فيتحقق به الضمان، حيث يضيف الكفيل ذمته إلى جانب ذمة المدين للوفاء للدائن، أي أن الكفيل يضم ضمانه العام إلى الضمان العام للمدين، ويرد هذا على كل مفردات العنصر الإيجابي في ذمته المالية، وللطابع الشخصي للكفالة يميزها عن الكفالة العينية التي يقدم الكفيل فيها مالا معينا لضمان الوفاء بدين المدين وهو لا يضمن الوفاء إلا في حدود المال الذي قدمه تأمينا له، فمسئوليته تنحصر في قيمة العين التي قدمها تأمينا لحق الدائن، فهو مسؤول في حدود المال المخصص لهذا الضمان.
    هذا و يترتب على اعتبار الكفالة عقد من عقود الضمان الشخصي أنها لا تجنب الدائن تماما مخاطر الإعسار لأنها وإن كانت تجنبه مخاطر إعسار مدنية إلا أن الإحتمال نفسه لا يزال قائما أيضا بالنسبة للكفيل، لكن في الوقت الحاضر، أصبح الضمان الذي تقدمه الكفالة أكثر أمانا، خاصة بعد تدخل البنوك و المؤسسات المالية لتقديم ضمانها للحصول على الائتمان اللازم.

    ثانيا : الكفالة عقد ملزم لجانب واحد هو الكفيل
    ينشأ عقد الكفالة بين الدائن والكفيل فقط، أين يتعهد الكفيل في هذا العقد أمام الدائن بضمان وفاء الدين إن لم يف به المدين الأصلي، فالعقد كما سبق وأن قلنا يرتب التزاما بالضمان على عاتق الكفيل، أما الدائن فلا يلتزم عادة بشيء نحو الكفيل، لذا يقال بأن الكفالة عقد ملزم لجانب واحد، وهو الكفيل، وليس معنى أن الكفالة عقد ملزم لجانب واحد أنها تصرف بإرادة منفردة، بل هي عقد لا يتم إلا بتبادل و تطابق إرادتي كل من الكفيل والدائن، فالكفالة لا تقوم بمجرد إعلان من جانب الكفيل وحده.
    إن الأصل هو أن الكفالة عقد ملزم لجانب واحد، إلا أنه إذا التزم الدائن نحو الكفيل بدفع مقابل نظير كفالته للدين، فإن الكفالة تصبح عقدا ملزما للجانبين حيث تنشأ عنه التزامات متبادلة على عاتق كل من الدائن والكفيل، هذه الالتزامات المتقابلة يرتبط بعضها ببعض، بحيث يعتبر كل منها سببا لقيام الالتزام المقابل.
    فإذا تمثل المقابل الذي يدفعه الدائن للكفيل مقابل كفالته للدين في مبلغ من النقود، ثار الشك حول طبيعة هذا العقد، هل يظل كفالة أم ينقلب إلى عقد تأميني من خطر إعسار المدين؟
    والحال أن المرجع هو قصد المتعاقدين الذي يتضح من عبارات العقد و مضمونه، فإذا اتجه قصد الطرفين إلى أن المبلغ الذي يدفعه الدائن هو مقابل تعهد الكفيل بتأمينه من خطر الإعسار، و تعوضيه عن الضرر اللاحق به من جراء ذلك، فإن العقد يصبح صورة من صور التأمين وبتعبير أدق تأمين الائتمان، وهو في هذه الحالة عقد أصلي و احتمالي و ليس تابع و محدد لأنه أضحى تأمين و ليس كفالة، أما إن اتجهت إرادة الأطراف إلى أن الكفيل يقتصر دوره على التعهد بتنفيذ التزام المدين إذا لم يقم بوفائه فإن العقد يظل كفالة و لا ينفي عنه هذه الصفة دفع مبلغ من النقود مقابل كفالته.
    هذا و يمكن أن يشترط الكفيل على الدائن، عند إبرام الكفالة، بعض الاشتراطات لمصلحة المدين ( أو الغير ) كاشتراط منح المدين أجلا أوسع للوفاء بالدين أو اشتراط زيادة مقدار القرض له، فهنا تكون الكفالة ملزمة للجانبين في صورة اشتراط لمصلحة الغير، حيث يتعهد الدائن في مواجهة الكفيل، مقابل كفالته للدين بآداء معين لمصلحة المدين الذي يعتبر من الغير بالنسبة للعقد.
    ويمكن أن يلتزم المدين بدفع مبلغ معين للكفيل مقابل كفالته له، و يتحقق ذلك عندما يقوم البنك بكفالة المدين من خلال تقديم خطاب ضمان، و يتقاضى أجرا على ذلك، في هذه الحالة تظل الكفالة عقد ملزما لجانب واحد لأن الكفيل ( البنك ) هو الملتزم بالضمان تجاه الدائن الذي لا يلتزم بأي شيء، فالمدين هو الذي يدفع المقابل للبنك، وهو ليس طرفا في الكفالة.
    هذا و إذا كان القانون يفرض على الدائن بعض الالتزامات فإنها ليست ناشئة عن عقد الكفالة، وإنما يفرضها القانون عليه وهو ما نصت عليه المادة 659 ق.م.ج التي تلزم الدائن وقت إستيفائه الدين تسليم المستندات للكفيل لاستعمال حقه في الرجوع على المدين، وحقيقة الأمر أن مثل هذا الالتزام لا يقع على الدائن نتيجة عقد الكفالة، ولكنه يترتب عن واقعة الوفاء بالدين، والتي تعتبر لاحقة لإبرام عقد الكفالة، ومن ثمة يكون من غير المتصور أن نصف عقد بأنه ملزم لجانبين بما يترتب من آثار عن واقعة مستقلة و خارجة عنه.
    وكذلك الحالات المنصوص عليها بالمواد 657، 658، 659 من ق.م.ج وهي ألا يعمل الدائن بخطئه على تضيع التأمينات الأخرى وأن يرجع على المدين خلال 6 أشهر من تاريخ إنذار الكفيل له وأن يدخل في تفلسة المدين و حقيقة هذه الالتزامات أنها شروط يفرضها القانون على الدائن لرجوعه على الكفيل وفي حالة الإخلال بها ينقضي الالتزام.
    إن مثل هذه الالتزامات لا تغير من طبيعة عقد الكفالة، و تجعله عقدا ملزما للجانبين لأنها لا تنشأ عن عقد الكفالة نفسه، بل تترتب عن وفاء الدين كواقعة لاحقة إبرام العقد و مستقلة عنه، أو كشروط لازمة لإمكان المطالبة والعودة على الكفيل.

    ثالثا- عقد الكفالة عقد رضائي :
    تنعقد الكفالة بمجرد التراضي بين طرفيها، الكفيل والدائن، ولا يشترط لهذا الانعقاد أي شكلا خاص، و لا يؤثر في الطابع الرضائي لعقد الكفالة اشتراط المشرع الجزائري في المادة 645 ق. م وجود ثبوتها بالكتابة و لو كان من الجائز إثبات الالتزام الأصلي بالبينة.
    ومن ثمة كانت الكتابة هنا شرط للإثبات و ليس للانعقاد، فهي بذلك تخضع للقاعدة العامة في إبرام العقود وهي الرضائية.
    أن هذا النص جاء استثناء على القاعدة العامة في الإثبات و الواردة بنص المادة، 333 ق.م والتي أوجبت الكتابة في كل علاقة مديونية تزيد قيمتها عن 1000 دج، ومن ثم لا يطبق هذا النص على عقد الكفالة لورود نص المادة السالف ذكرها بالتنصيص على الكتابة كشرط للإثبات ولو قلت قيمة الدين عن 1000 دج، هذا في الوقت الذي أكدت فيه المادة على هذا الشرط في عقد الكفالة أضافـت في شطرها الثاني على إمكان أن يثبت الالتزام الأصلي بالبينة مما يفيد حصر أدلة إثبات عقد الكفالة إلا في الكتابة أو ما يقوم مقامها كالإقرار و اليمين، ويجوز الإثبـات
    بالبينة استثناء إن وجد مبدأ ثبوت بالكتابة الذي يعني كل كتابة صادرة من الخصم يكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال هذا و تجوز البينة في الإثبات إن وجد هناك مانع مادي أو أدبي حال دون الحصول على دليل كتابي أو إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي خارج عن إرادته(1).
    و الواقع أن الخروج على القواعد العامة في إثبات عقد الكفالة يرجع أساسا إلى التزام الكفيل الذي يعد تبرعا الشيء الذي يوجب أن يستند إلى رضا صريح وقاطع، والهدف من هذا كله يعود إلى إرادة المشرع في حماية الكفيل وذلك باقتضاء أن يستند التزامه إلى رضا صريح و قاطع.
    وقد صدر في هذا الشأن عن المحكمة العليا قرار جاء في حيثياته:« من المقرر قانونا أن الكفالة لا يجوز إثباتها إلا بالكتابة ولو كان من الجائز إثبات الالتزام الأصلي بالبينة ومن ثم فإن النعى على القرار المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون غير وجيه و يستوجب الرفض ولما كان من الثابت في قضية الحال أن عقد الكفالة لا يثبت بوثيقة كتابية فإن قضاة الموضوع طبقوا القانون صحيحا حين أخرجوا المطعون ضده من الخصومة باعتباره ليس كفيلا ومتى كان ذلك استوجب رفض الطعن(2).

    رابعا- عقد الكفالة عقد تبعي :
    تتميز الكفالة، بتبعيتها المباشرة والضيقة للالتزام المكفول و تفسير ذلك يرجع إلى أن محل التزام الكفيل هو الوفاء بالتزام المدين الأصلي عند عدم وفاء هذا الأخير به، فإن كان هناك علاقتان، علاقة بين المدين والدائن و علاقة بين الدائن والكفيل فإن هناك أيضا التزامان مستقلان، التزام المدين في مواجهة الدائن و التزام الكفيل في مواجهة الدائن، إلا أنه و مع ذلك يوجد دين واحد يجب الوفاء به لذا فإن كل ما يمس هذا الدين ينعكس بالضرورة على التزام الكفيل.
    ومنه فإن كل اتفاق للضمان لا يتوفر فيه صفة التبعية فإنه لا يعتبر كفالة، وعلى العكس فإن كل اتفاق للضمان الشخصي يتصف بهذه الصفة فإنه كفالة، أيا كانت الألفاظ المستخدمة من جانب المتعاقدين.
    من هذا المنطلق اعتبرت التبعية من الأمور الحتمية بالنسبة للكفالة وهو ما يتضح من نص المادة 648 ق.م والتي جاء فيها على أن لا تكون الكفالة صحيحة إلا إذا كان الالتزام المكفول صحيح، وكذا ما جاء بالمادة 652 ق.م والتي تنص على أن لا تجوز الكفالة في مبلغ أكبرهما هو مستحق على المدين ولا بشروط أشد من شروط الدين المكفول.
    لكن يجب أن لا يفهم من ذلك أن صفة التبعية من النظام العام، فمبدأ الرضائية في العقود يسمح بأن يستبعد الأطراف هذه الصفة ومع ذلك لا تكون أية مخالفة للنظام العام، إلا أنهم بذلك يكونوا قد استبعدوا صفة الكفالة من هذا الاتفاق.



    (1)المادة 335، 336 قانون المدني.
    (2)قرار بتاريخ 13/07/1988، ملف 65336 بين القرض الشعبي الجزائري صد ( ص ب ومن معه ). منشور في المجلة القضائية لسنة 1991.

    كما أن اشتراط التضامن بين الكفيل والمدين لا ينزع عن الكفالة صفة التبعية، كل ما هنالك أن هذا الشرط يعط للدائن ضمان أكبر باعتبار أن الكفيل يعد متنازلا عن الدفع بالتجريد أو بالتقسيم، لكن ورغم ذلك يحتفظ دائما بالحماية اللّصيقة لصفة التبعية و بصفة خاصة الاحتجاج بالدفوع الناشئة عن الالتزام المكفول و له من ثمة أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين ( المادة 654 ق. م ) وكذلك التمسك ببراءة ذمته بقدرما أضاعه الدائن بخطئه من الضمانات ( المادة 656 ق.م) و كذا براءة ذمة الكفيل إن لم يقم باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال ستة أشهر من إنذار الكفيل للدائن ( المادة 657 ق.م)
    إن لصفة التبعية هذه نتائج نجملها فيما يلي :
    1/ فالكفالة لا تكون صحيحة إلا إذا كان الالتزام المكفول صحيح ( المادة 648 ق.م)
    2/ لا تجوز الكفالة في مبلغ أكبر مما هو مستحق على المدين و لا يشرط أشد من شروط الدين المكفول، ولكن تجوز في مبلغ أقل و بشرط أهون ( المادة 652 ق. م )
    3/ يستفيد الكفيل من كل تغيير طارئ في الالتزام المكفول و لكن لا يضار من هذا التغيير.
    4/ أن مصير التزام الكفيل مرتبط من عدة جوانب بمصير الالتزام الأصلي :
    أ) فينقض التزام الكفيل بالتقادم نتيجة لانقضاء الالتزام الأصلي بالتقادم و لو لم تكتمل مدة التقادم الخاصة به، حيث أن إلتزام الكفيل لا يمكن أن يقوم دون أن يرتكز إلى إلتزام أصلي يعمل على ضمان الوفاء به.
    ب) حجية الشيء المقضي ضد المدين الأصلي والمتعلقة بوجود الدين المكفول يحتج بها في مواجهة الكفيل.
    ج) كما أن انقضاء الالتزام الأصلي بالوفاء بمقابل يؤدي إلى براءة ذمة الكفيل ولو إستحق الشيء المقضي للوفاء في يد الدائن ( 655 ق.م).
    د) هذا و يترتب على تجديد الالتزام المكفول انقضاؤه بتوابعه و ينشأ مكانه إلتزام جديد و لا ينتقل إلى هذا الالتزام الجديد الكفالة عينية كانت أو شخصية إلا إذا رضى الكفلاء بذلك.
    هذا وأن صفة التبعية لا تؤدي بالضرورة إلى تطابق تام في النظام القانوني للالتزامين لأن محل إلتزام الكفيل هو الوفاء بالتزام المدين إن لم يف به، إلا أن إلتزام الكفيل مع ذلك ينشأ من عقد مستقل، هذا العقد يخضع لقواعد خاصة، ومن صور مظاهر الاستقلال:
    1/ أن الكفالة لا تثبت إلا بالكتابة ولو كان من الجائز إثبات الإلتزام الأصلي بالبينة ( المادة 645 ق.م)
    2/ أن الاتفاق على تحديد الإختصاص المحلي في العقد لا يسري على الكفيل
    3/ تحديد الطبيعة المدنية، أو التجارية للكفالة يؤدي غالبا إلى أن الكفالة تبقى مدنية بالرغم من أن الالتزام الأصلي تجاري ولو كان الكفيل تاجر ( المادة 651 ق.م) مما يؤدي إلى أن كل من الإلتزامين يخضعان لإختصاص نوعي و محلي مختلف.

    خامسا- عقد الكفالة عقد تبرعي :
    إن القول لهذه الصفة تستوجب علينا دراسة القواعد الواجبة التوفر للقول بأن تصرف ما ينطوي على تبرع، فطبق للقواعد العامة فإن عقد التبرع هو العقد الذي لا يأخذ فيه أحد المتعاقدين مقابلا لما يعطي مع إنصراف النية لذلك، ومنه نخلص بالقول إلى أن معيار التفرقة بين عقود المعاوضة و التبرع ذو شقين:

    الأول : انتفاء المقابل أو العوض المعادل.
    الثاني : نية التبرع أي أن تنصرف نية أحد المتعاقدين إلى إعطاء المتعاقد الأخر قيمة مالية دون مقابل.
    ونحن نعلم أن العلاقة المتولدة من عقد الكفالة تنشئ لنا علاقين مستقلتين:
    أ/العلاقة بين الكفيل و الدائن:
    وهنا نجد أن الكفيل يؤدي خدمة بدون مقابل، فهو يلزم بالضمان دون أن يتلقى أي مقابل من الدائن لقاء إلتزامه، فالتزامه عند إبرام العقد، ذهب إلى أن يلتزم شخصيا أمامه بأن يفي له بالإلتزام الذي على عاتق المدين إن لم يف به هذا الأخير، رغم أن البعض ذهب بالقول إلى أن عقد الكفالة على مستوى هذه العلاقة لا يعد تبرعا لأن الكفيل يفتقد لنية التبرع، إلا أن هذا الرأي مهجور تماما و مردود لإن الكفيل وإن كان- من حيث المبدأ – يعود على المدين بعد الوفاء بالالتزام إلا أن المدين هو طرف يعتبر خارج عن العلاقة، ومنه العلاقة بينهما لا تؤثر بتاتا على صفة التبرع لهذا العقد(1).
    ب/العلاقة بين الكفيل والمدين:
    العلاقة بين الكفيل و المدين هي علاقة تمت بصلة عميقة من حيث طبيعتها إلى عقد التفضل الذي يعتبر كما نعلم من عقود التبرع، أين يقدم المتبرع بغير مقابل خدمة أو منفعة للمتبرع له دون أن يخرج مال من ذمته فهو لا يلتقي أي مقابل إلا أن صفة المجانية ليست من مستلزماته لأنه لا يوجد ما يمنع أن يشترط الكفيل مقابلا عادلا في نظير المخاطر التي يتعرض لها و الصعاب التي يمكن أن يلاقيها عند رجوعه، وهذا ما يحدث غالبا عند ما يكون أحد البنوك كفيلا لأحد عملائه.
    ومن ثمة نخلص إلى أن العلاقة بين الدائن و الكفيل تكون دائما عقد تبرع، بمعنى أن الدائن لا يعطي أي مقابل للكفيل لقاء كفالته أما إذا تعهد الدائن للكفيل بمقابل لالتزامه كمبلغ من النقود فإننا لا تكون بصدد عقد كفالة بل تأمين إئتمان ومن ثمة تصبح عقدا أصليا لا تابعا و إحتماليا لا محددا على نقيض الكفالة(2) هذا و يترتب على إعتبار عقد الكفالة من عقود التبرع آثار مهمة نوردها فيما يلي :
    1-إشتراط أهلية التبرع في الكفيل حتى يعتبر العقد صحيحا(3).
    2-لا يجوز إبرام عقد الكفالة بطريق الوكالة إلا إذا صدر توكيل خاص يعين فيه محلها على وجه التخصيص بأن يعين فيها على الأقل المدين المكفول و الالتزام المكفول، وهو الأمر الذي نصت عليه المادة 574 ق.م.
    3-يجوز الطعن في الكفالة بالدعوى البوليصية دون إشتراط تواطؤ المدين لا مع الدائن و لا مع الكفيل، وفي هذا المجال تطبيق للقواعد العامة إذ تنص المادة 192 ق.م " إذا كان تصرف المدين بعوض، فإنه لا يكون حجة على الدائن إلا إذا كان هناك غش صدر من المدين و إذا كان الطرف الآخر قد علم بذلك الغش يكفي لإعتبار التصرف منطوي على الغش أن يكون قد صدر من المدين، وهو عالم بعسره.


    (1)هذا و بينما تعتبر طبيعة العلاقة بين الكفيل الدائن عقد تبرع بالنسبة للكفيل فإنها تكون بالنسبة للدائن عقد معاوضة لأنه يلتزم بمنح الدين للمدين مقابل كفالة الكفيل له.
    (2)عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء العاشر صفحة 56.
    (3)المادة 40 ق.م.ج حددت سن الرشد بـ 19 سنة وهي السن اللازمة لابرام تصرفات ذات طبيعة تبرعية.

    كما يعتبر من صدر له التصرف عالما بالغش إذا كان قد علم أن هذا المدين في حالة عسر".
    4-كما أنه يترتب على إعتبار الكفالة من أعمال التبرع أنها تكون في الأصل تصرف مدني وإن كان الالتزام المكفول تجاري، والكفيل تاجرا وهذا طبقا لنص المادة 651/1 ق.م، والسبب يعود لكون نية التبرع غريبة عن التجارة وأن التجارة تقوم على فكرة المضاربة، إلا أنها ورغم صفتها المدنية فإنها تعتبر عملا تجاريا إذ نشأت عن ضمان الأوراق التجارية(1) ضمانا إحتياطيا و يتم ذلك إما بالكتابة على الورقة التجارية ذاتها أو على ورقة مستقلة فتعتبر تجارية في جميع الأحوال إن وردت على كمبيالة ( سفتجة) أما إذا وردت على سند أذني فلا تعتبر تجارية إلا إذا كان السند الأدنى نفسه تجاريا بأن كان محرره تاجر حرر لعمل تجاري أو مدني أو كان غير تاجر ولكن لعملية تجارية أو عن تظهير هذه الأوراق وفقا للقانون التجاري طبقا لنص المادة 651/2.

    المطلب الثاني :تميز عقد الكفالة عن بعض الأنظمة المشابهة لها

    تعتبر الكفالة أداة إئتمان من الناحية الإقتصادية، وهي وسيلة ضمان من الناحية القانونية، لذلك نجد هناك أنظمة أخرى شبيهة بالكفالة سواء من حيث تكوينها القانوني أو من حيث وظيفتها الإقتصادية.
    1/ التضامن بين المدينين :
    تختلف الكفالة عن التضامن بين المدينين، من حيث أن المدين المتضامن يلتزم بصفة أصلية في مواجهة الدائن(2)، وذلك على نقيض إلتزام الكفيل حتى ولو كان متضامنا مع المدين، فهو يعتبر إلتزاما تابعا لالتزام المدين، و يترتب على صفة التبعية هذه أن للكفيل حتى ولو كان متضامن أن يتمسك ببراءة ذمته إذا ما أضاع الدائن تأمينات، وكذلك سقوط إلتزامه إذا لم يرجع الدائن على المدين خلال ستة أشهر من تاريخ إنذار الكفيل له بذلك، وإذا لم يحل الدائن في تفليسة المدين سقط حقه في الرجوع على الكفيل بقدر ما كان يستطيع أن يحصل عليه من هذه التفليسة ( المواد 656، 657، 658 ق.م) (3).
    2/ الإنابة الناقصة : ( المواد 294، 295، 296 من ق.م)
    تعني الإنابة أن المدين قد أناب عنه شخصا آخر يتعهد للدائن بالوفاء بالدين الموجود في ذمته.
    فهي تتم إذا حصل المدين على رضا الدائن بشخص أجنبي يقوم بوفاء الدين مكان المدين و الإنابة نوعان :
    *الإنابة الكاملة : وتكون عندما ينيب المدين شخص آخر يتعهد للدائن بدين جديد بدل الذي كان في ذمته، أي أن الدين القديم ينقضي لينشأ مكانه دين جديد، ويعتبر هذا تجديد بتغيير المدين.


    (1)المادة 409 من القانون التجاري الجزائري.
    (2)الدكتور محمد حسنين: الوجيز في التأمينات الشخصية والعينة في القانون المدني الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، بدون تاريخ النشر، صفحة 59.
    (3)المادة 217 ق.م.التضامن لا يفترض و إما لكون بناءا على نص أو إتفاق.
    *الإنابة القاصرة أو الناقصة : فهي لا تتضمن تجديدا، بل يبقى الدين في ذمة المدين الأصلي و ينظم إليه المدين الجديد ليكون مدينا لذات الدائن، بنفس الدين ومناط التفرقة بين النوعين يمكن في تضمنها تجديدا بتغير المدين أو عدم تضمنها له.
    لا وجه للالتباس بين فكرة الإنابة الكاملة، والكفالة لأن الإنابة الكاملة تنطوي على تحديد للالتزام بتغير المدين، فالمدين الأصلي ( المنيب ) يختفي ليحل محله مدين جديد (المناب).

    ويمكن أن يثور التلبس بصدد الإنابة الناقصة، حيث يتعدد المدينون بدين واحد، إذ يبقى الدين في ذمة المدين الأصلي، و ينظم إليه المدين الجديد ليكون مدينا بنفس الدين.
    ولكن الفارق بين الإنابة الناقصة والكفالة أي بين الكفيل و المناب يكمن في فكرة التبعية، فالمناب يلتزم بدفع دين الغير إلتزاما أصليا لا إلتزاما تابعا كما هو الحال بالنسبة للكفيل و يستطيع الدائن أن يختار أي من المنيـب أو
    المناب لمطالبته بحقه لأن كل منهما يلتزم إلتزاما أصليا في مواجهة الدائن، ولا يستطيع المناب أن يطلب من الدائن أن يرجع على المنيب ( المنيب الأصلي ) ولو كان موسرا، ولا يستطيع أن يحتج بالدفوع التي يحتج بها المنيب على المناب لديه ( الدائن).
    أما بالنسبة للكفيل فإن إلتزامه تابع للالتزام الأصلي، ومن تم يجوز له، كما رأينا، أن يدفع في مواجهة الدائن بضرورة رجوعه، على المدين الأصلي أولا، وله أن يتمسك في مواجهته بضرورة التنفيذ على أموال المدين و تجريده من أمواله قبل الشروع في التنفيذ على أموال الكفيل(1).
    3/ التعهد عن الغير : المادة 114.
    التعهد عن الغير هو الحالة التي يتعاقد فيها شخص مع أخر على تعهده شخصيا بأن يحمل الغير على قبول التعاقد أو التزام معين، مثال ذلك، حالة الوكيل الذي يتجاوز حدود الوكالة، و يتعهد شخصيا بأن يجعل الموكل يقر الاتفاق الخارج عن حدود التوكيل، والتعهد عن الغير لا يلزم الغير، فالمتعهد يلتزم شخصيا بالعقد الذي يبرمه، فهو ليس وكيلا عن الغير أو نائبا عنه و لا سلطة له في إلزامه، ولكنه يتعهد بأن يحصل على رضاء هذا الغير بالعقد فمحل إلتزام المتعهد هو دائما إلتزام بعمل هو أن يحمل الغير على قبول إلتزام معين.ولا يرتب التعهد عن الغير إلتزاما في ذمته بل يظل حرا في أن يقبل العقد الذي تم التعهد به عنه أو أن يرفضه.
    فالمتعهد عن الغير يلتزم إلتزاما أصليا بأن يجعل الغير يقبل إلتزام معين، أما إلتزام الكفيل فهو إلتزام تبعي حيث يلتزم بالوفاء بالدين إذا لم يف به المدين نفسه، فالكفيل يضمن وفاء المدين بالتزامه أما المتعهد فيقتصر دوره على حمل الغير على قبول الالتزام دون أن يضمن الوفاء بهذا الالتزام.
    للغير الحرية في قبول الالتزام أو رفضه، فإذا رفض الغير القيام بتنفيذ ما تعهد به المتعهد، فإن هذا الأخير يكون قد أخل بالتزامه الأصلي، و يلتزم بتعويض المتعهد له عما ناله من ضرر، و يجوز للمتعهد عن الغير أن يتخلص من التعويض بأن يقوم بنفسه بما تعهد أن يقوم به الغير، أي أنه يجوز للمتعهد أن يقوم بتنفيذ نفس الإلتزام


    (1)عبد الرزاق السنهوري، التأمينات الشخصية و العينية ج 10، صفحة 62.


    موضوع التعهد، إن كان ذلك ممكنا و ذلك كصورة من صور التعويض، وقد يؤدي هذا إلى الاعتقاد بأن المتعهد يعتبر هنا بمثابة كفيل لأنه ينفذ الالتزام الذي كان من المفروض أن ينفذه الغير، إلا أن هذا الإعتقاد غير صحيح.
    لأن الغير لم يوجد عليه أي إلتزام أصلا حتى ينفذ المتعهد بدلا منه و يقوم المتعهد بتنفيذ إلتزامه هو، وهو إلتزام أصلي و ليس تابعا و يتم ذلك عن طريق التنفيذ بمقابل أي أنه ينفذ إلتزاما بديلا لالتزامه أما الكفيل فإلتزامه تابع لانه يقوم بتنفيذ إلتزام المدين إذا لم يقم به.
    4/تأمين سيار المدين:
    هو عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه وهو المؤمن، لطرفه الثاني وهو المستأمن، في مقابل قسط معين بضمان الخسارات التي تلحقه نتيجة إعسار مدينه، هذا العقد يهدف لتأمين الدائن من خطر إعسار المدين وهو لا يضمن سيار المدين، بل يلتزم إلتزاما أصليا بموجب عقد التأمين لا بوفاء دين المدين ذاته، بل بتعويض الدائن عن الضرر الذي يلحقه نتيجة إعسار المدين(1).

    المبحث الثاني: أنواع الكفالة و الأركان الواجبة لقيامها

    المطلب الأول :أنواع الكفالة والشروط الوجبة التوفر في شخص الكفيل

    الفرع الأول- أنواع الكفالة :

    يمكن إجراء أكثر من تقسيم للكفالة بحسب الزاوية المنظور إليها منها
    -من حيث المصدر: تكون الكفالة إما إتفاقية قانونية أو قضائية.
    -ومن حيث الطبيعة : هناك الكفالة المدنية والكفالة التجارية.
    -ومن حيث المحل : تكون كفالة شخصية ( بسيطة أو تضامنية )، أو عينية، أو كفالة بدن.
    1/ أنواع الكفالة بحسب مصدرها :
    أ-الكفالة الاتفاقية :
    هي التي تنشأ نتيجة إتفاق المدين مع الدائن على إلتزام الأول بتقديم كفيل للثاني يضمن دينه، و يكون هذا الإتفاق هو مصدر إلتزام المدين بتقديم الكفالة، سواء تم الاتفاق قبل نشوء الدين في ذمة المدين أو بعد ذلك.
    ويعد من قبيل الكفالة الاتفاقية سعى المدين من تلقاء نفسه إلى الحصول، على كفيل يضمنه و يقدمه من تلقاء نفسه، دون أن يكون ملتزما بذلك، للدائن حتى يحصل منه على إئتمان جديد أو أن يجدد الإئتمان السابق، و يمكن أن تنشأ الكفالة كذلك في حالة تقدم الكفيل من تلقاء نفسه لضمان المدين و إلتزامه بذلك في مواجهة الدائن، حتى ولو لم يعلم بها هذا الإخير أو حتى رغم معارضة، حيث يكون مصدر إلتزام الكفيل هذا هو الإرادة المنفردة، وهي مصدر إرادي يقيد به، وتعتبر هاتين الحالتين من قبل الكفالة الاتفاقية.

    (1)أحمد محمود سعد، عقد الكفالة الطبعة الأولى، سنة 1994، دار النهضة العربية للطبع والنشر والتوزيع القاهرة، صفحة 134.

    ب/الكفالة القانونية :
    تكون الكفالة قانونية في الأحوال التي يوجب القانون فيها على المدين تقديم كفيل للدائن، ومثال ذلك نص المادة 851 من القانون المدني الجزائري والتي تلزم المنتفع بمنقول أن يقدم لمالك الرقبة كفالة ضمان للوفاء بالتزامه برّد المنقول أو بدله "وأيضا نص المادة 388/2(1) من القانون المدني الجزائري والتي تخول للبائع بأن يقدم كفيلا " إذا أراد إستيفاء الثمن رغم التعرض للمشتري و رغم حق المشتري في الحبس.
    وأيضا ما نصت عليه المادة 211/2 ق.م.ج والتي تنص على أن أجل الدين يسقط متى إنقض بفعل المدين وإلى حد كبير ما أعطى الدائن من تأمين خاص ولو كان هذا التأمين قد أعطى، بعقد لاحق أو بمقتضى القانون، ما لم يفضل الدائن، أن يطالب بتكملة الثمن .
    وكذا نص المادة 212 التي نصت على أنه للدائن، وقبل إنقضاء الأجل، أن يتخذ من الإجراءات ما يحافظ به على حقوقه، ولو بوجه خاص أن يطالب بتأمين إن خشي إفلاس المدين.
    ج/ الكفالة القضائية:
    تكون الكفالة قضائية في الحالات التي يكون مصدر إلتزام المدين فيها بتقديم كفيل حكم القاضي، مثل ما جاءت به المادة 717-2 مدني، إذ تنص أنه إذا وافقت المحكمة على قرار الشركاء الذين يملكون
    على الأقل ¾ من المال الشائع بإجراء تغيرات أساسية فيه فإن لها أن تأمر بإعطاء المخالف من الشركاء كفالة تضمن الوفاء بما قد يستحق لـه من تعويضات، وكذا نص المادة 40/2 إ.ج/م التي تقضي بأنه يجوز للقاضي، أن يأمر بكفالة في حالة الإستعجال بالتنفيذ.
    هذا وأن إعتبار الكفالة إتفاقية أو قانونية أو قضائية، لـه أهمية من الناحية العملية ذلك أن القانون يجعل للكفالة القانونية والقضائية أحكام خاصة، لا يؤخذ بها في الكفالة الإتفاقية، فنصت المادة 667 مدني، على أنه يكون الكفلاء في الكفالة القضائية دائما متضامين(2)، في حين أنه إذا تعدد الكفلاء في الكفالة الإتفاقية، يكونون غير متضامنين إلا إذا ثم الإتفاق على ذلك في عقد الكفالة، لذا يكون إلتزام الكفيل في الكفالة القانونية والقضائية أشد منه في الكفالة الاتفاقية إذ يكون متضامن مع الغير من الكفلاء بقوة القانون دون أن ينص على ذلك عقد الكفالة.
    2/ أنواع الكفالة بحسب طبيعتها:
    تنقسم الكفالة بحسب طبيعة العقد المبرم بين الكفيل والمكفول لـه إلى كفالة مدنية و كفالة تجارية، و يترتب على التميز بين نوعي الكفالة نفس نتائج التمييز بين الأعمال التجارية و الأعمال المدنية من حيث أحكام الإثبات والفائدة القانونية والاختصاص القضائي والأهلية الواجب توفرها في الكفيل.


    (1) هناك عدم توضيح للمادة 388/2 فإن اللفظ الصحيح يكون :" فإن تعرض أحد للمشتري مستندا إلى حق سابق و آل من البائع أو إذا خيف على المبيع أن ينزع من يد المشتري جاز له إن لم يمنعه شرط في العقد أن يمسك الثمن إلى أن ينقطع التعرض أو يزول الخطر وله أن يملك الثمن على أن يقدم كفيل أو ضمان للمشتري.
    (2)يطابق النص المادة 795 مدني مصري, 761 سوري، 804 ليبي، 1030 عراقي


    أ/ الكفالة المدنية :
    القاعدة أن الكفالة عقد مدني لأنه من عقود التبرع، والتجارة تقوم على الربح والمضاربة ولا تتفق مع صفة التبرع، فالكفيل متبرع ولا يحصل على مقابل، وهو ما أكدته المادة 651 من ق.م، و يترتب على ذلك أن الكفالة تعتبر مدنية ولو كان الكفيل يضمن دين تجاري أو وليد علاقة تجارية بين المدين و الدائن، ولو كان الكفيل لديه الأهلية التجارية، ويقوم بممارسة نشاط تجاري، طالما أن الكفالة تمت على سبيل التبرع.
    ب/ الكفالة التجارية:
    إستثنت المادة 651/2 حالتين، إعتبرت فيهما أن الكفالة الناشئة عن ضمان الأوراق التجارية ضمان إحتياطيا وأن أي تطهير لها يجعلها عمل تجاري.
    فالضمان الاحتياطي يقصد به ضمان الالتزام الناشئ من الورقة التجارية و يتم ذلك بكتابته على الورقة التجارية ذاتها أو كتابته على الورقة المتصلة بها أو في ورقة مستقلة وهو ما أكدته المادة 409 من ق.ت
    أما بالنسبة للتظهير، فعلى الرغم من إعتبار المشرع تظهيرها بمثابة كفالة تجارية، إلا أن البعض الأخر ذهب لاعتبارها صورة من صور الرهن الحيازي للورقة التجارية.

    3/ أنواع الكفالة بحسب محلها:
    أ/ الكفالة الشخصية:
    هي الكفالة العادية التي يلتزم فيها الكفيل بضمان الوفاء بالدين إذا لم يف به المدين، فيستطيع الدائن أن يستوفي حقه من أموال المدين ومن أموال الكفيل إذ لم تكفي أموال الأول، و ترد الكفالة على الضمان العام للكفيل أي على كل أمواله دون تخصيص.
    ب/ الكفالة العينية :
    وهي تأمين عيني حيث يقدم الكفيل مالا ( عقار أو منقول) مملوكا لضمان الوفاء بالتزام في ذمة شخص آخر و سمي الكفيل هنا بالكفيل العيني حيث يقوم برهن عقار أو منقول يملكه لضمان الوفاء بالتزام المدين وهو لا يضمن هذا الوفاء إلا في حدود المال الذي قدمه تأمينا له فالضمان لا يرد على كل ذمته المالية.
    ومنه الكفيل العيني لا يكون مسؤول شخصيا عن الدين بل يضمن الدين في حدود المال الذي قدمه رهنا و منه الكفالة العينة تندرج تحت التأمينات العينية ضمن عقد الرهن.
    يترتب على التميز بين النوعين النتائج التالية:
    *أن ضمان الكفيل العيني ينحصر في حدود العين المرهونة لتأمين هذا الوفاء أما الكفيل الشخصي فيضمن الوفاء بالدين في كل أمواله ( كل العناصر الإيجابية لذمته المالية ).
    *الكفالة العينية تجعل الدائن في مركز خاص و ممتاز بحيث تجنبه خطر إعسار المدين و الكفيل بحيث يكون له إلى جانب الضمان العام للمدين سلطة تنصب على الشيء المقدم من الكفيل رهنا رسميا أو حيا زيا وهي السلطة التي تخوله حق التتبع و الأولوية في استفاء الثمن بعد بيعه(1).

    (1)الدكتور أحمد شرف الدين:التأمينات العينية والشخصية، دار النهضة العربية، القاهرة، بدون تاريخ النشر صفحة 39.

    الفرع الثاني-الشروط الواجبة التوفر في شخص الكفيل :
    حتى تؤدي الكفالة الغرض منها كأداة لضمان تنفيذ الالتزام الأصلي و تأمين الدائن في استفاء حقه، فإنه يجب أن تتوافر شروط معينة في الكفيل، تضمنتها المادة 646 بقولها : « إذا التزم المدين بتقييم كفيل وجب أن يقدم شخصا موسرا و مقيما بالجزائر، وله أن يقدم عوضا عن الكفيل تأمينا عينيا كافيا ».
    وعلى ذلك فإنه كلما التزم المدين بأن يقدم لدائنه كفيلا وجب أن تتوافر في الكفيل الشروط التالية :
    1/ وجوب أن يكون الكفيل موسرا :
    أي قادرا على الوفاء بالالتزام الذي قام بضمانه إذ اقتضت الحالة ذلك و المدين الملتزم بتقديم كفيل هو الذي يقع عليه عن إثبات سيار هذا الكفيل، ويسار الكفيل يقاس ما لديه من أموال كافية للوفاء بالدين الذي كفله سواء كانت منقولات أو عقارات شائعة أو مفرزة متى كان ذلك كافيا للوفـاء بدين الدائن (1)ومـع ذلك يستطيـع الدائن
    أن يثبت أن هذه الأموال أو بعضها متنازع فيها أو يصعب التنفيذ عليها، لبعدها و سهولة تهريبها، أو كانت مرهونة أو عليها حق عيني كحق الانتفاع، وتوافر صفة اليسار أو الاقتدار مسألة موضوعية، متروك تقديرها لقاضي الموضوع، لأنه هو من يقدر إن كان الكفيل المراد تقديمه موسرا أم لا(2).
    لكن هل يشترط وجود أموال الكفيل بأرض الوطن ؟
    يذهب البعض إلى أنه يجب تقدير يسار الكفيل بالنظر إلى أمواله الموجودة داخل الإقليم حتى يمكن التنفيذ عليها لأن أمواله الموجودة بالخارج تثير الكثير من الإشكالات والصعوبات المتعلقة بتنازع القوانين الأمر الذي يشكك في قدرة الكفيل على تأمين الدين(3).
    إلا أننا نرى أنه لا يمكن القول باشتراط مثل هذا الشرط، فلا شك أن الأمر يختلف من حالة لأخرى حسب طبيعة المال و ظروفه، ومن تمت يجب ترك المسألة لتقدير المحكمة طبقا لملابسات كل حالة على حدة.
    2/ الإقامة بالجزائر :
    والحكمة من هذا الشرط واضحة وهي أن الدائن يستطيع مطالبة الكفيل و الرجوع عليه إذالم يف المدين بالتزامه، والمقصود بالإقامة في الجزائر هو أن يكون للكفيل موطن بها، ولا يشترط أن يكون الكفيل مقيما في موطن المدين(4)هذا و لا يشترط أن يكون الكفيل جزائري الجنسية بل يمكن أن يكون أجنبيا مادام مقيما في الجزائر وله موطن فيها، بل يكفي أن يكون له حتى موطن مختار يعتمد عليه فيما ينشأ عن الكفالة من علاقات(5).


    (1)إن القانون الفرنسي يشترط في مادته 1019 أن يكون مال الكفيل الذي يثبت سياره عقار لا منقولا: و يرجع هذا إلى الفكرة السائدة عند وضع قانون نابوليون والتي مردها أن كل منقول تافه القيمة و نفس الشيء بالنسبة للقانون الإيطالي إلا أن الحكمة ليست واحدة لأن هذا الأخير يدفع الفكرة إلى كون أن المنقول دائما سهل التهريب وصعبة الاستدلال عليها والتثبيت من ملكيتها.
    (1)أنظر سلميان مرقص عقد الكفالة صفحة 35.
    (2)السنهوري، التأمينات الشخصية و العينية ج 10/ صفحة 85.
    (3)مثل ما تقتضيه نصوص القانون الفرنسي، المادة 2015 والغاية من إشتراط هذا النص، هو التسيير على الدائن في العودة على الكفيل.
    (4)التأمينات الشخصية والعينة، مدونة للدكتور سي يوسفي، عن ديوان المطبوعات الجامعية صفحة 16.

    وبالإضافة إلى هذين الشرطين المستمدين من نص المادة 646 ق.م أضاف الفقه شرطا، آخر لم يشير له المشرع ربما لبداهته وهو :

    3/ وجوب توافر الأهلية الواجبة للالتزام بالكفالة:
    وهو الشرط المستمد مما تقتضيه القواعد العامة، وعلى ذلك إذا كان المدين ملزما بأن يقدم لدائنه كفيلا فإنه يجب أن تتوافر فيه الأهلية، وذلك لأنه مقبل على التزام ضارا بمصالحه، لذا يستوجب أن يكون واعيا بما هو قادم عليه، و متدارك لحضوره هذا الالتزام(1)، ومن هذا المنطلق، فإن المدين متى قدم كفيلا موسرا، ومقيما بالبلاد، وتوفرت لديه أهلية إبرام العقد، فإنه يكون قد أوفي بالتزامه بتقديم كفيل، ولكن ما هو الحل، إذا فقد الكفيل أحد هذه الشروط بعد ذلك؟ كما لو أصبح معسرا أو غيّر موطنه.
    *أن المدين يلتزم بتقديم كفيل تتوافر فيه الشروط السابقة، وذلك إذا طلب الدائن ذلك، أما إذا كان الكفيل قد تم اختياره بواسطة الدائن فإن المدين لا يلتزم بتقديم شخص آخر يحل محله إذا فقد أحد الشروط الواجبة، ونفس الحكم، إذا كان الكفيل قد التزم دون علم المدين(2)، فإذا اعسر الكفيل إعسارا جزئيا، جاز للدائن أن يطالب بكفالة أخرى تكمل كفالة الأول، ولا يكون المدين ملزما بتقديم كفيل آخر إذا مات الكفيل الأول الذي قدمه لأن التزام هذا الأخير ينفذ من تركته.
    هذا و يجيز القانون للمدين أن يقدم عوضا عن الكفيل تأمينا عينيا لأنه يحقق ضمانا أكثر للدائن في استفاء حقه، وعلى هذا يكون للمدين الخيار بين تقديم كفيل أو تأمين عيني للدائن بشرط أن تكون هذا التأمين كافيا وإذا نازع الدائن في كفاية التأمين العيني فإن تقدير الأمر متروك لقاضي الموضوع، وبهذا للمدين أن يقدم للدائن رهن رسمي أو حيازي.
    إن الحديث عن التأمينات المقدمة للدائن في سبيل تأمين دينه يجرنا حتما للكلام عن كفالة الكفيل في حد ذاته أو ما يسمى في اصطلاح الفقه «المصدق»، وهو ما ورد في نص المادة 659 ق.م و 669، و المصدق هو الشخص الذي يكفل الكفيل، فهو يكفل التزام الكفيل دون المدين أي أنه يكفل الالتزام التابع وليس الالتزام الأصلي، ويلتزم بهذا، المصدق بوفاء التزام الكفيل وليس التزام المدين الأصلي، وعلاقة المصدق بالكفيل هي نفس علاقة الكفيل بالمدين، ومن ثمة تخضع لنفس أحكام الكفالة ذلك أن التزام المصدق هو إلتزام تابع لإلتزام الكفيل.

    ويعتبر المصدق في علاقته بالدائن كفيلا للكفيل و في علاقته بالكفيل كما لو كان هذا الكفيل مدنيا أصليا بالنسبة له، و يترتب على ذلك أنه لا يجوز للدائن أن يرجع على كفيل الكفيل قبل رجوعه على الكفيل، وهو ما جاء



    (1)والسن اللازمة هي سن الرشد القانوني ( 19 سنة )
    (2)إن مرد جواز تقديم كفيل آخر لضمان الدين إن أعسر الكفيل الأول هو نص المادة 646 لأنها جاءت بصيغة الجواز يقودها، «وله أن يقيم عوض عن الكفيل تأمين عيني كافي …». مما يفيد أن المدين متى التزم بقديم كفيل و أفلس له أن يعوض الدائن بكفيل آخر ملئ الذمة وله أن يقدم له تأمين عيني حسب قدرته و حسب اتفاقه مع الدائن و رضائه بذلك.

    بالمادة 669 ق.م(1)، ومن ثمة فالمصدق لا يجبر على الوفاء للدائن إلا حيث يكون المدين الأصلي والكفيل المكفول معسرين ولا يرجع الدائن على المصدق إلا إذا لم يمكنه الرجوع على الكفلاء والمدين الأصلي.
    ويستطيع المصدق أن يطلب من الدائن أن يرجع أولا على المدين الأصلي ثم على الكفيل، وله كذلك الدفع بالتجريد إزاء المدين و إزاء الكفيل، و له الدفع بالتجريد للمدين الأصلي ثم الكفيل، فالدائن لا يستطيع التنفيذ على أموال المصدق قبل أن ينفذ على أموال المدين الأصلي أولا و الكفيل ثانيا(2).
    وليس للمصدق أن يطلب تقسيم الدين مع الكفيل لأنهما لا يكفلان دينا واحدا فالكفيل يك
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

     عقد الكفالة - ,,,, Empty رد: عقد الكفالة - ,,,,

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 28, 2013 1:19 pm


    *عيوب الإرادة في الكفالة :
    حتى يكون عقد الكفالة صحيحا يجب طبقا للقواعد العامة ألا يكون الرضا في هذا العقد مشوبا بما يلحق الإرادة من عيوب، أي الغلط، أو التدليس أو الإكراه أو الاستغلال.
    في العقد الملزم لجانب واحد-كعقد الكفالة-نجد أنه لا ينشئ التزاما إلا في جانب أحد المتعاقدين-وهو الكفيل، ولذا نجد أن مسألة عيوب الإرادة لا تهم إلا الطرف المدين، أما بالنسبة للدائن فإنه وإن كان ليس بمنأى عن الوقوع في غلط في شخص الكفيل أو يساره، إلا أنه ليس له مصلحة في طلب إبطال العقد، لهذا السبب لأنه في مثل هذه الحالات يستطيع الدائن أن يرجع على المدين الأصلي الذي قدم له الكفالة ليطلب منه كفيل آخر، وإلا عرّض الحقوق المكفولة بهذا الضمان للخطر كأن يطلب سقوط الأجل مثلا.
    هذا و أن الملاحظ أن شخص المدين و صفاته لها أهمية جوهرية في عقد الكفالة، فإن اعتقد الكفيل أنه يكفل مدين معين، ثم تبين له أن المدين شخص آخر أو إذا اعتقد أن المدين تاجر، فإذا به غير ذلك، كان له-الكفيل- طلب إبطال العقد على أساس الغلط الذي وقع فيه(1)، وبما أن المادة 82 ق.م تنص على أنه : «يكون الغلط جوهري إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط.
    ويكون الغلط جوهري على الأخص إذا وقع في صفة للشيء يراها المتعاقدان جوهرية، أو يجب اعتبارها كذلك نظرا لشروط العقد و لحسن النية.
    إذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته و كذلك تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد ».
    فالمادة لم تحصر الحالات التي تعتبر فيها الغلط جوهري، ومنه تعتبر الغلط في شخص المدين جوهري لأنه موضوع إعتبار في التعاقد ومنه يحق للكفيل طلب الإبطال على هذا الأساس بشرط أن يثبت أنه لولا ذلك لما أرتضى أن يضمن المدين وأن الدائن كان يعلم بعدم يسار المدين أو كان من السهل عليه أن يتبين ذلك(2).
    أما بالنسبة للتدليس، و الإكراه، فإن القواعد العامة تقتضي أنه في حالة وقوع التدليس أو الإكراه من غير المتعاقدين و هو الغالب فليس للمتعاقد المدّلس عليه أو المكره أن يطلب إبطال العقد إلا إذا أثبت أن المتعاقد الآخر كأن يعلم أو كان من المفروض حتما أن يعلم بالتدليس و الإكراه، فإن الكفيل لا يستطيع طلب إبطال العقد إلا إذا أثبت أن الدائن كان يعلم أو كان من المفروض حتما أن يعلم بالتدليس و الإكراه،(المادة 87 و 89 ق.م)
    هذا و إن كان الغالب أن التدليس يقع من المدين فإنه قد يقع من الدائن نفسه الذي هو طرف في العلاقة و هنا تخضع هذه الحالة لنص المادة 86 ق.م التي تنص على جواز إبطال العقد للتدليس إن كانت الحيل التي لجأ إليها، أحد المتعاقدين أو نائبه من الجسامة بحيث لولاه لما أبرم الطرف الثاني العقد، ونفس الشيء بالنسبة للإكراه ( المادة 88 ق.م).


    (1)سمير تناغو، التأمينات الشخصية والعينية 1991، صفحة 86.
    (2)العبرة من وجوب العلم لدى المتعاقد الآخر بالخطأ يكمن في استقرار المعاملات حتى لا يفاجأ الدائن بإبطال العقد.



    أما بالنسبة للاستغلال ( المادة 90 م) والمتعلقة بالإبطال الناتج عنه فإنه من المتصور جدا، إذ قد تستغل امرأة شابة الهوى الجامع لدى محبوبها الطاعن في السن ليضمنها لدى الدائن ليمنحها قرضا كبيرا، لكن يستوجب هنا أن يكون الدائن على علم بذلك حتى لا يفاجأ بإبطال عقد لا يعرف عن سببه شيء، وهذا تحقيقا لاستقرار المعاملات.
    2/ المحل:
    محل التزام الكفيل هو أن يفي بالتزام المدين، إذ لم يف به المدين نفسه، ويجب أن يكون هذا المحل ممكن و معينا و مشروعا ولكي يكون محل التزام الكفيل ممكنا يجب أن يكون الالتزام الأصلي موجودا أو قابلا للوجود، وصحيحا، وعليه نتطرق للأحكام المتعلقة بالدين المكفول، لأن محل التزام الكفيل لا يكون ممكن إلا بتوافر شروط
    معينة في الدين الأصلي كما أن لشرط تعين محل التزام الكفيل أو قابلية للتعيين لا يتحقق إلا إذا كان محل التزام المدين الأصلي كذلك. أما مشروعية محل التزام الكفيل فلا تثير أي إشكال لأن التعهد بضمان التزام صحيح يعد مشروعا في حد ذاته
    أ-الالتزام المكفول :
    أي التزام يمكن كفالته أيا كان مصدره وأيا كان محله، إذ يمكن كفالة الالتزام الذي يكون مصدره العقد، أو الالتزام الذي يكون مصدره العمل الغير مشروع، أي أن يعترف المدين في العمل الغير مشروع بمبدأ المسؤولية و بمقدار التعويض و يأتي كفيل ليضمنه فيه، وقد يكون الالتزام مصدره الإثراء بلا سبب أو رد غير مستحق أو فضالة، وقد يكون مصدره القانون، هذا و يمكن كفالة التزام أيا كان محله سواء التزام بإعطاء أو الالتزام بعمل أو الالتزام بالامتناع عن عمل، وقد يكون التزام الكفيل محلا لكفالة أخرى و يسمى هنا كفيل الكفيل أو المصدق من شروط التزام المكفول أن يكون: موجودا، صحيحا وأن يكون معينا أو قابل للتعين
    */ الشرط الأول : وجود الالتزام المكفول:
    التزام الكفيل التزام تابع لا يقوم بذاته بل يستند إلى التزام آخر صحيح يضمن الوفاء به ولكن هذا لا يمنع من أن يكون الالتزام الأصلي مستقبليا أو شرطيا.
    ا-كفالة الالتزام المستقبلي :
    تنص المادة 650 ق.م على أنه :«تجوز الكفالة في الدين المستقبل إذا حدد مقدما المبلغ المكفول، كما تجوز الكفالة في الدين المشروط.
    غير أنه إذا كان الكفيل في الدين المستقبل لم يعين مدة الكفالة، كان له أن يرجع فيها، في أي وقت مادام الدين المكفول لم ينشأ».
    أجاز القانون كفالة الالتزام المستقبلي في هذه المادة متأثرا بالقاعدة العامة الواردة بالمادة 92/1 ق.م.ج(1) : «يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبلا».


    (1)المادة المقابلة لهذه المادة 131 ق. مدني مصري.
    فإذا كانت قاعدة التبعية تفترض وجود الدين الأصلي فإنها لا تشترطه ومنه أمكن وجود كفالة قبل وجود الدين، ومن ثمة كانت كفالة الالتزام المستقبل، هو التزام صحيح وبات لأن الالتزام المكفول وإن لم يكن موجودا إلا أنه قابل للوجود.
    كفالة الالتزام المستقبل مقيدة بقاعدتين:
    الأولى - وجوب تحديد المبلغ المكفول:
    اشترطت المادة لانعقاد الكفالة تحديد مقدار الدين المكفول أو الحد الأقصى الذي يمكن أن يصل إليه و إلا كانت باطلة و الحكمة من ذلك هو حماية الكفيل حتى يكون على بينة من الدين الذي يكفله، وحتى لا يتورط في دين لا يعرف مقداره.
    ويكفي أن يكون الدين محدد المقدار أو قابل للتحديد والتعيين طبقا للقواعد العامة، وهنا يتوجب تحديد الحد الأقصى الذي يمكن أن يكفله الكفيل.
    الثانية - مدة الالتزام في الكفالة المستقبلية:
    متى عين الكفيل مدة معينة يلتزم خلالها بكفالة الدين المستقبل، فإنه يظل مقيد بهذه الكفالة طول هذه المدة، فلا يرجع عنها خلال المدة المحددة فإن نشأ جزء من الدين ضمنه الكفيل لأن ضمانه يقتصر على ما ينشأ من الدين خلال مدة الكفالة، فإذ لم ينشأ الدين برأت ذمة الكفيل نهائيا بانتهاء المدة ما لم يتفق على تجديدها.
    أما أن لم تعين مدة للكفالة، فإن للكفيل الرجوع عنها و التحلل من إلتزامه في أي وقت ما دام الدين لم ينشأ، أما إن نشأ فإن الكفيل لا يستطيع الرجوع عنها، هذا ولكي ينتج الرجوع أثره، وجب إعلان الدائن بهذا الرجوع عن الالتزام بالكفالة طبقا للقواعد العامة التي تقضي بأن التغيير لا ينتج أثره إلا من الوقت الذي يصل فيه إلى علم الدائن.
    ب-كفالة الالتزام الشرطي:
    نصت المادة 650 ق.م.ج :« .. كما تجوز الكفالة في الدين المشروط ..» مؤدي المادة أن كفالة الالتزام في الدين الشرطي جائزة، و تطبق القواعد العامة في هذا الصدد، حيث تكون الكفالة تطبيقا لفكرة التبعية معلقة على ذات الشرط المعلق عليه الالتزام الأصلي سواء كان شرطا فاسخ أو واقف.
    *فإذا كان الدين المكفول معلق على شرط واقف، فإن التزام الكفيل يكون معلق على ذات الشرط، فإن تحقق الشرط فإن كل من الالتزام المكفول و التزام الكفيل يصبح نافذا أو باتا أما أن تخلف الشرط الواقف زال الدين الأصلي بأثر رجعي ومعه التزام الكفيل بالتبعية و إذا كان الدين المكفول معلق على شرط فاسخ فإن الكفالة تكون كذلك فإن تحقق الشرط زال كل من التزام المدين والتزام الكفيل في نفس الوقت بأثر رجعي، أما إن تخلف الشرط الفاسخ فإن كل من الالتزامين يصبح باتا.





    ج-كفالة الالتزام الطبيعي:
    نظم المشرع الالتزام الطبيعي في المواد 160 إلى 163، و يقصد به الالتزام الذي يتضمن عنصر المديونية فقط، ويفتقد لعنصر المسؤولية بحيث لا يمكن إجبار المدين على الوفاء به(1).
    ومن هذا المنطلق إذا كان المدين غير مجبر على تنفيذ الالتزام إن كان طبيعيا، فإنه من غير المتصور أن نضمن الوفاء بهذا الالتزام وهذا تطبيقا لفكرة التبعية، حتى لا يكون التزام الكفيل أشد التزام المدين(2)، وحتى وإن انعقدت الكفالة صحيحة ضمانا لالتزام مدني ثم تحول هذا الالتزام إلى التزام طبيعي، فيتحول التزام الكفيل أيضا.
    لكن إذا قام الكفيل بالوفاء بالدين تنفيذا لالتزام طبيعي فإنه لا يمكنه أن يسترد ما دفعه لأن نص المادة 162 مدني جاء فيه : لا يسترد المدين ما أداه باختياره بقصد تنفيذ التزام طبيعي».
    هذا وإذا قدم المدين في التزام طبيعي كفيل للدائن ضمانا للوفاء فسّر ذلك على أنه أراد أن يحول التزامه الطبيعي إلى التزام مدني وهذا جائز طبقا للمادة 165(3)التي نص:«يمكن أن يكون الالتزام الطبيعي سببا لالتزام مدني ».
    */ الشرط الثاني-أن يكون الالتزام المكفول صحيحا:
    تنص المادة 648 مدني على أنه: « لا تكون الكفالة صحيحة إلا إذا كان الالتزام المكفول صحيحا»، فطبقا لنص المادة لا تكون الكفالة صحيحة إلا إذا كان الالتزام الأصلي صحيحا أي لا يمكن أن توجد كفالة على التزام باطل».
    وفيما يلي نبين حكم كفالة الالتزام الباطل و كفالة الالتزام القابل للإبطال ثم كفالة ناقص الأهلية باعتبار أن المشرع خصها بحكم خاص بها.
    أ-كفالة الالتزام الباطل :
    يكون الالتزام الأصلي باطلا إذ اختل ركن من أركانه كأن يكون محله غير مشروع أو لم يستوف الشكل إذا كان العقد شكليا أو كان سببه غير مشروع.وعملا بفكرة تبعية الكفالة الالتزام الأصلي من حيث الصحة والبطلان، فإنه إذا كان الالتزام الأصلي باطلا كانت كفالته كذلك و يستطيع الكفيل التمسك ببطلان الالتزام الأصلي أيا كان سبب البطلان و بالتالي لا تجوز كفالته ومنه إن كان الالتزام الأصلي باطلا أعتبر محل إلتزام، الكفيل مستحيلا في ذاته.
    ب-كفالة الالتزام القابل للإبطال:
    الالتزام القابل للأبطال يعتبر التزاما صحيحا و منتجا لكل آثاره، حتى يحكم بإبطاله، ومنه كفالة هذا الالتزام جائزة و صحيحة، ولكنها تأخذ حكم هذا الالتزام، أي تبقى صحيحة طالما الالتزام الأصلي لا زال قائما ولم يبطل، أما إن أبطل الالتزام الأصلي فتبطل الكفالة معه بالتبعية وهو الحكم الذي ينطبق على كافة حالات القابلية للإبطال لأي عيب من عيوب الإرادة مع مراعاة الحكم الخاص بناقص الأهلية.

    (1)كأن سقط الدين المدين بالتقادم ( المادة 320) ق.م.ج
    (2)المادة 652 من القانون المدني الجزائري
    (3)محمدي سليمان-التأمينات الشخصية عقد الكفالة، ديوان المطبوعات الجامعية، ص 19.

    لكن قد يحدث أن يجيز المدين الأصلي التزامه، فما هو مصير الكفالة في هذه الحالة، أي هل يسقط حق الكفيل في طلب الإبطال بمجرد أن يصبح الالتزام الأصلي صحيحا بالإجازة أم يبقى حق الكفيل في طلب الإبطال قائما طالما لم يجز كفالته لتصبح صحيحة بدورها؟
    إن الرأي الراجح في هذه المسألة هو أن حق الكفيل في طلب إبطال كفالته لا يسقط بإجازة المدين الأصلي لعقده، وإنما يبقى حق الكفيل في طلب الإبطال قائما و الحجة على ذلك هو تفسير المادة 654/2، لأنها استثنت الحالة التي لا يجوز فيها للكفيل طلب الإبطال و تحديد هذه الحالة دليل على أن المشرع لم يرد أن يحرم الكفيل من التمسك بالإبطال في كل الحالات التي يكون فيها الالتزام الأصلي قابل للإبطال، ويرى أصحاب هذا الرأي بأنه، ما عدا الحالة المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 654، وهي حالة كفالة ناقص الأهلية فإنه في بقية حالات قابلية العقد الأصلي للإبطال، فحق الكفيل لا سقط بإجازة الالتزام الأصلي لان مقتضى التبعية يجب أن يكون فيما يفيد الكفيل وليس فيما يضره.( المادة 652 ق.م.ج) و هذا للإشارة متى كان الكفيل لا يعلم بسبب القابلية للإبطال، لأنه هنا يكون له التمسك في طلب الإبطال على أساس الغلط، الذي وقع فيه باعتباره أنه اعتقد أنه كفل التزام صحيح، في الوقت الذي كفل فيه التزام قابل للإبطال(1).
    ج-كفالة ناقص الأهلية:
    أورد المشرع حكم خاص لكفالة ناقص الأهلية بالمادة 649 ق.م.ج والتي تنص: « من كفل التزام ناقص الأهلية، وكانت الكفالة بسبب نقص الأهلية، كان ملزم بتنفيذ الالتزام إذا لم ينفذه المدين المكفول، باستثناء الحالة المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 654 ».
    فبعد أن أقر المشرع بالمادة 654 كقاعدة عامة بأن الكفيل يبرئ بمجرد براءة المدين، وله أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين، جاء بالفقرة 2 حكم خاص بناقص الأهلية، أين قررت :« على أنه إذا كان الوجه الذي يحتج به المدين هو نقص الأهلية وكان الكفيل عالما بذلك وقت التعاقد، فليس لديه أن يحتج بهذا الوجه.
    لفهم حكم هذين النصين يجب أن نفرق بين 3 فرضيات:
    الفرضية الأولى:حالة الكفيل الذي لا يعلم بنقص أهلية المدين المكفول، هنا التزام المدين قابل للإبطال بسبب نقص أهلية و يتبع ذلك التزام الكفيل ومن ثمة إن طلب المدين الإبطال و حكم له به، فإن التزام الكفيل ينقضي حتما و للكفيل التمسك بقابلية التزامه للإبطال ولو لم يتمسك به المدين نفسه لأنه صاحب مصلحة فيه طبقا للمادة 654/1، و يبطل التزام الكفيل هنا دون التزام المدين الأصلي لأنه لا يحكم له بالبطلان إلا إذا تمسك به صاحب الحق.
    الفرضية الثانية: الحالة التي يكون فيها الكفيل عالما بنقص أهلية المدين المكفول
    *هنا التزام المدين قابل للإبطال، ومعه التزام الكفيل بالتبعية، فإن تمسك المدين بإبطال التزامه وحكم له به امتد هذا الحكم إلى التزام الكفيل.


    (1)هذا وقد ذهب جانب من الفقه إلى أن إجازة المدين الأصلي للعقد تجعل الكفالة بالتبعية صحيحة وذلك استنادا، إلى فكرة التبعية من جهة وأن الكفيل قد كفل عند التزامه بها عقد صحيح باعتبار أن العقد القابل للإبطال صحيح عند إبرامه و منتج لكل آثاره، وأن الكفيل لا تستطيع الاستناد إلى سبب خاص بالمدين لطلب الإبطال.

    *لكن إن لم يتمسك المدين بالبطلان أو أجاز العقد الأصلي القابل للإبطال فإن العقد يظل منتج لآثاره، و تطل الكفالة منتجة لآثارها وليس للكفيل الاحتجاج بنقص الأهلية لإبطال التزامه ( المادة 654/2).
    الفرضية 3: الحالة التي يكفل فيها الكفيل المدين بسبب نقص الأهلية.
    *وهذا الفرض الذي نصت عليه المادة 649 ق.م، وهنا يكون كل من الدائن و الكفيل الأصلي، عالما بنقص أهلية هذا المدين، فالعقد المبرم بين الدائن والمدين قابل للإبطال ومنه للمدين إبطاله، وتوقفا لهذا الاحتمال عقدت الكفالة ( بسبب نقص أهلية المدين الأصلي )
    *ومنه الكفيل ضامن للوفاء بالتزام المدين إن لم يف به هو و ذلك في حالة عدم تمسكه بإبطال العقد، أما إن تمسك به و أبطل الالتزام الأصلي فإن الكفيل يصبح هو الملتزم بالوفاء لا باعتباره كفيل لأن الالتزام الذي كلفه قد زال، و إنما باعتباره مدين أصلي(1).
    -وهنا يرى بعض الفقهاء أن الكفيل لا يكون كذلك، بل يكون مدين أصلي تحت شرط واقف هو عدم تنفيذ المدين للالتزام الأصلي، فإن تحقق بأن المدين لم ينفذ الالتزام وجب على من تقدم بصفته كفيل أن ينفذ الالتزام.
    -بينما ذهب رأي آخرهنا بتفسير الحالة على أساس نظرية تحول العقد فالكفالة هنا صحيحة ما لم يتمسك ناقص الأهلية ببطلان الالتزام فتبطل حينذاك و يتحول إلى تعهد منشئ لالتزام أصلي في ذمة من تعهد ككفيل.
    -وذهب رأي آخر إلى اعتبار كفالة ناقص الأهلية يعتبر قد أبرم عقدا مركبا يتضمن كفالة و تعهد عن الغير، يتعهد الكفيل فيه بأن لا يستعمل المدين حقه في طلب الإبطال متعهدا بأن يقوم على سبيل التعويض بتنفيذ الالتزام الأصلي إن أخل بتعهده عن الغير وطلب المدين الإبطال، فإن حدث وطلبه و حكم له بذلك فزال الالتزام الأصلي ومعه التزام الكفيل فإنه يتحقق عند ذلك الإخلال بالتعهد عن الغير و يلتزم عندها الكفيل المتعهد بالتنفيذ على سبيل التعويض لأنه مخل بالتزامه، ويكون هنا التزامه أصلي غير تابع لغيره.
    */ الشرط الثالث-تعيين التزام الكفيل:
    يجب أن يكون محل التزام الكفيل معين أو قابلا للتعين، وإلا كانت الكفالة باطلة، وتعيين التزام الكفيل يرتبط بتعيين التزام المدين، وباعتبار أن التزام الكفيل مستقل عن التزام المدين، فإنه من الجائز، والممكن أن يختلف محل كل من الالتزامين إلا أن هذا الاختلاف مقيد بقاعدة أساسية، وهي أن التزام الكفيل لا يجوز أن يكون أشد من التزام المدين(2) ولتبسط هذا يجب علينا أن نميز بين نوعين من أنواع الكفالة وهما الكفالة المطلقة و الكفالة المحددة.
    ا/الكفالة المطلقة:
    تكون كذلك متى وردت بصيغة عامة، وبعبارات مجملة غير مبينة لحدود الالتزام و نطاقه، وهنا يتحدد نطاق الكفالة على ضوء الدين المكفول(3)، ويسأل الكفيل مسؤولية مطابقة لالتزام المدين في مقداره و أوصافه.

    (1)هذا وقد ذهب جانب من الفقه إلى أن إجازة المدين الأصلي للعقد تجعل الكفالة بالتبعية صحيحة وذلك استنادا، إلى فكرة التبعية من جهة وأن الكفيل قد كفل عند التزامه بها عقد صحيح باعتبار أن العقد القابل للإبطال صحيح عند إبرامه و منتج لكل آثاره، وأن الكفيل لا تستطيع الاستناد إلى سبب خاص بالمدين لطلب الإبطال.
    (1)نص المادة 652 ق.م.ج
    (3)و يكون التحديد هنا يتعين الدين الأصلي المكفول تعين دقيق، و تعين محله، مصدره و أطرافه، فمتى تحدد الالتزام المكفول على هذا الشكل دون تحديد التزام الكفيل فإن التزام هذا الأخير يكون مطابق لالتزام المدين لأنه جاء مطلق

    ومنه التزام الكفيل في الكفالة المطلقة يشمل : أصل الدين وكذلك الملحقات والمصروفات طبقا لنص المادة 653 ق.م.ج التي نصت :
    «إذا لم يكن هناك اتفاق خاص فإن الكفالة تشمل ملحقات الدين و مصروفات المطالبة الأولى وما يستجد من المصروفات بعد إخطار الكفيل ».
    ومنه فإن محل التزام الكفيل في الكفالة المطلقة يتكون بالإضافة إلى أصل الدين المكفول : والذي يتضمن الدين دون زيادة أو نقصان، ومنه التزام الكفيل مماثل للدين المكفول في مقداره،شروطه، أوصافه.
    1-ملحقات الدين: ويشمل التعويضات التي يلتزم بها المدين بسبب إخلاله بالتزامه، و تشمل أيضا فوائد الدين و إن كان التشريع الجزائري يبطل الفائدة بين الأفراد(1) إلا أنه يجيزها إذا كان المقرض مؤسسة(2).
    2-مصروفات المطالبة الأولى: وهي التي ينفقها الدائن عند المطالبة بالدين و تشمل تكاليف الأعذار و رسوم رفع الدعوى أي يشمل المصاريف السابقة على المطالبة القضائية.

    3-ما يستجد من المصروفات بعد إخطار الكفيل: وهي مصروفات لا يضمنها الكفيل إلا إذا كانت قد صرفت بعد الإخطار من قبل الدائن بأنه قد قام بمطالبة المدين، فالمدين ملزم بإخطار الكفيل برجوعه على المدين ليفي بالدين الذي لم يف به هذا الأخير فإن لم يقم بذلك تحمل الكفيل كل هذه المصاريف لأنه كان من الممكن أن يتفاداها بوفائه، فإن لم يخطر لا يلزم بدفعها، و يقتصر التزامه على مصروفات المطالبة الأولى.
    ب-الكفالة المحددة:
    إذا لم يرد الكفيل الالتزام بضمان كل دين المدين و ملحقاته فما عليه إلا تحديد محل التزامه تحديدا دقيقا وهذا جائز عملا بالقاعدة التي تقضي بأنه يجوز أن يكون التزام الكفيل أخف من التزام المدين، فقد لا يلتزم الكفيل إلا بجزء من الدين أو يلتزم به دون ملحقاته و المصاريف فعقد الكفالة هو الذي يحدد محل التزام الكفيل، ومن أمثلتها أن يتم تحديدها من حيث المدة بأن لا تتعدى وقت محدد لها أو أن يتم كفالة ديون ما قد تنشأ خلال فترة معينة فقط، وهو الشيء المستمد من مضمون.
    القاعدة الناصة على أنه لا تجوز الكفالة في مبلغ أقل و بشروط أهون(3) هذا و يستفيد الكفيل من كل تغير طارئ في الالتزام الأصلي يكون فيه مصلحة له فإن تنازل الدائن عن جزء من حقه أو قام بتقسيط الوفاء فإن الكفيل يستفيد من كل ذلك و يخف التزامه بالتبعية، وكذلك إن تم إعفاؤه من الفوائد أو إنقاص سعرها، فيتمسك الكفيل بكل ذلك في مواجهة الدائن.


    (1)وهو جاء بنص المادة 454 بقولها: «الفرض بين الأفراد يكون دائما بدون أجر ويقع باطلا كل نص يخالف ذلك».
    (2)وهو ما جاء بالمادة 456 بقولها :« يجوز لمؤسسات القرض التي تمنح فروض فروضا قصد تشجيع النشاط الاقتصادي الوطني أن تأخذ فائدة يحدد قدرها بموجب قرار الوزير المكلف بالمالية ».
    (3)المادة 654/2 ق.م.ج

    السبب:
    إن تحديد ركن السبب في عقد الكفالة، صعب و ترجع هذه الصعوبة إلى طبيعته الخاصة باعتبارها عملية قانونية ثلاثية، إذ هناك العلاقة بين الدائن والمدين ثم العلاقة بين الكفيل والدائن و بين الكفيل والمدين وهذه الأخيرة رغم أهميتها إلا أنها خارجة عن نطاق عقد الكفالة لأن المدين ليس طرفا فيها، وهنا قد يكون سبب كفالته هو إسداء خدمة بتوفير الاتمان للمدين أو مقابل يتقاضاه منه أو قد يكون بقصد قضاء دين عليه لهذا الأخير.
    -ومنه هل يستطيع الكفيل أن يحتج في مواجهة الدائن بما قد يعتري علاقته بالمدين من عدم وجود السبب أو عدم مشروعية الباعث و بناءا عليه يطالب ببطلان الكفالة؟(1).
    -ذهب البعض إلى عدم جواز ذلك لأن الكفالة تصرف مجرد، فالتزام الكفيل صحيح ولو لم يكن له سبب أو كان سببه غير مشروع، بينما رأي البعض الآخر خاصة في مصر و فرنسا عكس ذلك بوجوب أن يكون للالتزام سبب مقصود وأن يكون الباعث الرئيسي الدافع إلى التعاقد مشروع.
    -ولعل السؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا هو : لماذا التزم الكفيل في مواجهة الدائن؟

    والإجابة على هذا السؤال لا نجدها في العلاقة بين الكفيل والدائن، ولكن نجدها في العلاقة بين الدائن والمدين أين نجد أن الكفيل التزم في مواجهة الدائن ليسمح للمدين بالحصول على الائتمان من الدائن وهذا هو سبب التزام الكفيل و بشرط أن يكون موجود لحماية الكفيل حتى الالتزام في مواجهة الدائن دون سبب وهو السبب الذي يتوافق و الشروط الموضوعية للنظرية التقليدية للسبب ( سبب موضوعي مجرد و مباشر وغير متغير ) هذا و عدم وجوده يؤدي إلى بطلان التزام الكفيل.
    -أما الباعث الرئيسي أو الدافع للتعاقد، فهو شخصي وغير مباشر و متغير، يختلف من كفيل إلى آخر، ويشترط فيه أن يكون مشروعا.
    كما يتوجب أن يكون المتعاقد الأخر-الدائن- على علم به وذلك لاستقرار المعاملات وحتى لا يفاجأ ببطلان عقد لا يعلم عن سببه شيء، وإن كان الدافع إلى التعاقد غير مشروع كان العقد باطل يشترط أن يكون الدائن عالما به(2).
    هذا و إذا قام نزاع حول وجود السبب أو مشروعيته فإن عبء الإثبات يقع على عاتق الكفيل إذ عليه أن يثبت عدم وجود السبب أو مخالفته للنظام العام و الآداب و علم الدائن بالباعث الدافع للتعاقد أو إمكانية علمه بذلك، وله في ذلك أن يلجأ لكافة طرق الإثبات.





    (1)زكي محمود جمال الدين، التأمينات الشخصية والعينية صفحة 75.
    (2)ومثاله أن يكفل شخص خليلته لا لشيء إلا ليحظر باستمرار معاشرها له فالباعث الدافع الرئيسي غير مشروع لمخالفته لحسن الآداب.

    المبحث الأول: العلاقة بين الكفيل والدائن

    علاقة الكفيل بالدائن لها وجهان، الأول يتمثل في مطالبة الدائن للكفيل بالدين عند عدم وفاء المدين به، والثاني يتمثل في الدفوع التي يتمسك بها الكفيل في مواجهة الدائن لرد هذه المطالبة.
    وبعد هذا نجد أن الدائن الذي إستفى حقه من الكفيل تقع عليه واجبات يلزم بها نجاة الكفيل و تعتبر بمثابة آثار ناتجة عن واقعة الدفع، نتطرق لها فيما يلي :

    المطلب الأول: مطالبة الدائن للكفيل و الضوابط التي تحكم ذلك

    للدائن الرجوع على الكفيل لمطالبته بالدين متى لم يف المدين بذلك، و نحكم هذه الأخيرة قاعدتين أساسيتين هما :

    الفرع الأول : وجوب حلول أجل الدين بالنسبة للكفيل

    مطالبة الدائن للكفيل لا تجوز إلا عند حلول أجل الكفالة و الغالب أن يكون أجل إلتزام الكفيل هو نفس أجل الالتزام المكفول، إلا أنه قد يحدث أن يختلف الأجلان بالاتفاق أو بناء على واقعة أخرى تؤدي لسقوط أجل التزام المدين.
    فإن كان أجل التزام الكفيل مختلف عن أجل الالتزام المكفول فإن الأجل الممنوح للكفيل قد يحل بعد الأجل الممنوح للمدين أو قبله، فإن حل التزام الأصيل قبل حلول أجل التزام الكفيل فلا يجوز للدائن أن يرجع على الكفيل قبل حلول الأجل المحدد لالتزامه لان التزام الكفيل يمكن أن يكون أخف عبءا(1) من الالتزام الأصلي، ويستفيد الكفيل من الأجل الممنوح له(2).
    وإذا حل التزام الكفيل قبل حلول التزام الأصيل، فإن أجل التزام الكفيل يمتد حتى يصبح مساويا لنفس أجل التزام الأصيل، ولا يجوز للدائن أن يطالب الكفيل قبل حلول أجل الدين الأصلي و ذلك لأن التزام الكفيل لا يجوز أن يكون أشد عبئا من التزام الأصيل.




    (1)المادة 652/2.
    (2)الدكتور محمدي سليمان، مدونة حول التأمينات العينية و الشخصية ص 31، عن ديوان المطبوعات الجامعية 1999.


    هذا وأن كل اتفاق بين الدائن والمدين على تعديل أجل الالتزام الأصلي يستفيد منه الكفيل و لكن لا يضار منه فإن مد أجل الالتزام الأصلي فإن الكفيل و يستفيد من هذه المهلة سواء كان مصدرها الاتفاق أو القاضي ولا تجوز أي مطالبة قبل حلول الأجل الجديد، وأن اتفق على تعجيل أجل الالتزام الأصلي فإن الكفيل لا يضار و لا يجوز مطالبة إلا عند حلول أجل الكفالة أي موعد التزامه هو، والسبب يعود إلى الرغبة في حماية الكفيل.
    لكن قد يسقط الأجل الممنوح للمدين للسداد وذلك قبل أوانه لعدة أسباب طبقا للمادة 211 ق.م وهي : الإفلاس أو الإعسار أو إضعاف تأمينات الدين، وعدم تقديم الدائن ما وعد بتقديمه من تأمينات، فما هو تأثير ذلك على الكفالة ؟ وهل يؤدي إلى سقوط أجل التزام الكفيل و يلتزم بسداد الدين حالا أم لا يجوز الرجوع عليه قبل الأجل الأصلي المتفق عليه ؟
    انقسم الفقه حول هذه المسألة، حيث يتجه البعض إلى القول بسقوط أجل التزام الكفيل بالتبعية لسقوط أجل التزام المدين ذلك أن الغرض من الكفالة هو تأمين الدين ضد مخاطر إعسار المدين، وقد تحقق ذلك مما أدى إلى سقوط الأجل المقرر للوفاء، إلا أن الرأي الغالب استقر على أن يبقى هذا الالتزام قائما إلى حين حلول أجله، ويظل الكفيل متمتعا بالأجل الممنوح له ولا يجوز الرجوع عليه قبل حلول هذا الأجل ولو سقط أجل الدين الذي يكفله و ذلك للأسباب التالية :
    1/أن تبعية الكفالة للالتزام الأصلي لا تمنع من انعقادها بشروط أخف.
    2/أن سحب الثقة من المدين بسبب الإعسار أو الإفلاس أمر خاص به لا يبرر سحب الثقة من الكفيل كما لا يستطيع المدين الإساءة كمركز الكفيل بفعليه.
    3/قواعد تفسير الكفالة تقضي الأخذ بالتفسير الأصلح للكفيل بوصفه تبرعا من جهة و بوصفه مدين أيضا يفسر الشك لصالحه من جهة أخرى.

    الفرع الثاني : وجوب رجوع الدائن على المدين أولا قبل رجوعه على الكفيل

    القاعدة أنه لا يجوز للدائن أن يرجع على الكفيل، وحده إلا بعد رجوعه على المدين وهذا ما تضمنته نص المادة 660/1، ومؤدي ذلك أن الدائن يلتزم بالرجوع على المدين أولا، ولا يرجع ابتداء على الكفيل و لكن يمكن للدائن أن يرجع على المدين و الكفيل في آن واحد، و يقصد بالرجوع المطالبة القضائية أي رفع الدعوى على المدين والحصول على حكم قضائي بإلزامه ومن ثمة لا تكفي مجرد المطالبة الودية أو إعذار المدين للوفاء بالتزامه، ويرد على هذه القاعدة إستثنائين :
    الأول : إذا أشهر إفلاس المدين، وجب على الدائن التقدم في التفلسة بالدين و إلا سقط حقه في الرجوع على الكفيل يقدر ما أصاب هذا الأخير من ضرر بسبب إهمال الدائن.
    الثاني : إذا كان لدى الدائن سند صالح للتنفيذ على المدين فإن مجرد التنبيه بالوفاء يعتبر في ذاته رجوعا كافيا على المدين و يفتح طريق الرجوع على الكفيل.



    وعليه إذا رفع الدائن دعواه على الكفيل وحده قبل الرجوع على المدين كانت دعواه غير مقبولة، لأننا بصدد قيد قانوني على الدائن مراعاته وإلا تعرضت دعواه للدفع بعدم القبول، وهذا القيد لا يتعلق بالنظام العام، لذا لا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها وإنما يجب أن يتمسك به الكفيل أمام المحكمة وقد صدر في هذا الشأن قرار عن المحكمة العليا جاء فيه :« حيث من المقرر قانونا أنه يتوجب على ديوان الترقية و التسيير العقاري، وبناء على العقد المبرم بينها وبين القرض الشعبي الوطني الرجوع بمطالبة المكفول مؤسسة البناء في الوهلة الأولى ثم الرجوع على الكفيل و الحال أن المطعون ضده لم يقدم ما يثبت رجوعه على المدين أولا، مما يستوجب معه قبول الدفع»(1).ومن تم أوجبت شروط لصحة إبداء هذا الدفع هي :
    1)-وجوب أن لا يكون الكفيل قد تنازل عن حقه في هذا الدفع صراحة أو ضمنيا، لأنه مقرر لمصلحته ومنه له التنازل عليه.
    2)-يجب أن لا يكون الكفيل متضامنا مع المدين، لأن الدائن هنا يستطيع الرجوع على الكفيل المتضامن ابتداء دون إمكانية أن يدفع بوجوب الرجوع على المدين(2) وفد طبق المشرع الفكرة بوضوح في المادة 669 مدني عندما أجاز الرجوع على كفيل الكفيل إذا كان متضامنا مع الكفيل.
    3)-وجوب أن يكون في رجوع الدائن على الكفيل مصلحة أو فائدة فلو كان المدين ظاهر الإعسار، فلا فائدة من تمسك الكفيل بوجوب البدء بالرجوع على المدين، وبالمقابل للكفيل التمسك به إن كان للمدين بعض الأموال التي تكفي لسداد بعض الديوان فيرجع الدائن على هذه الأموال ثم يستوفي بقية الدين من الكفيل، وهنا نشير إلى أن القاضي هو الذي يقدر ما إن كانت هناك مصلحة للكفيل، في التمسك بهذا الدفع من عدمه، ويقع على الدائن عبء إثبات إعسار المدين أو عجزه الظاهر عن الوفاء.
    وأخيرا تجدر التنويه إلى أن الدفع بضرورة الرجوع على المدين أولا يعد من الدفوع الموضوعية لأنه لا يتعلق بوجود حق الدائن قبل الكفيل، وهو كذلك ليس من الدفوع الشكلية بل هو كما سبق وأن رأينا دفع بعدم القبول الدعوى لعدم استفاء إجراء لا بد من إستفاته.

    المطلب الثاني: الدفوع الممنوحة للكفيل لرد المطالبة

    الفرع الأول:الدفوع الناشئة عن الدين الأصلي

    يحق للكفيل أن يتمسك بجميع الدفوع التي يستطيع المدين التمسك بها، في مواجهة الدائن، ذلك لأن تبعية التزام الكفيل تجعله يتأثر بكل ما يؤثر في الالتزام المكفول.



    (1)قرار صادر بتاريخ 29 ماي 2002، رقم 258429 غير منشور بين القرض الشعبي الجزائري وديوان الترقية والتسيير بقسنطينة.
    (2)فهو من هذا المنطق بأخذ حكم المدين المتضامن من حيث حوار مطالبة الدائن له وحده بكل الدين.


    وقد نصت المادة 654/1 على هذا يقولها :«يبرأ الكفيل بمجرد براءة المدين، وله أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين(1)، وللكفيل التمسك بهذه الدفوع ولو كان متضامنا مع المدين إذ تنص المادة 666 على أنه « يجوز للكفيل المتضامن أن يتمسك بما يتمسك به الكفيل غير المتضامن من دفوع متعلقة بالدين» (2).
    فطبقا لهذه النصوص يستطيع الكفيل التمسك في مواجهة الدائن بكل ما يستطيع المدين الأصلي أن يدفع به هذه المطالبة، ومن هذه الدفوع ما يؤدي إلى بطلان الالتزام المكفول، كالدفع بالبطلان لانعدام الرضا المحل السب أو لتخلف الشكل القانوني.
    كما له التمسك بالدفوع المؤدية إلى انقضاء الالتزام المكفول كالوفاء، التجديد، التقادم، والوفاء بمقابل اتخاذ الذمة.
    وللكفيل التمسك بقابلية العقد الذي أنشأ للالتزام المكفول للإبطال لأي عيب شاب رضا المدين كغلط أو تدليس أو إكراه، و يتمسك الكفيل بهذه الدفوع باسمه هو لا باسم المدين لأن التزامه يتعلق بالالتزام المكفول و يرتبط به وجودا و عدما، ولذا فله بمقتضى حق خاص التمسك بكل ما سيؤدي هذا الالتزام أو يؤدي لانقضائه وله التدخل في الدعوى التي يرفعها الدائن على المدين ليتمسك بدفع قد لا يتمسك به المدين نفسه وله التمسك بهذه الدفوع ولو نزل عنها المدين فله التمسك بتقادم الالتزام المكفول حتى ولو كان المدين قد نزل عن حقه في التماسك بالتقادم.
    أما إذا أجاز المدين العقد القابل للإبطال فليس للكفيل الحق في التمسك بهذا السبب إلا أن كان المدين متواطئ مع الدائن للإضرار بالكفيل.
    هذا وأن التمسك بقابلية العقد للإبطال بسبب نقص أهلية الكفيل فإن المادة 654 ق.م. في فقرتها الأولى نصت على أن:«إذا كان الوجه الذي يحتج به المدين هو نقص الأهلية وكان الكفيل عالما بذلك وقت التعاقد فليس له أن يحتج بهذا الوجه» و يتضح من هذا النص أن الكفيل لا يستطيع التمسك بنقص أهلية المدين إذا كان عالما بذلك وقت التعاقد، إلا أنه إذا تمسك المدين بنقص أهلية وحكم له بإبطال الالتزام الأصلـي، فإن الكفيل يستفيد من ذلك،



    (1)وهي المادة المطابقة لنص المادة 782 مدني مصري و 748 سوري و 1077 ؟؟؟؟ و يتلخص مضمونها بأنه يحق للكفيل أن يدلي بجميع أسباب الدفع المختصة بالدين الأصلي شخصية كانت أو عينية ومن حملتها الأسباب المبنية على عدم أهلية المدين الأصلي و يكون له هذا الحق بالرغم من معارضة المديون الأصلي أو عدو له عن تلك الأسباب.
    (2)يلاحظ أن مركز الكفيل المتضامن مع المدين يختلف عن مركز المدين المتضامن مع غير من المدينين، فالمدين المتضامن لا يستطيع أن يتمسك في مواجهة الدائن إلا بالدفوع المتعلقة بشخصه، هو والدفوع المتعلقة بالدين، دون الدفوع الخاصة بغيره من المدينين، ( المادة 223 مدني الجزائري) والواقع أن اختلاف صياغة المادة 456/1 عن المادة 666 قد يوحي بشيء من اللبس، فبينما المادة 654/1 على أن: « .. للكفيل أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين ..» أي الدفوع الخاصة بشخصه والدفوع المتعلقة بالدين و نص المادة : 666 نصت على :«.. للكفيل المتضامن أن يتمسك بما يتمسك به الكفيل غير المتضامن من دفوع متعلقة بالدين ..» مما يوحى أن الكفيل المتضامن لا يستطيع التمسك بالدفوع المتعلقة بشخص المدين غير أن الأعمال التحضيرية للتقنين المدني المصري بالنسبة للمادة 794 المطابقة للمادة 666 من قانون المدني الجزائري تدل بوضوح على أن المشرع قصد مساواة الكفيل المتضامن بالكفيل غير المتضامن فيما يتعلق بالتمسك بالدفوع المتعلقة بالالتزام المكفول.
    ويبطل التزامه تبعا، و يلاحظ أن هذا النص يختلف عن حكم المادة 649 ق.م.ج الناصة على :«من كفل التزام ناقص الأهلية، وكانت الكفالة بسبب نقصد الأهلية، كان ملزما بتنفيذ الالتزام إذا لم ينفذه المدين المكفول »، وهو النص الذي يتناول حكم فرض الكفيل بسبب نقص الأهلية و يحرم الكفيل من التمسك ببطلان تصرف المدين المكفول و يتمسك به المدين(1).

    الفرع الثاني : الدفوع الناشئة عن عقد الكفالة

    زيارة على الدفوع السابقة الذكر فإن المشرع منح الكفيل دفوعا خاصة به مراعاة لصفته و اعتبارا لالتزامه التبرعي، وفيما يلي يعرض لهذه الدفوع وهي : الدفع بالتجريد (المادة 660/2 مدني)، الدفع بالتقييم في حالة تعدد الكفلاء، (المادة 644 مدني)، الدفع بإضاعة التأمينات بخطأ الدائن، المادة 656 ق.م.ج، الدفع بعدم اتخاذ الدائن الإجراءات ضد المدين، (المادة 657 ق.م.ج)، الدفع بعدم تدخل الدائن في تفلسة المدين (المادة 658 ق.م.ج).
    أولا : الدفع بالتجريد
    تنص المادة 660/2 ق.م.ج : « ولا يجوز له ( الدائن) أن ينفذ على أموال الكفيل إلا بعد أن يجرد المدين من أمواله، و يجد على الكفيل في هذه المسألة أن يتمسك بهذا الدفع ».
    والدفع بالتجريد بمعنى بسيط هو أنه إذا أراد الدائن التنفيذ على الكفيل فلهذا الأخير التمسك بالتنفيذ أولا على أموال المدين و تجريده منها إذا كان له أموال كافية للوفاء بكل الدين، وهو دفع تقرر لمصلحة الكفيل باعتباره ضامنا لدين ليس له مصلحة فيه فمن باب العدل ألا ينفذ عليه بالدرجة الأولى و أموال المدين قائمة لم ينفذ عليها.
    والهدف من هذا الدفع يعود إلى أن الكفيل جدير بالرعاية لأنه يوفى دينا ليس بدينه(2) بل بدين غيره فهو عادة يقدم خدمة للغير لتقوية ائتمانه، ولا ضرر في هذا على الدائن، إذ هو يستوفي حقه من الكفيل إن لم يستوفه من المدين.
    ويفرض لدراسة هذا الدفع من خلال تناول شروطه، والآثار المترتبة عليه وصورة خاصة للدفع به.
    أولا: شروط الدفع بالتجريد
    1/يجب أن يكون الكفيل شخصي لا عيني : لأن الكفيل العيني راهن، ولا يحق له التمسك بالتجريد إلا إذا كان قد اشترط ذلك صراحة، وهو ما نصت عليه المادة 901 من ق.م.ج بقولها :«إذا كان الراهن شخصا آخر غير المدين، فلا يجوز التنفيذ على ماله إلا على ما رهنه من ماله، ولا يكون له حق الدفع بتجريد المدين إلا إذا وجد اتفاق يقضي بغير ذلك».
    وحق الكفيل قاصر على الدفع بتجريد المدين المكفول، ولا يحق له أن يدفع بتجريد مدين آخر غير مكفول، في حالة تعدد المدينين.


    (1)عن الدكتور محمد صبري السعيدي عقد الكفالة في التشريع المدني الجزائري، دار الهدى لطباعة و النشر، عين مليلة، 1990، صفحة 69/70.
    (2)وقد وجد للتخفيف من شدة القانون الروماني الذي الذي كان يقهر الكفيل على الوفاء بحق الدائن فكان مركزه شيء.



    2/ يجب أن لا يكون الكفيل قد تنازل مقدما عن هذا الدفع : وهذا ما نصت عليه المادة 660/2 يقولها:« … على الكفيل في هذه الحالة أن يتمسك بهذا الحق ..» فهو دفع ليس من النظام العام يقع على الكفيل التمسك به وليس للقاضي الحكم به من تلقاء نفسه، باعتبار أنه دفع خاص بالكفيل فإنه يجوز له أن يتنازل عنه لأنه مقرر لصالحه، وقد يتم التنازل عن الدفع في عقد الكفالة ذاته، أو بعد ذلك في اتفاق مستقل، وقد يكون هذا التنازل صريح أو ضمني و مثال النزول الضمني سكوت الكفيل عن الدفع بالتجريد عندما يشرع الدائن في التنفيذ على أمواله، ومن ثمة فهو يستخلص من ظروف الحال و ملابستها و قولنا أن هذا الدفع لا يتعلق بالنظام العام يثير التساؤل عن الوقت الذي يجب على الكفيل أن يتمسك بهذا الدفع؟
    ذهب البعض إلى القول أنه إذا رفعت الدعوى على الكفيل، كان له الحق في التمسك بهذا الدفع في أية حالة كانت عليها الدعوى، وعليه أن يتمسك بهذا الدفع قبل صدور الحكم النهائي فإذا لم يفعل، وصدر هذا الحكم بإلزامه بالدين، فلا يعلق تنفيذه على تجريد المدين من أمواله ومنه فإن هذا الدفع يتعلق بمرحلة المطالبة القضائية وليس بالتنفيذ(1).
    ويذهب الرأي الغالب إلى أن رجوع الدائن على الكفيل يمر بمرحلتين الأولى مرحلة التقاضي والثانية مرحلة التنفيذ، و تختص كل مرحلة بدفع خاص، فالمرحلة الأولى هو الدفع بعدم القبول للدعوى لرفعها على الكفيل أولا، و يجوز التمسك بهذا الدفع في أي مرحلة من مراحل الدعوى، أما الدفع بالتجريد فهو خاص بمرحلة التنفيذ حيث يستطيع الكفيل التمسك به في مواجهة الدائن عندما يشرع في التنفيذ على أمواله لذا، فإن هذا الدفع لا يسقط لعدم التمسك به في مرحلة التقاضي، ( فهذا لا يعني عدم جواز إبدائه في مرحلة التقاضي، بل للكفيل إبداؤه أثناء نظر الدعوى).

    3/ ألا يكون الكفيل متضامنا مع المدين: وهو الشرط الوارد بنص المادة 665 ق.م.ج، ومنه للكفيل العادي التمسك بلزوم التنفيذ على أموال المدين أولا. أما الكفيل المتضامن فليس له التمسك بهذا الدفع، فالدائن يستطيع الرجوع على المدين أو الكفيل أو عليهما معا، وله التنفيذ على أموال الكفيل مع المدين أولا.
    ويثور التساؤل هنا حول إمكانية الاتفاق على احتفاظ الكفيل المتضامن بالحق في التمسك بالدفع بالتجريد.؟
    وهنا نقول أنه لا يجوز الاتفاق على احتفاظ الكفيل بالحق في التمسك بالتجريد في كل من الكفالة، القضائية والقانونية لأن الكفيل فيها يعتبر متضامنا بنص القانون وتقضي طبيعة التضامن في هذه الحالة حرمان الكفيل من الحق في الدفع بالتجريد(2)، أما بالنسبة للتضامن الإتفاقي، فإذا البعض يرى عدم جواز منح الكفيل المتضامن الحق في الدفع بالتجريد لأنه يتعارض مع طبيعة التضامن و احتفاظ الكفيل بهذا الدفع لا يجعله متضامنا في الواقع إلا أن الرأي الغالب يذهب إلى أنه ليس هناك ما يمنع مثل هذا الاتفاق إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة و حرية الكفيل في التخفيف من التزامه.

    (1)سمير عبد السيد تناغو، التأمينات الشخصية والعينية، منشأة المعارف الإسكندرية 1975، ص 212.
    (2)وهو ما نصت عليه المادة 667 بقولها :«يكون الكفلاء في الكفالة القضائية أو القانونية دائما متضامنين».

    4/ يجب أن يرشد الكفيل إلى أموال المدين التي تفي بكل الدين : وهو الشرط المنصوص عليه بالمادة 661 والتي نصت على ما يلي : « إذا طلب الكفيل التجريد وجب عليه أن يقوم على نفقته بإرشاد الدائن إلى أموال المدين التي تفي بالدين كله.
    ولا يؤخذ بعين الاعتبار الأموال التي يدل عليها الكفيل إذ كانت هذه الأموال تقع خارج الأرض الجزائرية أو كانت متنازع عليها».
    فلكي يكون الدفع بالتجريد مقبولا و قائما على أساس يجب أن تكون للمدين أموال يمكن للدائن التنفيذ عليها، ويقع على الكفيل عبء إثبات وجود أموال للمدين صالحة و كافية للوفاء بكل الدين، و يقوم بإرشاد الدائن إلى هذه الأموال على نفقته و مثالها مصروفات استخراج صور لمستندات ملكية المدين للأموال التي أرشد عنها، وهذا فضلا عن أن مصروفات التجريد سيرجع بها الدائن على الكفيل.
    هذا و يشترط في الأموال التي يجب أن يرشد عنها الكفيل عدة شروط هي :
    أ - أن تكون الأموال مملوكة للمدين، فالأموال الغير مملوكة له لا يعتد بها ولو كانت في حيازته.
    ب- أن تكون هذه الأموال قابلة للحجز عليها: وهو شرط الذي يتفق مع الغاية من الإرشاد وهو التنفيذ.
    ج- أن تكون هذه الأموال كافية للوفاء بكل الدين: فلا يكفي أن تكفي الأموال للوفاء بجزء من الدين أو حتى معظمه، فإن كانت الأموال التي يرشد عنها الكفيل لا تكفي لسداد الدين كله، فإنه لا يجوز التمسك بالدفع بالتجريد.
    وتقدير كفاية الأموال التي يرشد إليها الكفيل مسألة واقع يفصل فيها قاضي الموضوع، و يقدر قيمتها وقت النظر في النزاع بشأنها، ولا يؤخذ بعين الاعتبار إلا القيمة الصافية، فإن كانت مثقلة بحقوق عينية تبعية كالرهن، فإن قيمة المال تحدد بعد استنزال الديون المضمونة بهذا الرهن.
    كما يلاحظ بأنه إذا كانت الأموال غير كافية للوفاء بكل الدين، فإن الدائن غير ملزم بالتنفيذ عليها، إذ لو ألزم بذلك لأدى هذا إلى إجباره بالوفاء الجزئي لحقه، وهو ما يتعارض مع القواعد العامة في الوفاء حيث تنص المادة 277/1 ق.م.ج على أنه « لا يجبر المدين الدائن على قبول وفاء جزئي لحقه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقف بغير ذلك ».
    د- أن تكون الأموال موجودة بالجزائر : وذلك لتجنب إرهاق الدائن من خلال مباشرة إجراءات معقدة عند وجود الأموال في خارج إقليم الدولة، هذا ولا يشترط أن تكون الأموال موجودة في مكان الوفاء بالدين أو في موطن المدين.
    و- وجوب ألا تكون الأموال متنازع عليها : لأن الأموال المتنازع عليها غير مأمونة العاقبة، فقد يسفر فض النزاع عن أنها غير مملوكة للمدين.
    هذا ويكون المال متنازع عليه(1) إذا كانت هنـاك دعوى مرفوعة في شأنـه أو كان محلا لنزاع جدي(2)،

    (1)وهو ما نصت عليه المادة 467/2 مدني مصري والمادة 1700 مدني فرنسي وهي النصوص التي عرفت المال المتنازع عليه دون التشريع الجزائري، عن مدونة الدكتور سي بوسفي، التأمين الشخصي ( عقد الكفالة ) سنة 1998، عن ديوان المطبوعات الجامعية صفحة 133.
    (2)ويدخل في حكم المال المتنازع عليه الأموال التي تستلزم للتنفيذ عليها إجراءات طويلة و صعبة، حتى ولو لم يكن هناك نزاع شأنها لتوافر نفس الحكمة وهي تجنيب الدائن مشقه الإرهاق في مباشرة الإجراءات.



    ومثالها المال الشائع حيث لا يمكن التنفيذ عليه إلا بعد الفصل في دعوى القيمة.
    ثانيا: آثار الدفع بالتجريد
    يترتب على توافر شروط الدفع بالتجريد، وقبول المحكمة له عدة نتائج قانونية هامة تتمثل في :

    1/ عدم جواز التنفيذ على أموال الكفيل :
    يترتب على قبول الدفع بالتجريد وقف إجراءات التنفيذ على أموال الكفيل، بل أن هذه الإجراءات تقف بمجرد إبداء الكفيل للدفع حتى تفصل المحكمة فيه و تسقط الإجراءات التي يكون الدائن قد اتخذها قبل الدفع بالتجريد، وتبطل كل الإجراءات التي تتخذ في سبيل التنفيذ على أموال الكفيل، سواء تعلق الأمر بمرحلة التقاضي أن تم التمسك بالدفع أثناء سير الدعوى أو بمرحلة التنفيذ إن تم التمسك به عند شروع الدائن في التنفيذ عن طريق الاستشكال في التنفيذ.
    فوقف المطالبة نعني بها إذن الكف عن متابعة السير في إجراءات التنفيذ(1)، هذا وأن إجراءات التنفيذ لا يمنع الدائن من اتخاذ الإجراءات التحفظ به على أموال الكفيل لأن هذا الإجراء لا يمس بأصل الحق والعرض منه، الحفاظ على ذمة الكفيل المالية حتى لا يتصرف فيها.

    2/ إلزام الدائن بالتنفيذ على أموال المدين التي أرشده إليها الكفيل:
    على الدائن أن يبادر إلى اتخاذ إجراءات التنفيذ في مواجهة المدين وإلا تحمل نتيجة إعسار المدين إن تراخي في التنفيذ على أمواله وعلى الدائن أن يبدل في اتخاذ هذه الإجراءات عناية الرجل العادي، و يتحمل النتيجة إن أصبحت أمواله غير كافية للوفاء بالدين بعد أن كانت كافية عندما أرشده الكفيل إليها، ويقع عبء إثبات تقصير الدائن على الكفيل، وفقا للقواعد ال
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

     عقد الكفالة - ,,,, Empty رد: عقد الكفالة - ,,,,

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 28, 2013 1:19 pm



    ج/ وجوب أن يتعدد الكفلاء لمدين واحد : و شرط وحدة المدين لا يعني حتما شخصا واحد، فإذا تعدد الكفلاء لمدينين متضامنين، و كفل كل منهم كل المدينين فإن شرط وحدة المدين يتوفر و ينقسم الدين بين الكفلاء.
    د/ يجب ألا يكون الكفلاء متضامنين فيما بينهم : لأنهم إذا كانوا متضامنين فيما بينهم، يجوز للدائن الرجوع على أي منهم، و يطالبه بالوفاء بكل الدين عملا بأحكام التضامن.
    و/ يجب أن يكون الكفلاء قد كفلوا المدين لعقد واحد: لأنه في هذه الحالة يكون كل واحد منهم اعتمد على غيره من الكفلاء، لذا يقسم الدين عليهم، أما إذا كان كل من الكفلاء التزم بكفالة الدين يعقد مستقل فإنه لا يكون قد إعتمد على بقية الكفلاء ولذا لا ينقسم الدين بينه و بين غيره إلا إذا كان قد احتفظ بحقه في التقييم، وانقسام الدين في هذه الحالة يقع بمقتضى الشرط وليس بقوة القانون.

    (1)الدكتور محمدي سليمان، مدونة حول الحقوق العينية والشخصية، عقد الكفالة، عن ديوان المطبوعات الجامعية سنة 1999 ص 38.

    هـ/ يجب ألا يكون الكفيل قد تنازل عن حقه في التقسيم: فإن كان الكفلاء متعددون و رجع الدائن على أحدهم وطلب الوفاء بالدين، وقام هذا الكفيل بالوفاء رغم توافر كل الشروط، فإنه يعد متنازلا عن حقه، وإن كان هذا التقييم يقع بقوة القانون، كما سبق القول، إلا أنه لا يتعلق بالنظام العام، لذا يمكن التنازل عنه، فالقاضي يحكم به من تلقاء نفسه ما لم يتنازل عنه الكفلاء.
    *وإذا توفرت الشروط السابقة الذكر رتب هذا الدفع آثار هي :
    -لا يحق للدائن أن يطالب أي من الكفلاء إلا بقدر حصته من الدين و يقسم الدين بين الكفلاء بالتساوي ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك، ويقع التقسيم فيما بين الكفلاء المتعددين وغير المتضامنين بقوة القانون ولو لم يطلبه الكفلاء، و نتيجة لذلك للكفيل التمسك بهذا.الدفع في أي مرحلة كانت عليها الدعوى، هذا و إذا اعسر أحد الكفلاء، فإن الدائن من يتحمل حصة المعسر و لا يمكن مطالبتهم بحصة المعسر لأن الأصل في القانون الجزائري هو انقسام الدين بينهم بقوة القانون وهو يتحد من وقت انعقاد الكفالة و ليس فقط من وقت المطالبة أو الفصل في الدعوى.
    ثالثا : الدفع بإضاعة التأمينات:
    -تنص المادة 656 ق. م. ج على أنه :« تبرأ ذمة الكفيل بالقدر الذي أضاعه الدائن بخطئه من الضمانات و يقصد بالضمانات في هذه المادة، كل التأمينات المخصصة لضمان الدين ،ولو تقررت بعد الكفالة، وكذلك كل التأمينات المقررة بحكم القانون "
    -تنضح من نص المادة أن الدائن إن أهمل المحافظة على التأمينات بأن أضاع بخطئه شيئا منها فإن ذمة الكفيل تبرأ بقدر ما أضاعه الدائن من هذه الضمانات وللكفيل(1) أن يدفع مطالبة الدائن له ، ويشترط لثبوت حق الكفيل في التمسك بهذا الدفع توافد شروط :
    أ/ أن يكون الدائن قد أضاع تأمينا خاصا : فيجب أن يكون التأمين الضائع تأمينا خاص للوفاء بالدين المكفول سواء أكان تأمين شخصي ( كفالة أخرى)، أو عيني قدم من المدين أو شخص آخر، سواء وجد قبل الكفالة أو معها أو بعدها، وهناك رأي يقصر الضمانات على التأمينات الاتفاقية كالرهون، لكن الغالب هو الأخذ بأي ضمان سواء كان اتفاقي، قانوني، قضائي لأن النص جاء صريح.
    إذا أهمل الدائن المحافظة على الضمان العام للمدين، كما لو أهمل مطالبته حتى أعسر فلا يثبت الدفع للدائن لأنه لم يضيع هنا تأمين خاص(2).


    (1)وهذا الدفع يصلح حتى للكفيل المتضامن مع المدين، والرأي الغالب يرى أن الدفع بإضاعة التأمينات حق للكفيل ولو كان كفيلا عينيا ، فهو كالكفيل الشخصي مسؤول عن دين غيره وهو يرجع بما يوفى به على المدين حالا محل الدائن، و من حقه الاعتماد في ضمان رجوعه على المدين على تأمينات الحق الذي يرجع به، عن الدكتور، محمد صبري السعيدي عقد الكفالة، عين مليلة، 1991، ص76.
    (2)عبد الزراق النسهوري، التأمينات الشخصية و العينية ج 10 ص 245.


    هذا و يجب أن يكون التأمين نشأ ثم ضاع بخطأ الدائن، وعليه فإن الشرط لا يكون متوفر إن كان الدين المكفول دين أجرة و أهمل الدائن مطالبة المستأجر ( المدين المكفول) بوضع منقولات في العين المؤجرة لضمان الوفاء بالأجرة مما يترتب عليه عدم نشوء حق الامتياز المنصوص عليه في المادة 995 ق.م.ج.
    ب/ يجب أن يكون ضياع التأمينات بخطأ من الدائن: أو يخطأ شخص ممن يسأل عنهم، سواء كان فعلا إيجابيا كإبرائه لكفيل آخر أو كان الخطأ تركا كإهماله في قيد الرهن.
    هذا وإذا أسهم الكفيل في إضاعة التأمين الخاص فإن الغالب من الفقه يرى أن ذمته لا تبرأ إذ أنه لا يستطيع أن يتمسك بهذا الدفع، بينما ذهب الرأي الآخر إلى القول بأن المسؤولية توزع بين الدائن و الكفيل وفقا لقواعد الخطأ المشترك.
    ج/ يجب أن يترتب على ضياع التأمينات ضرر بالكفيل : إذ يتوجب أن يكون ذا قيمة معتبرة في ضمانا حق الدائن، وبالتالي في ضمان رجوع الكفيل على المدين بعد قيامه بوفاء الدائن، ولا يؤثر في هذا أن يكون المدين موسرا أو هناك ضمانات أخرى تكفي للوفاء بكل الدين، هذا و إذا كانت الضمانات التي أضاعها الدائن عديمة القيمة فإنه لا يجوز للكفيل التمسك بهذا الدفع.
    ويتمسك الكفيل بهذا عن طريق دفع أثناء رجوع الدائن عليه، وله طلب ذلك عن طريق رفع دعوى على الدائن يطلب فيها الحكم ببراءته بسبب إضاعة التأمينات و يترتب على قبوله براءة ذمة الكفيل بقدرها إضاعة الدائن بخطته، و يتوجب التمسك بهذا الدفع لأن المحكمة لا تقضي به من تلقاء نفسها لأنه لا يتعلق بالتقادم العام.
    رابعا- الدفع بعدم اتخاذ الدائن للإجراءات ضد المدين:
    نصت المادة 657/1 بقولها:« لا تبرأ ذمة الكفيل بسبب تأخر الدائن في اتخاذ الإجراءات أو لمجرد أنه تتخذها(1) » يتضح من النص أن تأخر الدائن في الرجوع على المدين لا يترتب عليه سقوط حقه في مطالبة الكفيل ولو ترتب عنه إضرار بالكفيل نتيجة إعسار المدين وتعذر رجوع الكفيل عليه.
    إلا أن القانون لم يترك الكفيل بدون حماية، لذا نص في الفقرة 2 من المادة 657 :« غير أن ذمة الكفيل تبرأ إذا لم يقم الدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال ستة أشهر من إنذار الكفيل للدائن، ما لم يقدم المدين للكفيل ضمانا كافيا »، ومنه إذا خل أجل الدين و خشي الكفيل أن يتأخر الدائن في اتخاذ الإجراءات ضد المدين أن ينذره باتخاذها حتى يرفع الدائن دعوى على المدين أو يبدأ في اتخاذ إجراءات التنفيذ ضده إذا كان بيده سند تنفيذي فإن انقضت ستة أشهر من يوم الإنذار دون أن يقوم الدائن في اتخاذ هذه الإجراءات برأت ذمة الكفيل، إلا إذا قدم المدين للكفيل ضمانا كافيا يضمن به الكفيل الرجوع على المدين إذا ما اضطر للوفاء للدائن، وقبول هذا الدفع يؤدي إلى رفض دعوى الدائن والحكم ببراءة ذمة الكفيل.
    خامسا- الدفع بعدم تدخل الدائن في تفلسة المدين:
    نصت المادة 658 ق.م.ج : «إذا أفلس المدين وجب على الدائن أن يتقدم بدينه في التفليسة، وإلا سقط حقه في الرجوع على الكفيل بقدر ما أصاب هذا الأخير من ضرر بسبب إهمال الدائن».


    (1)النص الرسمي سقط منه كلمة «لم»
    لقد فرض القانون على الدائن التدخل في التفليسة، لأنها الوسيلة الوحيدة للحصول من المدين على ما يمكن الحصول عليه فإن قصر الدائن في اتخاذ هذا الإجراء، و ترتب عليه ضياع فرصته في استفاء بعض حقه فلا يجوز له الرجوع على الكفيل إلا بما يزيد على القدر الذي كان سيحصل عليه من التفليسة لو دخل فيها.
    فإن لم يدخل الدائن في التفليسة وطالب الكفيل بالوفاء بكل الدين جاز لهذا الأخير التمسك في مواجهة ببراءة ذمته بالقدر الذي أضاعه لعدم تدخله في التفليسة وله أن يتمسك بهذا في صورة دعوى للحصول على البراءة(1).وقد صدر في هذا الشأن قرار عن المحكمة العليا جاء فيه :« حيث وأن المحكمة العليا وبالرجوع إلى عناصر الملف وجدت أن المدين مؤسسة أشغال البناء قسنطينة، قد حلت وعين لها مصفى والحال كان على المدعي عليه ديوان الترقية والتسيير العقاري أن يطالب بدينه أمام المصفى قبل العودة على الكفيل ( القرض الشعبي الوطني) وهو ما لم يقم به، وبذلك أخطأ في تطبيق المادة 658 ق.م ومنه كان على الدائن إتباع الاجراءات اللازمة قبل العودة على الكفيل»(2).

    الفرع الثالث :التزامات الدائن عند استفاء الدين تجاه الكفيل


    لقد نصت المادة 671 ق.م.ج على :« إذا وفى الكفيل الدين كان له أن يحل محل الدائن في جميع ماله من حقوق تجاه المدين»، وحكمها ما هو إلا تطبيق للقواعد العامة الواردة بنص المادة 261 ق.م.ج، و ما بعدها الخاصة بالوفاء مع الحلول.
    فالمادة 264 نصت : « من حل محل الدائن قانونا أو اتفاقا كان له حقه بما لهذا الحق من خصائص وما يلحقه من توابع و ما يكفله من تأمينات و ما يرد عليه من دفوع بالقدر الذي أداه من ماله من حل محل الدائن».
    ومنه يترتب على حلول الكفيل محل الدائن أن يكون للكفيل أن يرجع على المدين بحق الدائن بما له من خصائص، وما يلحقه من تأمينات وعلى ذلك نصت المادة 659 ق.م.ج على : «على أن يلتزم الدائن بأن سيلم للكفيل وقت وفاته الدين المستندات اللازمة لاستعمال حقه في الرجوع»، ومن تم فإن الكفيل يقوم بعد الوفاء بالدين المكفول بالرجوع على المدين بما وفاه للدائن، وعلى هذا الأخير أن يسلمه وقت الوفاء كل المستندات اللازمة لاستعمال حقه في الرجوع، بدعوى الحلول أين يحل محل الدائن في حقوقه و أهم هذه السندات، سند الدين المكفول



    (1)محمدي سليمان، عقد الكفالة، ديوان المطبوعات الجامعية 1999، ص43 والجديد بالذكر أن هذا الدفع مثل الدفوع السابقة، هو مقرر للكفيل المتضامن والغير متضامن، يتخذ التمسك به في صورة دعوى أو دفع و يتوجب التمسك به في أي مرحلة كانت عليها الدعوى، ولا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها و للكفيل التنازل عند مادام مقرر لمصلحته وهو ليس من النظام العام لا يتمسك به لأول مرة أمام المحكمة العليا.
    (2)قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ : 09/10/2002 غير منشور تحت رقم 264039 بين القرض الشعبي الوطني وكالة 30 و ديوان الترقية والتسيير العقاري.



    الموجود في يد الدائن ومخالصة من الدائن تفيد استيفاءه للدين فإن امتنع الدائن عن هذا كان من حق الكفيل الامتناع بدوره عن تنفيذ التزامه لأنه تصرف تنطوي على إضعاف لحق الكفيل في الرجوع و استرداد ما يستوفيه.
    وعند النزاع بصدد أي من الطرفين يبدأ في التنفيذ كان للكفيل أن يودع مبلغ الدين بخزانة المحكمة، وله بعد هذا الإيداع القانوني الرجوع على المدين بعد الحصول على شهادة بذلك تغنيه عن مستندات الدين وعن المخالصة(1).
    هذا و لقد نصت المادة 659/2 و 3 على أنه :« إذا كان الدين مضمون بمنقول مرهون أو محبوس، وجب على الدائن أن يتخلى عنه للكفيل.
    وإذا كان الدين مضمون بتأمين عقاري، فإن الدائن يلتزم أن يقوم بالإجراءات اللازمة للنقل هذا التأمين و يتحمل الكفيل مصروفات النقل على أن يرجع بها على المدين».
    فالنص ألزم الدائن القيام بنقل الضمانات للكفيل، ويتم النقل من خلال اتخاذ الإجراءات التي تتفق و طبيعة الضمان، فإن كان الدين مضمون بمنقول مرهون أو محبوس، وجب على الدائن أن يتخلى عن حيازته للكفيل، أما إن كان مضمون بتأمين عقاري ( رهن رسمي أو حق اختصاص) فعلى الدائن أن يقوم بالإجراءات اللازمة لنقله و ذلك بالتأشير على هامش القيد مع تسليم عقد الرهن أو صورة الحكم الذي قرر حق الاختصاص و يتحمل الكفيل مصروفات النقل، على أن يرجع بها على المدين بعد ذلك(2).

    المبحث الثاني:
    العلاقة بين الكفيل و المدين و دراسة لحالة تعدد الكفلاء و المدنيين

    المطلب الأول: طرق رجوع الكفيل على المكفول عنه

    الفرع الأول:الدعوى الشخصية أو دعوى الكفالة

    تنص المادة 670 ق.م.ج على أنه :«يجب على الكفيل أن يخبر المدين قبل أن يقوم بالوفاء أي بوفاء الدين وإلا سقط حقه في الرجوع على المدين إذا كان هذا قد وفى الدين أو كانت عنده وقت الاستحقاق، أسباب تقضي ببطلان الدين أو انقضائه.
    فإن لم يعارض المدين في الوفاء بقي للكفيل الحق في الرجوع عليه، ولو كان المدين قد دفع الدين أو كانت لديه أسباب تقضي ببطلانه أو انقضائه».
    وتنص المادة 672 على أنه:«يكون للكفيل الذي وفى الدين أن يرجع على المدين سواء كانت الكفالة قد عقدت بعلمه أو يغير علمه.

    (1)الدكتور أحمد شرف الدين، التأمينات الشخصية والعينية، دار النهضة العربية ( العربية ) القاهرة، ص 167.
    (2)الدكتور محمد صبري السعيدي عقد الكفالة في التشريع المدني الجزائري، دار الهدى عين مليلة، 1990، صفحة 110..
    ويرجع بأصل الدين و المصروفات، غير أنه فيما يخص المصروفات لا يرجع الكفيل إلا بالذي دفعه من وقت إخبار المدين الأصلي بالإجراءات التي اتخذت ضده».
    ومن تم يكون للكفيل الذي كفل المدين، سواء كانت الكفالة بعلمه أو يغير علمه الرجوع بالدعوى الشخصية سواء كان متضامنا أو كفيلا عاديا، سواء كان شخصيا أو عينيا، لكن هناك استثناء :
    -إذ لا يدخل في نطاق هذا النص الكفيل الذي يكفل المدين، رغم معارضته.
    -ولا يدخل أيضا في نطاق هذا النص، الكفالة التي تعقد لمصلحة الدائن دون مصلحة المدين، وتكون الكفالة في صالح الدائن دون المدين إذا عقدت بعد وجود الالتزام في ذمة المدين، وذلك لتأمين الدائن ضد خطر إعسار المدين ودون فائدة لهذا الأخير(1)، وفي هذه الحالة لا يحق للكفيل الرجوع على المدين بالدعوى الشخصية، وإن كان له الحق في الرجوع بناءا على دعوى الإثراء بلا سبب المنصوص عليها في القواعد العامة للقانون المدني ( المادة 141، 142 ق.م.ج).
    هذا وأن أغلبية الفقه الحديث يذهب إلى القول بأن الدعوى الشخصية التي يرجع بها الكفيل على المدين طبقا للمادة 670 و 672 ق.م.ج هي دعوى مستقلة هذا و يرى أغلب الفقه إلى وجوب حرمان الكفيل من الدعوى الشخصية متى أبرمت رغم معارضة المدين أن كانت لصالح الدائن، وحده ليقتصر حقه في الرجوع على المدين بدعوى الحلول فقط، هذا و تشير إلى أن الفقه المصري يجيز للكفيل في هاتين الحالتين وعلى تقضي المشرع الفرنسي الرجوع على المدين بدعوى الإثراء بلا سبب طبقا للقواعد العامة(2).
    *شروط دعوى الكفالة:
    1/ أن تكون الكفالة قد عقدت لمصلحة المدين و دون معارضته:
    يجمع الفقه على أن دعوى الكفالة تقتصر على الحالات التي تنعقد فيها، الكفالة دون معارضة المدين سواء كانت بعلم المدين أم بغير علمه، وذلك على أساس أن الكفالة تحقق في الغالب مصلحة المدين أو مصلحة الدائن و المدين معا، لأنها تحقق اطمئنان الدائن إلى المدين و ثقته فيه فيقبل التعامل معه و يمنحه الائتمان، و يستوي في ذلك الكفيل العادي أو المتضامن، الكفيل المأجور أو المتبرع، الكفيل الشخص أو العيني، فيحق لكل منهم الرجوع بدعوى الكفالة طالما تمت الكفالة بغير معارضة المدين و كانت تحقق مصلحة المدين أو مصلحة الدائن و المدين معا. وفي كل هذه الأحوال يقتصر حق الكفيل في الرجوع على المدين بدعوى الحلول وذلك لأن الدعوى الشخصية دعوى خاصة تمنح للكفيل على أساس أنه يكون قد أسدى خدمة للمدين.
    ويجيز الفقه في هاتين الحالتين للكفيل، بالإضافة إلى دعوى الحلول الحق في الرجوع على المدين بدعوى الإثراء بلا سبب طبقا للقواعد العامة.
    2/ قيام الكفيل بالوفاء للدائن:
    يجب أن يقوم الكفيل بوفاء الدين المكفول، والوفاء قد يتم بتقديم الشيء المستحق أصلا أو القيام بما يقوم مقامه بشرط أن يؤدي إلى براءة ذمة المدين. هذا و يرجـع الكفيـل على المديـن ولو وفى إلا بجزء من الدين

    (1)الدكتور زاهية سي يوسف، عقد الكفالة، ص 80 و 81.
    (2)سي يوسف زاهية، عقد الكفالة، دار الأمل، صفحة 82.

    إذا كانت الكفالة عن جزء من الدين أو قبل الدائن منه وفاء جزئي، وهنا تختلف دعوى الكفالة عن دعوى الحلول التي يشترط للرجوع بها أن يكون الوفاء كليا، وللدائن أي يرجع في الوقت نفسه على المدين بما تبقى من حقه فإن كانت أموال المدين غير كافية للوفاء لكل من الكفيل والدائن فإنه يتم تقسيم المال بينهما قسمة غرماء، فالدائن لا يتقدم على الكفيل في استفاء الباقي من أموال المدين كما هو الحالة في دعوى الحلول.
    3/ وفاء الكفيل بالدين عند حلول أجله:
    يجب أن يقوم الكفيل بالوفاء بالدين المكفول عند حلول أجله، فإن قام بالوفاء قبل الميعاد لم يكن له الرجوع على المدين إلا عند حلول الأجل، و يفقد حقه في الرجوع عليه إذا انقضي الدين لسبب ما بين ووفاء الكفيل بالدين و حلول الأجل المقصود هنا هو الأجل الأصلي للدين، فإن امتد هـذا الأجل بالاتفاق أو بناءا على حكم المحكمة فإن هذا الأجل الإضافي لا يقيد الكفيل وله الوفاء بالدين بمجرد حلول الأجل الأصلي ثم يرجع على المدين بالدعوى الشخصية حتى قبل نهاية الأجل الإضافي.
    4/ ألا يكون الوفاء قد حصل بخطأ من الكفيل:
    يحق للكفيل الرجوع على المدين بالدعوى الشخصية بما وفاه من دين للدائن، بشرط أن يترتب على هذا الوفاء براءة ذمة المدين، أما إن كان الوفاء قد تم بخطأ الكفيل لأن هذا الوفاء لم يكن واجب بسبب بطلان مصدر الدين أو انقضائه كليا أو جزئيا، فإنه لا وجه لرجوع الكفيل على المدين بما وفاه ولهذا السبب أوجب القانون على الكفيل أن يخطر المدين، قبل الوفاء بالدين، بعزمه على الوفاء فقد يكون لدى المدين أسباب تمنع الوفاء وعليه فإن على المدين إبداء اعتراضه على وفاء الكفيل خلال مدة معقولة، وأن يتضمن هذا الاعتراض أسباب جدية تمنع الوفاء بالدين، ولا وجود لشكل خاص لإخطار الكفيل للمدين و لاعتراض هذا الأخير على الوفاء، فقد يتم بورقة رسمية أو عرفية أو شفاهية، فإن قام الكفيل بالوفاء دون إخطار المدين، فإنه يتحمل مسؤولية ذلك الوفاء بحيث لو أثبت المدين بأن هذا الوفاء لم يفده لم يكن للكفيل أن يرجع على المدين بشيء مما وفاه و يتحمل مسؤولية وفائه الخاطئ. ما إذا قام الكفيل بإخطار المدين ورد عليه طالبا منه عدم الوفاء، مبررا أسباب ذلك، كان على الكفيل الامتناع عن الوفاء، وإن اتخذ الدائن إجراءات المطالبة القضائية في مواجهته كان عليه أن يدخل المدين في الدعوى.
    هذا وإن رأى الكفيل عدم جدية اعتراضات المدين، و قام بالوفاء على مسؤولية، فإن اثبت بعد ذلك صحة هذه الاعتراضات لم يكن للكفيل الرجوع عليه، ولكن يرجع على الدائن لاسترداد ما دفع بدون حق.
    أما إذا لم يرد المدين على إخطار الكفيل أو تراخى ووفى الكفيل، لم ينسب له تقصير و يكون له أن يرجع بالدعوى الشخصية لاستراد ما وفاء ولو ظهر أن للمدين أسباب تقضي ببطلانه، إذ يتحمل تبعة تقصيره و يلتزم بأن يدفع للكفيل ما أداه.
    هذا و أن موضوع رجوع الكفيل بالدعوى الشخصية فإنه وطبقا للمادة 672 نصت على أنه :« يرجع الكفيل بأصل الدين و لمصروفات غير أنه فيما يخص المصروفات لا يرجع الكفيل إلا بالذي دفعه من وقت إخبار المدين الأصلي بالإجراءات التي اتخذت ضده»، مما يفيد أن الكفيل يرجع بأصل الدين والمصروفات.

    أولا: أصل الدين
    وهو كل ما قام الكفيل بدفعه إلى الدائن لإبراء ذمة المدين، و يشمل ذلك مقدار الدين الأصلي، وكذا فوائد هذا الدين لو كان ينتج فوائد اتفاقية أو قانونية ما دامت تدخل ضمن الدين المكفول وفي هذا الصدد صدر قرار عن المحكمة العليا أكد فيه على إمكانية الكفيل أن يطالب بكل الفوارق بين مبلغ الكفالة و المبلغ الذي التزام بدفعه كالآتي:« وحيث أن المجلس لما ألزم الطاعن الحالي بدفع مبلغ الكفالة تنفيذ العقد المبرم بين الطرفين وصرفه للقيام بدعوى مستقلة تطلب إرجاع الفرق في الضريبة، يكون قد سبب قراره نسبيا كافيا."فالكفيل ملزم بالدفع دائما ولو زاد المبلغ (1).

    ثانيا: المصروفات
    وهي كل المبالغ التي أنفقها الكفيل في تنفيذ عقد الكفالة، وتلك التي أنفقها الدائن في رجوعه على الكفيل و اضطر الكفيل إلى ردها له، بالإضافة إلى ذلك ما يكون قد أنفقه في الإرشاد على أموال المدين لتجريده و مصروفات الدعوى التي رفعها الدائن على الكفيل، لكن لا يرجع بهذه المصروفات على المدين إلا بالذي دفعه من وقت إخبار المدين الأصلي بالإجراءات، التي اتخذها ضده لأن المدين متى أخطر بها قد يسارع إلى الوفاء بالتزامه، و يتجنب بذلك المصروفات التي يقوم بها الكفيل أو الدائن لو لم يخطر، هذا و بالمقابل أن حق الكفيل في الرجوع يمتد حتى إلى مصروفات المطالبة الأولى بمصروفات التنبيه بالوفاء و مصروفات دفع الدعوى، إذ أنها مصروفات تنفق قبل أن يصل الكفيل إلى اتخاذ أي إجراء بالإخطار للمدين ولهذا يلتزم بها المدين لا الكفيل.
    هذا و لقد أثير التساؤل عما إذا كان للكفيل مطالبة المدين بالتعويض إذا لحقه ضرر ؟ وهنا نقول أن المادة 672 مدني جزائري لم تذكر شيء عن التعويض وهذا على غرار المشرع المصري الذي نص بالمادة 800 من القانون المدني المصري على حق الكفيل بالرجوع بالتعويض لكنها حذفت أثناء المراجعة، أما المشرع الفرنسي بالمدة 2028 من ق.م.الفرنسي قد نصت صراحة على أن للكفيل العودة بالتعويض على المدين دون أن يشترط سوء نية المدين، هذا ولقد أجمع الفقه المصري على جواز رجوع الكفيل التعويض من المدين وإن كان بعض الفقهاء يشترطون سوء النية، وأمام سكوت النص الجزائري نقول بضرورة العودة إلى القواعد العامة والتي تسمح بالمطالبة بالتعويض متى سبب فعل الغير ضررا، و مثاله في هذا الموضوع، أن يضطر الكفيل إلى بيع ماله بثمن بخس حتى يفي للدائن أو أن يوقع الدائن حجزا على مال الكفيل و بيعه بثمن بخس وفي هذا الصدد قرار من المحكمة العليا جاء فيه :« حيث أن الطاعن (د.ع) كفيل المدين (ب.س) وأن المحكمة ألزمه الطاعن بدفع 14000.000 دج بصفته ضامن في صفقة تجارية، وأن هذه المطالبة مست بمركزه سمعته التجارية وعرضته للخسارة و الحال أن تقدير المسؤولية المدنية و الضرر الناشئ عنها هو من المسائل التي يبقى تقديرها خاضعا لقضاة الموضوع ولا رقابة للمحكمة العليا عليه(1). وهو القرار الذي يؤكد إتجاه المحكمة العليا في إمكانية المطالبة بالتعويض.

    (1)قرار صادر بتاريخ 07/11/2001 تحت رقم 903/247 غير منشورين ديوان الترقية والتسيير العقاري سيدي بلعباس ومقاولة البناء العباسية.
    (2)قرار صادر بتاريخ 13/10/1999 تحت رقم 210460 بين دماس علي وبلقاسمية السعيد، غير منشور.

    الفرع الثاني -الرجوع بدعوى الحلول :

    تنص المادة 671 ق.م.ج على أنه :« إذا وفى الكفيل الدين كان له أن يحل محل الدائن في جميع ماله من حقوق تجاه المدين، ولكن إذا لم يوف إلا بعض الدين، فلا يرجع بما وفاه إلا بعد أن استوفى كل حقه من المدين».
    والملاحظ أن حكم هذا النص ليس إلا تطبيقا خاصا للقاعدة العامة التي وردت في المادة 261 ق.م.ج:«إذا قام بالوفاء شخص غير المدين، حل الموفى محل الدائن الذي استوفى حقه في الأحوال التالية: إذا كان الموفى ملزما بالدين مع المدين أو ملزما بوفائه عنه »، والكفيل كما رأينا ملزم بوفاء الدين عن المدين، فيكفي لرجوع الكفيل بدعوى الحلول (1): أن يكون قد وفى الدين، و يستوي أن تكون الكفالة قد عقدت بعلم المدين أو دون علمه، أو رغم إرادته، سواء كانت لمصلحة المدين أو لمصلحة الدائن.
    غير أن الفرق بينها و بين الدعوى الشخصية التي تستند إلى الكفالة هو أنها لا تجوز إلا إذا كان الدائن قد استوفى كل حقه، بخلاف الدعوى الشخصية، فممن وفى جزء من الدين، الحق في الرجوع به على المدين.
    فالرجوع بدعوى الحلول توجب أن يكون الدائن قد استوفى كل حقه، ونصت على ذلك المادة 671/2 : « ولكن إذا لم يوف إلا ببعض الدين فلا يرجع بما وفاه إلا بعد أن يستوفي كل حقه من الدين»، وهو تطبيق للقواعد العامة الواردة بنص المادة 265 ق.م.ج :" وإذا وفى الغير الدائن جزءا من حقه وحل محله فيه، فلا يضار الدائن بهذا الوفاء، ويكون في استفاء ما بقى له من حق مقدما على من وفاه، ما لم يوجد نص يقضي بخلاف ذلك(2).
    وطبقا للعبارة الأخيرة من النص فإن للدائن أن يسمح للكفيل الرجوع بدعوى الحلول قبل استفاء كل حقه ذلك أن الغرض من هذه الدعوى حماية مصلحة الدائن الذي له التنازل عن الحماية المقررة له.
    هذا و للكفيل الاستفادة من كل التأمينات التي تضمن الدين متى وفي بالالتزام أو وفاه جزئيا و قام المدين بالوفاء بالجزء الباقي، أو قام شخص آخر غير المدين كالوفاء، وهنا يكون هذا الشخص و الكفيل على قدم المساواة، فيقسمان الناتج من دعوى الحلول قسمة عزماء وهو ما نصت عليه المادة 265 ق.م.ج بقولها : « فإذا حل شخص آخر محل الدائن فيم بقى له من حق، رجع من حل أخيرا هو من تقدمه في الحلول، كل بقدر ما هو مستحق له، و تقاسما قسمة عزماء ».
    يترتب على حلول الكفيل محل الدائن طبقا للمادة 671 من ق.م.ج والمادة 261 و 264 أن يكون للكفيل الرجوع على المدين بحق الدائن بما له من خصائص و ما يلحقه من توابع، و عليه من دفوع على التفصيل التالي :
    يرجع الكفيل بحق الدائن بماله من خصائص، وعليه فلا يمكن أن يرجع على المدين إلا عند حلول الأجل الذي يستطيع الدائن الرجوع فيه، فلو منح الدائن أو القاضي أجل للمدين، فإن الكفيل لا يستطيع الرجوع قبل الأجل الجديد(3).


    (1)الدكتور محمد صبري للسعيدي عقد الكفالة، دار الهدى عين مليلة، 1991، صفحة 104.
    (2)وقد أن رجوع الكفيل بالدعوى الشخصية فإنه يتساوى مع الدائن، و يقتسمان أموال المدين قسمة غرماء.
    (3)رغم أننا رأينا أنه في الرجوع بالدعوى الشخصية العبرة بالأجل الأصلي للالتزام


    وإن كان الدين تجاريا كان رجوع الكفيل على أساس هذه الصفة وهو الشيء الذي يترتب عليه آثار خاصة بالإثبات و الاختصاص في حين أن رجع بالدعوى الشخصية فإنه يرجع بالتزام مدني.
    وإذا كان حق الدائن يسقط بالتقادم القصير، كانت له هذه الصفة عند رجوع الكفيل به، فيسقط بهذه المدة القصيرة، وقد تكون هذه المدة أوشكت على الانقضاء، فلا تلبث أن تنقضي بعد انتقال الحق للكفيل وهذا على غرار حالة الرجوع بالدعوى الشخصية أين رأينا أن حق الكفيل لا يسقط إلا بمدة خمسة عشر سنة، كما يرجع بما يلحق هذا الحق من توابع ( كالفوائد مثلا )، كما يستفيد من كل التأمينات سواء كانت شخصية، أو عينية وهي تنتقل بحكم القانون إن لا يحتاج إلى اتفاق بين الكفيل والدائن.
    كما أن الكفيل يحل محل الدائن في حقه بما يرد على هذا الحق من دفوع، فيتمسك المدين في مواجهة الكفيل بما كان يستطيع التمسك به في مواجهة الدائن وقد رأينا أن رجوع الكفيل بالدعوى الشخصية، إن أخطره الكفيل بالوفاء ولم يعترضه فإنه لا يستطيع الرجوع عليه.

    المطلب الثاني
    دراسة لحالة تعدد المدينين و الكفلاء في الدين

    الفرع الأول -رجوع الكفيل عند تعدد المدينين المتضامنين والغير المتضامنين:

    تنص المادة 673 مدني على ما يلي : « إذا تعدد المدينون في دين واحد و كانوا متضامنين، فللكفيل الذي ضمنهم جميعا أن يرجع على أي منهم بجميع ما وفاه من الدين ».
    لقد سبق و أن درسنا رجوع الكفيل على المدين على فرضية أن المدين شخص واحد، إلا أنه يحدث أن يتعدد المدينون بنفس الدين، وفي هذه الحالة يكون الكفيل قد ضنهم جميعا كما قد يكون كفل بعضهم فقط، كما يمكن أن يكونوا متضامنين فيما بينهم، وقد لا يكون كذلك، وفيما يلي نبين حكم هذه الفروض.
    أولا- حالة تعدد المدينين مع عدم تضامنهم:
    إذا كان المدينون غير متضامنين فيما بينهم، و كفلهم الكفيل جميعا، و وفى بالدين للدائن، فإنه في هذه الحالة يرجع على كل واحد منهم بقدر نصيبه، سواء رجع الكفيل بدعوى الحلول أو بالدعوى الشخصية أو بدعوى الإثراء بلا سبب.
    أما إذا كان المدينون غير متضامنين فيما بينهم و كفل الكفيل بعضهم فقط فإنه في هذه الحالة لا يرجع الكفيل إلا على المدينين الذين كفلهم و بقدر نصيبهم في الدين و ليس للكفيل الرجوع على غيرهم سواء بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول إذا دفع أكثر من نصيب المدينين الذي كفلهم مما أدى إلى براءة ذمة الكفلاء الذين لم يدفع لهم فإنه يجوز لـه الرجوع على الدين لم يكفلهم بدعوى الإثراء بلا سبب.


    ثانيا-حالة تعدد المدينين و تضامنهم:
    إذا كان المدينون متضامنين و ضمنهم الكفيل جميعا فإنه في هذه الحالة يكون له الرجوع على أي منهم بكل الدين الذي وفاه، و يكون له ذلك سواء رجع بدعوى الحلول أن بالدعوى الشخصية.
    أما إذا كان المدينون متضامنين، و ضمن الكفيل بعضهم فقط فإنه كذلك يحق له أن يطالب أيا من المدينين الذين ضمنهم بكل الدين الذي وفاه سواء رجع عليه بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه عمليا هو :
    *هل يجوز للكفيل أن يرجع على مدين متضامن لم يكفله ؟ و بأي دعوى ؟
    من المسلم به، أنه لا يجوز لـه الرجوع عليه بالدعوى الشخصية لأن هذه الدعوى خاصة برجوع الكفيل على المدين الذي كفله، ولكن يجوز للكفيل أن يرجع على المدينين الذين لم يضمنهم بدعوى الإثراء بلا سبب بقدر الإثراء فقط، كما يمكنه أن يرجع عليهم بالدعوى الغير مباشرة مستعملا حقوق مدينه، لأن الكفيل بقيامه بالوفاء يصبح دائنا للمدين، وفي هذا الصدد تنص المادة 189 ق.م.ج، على ما يلي : «لكل دائن ولو لم يحل أجل دينه أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين، إلا ما كان منها خاصا بشخصه أو غير قابل للحجز و لا يكون استعمال الدائن لحقوق مدينه مقبولا، إلا إذا اثبت أن المدين أمسك عن استعمال هذه الحقوق و أن هذا الإمساك من شأنه أن يسبب عسره أو أن يزيد فيه».
    ولا يجب على الدائن أن يكلف مدينه بمطالبة حقه غير أنه لا بد أن يدخله في الخصام.
    أما بالنسبة لرجوع الكفيل بدعوى الحلول فهناك من يرى أنه لا يجوز للكفيل الرجوع على المدينين الذي لم يضمنهم بهذه الدعوى، و هناك من يرى عكس ذلك، أي أنه يحق له ذلك، و سندهم في ذلك المادة 264 ق.م، التي تؤكد على أن من حل محل الدائن كان لـه حقه بما يكفل هذا الحق من ضمانات، والتضامن بين المدينين هو أحد ضمانات الوفاء بالحق، وعليه فإنه يجوز للكفيل الذي حل محل الدائن أن يرجع على أي مدين متضامن بكل الدين ولو لم يكن قد كفله، ويذهب البعض إلى القول بأن رجوع الكفيل على المدين المتضامن غير المكفول يكون بقدر حصته فقط، ولكن الرأي الغالب يذهب إلى أنه يحق للكفيل، أن يرجع بكل الدين على أي من المدينين المتضامنين حتى الذي لم يكفله منهم، وعلى ذلك يكون الحكم واحد بالنسبة للكفيل الذي يضمن جميع المدينين المتضامنين و الكفيل أن يرجع بدعوى الحلول ( أي أن يحل محل الدائن في جميع ماله من حقوق) على أي من المدينين المتضامنين حتى من لم يكفله منهم و بكل الدين.
    الفرع الثاني – رجوع الكفيل بعد الوفاء على غيره من الكفلاء المتضامنين والغير متضامنين:
    من المقرر قانونا أنه إذا قام الكفيل بوفاء الدين للدائن كان له حق الرجوع على الكفلاء الذين كفلوا نفس الدين، و بالنسبة لهذا الرجوع يجب أن نميز بين ما إذا كان الكفلاء متضامنين أو غير متضامنين وهو ما سوف نتطرق له على النحو التالي :
    أولا-الحالة التي يتعدد فيها الكفلاء دون تضامن:
    تنص المادة 664/1 على أنه :« إذا تعدد الكفلاء لدين واحد، و بعقد واحد، وكانوا غير متضامنين فيما بينهم، قسم الدين عليهم ولا يجوز للدائن أن يطالب كل كفيل إلا بقدر نصيبه في الكفالة».ومنه إذا تعدد الكفلاء بعقد

    واحد، وكانوا غير متضامنين فيما بينهم، فإن الدين ينقسم عليهم، ولا يكون للدائن أن يطالب كلا منهم إلا بقدر نصيبه في المسؤولية عن الدين، كما أن لكل منهم أن يتمسك بالتقسيم إذا طالبه الدائن بكل الدين، فإذا وفى أحد الكفلاء كل الدين، بالرغم من عدم التزامه، فلا يستطيع الرجوع على غيره من الكفلاء إلا بدعوى الإثراء بلا سبب(1) وفقا للقواعد العامة و يرجع على كل منهم بقدر نصيبه في المسؤولية عن الدين دون اعتبار لما يطرأ بعد ذلك من إعسار لبعض الكفلاء، (إذ لا يتحمل هذا الإعسار غيره من الكفلاء ) بل الدائن هو الذي يتحمل حصة الكفيل المعسر منهم.
    ثانيا-الحالة التي يتعدد فيها الكفلاء مع تضامنهم:
    إذا تعدد كفلاء الدين الواحد، وكانوا متضامنين فيما بينهم أو كانوا قد التزموا بعقود متوالية ( 664/2 ق.م.ج) فإن كلا منهم يكون مسؤول عن كل الدين ولا يستطيع أحد الكفلاء أن يتمسك بتقسيم الدين بينه و بين غيره من الكفلاء، فإذا وفى أحدهم الدين بعد مطالبته، فله الرجوع على غيره من الكفلاء إما بدعوى الإثراء بلا سبب، و إما بدعوى الحلول محل الدائن وفي الحالتين فإنه لا يرجع على كل كفيل إلا بقدر حصته و نصيبه في حصة من أعسر من الكفلاء.
    فإذا رجع الكفيل بدعوى الإثراء بلا سبب، فإنه يرجع بأقل القيمتين قيمة افتقاره أو قيمة ما أثرى به الكفيل الذي رجع عليه، وهذا الأخير قد أثرى بمقدار حصته و نصيبه في حصة المعسر، أما الكفيل الذي وفى، فقد افتقر بمقدار ما وفاه مجاوزا حصته في المسؤولية عن الدين، ولا يمكن القول أنه لم يفتقر لأنه كان ملزم بوفاء الدين كله و حصل مقابل الوفاء على براءة ذمته وهنا لا يمكن هذا القول إذ أن مسؤولية الكفيل المتضامن عن الدين كله إنما تكون بالنسبة لعلاقة هذا الكفيل بالدين أما بالنسبة لغيره من الكفلاء فإن الدين ينقسم.
    وإذا رجع الكفيل بدعوى الحلول، فلا يرجع على كل كفيل إلا بقدر حصته في الدين، و نصيبه في حصة من أعسر و لا يمكن القول أن الدائن كان يستطيع الرجوع على أي من الكفلاء بكل الدين، وعليه فيستطيع الكفيل الذي حل محله ذلك، لأن القول بهذا يؤدي إلى الدخول في حلقة مفرغة لأن كل كفيل يرجع على غيره من الكفلاء بكل الدين، لذا و تجنبا لهذه النتيجة الغير المعقولة نصت المادة 234 على : « إذا وفى أحد المدينين المتضامنين كل الدين، فلا يجوز له أن يرجع على أي من الباقين إلا بقدر حصته في الدين، ولو كان بما له من حق الحلول قد رجع بدعوى الدائن»، و كرست هذه القاعدة بنص خاص تجسد في المادة 668 الناصة على : « إذا كان الكفلاء متضامنين فيما بينهم و وفى أحدهم الدين عند حلوله يجوز لـه أن يرجع على كل من الباحثين بحصته من الدين و بنصيبه في حصة المعسر منهم».


    (1)وبالتالي لا يكون له الحق بالدعوى الشخصية لأنها مقررة للعلاقة بين الكفيل والمدين، كما ليس له أن يرجع بدعوى الحلول لأنه ليس ملتزم بالوفاء عنهم ولا معهم حتى يستطيع أن يحل محل الدائن في الرجوع عليهم، عن الدكتور زاهية سي يوسف، عقد الكفالة، دار الأمل صفحة 96.


    المبحث الأول : انقضاء الكفالة بالتبعية لانقضاء الالتزام الأصلي

    المطلب الأول :انقضاء الالتزام الأصلي بالوفاء وما يعادله

    الفرع الأول – انقضاء الالتزام الأصلي بالوفاء

    إذا قام المدين الأصلي بالوفاء بالدين، انقضى التزامه الأصلي و انقضى بالتبعية التزام الكفيل، وإذا حدث أن وفى المدين بجزء من الدين، فإن براءة ذمة الكفيل لا تكون إلا في هذه الحدود، أي بمقدار ما وفاه المدين، ويكون للدائن أن يرجع بالباقي على المدين وعلى الكفيل.
    أما إذا وفى بالدين شخص غير المدين، وحل الموفى محل الدائن الذي استوفى حقه، فإن ذمة الكفيل لا تبرأ، لأن ذمة المدين لم تبرأ أيضا، و يسري نفس الحكم إذا أحال الدائن حقه إلى دائن آخر، فإن الدين يظل قائما بكل ضماناته بما في ذلك الكفالة، ويظل الكفيل مسؤولا في مواجهة المحال له، كما كان مسؤول في مواجهة الدائن الأصلي المحيل. أما إذا أحال المدين التزامه إلى شخص آخر فإن الدين يظل قائما إلا أنه مع تغيير شخص المدين، فإن التزام الكفيل ينقضي، إلا إذا وافق على ضمان المدين الجديد، لأن الكفيل وضع ثقته في مدين معين بالذات، فلا تتجاوز الكفالة هذا المدين.
    ويشترط لبراءة ذمة الكفيل بالوفاء الصادر من المدين أن يكون هذا الوفاء صحيحا، أي يكون الموفى مالكا للشيء الذي وفى به وأن يكون أهلا للتصرف فيه(1)، وإذا كان الوفاء باطلا، كما إذا صدر من شخص غير آهل للتصرف في الشيء الذي وفى به، ولحق الموفى له ضرر من هذا الوفاء كان الوفاء غير صحيح، فلا ينقضي الدين، و يبقى مضمونا بتأميناته، ومنها الكفالة(2) و بالمخالفة إذا كان قد وفى المدين دينه المكفول وفاءا صحيحا، انقضى الدين للمكفول و انقضى بالتبعية التزام الكفيل.
    الفرع الثاني : انقضاء الدين المكفول بما يعادل الوفاء
    و يدخل تحت هذا العنوان الطرق التالية:
    أولا –انقضاء الدين المكفول بالوفاء بمقابل:
    تنص المادة 655 ق.م.ج على ما يلي :« إذا قبل الدائن شيئا آخر في مقابل الدين، برئت بذلك ذمة الكفيل ولو استحق هذا الشيء ».
    وطبقا لهذا النص فإن المدين قد قضى الدين المكفول عن طريق الوفاء بمقابل أي اتفق المدين مع الدائن على الاستعاضة عن الدين الأصلي، بنقل ملكية شيء آخر من المدين إلى الدائن، و نفذ هذا الاتفاق بنقل الملكية فعلا ومن تم تبرأ ذمة المدين من الدين الأصلي عن طرق هذا الوفاء بمقابل وتبرأ ذمة الكفيل تبعا لذلك فتنقضي الكفالة بطريق تبعي(3).

    (1)وهو ما نصت عليه المادة 260 ق.م.ج بقولها: «يشترط لصحة الوفاء أن يكون الموفى مالكا للشيء الذي وفى به و أن يكون ذا أهلية للتصرف فيه»، عن زاهية سي يوسف، عقد الكفالة، دار الأمل صفحة 101.
    (2) الدكتور محمد صبري السعيدي عقد الكفالة دار الهدى، عين مليلة، صفحة 109
    (3)الدكتور محمد حسنين، الوجيز في التأمينات الشخصية والعينية، ديوان المطبوعات الجامعية، بدون تاريخ نشر، صفحة 195. والدكتور محمدي سليمان، عقد الكفالة، ديوان المطبوعات الجامعية صفحة 540.

    ولكن لا يعتبر وفاء بمقابل أن يكون الدائن مجبر على قبول شيء آخر في مقابل الدين، فإن شرط الوفاء بمقابل أن يكون الدائن قد قبل اختيار هذا الوفاء.
    فإذا نفذ الدائن على عقار للمدين، وباع هذا العقار بالمزاد، فرسى عليه المزاد فأخذ العقار تنفيذا للدين، ثم يكن هذا وفاء بمقابل، بل يكون وفاء وعلى ذلك إذا استحق هذا العقار، عاد التزام الكفيل لأن ذمته لم تبرأ نهائيا كما في الوفاء بمقابل.
    والتحليل القانون للوفاء بمقابل هو أنه عملية مركبة من تحديد ووفاء فلالتزام الأصلي ينقضي لتحديده عن طريق تغيير محله، و ينشأ التزام جديد محله الشيء الذي استعيض به عن محل الدين الأصلي، ثم ينقضي الدين الحديد بالوفاء الفوري(1)، وهذا هو التكييف الغالب من الفقه.
    هذا وأن الوفاء بمقابل شأنه شأن الوفاء سبب لانقضاء الالتزام الأصلي أي يترتب عليه انقضاء الدين ومعه كل التأمينات الضامنة له، ومنها الكفالة، ولا يغير من الأمر شيء أن يستحق الشيء الذي أعطى مقابل الدين لشخص آخر، لأنه في هذه الحالة يرجع الدائن على المدين طبقا للقواعد المتعلقة بضمان الاستحقاق المقرر في عقد البيع، ولكنه لا يرجع على الكفيل، أما إذا كان الدائن قد استوفى المقابل من الكفيل فإن هذا الأخير هو من يكون ضامنا لاستحقاق الشيء.
    ومن هنا ننتهي إلى القول: إن المقابل للدين يقدم غالبا من المدين أو من غيره، وهنا في حالة استحقاق المقابل تبرأ ذمة الكفيل، أما إذا لم يستحق المقابل، نقول هنا أن الدين الأصلي انقضى و معه بالتبعية التزام الكفيل.
    والملاحظ أن الحكم الوارد في المادة 655 ق.م.ج ليس من النظام العام إذ يمكن للدائن أن يشترط عند قبوله الوفاء بمقابل أن يحتفظ بحقه في الرجوع على الكفيل إذا استحق هذا المقابل.
    ثانيا-انقضاء الدين المكفول بالتجديد:
    ويكون متى جدد المدين الأصلي دينه بتغيير الدائن أو المدين أو تغيير الدين في محله أو مصدره، وعليه فإن الدين المكفول ينقضي والكفالة بصورة تبعية، و يحل محل الدين المكفول دين جديد لا تنتقل إليه التأمينات التي تكفل الدين المكفول إلا إذا نص القانون على ذلك أو تبين من الاتفاق أو من الظروف أن نية المتعاقدين قد انصرفت إلى ذلك(2) من ثمة يكفي الاتفاق على انتقال التأمينات صراحة أو ضمنيا حتى تتنقل هذه التأمينات إلى الالتزام الجديدة.
    وعليه ففي حالة تجديد الالتزام الأصلي و نشوء التزام جديد، تنقض الكفالة تبعا ما لم يرضى الكفيل لضمان الالتزام الجديد ( المادة 293 ق.م.ج).
    -ولكي يرتب التجديد آثاره، ومنها انقضاء الكفالة فإنه يجب:
    1/ أن يكون كل الالتزام القديم و الجديد قد خلا من أسباب البطلان.
    2/ أن تكون نية التجديد واضحة، سواء كانت صراحة أو تستخلص من ظروف الحال.



    (1)الدكتور سمير عبد السيد تناغو، المرجع السابق، صفحة 103.
    (2)المادة 291 ق.م.ج

    ثالثا- انقضاء الالتزام المكفول بالإنابة (المادة من 287 إلى 296):
    الإنابة المقصودة هي الإنابة الكاملة، والتي يترتب عليها انقضاء الالتزام المكفول، وهي تنطوي على انقضاء التزام المدين (المنيب) ليحل محل التزامه التزام جديد وهو (المناب) في مواجهة الدائن (المناب لديه) إذن الإنابة الكاملة، تحمل التزام جديد بتغير شخص المدين الذي تبرأ ذمته، بشرط أن يكون الالتزام الجديد الذي ارتضاه المناب صحيح، وأن لا يكون المناب معسرا وقت الإنابة (المادة 298/1 ق.م.ج)، ويترتب عليه انقضاء التأمينات الضامنة لهذا الالتزام و منها الكفالة.
    أما الإنابة الناقصة هي التي يقوم فيها المناب لجانب التزام المنيب و يصبح للدائن مدينان بدلا من مدين واحد، فهي لا يترتب عليها انقضاء الدين ولا التأمينات القائمة على ضمانه(1).
    رابعا- انقضاء الدين المكفول بالمقاصة:
    إذا أصبح المدين المكفول دائنا للدائن، و توافرت شروط المقاصة المنصوص عليها في المادة 297 ق.م.ج انقضى الالتزام المكفول بقدر الالتزام الذي ترتب في ذمة الدائن، و انقضى التزام الكفيل بالتبعية لهذا القدر المنقضي من الالتزام المكفول، ولا تقع المقاصة إلا إذا تمسك بها من له مصلحة في ذلك، وهو ما نصت عليه المادة 300 ق.م.ج وصاحب المصلحة هو المدين، ولا يرتب الدفع بالمقاصة أثره إلا من الوقت الذي يصبح فيه الالتزامين صالحين للمقاصة، وللكفيل أيضا الحق في التمسك بانقضاء الدين الأصلي بالمقاصة لأنه صاحب المصلحة، إذ يترتب على انقضائه، انقضاء التزامه بالتبعية، حتى ولو كان متضامنا، وحتى ولو لم يتمسك بها المدين، وهذا استنادا للمادة 654 ق.م.ج، التي تنص : «له أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين»، لكن لا تقع المقاصة بين دين الدائن في ذمة المدين ودين للكفيل غير المتضامن في ذمة الدائن لأن الدينين غير متقابلين.
    هذا و إلى المقاصة ليست من النظام العام، لذا يجوز النزول عنها، وهنا يكون على كل من المدينين أن يؤدي الدين الذي في ذمته وله أن يتقاضى حقه من مدنية، والنزول عن المقاصة يعيد الدينين فإذا كان أحد المدينين مضمون كفيل، و وقعت المقاصة بين الدينين انقضى الدين المكفول و انقضت تبعا لذلك الكفالة، فإن نزل المدين في الدين المكفول عن المقاصة، فإن الدين يعود و لكن لا تعود الكفالة.
    خامسا – انقضاء الدين المكفول باتخاذ الذمة :
    ينقضي الالتزام إذا اجتمعت في شخص واحد صفة الدائن و المدين بالنسبة للدين الواحد، و بالقدر الذي اتخذت فيه الذمة، كأن يرث المدين الدائن و أن يوصى الدائن لمدينه بالدين، ففي هذه الأحوال ينقضي الدين لاتخاذ الذمة و ينقضي بالتبعية التزام الكفيل، و الواقع أن اتخاذ الذمة ليس سببا لانقضاء الالتزام بقدر ما هو مانع من موانع المطالبة به، فإن زال المانع يعود الدين إلى الوجود و يعتبر اتخاذ الذمة كأن لم يكن و يعود التزام الكفيل للوجود(2).


    (1)زاهية سي يوسف، عقد الكفالة، دار الأمل، صفحة 106.
    (2)عبد الرزاق السنهوري، التأمينات الشخصية و العينية، ج 10 صفحة 225.


    المطلب الثاني :انقضاء الالتزام الأصلي دون وفاء
    ينقضي الالتزام بدون وفاء في الحالات التالية :
    أولا- الإبراء:
    يتم الإبراء بإرادة واحدة من جانب الدائن و باختياره وهو ما نصت عليه المادة 305 من ق.م.ج، و متى أبرأ الدائن مدينة فإن التزام المدين ينقضي و معه التزام الكفيل بالتبعية، ويقوم الإبراء على أساس فكرة التبرع طبقا للمادة 306 ق.م.ج، هذا و يشترط ليكون الإبراء منتجا لآثاره أن يكون: صحيح وأن يكون الدائن قد أبرأ المدين مختارا، ويجب باعتباره تصرف بإرادة منفردة من الدائن أن يصل إلى علم المدين و يقبله فإن أبطل بأن رفضه المدين عاد الدين و عادت معه التأمينات الضامنة له(1).
    ثانيا-استحالة التنفيذ:
    إذا استحال تنفيذ التزام المدين لسبب لا يد له فإنه ينقضي ومعه التزام الكفيل، بالتبعية، وعلى المدين أن يثبت أن الوفاء أصبح مستحيلا لسبب أجنبي و إلا ترتب على ذلك مسؤولية المدين عن عدم التنفيذ و يحكم عليه بالتعويض، و يكون الكفيل ضامنا لهذا التعويض، أما إن هلك الشيء بفعل الكفيل فإن ذمة المدين تبرأ لاعتباره سبب أجنبي بالنسبة للمدين و لكن يظل الكفيل مسؤولا عن خطيئة كمدين أصلي بحق الدائن.
    ثالثا-التقادم:
    إذا انقض الالتزام الأصلي بالتقادم، فإن التزام الكفيل ينقض بالتبعية، ولو لم تكتمل مدة التقادم الخاصة به متى كان دينه يستحق في أجل لاحق لأجل استحقاق الدين المكفول(2).
    وإذا انقضت مدة التقادم الخاصة بالكفيل، فإن التزام الكفيل التابع قد انقضى، مستقلا عن الدين الأصلي ولا يؤدي إلى انقضائه بالتبعية.
    وبناءا على نص المادة 321 فإن المحكمة لا تحكم له من تلقاء نفسها بل يتوجب التمسك به من المدين أو أحد دائنيه أو أي شخص له مصحة.
    رابعا-انقضاء الكفالة بفسخ الدين أو إبطاله:
    قد يزول الدين المكفول بفسخ العقد الذي أنشأه، فيصبح الدين كأن لم يكن، وكذلك تصبح الكفالة كأن لم تكن تبعا للدين، كأن يضمن الكفيل التزام المشتري بدفع الثمن ثم يفسخ البيع فيزول بأثر رجعي.
    والشيء نفسه بالنسبة لإبطال العقد فإن كان العقد الذي أنشأ الدين المكفول قابل للإبطال، وأبطل بأثر رجعي، زال الدين المكفول بأثر رجعي و زالت بزواله الكفالة بأثر رجعي.


    (1)لا

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 8:48 pm