أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
: بحث حول الإعذار القانوني  580_im11 ENAMILS : بحث حول الإعذار القانوني  580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
: بحث حول الإعذار القانوني  I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
: بحث حول الإعذار القانوني  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
: بحث حول الإعذار القانوني  I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
: بحث حول الإعذار القانوني  I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
: بحث حول الإعذار القانوني  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
: بحث حول الإعذار القانوني  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
: بحث حول الإعذار القانوني  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
: بحث حول الإعذار القانوني  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
: بحث حول الإعذار القانوني  I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
: بحث حول الإعذار القانوني  I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    : بحث حول الإعذار القانوني

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

    : بحث حول الإعذار القانوني  Empty : بحث حول الإعذار القانوني

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 28, 2013 1:30 pm




    مقـــدمــة:
    الفـصـــل الأول : اعـــذار المــديـن
    المبحثالأول : ما هو الاعذار
    المطلب الأول : تعريف الاعذار
    المطلب الثانى : الغايةمنه
    المطلب الثالث : شروطه الموضوعية
    المطلب الرابع : شكل الاعذار
    المبحثالثانى : آثار الاعذار
    المطلب الأول : مسئولية المدين عما يلحق الدائن منضرر
    المطلب الثانى : انتقال تبعة الهلاك من الدائن للمدين
    المطلب الثالث : إلزام المدين بالتنفيذ عينياً
    المبحث الثالث : حالات لا ضرورة فيها لاعذارالمدين
    الفصـل الـثـانـى : اعـذار الـدائـن
    المبحث الأول : فكرة وصور اعذارالمدين للدائن
    المبحث الثانى : آثار اعذار الدائن
    المطلب الأول : تحمل الدائنلتبعة هلاك أو تلف الشئ
    المطلب الثانى : وقف سريان الفوائد
    المطلب الثالث : جواز عرض الدين عرضاً حقيقياً وإيداعه
    المطلب الرابع : حق المدين فى مطالبةالدائن بالتعويض





















    مقـــدمة :


    إن الالتزام؛ وهو واجب قانونىيقع على عاتق شخص معين يسمى المدين، يوجب عيه القيام بعمل أو بأداء مالى معين أوقابل للتعين لصالح شخص آخر هو الدائن، فالالتزام الواجب التنفيذ هو الالتزام المدنىمتى استجمع عنصريه؛ وهما: المديونية والمسئولية، فأثر الالتزام هو وجوب تنفيذه ولوجبراً على المدين، استجابة لعنصر المسئولية فيه. وذلك على العكس من الالتزامالطبيعى حيث يتجرد من عنصر المسئولية، فلا يكون قابلاً لغير التنفيذ الاختيارى، أىمتروكاً لضمير المدين.
    والأصل هو التنفيذ العينى؛ بأن يَنْصَبُّ على عين ماالتزم به المدين تجاه دائنه، فعندما ينشأ الالتزام فغالباً ما يتمسك صاحب الحق بأنيتم التنفيذ فى الوقت المتفق عليه لارتباطه بتحقيق المنفعة المرجوة فى أفضل صورها،ولكى يتم تنفيذ الالتزام عيناً أو بطريق التعويض فيجب على الدائن أن يدعو مدينه لكىيقوم بتنفيذ الالتزام، فإذا ما استحال ذلك بفعل المدين أو خطأه أيًّا كانت صورةذلك، فإنه لا يكون هناك مجالاً لغير التنفيذ بطريق التعويض، حين يحق للدائن أنيطالب مدينه بتعويض نقدى يقوم مقام التنفيذ العينى، وحينئذ يكون التنفيذ بطريقالتعويض قضاءً، وتكون هذه الدعوة باتخاذ الدائن لإجراء شكلى يجب أن تستجمع فيه بعضالشروط حتى يكون صحيحاً من وجهة نظر القانون منتجاً لآثاره.
    فإن كان تأخرالتنفيذ يرجع لفعل المدين، وبالرغم من ذلك سكت الدائن، فإنه لا يُعتد بتأخر المدينالفعلى، فربما كان تأخره له ما يبرره، أو لأن الدائن قد تسامح فى تنفيذ مدينهلالتزامه. وإنما يعتد بتأخر المدين قانوناً حين يفصح الدائن عن إرادته فى قياممدينه بالتنفيذ بأن يوجه إليه إنذاراً يخطره فيه بوجوب قيامه بالتنفيذ، وهذا هوالإعذار وجوهره التأخير عن تنفيذ الالتزام دون مسوغ قانونى. وقد يكون التأخر فىالتنفيذ يرجع إلى فعل الدائن.
    وهذا ما عبّرت عنه مقولة: قد أعذر من أنذر.. حيثأن الإنذار هو وسيلة الإعذار، حين يريد الدائن الحكم على خصمه.
    وعلى هذا – بإذنالله – نتناول إعذار المدين فى فصل أول، من تعريفه وشروطه وشكله وآثاره.
    ونتناولفى فصل ثان إعذار الدائن من حيث صوره وآثاره.

    الفصــل الأول

    إعــــذارالديـــن

    المقصود بالإعذار:

    مجرد حلول الأجل دون وفاء المدين بالتزاماتهقِبَل دائنه لا يفيد تقصير من جانب المدين، لمظنة تسامح الدائن فى وقت التنفيذ، أولكون الوفاء كان فى موطن المدين ولم يسع إليه الدائن، والدائن متى أراد من مدينه أنيقوم بتنفيذ التزامه بحلول الأجل المضروب بينهما فى ذلك، فعليه أن يطالب هذا المدينبشكل رسمى تنتفى معه مظنة التسامح ويَوْضَع المدين مَوْضِع المُقَصِّر إذا لم يبادرإلى التنفيذ، فالمشرع قد اشترط الإعذار قبل الشروع فى التنفيذ الجبرى؛ سواء كانعينياً أو بِعِوَض وعليهفإن مجرد حلول أجل الالتزام لا يكفى لاعتبار المدين متأخراً فى تنفيذه، إذ يجبللتنفيذ العينى للالتزام، كما يجب للتنفيذ بطريق التعويض إعذار المدين، حتى لا يحملسكوت الدائن محل التسامح والرضا الضمنى بتأخر المدين فى هذا التنفيذ .




    ولذلك نعرض لإعذار المدين فى ثلاثة مباحث :
    المبحث الأول نتعرض فيه لماهيةالإعذار من حيث تعريفه وشكله وشروطه الموضوعية والغاية منه
    ونعرض فى المبحثالثانى لآثار إعذار المدين وما يترتب عليه فى ذمته، ونعرض فى المبحث الثالث لبعصالحالات التى لا تتطلب ضرورة الإعذار.
    المبحــث الأول

    مـا هـوالإعذار :
    إن الإعذار هو تصرف قانونى من خلال إجراء شكلى يقوم به الدائن لدعوةمدينه للقيام بالوفاء بما عليه من دين له، لذا فإن فكرة الإعذار تتجلى من خلالتعريف الإعذار، والغاية منه، والشروط الموضوعية له، وشكله، ونعرض لكل من ذلك فىمطلب مستقل .


    المطلب الأول


    تعريف الإعذار :
    ذهب فريق من الفقهاء إلى أن: الإعذار هو تسجيل التأخير على المدين الغرض منه وضع المدين وضع المقصر فى تنفيذالتزامه بإثبات تأخره فى الوفاء به .
    وذهب فريق آخر إلى تعريف الإعذار بأنه: الحالة التى يوجد فيها المدين الذى أنذره الدائن للوفاء بالتزاماته .
    وفريقثالث ذهب فى تعريفه إلى أنه: أمر يوجهه الدائن إلى المدين لينفذ التزامه، يثبت بهرسمياً تأخر المدين فى التنفيذ، لسبب راجع إليه .
    وذهب بعض الفقهاء إلى القولأن: إعذار المدين هو وضعه قانوناً فى حالة المتأخر عن تنفيذ التزامه .
    من هذهالتعريفات يتضح جلياً أن المشرع لا يعتد سوى بالتأخير القانونى، وهو الحالةالقانونية التى يوجد فيها المدين غير منفذ لالتزامه من لحظة إعذاره .


    المطلبالثانى

    الغـايـة منـه :
    الإعذار يفترض وجود مدين لم ينفذ التزامه بعدإزاء الدائن.. إلا أن المُشَرِّع لا يعتد بالتأخير الفعلى، وذلك مظنة تسامح الدائنفى تأخر مدينه عن تنفيذ التزامه، وهذه المظنة تنتفى بتوجيه الإعذار من الدائنلمدينه بما لا يتصور معه تسامح.
    وعلى هذا تكون غاية الإعذار تحقيق كون المدينمتأخراً فى تنفيذ التزامه، إذا لم يقم بالوفاء به فور الإعذار.
    ففى القانونالمدنى المصرى أن مجرد استحقاق الأداء – بحلول الأجل، أو تحقق الشرط- لا يكفىلاعتبار المدين معذراً، بل يجب إفصاح الدائن عن رغبته فى أن يتم التنفيذ على الفوربتوجيه الإعذار إليه حتى يترتب على تأخره فى التنفيذ الآثار القانونيةللإعذار.
    فى فرنسا ذهب بعض الفقه إلى اعتبار الإعذار أساساً لجعل المدينمخطئاً إذا تأخر فى التنفيذ، استناداً إلى أن وظيفة الإعذار هى اعتبار المدينمتأخراً قانوناً وانعقاد مسئوليته عن ذلك، تأسيساً على أن الإعذار فى حد ذاته هوتصرف قانونى بمقتضاه يدعو الدائن مدينه بإجراء شكلى للقيام بالوفاء بما عليه من دينله، وبالتالى جعله عند عدم الوفاء متأخراً قانوناً عن الوفاء.
    مما يعنى أن وظيفةوطبيعة الإعذار لا تختلط بالخطأ- الذى هو عنصر من عناصر المسئولية- بل هى اثباتتأخر أو تقصير المدين فى القيام بتنفيذ التزامه، فالأصح أن يُفْصَل بين الإعذاروالخطأ، فقد يُعذر الدائن مدينه، ويَثْبُت مع ذلك أن المدين لم يرتكب خطأ بتأخره فىالتنفيذ..
    علماً بأن الدائن له مصلحةجدية فى التنفيذ الفورى للعقد دون أدنى تأخر من جانب المدين.
    حيث أنه بحلولالأجل دون قيام المدين بتنفيذ التزامه أو الوفاء بما عليه من دين إلى دائنه، وسكوتالدائن عن مطالبته بالوفاء، فقد يُعزى هذا إلى تسامح من جانب الدائن عن تأخر مدينه،أو أنه قد ارتضى بأن يُحدد مدينه وقت التنفيذ بما يتناسب مع ظروفه وأحواله، فالأجليضرب عادة لصالح المدين لا لمصلحة الدائن، فلا يتصور أن مجرد حلول الأجل يكون مدعاةلتسوئ المركز القانونى للمدين.
    ففى حالة حلول الأجل وعدم قيام الدائن بتوجيهالإعذار، قد يعتقد معه المدين أن تأخره فى الوفاء بما عليه لا يحقق ضرراً للدائن منجراء ذلك، أو موافقة الأخير على الوفاء فى تاريخ تالى لتاريخ الاستحقاق بمنحه أجلاًضمنياً للتنفيذ.
    لذا فعلى الدائن كى ينفى كل هذا الاعتقاد أن يقوم بإجراء شكلى- الإعذار- يعلن فيه صراحةعن إرادته فى قيام مدينه بتنفيذ التزامه والوفاء بما عليه،حتى يقطع فى الدلالة على عدم رغبته فى منح مدينه أية مهلة تكميلية.. وأن مصلحتهتتحقق فى الوفاء الفورى لما التزم به المدين، وأن تأخر الأخير عن الوفاء بما عليهيحيق به الضرر ويحمله بنتائج وآثار هذا التأخير وما يؤدى إليه من حكمبالتعويض.
    وعلى هذا لا محل للتعويض إلا بوجود الإعذار.. فقد وضع المشرع شرطالإعذار كقرينة تنفى تسامح الدائن ومؤشر قاطع على التمسك بحقه( )، حيث نص القانونالمدنى المصرى على أنه: (لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين، ما لم ينص القانونعلى غير ذلك)( ).. وكذلك قد نص: (يجبر المدين بعد إعذاره .... على تنفيذ التزامهتنفيذا عينيا)( ).. أى أن القيام بالإعذار شرط جوهرى فى وجوب التنفيذ وترتيب آثارهفى ذمة المدين.
    2) منح المدين فرصة أخيرة للتنفيذ العينى :
    يهدف الإعذار إلىإعطاء المدين فرصة أخيرة لتنفيذ التزامه بعين ما انصرفت إرادته إلى الوفاء به منالتزام، ففى الفرض الذى يكون فيه المدين- أو أحد خلفاءه- يجهل بحسن نية تاريخالوفاء، تكون وظيفة الإعذار فى هذا الفرض تعيين تاريخ الوفاء بعين ما التزم بهالمدين، لذا يستهدف الإعذار منح المدين فرصة أخيرة لتنفيذ التزامه عيناً.
    3) إحاطة المدين بشكل رسمى بعدم تنفيذه التزامه
    يهدف الإعذار كذلك إلى إحاطة المدينعلماً رسمياً بعدم وفاءه بالتزامه، واستظهار مدى إمكان تنفيذ الالتزام.
    تلعب هذهالإحاطة دوراً جوهرياً فى تنفيذ الالتزام، فبدون هذه الإحاطة- المتمثلة فى الإعذار- قد يظل المدين على اعتقاده فى موافقة الدائن- بسكوته- على تأخير تنفيذ الالتزام،وينتفى هذا الاعتقاد بطريقة رسمية؛ بمطالبة الدائن مدينه بتنفيذ ما التزم بهواحترام العقد المبرم بينهما، وأن هذا التأخير يترتب عليه الضرر للدائن وأحقيته فىالتعويض نتيجة هذا التأخير.
    وقد ينظر إلى الإعذار من وجهتين؛ إما أن يكون تشدداًمن الدائن، وإما أن يكون رأفة بالمدين.
    فمن وجه كونه تشدداً من الدائن فيكون ذلكفى إفصاحه جلياً عن المطالبة بحقه وعدم تهاونه فى ذلك، وأنه يضع المدين موضع المخطئبتأخره عن تنفيذ عين ما التزم به.
    ومن وجه آخر.. كونه رأفة بالمدين، أنه بمفهومالمخالفة لما سبق أن الدائن الذى لم يطالب بحقه بامتناعه عن إعذار مدينه إنمايُمَكِّن لاعتقاد المدين بتسامحه معه فى وقت التنفيذ وإمهاله لمدة أخرى، علاوة علىأن القانون قد اشترط الإعذار للقول بالتعويض حين نص فى المادة 218 على أن: (لايستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين..)، فهو بهذا قد ترأف بالمدين ولم يوجب فى ذمتهالتعويض من يوم حلول أجل الوفاء، بل اشترط الإعذار لاستحقاق التعويض، كنوع منالرأفة بالمدين.
    وفى بعض القوانين الأخرى اعتبرت أن مجرد حلول الأجل يوجبالتنفيذ دون إعذار، وأن التأخر فيه رغم استحقاق الحق يكون مناط الحكم بالتعويض، كمافى القانون المدنى البرتغالى (م711)، واليابانى (م412)، والسويسرى (م102)( ).
    ذهب فريق من الفقهاء فى فرنسا إلى أن للإعذار دوراً هاماً فى المجال الجنائى( ) حيث يسمح بتحديد دقيق لتاريخ ارتكاب الجريمة وذلك فى العقود الواردة بالمادة 408عقوبات فرنسى التى ترد على أشياء مثلية كوديعة أو اقتراض مبلغ نقدى، حيث لن يتحددالتبديد القائم على الغش إلا من يوم قيام الدائن بإعذار المدين برد ما لديه، حيثيكون الإعذار بذلك وسيلة هامة فى تحديد تاريخ ارتكاب جريمة التبديد فى هذه الحالة،وكذلك بدء سريان مدة تقادم الجنحة من تاريخ هذا الإعذار.


    المطلبالثالث: شـروطه الموضـوعية :

    تأخر المدين عن الوفاء بحق مشروع محدد المقدارمستحق الأداء هو مدار وجود الإعذار. وعلى هذا فإن للإعذار شروطاً موضوعية يجب أنتتوافر فيه؛ هى:
    الشرط الأول : تأخر المدين :
    التأخير فى هذه الحالة يكونالتأخير الفعلى عن تنفيذ الالتزام رغم استحقاقه، ويجب أن يكون هذا التأخير بلامبرر، وإلا كان الإعذار بلا معنى، من ذلك أن المدين لا يكون متأخراً فى الوفاء بماعليه متى كان أحد الدائنين يطالبه بتسليم مبيع غير قابل للانقسام، وكان هذا المبيعيخص دائنين آخرين معه، وأن التسليم يجب أن يتم لهم جميعاً، وليس لأحدهمفقط.
    كذلك يجب أن يكون هذا التأخير راجعاً إلى المدين حتى يتوافر سبباً موضوعياًللإعذار، فمتى كان هذا التأخير راجعاً إلى الدائن، أو لقوة قاهرة فإنه ينتفى موجبالإعذار؛ كأن يتعاقد شخص ما على استئجار عيناُ مملوكة لآخر وحالت قوة قاهرة دونتنفيذ المؤجر لإلتزامه- وهو المدين بتسليم العين للمستأجر- كوقوع زلزال هلكت معهالعين المؤجرة، ففى هذا الفرض فإنه لا جدوى من الإعذار.
    ورغم ذلك إن قام الدائنبإعذار المدين، فإنه يحق للأخير أن يدفع ذلك بإثبات أن قوة قاهرة قد منعته منالتنفيذ.
    الشرط الثانى : الحماية القانونية لحق الدائن :
    يجب أن يكون حق الدائنحق مشروع يحميه القانون بواسطة الدعوى، فلا فائدة من توجيه الإعذار فى دين لا يحميهالقانون، كدين قد سقط بالتقادم، أو أنه دين متحصل من طريق غير مشروع ويبطل بطلاناًمطلقاً كدين القمار أو ما أشبهه.
    وفى حالة البطلان النسبى فإن الإعذار يؤتىثماره ويكون صحيحاً، ما لم يتمسك المدين بقابلية الحق للإبطال- كوجود حالة غش أوتدليس أو نقص أهلية- حيث يحتاج البطلان النسبى إلى حكم يقرره.
    الشرط الثالث : الدين محدد المقدار ، ومستحق الأداء :
    يجب أن يكون الدين محدداً ومستحق الأداء،فإن لم يكن محدداً فلا يصح الإعذار، كذلك يجب أن يكون حالّ الأداء، فإن كان معلقاًعلى شرط واقف، إلا أن هذا الشرط لم يتحقق بعد، فإنه لا يحق للدائن توجيه الإعذارإلى مدينه حيث لم يَحِلّ أجل الوفاء بعد لعدم تحقق الشرط، وكذلك فى حال كون الدينمضافاً لأجل، لا يحق للدائن إعذار مدينه قبل حلول هذا الأجل، لكونه يقع على غيرمستحق.


    المطلب الرابع : شكـل الإعـذار :
    القانون المدنى الفرنسى هو أساسنظرية الإعذار فى القانون المدنى المصرى، حيث أخذت الشكلية فى الأساس من القانونالرومانى والذى هو أساس نظرية الإعذار فى الشرائع اللاتينية.
    وقد نصت المادة 219مدنى مصرى على كيفية الإعذار حيث أوردت أن: (يكون إعذار المدين بإنذاره أو بما يقوممقام الإنذار, ويجوز أن يكون الإعذار عن طريق البريد على الوجه المبين فى قانونالمرافعات كما يجوز أن يكون مترتباً على اتفاق يقضى بأن يكون المدين معذراً بمجردحلول الأجل دون الحاجة إلى أى إجراء آخر).
    1) الإنذار : فقد نص القانون المدنىعلى أن الإنذار- وهو ورقة رسمية من أوراق المحضرين( )- هو وسيلة الإعذار، فقد أعذرمن أنذر، حيث بالإنذار يطلب الدائن من مدينه سرعة تنفيذ الالتزام الملقى على عاتقالأخير دونما تأخير، فالإنذار الذى يتحقق به الإعذار هو الإنذار- الإعلان- الرسمىعلى يد محضر الذى يتم إخطار المدين به مباشرة، الأمر الذى تنتفى معه بعد ذلك مظنةالتسامح فى التأخير.
    - وأما عن جواز الإعذار بطريق البريد، فقد كان ذلك متبعاًفى ظل قانون المرافعات القديم رقم 77 لسنة 1949 والذى أُلغى منه الإعذار بطريقالبريد بموجب القانون رقم 100 لسنة 1962، ثم صدر قانون المرافعات الحالى رقم 13لسنة 1968، وقد كان خلواً من النص على إمكان الإعلان عن طريق البريد، وبذلك لم يعدالإنذار بطريق البريد ممكناً أو معمولاً به( )، ولا يخفى أن هذا الشكل من طرقالإعذار كان فيه الكثير من الإجهاد على قلم المحضرين، فقد أخفق فى أن يخفف عنهمالعبء، وترتب عليه فى كثير من الأحيان تعقيد الإجراءات وبطؤها، حيث لم تصل كثير منالرسائل إلى ذويها.
    *الأوراق الرسمية : من نص المادة 219 يتضح أن الإعذار يتمبما يقوم مقام الإنذار، فيقصد بذلك الأوراق الرسمية التى تنطوى على معنى الإعذار( )، أى: كافة الأوراق الرسمية التى تُعبر بوضوح عن رغبة الدائن الأكيدة والصريحة فىتنفيذ المدين لالتزامه، فإذا لم تكن هذه الإرادة واضحة فلا تعد الورقة إعذاراً ولووجهت إلى المدين، مثال ذلك ما حكمت به محكمة النقص المصرية بأنه: (لا يعد إعذاراًإعلان المشترى بصحيفة دعوى فسخ البيع لإخلاله بتنفيذ التزام من التزاماته، إلا إذااشتملت صحيفتها على تكليفه بالوفاء بهذا الالتزام)( ). كما قضت فى عبارة شاملة أن: (الإعذار هو وضع المدين موضع المتأخر فى تنفيذ التزامه، والأصل فى الإعذار أن يكونبإنذار المدين على يد محضر بالوفاء بالالتزام، ويقوم مقام الإنذار كل ورقة رسميةيدعو فيها الدائن المدين إلى الوفاء بالتزامه، ويسجل عليه التأخير فى تنفيذه .
    وعليه فقبل لجوء الدائن إلى التنفيذ الجبري على عقار مدينه وجب عليه بأن يبدأالتنفيذ بإعلان التنبيه بنزع ملكية العقار إلى المدين لشخصه أو لمواطنه مشتملا علىالبيانات الآتية : 1- بيان نوع السند التنفيذى وتاريخه ومقدار الدين المطلوب الوفاءبه وتاريخ إعلان السند . 2- إعذار المدين بأنه إذا لم يدفع الدين يسجل التنبيهويباع عليه العقار جبراً).. فبنص هذه المادة فإن التنبيه الرسمى السابق على التنفيذالجبرى على العقار يقوم مقام الإنذار الرسمى.
    * صحيفة الدعوى : إن إعلان صحيفةافتتاح الدعوى إذا تضمن تكليف المدين بالوفاء فإنه يقوم مقام الإنذار، فالأصل فىالإعذار أن يكون بورقة رسمية من أوراق المحضرين، يبين الدائن فيها أنه يطلب منالمدين تنفيذ الالتزام، ومن ثم فلا يعد إعذاراً إعلان المشترى بصحيفة فسخ البيعلإخلاله بتنفيذ التزام من التزاماته، إلا إذااشتملت الصحيفة على تكليفه بالوفاءبهذا الالتزام( ).
    فكثيراً ما يتم إنذار المدين فى نفس صحيفة الدعوى، فتكونالصحيفة إنذاراً ومطالبة فى نفس الوقت، لكن فى هذه الحالة سوف يتحمل الدائن الدعوىومصروفاتها متى بادر المدين إلى التنفيذ العينى بناء على الإعذار الضمنى المستفادمن رفع الدعوى، حيث أنه قبل هذا التكليف لم يكن مقصراً فى تنفيذ التزامه لعدم سابقةإعذاره.
    إذن فإعلان صحيفة افتتاح الدعوى يحل محل الإنذار، إذ أن مجرد رفع الدعوىيتضمن إعذار المدين( )، وإن شاب التكليف بالحضور فيه بطلان لا يفضى لافتتاح الدعوىسواء لعدم مراعاة مواعيد التكليف بالحضور أو لنقص فى البيانات اللازمة لصحةافتتاحها، وكذلك لو رفعت- كما سبق الإشارة- أمام محكمة غير مختصة.
    استثناء :
    كما سبق القول بأن صحيفة افتتاح الدعوى تعتبر فى حد ذاتها إعذاراً للمدين متىتضمنت تكليف الدائن له بالوفاء بما عليه من التزام، أى أن الإعذار فى الأصل لا يعدشرطاً لرفع الدعوى من الأساس، إلا أنه يرد استثناءً على حالات يستلزم فيها القانونإعذار المدين أولاً، حتى يتم قبول الدعوى، فهو بذلك يكون شرطاً أساسياً لقبول مثلهذه الدعوى، من ذلك ما أوجبه قانون إيجار الأماكن السكنية رقم 136 لسنة 1981م منضرورة قيام المؤجر بتكليف المستأجر بالوفاء أولاً حتى يمكن قبول دعواه بالإخلاء أوالطرد: (لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها فىالعقد إلا لأحد الأسباب الآتية : ... (ب) إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرةالمستحقة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلمالوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر...)، فإن وجوب الإعذار فى هذه الحالة يعداستثناء من الأصل فإن انتفى أو كان باطلاً أو تم النزول عنه فإنه يترتب على ذلك عدمقبول دعوى الإخلاء.
    * محضر الحجز على أموال المدين : بتوقيع هذا الحجز يكونالدائن قد وضع المدين فى موضع المهمل المقصر فى تنفيذ التزاماته، وبذلك يعتبرإعذاراًً يتحقق به الإنذار.. والقاعدة أن التنفيذ جبراً بواسطة المحضر- حيث أنالحجز من أعمال التنفيذ- لا يكون صحيحاً إلا إذا تم إعلان السند التنفيذى إلىالمدين وكان هذا الإعلان مشتملاً على تكليفه بالوفاء( )، فإعلان السند التنفيذىالذى يسبق إجراءات التنفيذ( ) يقوم مقام الإنذار.
    * البروتستو : إذا كانالبروتستو ورقة رسمية يقوم بإعلانها المحضر إلى المدين فى السند لإثبات امتناعه عنالوفاء، ويتضمن التنبيه الرسمى على المدين بدفع قيمة السند، فإن البروتستو يعتبرإعذاراً للمدين بالمعنى الذى يتطلبه القانون فى الإنذار( ).
    - وقد قضت محكمةالنقض بأنه: (لا يكفى لترتيب الأثر القانونى للإنذار أن يكون المشترى قد قال فىدعوى أخرى أن البائع قد أنذره، ما دام ذلك القول قد صدر فى وقت لم يكن النزاع علىالعقد المتنازع فيه مطروحاً، بل يجب تقديم الإنذار حتى يمكن للمحكمة أن تتبين إنكان يترتب عليه الفسخ أم لا؟، وذلك بالرجوع إلى تاريخه وما تضمنه، لأنه قد يكونحاصلاً قبل الميعاد المعين للوفاء أو قبل قيام البائع بتعهداته التى توقفت عليهاتعهدات المشترى)( ).. أى: إن مثل هذا القول من المدين لا يعتد به فى كونه يقوم مقامالإنذار، رغم ثبوته فى مستندات رسمية وأمام القضاء ذاته، حتى يتبين لمحكمة الموضوعحقيقة هذا القول وأسانيده بتقديم أصل الإنذار للتعرف منه على توافر شروط استحقاقالحق ونفاذ آثار الإنذار- الإعذار- فى مواجهة المدين.
    3) الاتفاق على اعتبارمجرد حلول الأجل إعذاراً : إن التأخير الفعلى عن تنفيذ الالتزام لا يعد إعذاراًبالمفهوم القانونى، بل يشترط الإعذار للقول بالتعويض: (لا يستحق التعويض إلا بعدإعذار المدين , ما لم ينص على غير ذلك)( )، حيث يجب على الدائن القيام بإجراء شكلىيعلن فيه للمدين بوضوح عزمه وإصراره على أن يقوم المدين بتنفيذ ما على عاتقه منالتزام دون تأخير.
    وقد أوردت المادة 219 من القانون المدنى استثناءً على هذاالأصل حين نصت على أن: (يكون إعذار المدين بإنذاره او بما يقوم مقام الإنذار.... كما يجوز أن يكون مترتبا على اتفاق يقضى بأن يكون المدين معذراً بمجرد حلول الأجلدون الحاجة إلى أى إجراء آخر)..
    4)خطاب مسجل أو خطاب عادى أو بإخطار شفوى :الأصل أن مطالبة المدين بورقة غير رسمية؛ كخطاب مسجل، أو برقية، لا تقوم مقامالإنذار، ولا تكفى للقول بحدوث الإعذار، إلا حال وجود اتفاق بين الدائن والمدين علىمثل هذه الصور، فإنها وقتها تكفى للقول بالإعذار، حيث يجوز مثل هذا الاتفاق لعدمتعلق وجوب الإعذار بالنظام العام( )، حيث أباحت المادة 219 مدنى الاتفاق على أنيكون المدين معذراً بمجرد حلول الأجل دون حاجة إلى أى إجراء آخر، فمن الأولى جوازالاتفاق بين الدائن والمدين على توجيه الإعذار فى صورة خطاب مسجل أو خطاب عادى أوبإخطار شفوى، إلا أنه يجب على الدائن إثبات حدوث الإعذار على هذا الوجه( ).
    5) وفى الأحوال التجارية : إن اشتراط القانون الورقة الرسمية فى الإعذار إنما ينصرفإلى المسائل المدنية، أما المسائل التجارية فتكفى فيها الورقة غير الرسمية( )، حيثيجوز الاتفاق على اعتبار المدين معذراً بمجرد حلول الأجل، لذلك فيكفى أن يكونمكتوباً أيًّا كانت صورة الكتابة( )- كما جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروعالتمهيدى للقانون المدنى- سواء بخطاب مسجل، أو خطاب عادى.. بل إن حتى التنبيهالشفوى يكفى فى هذه الأحوال متى قضى العرف التجارى بذلك بحسب ما ذهبت إليه محكمةالنقض( ).. و تأسيساً على حرية الاثبات فى مجال المعاملات التجارية، إلا أن مجردالتنبيه الشفوى سيكون صعب الإثبات، فالقاعدة العامة أن الدائن ملزم بإثبات حدوثه،فالبينة على من ادعى واليمين على من أنكر.
    على أنه يجب الانتباه إلى اتصال علمالمدين بهذا الإعذار، فمتى كان الظاهر أن المدين لم يعلم بمضمون الخطاب- حالالاتفاق على جعل الإعذار فى صورة خطاب عادى- فإن ذلك لا يرتب آثار الإعذارالقانونية فى ذمته.
    أما إذا رفض استلام الإعذار– أيًّا كانت صورته- مع علمهبحقيقته، فيمكن القول مع ذلك بحدوث الإعذار حيث أفصح الدائن عن رغبته فى وضوح وجلاءفى أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه، وكون المدين قد رفض استلام الإعذار فإن ذلك يرجعإلى فعله هو مع علمه بإرادة الدائن، بما يؤدى إلى ترتب آثار الإعذار فىذمته.
    والشكلية فى الإعذار ليست شكلية انعقاد التصرف- الإعذار- بل إنها شكلإثبات( ). ففى كل الأحوال يجب أن تتوافر بعض الشروط فى الإعذار بصوره المختلفة، بأنتكون إرادة المدين واضحة جلية- بما لا تدع معها مجالاً للشك- فى المطالبة بتنفيذالمدين لالتزامه دون تأخير، وأن يتضح ذلك من مضمون الإعذار ذاته على أى صورة كان،أما إذا لم يفصح الدائن عن إرادته فى تنفيذ الالتزام فلا يعد ذلك إعذاراً. كذلك يجبأن تكون مطالبة الدائن منصبة على حق حالّ الأجل- فإن كان معلقاً على شرط وجب تحققالشرط قبل توجيه الإعذار-، مستحق الأداء، معين المقدار- فإن كان تعيين المقدارراجعاً إلى المدين فإعذاره صحيح، أما إن رجع تعيينه إلى الغير فيجب على الدائن أنيذكر كذلك رغبته فى إجراء هذا التعيين-.
    ومن المستقر قضاءً أن بحث مدى حدوثالإعذار إنما هو مسألة واقع تخضع لرقابة قاضى الموضوع، وليس مسألة قانون خاضعةلرقابة محكمة النقض.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

    : بحث حول الإعذار القانوني  Empty رد: : بحث حول الإعذار القانوني

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 28, 2013 1:31 pm


    المبحث الثانى

    آثار الإعذار


    يترتب على قيام الدائنبإعذار مدينه- إعذاراً يعتد به القانون- عدة نتائج نعرض لكل منها فى مطلبمستقل.
    المطلب الأول : مسئولية المدين عن الضرر الذى يلحق بالدائن :
    لقد حددالقانون شرطاً بدونه لا يجوز التعويض، يتأسس على إفصاح الدائن بعمل قانونى- الإعذار- عن رغبته فى وضع المدين موضع المُعْذَر؛ أى: المتأخر قانوناً عن الوفاءبما يثقل كاهله من التزام( لذلك فمتى قام الدائن بإعذار مدينه لتنفيذالالتزام، فإنه بذلك يكون قد حقق الشرط الذى استوجبه المشرع لكى يستحق التعويض فىنص المادة 218 مدنى: (لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين...)، فمنذ وقت الإعذاريكون المدين مسئولاً- نتيجة تأخره فى تنفيذ التزامه- عن تعويض الدائن عما يلحقه منأضرار من جراء هذا التأخير، فالمشرع لا يعتد بالتأخير الفعلى، وإنما يعتد بالتأخيرالقانونى والذى يتأكد بعد الإعذار حيث يكون المدين معذراً.
    ومن نص المادةالسالفة، وبمفهوم عكسى يتضح أن المدين لا يلتزم بأى تعويض عن أى أضرار تلحق بالدائنفى مرحلة ما قبل توجيه الدائن للإعذار، وذلك للفكرة السائدة وهى مظنة تسامح الدائنوارتضاءه تأخر المدين فى التنفيذ، وعدم لحوق الضرر به من جراء ذلك، أو مظنة إمهالهللمدين مدة أخرى تالية للتنفيذ.
    أما فى مرحلة ما بعد الإعذار، فإن المدين يلتزمبتعويض الدائن عن كل ضرر يلحق به نتيجة التأخر فى تنفيذ الالتزام، فتأخر المدين عنتنفيذ التزامه هو فى حد ذاته خطأ حيث أن سرعة التنفيذ واجب قانونى يترتب على احترامبنود العقد، الذى هو شريعة المتعاقدين( )، وبذلك تتوافر أركان المسئولية الثلاثةالموجبة للتعويض: خطأ المدين والمتمثل فى تأخره عن الوفاء بما فى عليه من التزام،والضرر الذى لحق بالدائن، بسبب هذا التأخير. بما يستوجب معه الحق فى التعويض عمالحقه من خسائر وأضرار بسبب ذلك.
    فوائد التأخير :
    فالدائن بذلك متى تحقق الضررمن التأخير فى التنفيذ أو عدم التنفيذ من الأساس فإنه يستحق التعويض بعد الإعذار،إلا إذا كان الدين محل الالتزام مبلغ من المال فلا يسرى التعويض القانونى المتمثلفى سريان الفوائد إلا من تاريخ رفع الدعوى( ) والمطالبة القضائية بها( )، حيث لايكفى مجرد الإعذار فى هذه الحالة، وسند ذلك فى المادة 218 من القانون المدنى حيثنصت على: (لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين, ما لم ينص على غير ذلك)، وقد نصتالمادة 226 مدنى على: (إذا كان محل الالتزام مبلغا من المال وكان معلوم المقدار وقتالطلب وتأخر المدين فى الوفاء به, كان ملزما بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عنالتأخر فوائد قدرها أربعة فى المائة فى المسائل المدنية وخمسة فى المائة فى المسائلالتجارية. وتسرى الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها.
    كما نصت المادة 458/1 على أنه لا حق للبائع فى الفوائد إلا إذا أعذر المشترى: (لا حق للبائع فىالفوائد القانونية عن الثمن إلا إذا اعذر المشترى.
    ورغم تحريم الفوائد فىالشريعة الإسلامية والتى هى المصدر الأساسى للتشريع، إلا أنه لا يمكن القول بعدمسريانها فى ظل التشريع المدنى الحالى، حيث نص فى المادة 226 على سريانها من تاريخرفع الدعوى كنوع من التشدد ومناهضة للربا قدر الإمكان، فجعل بدء سريانها من تاريخأكثر تأخراً عن تاريخ الإعذار وهو تاريخ المطالبة القضائية بها، فمن الجائز أن لايطالب الدائن بهذه الفوائد مكتفياً باقتضائه أصل الدين.
    علاقة السببية:
    وفىعلاقة السببية إذا استطاع المدين أن يثبت أن تأخره فى التنفيذ بعد إعذاره إنما يرجعلسبب أجنبى عنه لا يد له فيه؛ كالقوة القاهرة - حدث غير متوقع ولا يمكن دفعه – أولفعل الدائن نفسه، أدى إلى تأخره فى التنفيذ أو أدى إلى استحالة التنفيذ، فإنه بذلكينأى عن انعقاد المسئولية التقصيرية أو العقدية فى ذمته فلا يكون هناك مجالاًللتعويض، حيث تفتقد المسئولية وقتها لأحد أركانها وهو علاقة السببية، فإن كان تأخرالمدين هو الخطأ فإن الضرر الذى لحق بالدائن لم يكن نتيجة هذا التأخير بل إن هذاالتأخير ذاته لم يقع من المدين بِمَلْكِهِ ولم يكن له يداً فيه، مما تنتفى معهعلاقة السببية بين الضرر والخطأ.
    رجوع الدائن عن إعذاره :
    قد يحدث عملاً أنيقوم الدائن بتوجيه الإعذار إلى المدين فى تاريخ ما، ثم يقوم بعد ذلك فى تاريخ لاحقبتوجيه إعذار ثان إلى المدين يمنحه فيه مهلة للوفاء، مما يعنى معه أن إرادة الدائنقد انصرفت إلى إعطاء المدين مهلة أخرى، ونظرة إلى ميسرة، وحيث أن نفى النفى إثبات،فإن الإعذار هو نفى مظنة التسامح من الدائن فى أجل تنفيذ الالتزام، والمهلةالتكميلية بعد الإعذار تكون نفى للإعذار، فهى بذلك تكون إثباتاً لمظنة تسامح الدائنفى وقت وفاء المدين بما على عاتقه من التزام. حيث أن العبرة هنا تكون بالإعذارالثانى وليس بالإعذار الأول.
    الوفاء الجزئى:
    قد يقوم الدائن بتوجيه الإعذارإلى المدين لتأخره فى التنفيذ، إعذاراً صحيحاً يعتد به القانون، يبادر على إثرهالمدين بالبدء فى تنفيذ ما عليه من التزام، إلا أنه قد يتوقف بعد هذا البدء عنتكملة تنفيذه لالتزامه، فى هذه الحالة لا يسرى التعويض منذ تاريخ الإعذار السابقعلى بدء التنفيذ، وإنما يتعين على الدائن أن يقوم بتوجيه إعذار آخر إلى المدين بعدتوقفه عن الوفاء حتى يستحق التعويض عن تأخره أو متناعه عن المضى فى الوفاءبالتزامه
    رأى :
    ذهب جانب من الفقه إلى القول بأنه: (لا يشترط لاستحقاقالتعويض عن عدم التنفيذ سبق إعذار المدين، فى معنى أن الدائن سوف يستحق تعويضاًشاملاً عن كافة الأضرار الناتجة من عدم التنفيذ ولو لم يكن قد سبق له أن أعذرمدينه، ولا يسوغ لهذا الأخير أن يزعم بأنه لو كان قد أعذر من قِبَل الدائن برغبتهفى التنفيذ لكان قد نفذ، فالواقع العملى أنه لم ينفذ حتى بالرغم من رفع الدعوىعلى
    المطلب الثانى : انتقال تبعة الهلاك من الدائن للمدين :
    نصت المادة 207 من القانون المدنى على: (1- إذا التزم المدين أن ينقل حقا عينيا أو أن يقومبعمل، وتضمن التزامه أن يسلم شيئا ولم يقم بتسليمه بعد أن اعذر، فإن هلاك الشىءيكون عليه ولو كان الهلاك قبل الإعذار على الدائن. 2- ومع ذلك لا يكون الهلاك علىالمدين، ولو اعذر، إذا اثبت أن الشىء كان يهلك كذلك عند الدائن ولو أنه سلم إليه،ما لم يكن المدين قد قبل أن يتحمل تبعة الحوادث المفاجئة. 3- على أن الشىء المسروقإذا هلك أو ضاع بأية صورة كانت فإن تبعة الهلاك تقع على السارق
    إذاً فالقانونالمدنى قد قرر فى حالة التزام المدين بتسليم شئ ورغم ذلك لم يقم بتسليمه، فإن تبعةهلاك ذلك الشئ تكون على عاتق المدين متى تم إنذاره بتسليم الشئ قبل هلاكه، وإن كانتتبعة هلاك الشئ تقع على عاتق الدائن قبل توجيه الإعذار.
    ومن نص المادة السابقةيتضح أنه يجب أن يكون هلاك الشئ قد تم بعد إعذار المدين بقوة قاهرة، حيث كان منالمفترض أنه سيكون على عاتق الدائن فالقاعدة- رغم ما يرد عليها من استثناءات- أنهلاك الشئ يكون على مالكه( )، كهلاك العين المؤجرة تكون على تبعة مالكها أو مؤجرها،وليس على مستأجرها المدين بردها إلى المؤجر فى نهاية عقد الإيجار، لكن مجرد توجيهالإعذار ينقل تبعة الهلاك على عاتق المدين، فتنتقل تبعة هلاك العين علىالمستأجر.
    وكما فى عقد الوديعة( ) إذا هلك المُودَعُ بقوة قاهرة، فيتحمل تبعةهلاكه مالكه وهو المُودِع الدائن، فإن كان قد أَعْذَرَ المودع لديه المدين بالتسليمقبل هلاك الوديعة بأن يرد إليه وديعته، فإنه فى هذه الحالة ستنتقل تبعة هلاكالوديعة وتلقى على عاتق المدين بالتسليم وهو المودع لديه، حيث أنه بتأخره عن ردالوديعة بمجرد الإعذار يكون قد ارتكب خطأً يرتب مسئوليته ويوجب عليه تعويض مالكالوديعة عن قيمتها أو أن يرد إليه مثلها، لجواز القول أنه قد تسبب فى هلاك الشئبفعله.
    فبعد إعذار الدائن للمدين توجد قرينة قانونية مفادها أنه لو أسرع المدينمبادراً إلى رد أو تسليم الشئ إلى الدائن لما هلك الشئ تحت يده بأى حادث مفاجئ،فالمدين بعد إعذاره يعتبر مقصراً الأمر الذى يستوجب معه إلقاء تبعة الهلاك عليه( ).
    العقد الملزم لجانبين :
    وفى العقد الملزم لجانبين، تكون تبعة الهلاك تحتيد المدين بحسب الأصل على عاتق مالك الشئ وهو الدائن، ولن يتمكن المدين من مطالبةالدائن بتنفيذ التزامه المقابل، كما نصت على ذلك المادة 159: (فى العقود الملزمةللجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه انقضت معه الالتزامات المقابلة لهوينفسخ العقد من تلقاء نفسه)، مثال ذلك: أن يعهد أحد الدائنين إلى مدينه بإصلاح شئمعين، ثم يهلك هذا الشئ تحت يد الأخير، فى هذه الحالة يتحمل الدائن تبعة هلاك الشئ،ولا يستطيع المدين أن يلزمه بتنفيذ التزامه المقابل فى دفع ثمن الإصلاح ونفقاته،فهو بذلك يكون قد تحمل تبعة الخسارة الناتجة عن انفساخ العقد بعد استحالة تنفيذالتزامه، وقد أورد القانون المدنى ذلك فى الحديث عن عقد المقاولة فى المادة 665: ((1) إذا هلك الشئ بسبب حادث مفاجئ قبل تسليمه لرب العمل فليس للمقاول أن يطالب لابثمن عمله ولا برد نفقاته. ويكون هلاك المادة على من قام بتوريدها من الطرفين. (2) أما إذا كان المقاول قد اعذر أن يسلم الشئ أو كان هلاك الشئ أو تلفه قبل التسليمراجعاً إلى خطأه وجب عليه أن يعوض رب العمل عما يكون هذا قد ورده من مادة العمل. (3) فإذا كان رب العمل هو الذى اعذر أن يسلم الشئ أو كان هلاك الشئ أو تلفه راجعاًإلى خطأ منه أو إلى عيب فى المادة التى قام بتوريدها كان للمقاول الحق فى الأجر وفىالتعويض عند الاقتضاء).
    ورغم ذلك فقد أجاز القانون للمدين إثبات العكس، حتىيتخلص من تبعة هلاك الشئ، فالفقرة الثانية من المادة 207 تنص على أن: (2- ومع ذلكلا يكون الهلاك على المدين، ولو اعذر، إذا اثبت أن الشىء كان يهلك كذلك عند الدائنولو أنه سلم إليه، ما لم يكن المدين قد قبل أن يتحمل تبعة الحوادث المفاجئة)،فالمعنى من ذلك إذا تمكن المدين من إثبات أن هلاك الشئ كان لا محالة واقع ولو كانقد سلمه إلى الدائن، فهو بهذا يقيم الدليل على أن الهلاك لم ينجم عن خطأه، بل رجعإلى قوة قاهرة تندفع بها التبعة عنه.
    لكن المدين إذا كان قد وافق من قبل على أنيتحمل هو بتبعة الحوادث المفاجئة فإن ذلك لا يدفع عنه المسئولية بل يظل على عاتقهتبعة هلاك الشئ لرضائه المسبق بذلك.
    وهناك جانب من الفقه( ) لا يعزى تخلف المدينعن تسليم الشئ فى بعض الأحوال إلى خطأ منه وبالتالى لا يمكن تحميله فى هذه الحالةبتبعة الهلاك بقول: (مثل ذلك أن يَحْبِسَ المودعُ عنده الشئ المودع حتى يستوفى ماهو مستحق له من أجر أو مصروفات أنفقها فى حفظ الشئ، فيعذره المودع طالباً تسليمه،ثم يهلك الشئ بعد الإعذار، فيكون الهلاك على المودع المالك، ولو لم يَثْبُت أن الشئكان يهلك كذلك عنده لو أنه سلم إليه).
    فى حالة الشئ المسروق والحائز سئالنية:
    نصت الفقرة الثالثة من المادة 207 على التالى: (3- على أن الشىء المسروقإذا هلك أو ضاع بأية صورة كانت فإن تبعة الهلاك تقع على السارق)، حيث أن خطأه الأولفى ارتكاب الجريمة- وهى السرقة- لا يسقط عنه، ولو أثبت أن المسروق كان يهلك عندالمالك لو أنه رده إليه( ) وسواء أعذره المالك أم لم يعذره.
    كما نصت المادة 984على أن يتحمل الحائز سئ النية هلاك الشئ ولو كان بقوة قاهرة، حيث قالت: (إذا كانالحائز سئ النية فإنه يكون مسئولاً عن هلاك الشئ أو تلفه ولو كان ذلك ناشئاً عنحادث مفاجئ إلا إذا أثبت أن الشئ كان يهلك أو يتلف ولو كان باقياً فى يد منيستحقه)، وهو فى وضعه هذا يُعد أفضل حالاً من السارق الذى يُحمل فى كل الأحوالبتبعة هلاك الشئ المسروق؛ ولو كان لا محالة هالك وإن وجد لدى من له الحق فيه، أماالحائز سئ النية فيستطيع التنصل من تبعة الهلاك متى استطاع أن يثبت أن الشئ كانسيهلك كذلك أو يتلف وإن كان لا يزال باقياً فى يد صاحبه.


    المطلب الثالث : إلزامالمدين بالتنفيذ عينياً :
    الأساس فى التنفيذ أن يكون بعين ما التزم به المدين أنيؤديه للدائن بالطريقة المحددة له بحكم القانون أو بالاتفاق، وعلى هذا نصت المادة 203/1 على وجوب الإعذار أولاً حتى يمكن التنفيذ جبراً عن المدين بقولها: ((1) يجبرالمدين بعد إعذاره طبقا للمادتين 219 و 220 على تنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً، متىكان ممكناً)، وقد قررت محكمة النقض: (إما أن يكون تنفيذاً عينياً، فيقوم المدينبأداء عين ما التزم به، أو تنفيذاً عن طريق التعويض، والتعويض قد يكون نقدياً أوعينياً بإزالة المخالفة التى وقعت إخلالاً بالالتزام)( )، والتنفيذ بطريق التعويضليس إلا طريق احتياطى يُلْجَأُ إليه متى انغلقت سبل التنفيذ العينى بسبب استحالته،إلا إذا حل اتفاق ضمنى بينهما على التنفيذ بطريق التعويض بأن يعذر الدائن المدينمطالباًَ إياه بالتعويض، ثم يسكت المدين عن عرض التنفيذ العينى، ففى هذه الحالة يحلالتعويض محل التنفيذ العينى باتفاق الإرادتين، وإلى هذا ذهبت المذكرة الإيضاحيةللمشروع التمهيدى للقانون المدنى( ).
    كما أن التنفيذ العينى حق لكل من الدائنوالمدين، حيث أنه العبء الذى استعد المدين للقيام به أصلاً، وهو الوسيلة الأكيدةالتى ترضى الدائن إرضاءً كاملاً.
    لكن إذا استحال أن يتم التنفيذ عيناً فإنالمادة 215 من القانون المدنى قد قررت: (إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزامعيناً حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه, ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قدنشأت عن سبب أجنبى لا يد له فيه. ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين فى تنفيذالتزامه).
    وقد قضت محكمة النقض بأنه: (من المقرر أن الأصل وفقاً لما تقضى بهالمادتان 203/1، 215 من القانون المدنى هو تنفيذ الالتزام تنفيذاً عينياً، ولا يصارإلى عوضه أو التنفيذ بطريق التعويض إلا إذ ا استحال التنفيذ العينى، وأن تقدير تحققتلك الاستحالة مما يستقل به قاضى الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة)( )،فسواء كان التنفيذ عيناً أو بطريق التعويض فإن قيام الدائن بتوجيه الإعذار إلىالمدين هو شرط جوهرى لإمكان المطالبة بأيًّا من الطريقين فى التنفيذ.
    وتجدرالإشارة إلى أنه فى حالة تعدد المدينين فقد نصت المادة 293 على الآتى: ((1) لا يكونالمدين المتضامن مسئولاً فى تنفيذ الالتزام إلا عن فعله. (2) وإذا اعذر الدائن أحدالمدينين المتضامنين أو قاضاه فلا يكون لذلك أثر بالنسبة إلى باقى المدينين، أماإذا اعذر أحد المدينين المتضامنين الدائن فإن باقى المدينين يستفيدون من هذاالإعذار)، فقد فَرَّقَ المشرع بين حالتين من الإعذار متى تعدد المدينين المتضامنين،أولاهما: أن يقوم الدائن بتوجيه الإعذار إلى أحد المدينين فقط فيسرى أثر الإعذار فىمواجهة هذا المدين المُعْذَر فقط دون باقى المدينين المتضامنين، وذلك بنص القانونفينقطع التقادم مع هذا المدين فقط ويستمر سريانه لصالح باقى المدينين الآخرين. أماإذا قام أحد هؤلاء المدينين بتوجيه الإعذار إلى الدائن فإن كافة المدينين الآخرينيستفيدون من هذا الإعذار من توقف لسريان الفوائد وبدأ لسريان مدة التقادم لهم فىمواجهة الدائن وما إلى ذلك، كما سنرى لاحقاً فى حالات إعذار المدينلدائنه.


    المبحث الثالث

    حالات لا ضرورة فيها لإعذار المدين



    هناك بعضالحالات لا يكون فيها إعذار المدين ضرورياً، وذلك إما بحسب الاتفاق المسبق بينالدائن والمدين، أو بنص القانون.
    أولاً: بالاتفاق المسبق بين الدائنوالمدين عددت المادة 219 مدنى صور الإعذار وأوردت ضمن هذه الصور حالة اتفاق طرفىالدين على عدم الحاجة إلى توجيه الإعذار حيث نصت على: (...يكون إعذار المدينبإنذاره.... كما يجوز أن يكون مترتباً على اتفاق يقضى بأن يكون المدين معذراً بمجردحلول الأجل دون الحاجة إلى أى إجراء آخر).
    وعلة ذلك أن الإعذار قد شُرِّعَ لصالحالمدين، ولا يتعلق استلزامه بالنظام العام( )، بما يمكنه أن يتنازل عنه فى اتفاقمسبق مع الدائن عند نشوء الالتزام، أو عدم التمسك به إذا بادر الدائن إلى رفع دعواهدون أن يوجه إليه الإعذار قبلها، وقد قضت محكمة النقض فى ذلك بأن: (الإعذار قد شرعلمصلحة المدين، وله أن يتنازل عنه، فإذا لم يتمسك أمام قاضى الموضوع بأن الدائن لميُعذره قبل رفع الدعوى فلا يُقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض)( ).
    والاتفاق الصريح لا يثير أى مشاكل، حين يكون واضحاً وقاطع الدلالة لا يحتملالشك والتأويل، فى قبول المدين لإعفاء الدائن من ضرورة قيام الأخير بتوجيه الإعذارإليه، سواء كان هذا الاتفاق مكتوباً أو شفوياً( ). كما أنه يجب أن يكون صريحاًكشرطاً ضرورياً بحكم القانون فى حالة اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه عند عدمالوفاء بالالتزامات الناشئة عنه حيث نصت على ذلك المادة 158: (يجوز الاتفاق على أنيعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى حكم قضائى عند عدم الوفاءبالالتزامات الناشئة عنه , وهذا الاتفاق لا يعفى من الإعذار, إلا إذا اتفق صراحةعلى الإعفاء منه).
    لكن ما يثير المشاكل هو الاتفاق الضمنى والذى يمكن للقضاءاستخلاصه من أحكام العقد؛ ففى عقد المقاولة إذا ألزم رب العمل المقاول بإنهاء العملفى تاريخ معين فإنه يعد اتفاق ضمنى على الإعفاء من ضرورة الإعذار، وكذلك أن يشترطالدائن الاستلام الفورى فى عقد التوريد. أما الشرط الجزائى فى العقد فلا يستفاد منهالاتفاق الضمنى على الإعفاء من الإعذار( )، وبالمثل شرط الوفاء فى موطن الدائن( )،كما أن الاتفاق على أنه فى حالة عدم دفع أحد الأقساط فإنه تحل باقى الأقساطالمؤجلة( ) قد اختلفت فيه آراء الفقهاء بين كونه إعفاء ضمنى من ضرورة الإعذار وكونهلا يستفاد منه بالضرورة هذا الإعفاء، إلا أن إعمال الكلام خير من إهماله، وإلا فإنهلن يكون لاشتراط حلول باقى الأقساط من معنى، كما أن جوهر الإعذار هو التنبيه علىالمدين برغبة الدائن فى الوفاء وعدم تسامحه معه فى التأخير( )، فلو أنه قد تسامحمعه لما اشترط عليه حلول باقى الأقساط المؤجلة، فهو بذلك يكون إعذاراً مسبقاًمتزامناًَ مع العقد، حيث نبّه الدائن مدينه إليه وقت التعاقد، ولن يكون هناك منمعنى لأن يعيد الدائن تأكيد هذه الرغبة بعد أن أفصح عنها مسبقاً فى العقدنفسه.
    ومتى كان الاتفاق صراحة على أنه لا ضرورة للإعذار إلا أن الوفاء كان فىموطن المدين، فإنه يتعين على الدائن أن يتوجه إلى المدين فى موطنه حتى يقوم الأخيربالوفاء، فهو بذلك لا يعد مقصراً فى الوفاء بالتزامه، حيث أن وفاءه بما عليه منالتزام فى هذه الحالة يعود إلى فعل الدائن المتمثل فى أن يتوجه إلى المدين فى موطنهحتى يتم الوفاء.
    وكذلك قد يكون هناك اتفاقاً بين الدائن والمدين على عدم ضرورةالإعذار، إلا أن الدائن يقوم بتوجيه الإعذار عن عدم وفاء المدين بالتزامه، حيث يعدالدائن قد تنازل أو قد فسخ هذا الاتفاق؛ فكما أن للمدين أن يتنازل عن ضرورة توجيهالإعذار وهو مُشَرَّع لمصلحته، يجوز أيضاً للدائن أن يتنازل عن هذا الاتفاق الصريحوالذى هو مقرر لمصلحته، مثال ذلك ما تقوم به شركات التأمين من اشتراطها فى عقودالتأمين على أنه لا ضرورة لإعذار المؤمن عليه كلما تأخر فى تسديد قسط من أقساطالتأمين، إلا أنها بالرغم من ذلك تقوم بإعذاره كلما تأخره عن الوفاء بقسط من أقساطالتأمين.
    وإذا ثار شك فى وجود مثل هذا الاتفاق- الإعفاء من الإعذار- فإن الشكيفسر لمصلحة المدين مما يوجب تطلب الإعذار قبل مطالبته بالتعويض
    ثانياً :بنص القانون1)
    الحالات التى نصت عليها المادة 220 من القانون المدنى :
    نصتالمادة 220 مدنى على عدة حالات لا يكون معها ضرورة للإعذار بنصها: (لا ضرورة لإعذارالمدين فى الحالات الآتية :-(أ) إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعلالمدين. (ب) إذا كان محل الالتزام تعويض ترتب على عمل غير مشروع. (ج) إذا كان محلالالتزام رد شئ يعلم المدين أنه مسروق أو شئ تسلمه دون وجه حق وهو عالم بذلك. (د) إذا صرح المدين كتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه
    أ‌) إذا أصبح تنفيذ الالتزامغير ممكن أو غير مجد :
    إن دعوة الدائن مدينه لتنفيذ عين ما التزم به تقتضىبالضرورة أن يكون مثل هذا التنفيذ ممكناً، فمتى كان هذا التنفيذ محالاً أو غير ذىجدوى بفعل المدين فيكون توجيه الإعذار إلى المدين وقتها هو محض عبث، وهذا من بابالمنطق، إلا أن المشرع قد نص عليه قطعاً للشك باليقين.
    ومن أمثلة الاستحالة بفعلالمدين: تقاعس المحامى عن رفع دعوى استئناف أو نقض فى الموعد القانونى لرفع الدعوى،أو نفوق الماشية قبل تسليمها إلى المشترى.. إلخ.
    ومن أمثلة عدم جدوى تنفيذالالتزام: تخلف مطرب أو فرقة فنية عن إحياء حفل زفاف شخص ما؛ حيث أن حفل الزفافيكون فى موعد محدد غير قابل للتسويف والمد أو التأجيل، وكذلك فى حالة تعهد الطبيببالتدخل الجراحى لإنقاذ إبصار مريض، وأهمل ولم يتدخل فى التوقيت المناسب مما نتجعنه فقد المريض للبصر، فيصبح التدخل الجراحى عديم الجدوى.
    وفى هذه الحالة يستحقالدائن فى تنفيذ الالتزام التعويض دون الحاجة إلى قيامه بتوجيه الإعذار إلىمدينه.
    أما إن كان استحالة تنفيذ الالتزام أو عدم جدواه يرجع لسبب أجنبى لا يدللمدين فيه، فإن التزامه ينقضى دون مسئولية عليه ودون إمكان الرجوع عليه بالتعويض،ولا ضرورة وقتها لتوجيه الإعذار.
    ب) إذا كان محل الالتزام تعويض ترتب على عملغير مشروع :
    العمل غير المشروع الذى يرتب المسئولية التقصيرية، لا يلزم الإعذارعنه لاستحقاق التعويض كما قضت بذلك محكمة النقض: (.. فلا يصح النعى عليه بأنه قدقضى بالتعويض دون تكليف رسمى، إذ أن هذه مسئولية تقصيرية لا يلزم لاستحقاق التعويضعنها التكليف بالوفاء)( ).
    فارتكاب عمل غير مشروع يتمثل فى إخلال الشخص بالتزامقانونى هوواجب الحيطة والحذر بعدم الإضرار بالغير، فإذا ما حدث إخلال نحو هذاالواجب ووقع الضرر بالغير فعلاً، فإن التنفيذ العينى لهذا الالتزام يكون غير ممكن،مما يستتبع عدم الجدوى من توجيه الإعذار.. كان ذلك رأى جانب من الفقه( ).
    وذهبرأى آخر( ) إلى سبب إعفاء الدائن (المضرور) من توجيه الإعذار إلى المدين هوالقانون، حيث اعتبر المدين مخطئاً من وقت تحقق الضرر- نشوء الالتزام- وأن هذاالتقصير يكفى لإعفاء الدائن من إعذاره، لعدم استحقاق المدين أن يحاط بضمانة الإعذارفى هذه الحالة.
    (فإذا ما قتل شخص شخصاً آخر متعمداً أو ضرب شخص شخصاً آخر فأحدثبه عاهة، فإنه يلتزم بتعويض أسرته فى الحالة الأولى، وبتعويضه هو شخصياً فى الحالةالثانية، وفى كلتا الحالتين لا يتصور اشتراط إعذار القاتل أو المعتدى لإمكانمطالبته بالتعويض لأن المسئول عن التعويض يكون مسئولاً عنه من لحظة حدوث الضرر) ( ).
    ج) إذا كان محل الالتزام رد شئ يعلم المدين أنه مسروق أو شئ تسلمه دون وجه حقوهو عالم بذلك:
    هذا الالتزام هو التزام غير تعاقدى لا ينشأ عن عقد بين الدائنوالمدين، وإنما ينشأ ويسأل عنه المدين بمجرد نشوءه( )، ففى مثل هذه الحالة يكونالمدين سئ النية، لعلمه المسبق أن الشئ الذى تحت يديه أو فى حيازته إنما هو شئمسروق أو أنه قد تسلمه وليس له الحق فى ذلك، فهو بين مرتكب لعمل غير مشروع أو مثرٍعلى حساب الغير بسوء نية، فمن هذا المنطلق يكون غير جدير بالإفادة من ضمانةالإعذار، إذ كان ينبغى عليه المسارعة من تلقاء نفسه إلى رد الأمور إلى نصابها بأنيرد الشئ إلى الدائن فى هذا الفرض، وعلى هذا تترتب مسئولية المدين عن التأخر فىالرد حيث نصت المادة 979 مدنى على أن: (يكون الحائز سيئ النية مسئولا من وقت أنيصبح سئ النية عن جميع الثمار التى يقبضها والتى قَصَّرَ فى قبضها غير أنه يجوز أنيسترد ما أنفقه فى إنتاج هذه الثمار).
    د ) إذا صَرَّحَ المدين كتابة أنه لا يريدالقيام بالتزامه :
    فى هذه الحالة يكون من غير المُجْدى- بداهةً- أن يوجه الدائنالإعذار إلى مدينه، حيث صرح المدين بنيته فى عدم تنفيذه الالتزام الملقى على عاتقه،فمن باب أولى أن تسقط فى حقه الضمانة القانونية المرتبة لمصلحته، حيث لا جدوى مندعوته لتنفيذ التزامه بتوجيه الإعذار إليه. فغاية الإعذار هى وضع المدين موضعالمقصر المتأخر عن تنفيذ التزامه، إلا أنه فى هذه الحالة يعلن إصراره وعزمه على عدمتنفيذ التزامه، بما يُثبت فى حقه التقصير المبتدأ فى تنفيذ التزامه، كما تنتفى مظنةتسامح الدائن فى وقت تنفيذ مدينه لما عليه من الالتزام.
    ويجب الانتباه إلى أنالقانون قد استلزم بأن يكون هذا التصريح كتابى بنص المادة 220/د: (إذا صرح المدينكتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه)، إلا أن الفقه قد ذهب فى هذا الشأن إلى مذهبين؛أولهما( ): أن الكتابة مطلوبة للإثبات وليس للانعقاد، أى: يمكن إثبات الرفض بمايقوم مقام الكتابة كإقراره بتصريحه هذا شفاهة، أو أن ينكل عن اليمين الموجهة إليهفى هذا الصدد، كما ذهبت إلى ذلك محكمة الإسكندرية الأهلية حين قررت: (إقرار المدينبتقصيره فى القيام بالتزامه يقوم مقام الإعذار)( ).
    وثانيهما( ): أن الكتابة هنامطلوبة للانعقاد لا للإثبات، وذلك لصريح نص القانون، إضافة إلى توكيد جدية المدينفيما صدر عنه من تصريح بالكتابة.. ونأياًَ عن كون التصريح الشفوى قد وقع تسرعاً منالمدين لم يتدبره، أو تهديداً للدائن لم يقصده المدين( ).
    وهذه الكتابة لا تشترطصيغة أو ألفاظ معينة، بل تكفى أى عبارة قاطعة الدلالة فى إصرار المدين على عدمتنفيذ التزامه، كأن يكون المدين قد: (أعلن المطعون ضده- الدائن- باعتبار العقدمفسوخاً من جهته)( ).
    2) حالات أخرى متفرقة منصوص عليها قانوناً ( ):
    أ) بيعالعروض والمنقولات: نصت المادة 461 مدنى على أنه: (فى بيع العروض وغيرها منالمنقولات إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع يكون مفسوخاً دون حاجة إلىإعذار إن لم يدفع الثمن عند حلول الميعاد إذا اختار البائع ذلك وهذا ما لم يوجداتفاق على غيره). أى: أنه يفسخ عقد البيع من تلقاء نفسه دونما حاجة من البائع- الدائن بثمن المبيع- إلى إعذار المشترى- المدين بالثمن-، ودنما حاجة إلى صدور حكمقضائى، حيث يقع الفسخ هنا فى هذه الحالة بقوة القانون، ودون الحاجة إلى النص عليهفى عقد البيع، ما لم يتفق المتعاقدان على خلاف ذلك صراحة.
    ب) فوائد حصة الشريكالنقدية فى الشركات: نصت المادة 510 على أن: (إذا تعهد شريك بأن يقدم حصته فىالشركة مبلغاً من النقود ولم يقدم هذا المبلغ لزمته فوائده من وقت استحقاقه من غيرحاجة إلى مطالبة قضائية أو إعذار وذلك دون إخلال بما قد يستحق من تعويض تكميلى عندالاقتضاء). فى هذه الحالة مجرد حلول أجل استحقاق مبلغ حصة الشريك دون وفاءه بهايرتب فى ذمته سريان فوائد التأخير دون حاجة إلى إعذار أو مطالبة قضائية بها.
    ج) مسئولية الشريك عن فوائد ما فى ذمته مبالغ: نصت المادة 522/1 مدنى على أنه: (إذاأخذ الشريك أو احتجز مبلغاً من مال الشركة لزمته فوائد هذا المبلغ من يوم أخذه أواحتجازه بغير حاجة إلى مطالبه قضائية أو إعذار وذلك دون إخلال بما قد يستحق للشركةمن تعويض تكميلى عند الاقتضاء). وذلك سواء كان الشريك منتدباً أو غير منتدب لإدارةالشركة، فواجب الشريك ألا يحتجز ما قبضه أو أخذه بوصفه مالاً للشركة، بل عليهالمبادرة إلى الوفاء به وعدم استبقاءه معه، فإن استبقاه لديه لاستعمال شخصى، أو لأىغرض آخر كان مسئولاً عن رد هذا المبلغ بفوائده القانونية أو الاتفاقية من يوم أخذهحتى يوم رده دون حاجة إلى إعذار أو مطالبة قضائية. ويذهب الفقه إلى أن الشريك إذاأخذ مالاً للشركة غير النقود كان مسئولاً أيضاً عن التعويض ولو لم يكن قد أفاد منهذه الأموال شيئاً ما دامت الشركة قد لحقها ضرر، بعكس ما إذا كانت الأموال نقوداًفإن الفوائد تستحق ولو لم يلحق بالشركة أى ضرر.






      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 3:39 pm