الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة العدل
المقدمـــــــــــــــة
يحتل المال أهمية بارزة في الحياة الإقتصاديـة والإجتماعيـة والسياسيـة للأمم بشتى أنظمتهـا ، فقد أضحى عنوانا للتقدم والرقي والرفاهيـة ، ومظهرا من مظاهر الحضارة الحديثـة التي إستعاضت به بدلا عن المبادلـة .
لذلك تخـص التشريعـات الحديثـة بحمايتـه من كافة أوجـه العدوان بأي صيغــة كانت
في قوانينهـا سواء المدنيـة أو الجزائيـة ، والهدف من وراء ذلك هو حماية الأفراد الذين تحصلوا على هذه الأموال بكد وجهـد من أن تضيع سدى ، وتقرر جزاءات لمن سولت لـه نفسـه إتيان المال بصيغ محرمـة أو مجرمـة أو غير مشروعـة .
فالقانون سواء الذي يحكم علاقات الأفراد فيما بينهم ، أو علاقـة الدولـة بالأفراد يفترض في المال الذي تحصل عليـه أفراد المجتمع كان بطريقـة شرعيـة وسويـة ، غير أن الأمر لايسير دائما في هذا المنحى المثالـي ، إذ كثير من الأموال المتحصل عليها من طرف الأفراد أو الجماعات كانت نتيجـة جرائم أو بإستعمال طرق غير شرعيـة .
ولاشك أن نظريـة علم الإجرام القائلـة بأن الجريمـة ترتكب لسببين المال والجنس أضحت رائدة في هذا المجال ، لذلك إستغل المجرمون التطور التقني والتكنولوجي والرقمي لتطوير أدواتهم الإجراميـة ، ومن تم تدعيم متحصلاتهم الإجراميـة بطريقـة رهيبـة ، فإستعمال الأساليب الحديثـة سمـة أساسيـة في أسلوب الجريمـة المنظمـة في كافـة صورهـا .
ولاشك أن العائدات أو المتحصلات الإجراميـة التي يحصل عليها المجرمون لن تبق مخبأة أو مخفية في مغارات أو في مخازن بل يسعى أصحابها بكل الطرق إلى إضفاء الشرعيـة عليها ليتمكنوا من الدخول من جديد وبهذه الأموال إلى واجهـة المجتمع في صورة الترف والوداعـة والرفاه تاركين ضمن مسارهم الإجرامي آلاف الضحايا يتضورون ويئنون من الأمراض والفقر ، ليبرزوا هم على قمـة الهرم .
ومن هنا كانت هذه الجريمـة والتي يطلق عليها إسم تبييض الأموال أو غسيلهـا أو الجريمة البيضاء .
فتبييض الأموال هو مجموعة من العمليات تقوم بها عصابات تجارة المخدرات والمافيا والخطـــف والإبتزاز حتى تتمكن بواسطة هذه العمليات من إخفاء المصدر وتوفير الغظاء الشرعي
للأموال التي تنشأ عن النشاط الذي تزاوله هذه العصابات .
ولكن ماعلاقـة بلادنـا بهذه الظاهرة الجديدة في التسميـة والقديمة في الممارسـة ؟ هل للموضوع أهميـة على الساحة القانونيـة والإقتصاديـة ؟ أين يكمن الخطر ؟ .
يستأثر موضوع تبييض الأموال إهتماما متزايدا من السلطات السياسيـة في مختلف بلدان العالم خصوصــــا في العالم الصناعــي لإرتباط هذا النشاط بتهريب المخدرات والمتاجرة فيها
والجريمـة المنظمـة بصورة عامـة وماإنعكس عليها في تمويل الإرهاب وتغذيـة جذوره .
فقد تبين من تقرير أعده صندوق النقد الدولي أن حجم تبييض الأموال في العالم يشكل 2 إلى 5 ./. من إجمالي الناتج القومي العالمي، وإذا ماإستنذنا إلى إحصائيات 1998 فإن حجم تبييض الأموال يكون مابين 600 و 1500 مليار دولار .
فالفكرة بدأت بالأموال الرهيبـة المتحصل عليها من جرائم المخدرات والمتاجرة فيها أين وجد المروجون في بعض البلدان مكانا آمنا لإخفاء أموالهم وعائدتهم الإجراميـة مستغليـن تمتع المصارف في هذه الدول بالسريـة البنكيـة ليطلق عليها فيما بعد الجنات الجبائيـة أو الضريبيـة .
وإذا كنا نعتبر أن هذا النوع من التجارة ضعيف لدينـا مقارنة مع بعض الدول ، فإن تحول الجزائر من إقتصاد إشتراكي إلى إقتصاد ليبرالـي حر وماصاحبه من خوصصة المؤسسات وإعادة هيكلتها ، وكذا السكوت أمد من الدهر على خروقات نخرت الإقتصاد الوطني ،كما أن عمليـة التفتح الإقتصادي والسياسي أبرزت هذه الأيام فضائح ماليـة وبنكيـة كبيرة هزت كيان الإقتصاد الوطني ، وجعل من ساسـة الإقتصاد في بلدنـا في حرج من الأمر إلى درجـة تصريح أحدهم أن النظام المالي والبنكي على الوتيرة الحاليـة يشكل خطرا على الأمن الوطنـي .
فمحاولات إصلاح النظام البنكي، بإصدار الأمر رقم 03-11 المتعلق بالنقد والقرض الصادر في 26 أوت 2003، لم تكن كافية لصد الأبواب للأموال المهربة سيما وأن الوضع الإقتصادي – مع فتح أبواب الإستثمار والتسهيلات الممنوحة للمستثمرين – يسيل لعاب الكثير من المبيضين ، ومن شأنه أن يجعل الجزائر مرتعا خصبا لذلك، وهو مايعطي للموضوع أهميـة خالصة للإعتبارت المذكورة.
ومن تم كانت مصادقة الجزائر على إتفاقية فيينا الصادرة 20/12/1988 والتي صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 95-41 المؤرخ في 28 يناير 1995 ، وكذا إتفاقية الأمم المتحدة للجريمة المنظمة المعتمدة من طرف الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة يوم 15/11/2002 بموجب المرسوم الرئاسي 02/55 المؤرخ في 05 فيفري 2002، كخطوة أولى في سبيل فتح صفحة جديدة في محاربة تبييض الأموال والجريمة المنظمة.
فكان لزاما على الجزائر لتنفيذ إلتزاماتها الدولية أن تشرع في تجريم الظاهرة ومحاربتها ، ولكنها تأخرت رغم إنشاء الهيئات المكلفـة بالمكافحة في وقت لاحق على ذلك .
فكان صدور القانون رقم 04-15 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004 المتضمن تعديل القانون العقوبات والذي جرم تبييض الأموال في نص إستحدثه في المادة 389 مكرر ، ولم يكتف المشرع بذلك بل أعطى جانبا أو بعدا وقائيـا لهذه الظاهرة عن طريق إصدارالقانون رقم 05-01 في 06 فيفري 2005 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما ، وتكون الجزائر بذلك قد وفت بإلتزاماتها الدوليـة وهذا ولاشك فيـه ، ولكن أبرزت رغبـة المشرع الملحـة في الحد من إنتشار الظاهرة التي إزدادت مخاوفها سيمـا بعد إفلاس البنوك الخاصـة وضياع أمول طائلـة مملوكـة للدولـة لدرجـة تصريح أحد الساسـة أنها أكبر عملية نصب في التاريخ .
ومايلاحـظ على النصوص المذكورة أنها جاءت تقريبـا مشابهـة أو تكاد تكون مطابقـة الأصل مع ماورد في الإتفاقيتين المذكورتيـن ، وقد أخد عدد من المشرعيـن النهج المذكور ، مما يفيد تحول العمليـة التشريعيـة الداخليـة إلى عولمـة تشريعيـة إذ أن النصوص في كل تشريعات العالم تكاد تكون نفسهـا رغم التباين بين أنظمتهـا .
إن دراستنا ستكون مقتصرة فقط على البعـد الوطنـي لهذه الظاهرة دون التطرق إلى الأبعاد الأخرى ، فالموضوع متسع وشاسع ولايسعنا في هذا البحث المتواضع أن نلم بكل جوانب الظاهرة ذات الأبعاد المختلفـة ( سياسيا ، إقتصاديـا ، جمركيـا ، ماليـا .. ) إنما إكتفيـا فقط بالجانب القانوني ،مع الإشارة إلى بعض الجوانب الأخرى والتي ينبغي على الدارس أو المتصفح لهذه الظاهرة معرفتهـا ، فخصصنا فصـلا تمهيديـا لبيان مراحل هذه الظاهرة ، ومخاطرهـا ، وعجز النظريـة التقليديـة للجريمـة عن الإحاطـة بكافـة صور السلوك الإجرامي لنشاط المبيضين ، ثم تناولنـا في الفصل الأول التحليل القانوني لأركان جريمـة تبييض الأموال وفقا للمادة 389 مكرر ومايليهـا من قانون العقوبات مع بيان الجزاءات المقررة لهـا ، ثم بينا في فصل ثان الإلتزامات التي وضعها المشرع على عاتق المؤسسات الماليـة كضمان للحد من الظاهرة ، والجهات المكلفـة بمكافحة تبييض الأموال .
كثيرة هي الجرائم التي برزت في العقديــن الأخيريـن من القـــرن العشرين ومرد ذلك إلى الثورة التكنولوجيـة التي تلت الثورة الصناعيــــة، وماتبعهـا من تطور في نقل الإقتصاد الصناعي إلى إقتصاد رقمـي بحـــت ورافق كل ذلك تطور في أدوات الإجرام.
ولذلك بزغ في تلك الأونـة مصطلحـات جديدة على الساحـة الإجرامية لم تكن مألوفة من قبل ، وهذا بفعـل تنامي الظاهرة الإجراميـة في حد ذاتها ، وكذا رغبـة مرتكبيها في الخلاص مـن أواصرها والعيش بأمان ورفاهية وبذخ داخل المجتمع مع ماتحصلوا عليه مــن عائدات ، ولذلك وجـــدت ظاهرة تبييض الأموال التي إسترعـت إنتباه الإقتصاديين والبنكيين في أول وهلـة ثـم حظيت بإهتمام القانونيين فيما بعـد .
ورغم حداثـة هذه الظاهرة من الناحيـة العلميـة فهي أسلوب قديم كـان يستعمله التجار الصنييون قبل ألفي سنـة قبل الميلاد إذ كانوا يخفون أموالهم الغير المشروعـة خوفا من مصادرة السلطات لهـا ، وكما لايخفى علينا فإن تاريــخ الإجرام إرتبط على مر العصور بإخفاء المتحصلات الإجرامية ومحاولـة إعادة توظيفها بطريقة مشروعة في أنشطة إقتصاديـة مختلفة .
ولقد ظهــر هذا المصطلح لأول مرة أمام القضاء الإمريكي سنة 1982 وأصبح منذ ذلك الوقت سائـدا في جميع أنحاء العالم .
ولكن لماذا هذه التسميـة بالذات ؟ تعود أصول هذه التسميـة إلى المافيا الأمريكيـة في سنــوات الثلاثينات فقد ألقت الشرطـة القبض على زعيم هذه العصابة ( أل كابون ) سنة 1931 ، ولكن لم يكن في وسع القضاء سوى متابعته على أساس جريمـة التهرب الضريبي ، وتفاديا لوصول السلطات إلى العائدات الإجرامية وقصد إضفاء الشرعية عليها سعت المافيا إلى إنشاء وشراء محلات غسيل آلية(Laundering ) ومن تم أصبح يطلق على عمليات التحويل والإخفاء لهذه المتحصلات الإجراميـة قصد إضفاء الصيغـة الشرعيـة عليها لفظ الغسيل أو تبييض الأموال .
بينما يذهب البعض إلى القول بأن هذا المصطلح ظهر لدى تجار المخدرات الذين يبيعون للمدمنين عليها قطع منها في مقابل فئات صغيرة من النقود الورقيـة والمعدنية ، وعادة مايتوجهون إلى المعامل بالقرب من كل تجمع سكانـي قصد غسلها لأنها عادة ماتكون ملوثـة بأثار المخدرات وعالقـة بهـا ، وكانت المغاسل تحرص على غسلها قبل إيداعها في البنوك ، ومن تم جاء الربط بين تجارة المخدرات وعمليـة تبييض الأموال بإعتبار أن المخدرات تمثل 70./. من الأموال غير المشروعــة .
ويذهب البعض الأخر القول أن هذه التسميـة ظهرت لأول مرة وبشكل مطبوع سنة 1973، حيث تم في سنة 1972 تشكيل لجنـة لإعادة إنتخاب الرئيس وذلك بسبب قرب إنتهاء ولايـة الرئيس نيكسون وقامت هذه اللجنة بجمع التبرعات ثم قامت بتنفيذ عدة عمليات غسيل أموال للتبرعات التي كان يتم التبرع بها للحملــة الإنتخابية ، وفي إحدى هذه العمليات قام مدير شركة الطيران الأمريكيـة ( جورج سبارتر ) بإنشاء شركة وهمية لبنانية تحت إسم ( عماركو) التي قامت بتقديم فواتير مزورة على أنها قيمة العمولات المستحقـة لهذه الشركة في بيع قطع الطائرات لشركة طيران الشرق الأوسط، ومن تم قامت شركة الطيران الأمريكية بدفع قيمة هذه الفواتير المزورة ، ثم قامت شركة عماركو بإيداع هذه العمولات في البنوك السويسرية و تم تحويلها برقيا إلى حسابهم في نيويورك وقام مندوب الشركة تلك بسحب المبلغ نقدا ( مائة ألف دولار ) والتي تم تسلمها باليد إلى جورج سبارتر التي قام بدورة بتسليمها لهيئـة إعادة إنتخاب الرئيس ، ومن هنا بدأت فضيحـة واتر غايت .
ويعزى أول تعريف لهذه الجريمـة إلى قانون صدر في الولايات المتحدة الأمريكيـة سنـة 1986 ، ونظرا للضغوظات لتي مارستها هذه الدولة على المجتمع الدولـي جاءت إتفاقية فيينا لسنة 1988 ليكون أول نص يجرم ظاهرة تبييض الأموال والتي نصت على صور أربع لتبييض الأموال تتمثل في :
- تحويل الأموال أو نقلها مع العلم بأنها مستمدة من جرائم المخدرات .
- إخفاء أو تموية حقيقة الأموال أو مصدرها .
- إكتساب أو حيازة أو إستخدام هذه الأموال .
- إكتساب وحيازة معدات تستخدم في زراعة المخدرات.
وهي الصور ذاتها التي أخذ بها المشرع الجزائري حين جرم هذه الظاهرة وفقا للمادة 389 مكرر مع تعديل في الجريمـة الأوليـة التي سيلي تحليلها فيما بعـد .
ونظرا للطابع المتعدد لهذه الظاهرة ( الطابع الإقتصادي ، الطابع الجمركي ، الطابع السياسي ، الطابع القانوني … ) فإن دراستنا لها ستكون لها طابعا مختلطا في هدا الفصل التمهيدي ، نتناول فيـه المراحل التي تمر بها جريمـة تبييض الأموال في مبحث أول، ، ثم في مرحلـة ثانيـة المخاطر الناجمـة عن شيوعهـا في مبحث ثاني ، ونتناول في آخر المطاف القصور التشريعي القائم باللجوء إلى مبادى القانون العام(القواعد العامة لقانون العقوبات ) وكذا النظريـة التقليديـة للجريمة عن حصر كافـة جوانب السلوكات التي يأتيها المبيضون في مبحث ثالث ، وهو مادفع عديد من المشرعيـن – ومن بينهم المشرع الجزائري – إلى وضع نصوص خاصة بالتجريم.
المبحـــث الأول
مراحل تبييـــــــض الأموال
إن عمليـة تبييض الأمول تتسم بدرجـة كبيرة من التعقيد ، وكذا إشراك أشخاص معنويـة وطبيعيـة في هذه العمليـة التي قد تدوم لسنوات عديدة ، ويمكن أن تتم جملـة العمليـات في بلاد متعددة وقد تكون في بلد واحـد ، وتنتهج الجماعات تقنيات وأساليب مختلفـة .
وعمليـة تبييض الأموال القذرة إلى أموال نظيفـة تمر على ثلاث مراحـل أساسيـة تتداخـل فيما بينهـا إلى درجـة يتعذر معهـا التمييز بين مرحلـة وأخرى ، والمراحل الثلاثـة التي ينتهجهـا المبيضون هي ثلاثة :
1- التوظيـف ، 2- التجميــع ، 3- الدمــج ،وسوف نخصص لكل مرحلـة مطلبا مستقـلا لتحليلهـا .
المطلب الأول : مرحلـــة التوظيـــف Le placement
هي أدق مرحلـة من مراحل التبييض وأصعبهـا وهذا لأن الأموال هنا تكون عرضـة للإفتضاح ، وتهدف هذه المرحلـة إلى إدخـال الأموال القذرة في نطاق الدورة الماليـة قصد التخلص ماديـا من كميات كبيرة من السيولـة النقديـة .
ونظرا للتعاطـي المباشر بين المبيضيين ومؤسسات التبييض عن طريق نقل الأموال الهائلـة من مصدره وإعادة تجميعهـا في أماكن لاتلفت الإنتباه .
ويمكـن أن تتم هذه المراحل بوسائـل بدائيـة primaires وأخرى خاصــــــــة
Spécifiques.
1- الوسائـل البدائيــة : نظرا للمبالغ الهائلـة التي تتوافـر لدى المجرميـن من عمليات إرهابيـة خاصـة ماتعلـق منهـا بالمخدرات فإنهم يلجؤون إلى أماكن هادئـة غير معروفـة للقيام بعمليات التوظيـف بقصد التخلص من السيولـة من جهـة وإضفاء الشرعيـةمن جهـة ثانيـة على قذارة الأموال ، وتتم عادة عن طريق شراء أجهزة وأدوات نقديـة لدى المؤسسات الماليـة عن طريق الإسثتمار في ميادين تتطلب مبالغ معتبرة ، عن طريق شراء السيارات الفارهـة ، والبنايات الفخمـة واللوحـات القيمـة .
ولدرأ أي شبهـة عن نشاطهم يقوم المجرمون بإستعمال إحدى الوسيلتين :
أ- تداخل الأموال الغير مشروعـة مع الأموال المشروعـة : ويكون ذلك بواسطـة النشاطات التجاريـة الشرعيـة وإنشاء مايسمى بشركات الواجهة( Sociétés d' écran) ذات النشاط المنعدم أو المحـدود ، وذلك بإثبات المــــال غير النظيف عن طريق فوائـد خياليـة .
ب – شراء منتوجـات قابلـة للإستهلاك: ورغم بساطـة ذلك فإن لها أهميـة بالغـة في العمليـة وتهدف من وراء ذلك إلى التمكن من العيش بنمط راق أو تحويل السيولـة إلى قيمـة مساويـة لها ، وكذا الحصول على أموال إحتياطيـة تستعمل لمواصلـة النشاط الإجرامـي .
2- الوسائـل الخاصة : عن طريق حقن السيولـة النقديـة في الدورات المالية وتحويلها إلى أموال مكتتبة ، ودور البنوك والمؤسسات الماليـة في هذه المرحلـة لـه أهمية بالغـة وذلك لأن الأموال سوف تمرر عبرها لامحالـة .
وهناك وسائل أخرى يستعصي علينا حصرهـا تستحدث تباعا ، وعلى أية حال فإن إختيار طريقة أو وسيلة من التي ذكرناها يعتمد على خبرة مبييضي الأموال وكذا بالظروف المحيطـة بهم .
وبإختصار فإن هذا التوظيف يهدف إلى تحويل الأموال القذرة بأوراق سائلـة إلى ودائـع مصرفيـة وتوظيف مداخيلهـا في عدة حسابات لدى مصرف أو أكثر أو شركات تأمين في بلدان متعددة مما يعطي الإشارة إلى بدء عمليـة التبييض .
المطلب الثاني : مرحلـة التجميـع أو التمويه أو التكديس :L'empilage
وفي هذه المرحلـة يهدف المبيضون إلى إحداث إنفصال وقطـع للصلة بين الأموال الغير مشروعـة ومصدرهـا ، ومنع عودتها إلى ذلك ، عن طريق خلق عدة صفقات أو فتح حسابات مصرفيـة بإسم أشخاص بعيدين عن الشبهة أو بإسم شركات وهميـة أو متواطئـة .
وعادة مايتم إشراك القطاع المالي وخصوصا المصاريـف بواسطة مجموعة متشعبـة من القيود والعمليات الماليـة وبوتيرة عالية وبواسطـة عدد كبير من الإجراءات تجعلها معقدة ومن تم غامضـة .
كما تتركز هذه العمليـة في البلدان التي تتمتع بسريـة مصرفيـة عاليـة كسويسرا التي يقال عنها بأن سويسرا تغسل أكثر بياضا.
وقد تكون في البلدان السائرة في طريق النمو أو تلك التي لاتفرض قيودا على حركة الرأسمال أو تلك التي تكون في حاجة ماسـة إلى إسثتمارأجنبي لدفع عملية النمو فيجد المبيضون في هذه الدول مجالا لذلك على إعتبار أن مايهم هذه الدول هو تحصيل الأموال وحقنهـا في الدورة الإقتصاديـة دون تحري عن مصدرها.
وهذه المرحلـة هي أصعب من سابقتها بالنسبـة لسلطات مكافحة تبييض الأموال بحيث يصعب عليها مراقبة العمليات بإستخدام عمليات التحويل البرقي للنقود والتحويل الإلكتروني ، والذي يؤدي إلى تنقل الأموال بصورة سريعـة خارج بنوك البلاد مما يتعذر معهـا رصدهـا أو تعقبهـا.
المطلب الثالث : مرحلـة الدمـج L'intégration:
هي مرحلـة تتم عن طريق ضخ الأوال الغير مشروعـة في الإقتصاد مرة أخـرى كما لو
كانت أموال مشروعة المصدر وتدخل الأموال بهذه العملية بوتقة الإقتصاد الشرعي ، وتبدأ مرحلـة الإستفادة القانونيـة ويعاد توظيف الأموال المبيضة مرة أخرى في الإقتصاد بطريقة يبدو أنها تشغيل عادي وقانوني .
وتعتبر هذه المرحلـة الأكثر أمانا والأقل خطرا إذ تكون الأموال قد قطعـت شوطا كبيرا دام لعدة سنوات ، وبهذا القدر من اليسر والأمان تكمن صعوبـة إكتشاف ذلك التدفق المالي في الدول المصنعـة التي تقوم بعمليـة مكافحـة مبيضي الأموال ، إذ قد تلجأ إلى أعمال جوسسة وبحث سري بمساعدات غير رسميـة من خلال المخبريـن أو بكثير من الحـظ .
ومن الوسائـل المتبعـة شراء التحـف الفنيـة ، وإعادة بيعها في بلد أخر ، وشراء العقارات بأن لايتم التصريح بثمنهـا الحقيقي في عقد البيع وإعادة بيعها بأثمانها الحقيقيـة مما ينتج أرباحا مشروعـة لاشيـة فيها .
ونخلص إلى أن عمليات تبييض الأموال تتم بصورة متكاملـة ومتتابعـة قد تكون في نفس الوقـت ، وقد تدوم لسنوات عدة ، وليس من اليسير فصل مرحلـة عن أخرى فقد تتداخل المراحـل فيما بينهـا ويدق التمييز بين بعضها البعض للفارق اليسير الذي يوجد بينهـا .
المبحث الثاني
مخاطر إنتشار ظاهرة تبييض الأموال
لقد أوضحنا سلفا بأن عمليات تبييض الأموال تتسم بالتعقيد والغموض في آن واحـد وقد تشمل دول عديدة بفعل التحويلات البرقيـة وإستخدام المبيضين لأحدث وسائل الدفع والتحويل، لذلك إرتبط إسمها بالجريمـة العابرة للحدود الوطنية ، فإذا كان الظاهر من مراحلها أنها تهدف إلى حقن أموال غير مشروعـة داخل الدورة الإقتصادية لبلد ما ، فيظهر للوهلة الأولى أن هذه الأموال سوف تكرس حتمـا داخل الدائرة الإقتصادية وتعود بالنفع عليه لما ستنالـه من سيولة نقدية أكيدة عن طريق إقامة شركات إسثتمار وتوفير العديد من فرص العمل والمساهمة في علاج مشكلـة البطالـة ، وتوفير قدر من السلع يسمح بإستقرار العملـة المحلية ، ولذلك يرى البعض أنه بالرغم من السلبيات التي تترتب على الجريمة فإن المال لارائحة لـه سواء أكان مشروعا أم لا ،وتضييق الخناق على المبيضين سيؤدي إلى الحد من تدفق الإسثتمارات سيما في البلدان الناميةعلى نحو يهدد خطط التنمية فيها، ولذلك فهم ينادون بضرورة العمل بحذر مع المبيضين بدرجة لاتهدد الإستقرار السياسي والإقتصادي .
لكن الأمر لا يسير على هذا النحو ، فقد ثبت من التجارب التي مرت بها عديد الدول التي تغاظت أو سهلت عمليات التبييض أن الريع والتوظيفات القصيرة الأجل سببت أضرارا بليغة للقطاع المصرفي والوضع الإقتصادي إذ أضحى الإقتصاد الوطنـي تحت رحمة المبيضين ، وأصبحوا بدورهم يهددونه بإقدامهم على سحب ودائعهم من البنوك ، وهو مايرغم الدولـة، وحفاظا على إستقرارها الإقتصادي ومن تم السياسي مهادنة المبيضين عن طريق فتح المجال أمام طلباتهم والتي هي في حقيقة الأمر تنميـة نشاطهم الإجرامي والحفاظ على العائدات المترتبة عنهـا .
ويمكن أن نذكر أهم المخاطر التي تنتج عن إنتشار ظاهرة تبييض الأموال وذلك في مطالـب ثلاث نعالج في المطلب الأول المخاطر الإقتصاديـة ثم في مطلب ثاني المخاطر السياسيـة وننتهي إلى ذكر أهم المخاطر الإجتماعيـة في مطلب ثالث .
المطلب الأول : المخاطر الإقتصاديـة :
إن لإنتشار ظاهرة تبييض الأموال أثار إقتصاديـة وخيمة على الإقتصاد تشكل تلك الأموال إقتصادا خفيـا ، وإن التغاضـي على مايقوم بـه المبيضـون سيؤدي حتما إلى دعم الجرائم الأصلية ( تجارة المخدرات والسلاح والبشر، الفساد الإداري ..).
وسيقدم المبيضون ولاشك في تهريب العائدات الإجرامية إلى خارج حدود البلد مما يعني إضعاف الدخل القومي ومايرتبط به من نتائج يؤدي إلى تراجعه .
كما لايهتم المبيضون بالجدوى الإقتصادية لأي إسثتمار يدخلون فيه لأن مايهمهم هو إيجاد الغظاء عبر مراحل التبييض التي تسمح بتدوير المال وإضفاء الشرعية وهو مايفسد مناخ الإسثتمار ، كما أن إدخال هذا المال في الدورة المالية سيؤدي إلى إخفاء مصدر الأموال ، ويضخ كميات كبيرة من النقود الورقية في الدورة الإقتصادية .
ويعتبر تبييض الأموال من دروب الفساد الإداري وله تأثير على إنخفاض معدل الإدخار ، ويظهر بدرجـة ملموسـة في الدول النامية التي تعرف بالدول الرخوة Soft state كما أسماها الإقتصادي ميردال Myrdal وهي الدول التي تستبيح فيها الرشاوى والتهرب الضريبي ، وتدني أداء عمل الأجهزة الإداريـة .
إضافة إلى إنخفاض معدل الإدخار إذ ينتج هروب رأسمال إلى الخارج عندما تقترن التحويلات النقدية المصرفية بين البنوك المحلية والبنوك الخارجية ، وعندما تعجز المدخرات المحليـة عن الوفاء بإحتياجات الإسثتمار ، ويتسع نطاق الفجوة التحويلية حيث يتم إيداع المدخرات في البنوك الخارجية دون أن توجه إلى قنوات الإسثتمار بالبلاد .
وفي حالة لجوء المبيضيين إلى شراء الشقق والتحف والذهب، لتتحول الأموال إلى الإستهلاك ومن تم يقل القدر الموجه إلى الإدخار المحلـي ، وتلجأ الدول في هذه الحالة إلى تعويض النقص من إحتياجات الإستثمار الإجمالي .
وتدفق الأموال الخارجية على الدول الضعيفة ولاشك سوف يؤدي إلى إثقال كاهل الإقتصاد عن طريق إرهاق كاهل الدولة بمديونيـة خارجية مفروضة عليها ، وهو مايؤثر على قيمة العملة الوطنية نظرا للإرتباط الوثيق بين الظاهرة وتهريب الأموال إلى الخارج ، وذلك بزيادة الطلب على العملات الأجنبيـة ، التي يتم تحويلها والتي سوف تتدهور شيئا فشيء.
كما أن ترك المجال أمام المبيضين سيجعل المصارف تحت رحمة المبيضين كما حدث في كولومبيا عندما عجزت الدولة عن تقديم القروض فإرتمت في أحضان المافيـا ، وكما حدث مؤخرا في كل من الأرجنبين وأندونسيـا اللتان تعدان من القلاع المفضلة لمبيضي الأموال .
وأمام هذه المخاطر المذكورة سيؤدي إنتشارها إلى عجز الدولة عن وضع مخطط للتنمية ، ومعاملة غير متكافئة أو متوازنة بين أصحاب الأموال القذرة والمسثتمرين الجادين ، وأصحاب الأموال النظيفة فتتسع الهوة بين الفقراء والأغنيـاء ، مما يؤدي إلى إضظراب توزيع الدخل بين أفراد المجتمع الواحد وبإختصار فإن التغاضي أو التساهل حيال هذه الظاهرة لـه مخاطر إقتصادية أخرى قد توصل الإقتصاد نفسه إلى حافة الإنهيار وهذا ماقال بـه أحد المسؤولين الكبار بأنه إذا جرى سحب المال الناتج من المخــدرات من جنوب ولاية فلوريدا فإن الإقتصـاد هناك سينهار إذ قدرت العائدات بنحو 7 مليارات دولار .
ونذكر في هذا المجال إحصائيـة بسيطـة تلخص المخاطر الإقتصادية لظاهرة تبييض الأموال إذ يقدر خبراء نشاط الإتجار غير مشروع للمخدرات ماقيمته 400 مليار دولار سنويا أي مايعــادل الناتج البترولي العالمي ، وتقدره الأمم المتحدة بما لايقل عن 9 ./. من حجم التجارة الدولية .
المطلب الثاني :المخاطر السياسيـة :
إن الأثار السياسيـة لظاهرة تبييض الأموال ليست أقل من الأثار الإقتصادية ، فأثرهـا مدمر حيث يتسلل أصحاب رؤوس الأموال القذرة إلى المجالس النيابية والمحلية ويؤثرون في سن القوانين واللوائح التي تتناسب مع مصالحهم غير المشروعة ، فينجم عنه فساد سياسي ، وعادة مايقوم بذلك موظفون رفيعي المستوى في الجيش والدولة بالتغاضي أو المساهمة في عمليات تبييض الأموال وهو مايعرف بجرائم الياقات البيضاء ، ونسوق في هذا الصدد أمثلـة توضح لنا عينة من الفساد السياسي نتيجة لذيوع ظاهرة تبييض الأموال:
- قضيـة تحويل الأموال إلى ثوار الكونتراس ضد الحكومة الساندينيـة في نيكاراغوا وهذا من قبل كبار الموظفين والأجهزة الأمنية الإمريكيـة بأموال مبيضين وكذا إقدام الأفغان بزراعـة المخدرات وإستعمال تلك المتحصلات في أعمال إرهابيـة .
- والحال في كولومبيـا كان جسيمـا إذ دعم تجار المخدرات شخصيات نحجت في الإنتخابات النيابيـة ، وكانوا من أهدافها محاربـة معاهدة تسليم المجرمين بين كولومبيا والولايات المتحدة الأمريكيـة .
- ولتجار المخدرات في إيطاليا دور مهم في الإنتخابات التي أوصلت مرشحيهم إلى البرلمان وبالتالي إلى صناعة القرار السياسي للدولة وفي تحقيق أجرته إحدى الصحف الإيطاليـة تبين أن المافيا تشكل الحزب الرابع حيث تمتلك حوالي مليون صوت جنوب البلاد .
المطلب الثالث :المخاطر الإجتماعيــة :
إن إنتشار ظاهرة تبييض الأموال والتغاضي عنها سيؤدي إلى خلق الأمن بالنسبة للحاصلين على دخول غير مشروعـة الناتجة عن تجارة المخدرات ، تهريب الأسلحة ، الإختلاسات ، تجارة البشر ، الفساد الإداري .
ونجاح هؤلاء وشعورهم بالأمان سيؤدي إلى صعود هؤلاء إلى قمة الهرم الإجتماعي وسقوط حر للعلماء والكفاءات المخلصـة إلى الحضيض ، فتزداد الهوة بين الطبقتين الإجتماعيتين المختلفتين من حيث المنشأ والمبدأ ، ويتغير النسيج الإجتماعي ويفقد المواطن إنتمائه للوطن ، وهنا يكمن الخطر .
وصعود أصحاب الأموال غير المشروعة إلى البرلمانات والمجالس الشعبية ويؤدي حتما إلى تشويه المناخ الديمقراطي في المجتمع وخاصـة هؤلاء الذين يسثتمرون وجودهم بأموال الجماعات المبيضـة .
المبحث الثالث
قصور المحاولات الفقهيـة لحصر ظاهرة تبييض الأموال
إن عديد من التشريعــات الوضعيــة لم تقنن ظاهرة تبييض الأموال مكتفيـة في هذا المجال بالرجوع إلى القواعـد العامـة المنصوص عليها في قانون العقوبــات ، ويعتبرون أن تجريم الظاهـرة هو مجر تزيد تشريعـي لاطائلـة من ورائـه، وهو حشد لعقوبات جديدة في المنظومـة العقابيـة بدون ضابظ أو حاجـة وهو مايزيـد في تنامـي ظاهرة التضخم القانوني التي تجعـل القاضي في حيرة من أمره.
إن هذا الطرح ساد عند قسم كبير من الفقهاء الذين رأوا هذا المنحـي مكتفيـن بإجراء عمليـة إسقاط بين صورتيـن من الصور المتواجـدة في قانون العقوبات أولهـا إعتبار تبييض الأموال فعـل من أفعـال المساهمـة الجنائيـة وثانيهـا إعتبار ابييض الأموال كصورة من صور جريمـة إخفاء الأشياء المختلسة أو المبددة أو المتحصلـة من جنايـة أو جنحــة .
ولذلك سوف نبسـط تلك المحاولات لتكييف ظاهرة تبييض الأموال وإعطائهـا وصفـا جزائيـا ، والحلول التي إقترحهـا بهذا الشأن روادهـا ، ثم نتناول بعـد ذلك بيان القصور والعيوب التي تعتري هذا التصور وكل ذلك في مطلبين نتناول في المطلب الأول رأي جانب الفقهاء الذين إعتبروا أن تبييض الأموال كفعل من أفعال المساهمـة الجنائيـة ونعرج بعـد ذلك إلى العيوب التي تعتري إعتناق هذا التصور ، ثم نتناول في مطلـب ثاني الجانب الأخر من الفقـة الذي إعتبر أن تبييض الأموال هو صورة من صور إخفاء الأشياء ونعرج كذلك إلى قصور هذا التصور عن شمول كافـة أوجـه السلوك الإجرامـي لظاهرة تبييض الأموال .
المطلب الأول : تبييض الأموال كفعل من أفعال المساهمة الجنائيـة :
مال جانب من الفقـه الجنائـي إلى إعتبار تبييض الأموال شكلا من أشكال المساهمـة الجنائيـة ، وخاصـة بالنسبـة للبنوك والمؤسسـات الماليـة والمصرفيـة وذلك أن المصرف يقوم بتييض الأموال كمساهم تبعـي في الجريمـة الأصليـة بقبولـه إيداع أو تحويـل أو إستثمار هذه الأموال غير النظيفـة وفي سبيل ذلك وفي تحليل هذا الموقـف فإن المساهمـة الجنائيـة تفترض تعـدد الجناة ووحـدة الجريمـة ، وتقوم على ركنين الأول يقتضي وجود فعـل أصلـي معاقـب عليه والثاني مساهمـة شخص آخر غير الفاعل الأصلـي بالمساهمـة أو المساعـدة أو تسهيـل الجريمـة الأصلية .
وإسقاطا على ذلك فإن مبيضو الأموال يعتبرون وفقا لهذا التحليـل مساهميـن جنائيين إذ يقومون بالتسهيـل والمساعدة في قسام الجريمة الأصلية المحظورة وينطبق ذلك خصوصا على البنوك والمصاريف بإقدامها على قبول ودائـع وأموال ناتجـة عن أموال قذرة ، ويسوقون في سبيل المثال قيام القضاء الفرنسـي بإدانة أحد العملاء في تهريب أوراق مالية نقدية ، وذلك بإستبدالـه لأوراق نقدية من فئة 500 فرنك بأوراق ذات قيمة 50 أو 100 فرنك ، مما مكن العميل من تهريب أموال إلى دول مجاورة .
لكن هذا الإتجاه لايسير دائمـا وفقا للتبريرات التي قدمها أصحابـه وإنما تعتري عمليـة الإسقاط بعض العيوب ونوجزهـا فيما يلـي :
1- يصعب القول أن فعـل البنك يشكل مساهمـة في الجريمـة إذ أن الجريمـة تقع قبل إستلام البنك للأموال القذرة ، ولايمكن إعتبار نشاط البنك منشئا للجريمة الأصليـة ، وذلك أن فعل المساهمـة الجنائيـة ينبغي أن يكون سابقا أو على الأقل معاصرا للجريمـة الأولى فالسبب لايكون لاحقا للنتيجة .
2-إذا كانت المساهمـة فعـلا إيجابيـا فإنه من الصعـب القول أن البنك من خلال إمتناعـه عن تحري مصدر الأموال القذرة قد ساهم مباشرة في الجريمـة ، كما أن عدم تحريـه عنهـا لايؤثـر في نشأة الجريمة .
3-إن هذا الإتجاه لايضمن العقاب في حالـة تدويل العمليـة إلى دول لاتجرم ولاتعاقب على جريمة تبييض الأموال لكونهـا فعل من أفعال المساهمة الجنائية تتبع الجريمة الأصلية.
كما أن الدولـة التي وقعت فيها الجريمة الأصلية لاتختص بمتابعـة مبيضي الأموال كونهـا واقعـه خارج حدودها الإقليميـة .
4- إن عدم معاقبـة فاعل الجريمـة الأصلـي لسبب من أسباب الإباحـة يؤدي كما تقتضـي القواعـد العامـة إلى إفلات الشريك من العقاب وذلك على إعتبار أن أسباب الإباحة أسباب موضوعية يستفيد منهـا كافة الأصلاء والمساهميـن ، وينطبق نفس الحكم في حالـة إنقضاء الدعوى العموميـة بالتقادم لإختفاء الفاعلين الأصليين مما يؤدي إلى إفلات القائم بنشاط تبييض الأموال من الملاحقة .
لذلك نخلص أن الإسقاط الذي قال به البعض من الفقهاء سوف يؤدي إلى النتائج المذكورة ، ويشكل قصور على تصور الظاهـرة التي تتميز بالسرعـة الفائقـة في حركـة تحويل الأموال بإستعمال وسائـل وتقنيات جد متطورة.
المطلب الثاني :إعتبار تبييض الأموال كصورة من صور الإخفاء الجنائي:
نظرا لقصور الإتجاه الأول القائل بإعتبار التبييض صورة من صور المساهمةالجنائيـة ، وللعيوب المذكورة سالفـا ، رأى جانب آخر من الفقـه ضرورة إيجاد صورة أخرى تكون جامعة لسلوكات مبييضي الأموال وإستقروا على أن جريمة الإخفاء هو الحل الأنسب لذلك ، ولكن بماذا يبررون موقفهم ؟
لابد من الإشارة بادئ ذي بدء أن جريمـة الإخفـاء كانت في أول وهلـة صورة من صور المساهمـة الجنائيـة ، لتستقل بعد ذلك عنها ولتصبح جريمة مستقلـة بأركانها وعقوبتها ضمن قانون العقوبات الفرنسـي بعد أن كانت لفترة من الزمن تطبق عليها أحكام المادتين 62 ، 63 من قانون العقوبات ، ولما يؤلفـه المخبئ من دور خطير في المجتمع إذ يحول دون مصادرة الأشياء الناتجة عن الجرم لذلك فإن هذا التطور من شأنه أن يساعـد على تكريس إعتبار سلوكات مبييضي الأموال تشكل صورة من صور الإخفاء الجنائــي.
ولتبرير هذا الرأي فإن أنصار هذا الإتجاه يضيفون في سياق دفاعهم عن موقفهم مايلــي :
1- عموميـة النص التشريعي فالمشرع لم يحـدد الجريمة الأولى التي يمكن إخفاء متحصلاتها شريطة أن تكون جنايـة أو جنحـة .
2- إن الركن المادي – الإخفاء – عرف تطورا قضائيـا ملحوظـا فهو لايقتصر عن المعنى الظاهري للنص ، بل يمتد ليشمل كل حيازة للشيء بأي شكل ويستوي في ذلك أن تكون الحيازة مستترة أو ظاهرة ، علنا أو سرا ، وقد تكون بطريق مشروع – عن طريق البيع ..- ، بل لقد توسع القضاء بشكل عد إنتهاكا لمبدأ الشرعيـة في إعتباره يشمل التوسط في بيع وتداول المتحصل من الحيازة حتى ولو كان هذا التوسط غير مصحوب بالحيازة الماديـة ، وكذا الشخص الذي يقبل حيازة الشيء ولو لم يسلم إليه فعـلا ، بل لمجرد الإنتفاع بالشسء المسـروق ، أو العيش برفاهيـة مقارنة مع المداخيـل المتحصـل عليها لذلك حلت فكرة المنفعـة المنفعـة بديـلا عن فكرة الحيازة أو الإخفـاء ، ولاشك أن هذا التوسـع حتى ولو كان مذمومـا كاف ليشمل كل نشاط تبييض الأموال .
3- ظهور فكرة الحلول العيني النتجـة عن تطور داخل التوجـه القضائي والذي بمقتضاه تتسع دائرة العقـاب وملاحقـة الأموال غير المشروعـة أيا كانت الصورة التي تتحول إليها هذا المال .
وهكذا يتبين أن هذا الإتجاه الفقهي والذي رافقه تيار قضائي جارف يهدف إلى توسيع الركن المادي للإخفاء يؤدي إلى إمكان ملاحقـة كل من يخفي أو يحوز أو ينتفع بأشياء مع علمـه بكونهـا متحصلـة من جريمة ما بالشروط المذكورة أعلاه وإعمال هذه الصورة بشقيها ( التجريم القانوني والإجتهاد القضائي الذي وسع في الركن المادى للجريمة) كافيـة لتشمل جميع نشاط مبيضي الأموال.
لكن الأمر لايسير على هذا النحو، فإذا كان الإسقاط قد يسهل في جانب فإنه تعتريـه صعوبات تؤدي إلى إهدار التيار الفقهـي وذلك للأسباب التاليـة :
1- يتطلب الركن المادي للإخفاء وقوع نشاط إيجابي فالإمتناع كقاعدة عامـة لايصلح بدلا عن القيام بالفعل الإيجابـي لقيام الجريمـة ، وأن متابعـة البنك بجريمـة الإخفاء تكييف مردود كون البنك مرتبط مع عميلـه بعقـد وديعة ، وإذا لم يسجـل العمليات المودعـة يعد مرتكب لجريمـة خيانـة الأمانــة .
2- إن دور البنك الذي يقبل الودائـع لايحوزهـا بإسمـه بل تظل تلك الأموال مودعة بإسم العميل ومملوكة لـه ، رغم أنه منتفع بهـا ، ويسأل عنهـا حال فقدانهـا لأي سبب كان .
3- إن التوسـع في تفسير محل الإخفاء وتتبعـه – إعمالا لفكرة الحلول العيني – وإن بدا براقا يستوعب نشاط مبيضي الأموال فإن هذا المفهو يصطدم أمام قواعد معروفـة في مجال العمل المصرفي ألا وهــو عدم قابليـة الحساب الجاري للتجزئة ، Indivisibilité du compte courant وبالتالي تختلط الأموال ذات الصدر المشروع مع تلك القذرة مما يصعب التمييز بينهــا .
4- إن جريمـة الإخفاء تتطلب سلوكا إيجابيـا فلا تقوم الجريمـة نتيجـة الإهمال أو اللامبالاة .
ورغم أن الفقـه تحفز لهذيـن الوصفين فقد رأينـا قصورهما عن الإحاطـة بكل أنشطة مبيضي الأموال ، وأنهمـا يصطدمان بأحد أهم المبادئ الدستوريـة المكرسـة ألا وهو ( مبدأ الشرعيـة ) مما يجعل المشرع ملزمـا لامحالـة في إيجاد وصف جديد لإنشطـة مبيضي الأموال عن طريق التجريم ووضع أركان مستقلـة من شأنها إزالـة أي لبس قصد توقيع العقاب المقرر .
لذلك بات تدخل المشرع واضحـا ليس فقط في سياق إلتزام البلاد بتعهداتها الدوليـة ، وإنما من أجل فصل السجال القائم حول هذه الظاهرة ، قصد تجنب إعطاء تفسيرات غير محمودة في المجال الجزائي .
وإن كانت المحاولات والتدابير التي قامت بها الجزائر في إطار تحسين أداء العمل البنكي ، وكذا إنشاء هيئـة لمكافحة جريمة تبييض الأموال ، إلا أن ذلك لم يكن كافيـا لمحاصرة الظاهرة ، فكان إدراج الظاهرة في صلب قانون العقوبات كما ذكرنا خطوة أولـى في سبيـل محاصرة هذه الظاهرة ، وهو ماسنحاول معالجته في الفصل الأول متناوليـن التحليل القانوني لأركان الجريمــة .
سوف نحاول في هذا الفصل الأول تحليل أركان جريمة تبييض الأموال ، وسنقتصر على تحليل الأركان التاليـة ( الركن المفترض ، الركن المادي ، الركن المعنوي) دون الركن الشرعي لأنه مكرس في المادة 389 مكرر ، ولايحتاج إلى عناء التوضيـح ، وهذا في مباحث مستقلـة ، ثم نتناول في مبحث رابع الجزاء المقرر لهذه الجريمـة في أوصافها المختلفـة .
المبحــــث الأول
الركــــن المفتــــرض
تتفق كل التشريعات المحرمة لجريمة تبييض الأموال – وهذا بداهة – أن هذه الجريمة تابعـة Délit de conséquence لجريمـة سبق إرتكابها والتي هي جريمة أوليـة Infraction préalable نتجت عنها هذه الأموال ، لتأتي مرحلـة تاليـة وهي عمليـة تبييض الأموال القذرة لتطهيرها في إحدى الصور ، إذا فلإرتكاب إحدى صور السلوك الإجرامي للجريمة يفترض بداءة وجود جريمـة سابقـة رتبت أموال غير مشروعـة وهو مايعرف بالركن المفترض .
فالركن المفترض في هذه الجريمـة يفترض وجود جريمة سابقة حصلت أموالا غير مشروعة، فإذا لم يتحصل عن الجريمـة أية أموال ، فلا مجال للحديث عن هذه الجريمة ، كما أن الأموال يجب أن تكون متحصل عليها من جريمـة ، فلا مجال لتطبيق النص المذكور على الأموال المتحصل عليها بطريق الإثراء بلا سبب والدفع غير المستحق ، وهو ماسنتناول تحليلـه في المطلبين المستقلين فيما يلـي :
المطلب الأول :وجود جريمـة سابقــة :
إن مسلك التشريعات المقارنـة إزاء تحديد الجريمة الأوليـة أو الأصليـة هو على ثلاثـة أشكال :
1/- أسلوب التقييد أو الحصر ومعناه تعداد الجرائم التي تجرم تبييض الأموال المتحصل عنها.
2/- أسلوب الإطلاق ومعناه ترك المجال مفتوحـا ليشمل كل الجرائم المعاقب عليها في التشريع المعمول بها .
3/- الأسلوب المختلط ويعني الأخذ بنوع معين من الجرائم دون تحديد لمشتملات هذا النوع ، وفي الوقت نفسه حصر بعض الجرائم وتجريم التبييض الذي يقع على الأموال المتحصل منهــا .
فما هو الأسلوب الذي سلكه المشرع الجزائري حيال تحديد الجريمة الأصليـة؟
إنه بالتطرق إلى نص المادة 389 مكرر نجد أن المشرع الجزائر يتكلم عن العائدات الإجراميـة Produit d'un crime مما يفيد أن المشرع الجزائري قد اعتنق في هذا المجال أسلوب الإطلاق لما فيـه من فائدة عمليـة في تحديد الجرائم وكذا مواكبة الظاهرة الإجرامية بصفة تتسم بالتجريد والعمومية فلو أفرد المشرع وأخذ بالأسلوبين الآخرين للزم عليه تباعا أن يقوم بتعديل النص كلما ترائ لـه أن هناك جرائم أخرى طفت في الساحة الإجرامية يقوم مرتكبيها بتبييض متحصلاتها، كما أنه يجنب مزالق التفسير والقياس في النصوص الجزائيـة بما يشكل من خطر على مبدأ شرعيـة الجريمـة .
لذلك فالمسلك المعتنق من طرف المشرع الجزائري وعلى غرار المشرع الفرنسي في نص المادة 324-1 والذي إعتنق بدوره هذا المسلك وخصـه بالجنايات والجنح ، وهذا معقول لكون المتحصلات في مادة المخالفات بسيطـة لاتستوجب هذا التشديد .
لكن المشكل الذي طرحـه البعض والذين قالوا بوجود تعارض بين النص الفرنسي والنص العربي والتي وردت بعبارة Produit d'un crime بما يفيد أن العائدات الإجراميـة خص بها المشرع بالنظر إلى النص الفرنسي الجنايات دون غيرها أين إستعمل عبارةCrime وإن كنا نعقتد أن هذا اللفظ ينصرف إلى لفظ الجريمـة بعمومهـا.
وإضافة الى ذلك وبالنظر الى القانون 05-01 المذكور فإن المشرع الجزائري يتكلم في نص المادة 22 منه عن تحصيلات الأموال الناتجة من جناية أو جنحة ، كما أنه من جهة أخرى يتكلم عن البراءة والتسريح(Acquittement et relaxe ) وهما لفظان درجـت التقاليد القضائية على استعمالهما بصفة مختلفة وتبعا لذلك فالأول يخص الجنايات بينما الثاني يخص الجنح.
ومن هنا وعن طريق الإستقراء نجد أن المشرع إنما كان يقصد كل العائدات الإجرامية لتشمل الجنايات والجنح، بل لو توسعنا في ذلك لشملنا المخالفات ، وإن كنا نرى بأن متحصلاتها بسيطة، كما أنه لايعقل أن يتم العقاب على جريمة تابعـة بصورة أقصى من الجريمـة الأصليـة لذلك نقول أن ماقصده المشرع الجزائري هو العائدات الناتجة عن الجنايات والجنح دون غيرهما .
وبذلك يكون المشرع الجزائري قد أخـد مسلكا مغايرا للعديد من التشريعات الوضعيـة والإتفاقيات الدوليـة والتي أخدت بمبدأ التقييد ومنها إتفاقيـة فييينـا 1988 والتي تنص في المادة 03 بأن الأموال المتحصلـة من جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية أو صناعتها أو إستخذامها أو تحضيرها أو عرضها للبيع أو توزيعها أو تسليمهـا بأي وجـه كان أو السمسرة فيها أو إرسالها بطريق العبور أو نقلها أو إستيرادها أو تصديرها أو زراعة الخشخاش أو الأفيون أو شجرة الكوكايين..ونفس الحكم ينص عليـه القانون النمودجـي للأمم المتحدة ، وكذا تشريعات دولـة الإمارات العربيـة وكذا الجمهوريـة اللبنانيـة .
كما لم يأخد المشرع الجزائري بالأسلوب المختلط على غرار تشريعات الولايات المتحدة الأمريكيـة وألمانيـا وهو أن تشمل الجريمة الأصلية كل الجنايات نظرا لخطورتها أما الجنح فهي محددة على سبيل الحصـر .
ورغـم أن الأسلوب المطلق يعيبه البعض على إعتبار أن من قوانين مكافحة المال غير المشروع تتناسق مع سرية الحسابات ، وذلك بوضع قيد لها ، ولايمكن أن يشمل كل الجرائم بل بعضها ، وإن كان قاصرا نظرا لأن سلوكات المبيضين لاتقتصر فقـط على اللجوء إلى المصارف والمؤسسات الماليـة كما ذكرنا سلفا.
ولكننا نرى أن الأسلوب المتبع من طرف المشرع الجزائري نقلا عن المشرع الفرنسي وعن غيره من التشريعات التي تبنت المسلك هو أحسن أسلوب ينبغي سلوكه لمدى إتساع رقعة المتحصلات الإجرامية ، ولضمان المساواة القانونيـة في المركز بين الجناة ،كما أن حصرها من شأنه أن يؤدي إلى إفلات عديد من متحصلات إجراميـة مهمـة لاتقع تحت طائلة تجريم العقوبة الأصليـة ، وأنه لو سعى المشرع إلى تحديد الأفعال لأخرج من حيث لايدري جرائم أشد خطورة من تلك التي ذكرهـا في معرض التحديد للجريمة الأصلية .
غير أن المشرع الجزائري يشترط في الجريمـة الأوليـة وكما هو منصوص عليه في المادة 5 من القانون 05-01 المذكور أنها إشترطت أن تكون الجريمـة الأصلية المرتكبة في الخارج معاقب عليها في كلا القطرين أي القطر الجزائري والقطر الأجنبـي ، وهو في حقيقـة الأمر تطبيق للقواعد العامـة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائيـة ( المادة 583 منه) .
الفرع الأول: الطبيعة القانونيـة للجريمة الأوليـة :
ذكرنا فيما سلف أن القانون يفترض وجود جريمة أوليـة مرتكبـة بكامل أركانها والعقوبات المقررة لهـا ، ولكن هذا يترتب عنه إستقلال الجريمة الأصليـة عن جريمة تبييض الأموال نتائج هامـة سواء تعلقت بمدى إستلزام العقاب عليهـا أو إحداها دون الأخرى ، وكذا وحدة الفاعل في الجريميتن .
أولا:العقوبة في الجريمة الأولــي وجريمة تبييض الأموال :
الجريمة الأوليـة مصدر المال غير المشروع في جريمة تبييض الأموال ترتبط بالجريمة الأصليـة إرتباطا منطقيـا ، ولكن هذا الإرتباط لايستلزم الإدانة والعقوبة في الجريمة الأوليـة حتى تتم معاقبة مرتكب جريمة تبييض الأموال ، فقد يحدث أن يقضى بالبراءة في الجريمة الأصليـة إما لإمتناع مسؤولية المتهم أو تقادم الدعوى الجنائيـة أو تحقق مانع من موانع العقاب .
كذلك قد لايقدم الجاني في الجريمة الأصليـة إلى المحاكمـة على إعتبار عدم معرفـة الفاعل أو لإنقضاء الدعوى الجنائيـة لوفاته أو يكون هناك قيد يحول دون تحريك الدعوى العموميـة كحالـة العفو الشامل على مرتكب الجريمة الأصلية ، كل هذا لايمنع من متابعـة مرتكب جريمة تبييض الأموال على إعتبار عدم تلازم بين الحكم بالإدانة في الجريمة مصدر الأموال غير المشروع ومتابعـة مرتكب جريمة تبييض الأموال .
ثانيـا: وحدة الشخص المتهم في الجريمـة الأصليـة وجريمـة تبييض الأموال:
السؤال المطروح في هذا النص هل يمكن أن يتحد الفاعل بين الجريمـة الأوليـة وجريمة تبييض الأموال ، بمعنى آخر هل يمكن أن يكون مرتكب الجريمة الأصلية هو نفسـه مرتكب جريمة تبييض الأموال .
وهذه المسألـة يتنازعهـا رأيـان :
الأول / وتمثلـه إتفاقيـة ستراسبورج وتشريعـات تبييض الأموال لدول الإتحاد الأوروبي كما في ألمانيـا وبلجيكا ، وحسب هذا الإتجاه فإنه ليس هناك مايحول دون إتحاد فاعل الجريمة الأصلية وجريمة تبييض الأموال، وكذا موقف القضاء الأمريكي الذي رفض الدفع المقدم من طرف أحد المتهميـن إستناذا إلى إستقلال الجريمتين وأن إدانتـه عن التهمة السابقة لايتضمن مخالفـة قاعدة عدم جواز محاكمـة المتهم عن فعل واحد مرتين .
الثاني /وهو السائد في الفقـه والقضاء الفرنسي ، وتحت تأثير جريمة إخفاء الأشياء يرى أنه لايجوز وحسب هذا الرأي أن يكون الجاني في الجنايـة أو الجنحـة التي تحصل منها الشيء محل الإخفاء نفسـه الجاني في جريمة إخفاء تأسيسا على نشاطه ا
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma