الإجهاض المسموح به قانونا
سوف نتناول الإجهاض المسموح به قانونا في ظل المرسوم الصادر في 29 يوليو سنة 1939، وفي ظل قانوني سنة 1975 وسنة 1979، وذلك في فرعين:
الفرع الأول: في ظل المرسوم الصادر في 29 يوليو سنة 1939
لقد تقبل المشرع الفرنسي السماح بالإجهاض لإنقاذ حياة الأم من خطر محقق استنادا إلى حالة الضرورة L’état de nécessité، وحالة الضرورة في قانون العقوبات الفرنسي تعتبر من مجموع الظروف التي تهدد شخصا معينا أو تهدد غيره بخطر أو ضرر جسيم يوشك أن يقع فيضطر إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة درءا لهذا الخطر
أو الضرر. وهذه الحالة مقررة في المادة 24 عقوبات فرنسي حتى قبل صدور المرسوم بقانون الصادر في 29 يوليو 1939.
ولما صدر هذا المرسوم ونص صراحة على مفهوم حالة الضرورة في المادة 87 والتي أصبحت المادة 161 "L" من قانون الصحة العامة سنة 1953 وبمقتضى هذا النص يجوز للطبيب أن يقوم بعملية جراحية أو أن يتخذ وسائل طبية أخرى من شأنها أن تحدث الإجهاض إذا كان ذلك بهدف إنقاذ حياة الأم التي يهددها خطر جسيم يتطلب هذا الإجراء ويستوجب إنهاء الحمل، ويشترط للقيام بذلك أن يكون هناك إقرار مكتوبا من اثنين من الأطباء أو أحدهما خبير لدى المحكمة المدنية. [1]
الفرع الثاني: في ظل قانوني سنة 1975 وسنة 1979
لقد حصرت هذه القوانين حالات الإجهاض التي يسمح بها القانون الفرنسي حاليا في ثلاث حالات:
الفقرة الأولى: الإجهاض لإنقاذ حياة الأم:
حسب المادة 162/ف 12 من قانون الصحة العامة يمكن للأطباء التدخل طوال فترة الحمل لإنهائه إنقاذا لحياة الأم. وهذه الحالة تختلف عما كان مقررا في قانون سنة 1939 ويطلق عليها: الإجهاض العلاجي: L’avortement Cauratif.
ويجوز إنهاء الحمل بغض النظر عن مدته، طالما أن الجنين مصاب بمرض غير قابل للشفاء ويسمى هذا النوع بالإجهاض الوقائي: L’avortement éngénique.
الفقرة الثانية: الإجهاض الاجتماعي: (L’avortement social)
هذا الشكل من أشكال الإجهاض نص عليه المشرع في قانون الصحة العامة وخصص له المواد 162/L وما بعدها. ويستفاد من خلال دراسة هذه المواد أن المشرع الفرنسي خصص نوعين من الشروط التي ينبغي أن تتوفر حتى يسمح بالإجهاض قانونا وذلك على النحو التالي:
أولا: الشروط الموضوعية
أ - شرط يتعلق بالحالة الحرجة التي تكون فيها المرأة الحامل: [2]
وهذه المادة أي المادة 162/1 " L " نجد أنها عبرت بأن تكون المرأة في موقف خطر (une situation de détresse) والواقع أن هذا المصطلح مرن مطاط يمكن أن يتسع لحالات كثيرة، منها حالة المرأة المجني عليها في جريمة اغتصاب أو زنا بين المحارم أو كونها قاصرا ولديها كثرة من الأبناء أو أن طبيعة عملها لا تسمح لها بذلك وغيرها.
ب: شرط يتعلق بفترة الحمل:
حيث أجاز للمرأة في المادة 162/1 " L " من قانون الصحة العامة والفقرة السادسة من المادة 317 عقوبات فرنسي أن تقرر إنهاء حملها خلال العشرة أسابيع الأولى من بداية الحمل.
ثانيا: الشروط الشكلية
وهي تنقسم إلى طائفتين هما:
• الطائفة الأولى: شروط واجب مراعاتها قبل إجراء عملية الإجهاض
أ: شروط تتعلق بالمرأة الحامل:
1- ينبغي على المرأة الحامل التي تريد إنهاء حملها أن تذهب إلى طبيب مختص في أمراض النساء والولادة. وعلى هذا الطبيب أن يبصرها بمخاطر الإجهاض ويسلمها ما يطلق عليه ب "الدوسيه المرشد": dossier guide وبه بيان بالمساعدات المالية والاجتماعية التي نص عليها القانون في حالة الولادة وقائمة بمن يمكن مراسلتهم وعناوين الهيئات التي يمكن الاستعلام منها قبل حالات إنهاء الحمل الاختياري. [3]
2- على المرأة أن تذهب بعد ذلك إلى هيئة استشارية، وهي عبارة عن مركز تخطيط عائلي أو أية هيئة أخرى مصرح بها، وعلى هذه الهيئة أن تقدم العون والنصيحة لها من واقع ظروفها، فإذا أصرت المرأة على رأيها بأن تعود مرة أخرى إلى طبيبها الأول الذي سبق أن استشارته لتستحضر منه شهادة مكتوبة في غضون فترة تتراوح بين أسبوع على الأقل وشهر على الأكثر إلا في حالة الخشية. [4]
3- وإذا كانت المرأة الحامل قاصر (Mineur) وغير متزوجة (Célébataire) فقد كانت المادة 126/ 5 "L" من قانون 1975 تكتفي بموافقة الأشخاص الذين لهم سلطة أبوية عليها أوممثلها القانوني في حالة عدم وجودهم. [5]
وجاء بعد ذلك قانون 31 دجنبر 1979 واستلزم موافقة المرأة القاصر ذاتها، وتعطى هذه الموافقة في غير حضور الوالدين أو الممثل القانوني.
أما بالنسبة للمرأة الأجنبية فلابد أن تكون حاصلة على تصريح إقامة في فرنسا لمدة أكثر من ثلاثة أشهر قبل إجراء عملية الإجهاض وذلك حتى لا تصبح فرنسا مركز جذب لرغبات الإجهاض.
ب: شروط تتعلق بالمكان المزمع إجراء عملية الإجهاض فيه:
حتى يتم إنهاء الحمل في أفضل الظروف الصحية الممكنة فإن قانون الصحة العامة يتطلب أن يتم إجراء عملية الإجهاض في مستشفى عام وذلك حسب المادة 126/ 2 " L " أو في مستشفى خاص مرخص لها بذلك [6] ويجب أن لا تتجاوز نسبة عمليات الإجهاض ربع إجمالي العمليات التي تتم في السنة وفقا للمادة 178/1.
ج: شروط لا تتعلق بالشخص القائم بعمليات الإجهاض:
يشترط في القائم بعمليات الإجهاض أن يكون طبيبا متخصصا في علم التوليد ونشير إلى أن قانون 1975 قد أقصى الطبيب المختص في رفض إجراء عملية الإجهاض إذا كانت معتقداته تملي عليه ذلك. بل هذا الحق أعطي أيضا لكل من يعمل في هذا المجال كالمرشدات والممرضات ومساعدي الأطباء [7] .
• الطائفة الثانية: شروط واجب مراعاتها بعد إجراء عملية الإجهاض
يقع على عاتق المستشفيات التي تمت فيها عملية الإجهاض تقديم تعليمات للمرأة المجهضة تفيد في تنظيم الحمل بحيث يجنبها مستقبلا من اللجوء إلى الإجهاض مرة أخرى وهذا ما ورد في المادة 162/9 " L " ووفقا للمادة 162/10 " L " يجب على الطبيب الذي أجرى عملية الإجهاض أن يكتب تقريرا مفصلا عن حالة المرأة والمبررات التي اقتنع بها لإنهاء الحمل واسم المستشفى التي أجريت فيها. ويرسل هذا الإخطار إلى مفتش الصحة المختص مكانيا بالواقعة دون ذكر أية معلومات عن المرأة. [8]
الجزاء المترتب عن المخالفة هذه الشروط:
أ- بالنسبة للشروط الموضوعية: إذا تخلف أي شرط من الشروط الموضوعية يصبح إجراء الإجهاض غير قانوني وبالتالي يعاقب عليه قانونا.
ب- بالنسبة للشروط الشكلية: هناك شرطان لا خلاف في أن تخلفهما أو تخلف أي منهما يستوجب العتاب، وهما صفة القائم بالإجهاض ومكان إجرائه وعلى ذلك إذا كان القائم بالإجهاض ليس طبيبا بشريا أو أجراه في مسكنه الخاص الغير مرخص بإجراء عمليات الإجهاض فيه، فإن الواقعة تصبح من قبيل الإجهاض المعاقب عليه قانونا. [9]
أما بقية الشروط الشكلية الأخرى فقد اختلف الفقهاء فيما يتعلق بتخلفها على رأيين.
أولهما يرى أن تخلفها يستوجب العقاب الجنائي لأن الإجهاض سيصبح غير قانوني.
في حين أن البعض الآخر يرى أن تخلف هذه الشروط لا يستوجب العقاب الجنائي بل المسألة التأديبية في بعض الحالات.
________________________________________
[1] الدكتور هلالي عبد الله، الحماية الجنائية لحق الطفل في الحياة بين القانون الوضعي والشريعة الإسلامية. " دراسة مقارنة " ص 100.
[2] هذه الحالة نصت عليها المادة 162/1 " L " من قانون العقوبات الفرنسي.
هلالي عبد الله، مرجع سابق ص .88 [3]
[4] قد تتجاوز هذه المدة العشرة أسابيع المقررة في المادة 126/ 5 " L " من قانون الصحة العامة.
[5] الدكتور هلالي ع الله، مرجع سابق، ص، 106 وبعدها.
[6] المادة 176 " L " من قانون العقوبات الفرنسي.
[7] المادة 162/8 " L " من قانون العقوبات الفرنسي.
[8] مصطفى عبد الفتاح، جريمة إجهاض الحوامل، دراسة في موقف الشرائع السماوية والقوانين المعاصرة الطبعة الأولى، 1998م، ص، 476 وبعدها.
الدكتور هلالي ع الله، مرجع سابق، ص، 113 [9]
(منقول للأمانة)
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma