الدليل الرقمي في مجال الإثبات الجنائي
ورقة عمل مقدمة للمؤتمر المغاربي الأول حول المعلوماتية والقانون
المنعقد في الفترة من 28-29 /10/2009 م
تنظمه أكاديمية الدراسات العليا – طرابلس
أ. طارق محمد الجملي
عضو هيأة التدريس بكلية القانون
جامعة قاريونس
مقدمة
من القواعد المستقرة في مجال الإثبات الجنائي أن القاضي لا يمكنه أن يقضي بعلمـه الشخصي ، فإحاطته بوقائع الدعوى يجب أن يتم من خلال ما يُطرح عليه من أدلة ، ومن هنا يبدو الدليل هو الوسيلة التي ينظر من خلالها القاضي للواقعة موضوع الدعوى ، وعلى أساسه يبني قناعته ، و لهذه الأهمية التي يتمتع بها الدليل عموما ً حظي باهتمام المشرع في مختلف الأنظمة القانونية من حيث تحديد شروط مشروعيته وتقدير قيمته الإثباتية ، مع اختلاف النظم القانونية في الاتجاه الذي تتبناه بين موسع ومضيق .
وعلى ذلك فكلما استُحدِث نوع من الأدلة كان من اللازم أن تتوافر فيه الشروط التي يحددها النظام القانوني الذي يقدم في ظله هذا الدليل .
ونتيجة للتطور العلمي وانتشار التقنية الرقمية في التعاملات اليومية ، أصبحت تستعمل تلك التقنية كوسيلة لارتكاب الجرائم تارة ، وكموضوع للجريمة تارة أخرى ، وبذلك اختلف الوسط الذي ترتكب فيه الجريمة ، من وسط مادي إلى وسط معنوي أو ما يعرف بالوسط الافتراضـي ، و هو ما استتبع ظهور طائفة جديدة من الأدلة تتفق وطبيعة الوسط الذي ارتكبت فيه الجريمة ، وهي الأدلة الرقمية أو ما يسمى بالأدلة الإلكترونية ، ولقد أثارت هذه الأدلة الكثير من التساؤلات التي يمكن إرجاعها إلى إشكاليتين رئيستين هما :
الأولى :يتمتع الدليل الرقمي بصفة الحداثة ، فهو من الأدلة الحديثة التي افرزها التطور التقني، وهو أيضا ً ذو طبيعة خاصة من حيث الوسط الذي ينشأ فيه والطبيعة التي يبدو علـيها ، وهذا يثير التساؤل حول مشروعية الأخذ به ، إذ إنه يشترط في الدليل الجنائي بوجه عام أن يكون مشروعا ً من حيث وجوده والحصول عليه ، فمشروعية الوجود تقتضي أن يكون الدليل قد قبله المشرع ضمن أدلة الإثبات الجنائي ، فما هو الموقف من هذا النوع من الأدلة ؟
أما مشروعية الحصول فتقتضي أن يتم الحصول على الدليل بإتباع الإجراءات التي ينص عليـــها القانون ، وبالنظر إلى الطبيعة الخاصة للدليل الرقمي والوسط الذي نشأ به ، فإنه تثور الكثير من الإشكاليات التي تتصل بهذا الموضوع ، كمدى إمكانية البحث عن الدليل الرقمي في الوسط الافتراضي وضبطه وفقا للقواعد التي تحكم التفتيش ، و كذلك صفة الشخص الذي يقوم بجمع هذا الدليل.
الثانية : إن نظام الإثبات الجنائي تحكمه قرينة البراءة ، والتي على أساسها يتعين دائما الحكم بالبراءة كلما تتطرق للدليل الشك ، ولذا فإن ذلك يثير التساؤل حول مقبولية الدليل الرقمي في إثبات الوقائع الجنائية ، لاسيما إذا علمنا مقدار التطور في مجال تقنية المعلومات على نحو يتيح العبث بالمخرجات الرقمية بما يجعل مضمونها مخالفاً للحقيقة دون أن يتسنى لغير المتخصص إدراك ذلك ، فهل مفهوم اليقين الذي يجب أن يتمتع به الدليل الجنائي يتعارض وهذه الطبيعة الخاصة للدلـــيل الرقمـي ؟
ولذلك فإني سأحاول من خلال هذه الورقة تناول هذه الإشكاليات التي يثيرها الدليل الرقمي ، وسأتبع في ذلك المنهجين الوصفي والتحليلي ، مع الاقتصار على موقف المشرع الليبي في ضوء القواعد العامة ، و ذلك وفق الخطة التالية :
المطلب الأول : التعريف بالدليل الرقمي .
المطلب الثاني : القيمة القانونية للدليل الرقمي في مجال الإثبات الجنائي .
المطلب الأول
التعريف بالدليل الرقمي
إن تقييم أي نظام قانوني لا يمكن أن يصل إلى نتائج صحيحة إلا إذا توافر لدى المقوم تصورا ًواضحا ً لذلك النظام ، إذ الحكم على الشئ فرع عن تصوره ، ولذا فإننا إذ نتطلع في هذه الورقة إلى دراسة نظام الأدلة الرقمية إن جاز التعبير نعتقد أنه من الواجب تناول هذا النوع من الأدلة بالتعريف ليتسنى فهم ماهيته لنتمكن في النهاية من الحكم عليه ، ولذلك فإننا في هذا المطلب سنتناول التعريف بالدليل الرقمي في فرعين :
الأول: تعريف الدليل الرقمي .
الثاني : أنواع الدليل الرقمي ومجاله في الإثبات الجنائي .
الفرع الأول
تعريف الدليل الرقمي
يُعرِّف الدليل الرقمي بأنه (هو الدليل المأخوذ من أجهزة الكمبيوتر وهو يكون في شكل مجالات أو نبضات مغناطيسية أو كهربائية ممكن تجميعها وتحليلها باستخدام برامج تطبيقات وتكنولوجيا وهى مكون رقمي لتقديم معلومات في أشكال متنوعة مثل النصوص المكتوبة أو الصور أو الأصوات أو الأشكال والرسوم وذلك من أجل اعتماده أمام أجهزة إنفاذ و تطبيق القانون) .
والذي يلاحظ على هذا التعريف أنه يقصر مفهوم الدليل الرقمي على ذلك الذي يتم استخراجه من الحاسب الآلي، ولاشك أن ذلك فيه تضييف لدائرة الأدلة الرقمية ، فهي كما يمكن أن تستمد من الحاسب الآلي، فمن الممكن أن يُتحصل عليها من أية آلة رقمية أخــرى ، فالهاتف و ألآت التصوير وغيرها من الأجهزة التي تعتمد التقنية الرقمية في تشغيلها يمكن أن تكون مصدرا ً للدليل الرقمي ، فضلاً عن ذلك فإن هذا التعريف يخلط بين الدليل الرقمي ومسألة استخلاصه ، حيث عرَّفه بأنه الدليل المأخوذ من الكمبيوتر.... الخ ، وهذا يعني أن الدليل الرقمي لا تثبت له هذه الصفة إلا إذا تم أخذه أو استخلاصه من مصدره ، وهذا برأينا ليس صحيحاً ؛ إذا من شأن التسليم بذلك القول إن تلك المجالات المغناطيسية أو الكهربائية قبل فصلها عن مصدرها بواسطة الوسائل الفنية لا تصلح لأن توصف بالدليل الرقمي، أي أن مخرجات الآلة الرقمية لا تكون لها قيمة إثباتية مادامت في الوسط الافتراضي الذي نشأت فيه أو بواسطته ، وهذا غير دقيق كما سنبين ذلك في محله ، وهو ما يصم هذا التعريف بالقصور لكونه لا يعطى تعريفاً جامعاً للدليل الرقمي .
ولذا فإننا بالاستفادة مما سبق نرى تعريف الدليل الرقمي بأنــه (( مجموعة المجالات أو النبضات المغناطيسية أو الكهربائية التي يمكن تجميعها وتحليلها باستخدام برامج وتطبيقات خاصة لتظهر في شكل صور أو تسجيلات صوتية أو مرئية)).
وترجع تسمية الدليل الرقمي إلى أن البيانات داخل الوسط الافتراضي سواء كانت صوراً أو تسجيلات أو نصوص تأخذ شكل أرقام على هـيأة الرقمــين ( 1 أو 0 ) و يتم تحويل هذه الأرقام عند عرضها لتكون في شكل صورة أو مستند أو تسجيل .
خصائص الدليل الرقمي :
1-يعتبر الدليل الرقمي دليلاً غير ملموس أي هو ليس دليلاً مادياً، فهو- أي الدليل الرقمي – تلك المجالات المغناطيسية أو الكهربائية، ومن ثم فإن ترجمة الدليل الرقمي وإخراجه في شكل مادي ملموس لا يعني أن هذا التجمع يعتبر هو الدليل، بل أن هذه العملية لا تعدو كونها عمليه نقل لتلك المجالات من طبيعتها الرقمية إلى الهيأة التي يمكن الاستدلال بها على معلومة معينة.
2-يعتبر الدليل الرقمي من قبيل الأدلة الفنية أو العلمية ، وهو من طائفة مايعرف بالأدلة المستمدة في الآلة.
3- إن فهم مضمون الدليل الرقمي يعتمد على استخدام أجهزة خاصة بتجميع وتحليل محتواه ، و لذلك فكل ما لا يمكن تحديد وتحليل محتواه بواسطة تلك الأجهزة لايمكن اعتباره دليلاً رقمياً ، وذلك لعدم إمكانية الاستدلال به على معلومة معينة، مايعدم قيمته التدليلية في إثبات الجريمة ونسبها إلى الجاني.
مميزات الدليل الرقمي:
يتميز الدليل الرقمي بعدة مميزات أهمها:
1.يتميز الدليل الرقمي بصعوبة محوه أو تحطيمه ، إذ حتى في حالة محاولة إصدار أمر بإزالة ذلك الدليل فمن الممكن إعادة إظهاره من خلال ذاكرة الآلة التي تحتوى ذلك الدليل .
2 .إن محاولة الجاني محو الدليل الرقمي بذاتها تسجل عليه كدليل، حيث إن قيامه بذلك يتم تسجيله في ذاكرة الآلة وهو ما يمكن استخراجه واستخدامه كدليل ضده.
3. إن الطبيعة الفنية للدليل الرقمي تمكِّن من إخضاعه لبعض البرامج والتطبيقات للتعرف على ما اذا كان قد تعرض للعبث والتحريف كما سنرى لاحقا .
الفرع الثاني
أنواع الدليل الرقمي و مجاله في الإثبات الجنائي
سنتناول في هذا الفرع أنواع الدليل الرقمي والأشكال التي يبدو عليها كدليل ، ثم نتناول الجرائم التي يصلح الدليل الرقمي ليكون دليلا لإثباتها ، وذلك على النحو التالي :
أولا أنواع الدليل الرقمي وأشكاله :
إن التعريف بالدليل الرقمي يحتم علينا تحديد أنواعه و أشكاله حتى يتسنى فهم الهيأة التي يتخذها للحكم على قيمته القانونية فيما بعد ، ولذ سنتناول أولاً أنواعه ثم نحدد الأشكال التي يبدو عليها هذا الدليل وذلك على النحو التالي :
1. أنواع الدليل الرقمي :
يمكن تقسيم الدليل الرقمي لنوعين رئيسين:
- أدلة أعدت لتكون وسيلة إثبات .
- أدلة لم تعد لتكون وسيلة إثبات .
أ . أدلة أعدت لتكون وسيلة إثبات:
وهذا النوع من الأدلة الرقمية يمكن إجماله فيما يلي :
1 .السجلات التي تم أنشاؤها بواسطة الآلة تلقائياً، وتعتبر هذه السجلات من مخرجات الآلة التي لم يساهم الإنسان في إنشائها مثل سجلات الهاتف وفواتير أجهزة الحاسب الآلي .
2 .السجلات التي جزء منها تم حفظه بالإدخال وجزء تم انشاؤه بواسطة الآلة ومن أمثلة ذلك البيانات التي يتم إدخالها إلى الآلة و تتمُّ معالجتها من خلال برنامج خاص ، كإجراء العمليات الحسابية على تلك البيانات .
ب . أدلة لم تعد لتكون وسيلة إثبات:
وهذا النوع من الأدلة الرقمية نشأ دون إرادة الشخص، أي أنها أثر يتركه الجاني دون أن يكون راغبا ًفي وجوده ، ويسمى هذا النوع من الأدلة بالبصمة الرقمية، وهى ما يمكن تسميه أيضاً بالآثار المعلوماتية الرقمية ، وهى تتجسد في الآثار التي يتركها مستخدم الشبكة المعلوماتية بسبب تسجيل الرسائل المرسلة منه أو التي يستقبلها وكافه الاتصالات التي تمت من خلال الآلة أو شبكة المعلومات العالمية .
والواقع أن هذا النوع من الأدلة لم يُعد أساسا للحفظ من قبل من صدر عنه ، غير أن الوسائل الفنية الخاصة تمكن من ضبط هذه الأدلة ولو بعد فترة زمنية من نشوئها، فالاتصالات التي تجرى عبر الانترنت والمراسلات الصادر عن الشخص أو التي يتلقاها، كلها يمكن ضبطها بواسطة تقنية خاصة بذلك .
وتبدو أهمية التمييز بين هذين النوعين فيما يلي :
1 . النوع الثاني من الأدلة الرقمية هو الأكثر أهمية من النوع الأول لكونه لم يُعد أصلاً ليكون أثراً لمن صدر عنه، ولذا فهو في العادة سيتضمن معلومات تفيد في الكشف عن الجريمة ومرتكبها.
2 . يتميز النوع الأول من الأدلة الرقمية بسهولة الحصول عليه لكونه قد أُعد أصلاً لأن يكون دليلا ًعلى الوقائع التي يتضمنها ، في حين يكون الحصول علي النوع الثاني من الأدلة بإتباع تقنية خاصة لا تخلو من صعوبة وتعقيد .
3. لأن النوع الأول قد أُعدَّ كوسيلة إثبات لبعض الوقائع فإنه عادة ما يُعمد إلى حفظه للاحتجاج به لاحقا ً وهو ما يقلل من إمكانية فقدانه، و على عكس النوع الثاني حيث لم يُعد ليحفظ ما يجعله عرض للفقدان لأسباب منها فصل التيار الكهربائي عن الجهاز مثلا ً.
2 .أشكال الدليل الرقمي: يتخد الدليل الرقمي ثلاثة أشكال رئيسة هي :
• الصور الرقمية.
• التسجيلات .
• النصوص المكتوبة.
ونتناول هذه الأشكال على النحو التالي:
أ .الصور الرقمية: وهي عبارة عن تجسيد الحقائق المرئية حول الجريمة، وفى العادة تقدم الصورة إما في شكل ورقي أو في شكل مرئي باستخدام الشاشة المرئية ، والواقع أن الصورة الرقمية تمثل تكنولوجيا بديلة للصورة الفوتوغرافية التقليدية و هي قد تبدو أكثر تطوراً ولكنها ليست بالصورة أفضل من الصور التقليدية .
ب .التسجيلات الصوتية: وهى التسجيلات التي يتم ضبط وتخزينها بواسطة الآلة الرقمية ، وتشمل المحادثات الصوتية على الانترنت والهاتف.... الخ .
ج- النصوص المكتوبة: وتشمل النصوص التي يتم كتابها بواسطة الآلة الرقمية، ومنها الرسائل عبر البريد الالكتروني، والهاتف المحمول، والبيانات المسجلة بأجهزة الحاسب الآلي،.... الخ .
ثانياً: نطاق العمل بالدليل الرقمي:
إن الاهتمام الذي يحظى به الدليل الرقمي قياساً بغيره من الأدلة الأخرى المستمدة من الآلة مرده انتشار استخدام تقنية المعلومات الرقمية، والتي تعاظم دورها مع دخول الانترنت شتى مجالات الحياة ، وأصبح بذلك هذا الوسط مرتعاً لطائفة من الجناة يطلق عليهم اسم المجرمين المعلوماتيين، فالجرائم التي يرتكبها هؤلاء تقع في الوسط الافتراضي أو ما يمكن تسميته بالعالم الرقمي ، ولذا كان الدليل الرقمي هو الدليل الأفضل لإثبات هذا النوع من الجرائم ، لأنه من طبيعة الوسط الذي ارتكبت فيه، ومن هنا بدت أهمية هذا النوع من الأدلة، ولكن أيعني ذلك أن الدليل الرقمي ينحصر مجاله كدليل إثبات فقط على جرائم المعلوماتية ؟
يجب التنويه إلى أنه لا تلازم بين نطاق العمل بالدليل الرقمي ومشكلة اثبات الجريمة المعلوماتية ، فمن ناحية فإن الدليل الرقمي مثلما يصلح لإثبات الجريمة المعلوماتية ويعتبر في ذات الوقت الدليل الأفضل لإثباتها، فإنه من ناحية أخرى يصلح لإثبات الجرائم التقليدية إن جاز التعبير، حيث يميز الفقه في هذا الشأن بين نوعين من الجرائم :
أ.الجرائم المرتكبة بواسطة الآلة: وهذا النوع من الجرائم يستخدم فيه الحاسب الآلي والانترنت كوسيلة مساعده لارتكاب الجريمة، مثل استخدامه في الغش أو الاحتيال أو غسل الأموال أو لتهريب المخدرات، وهذا النوع من الجرائم لا صلة له بالوسط الافتراضي إلا من حيث الوسيلة، وبكلمة أوضح فإن الجريمة في هذه الحالة هي جريمة تقليدية استعملت في ارتكابها أداة رقمية، فبرغم عدم اتصال هذه الجريمة بالنظام المعلوماتي فإن الدليل الرقمي يصلح كدليل لإثباتها .
ب.جرائم الانترنت والآلة الرقمية : وهذا النوع من الجرائم يكون محله جهاز الحاسب الآلي أو الآلة بصفة عامة ، بحيث يكون الاعتداء واقعاً إما على الكيان المادي للآلة، وهذه يمكن اعتبارها جريمة تقليدية تلحق النوع الأول، وإما يكون الاعتداء واقعاً على الكيان المعنوي للحاسب أو الآلة أو على قاعدة البيانات أو المعلومات التي قد تكون على شبكة المعلومات العالمية، مثال انتهاك الملكية الفكرية، وجرائم القرصنة وغيرها، وهذا النوع من الجرائم هو ما يمكن تسميته بجرائم المعلوماتية والتي يكون الدليل الرقمي هو الدليل الأفضل لإثباتها إن وجد .
ومع ذلك فإننا نعتقد أن الجريمة المعلوماتية رغم شدة صلتها بالدليل الرقمي إلا أن إثباتها لا يقتصر عليه ، فمن الممكن إثباتها بأدلة الإثبات التقليدية كالشهادة و الاعتراف وغيرها( ) ، ولذلك يمكننا أن نقول إنه لا تلازم بين مشكلة الدليل الرقمي واثبات الجريمة المعلوماتية، فلهذه الاخيره إشكاليات قانونية أخرى لا شأن لها بالدليل الرقمي، فإذا كانت غاية الدليل عموماً هي اثبات الجريمة ونسبها إلى مربكها ، فإن هذا الدليل لايكون قاصرا في تقديرناً إذا اقتصر على مجرد إثبات وقوع الجريمة دون تحديد مقترفها ، إذ مع ذلك تصح تسميته كدليل ، وتبدو أهمية هذا النوع من الأدلة بالنسبة للجريمة المعلوماتية لصعوبة إثبات وقوعها عادة .
غير أنه إذا كان من الصعوبات التي تواجه إثبات الجريمة المعلوماتية تحديد مفترق الجريمة ، فإن هذه المشكلة لا شأن لنا بها عند تناول إشكاليات الدليل الرقمي ، فثلك مسألة ربما يتعذر إثباتها في بعض الحالات ومن ثم لانكون في شأنها بصدد دليل ، ونحن هنا في هذه الدراسة ندرس الدليل الرقمي حينما يتوافر لإثبات واقعة معينة .
مع ملاحظة أنه قد يكون الدليل الرقمي متضمنا ً إثبات الجريمة ومربكها معا ً، فجسم الجريمة المعلوماتية عادة هو الدليل الرقمي ذاته، وقد يكون هذا الجسم "الدليل الرقمي" متضمنا ً ما يفيد نسبة الجريمة لشخص ما، كما لو أرسل شخص لآخر رسالة عبر البريد الالكتروني تتضمن فيروسات تؤدى إلى إتلاف الموقع الالكتروني الخاص بذلك الشخص، فإن هذه الرسالة بذاتها تعد دليلاً على وقوع الجريمة، وفى الوقت نفسه ستعد دليلاً على نسبة ارتكابها لشخص معين وهو المرسل إذا تضمنت بيانات تدل على شخصية .
ومما تقدم نخلص إلى أن الدليل الرقمي يصلح الإثبات الجريمة التي ترتكب باستعمال الآلة الرقمية- حاسوب- هاتف ، ..... الخ ، أو الجريمة التي ترتكب ضد الكيان المعنوي للآلة أو ضد شبكة المعلومات العالمية.
بالإضافة إلى ذلك فإن هذا الدليل يصلح لإثبات بعض الجرائم وإن لم تكن من ضمن النوعين المذكورين، وذلك إذا استعملت الآلة الرقمية للتمهيد لارتكاب الجريمة ، أو لإخفاء معالمها، كالمراسلات التي يبعث بها الجاني لشريكه وتتضمن معلومات عن جريمة ينويان ارتكابها أو يطلب منه إخفاء معالم هذه الجريمة ، فتلك المراسلة تصلح كدليل إثبات لهذه الجريمة حال وقوقعها رغم أنها لم ترتكب ضد الآلة الرقمية ولا بواسطتها.
المطلب الثاني
القيمة القانونية للدليل الرقمي في مجال الإثبات الجنائي
مجرد وجود دليل يثبت وقوع الجريمة وينسبها لشخص معين لا يكفي للتعويل عليه لإصدار الحكم بالإدانة ، إذ يلزم أن تكون لهذا الدليل قيمة قانونية ، وهذه القيمة للدليل الجنائي تتوقف على مسألتين رئيستين ، الأولى المشروعيةً ، والثانية اليقينية في دلالته على الوقائع المراد إثباتها ، ولذلك سنحاول في هذا المطلب تحديد القيمة القانونية للدليل الرقمي وذلك في فرعين على النحو التالي :
الأول : مشروعية الدليل الرقمي .
الثاني : حجية الدليل الرقمي .
الفرع الأول
مشروعية الدليل الرقمي
أولا : مشروعية وجود الدليل الرقمي :
يقصد بمشروعية الوجود أن يكون الدليل معترف به ، بمعنى أن يكون القانون يجيز للقاضي الاستناد إليه لتكوين عقيدته للحكم بالإدانة ، ويمكن القول إن النظم القانونية تخلف في موقفها من الأدلة التي تُقبل كأساس للحكم بالإدانة بحسب الاتجاه الذي تتبناه ، فهـناك اتجاهان رئيسان ؛ الأول نظام الأدلة القانونية ، والثاني نظام الإثبات الحر .
أولا نظام الأدلة القانونية :
فوفقا ً لهذا النظام فإن المشرع هو الذي يحدد حصراً الأدلة التي يجوز للقاضي اللجوء إليها في الإثبات ، كما يحدد القيمة الإقناعية لكل دليل ، بحيث يقتصر دور القاضي على مجرد فحص الدليل للتأكد من توافر الشروط التي حددها القانون ، فلا سبيل للاستناد إلى أي دليل لم ينص القانون عليه صراحة ضمن أدلة الإثبات ، كما أنه لا دور للقاضي في تقدير القيمة الإقناعية للدليل ، ولذا يسمى هذا النظام بنظام الإثبات القانوني أو المقيد ، حيث إن القانون قيد القاضي بقائمة من الأدلة التي حددت قيمتها الاثباتية ، وهذا النظام ينتمي للنظم ذات الثقافة الأنجلوسكسونية ، مثل المملكة المتحدة " بريطانيا " والولايات المتحدة الأمريكية ، ولذا فإن النظم التي تتبنى هذا النظام لا يمكن في ظلها الاعتراف للدليل الرقمي بأية قيمة إثباتية ما لم ينص القانون عليه صراحة ضمن قائمة أدلة الإثبات ، ومن ثم فإن خلو القانون من النص عليه سيهدر قيمته الاثباتية مهما توافرت فيه شروط اليقين ، فلا يجوز للقاضي أن يستند إليه لتكوين عقيدته .
وتطبيقا ً لهذا الفهم نصَّ قانون الإثبات في المواد الجنائية البريطاني على قبول الدليل الرقمي وحدد قيمته الاثباتية اتفاقا ً وطبيعة النظام القانوني في بريطانيا .
و يمكن أن يعاب على نظام الإثبات القانوني أن من شأنه تقييد القاضي على نحو يفقده سلطته في الحكم بما يتفق مع الواقع ، فيحكم في كثير من الأحيان بما يخالف قناعته التي تكونت لديه من أدلة لا يعترف بها ذلك النظام ، فيصبح القاضي كالآلة في إطاعته لنصوص القانون ، ولذلك فإن هذا النظام بدأ ينحصر نطاقه حتى في الدول التي تعتبر الأكثر اعتناقا ً له ، فنجد بريطانيا مثلا ًقد بدأت تخفف من غلوائه ، حيث ظهر فيها ما يعرف بقاعدة الإدانة دون أدنى شك ، والتي مفادها أن القاضي يستطيع أن يكوُّن عقيدته من أي دليل وإن لم يكن من ضمن الأدلة المنصوص عليها متى كان هذا الدليل قاطعا ً في دلالته .
2. نظام الإثبات الحر :
يسود الإثبات الحر في ظل الأنظمة اللاتينية ، ووفقا لهذا النظام يتمتع القاضي الجنائي بحرية مطلقة في شأن إثبات الوقائع المعروضة عليه ، فلا يلزمه القانون بأدلة للاستناد إليها في تكوين قناعته، فله أن يبنى هذه القناعة على أي دليل وإن لم يكن منصوص عليه ، بل إن المشرع في مثل هذا النظام لا يحفل بالنص على أدلة الإثبات ، فكل الأدلة تتساوى قيمتها الإثباتية في نظر المشرع ، والقاضي هو الذي يختار من بين ما يُطرح عليه ما يراه صالحاً للوصول إلى الحقيقة ، وهو في ذلك يتمتع بمطلق الحرية لقبول الدليل أو رفضه إذا لم يطمئن إليه ، فالمشرع لا يتدخل في تحديد القيمة الإقناعية للدليل ، فعلى الرغم من توافر شروط الصحة في الدليل إلا أن القاضي يملك أن يرده تحت مبرر عدم الاقتناع ، ولذلك فالقاضي في مثل هذا النظام يتمتع بدور إيجابي في مجال الإثبات في مقابل انحصار دور المشرع .
وعليه فإنه في مثل هذا النظام لا تثور مشكلة مشروعية الدليل الرقمي من حيث الوجود ، على اعتبار أن المشرع لا يُعهد عنه سياسة النص على قائمة لأدلة الإثبات ، ولذلك فمسألة قبول الدليل الرقمي لا ينال منها سوى مدى اقتناع القاضـي به إذا كان هذا النوع من الأدلة يمكن إخضاعه للتقدير القضائي ، وهذه مسألة سنتناولها في الفرع الثاني من هذا المطلب .
إذن وفقا لهذا النظام فإن الأصل في الأدلة مشروعية وجودها ، فالدليل الرقمي سيكون مشروعا ً من حيث الوجود استصحابا ً للأصل .
فما موقف المشرع الليبي ؟
يرى البعض أن المشرع الليبي يتبنى نظام الإثبات المقيد أو ما يعرف بنظام الأدلة القانونية مع تمتع القاضي بسلطة واسعة في تقدير الدليل ، ويستند هذا الرأي إلى أن المشرع الليبي قد نص في قانون الإجراءات الجنائية على مجموعة من الأدلة ونظم طرق الحصول عليها ، ومن ثم فإن هذا المسلك يعني أن المشرع لا يحفل بغيرها في مجال الإثبات الجنائـي ، فالنص على تلك الأدلة دليل على أن المشرع أراد اعتماد نظام للأدلة يجب أن يتقيد به القاضي ، غير أن هذا النظام يعطيه- أي للقاضي - سلطة في تقدير الأدلة بموجب المادة 275 من ذات القانون ، وكأن المشرع الليبي أراد أن يجمع بين النظامين ، ولذا فإنه وفقا لهذا الرأي لا يمكن للقاضي أن يبني قناعته على غير الأدلة المنصوص عليها ، فإن هو استند إلى دليل غير منصوص عليه كان حكمه باطلا ً لمخالفة القانون .
وخلافاً لذلك يذهب البعض إلى أن المشرع الليبي قد تبنى نظام الإثبات الحر ، ولا يمكن القول إنه قد أخذ بنظام الإثبات المقيد لكونه قد نص على طائفة من الأدلة دون سواها ، لأن ذلك يتناقض وما قررته المادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية ، ولذلك فإن مضمون هذه المادة هو الذي يُستند إليه للقول إن المشرع الليبي قد تبنى نظام الإثبات الحر لا المقيد ، ولذا فإن هذا الرأي يؤدي إلى القول إن كل الأدلة تتساوى من حيث قبولها قانونا ً أمام القاضي الجنائي بما في ذلك الدليل الرقمي .
والذي يبدو لنا أنه إذا ما اتبع المشرع سياسة النص على الإجراءات التي يجب إتباعها للحصول على أدلة بعينها ، فذلك يعني أن المشرع أراد أن يعتمد تلك الأدلة دون سواها ، وإن لم يتبع في ذلك أسلوب القائمة في التحديد ، فذلك مستفاد من سياسته المذكورة ، وعلية فإن المشرع الليبي إذا افرد نصوصا ً لتنظيم القواعد الخاصة ببعض الأدلة فإنه يكون قد اعتمدها دون سواها ، أما المادة 275 المذكورة فلا شأن لها بمسألة مشروعية الدليل من حيث الوجـود ، فهي قد أعطت للقاضي سلطة تقدير الدليل ، ولكن ذلك لا يعني إطلاق يده ليبني قناعته من حيث شاء ، إذ ذلك مقصور على الأدلة التي حدها المشرع بالأسلوب المذكـور ، فهي وإن أجازت للقاضي أن يبني قناعته من أي دليل إلا أن هذا يجب أن نرجع في تحديده للدليل وفقا للمعهود اللفظي ، أي الدليل الذي نص عليه قانون الإجراءات والقوانين المكملة لـه ، أي أن المادة 275 تتعلق بتفويض القاضي بتقدير القيمة الاقناعية للدليل المنصوص عليه ، ومن ثم فإن أي دليل لم ينص عليه القانون لا يمكن قبوله في مجال الإثبات الجنائي ، ولا مجال للاحتجاج بالمادة 264 إجراءات جنائية للقول بخلاف ذلك والتي نصت علـى أنـه " وللمحكمة أن تأمر من تلقاء نفسها بتقديم أي دليل تراه لازما ً لظهور الحقيقة " فهذا النص يتعلق بسلطة القاضي الجنائي في البحث عن الدليل ، فهو لا يكتفي بما طرح عليه من أدلة وإنما يملك البحث عن سواها ، وهو ما يعرف بالدور الايجابي للقاضي الجنائي ، وذلك لا يعني أنه يملك طلب أي دليل وإن لم ينص عليه قانونا ً، فهو مقيد بالأدلة التي يعترف بها المشرع على نحو ما قدمنا .
ومما تقدم فإننا نميل لتأييد الرأي الأول المذكور ، ومن ثم نتساءل هل أخذ المشرع الليبي بالدليل الرقمي في مجال الإثبات الجنائي ؟
أولا : ًالقاعدة العامة :
لا يوجد نص صريح في قانون الإجراءات الجنائية بقبول الدليل الرقمي ، ولكن مع ذلك سنحاول تكييف الإشكال المختلفة للدليل الرقمي في ضوء الأدلة المعتمدة وفقا للقانون المـذكور لتحديد موقف المشرع الليبي .
1 . المستندات الرقمية :
قد يكون الدليل الرقمي في شكل نص مكتوب على دعامة تختلف عن المحرر التقلـيدي ، فهل يقبل هذا الدليل في الإثبات الجنائي ؟
لقد أشارت نصوص قانون الإجراءات الجنائية إلى ما يستفاد منه قبول المشرع للدليل المكتوب أو ما يسمى بالمحررات كدليل إثبات ، من ذلك مثلا ما نصت عليه المادة "274 " بشأن محاضر المخالفات ، فهل تأخذ النصوص الرقمية صفة المحرر ؟
لا يختلف المستند الرقمي عن المحرر التقليدي إلا من حيث الدعامة المكتوب عليها ، وفي اعتقادنا إنه ليس لهذا الفارق أثر على طبيعة المحرر الرقمي من حيث انتـمائه لفئة المحررات ، ولذا فإن الدليل الرقمي إذا ما أخذ شكل النص المكتوب ، فإنه يستمد مشروعيته من أنه يأخذ حكم المحررات التي يعتمدها القانون كوسائل إثبات .
2. الصور والتسجيلات الرقمية :
لم ينص المشرع الليبي على الدليل في شكل صور أو تسجيلات وإن ما أشار إليه في المادة 79 يتعلق بالتنصت على المكالمات لا تسجيلها ، ولذلك نعتقد أن الصور والتسجيلات المسموعة لم ينص عليها ، ومن ثم فإنها لا تعتبر دليلا ً من أدلة الإثبات بهذه الصفة ، ولكن هل يمكن اعتبارها من قبيل القرائن ؟
إذا كانت القرينة هي استدلال على شئ مجهول من آخر معلوم ، فإن الصور والتسجيلات من الممكن عدها من القرائن ، لأنها تمكِّن من الاستدلال على شئ مجهول ، الجريمة ومرتكبها ، ولكن مع ذلك هل اخذ المشرع الليبي بالقرائن في مجال الإثبات الجنائي ؟
لا يوجد نص صريح في قانون الإجراءات باعتماد القرينة كدليل إثبات ، ولكن هناك إشارات في بعض النصوص يفهم منها اعتماد المشرع لها ضمن وسائل الإثبات ، فنجد المادة75 /2 من قانون الإجراءات مثلا تنص على أنه " وللمحقق أن يفتش أي مكان ويضبط فيه الأوراق ............ وكل ما يفيد في كشف الحقيقة " فهذا النص يفيد اعتداد المشرع بكل ما يفيد في كشف الحقيقة ، فإذا كان التفتيش يهدف للحصول على دليل فإن القرينة تعتبر مما يفيد في كشف الحقيقة وهي مقصودة من التفتيش ، فهي إذن دليل ، وهذا ما يضفي المشروعية عليها كدليل إثبات في المجال الجنائي .
وعليه فإن الصور الرقمية والتسجيلات كلها تدخل في مفهوم القرينة ، أي هي مما يفيد في كشف الحقيقة ، على أن يتم الحصول عليها بطريقة مشروعة لا تنطوي على انتهاك لحرمة الحياة الخاصة ، وإن كانت قيمة القرينة أدني من قيمة الأدلة الأخرى في الإثبات ، وهو ما لا يتفق والطبيعة القاطعة في الإثبات للأدلة الرقمية كما سنرى لا حقا ً.
ثانيا : تطبيقات خاصة لقبول الدليل الرقمي في القانون الليبي :
فيما سبق تناولنا القاعدة العامة لموقف المشرع الليبي من الدليل الرقمي ، و إلى جانب ذلك هناك بعض النصوص التي وردت في بعض التشريعات الخاصة اعتد فيها المشرع بالدليل الرقمي صراحة كدليل إثبات لبعض الجرائم ، ونشير إليها فيما يلي :
1. نصت المادة 97/2 من القانون رقم 1 لسنة 1373و.ر. بشأن المصارف على أنه " يعتد بالمستندات و التوقيعات الرقمية التي تتم في إطار المعاملات المصرفية وما يتصل بها من معاملات أخرى ، وتكون لها الحجية في إثبات ما تتضمنه من بيانات " فهذا النص أضفى على المستند الالكتروني الحجية في الإثبات ، والواقع أن هذا النص لا يقتصر على مجال الإثبات المدني أو التجاري كما قد يوحي بذلك النص في فقرته الأولى ، إنما يشمل الإثبات في المسائل الجنائية أيضا ً، فإثبات المعاملة المصرفية قد يصلح كدليل لإثبات واقعة إجـرامـية ، فالتداخل في الوقائع موضوع الإثبات هو ما يمكن الاستناد إليه لتوسيع نطاق النص ، كإثبات جرائم غسل الأموال التي يتم ارتكابها عن طريق المصارف ، حيث تصلح المستندات الرقمية المتعلقة بالعمليات الخاصة بغسل الأموال كدليل لإثبات هذه الجريمة .
غير أن الذي يلاحظ أن هذا النص خاص بإثبات المعاملات المصرفية وما يتصل بها من معاملات أخرى دون سواها ، وإن كنا قد اشرنا سابقا ً إلى عدم وجود مانع من العمل بالدليل الرقمي المكتوب لإثبات أية جريمة وفقا للقواعد العامة ، إلا أن النص على قاعدة عامة مماثلة لما هو مقرر في المادة 97 المذكورة يبدو لنا هو الأفضل تجاوزا ً لما يمكن أن يثار من خلاف بشأن المسألة في ظل القواعد العامة المطبقة حاليا ً.
2. نصت المادة 6 مكرر من القانون رقم 10 لسنة 1428م بإضافة مادة للقانون رقم 70 لسنة 1973بشان إقامة حد الزنى وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات على أنه " تثبت جريمة الزنى المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون باعتراف الجاني أو بشهادة أربعة شهود أو بأية وسيلة إثبات عملية أخرى " حيث أضفى هذا النص على وسائل الإثبات العلمية القيمة القانونية لإثبات هذه الجريمة ، وقد يعتقد البعض أن الأدلة العلمية التي قصدها المشرع في هذا النص هي تلك التي تعتمد على أسلوب التحليل الطبي أو المعملي كتحليل الحمض النووي D N A " " على اعتبار أن هذا النوع من التحاليل يلعب دورا ً مهما ً في إثبات هـذه الجريمة ، ولذلك عمد المشرع إلى النص عليها ، غير أننا نعتقد أن النص يستوعب أكثر من ذلك الفهم ، فاستعمال مصطلح بأية وسيلة إثبات علمية فيه دلالة على العموم ، ولذلك يجب العمل بهذا النص على عمومه ، والقول بغير ذلك هو تخصيص للنص بلا مخصص ، فتكتسب كل الأدلة العلمية الحجية في مجال إثبات جريمة الزنى ، و يدخل في ذلك الدليل الرقمي بوصفه من ضمن الأدلة العلمية ، ولذلك فإن هذا الدليل بأشكاله الثلاث سيبدو ذا حجية في إثبات هذه الجريمة ، بحيث لن تكون الصور و التسجيلات مجرد قرائن تحتاج لدليل يسندها ، بشرط أن يكون الحصول عليها بما يتفق وما يشترطه القانون في الدليل من حيث المشروعية ، وعلى وجه الخصوص عدم انتهاك حرمة الحياة الخاصة .
ثانيا ً : مشروعية الحصول على الدليل الرقمي :
يُشترط في الدليل الجنائي عموماً لقبوله كدليل إثبات أن يتم الحصول عليه بطريقة مشروعة ، وذلك يقتضي أن تكون الجهة المختصة بجمع الدليل قد التزمت بالشروط التي يحددها القانون في هذا الشأن ، ونحن هنا إذ نبحث مشروعية الدليل الرقمي فإننا سنقتصر على ما يثيره جمع هذا الدليل من إشكاليات قانونية بالنظر إلى طبيعته الخاصة ، ولذا فإن الإشكاليات العامة لجمع الأدلة والتي بدورها لا تقتصر على الدليل الرقمي لن تكون محلاً للبحث الراهن اختصاراً للوقت ولانعدام خصوصيتها بالنسبة لموضوع الدراسة.
ولذا يمكننا القول إن ما يثيره الدليل الرقمي من حيث مشروعية الحصول عليه يتركز بشكل أساسي في إجراءات التفتيش للبحث عن هذا الدليل ، وذلك يثير نقطتين رئيستين :
الأولى : مدى مشروعية التفتيش عن الدليل الرقمي وضبطه في الوسط الافتراضي .
الثانية : صفة القائم بالتفتيش .
ومرد هاتين الإشكاليتين يرجع في الواقع إلى الفهم الذي تعبر عنه نصوص قانون الإجراءات فيما يتعلق بإجراء التفتيش ، فنجد مثلاً نص المادة ( 39 ) من قانون الإجراءات الجنائية الليبي تنص على أنه (لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع الاستدلالات أو التحقيق بشأنها ) فما يفهم من هذا النص عند البعض أن التفتيش يقتصر القيام به على ما يمكن اعتباره شيئا ً ، وهذا ما يدعو للتساؤل حول مدى اعتبار الوسط الافتراضي شيئاً يمكن تفتيشه ، فضلاً عن ذلك فإن التفتيش يهدف لضبط أشياء تفيد في كشف الحقيقة ، ولذا فإن لفظ شيء يثير إشكالية من حيث مدى اعتبار البيانات المخزنة بالوسط الافتراضي أشياء يمكن ضبطها ، إذ مراعاة النص المذكور هي التي تحدد مدى مشروعية الحصول على الدليل .
وبالإضافة إلى ذلك فإن التفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق ينبغي أن يمارس من ذي صفة وهو مأمور الضبط القضائي أو جهة التحقيق حسب الأحوال ، فهل لهؤلاء القدرة على تفتيش الوسط الافتراضي وضبط ما يسفر عنه التفتيش من أدلة ؟
ولذلك فإننا سوف نتناول الإجابة عن هذه التساؤلات على النحو التالي :
أ- مشروعية التفتيش عن الدليل الرقمي في الكيانات المعنوية (( الوسط الافتراضي)) وضبط محتوياتها :
إن الإشكالية التي نطرحها في شأن مشروعية تفتيش الوسط الافتراضي ترجع في الوقائع إلى تحديد المقصود بمصطلح (شيء) الذي يفترض أن يكون محلا ً للتفتيش والضبط ، فإذا كان التفتيش ينصب على" شئ " فإن التساؤل يثور حول مدى انطباق لفظ شيء على الكيانات المعنوية " الوسط الافتراضي " ؟ ولذلك أهمية عملية ، فإذا كانت هذه المكونات لا تكتسب صفة الشيء بالمعنى الذي يعبر عنه النص القانوني ، فإنها لا يمكن أن تكون محلاً التفتيش ، والمشكلة لا تقتصر فقط على مشروعية التفتيش وإنما أيضا ً تمتد لمشروعية ضبط البيانات التي توجد في الوسط الافتراضي ، إذ النص القانوني ينصرف إلى تفتيش الأشياء وضبط ما يوجد بها من أشياء ، فما المقصود بلفظ شيء ؟ وبكلمة أوضح أيعد الوسط الافتراضي وما به من بيانات شيئاً في تطبيق أحكام التفتيش والضبط ؟
لقد اختلف الفقه في مدى جواز تفتيش الوسط الافتراضي وضبط ما به من محتويات إلى ثلاثة اتجاهات :
الاتجاه الرافض :
ويرى أن المقصود بلفظ الشيء هو ما كان مادياً أي ملموسا ً، ولذا فإن الوسط الافتراضي والبيانات غير المرئية أو الملموسة لا يمكن اعتبارها شيئا ،ً ومن ثم سينحصر عنها النص القانوني الذي استعمل مصطلح شيء ، ما يجعل تفتيش الوسط الافتراضي وضبط محتوياته مخالفاً للقانون ، و لذلك يقترح هذا الرأي لمواجهة هذا القصور التشريعي أن يتم تعديل النصوص الخاصة بالتفتيش وذلك بأن يضاف إليها ما يجعل التفتيش يشمل البحث في الوسط الافتراضي وضبط المواد المعالجة عن طريق الحاسب الآلي أو بيانات الحاسب الآلـي ، وبهذا الاتجاه أخذت بعض التشريعات فنصت صراحة على أن إجراءات التفتيش تشمل أنظمة الحاسب الآلي ومن ذلك ما نُصَّ عليه في قانون إساءة استعمال الحاسب الآلي في انجلترا الصادر سنة 1990 ، وهو ما نصت عليه أيضا ًاتفاقية بودابست لسنة 2001 في المــادة 19/1-3 .
الاتجاه المؤيد :
و يذهب إلى أن التفتيش والضبط لا يقتصران على الأشياء بمفهومها المادي ، لأن الغاية من التفتيش هي البحث عن دليل بشأن جريمة وقعت ، ولذا فإن إعمال قواعد التفسير المنطقي تجعل من الكيانات المنطقية مما يمكن تفتيشها وضبط ما بها من محتويات .
ووصولا ً لذات النتيجة يرى البعض أن تحديد كلمة شيء أو مادة يجب أن نرجع في شأنه إلى مدلول هذه الكلمة في العلوم الطبيعية ، حيث تعني كل ما يشغل حيزاً مادياً في فراغ معيـن ، ولما كانت الكيانات المنطقية والبرامج تشغل حيزاً مادياً في ذاكرة الحاسب الآلي ويمكن قياسها بمقياس معين، وهى أيضاً تأخذ شكل نبضات إلكترونية تمثل الرقمين صفر أو واحد، فإنها ذات كيان مادي وتتشابه مع التيار الكهربائي الذي اعتبره الفقه و القضاء في فرنسا ومصر من قبيل الأشياء المادية ، ومن ثم فهي تعد أشياء بالمعنى العلمي للكلمة ومن ثم تصلح لأن تكون محلا للضبط .
اتجاه توفيقي:
ويرى ضرورة إهمال الجدل الدائر حول مصطلح الشيء والعبرة عنده بالواقع ، فالضبط لا يمكن وقوعه عملياً إلا على أشياء مادية ، ولذلك فإن المشكلة ليست مشكلة مصطلح عبر عنه نص القانوني، وإنما هي تتعلق بإمكانية اتخاذ الإجراء، وترتيباً على ذلك فإن تفتيش الوسط الافتراضي يكون صحيحا ً إذا أسفر عن وجود بيانات اتخذت فيما بعد شكلاً مادياً ، وهذا الاتجاه قد اخذ به قانون الإجراءات الألماني في القسم (94) حينما نص على أن الأدلة المضبوطة يجب أن تكون ملموسة، ولذلك فإن البيانات إذا تمت طباعتها تعد أشياء ملموسة وبالتالي يمكن ضبطها .
موقفنا من هذا الخلاف : نرى أنه يجب ألا نقف من تفسير لفظ شيء على المعنى الحرفي للكلمة، إذ يجب تفسير النص تفسيراً منطقيا ً، فما عناه المشرع من إجازة التفتيش هو إتاحة الفرصة للبحث عن الدليل الذي يساعد في كشف الحقيقة بشأن جريمة وقعت، ولا شك أن المشرع حينما استعمل لفـظ (شيء) لم يكن يقصد بذلك الكلمة بمفهومها الحرفي، إذ ما قصده هو البحث عن الدليل في موضعه ، بصرف النظر عما إذا كان موضع البحث شيئا مادياً أو معنوياً، وما إذا كانت الأشياء المراد ضبطها مادية أو معنوية، غاية ما في الأمر أن المشرع وقت وضع النص لم تكن في ذهنه مسألة الوسط الافتراضي لعدم شيـوعه آن ذاك ، ولذا فسكوته عن التصريح بإمكانية تفتيشه والحالة هذه لا يحول دون شموله بالنص تطبيقاً لفكرة التفسير الغائي ، ولذلك فإننا نميل لتأييد الاتجاه لأول المؤيد لفكرة جواز تفتيش الوسط الافتراضي وضبط محتوياته .
ولا ينبغي الاعتراض على ذلك بمقولة إننا قد وسَّعنا من نطاق تطبيق النص في غير مصلحة المتهم ، إذ الغاية من التفسير هي الوصول إلى إرادة المشرع ، وهذه قد استدلينا عليها من النص موضع البحث من خلال الغاية من التفتيش ، وهذه الغاية تكون متوافرة بصرف النظر عن طبيعة الوسط المراد تفتيشه أو الأشياء محل الضبط ، ولذا فإن هذا التفسير لا يمكن عده تفسيراً موسعاً مادامت الغاية هي البحث عن إرادة المشرع ، ومن باب أولى فإننا لم نعمل القياس ، لأننا انطلقنا من النص ذاته في فهم مصطلح الشيء وهذا لا يمكن اعتباره قياسا ً لوجود النص الذي نعتقد أنه يستوعب المسألة موضوع البحث .
وغني عن البيان أن مخرجات الآلة يمكن اعتمادها كدليل جنائي بالحالة التي ضبطت بها مادامت تصلح لطرحها أمام القضاء ، أي حتى وإن ظلت في الوسط الذي ضبطت فيه فهي ستتمتع بصفة الدليل .
ولعل هذا الفهم الذي تقدم لمصطلح الشيء هو ما يتفق و سياسة المشرع الليبي في تحديد مفهوم المادة حينما اعتبر شتى أنواع الطاقة مالاً من الممكن أن يكون محلاً لجريمة السرقة ، فاعتبار الطاقة مالاً يؤكد أن المشرع لا يفاضل بين الأشياء المادية والمعنوية في تطبيق أحكامه متى كانت الغاية من تطبيق النص متوافرة ، بل إن بعض النصوص الخاصة بالتفتيش في القانون الليبي تسمح بمثل هذا الفهم ، حيث تنص المادة (75/2 ) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه " وللمحقق أن يفتش أي مكان ويضبط فيه الأوراق و الأسلحة و الآلات وكل ما يحتمل أنه استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه وكل ما يفيد في كشف الحقيقة " فهذا النص أجاز للمحقق أن يباشر التفتيش في أي مكان ، وهذا يسمح باعتبار الوسط الافتراضي مكانا ً بالمفهوم الواسع للكلمة ، كما أجاز النص ضبط كل ما يفيد في كشف الحقيقة ، وهذا يستوعب المخرجات الرقمية المستمدة من الآلـة عملاً بعموم اللفـظ .
ولذلك فإن الوسط الافتراضي من الممكن أن يكون محلا ً للتفتيش كما يمكن أن تكون محتوياته محلا ً للضبط ، ولا يعترض على ذلك بأن القانون يوجب تحريز المضبوطات وهو ما لا يتفق وطبيعة المخرجات الرقمية ، فهذا ليس صحيحا ًمن وجهة نظرنا ، ذلك أن هذه المخرجات يمكن تحريزها بطريقة تتفق وطبيعتها بوضعها - في حالة فصلها عن مصدرها - في قرص مضغوط CD وتحريز هذا القرص بالطريقة المنصوص عليها قانونا، كما يمكن تحريزها إذا كانت في شكل نصوص بعد طباعتها وتحويلها للشكل المادي الملموس .
ومما تقدم نخلص إلى أن الكيان المعنوي أو الوسط الافتراضي، والبيانات المتحصلة منه ينطبق عليها لفظ الشيء، ولذا فإن تفتيش ذلك الوسط يعد صحيحاً وفقاً للقانون، كما تعد البيانات الموجودة بذلك الوسط أشياء مما يصح ضبطها.
مشروعية التفتيش بالنظر إلى مكان وجود الجهاز المراد تفتيشه:
قد ترتكب الجريمة بواسطة منظومة لمجموعة من الحواسيب تتوزع في أكثر من دولة، والسؤال الذي يُطرح هنا هل يمكن تفتيش تلك الحواسيب للبحث عن أدلة تتعلق بتلك الجريمة بما في ذلك تلك الأجهزة الموجودة في إقليم دولة أخرى ؟
من القواعد المتفق عليها أن نطاق تطبيق قانون الإجراءات الجنائية يرتبط بنطاق تطبيق قانون العقوبات ، فكلما كان هذا الأخير واجب التطبيق طبق الأول ، و من القواعد المتفق عليها أيضا أنه لا تلازم بين تطبيق قانون العقوبات وارتكاب الجريمة على إقليم الدولة ، إذ قد ترتكب خارج إقليمها ومع ذلك يكون قانونها واجب التطبيق ، كالاختصاص وفقاً لمبدأ العينية والشخصية والعالمية ، فضلاً عن ذلك فإن الجريمة قد ترتكب في إقليم دولة ما وتمتد آثارها إلى إقليم دولة أخرى ، فإذا كانت هذه الدولة مختصة بالتحقيق في هذه الجريمة لأن قانون عقوباتها واجب التطبيق ، فإن التساؤل يثور حول مدى إمكانية تفتيش تلك الآلة الموجودة خارج الإقليم بواسطة السلطات التابعة لهذه الدولـة ؟
علينا بداية أن نشير إلى أن الوسط الافتراضي للشبكة المعلوماتية لا يرتبط بنطاق إقليم دولة ما، ولذا فإن مكان تفتشيه هو المكان الذي يوجد به الحاسب الآلي المراد تفتيشه.
إن اختصاص الدولة بالتحقيق في جريمة ما وإن كان يخولها تطبيق قانون إجراءاتها بشأن هذا التحقيق بصرف النظر عن مكان وقوع الجريمة مادامت خاضعة لقانون العقوبات الخـاص بها ، إلا أن ذلك لا يعني أن تباشر الدولة هذه الإجراءات خارج إقليمها، إذ يتعذر على الدولة مباشرة اختصاصاتها بالتحقيق خارج إقليمها،لأن ذلك من مظاهر سيادتها فلا يسمح لها بممارسته على إقليم دولة أخرى ، ولذا فمن المتعذر قانوناً مباشرة الدولة المختصة بالتحقيق لأي إجراء خارج إقليمها بشأن الجريمة رغم انعقاد اختصاصها بالتحقيق فيها ، ولذا تبدو مشكلة الحصول على دليل بشأن بعض الجرائم إذا كان الدليل المراد الحصول عليه يوجد في جهاز موجود في دولة أخرى في إطار الإشكالية المعروضة ، إذ لن تتمكن سلطات التحقيق من الحصول عليه ، ولذا تبدو اتفاقيات الإنابة القضائية هي السبيل لتحصيل هذا الدليل ، بحيث تُقوَّض الدولة الأخرى في جمع هذا الدليل وإرساله لدولة التحقيق ، وقد نصت المادة 25 /أ من قانون الحاسوب الهولندي على الاعتداد بالدليل المتحصل عليه في إقليم دولة أخرى إذا تم ذلك تنفيذا ً لاتفاقيات التعاون الأمني والقضائي ، وأحيانا ً تكون تلك الدولة مختصة هي الأخرى بالتحقيق في هذه الجريمة ، ولذا فإن هي لم ترغب في مباشرة التحقيق بشأنها قد تتطوع بتزويد دولة التحقيق بالبيانات التي تم ضبطها وفقاً لما يعرف بنظام تبادل المعلومات أو المساعدات ، وقد نصت اتفاقية بودابست على هذا النظام في المادة 25/1 بقولها ( تقوم الدول الأطراف بالاتفاقية بتقديم المساعدات المتبادلة لبعضها البعض إلى أقصى حد ممـكن ، و ذلك للإغراض الخاصة بعمليات التحقيق أو الإجراءات المتعلقة بالجرائم التي لها علاقة بنظم وبيانات الكومبيوتر، أو بالنسبة لتجميع الأدلة الخاصة بالجريمة في شكل الكتروني).
وغني عن البيان أن تفتيش الوسط الافتراضي يأخذ حكم المكان الذي توجد به الآلة ، فإذا وجد في مكان يصدق عليه وصف المنزل وجب الالتزام في تفتيشه بالأحكام الخاصة بتفتيش المنازل .
غير أن السؤال الذي يُطرح هنا ما الحكم لو كانت النهاية الطرفية للنظام المعلوماتي المراد تفتيشه تمتد لمنزل آخر غير منزل المتهم فهل يمكن تفتيشه في هذه الحالة ؟
لقد حسمت بعض القوانين هذه المسألة بإجازة التفتيش في هذا الحالة ، كالقانون الهولندي بالمادة 25/أ من قانون جرائم الحاسوب و دون حاجة للحصول على إذن مسبق من أية جهة شريطة ألا تكون النهاية الطرفية لذلك النظام في إقليم دولة أخرى ، ونحن نعتقد أن هذا الحكم لا يمكن إعماله بإطلاق في ضوء نصوص القانون الليبي ، لأن هذا النوع من التفتيش ينطوي في الحقيقة على معنى تفتيش غير المتهم ، ولذلك فإنه لا يجوز إعماله إلا في الأحوال التي يجوز فيها للقائم بالتفتيش تفتيش غير المتهم أو منزله .
سبب التفتيش :-
يشترط لصحة التفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق أن يهدف إلى جمع أدلة حول جريمة قد وقعت بالفعل ، ولذا فإنه فيما يتعلق بصحة تفتيش الوسط الافتراضي أو الآلة الرقمية يشترط أن يكون الفعل المراد الحصول على دليل بشأنه يشكل جريمة، فإذا كان التفتيش يتعلق بجرائم المعلوماتية بالمفهوم الضيق ، فإنه قد لا يوجد نص في قانون دولة ما على تجريم هذا النمط من السلوك ، وهو ما يجعل التفتيش غير مشروع لتحلف أحد شرو
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma