أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
  عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري 580_im11 ENAMILS   عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري 580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
  عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
  عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
  عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
  عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
  عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
  عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
  عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
  عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
  عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
  عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

      عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري Empty عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 1:28 am




    عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري

    المقدمة :
    لقد وجدت العقوبة بوجود الإنسان وتطورت في أشكال مختلفة ، ففي العصور القديمة والوسطى عرفت في شكل الإنتقام ، وبعد تكوين الأسر وإستقرارها وظهور نظام العشائر انتقل التأديب إلى رئيس العشيرة ، وتحول في أحيان أخرى إلى انتقام جماعي عندما يكون المعتدي من عشيرة أخرى غير التي ينتمي إليها المعتدى عليه ، ثم ظهرت بعد ذلك فكرة العقوبة العامة عند الرومان من خلال إحلالهم لفكرة الدية بدلا من فكرة الإنتقام وقد كانت هذه الأخيرة تقدر على أساس الضرر وتدفع للمعتدى عليه ، ثم أصبحت الدولة تتدخل في تقديرها وتتقاسمها مع المعتدى عليه على أساس أن المجتمع قد أصيب أيضا بضرر من جراء الجريمة وبذلك أقر حق العقاب للمجتمع ، كما كان للكنيسة وتعاليم المسيحية أثر فعال في بلورة نظرية العقوبة حيث كانت ترى بأن الجريمة هي خطيئة والعقوبة هي إصلاح لما أجتاح المجتمع من اضطراب بسببها وبذلك أقرت فكرة المسؤولية كأساس للعقوبة ، وقد دعمت هذه المبادئ بظهور الإسلام أين كرست العديد من آيات القرآن الكريم مبدأ تناسب الفعل المعاقب عليه مع العقوبة ، ومبدأ تفريد العقوبة ، وغيرها من المبادئ التي إنتقلت إلى القانون الوضعي وبذلك تطور مفهوم العقوبة في العصر الحديث إلى أن أصبحت تعرف بأنها جزاء يقرره المشرع ويوقعه القاضي على من تبثت مسؤوليته في إرتكاب الجريمة .
    من خلال التطور التاريخي للعقوبة يظهر بأن مفهومها مرتبط بفلسفة المجتمع في العقاب ، وما دفعنا إلى إختيار هذا الموضوع هو إيماننا العميق بأن العقوبة ليست مجرد جزاء بل هي نظرية قائمة بذاتها وبأنها وسيلة للإصلاح وليست غاية والقاضي قبل غيره مطالب بأن يدرك ذلك تمام الإدراك حتى يتمكن من تجسيد السياسة العقابية التي أنتهجها المشرع على أرض الواقع ، إضافة إلى ذلك فالعقوبة هي أهم صورة من صور الجزاء الجنائي حتى بعد ظهور نظام التدابير الإحترازية في نهاية القرن 19م ، وقد تمس بحق من حقوق المحكوم عليه كإنسان كالحق في الحياة أو الحرية ، وحاليا في ظل تعالي أصوات العديد من المنظمات الدولية الناشطة في مجال حقوق الإنسان التي تنادي بإلغاء بعض العقوبات لمساسها بهذه الحقوق كعقوبة الإعدام ، لهذا تسعى غالبية التشريعات الحديثة إلى تطوير سياستها العقابية بسن قوانين تسير في هذا الإتجاه ، وهي وجهة المشرع الجزائري كذلك ، وهو ما تؤكده مختلف النصوص المنظمة لفكرة العقوبة ، حيث أحيطت بأسس ومبادئ يكفلها الدستور ، وتولى الأمر 66/156 المتضمن قانون العقوبات ، لاسيما من خلال التعديلات التي أدخلت عليه بموجب القانون رقم 06/23 المؤرخ في 20/12/2006 تحديد الإطار القانوني لهذه العقوبات ، كما كرس الأمر 05/04 المؤرخ في 06/02/2005 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين وظائف العقوبة وكيفية تنفيذها بما يضمن تحقيق هذه الأهداف من جهة وحماية حقوق المحكوم عليه من جهة أخرى .
    في الواقع يطرح هذا الموضوع العديد من التساؤلات منها :
    ما الذي تناوله التحديد القانوني للعقوبة ؟ وكيف كان ذلك ؟

    المبحث الثاني: تقسيم العقوبات في التشريع الجزائري.
    المطلب الأول: العقوبات المقررة للشخص الطبيعي.
    الفرع الأول: سلم العقوبات.
    الفرع الثاني: أنواع العقوبات.
    المطلب الثاني: العقوبات المقررة للشخص المعنوي.
    الفرع الأول: العقوبات المقررة للجنايات والجنح.
    الفرع الثاني: العقوبات المقررة للمخالفات.
    المبحث الثاني: تقسيم العقوبات في التشريع الجزائري.
    المطلب الأول: العقوبات المقررة للشخص الطبيعي.
    الفرع الأول: سلم العقوبات.
    الفرع الثاني: أنواع العقوبات.
    المطلب الثاني: العقوبات المقررة للشخص المعنوي.
    الفرع الأول: العقوبات المقررة للجنايات والجنح.
    الفرع الثاني: العقوبات المقررة للمخالفات.
    الفصـل الثاني: الإطار القانوني للتوقيع القضائي للعقوبة.
    المبحث الأول: سلطة القاضي في تقدير العقوبة.
    المطلب الأول: سلطة القاضي في تخفيف وتشديد العقوبة.
    الفرع الأول: سلطة القاضي في تخفيف العقوبة.
    الفرع الثاني: سلطة القاضي في تشديد العقوبة.
    المطلب الثاني: سلطة القاضي في تقدير العقوبة في حالة تعدد الجرائم.
    المطلب الثالث: سلطة القاضي في الإعفاء من العقوبة.
    المبحث الثاني: تنفيذ العقوبة وانقضاؤها.
    المطلب الأول: سلطة القاضي في وقف العقوبة.
    الفرع الأول: نظام وقف تنفيذ العقوبة.
    الفرع الثاني: نظام الإفراج المشروط.
    المطلب الثاني: أسباب انقضاء العقوبة.
    الفرع الأول: وفاة المحكوم عليه.
    الفرع الثاني: تقادم العقوبة.
    الفرع الثالث: العفو عن العقوبة.
    الخاتمــة.

    الفصل الأول: تحديد العقوبات في النظام القانوني الجزائري
    العقوبة كما سبق وأن ذكرنا في مقدمة هذه الدراسة هي جزاء يقرره القانون و يوقعه القضاء، وبذلك يتضح بأن تقرير العقوبة وتحديدها اختصاص يحتكره القانون بمفهومه الواسع، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل حول مضمون هذا التحديد، وبالرجوع إلى نصوص هذا الأخير نجد بأن الدستور وهو أسمى نص في الهرم القانوني الجزائري قد عمل على تحديد مبادئ للعقوبة و جعل منها ضمانات قانونية للحريات الأساسية للأفراد، و تولي قانون تنظيم السجون لاسيما بعد تعديله بموجب القانون رقم 05/04 تكريس أهداف العقوبة، وتولي قانون العقوبات بصفة أساسية وبعض القوانين الخاصة تحديد أنواع العقوبات وقرر أيضا سلمها، وبذلك يتبين بأن النظام القانوني الجزائري حدد خصائص العقوبة و وظائفها مكرسا بذلك المبادئ العامة التي تقوم عليها وهو ما سنتناوله في المبحث الأول، وحدد أيضا تقسيم هذه العقوبات وهو ما سنتطرق إليه في المبحث الثاني.
    المبحـث الأول: المبـادئ العامـة للعقوبـة
    إن دراسة النصوص القانونية المنظمة لفكرة العقوبة لاسيما منها قانون العقوبات الصادر بموجب الأمر 66/156 ومختلف التعديلات اللاحقة له يبين لنا بأنها ليست مجرد جزاء، وإنما هي نظام متكامل ناتج عن تبني فلسفة قانونية تبحث في خصائص العقوبة و أسسها، وتستخلص الوظائف والأهداف المرجوة منها، وهو ما نوضحه في المطلبين التاليين:
    المطلـب الأول: خصائـص العقوبـة وضماناتـها
    لقد تبنى النظام القانوني الجزائري، و إن لم يكن ذلك صراحة تعريف العقوبة الذي تبنته الأنظمة العقابية الحديثة والذي مفاده أن العقوبة جزاء يقرره القانون ويوقعه القاضي على من تثبت مسؤوليته في ارتكاب جريمة وذلك بإيلام الجاني بالإنقاص من بعض حقوقه الشخصية وأهمها الحق في الحياة والحق في الحرية،ونستنتج من هذا التعريف بأن للعقوبة خصائص تميزها عن صور الجزاء، وأخرى تستند إلى نصوص القانون وتشكل بذلك ضمانات قانونية للمحكوم عليهم، نتناول في الفرع الأول خصائص العقوبة في الحالة الأولى وتلك التي تشكل ضمانات قانونية للمحكوم عليه في الفرع الثاني.
    الفـرع الأول: خصائـص العقوبـة
    تتمثل هذه الخصائص فيما يلي:
    1- الإيـلام:
    ويتمثل إيلام الجاني في الانتقاص من بعض حقوقه الشخصية، كحق الحياة، أو الحق في الحرية، أو حق التنقل أو حقوقه المالية، و يرى البعض أن معاناة الجاني أو ألمه يبرره السعي لتحقيق العدالة، لأن المجتمع نفسه قد عانى من الجريمة.
    وتقتضي العدالة أن ينزل العقاب بالجاني جزاءا له على ما فعل، أي أن هذا الإيلام مقصود، فإذا أصاب المحكوم عليه ألم غير مقصود فلا يعد عقوبة، فحبس المتهم خلال إجراءات التحقيق مثلا لا يعد عقوبة رغم أنها قد تؤلم المتهم.(2)
    ويتحدد مقدار هذا الإيلام كما ونوعا بحسب جسامة الجريمة المرتكبة و الأهداف المرجوة منها، فالعدالة تقضي أيضا أن يكون هناك تكافؤ وتناسب بين الجريمة والعقوبة، وجسامة الجريمة لا تتحدد بضررها فحسب، إذ يجب مراعاة الجانب النفسي للجاني أي مقدار الخطأ الذي صدر عنه، فقد يكون ضرر الجريمة كبيرا ولكن خطأ الجاني يسير مما يقتضي النزول بالعقوبة أو الإعفاء منها، وخلاصة القول أن العقوبة جزاء فيجب أن تنطوي على معنى الإيلام بغير تفريط ولا إفراط لأنه لا فائدة من عقوبة غير رادعة ولا من قسوة لا يقررها مصلحة كما يراها بعض الفقهاء.
    2- لـزوم الجريمـة بالنسبـة للعقوبـة:
    تفترض العقوبة بما تنطوي عليه من إيلام سبق وقوع جريمة بحيث تعد أثر أو نتيجة لها، وهو ما يميز العقوبة عن الإجراءات الأخرى التي قد تتخذ قبل وقوع الجريمة بهدف الحيلولة دون وقوعها، والتي قد تنطوي على قدر من الإيلام الذي يخضع له المعني إلا أنها لا تعد من قبيل العقوبات، فالعقوبة لاحقة على الجريمة.
    3- النهائيـة:
    تكون العقوبة المنطوق بها نهائية متى أصبح الحكم الجزائي الذي قضى بها نهائيا، و ذلك بمجرد استفائه لطرق الطعن و يصبح بذلك حائزا على قوة الشيء المقضي به، و هذه القوة ضرورية لإعطاء مصداقية للعقوبة بما يرضي شعور المجتمع بالعدالة، و بذلك تكون العقوبة نهائية لا تقبل أي تعديل أو تغيير من أي جهة كانت، ما عدا في حالة استثنائية واحدة هي حالة الخطأ القضائي والتي يترتب عنها تعويض المعني وهو ما كرسته المادة 46 من الدستور بنصها "يترتب على الخطأ القضائي تعويض من الدولة، ويحدد القانون شروط التعويض وكيفياته"، وقد حدد القانون شروط التعويض وكيفياته في المواد 531 مكرر و ما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية، وهو ما يدعم فكرة عدالة العقوبة.
    الفـرع الثانـي: الضمانـات القانونيـة للعقوبـة
    نظرا لأهمية العقوبة وخطورتها في آن واحد على الأفراد وحرياتهم الشخصية وحتى لا تتحول إلى سلاح قوي يخشى أن تتعسف السلطات التنفيذية في استعماله، فقد أحاطه المشرع و قبله المؤسس الدستوري بضمانات أساسية ترافق توقيعها حماية لحقوق الأفراد و حرياتهم و تتمثل هذه الضمانات فيما يلي:
    1- خضـوع العقوبـة لمبـدأ الشرعيـة:
    يقصد بشرعية العقوبة ألا توقع عقوبة من طرف القاضي إلا بناءا على نص تشريعي صريح يقررها، كما لا يجوز الحكم بعقوبة تختلف في طبيعتها أو تجاوز في مقدارها تلك المنصوص عليها قانونا، وشرعية العقوبة بهذا المعنى تمثل الجزء المتمم لمبدأ شرعية التجريم و العقاب الذي كرسه المشرع الجزائري كمختلف التشريعات الحديثة بموجب المادة الأولى من قانون العقوبات التي تنص على "لا جريمة ولا عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون"، وقبل ذلك أقره الدستور الجزائري لعام 1996 في المادة 133 منه التي نصت "تخضع العقوبات الجزائية إلى مبدأي الشرعية والشخصية"، ويمكن إجمال نتائج مبدأ شرعية العقوبات فيما يلي:
    - اعتبار التشريع هو المصدر الوحيد للعقوبات، فلا يجوز للقاضي أن يحكم بعقوبة غير التي حددها النص القانوني للجريمة المتابع بها المعني، كما لا يستطيع أن يستبدل عقوبة مكان أخرى ولا أن يضيف إلى عقوبة أصلية عقوبة تكميلية لم يتم النص عليها قانونا.
    - لا يجوز للقاضي أن يحكم بعقوبة تتجاوز في مقدارها الحد الأقصى للعقوبة كما هو منصوص عليه في القانون، و لا بعقوبة تقل في مقدارها عن الحد الأدنى المنصوص عليه قانونا متى لم يتوافر ظرف مخفف لصالح المحكوم عليه.
    - يفرض مبدأ شرعية العقوبة قيودا في مواجهة الإدارة العقابية كذلك حيث لا تستطيع أن تنفذ على المحكوم عليه عقوبة غير تلك التي أصدرها القضاء دون أي تعديل لا في طبيعتها ولا في مدتها وأن تنفذها بالكيفيات المحددة قانونا.
    - عدم تطبيق النصوص العقابية على الماضي بأثر رجعي إلا ما كان منها أصلح للمتهم فلا يجوز الحكم على المتهم بعقوبة تزيد في نوعها أو مقدارها عن العقوبة التي كانت سارية المفعول وقت ارتكابه للجريمة إلا إذا كانت هذه العقوبة أصلح للمتهم، وهو ما كرسته المادة 2 من قانون العقوبات.
    وتجدر الإشارة إلى أن القضاء أيضا قد كرس مبدأ شرعية العقوبة وذلك في العديد من قراراته منها القرار الصادر عن المجلس الأعلى المؤرخ في 26/10/1982 الذي جاء فيه "يجب نقض القرار الذي لم يذكر النص أو النصوص القانونية المطبقة مع أن الحكم الأول لم يذكرها أيضا، فيجب إذن على أحكام الإدانة أن تشير إلى المادة أو المواد المطبقة و هذا تحت طائلة البطلان حتى يمكن للمجلس الأعلى أن يمارس رقابته".
    وباستقرائنا لمبدأ شرعية العقوبة كما سبق يطرح التساؤل، ألا يتنافى مبدأ شرعية العقوبة مع ما للقاضي من سلطة تقديرية تمكنه من اختيار الجزاء المناسب؟ وسنجيب عن هذا التساؤل خلال تطرقنا للحدود القانونية لسلطة القاضي في تقدير العقوبة في الفصل الثاني من هذه الدراسة.
    2- خضـوع العقوبـة لمبـدأ الشخصيـة:
    لقد كفل الدستور الجزائري كغيره من الدساتير في العالم مبدأ شخصية العقوبة في المادة 133 منه حماية للحقوق والحريات الأساسية للأفراد وتحقيقا للشعور بالأمن و الطمأنينة لجميع أفراد المجتمع، ويقصد بمبدأ شخصية العقوبة أنه لا يسأل عن الجريمة إلا من ارتكبها أو شارك فيها، ولا تطبق العقوبة إلا على من تثبت مسؤوليته عن ارتكاب الجريمة أو المساهمة فيها، ولا تمتد إلى غيره مهما كانت صلته بالجاني كفرد من أفراد أسرته أو أحد ورثته و ذلك سواء كانت العقوبة تمس بالحياة أو عقوبة سالبة للحرية أو حتى عقوبة مالية كالغرامة فإنها لا تنفذ إلا في أموال المحكوم عليه وحده دون أصوله أو فروعه أو زوجه وإن كان المحكوم عليه معسرا فقد أوجد القانون طرقا أخرى لتنفيذها عن طريق الإكراه البدني، واستثناءا تطبق العقوبات المالية –الغرامة- المحكوم بها على الحدث في أموال مسؤوله المدني وهو استثناء مقرر قانونا، ويترتب على كون العقوبة شخصية انقضاؤها بوفاة المحكوم عليه، ومن صور مبدأ شخصية العقوبة ما أقره المشرع من تأثر مقدار العقوبة بالظروف الشخصية للجاني في حالة الأعذار المعفية أو الظروف المخففة أو في حالة العود المنصوص عليها في المواد من 52 إلى 59 من قانون العقوبات.
    3- قضائيـة العقوبـة:
    العقوبة هي جزاء جزائي لا يجوز أن توقع إلا بعد تدخل قضائي يكون بواسطة القضاء الجزائي المختص، حماية للحريات الفردية وصونا لثقة الناس بالقضاء بوصفه يتمتع بكل شروط النزاهة و الكفاءة و العلم، وهو ما نص عليه الدستور الجزائري في المادة 137 منه التي جاء فيها "يختص القضاة بإصدار الأحكام" وعليه فلا يجوز للسلطة التنفيذية أن توقع الجزاء المنصوص عليه في القانون و لو اعترف المتهم بالجريمة إذ لابد من تحريك الدعوى العمومية أمام القضاء كي يصدر حكما يحدد العقوبة نوعا ومقدارا، وهو ما نصت عليه المادة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية "الدعوى العمومية لتطبيق العقوبات يحركها و يباشرها رجال القضاء أو الموظفون المعهود إليهم بمقتضى القانون".
    إذن صدور العقوبة عن السلطة القضائية بصفة محددة، حيث أنه من يوم النطق بالحكم يكون الجميع على دراية بتاريخ انتهاء العقوبة، يشكل ضمانة للمحكوم عليه لمنع تحكم و تعسف الجهات المكلفة بتنفيذ العقوبة.
    4- المسـاواة فـي العقوبـة:
    يقصد بهذه الخاصية أن نصوص القانون التي تقرر العقوبات تسري على جميع الأفراد دون تفرقة بينهم، فالمشرع إذ ينص في القاعدة الجزائية على عقوبة ما فإن هذه الأخيرة تصبح قابلة للتطبيق على كافة الأفراد الذين ينتهكون هذه القاعدة، و ذلك بصرف النظر عن الاختلاف الواقعي بين ظروف مرتكبي الجرائم، و قد نصت عليها المادة 131 من الدستور بـ: "أساس القضاء مبادئ الشرعية والمساواة والكل سواسية أمام القضاء و لكن لابد من الذكر أن المقصود من هذه المساواة ليس سوى المساواة أمام القانون.
    فهي لا تعني المساواة الواقعية الناشئة عن التزام القاضي بتوقيع ذات العقوبة على سائر المتهمين بارتكاب جريمة معينة، فمن المعروف أن للقاضي سلطة تقديرية تتيح له أن يتخير لكل متهم العقوبة الأكثر مناسبة لظروفه بشرط ألا يتجاوز الحدود التي نص عليها القانون بهذا الصدد.
    وحسب رأينا الخاص فمبدأ المساواة في العقوبة المسلم به في غالب التشريعات العقابية يعني أن كل جريمة حدد لها القانون عقوبة تطبق على جميع الناس دون التفريق بينهم على أساس الثروة، أو الأصل أو الدين،.......،كما منح القاضي سلطة تقدير هذه العقوبة في إطار القانون بالنسبة لجميع الناس فالظروف المخففة أو المشددة أو المعفية تطبق على الجميع دون تمييز متى وجدت، وهو ما يؤكد مبدأ المساواة في العقوبة، من الناحية القانونية، و لكن يطرح التساؤل هل القاضي ملزم بالأخذ بالظروف المخففة أو المعفية أو المشددة متى توافرت؟ وهو التساؤلالعقوبة أو وظائفها دراسة الغاية من توقيع العقوبة في نظام سياسي معين وفي وقت محدد و فهم الأسس الفكرية التي سادت المجتمع في ذلك العصر فكانت سببا في استهدافه تلك الغاية دون غيرها من الغايات والأغراض البعيدة، وفي الواقع تعددت الأغراض من توقيع العقوبات باختلاف الأنظمة العقابية في الأزمنة المختلفة ويمكن حصرها في: إرضاء الشعور بالعدالة، التأهيل أو الإصلاح والردع، وهو ما عمل المشرع على تكريسه في قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمساجين المؤرخ في 06/02/2005، وبناءا على ذلك سنوضح هذه الوظائف فيما يلي:
    1- إرضـاء الشعـور بالعدالـة:
    وهي وظيفة معنوية حيث يتمسك المجتمع بضرورة و وجوب إنزال العقاب بالجاني بغية تحقيق التوازن في القيم الاجتماعية أو القانونية التي أخلت بهما الجريمة المقترفة، فالمجرم الذي خالف القانون واعتدى على مصالح المجتمع المحمية بالنص الجزائي يستحق أن يؤجر ويعاقب إرضاءا للشعور الاجتماعي وتأكيدا لهيبة القانون وسيادة الدولة، كما تقضي عدالة العقاب أن يكون هناك نوع من التناسب بين الجريمة والعقوبة بحيث يتحدد العقاب بناءا على ماديات الجريمة ولاسيما الخطأ المرتكب وركنها المعنوي ومدى جسامتها بما أحدثته من ضرر وما ألحقت من اضطراب بالمجتمع، لذلك فحتى استفادة الجاني من ظروف التخفيف أو الإعفاء من العقوبة يشكل عدالة عقابية طالما أنه مبني على القانون و يطبق على كل من توفرت فيه الشروط القانونية.
    2- الـردع: يقصد بالردع إنذار الناس وتهديدهم بوجوب الابتعاد عن الجريمة وله وجهان هما الردع العام والردع الخاص.
    أ- الـردع العـام:
    يتوجه المشرع بخطابه إلى الناس كافة ويأمرهم بضرورة الابتعاد عن العمل الإجرامي ويهددهم بإنزال العقاب بكل من تجرأ على مخالفة أوامره ونواهيه، ويهدف المشرع من وراء هذا التهديد أن يبتعد الناس عن الإجرام مخافة وقوعهم تحت طائلة العقاب، كما أن الحكم بالعقوبة وتنفيذها على المجرم الذي ارتكب الجريمة يتضمن تحذيرا لباقي أفراد المجتمع الذين تراودهم فكرة ارتكاب الجريمة من أنهم سينالون نفس العقوبة التي وقعت على الجاني وهو مدلول الردع العام، ويرى غالبية الباحثين في الأنظمة العقابية أن السياسة العقابية السليمة لا تسعى إلى العقوبات القاسية لتحقيق الردع العام، إذ غالبا ما يتهرب القضاة من تطبيقها ولا يدعهما الرأي العام بعد أن يرى قسوتها غير المبررة، ولهذا فإن السياسة العقابية الواقعية والسليمة هي التي تسعى إلى العقوبات العادلة والأكيدة، بدلا من العقوبات القاسية كوسيلة لتحقيق وظيفة الردع العام، فالردع العام له تأثير لا ينكر على دعم النظام العام وتقوية سياسة الدفاع ضد الجريمة.
    وحسب رأينا الخاص، هذا الرأي هو الأقرب إلى الصواب لأن الردع العام لا يعني التهديد غير المبرر كما أنه من غير العدل إيلام الجاني بأكثر مما يستحق لردع الآخرين، فالسياسة العقابية السليمة إذن هي التي تجعل مفهوم الردع ينصرف إلى الإنذار والتنبيه بفرض عقوبات عادلة متناسبة من الجرائم المرتكبة.
    بعدما كان الأمر 66/156 المؤرخ في 08/06/1966 والمتضمن قانون العقوبات يكرس فقط العقوبات المقررة للشخص الطبيعي ، وعلى هذا الأساس سنتناول في مطلب أول العقوبات المقـررة للشخص الطبيعي ثم العقوبات المقررة للشخص المعنوي في مطلب ثان .
    المطلـــــب الأول : العقوبــــات المقـــررة للشخــص الطبيعــــــي
    يمكن تصنيف العقوبات إلى عدة تصنيفات بحسب المعيار المعتمد ، كأن يتم ذلك باالإستناد إلى معيار جسامة الجريمة أو إلى معيار طبيعة العقوبة في حد ذاتها أو بحسب علاقة العقوبات ببعضها ....... وسنقتصر في دراستنا هذه على تقسيم العقوبات المقررة للشخص الطبيعي وفقا للمعايير التي إعتمدها المشرع الجزائري لاسيما في ظل التعديل الأخير لقانون العقوبات بموجب القانون رقم 06/23 المؤرخ في 20/12/2006 ، حيث حدد المشرع في المادة 4 ق.ع أنواع العقوبات وفقا لعلاقتها ببعضها أو لمدى إستقلاليتها عن بعضها ، ثم بين في المادة 05 ق.ع سلم هذه العقوبات تبعا لمعيار جسامة الجريمة ، وبناءا على ذلك نتناول في الفرع الأول أنواع العقوبات ،ثم سلم العقوبات في فرع ثان .
    الفـــــرع الأول : أنــواع العقوبــات المقــررة للشخــص الطبيعــي
    لقد اعتمد المشرع معيار علاقة العقوبات ببعضها لتقسيم هذه الأخيرة ، حيث نصت المادة 4 من ق.ع المعدلة بموجب القانون رقم 06/23 على تصنيف العقوبات إلى نوعين : أصلية ، تكميلية ، علما أن المشرع قبل التعديل الأخير الذي أجراه على قانون العقوبات كان يقسم العقوبات بالإعتماد على نفس المعيار السابق الذكر وفي ذات المادة إلى عقوبات أصلية ، تكميلية ، تبعية أي أنه قد ألغى العقوبات التبعية وتبعا لذلك سنتناول فيما يلي أنواع العقوبات المقررة للشخص الطبيعي .
    I. العقوبــــات الأصليــــــــة :
    بالرجوع إلى المادة 4 من ق.ع المعدلة بموجب القانون رقم 06/23 في فقرتها الثانية نجدها تعرف العقوبات الأصلية على أنها تلك التي يجوز الحكم بها دون أن تقترن بها أية عقوبة أخرى ، أي هي تلك العقوبات التي يمكن الحكم بها منفردة دون أن تلحق بها عقوبة أخرى أي هي مستقلة ولا ترتبط بأي عقوبة أخرى ، وحسب رأينا الخاص فحسنا ما فعل المشرع بتعديله لصياغة المادة 4 فقرة 2 ق.ع حيث أنها كانت تنص على :» وتكون العقوبات أصلية إذا صدر الحكم بها دون أن تلحق بها أية عقوبة أخرى « ،وهو ما يفهم منه بأن العقوبة لا تكون أصلية إلا إذا حكم بها منفردة ، وهو ما لا يتفق مع المفهوم الواقعي للعقوبة الأصلية ولا مع قصد المشرع ، لذلك فالصياغة الجديدة للمادة تتفادى أي لبس أو غموض وهي أكثر دقة ووضوح .
    وبالرجوع إلى المادة 5 من ق.ع المعدلة أيضا بموجب القانون رقم 06/23 نجدها قد نصت على العقوبات الأصلية المقررة لكل نوع من أنواع الجرائم وتتمثل هذه العقوبات فيما يلي :
    - العقوبات الأصلية في مادة الجنايات هي : الإعدام ، السجن المِؤبد ، السجن المؤقت لمدة تتراوح بين 05 سنوات و20 سنة ، كما أضافت المادة 5 مكرر ق.ع : » إن عقوبات السجن المؤقت لا تمنع الحكم بعقوبة الغرامة« , وبالتالي يستفاد من هذه المادة أنه يجوز للقاضي في حالة الحكم بعقوبة السجن المؤقت أن يحكم إلى جانبه بعقوبة الغرامة ، ولكن في الواقع وحسب رأينا الخاص فإن المشرع وإن كان قد حصر نطاق إمكانية الحكم بالغرامة في الجنايات في الحالة التي يحكم فيها القاضي بعقوبة السجن المؤقت ، وأزال بذلك الغموض الذي كان يشوب حكم المادة 5 في فقرتها الثانية التي جاء بها القانون رقم 04/15 المؤرخ في 10/11/2004 المعدل والمتمم لقانون العقوبات والتي كانت تنص على إمكانية تطبيق عقوبة الغرامة إضافة إلى عقوبة السجن عموما ، إلا أن المادة 5 مكرر ق.ع الحالي لا تخلو من الغموض بحيث يثور التساؤل حول ما إذا كان الحكم الذي جاءت به عام يجيز للقاضي كلما حكم في جناية بعقوبة السجن المؤقت أن يحكم بعقوبة الغرامة ، وهو ما يشكل خرقا لمبدأ مشروعية العقوبات الذي يقتضي أن يحدد النص المجرم للفعل ذاته العقوبة المقررة له مع منح القاضي السلطة التقديرية في تحديد مقدارها ضمن الحدين المقررين قانونا ؟ وبالتالي ما الجدوى من هذا النص ؟ وهي مسألة تتطلب إجابة من المشرع .
    - العقوبات الأصلية في مادة الجنــح هي : الحــبس مــدة تتجــاوز شهريــن إلى 05 سنـــوات ، الغرامــة التــي تتجاوز 20.000 دج .
    - العقوبات الأصلية في مادة المخالفات هي :الحبس من يوم واحد على الأقل إلى شهرين علــى الأكثر ، الغرامة من 2000 دج إلى 20.000 دج .
    وإجمالا يمكن القول بأن العقوبات الأصلية هي : الإعدام ، السجن ، الحبس ، الغرامة ، وقد ينص القانون لكل جريمة على عقوبة أصلية واحدة كالسجن أو الحبس أو الغرامة ، وقد ينص على عقوبتين معا كالحبس والغرامة أو الحبس أو الغرامة أي على سبيل التخيير ، وسنتناول في الفرع الثاني من هذا المطلب مفهوم كل واحدة من هذه العقوبات .
    I. العقوبـــــات التكميليــــــة :
    عرفتها المادة 4 من ق.ع المعدلة بموجب القانون رقم 06/23 بأنها تلك العقوبات التي لا يجوز الحكم بها مستقلة عن عقوبــة أصليــة ، فيما عدا الحــالات التي ينص عليهــــا القانــــون صراحـــة ، و هـــي إما إجباريــــــة أو إختيارية ، وبالتالي هي عقوبات ترتبط بالعقوبة الأصلية ، إذ يجوز كأصل عام للمحكمة أن تحكم بها إلى جانب العقوبات الأصلية في بعض الجرائم التي بينها القانون .
    وتلزم في أحيان أخرى بالحكم بها بالنسبة لبعض العقوبات التكميلية ، واستثناءا يمكن الحكم بها بصفة منفردة ومستقلة أي دون العقوبة الأصلية إذا ما نص القانون عليها صراحة ، ويعني ذلك أن هذه العقوبات لا تلحـــق تلقائيا العقوبات الأصلية ، بل يجب أن ينطق بها القاضي ، وقد نصت عليها المادة 9 من ق.ع المعدلة بالقانون رقم 06/23 ، وأول ما يلاحظ على هذه الأخيرة هو أنها قد جاءت ب 12 عقوبة تكميلية ، أربعة منهــــــــــا كانت مكرسة أصلا في المادة 9 ق.ع المعدلة بالقانون 89/05 وهي تحديد الإقامة ، المنع من الإقامة ، المصادرة الجزائية للأموال ، نشر الحكم ، واثنتين منها نصت عليها المادة 6 ق.ع الملغاة بموجب القانون 06/23 وهي الحجر القانوني ، الحرمان من الحقوق الوطنية التي كانت عقوبات تبعية تلحق العقوبة الأصلية إذا ما كانت عقوبة جنائية بقوة القانون ، وإثنتين منها كانت المادة 19 ق .ع تنص عليها كتدابير أمن وهي : المنع من ممارسة مهنة أو نشاط ، إغلاق المؤسسة ، كما إستحدث التعديل الأخير لقانون العقوبات أربع عقوبات تكميلية وهي : المنع من إصدار الشيكات و/ أو إستعمال بطاقات الدفع ، تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من إستصدار رخصة جديدة ، سحب جواز السفر ، الإقصاء من الصفقات العمومية كما ألغى التعديل الأخير عقوبة حل الشخص الإعتباري ، وبناءا على ما سبق سنتناول فيما يلي العقوبات التكميلية الإجبارية ثم الإختيارية .
    1- العقوبــات التكميليــة الإجباريــــة :وهي التي يلزم القاضي بالحكم بها وتتمثل فيما يلي :
    أ- الحجــر القانـــوني:عرفته المادة 9 مكرر من ق.ع المعدلة بالقانون 06/23 وذلك بنصها على : » في حالة الحكم بعقوبة جنائية ، تأمر المحكمة وجوبا بالحجر القانوني الذي يتمثل في حرمان المحكوم عليه من ممارسة حقوقه المالية أثناء تنفيذ العقوبة الأصلية ، تتم إدارة أمواله طبقا للإجراءات المقررة في حالة الحجر القضائي « ويستفاد من النص أن القانون قد وضع المحكوم عليه بعقوبة جنائية قي عداد ناقصي الأهلية الذين يحرمون من ممارسة حقوقهم المالية ، ويبقى مع ذلك أهلا لأن يمارس حقوقه الشخصية كحقه في الزواج أو الطلاق ، والإقرار بالنسب ، إلا أنه بعد التعديل الأخير لقانون الأسرة في 2005 وإلغاء المادة 20 من القانون السابق التي كانت تسمح بالزواج عن طريق الوكالة يطرح التساؤل حول إمكانية ممارسة المحكوم عليه بعقوبة جنائية لحقه في الزواج أو الطلاق ؟
    أما بالنسبة لتصرفاته المالية فالأمر واضح حيث لا يعتد القانون بتصرفات المحكوم عليه المالية كالبيع والهبة فإن قام بها فهي باطلة ، ويتولى إدارة أمواله وليه أو وصيه فإن لم يكن له ، تعين له المحكمة مقدما وفقا لما هو منصوص عليه في حالة الحجر القضائي في المادة 104 من قانون الأسرة ، وتستمر مدة الحجر القانوني طيلة مدة تنفيذ العقوبة الأصلية فإن إنقضت هذه الأخيرة بسبب العفو الجزئي أو الكلي تنقضي معها عقوبة الحجر القانوني ، وترد أموال المحكوم عليه له ، على أن يقدم من تولى إدارتها كشف حسابي بما قام به من تصرفات ، تحت طائلة مسؤوليته عن الضرر الذي قد يلحق المحكوم عليه بسبب تقصيره .
    ب- الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية :تجدر الإشارة إلى أن المادة 9 من ق.ع قبل التعديل الأخير الذي طرأ عليها كانت تنص على عقوبة " الحرمان من مباشرة بعض الحقوق " وتحيل المادة 14 ق.ع بخصوصها إلى المادة 8 ق.ع التي كانت تنص على عقوبة " الحرمان من الحقوق الوطنيـــــــــــة "
    وهي عقوبة تبعية إلزامية إذا ما تعلق الأمر بعقوبة جنائية ، أي كان المشرع ينص على عقوبة الحرمان من الحقوق الوطنية مرتين تارة كعقوبة تكميلية وتارة أخرى كعقوبة تبعية ، كما أنه بالرجوع إلى الحقوق التي عددتها المادة 8 ق.ع نجد بأنها لا تتعلق فقط بحقوق وطنية وإنما بحقوق مدنية وأخرى عائلية ، أما بعد التعديل الأخير لقانون العقوبات فقد أصبحت أشمل وأدق بأن نص على الحرمان من الحقوق المدنية والوطنية والعائلية ، كما أنها أصبحت في كل الأحوال عقوبة تكميلية لا تلحق العقوبة الأصلية بقوة القانون وإنما يجب على القاضي الحكم بها كلما تعلق الأمر بعقوبة جنائية وهو ما نصت عليه المادة 9 مكرر 1 ق.ع في فقرتها الأخيرة التي جاء فيها :» في حالة الحكم بعقوبة جنائية يجب على القاضي أن يأمر بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها أعلاه لمدة أقصاها 10 سنوات ، تسري من يوم إنقضاء العقوبة الأصلية أو الإفراج عن المحكوم عليه « وحسب رأينا الخاص فحسن فعل المشرع بتعديله لأحكام هذه العقوبة لاسيما فيما يخص مدة الحكم بها وكذا بدء سريانها، بحيث كانت هذه المسألة تطرح إشكالا هاما حيث أن المادة 8 ق.ع بعد تعديلها في 13/02/1982 ألغت فقرتها الأخيرة التي كانت تنص على مدة الحرمان من الحقوق الوطنية والتي حددتها ب 10 سنوات إبتداءا من تاريخ الإفراج على المحكوم عليه ، فهل أراد المشرع بإلغاء هذه الفقرة إلغاء المدة المؤقتة لتحل محلها مدة مؤبدة تستمر مدى الحياة ؟ و في الواقع حاليا لم يعد لهذا التساؤل مجال بعد أن عاد المشرع إلى أحكام المادة 8 ق.ع قبل تعديلها في 1982 .
    وتجدر الإشارة إلى أن القاضي لايكون ملزما بالحكم بالحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية و المدنية والعائلية إلا إذا كانت العقوبة الأصلية المحكوم بها هي عقوبة جنائية أي لا يكفي الحكم بعقوبة جنحية في جناية ، كما أنه لا حاجة لأن ينص عليها القانون صراحة في النص المعاقب على الجريمة المرتكبة ويتعين على القاضي النطق بها في حكمه وإن لم يفعل فإنها لا تطبق ، ويتمثل الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية حسب المادة9 مكرر1 من ق.ع في :
    - العزل أو الإقصاء من جميع الوظائف والمناصب العمومية التي لها علاقة بالجريمة .
    - عدم الأهلية لأن يكون مساعدا محلفا أو خبير ، أو شاهدا على أي عقد ، أو شاهد أمام القضاء إلا على سبيل الإستدلال .
    - الحرمان من حق الإنتخاب أو الترشح ومن حمل أي وسام .
    - الحرمان من الحق في حمل الأسلحة ، وفي التدريس ، وفي إدارة مدرسة أو الخدمة في مؤسسة للتعليم بوصفه أستاذا أو مدرسا أو مراقبا .
    - عدم الأهلية لأن يكون وصيا أو قيما .
    - سقوط حقوق الولاية كلها أو بعضها ، وحسب رأينا تسقط حقوق الولاية كليا إذا ما تعلق الأمر بإدارة الشؤون المالية للمتولى عنه لأن المحكوم عليه بعقوبة جنائية لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المالية وبالتالي من باب أولى أن لا يباشر حقوق غيره ، وتسقط جزئيا إذ ما تعلق الأمر بالشؤون الشخصية كالزواج مثلا ، وللقاضي أن يحكم بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق المذكورة آنفا .
    - ج- المصادرة الجزئية للأموال :يقصد بالمصادرة حسب المادة 15 من ق.ع المعدلة بموجب القانون رقم 06/23 الأيلولة النهائية إلى الدولة لمال أو مجموعة أموال معينة أو ما يعادل قيمتها عند الإقتضاء ، وتنصب المصادرة على الأشياء التي استعملت أو كانت ستستعمل في تنفيذ الجريمة أو التي تحصلت منها ، وكذلك الهبات أو المنافع الأخرى التي استعملت لمكافأة مرتكب الجريمة ،وقد نصت المادة 15 مكرر1 ق.ع على أن يتم ذلك مع مراعاة حقوق الغير حسن النية ، ويقصد بهذا الأخير حسب المادة 15 مكرر2 ق.ع الأشخاص الذين لم يكونوا شخصيا محل متابعة أو إدانة من أجل الوقائع التي أدت إلى المصادرة ، ولديهم سند ملكية أو حيازة صحيح ومشروع على الأشياء القابلة للمصادرة ، وهذا معناه أن الأشياء المملوكة للغير الذي لم تثبت مساهمته في الجريمة لا تكون قابلة للمصادرة ، كما لا يكون قابلا للمصادرة الأموال المنصوص عليها في الفقرات 1، 2، 3 من المادة 15 من ق.ع والمتمثلة في :
    - - محل السكن اللازم لإيواء الزوج والأصول والفروع من الدرجة الأولى للمحكوم عليه ، إذا كانوا يشغلونه فعلا عند معاينة الجريمة ، وعلى شرط أن لا يكون هذا المحل مكتسبا عن طريق غير مشروع .
    - - الأموال المذكورة في الفقرات 2، 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8 من المادة 378 من قانون الإجراءات المدنية ومنها : فراش الجاني وعائلته ، الكتب والآلات والعتاد التي لها علاقة بمهنته في حدود 1500 دج، الدقيق والحبوب اللازمة لقوت الجاني وعائلته لمدة شهر ،.........
    - - المداخيل الضرورية لمعيشة الزوج وأولاد المحكوم عليه والأصول الذين يعيشون تحت كفالته وتكون المصادرة عقوبة تكميلية إلزامية في الحالات التالية :
    - * الإدانة لإرتكاب جناية طبقا للمادة 15 مكرر1ق.ع ،أي لا يتطلب الأمر أن تكون العقوبة المحكوم بها عقوبة جنائية بل يكفي الحكم بعقوبة جنحية لإرتكاب جناية وعلى القاضي أن يأمر في هذه الحالات بالمصادرة ولو لم يتم إيرادها في النص المعاقب على الجناية .
    - * في الجنحو المخالفات على أن ينص على ذلك القانون صراحة ومع مراعاة حقوق الغير حسن النية وفقا للمـــــادة 15 مكرر1فقرة 2 ق ع، وهو ما أكده قرار المحكمة العليا الصادر في 09/11/1982 الـــــذي جاء فيـــه :» عملا بنص المادة 15 فقرة3 ق.ع – وهي حاليا المادة 15 مكرر 1 فقرة2– فإنه لا يجوز الأمر بالمصادرة في حالة الحكم بجنحة أو مخالفة إلا إذا نص القانون صراحة على ذلك ، وطالما أن المادة 289 ق.ع لا تنص على المصادرة فإن القرار المتخذ خلافا لذلك يتعرض للنقض «ومن ذلك ما نصت عليه المواد 451 ، 452 من ق.ع المتعلقة بمخالفات النظام العمومي ، و أيضا المادة 389 مكرر 4 ق.ع التي نصت على مصادرة الأملاك محل جريمة تبييض الأموال ، كما نصت بعض القوانين الخاصة على المصادرة وجوبا كما هو الحال في قانون حماية الصحة بالنسبة للمخدرات وكل الأشياء الأخرى التي استعملت في صنعها أو نقلها ، وفي القانون المتعلـــق بالعتــــاد الحربــــي بالنسبــة للأشيــــــاء محــــل الجريمـــة ، وكذلـــك المـــــواد 33 ، 34
    - من القانون رقم 04 /18 المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الإستعمال والإتجار غير المشروعين بهما التين نصتا على مصادرة المنشآت والتجهيزات والأملاك المنقولة والعقارية المستعملة أو الموجهة للإستعمال لإرتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ، وكذا الأموال النقدية المستعملة في إرتكابها أو المتحصلة منها ، وأيضا ما نصت عليه المادة 16 من القانون رقم 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب ، وفي الواقع في هذه الحالات يثور التساؤل حول طبيعة عقوبة المصادرة ، هل هي عقوبة أصلية أم تكميلية ؟ والإجابة حسب رأينا هي أنها عقوبة أصلية لأنه يجوز الحكم بها منفردة ، ولكن نصت المادة 16 من ق.ع المعدلة بموجب القانون رقم
    - 06/23 بأنه » يتعين الأمر بمصادرة الأشياء التي تشكل صناعتها أو إستعمالها أو حملها أو حيازتها أو بيعها جريمة، وكذا الأشياء التي تعد في نظر القانون أو التنظيم خطيرة أو مضرة ، وفي هذه الحالة تطبق المصادرة كتدبير أمن ، مهما يكن الحكم الصادر في الدعوى العمومية « وهو ما
    - : نشرة القضاة لسنة 1983 ، العدد الثاني ، ص78
    - ينطبق على المخدرات ، الأسلحة ،....... وبالتالي نلاحظ أن المشرع قد نص على المصادرة في هذه
    - الحالات تارة كعقوبة وتارة أخرى كتدبير أمن مع أن التعديل الأخير لقانون العقوبات قد ألغى تدابير الأمن العينية ومنها مصادرة الأموال وهو ما يعتبر تناقضا في توجه المشرع لا يبدو جليا المقصود منه .
    - إذا في كل الأحوال بإستثناء ما نصت عليه المادة 16 من ق.ع، لا يقضي بالمصادرة إلا إذا ثبتت الجريمة في حق المتهم وهو ما أشار إليه قرار المحكمة العليا الصادر في 02/06/1981 الذي جاء فيه : » إذا نفت المحكمة عن المتهم إرتكاب جريمة محاولة القتل العمد ، ومن ثم فلا حق لغرفة الإتهام أن تحجز البندقية بحجة أنها إستعملت في جريمة محاولة القتل العمد ، بل كان عليها في هذه الحالة أن تأمر بردها أو ترفض الطلب « ، وهو حسب رأينا قرار صائب فالحجز هو إجراء سابق للمصادرة وهي تأتي لتثبيته وطالما أن المصادرة هي عقوبة والعقوبة لا توقع إلا بثبوت الجريمة ، فبإنتفاء الجريمة لا يمكن القضاء بالمصادرة وبالتالي لا جدوى من الحجز .
    - أما بالنسبة للمصادرة في الجرائم الجمركية فهي عقوبة جبائية وليست تكميلية وبالتالي لا تخضع لأحكام هذه الأخيرة ، وخلاصة القول أنه بعد إلغاء المادة 15 مكرر من ق.ع بموجب القانون 06/23 أصبحت المصادرة عقوبة تكميلية وجوبيه في الجنايات دون حاجة لنص القانون وفي الجنح والمخالفات بشرط أن ينص عليها القانون صراحة .
    - د- نشر أو تعليق حكم أو قرار الإدانة: يقصد به حسب المادة 18 من ق.ع أن تأمـر المحكمة بنشـر الحكم كاملاَ أو ملخص له في جريدة أو أكثر يعينها الحكم أو بتعليقه في الأماكن التي يحددها كذلك الحكم على أن لا تتجاوز مدة التعليق شهر واحد ، وذلك على نفقة المحكوم عليه في حدود مبلغ النشر الذي يحدده الحكم ، وقد أضافت المادة 18 بعد تعديلها في فقرتها الثانية على أن كل من يقوم بإتلاف أو إخفاء أو تمزيق المعلقات السالفة الذكر يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى سنتين وبغرامة من 25000 دج إلى 200.000 دج مع الأمر بتنفيذ التعليق من جديد على نفقته .
    ويكون نشر أو تعليق حكم أو قرار الإدانة عقوبة تكميلية إلزامية في جنحتي المضاربة غير المشروعة المنصوص عليهما في المواد 172 ، 173 ق.ع وذلك بنص المادة 174 ق.ع على ما يلي :
    »...ويجب على القاضي حتى ولو طبـق الظروف المخففة أن يأمر بنشرحكمه وتعليقه طبقا لأحكام المادة 18 «.
    1- العقوبات التكميلية الإختيارية :هي العقوبات التي يجوز للقاضي أن يحكم بها وتتمثل فيما يلي :
    أ-الحرمان من الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية : يقصد بها حرمان المحكوم عليه من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 9 مكرر 1 ق.ع السابق بيانها ، وقد نصت المادة 14 ق.ع بأنها تكون عقوبة جوازية في الجنح في الحالات التي ينص عليها القانون صراحة وقد حددت المادة 14 فقرة 1 من ق.ع مدتها ب 5 سنوات كحد أقصى ويلاحظ أن المشرع قد إلتزم بهذا الحد في كثير من النصوص منها: المواد 105 ، 106 ق.ع المتعلقة بتزوير بطاقات التصويت أو الإنقاص من مجموعها أو الإضافة إليها ، أو تقييد أسماء غير التي أدلى بها الناخبون ، المادة 112 ق.ع المتعلقة بتواطئ الموظفين لإتخاد إجراءات مخالفة للقوانين ، المادة 264 ق.ع المتعلقة بجنحة الضرب والجرح العمد،..... ، وخرج عنه في نصوص أخرى منها المادة 136 ق.ع المتعلقة بإمتناع القاضي أو الموظف الإداري عن الفصل فيما يجب عليه أن يقضي به – إنكار العدالة – التي نصت على عقوبة الحرمان من ممارسة الوظائف العمومية من 05 إلى 20 سنة ، وكذلك في المادة 29 من القانون رقم 04/18 المتعلق بالوقاية من المخدرات التي نصت على جواز الحكم بالحرمان من الحقوق الوطنية والمدنية والسياسية وحددتها من 5 إلى 10 سنوات .
    وفي كل الأحوال تسري هذه العقوبة من يوم انقضاء العقوبة السالبة للحرية أو من يوم الإفراج عن المحكوم عليه طبقا للمادة 14 فقرة 2 من ق.ع ، وهذا معناه أن المشرع قد ربط سريان هذه العقوبة بالعقوبة السالبة للحرية ، لذا يطرح التساؤل عن الحالة التي تكون فيها العقوبة الأصلية المقضي بها هي عقوبة الغرامة كما هو الحال في جريمة إنكار العدالة المعاقب عليها في المادة 136 ق.ع بالغرامة من 750 إلى 3000 دج ، وكذلك في حالة الحكم بعقوبة موقوفة التنفيذ؟ والحل حسب رأينا هو أنها في هذه الحالات تسري من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم نهائي .
    كما تجدر الإشارة أنه في حالة الحكم بعقوبة جنحية لإرتكاب جناية نظرا لإفادة المتهم بظروف التخفيف فعقوبة الحرمان من الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية تكون جوازية ، طبقا للمادة 53 مكرر3 من ق.ع ولكن التساؤل الذي يبقى مطروح هو هل يجب النص عليها صراحة في القانون وما هي المدة القصوى التي يمكن أن يحكم بها خلالها
    ب- تحديد الإقامة : حددت المادة 11 من ق.ع مضمون هذه العقوبة على أنه إلزام المحكوم عليه بأن يقيم في منطقة يعينها الحكم ولا يجوز أن تجاوز مدته 5 سنوات ويبدأ تنفيذ تحديد الإقامة من يوم انقضاء العقوبة الأصلية أو الإفراج عن المحكوم عليه ، وقد نصت المادة 12 من الأمر 75/80 المؤرخ في 15/12/1975 المتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية بالمنع من الإقامة وبتحديد الإقامة على تبليغ الحكم أو القرار القاضي بتحديد الإقامة إلى المحكوم عليه بموجب قرار صادر عن وزير الداخلية يحدد فيه مكان الإقامة الجبرية ، فإن خالف المحكوم عليه التدابير الواجب عليه احترامها كأن ينتقل في غير المنطقة المحددة له بدون إذن من وزارة الداخلية يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات وبغرامة من 25.000 دج إلى 300.000 دج طبقا للمادة 11 فقرة 4 من ق.ع ، وبالتالي يفهم صياغة المادة أن تحديد الإقامة هي عقوبة تكميلية جوازية في كل الجرائم بما فيها الجنايات والجنح على أن يتم النص عليها صراحة ، وقد نصت المادة 19 من الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب على أنه في حالة الإدانة من أجل إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون يكون الحكم بإحدى العقوبات التكميلية ومن بينها عقوبة تحديد الإقامة وجوبيا .
    ج- المنع من الإقامة : هو حسب المادة 12 من ق.ع الحظر على المحكوم عليه أن يتواجد في بعض الأماكن التي حددها الحكم الذي قضى بإدانته سواء بإرتكابه لجناية أو لجنحة وذلك لمدة تتجاوز 5 سنوات في الجنح و10 سنوات في الجنايات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك صراحة، ابتداءا من يوم الإفراج على المحكوم عليه أو من انقضاء عقوبته الأصلية إذا ما كانت هذه الأخيرة موقوفة النفاذ هذا ما إذا كانت عقوبة المنع من الإقامة مقترنة بعقوبة سالبة للحرية طبقا للمادة 12 فقرة2 من ق.ع ، وهو ما يجعلنا نتساءل حول تاريخ إبتداء عقوبة المنع من الإقامة إذا ما كانت مقترنة بعقوبة الغرامة ؟ كما نصت المادة 12 فقرة 3 ق.ع على أنه إذا ما تم حبس الشخص خلال منعه من الإقامة، فإن الفترة التي يقضيها في الحبس لا تطرح من مدة المنع من الإقامة
    وقد نصت المادة 2 من الأمر 75/80 المتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية بالمنع من الإقامة أو بتحديدها على أن وزير الداخلية يتخذ بصفة فردية قرارا يحدد قائمة الأماكن التي تمنع الإقامة بها ، ويبلغ هذا القرار إلى المحكوم عليه ، كما يمكن أن يتضمن فرض تدابير رقابة على المحكوم عليه ، كما يمكن لوزير الداخلية حسب المادة 3 من الأمر السلاف الذكر أن يعدل هذا القرار كما يمكنه وقف تنفيذه ، وهو ما يثير التساؤل فكيف يمكن لوزير الداخلية بإعتباره سلطة تنفيذية مكلفة بالتنفيذ أن يوقف تنفيذ هذه العقوبة القضائية التي تصدر بحكم قضائي أي ألا يعد هذا الأمر تدخل من السلطة التنفيذية في اختصاص السلطة القضائية .
    كما أنه بالرجوع إلى المادة 13 فقرة1 من ق.ع نجدها تنص على أنه يجوز الحكم بعقوبة المنع من الإقامة في حالة الإدانة لإرتكاب جناية أو جنحة ،ومن جهة أخرى نجد أن المشرع قد نص عليها في بعض الجنح فقط منها جنحة حمل السلاح أثناء تجمهر ( المادة 99 ق.ع ) ،التمكين من الهروب ( 194 ق.ع)، الإجهاض (307 ق.ع) ، النصب (372 ق.ع) ، خيانة الأمانة ( 376 ق.ع) ..... ، وبالتالي حسب رأينا الخاص فلا جــــــــدوى
    من النص على هذه العقوبة في كل جريمة لأن ما ورد في المادة 13 ق.ع يتضمن حكما عاما يجيز الحكم بها في كل الجنايات والجنح ، علما أن المادة 1 من الأمر 75/80 السالف الذكر قد نصت على أن المنع من الإقامة يفرض بقوة القانون على المحكوم عليه بالسجن المؤبد المستفيد من استبدال عقوبته بالسجن المؤقت أو من تخفيضها – وذلك في حالة استفادته من إجراءات العفو – وذلك لمدة 5 سنوات من يوم الإفراج عليه .
    كما أضافت المادة 13 من ق.ع بعد تعديلها بموجب القانون رقم 06/23 عقوبة المنع من الإقامة في التراب الوطني للأجانب المدانين بارتكاب جناية أو جنحة ولكن بشرط أن ينص القانون على هذه العقوبة صراحة كما هو وارد في المادة 24 من القانون رقم 04/18 المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الإستعمال والإتجار غير المشروعين بهما ، وقد حدد المشرع مدة المنع من الإقامة بالنسبة للأجانب ب 10 سنوات على الأكثر ، كما أجاز الحكم بها نهائيا كما أضافت المادة 13 فقرة 3 ق.ع أنه في حالة اقتران عقوبة المنع بعقوبة سالبة للحرية فإن ذلك يوقف تطبيقها طيلة فترة تطبيق
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

      عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري Empty رد: عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 1:29 am



    المطلب الثاني : العقوبات المقررة للشخص المعنوي
    لقد أقرالمشرع الجزائري المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بموجب المادة 51 مكرر من القانون رقم 04/15 المؤرخ في10/11/2004 المعدل والمتمم لقانون العقوبات بنصها على : ».. يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف أجهزته أو ممثليه الشرعيين عندما ينص القانون على ذلك ...« ،كما حدد إجراءات متابعته في المواد 65 مكرر إلى 65 مكرر 4 من القانون 04/14 المؤرخ في 10/11/2004 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية ، ثم نص في المواد 18 مكرر ، 18مكرر1 والمادة18 مكرر2 بعد التعديل الأخير لقانون العقوبات ، على العقوبات المطبقة على الشخص المعنوي ، وبالرجوع إلى هذه المواد نجد بأن المشرع قد قسم هذه العقوبات بالإعتماد على معيار علاقتها ببعضها محددا بذلك أنواعها وهو ما سنبينه في فرع أول ، ثم على أساس طبيعة الجرائم المرتكبة حدد سلما لهذه العقوبات وهو ما ستناوله في فرع ثان وذلك فيما يلي :
    الفرع الأول : أنواع العقوبات المقررة للشخص المعنوي .
    بالرجوع إلى المادة 18 مكرر من ق.ع بعد تعديلها بموجب القانون رقم 06/23 ، نجد بأن المشرع قد قسم العقوبات المقررة للشخص المعنوي إلى عقوبات أصلية وأخرى تكميلية ونبين كلاهما فيما يلي :
    I. العقوبات الأصلية : إن تعديل المادة 18 مكرر من ق.ع بموجب القانون رقم 06/23 ، قد أزال لبسا كان مطروحا في القانون 04/15 المعدل لقانون العقوبات ، بحيث كان هذا الأخير ينص في هذه المادة على جملة من العقوبات دون أن يبين طبيعتها ولا المعيار المستند إليه في وضعها ولا كيفية الحكم بها وتقديرها ، بحيث كان يفهم من صياغة المادة بأنه على القاضي أن يحكم بعقوبة الغرامة مع واحدة أو أكثر من العقوبات المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 18 مكرر دون أن يبين طبيعة هذه الأخيرة ولكن بعد تعديل المادة 18 مكرر1 أين أصبحت الفقرة الثانية منها تنص على : » ... واحدة أو أكثر من العقوبات التكميليــــة الآتية ..... «
    وبذلك أصبح من الممكـن القول أن المادة 18 مكرر تقسم العقوبات المقررة للشخص المعنوي فيما يخص الجنايات والجنح إلى عقوبات أصلية وعقوبات تكميلية ، و تتمثل العقوبة الأصلية بحسب ما ورد في المادة 18 مكرر فقرة 1 من ق.ع في الغرامة وهي كما سبق تعريفها إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الدولة مبلغا مقدرا في الحكم .
    أما في المخالفات فقد نصت المادة 18 مكرر 1 من ق.ع في فقرتها الأولى على عقوبة الغرامة كذلك ، وأضافت الفقرة الثانية منها إمكانية الحكم بمصادرة الشئ الذي إستعمل في إرتكاب الجريمة ، دون أن يبين طبيعة عقوبة المصادرة في هذه الحالة واكتفى فقط ببيان أنها عقوبة جوازية ، وهو ما يجعلنا نميل إلى القول بأن العقوبة الأصلية في مواد المخالفات هي الغرامة أيضا ، و طالما أن المشرع لم يبين كيفية تنفيذ عقوبة الغرامة بالنسبة للشخص المعنوي فهي تخضع للقواعد العامة المنصوص عليها قانونا ، ولكن يطرح التساؤل إذا ما إمتنع الشخص المعنوي عن تنفيذها وطالما أنه لا يمكن أن يحكم عليه بالإكراه البدني ، فما مصير الغرامة المحكوم بها لاسيما إذا تم إفلاس الشخص المعنوي ولم يعد من الممكن التنفيذ عليه وفقا للطرق العادية ؟
    II. العقوبات التكميلية : تتعلق هذه العقوبات دائما بالجنايات والجنح فقط وتتمثل حسب المـــادة 18 مكــرر فقرة2 فيما يلي :
    - حل الشخص الاعتباري : أي وقف نشاطه وهي العقوبة التي يعتبرها الكثير من الفقهاء بمثابة عقوبة الإعدام بالنسبة للشخص المعنوي
    - غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة لا تتجاوز 5 سنوات أي وقف نشاط المؤسسة او احد فروعها مؤقتا لمدة لا تتعدى 5 سنوات .
    - الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز 5 سنوات .
    - المنع من مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو إجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر نهائيا أو لمدة لا تتجاوز 5 سنوات .
    - مصادرة الشئ الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها .
    - نشر وتعليق حكم الإدانة .
    - الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة لا تتجاوز 5 سنوات وتنصب الحراسة على ممارسة النشاط الذي أدى إلى الجريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته .
    ولكن ما يلاحظ على هذه العقوبات حتى بعد أن حدد المشرع طبيعتها بجعلها عقوبات تكميلية هو غموضها بحيث لم يبين طبيعة نظامها أي ما إذا كانت إجبارية أم جوازية ، وإن كان ما يظهر من صياغة المادة هو أنها إجبارية وجوازية في ذات الوقت لأنه يجوز للقاضي أن يختار واحدة أو أكثر منها بحسب طبيعة الجريمة المرتكبة وما يراه مناسبا وهو أيضا ملزم بذلك بحيث لا يمكنه أن لا يحكم بأي واحدة منها ، كما نلاحظ أيضا أن المشرع لم يبين كيفية تطبيق هذه العقوبات مما يجعلها بدون جدوى.
    - إذن يمكن أن نستخلص مما سبق بأن المشرع قد قسم العقوبات المقررة للشخص المعنوي في الجنايات والجنح إلى عقوبات أصلية وأخرى تكميلية ،أما في المخالفات فقد نص على عقوبة الغرامة التي نميل إلى القول بأنها عقوبة أصلية إلى جانب عقوبة المصادرة كعقوبة جوازية وهو ما يدفعنا إلى القول بأن المشرع حتى بعد التعديل الأخير لقانون العقوبات الذي وسع من خلاله دائرة التجريم والعقاب بالنسبة للشخص المعنوي أين أصبح يسأل تقريبا عن كل الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات ما عدا تلك المتعلقة بالإعتداء على الأشخاص ، وكذلك الأمر بالنسبة لأغلب الجرائم المنصوص عليها في القوانين الخاصة كقانون مكافحة التهريب ، وقانون الوقاية من المخدرات .....، إلا أنه بالرغم من ذلك لازالت العقوبات المقررة للشخص المعنوي مشوبة بالعديد من النقائص منها انه لم يبين طبيعة العقوبات المقررة في المخالفات صراحة وهو ما نرجو استدراكه .
    الفرع الثاني : سلم العقوبات المقررة للشخص المعنوي
    بالرجوع إلى المواد 18 مكرر ، 18 مكرر1 ، 18 مكرر2 من ق.ع يتبين لنا بأن المشرع قد وضع سلما عاما لعقوبة الغرامة المقررة للشخص المعنوي سواء في الجنايات أو الجنح أو المخالفات حيث نصت المادة 18 مكرر من ق.ع في فقرتها الأولى والمتعلقة بالجنايات والجنح على الغرامة التي تساوي من مرة إلى 5 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على الجريمة ، وهو نفس ما نصت عليه المادة 18 مكرر1 من ق.ع المتعلقة بالمخالفات ونلاحظ بذلك بأن المشرع قد ربط عقوبة الغرامة المقررة للشخص المعنوي بعقوبة الغرامة المقررة في حالة ارتكاب الجريمة من طرف شخص طبيعي ، وهذا يعني حسب رأينا الخاص بأن المشرع قد اعتمد ضمنيا سلم العقوبات الأصلية الذي أقره للشخص الطبيعي فيما يخص الغرامة أي أن المعيار الذي اعتمده هو طبيعة وجسامة الجريمة المرتكبة ، بحيث تحدد عقوبة الغرامة للشخص المعنوي المدان من أجل ارتكاب جناية بتلك المنصوص عليها إذا ارتكب الجناية شخص طبيعي وكذلك الأمر بالنسبة للجنح والمخالفات وهو ما يؤكد وجود تدرج في تحديد سلم العقوبات المقررة للشخص المعنوي بحسب جسامة الجريمة ، وإن كان الظاهر غير ذلك ، وإن كان هذا السلم مرتبط بسلم تحديد الغرامات للشخص الطبيعي وهي المسألة التي كانت تطرح إشكالا قبل تعديل قانون العقوبات في 20/12/2006 حيث كان السؤال المطروح كيف يقدر القاضي مقدار الغرامة في الحالات التي لا ينص فيها القانون على عقوبة الغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي لا سيما في الجنايات والجنح مع قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي طبقا للمادة 51 مكرر من ق.ع ؟
    وقد أجابت على هذا السؤال المادة 18 مكرر2 من ق.ع بعد صدور القانون رقم 06/23 وذلك بنصها على أن الحد الأقصى للغرامة الذي اعتمد عليه المشرع لحساب حدي الغرامة المقررة للشخص المعنوي يكون كالآتي :
    - 2.000.000 دج عندما تكون الجناية معاقب عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد

    - 1.000.000 دج عندما تكون الجناية معاقب عليها بالسجن المؤقت .
    - 500.000 دج بالنسبة للجنحة .
    أي في هذه الأحوال تحسب الغرامة ويكون حدها الأدنى مرة من الحد المبين في المادة 18 مكــــرر2 من ق.ع
    أي 2.000.000 دج وحدها الأقصى هو 5 مرات من هذا الحد أي 10.000.000 دج في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد مثلا .
    وفي كل الأحوال يكون القاضي من الناحية العملية ملزم بالقيام بعمليات حسابية معقدة لتحديد الغرامة المقررة للشخص المعنوي لاسيما في الحالة التي تكون فيها مرتبطة بعقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي حيث يكون عليه أولا تحديد الغرامة المقررة لهذا الأخير بعد رفع مبالغها وفقا المادة 467 مكرر من ق.ع ثم تحديدها بالنسبة للشخص المعنوي بناءا على ذلك ، ولكن في الواقع هذه المسألة تتطلب أخذ ها بعين الإعتبار عند طبع قانون العقوبات وفقا للتعديلات الأخيرة التي طرأت عليه بموجب القانون رقم 06/23 ، وذلك بتكريس هذه الغرامات في النصوص التي تجرم الأفعال وتعاقب عليها في حد ذاتها .


    الفصل الثاني: الإطار القانوني للتوقيع القضائي للعقوبة.
    يتبين لنا من الفصل الأول من هذه الدراسة بأن القانون عموما قد تولى تحديد العقوبة و ذلك من خلال تحديد مبادئها و أهدافها من جهة و بيان حدودها و أنواعها من جهة أخرى، و لكن من الناحية العملية فإن التحديد أو التقرير القانوني للعقوبة لا يكفي لتطبيقها، لأنه يبقى ضمن التجريد، فلا يمكن للمشرع أن يحدد سلفا عقوبة كل مجرم، كما لا يمكنه أن يشرف على تطبيقها عليه بما يضمن تحقيق الهدف المرجو منها، و ذلك لعدم معرفته به و لا بظروف إرتكابه للجريمة، و للوصول إلى العدالة السليمة و تحقيقها لمبدأ تفريد العقوبة أوكل المشرع مهمة توقيع العقوبة للقاضي لكن ضمن
    الإطار الذي رسمه له، سواء فيما يخص تقديرها بالنسبة لكل مجرم على حدى أو فيما يخص تنفيذها، و على هذا الأساس سنتعرض إلى سلطة القاضي في تقدير العقوبة في مختلف الظروف التي نص عليها المشرع في مبحث أول، ثم إلى تنفيذ العقوبة و انقضائها في مبحث ثان.
    المبحث الأول: سلطة القاضي في تقدير العقوبة.
    في الواقع بين التحديد القانوني للعقوبة و التوقيع القضائي لها، يطرح مشكل ما مدى سلطة القاضي في تقدير العقوبة ؟ وهو الإشكال الذي حاولت العديد من المؤتمرات الدولية معالجته منذ القدم و منها المؤتمر الدولي للجمعية العامة للسجون في روما سنة 1887، هذه السلطة التي تطورت في عدة أشكال يمكن إجمالها في : نظام السلطة المطلقة، المقيدة و النسبية، و سنحاول فيما يلي و على ضوء ما اقره المشرع الجزائري من سلطات للقاضي في تقدير العقوبة في مختلف الظروف أن نبين هذه الأخيرة و كيفية تقدير القاضي للعقوبة لا سميا السالبة للحرية و مدى هذه السلطة و الحدود القانونية لها و ذلك كما يلي:
    المطلب الأول: سلطة القاضي في تخفيف و تشديد العقوبة.
    لقد حدّد المشرع العقوبات بما يتناسب مع جسامة الجرائم المرتكبة، و قسمها إلى تكميلية منها الإجبارية التي تقتصر سلطة القاضي على تقدير مدتها، و منها الجوازية و له سلطة مطلقة في الحكم بها من عدمه، و إلى عقوبات أصلية الغالب عليها باستثناء عقوبتي الإعدام و السجن المؤبد أنها تتراوح بين حدين ادني و أقصى، وبذلك تنحصر السلطة التقديرية للقاضي بين هذين الحدين كأصل عام، فهذه السلطة ليست ثابتة بحيث تتأثر بظروف الجاني و ارتكاب الجريمة و قد نص القانون على حالات يكون للقاضي فيها تخفيف العقوبة و النزول بها عن الحد الأدنى المقرر لها قانونا و حالات أخرى تشدد فيها و هو ما نبنيه فيما يلي:
    الفرع الأول: سلطة القاضي في تخفيف العقوبة.
    لقد أجاز المشرع للقاضي في بعض الحالات النزول بالعقوبة السالبة للحرية عن الحدود المقررة لها قانونا، ففي بعض الأحيان حدد الحالات المؤدية إلى ذلك بنصوص قانونية صريحة على سبيل الحصر فيما يسمى بالأعذار القانونية المخفقة، و في أحيان أخرى ترك تحديد هذه الحالات للقاضي و لكن حدد له كيفية تخفيف العقوبة و ذلك فيما يعرف بنظام الظروف المخفقة، و سنتطرق بإيجاز إلى الأعذار القانونية المخفقة ثم إلى الظروف المخففة لإزالة اللبس الذي قد يقع بينهما من جهة و لتحديد سلطة القاضي في كل منهما من جهة أخرى.
    1- الأعذار القانونية المخفقة:
    الأعذار القانونية المخفقة هي حالات محددة قانونا على سبيل الحصر طبقا للمادة 52 ق.ع. يلزم القاضي عند توافرها بتخفيف العقوبة وفقا لما نص عليه القانون، وبالرجوع إلى أحكام هذا الأخير نجده قد نص عليها في المواد من 277 الى 283 و التي يمكن إدخالها ضمن عذر الاستفزاز ، إضافة إلى عذر صغر السن المنصوص عليه بالمواد 49 إلى 51 ق.ع.
    أ‌- عذر الاستفزاز: يمكن تعريف الاستفزاز بأنه ارتكاب الجاني للجريمة بفعل دافع خارجي و ليس بإرادته الحرة و يمكن إجمال حالاته فيما يلي:
    أ -1- وقوع ضرب شديد على الجاني من أحد الأشخاص: وقد نصت على هذا العذر المادة 277 ق.ع، و الأصح حسب رأينا الخاص هو أن يقع ضرب شديد على الجاني من المجني عليه و ليس كما جاء في صياغة المادة من أحد الأشخاص، و شدّة الضرب هي مسالة موضوعية تخضع إلى السلطة التقديرية للقاضي.
    أ-2- التسلق أو ثقب الأسوار أو الحيطان أو تحطيم مداخل المنازل أو المساكن المسكونة أو ملحقاتها ( كالحديقة أو المرآب): و هو ما نصت عليه المادة 278 ق.ع على أن يتم ذلك أثناء النهار لأنه إن تم أثناء الليل فانه يدخل ضمن حالات الدفاع الشرعي المنصوص عليها بالمادة 40 ق.ع و التي تؤدي إلى الحكم بالبراءة لانعدام الجريمة.
    أ-3- التلبس بالزنا: يستفيد من هذا العذر حسب المادة 279 ق.ع الزوج الذي يفاجئ زوجه في حالة زنا، سواء ارتكب الجريمة على زوجه أو على شريكه شرط أن يرتكبها في نفس اللحظة التي يفاجئه فيها متلبس بالزنا، و هو ما كرسه القرار الصادر عن المجلس الأعلى في 3/12/1968 الذي جاء فيه:" يعذر القتل إذا رتكبه أحد الزوجين على الآخر في اللحظة التي يفاجئه فيها في حالة تلبس بالزنا"(11)
    و يجدر الذكر أن الأعذار السابقة المنصوص عليها بالمواد 277، 278، 279 ق.ع لا يستفيد منها سوى مرتكب جرائم القتل والضرب والجرح إذا ما توافرت شروطها.
    أـ4: وقوع هتك عرض بالعنف:
    ويستفيد من هذا العذر حسب المادة 280 ق.ع مرتكب جريمة الخصاء إذا وقع عليه هتك عرض بالعنف على أن يرتكب الجريمة فور وقوع الفعل عليه، وتجدر الإشارة إلى أن المقصود بهتك العرض حسب القانون الجزائري هو الاغتصاب ولكن بالرجوع إلى نص المادة 280 ق.ع باللغة الفرنسية وهو الأصل نجدها تنص على: « …Un attentat à la pudeur commis avec violences » أي فعل مخل بالحياء بالعنف وهو الأصح حسب رأينا لأن حصر هذا العذر في وقوع جريمة هتك عرض- اغتصاب- بالعنف معناه التضييق من مجال تطبيقه لأن ضحية هذا الفعل لا يمكن أن تكون إلا أنثى كما أنه من الصعب إثباته.
    - وبتوفر حالات الاستفزاز سابقة الذكر تخفض العقوبة وفقا لما نصت عليه المادة 283 ق.ع كما يلي:
    * الحبس من سنة إلى 05 سنوات إذا تعلق الأمر بجناية عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد.
    * الحبس من 06 أشهر إلى سنتين إذا تعلق الأمر بأية جناية أخرى وتتمثل في: جناية الضرب والجرح العمد المؤدي إلى عاهة مستديمة المنصوص والمعاقب عليها بالمادة 246 فقرة 3 ق.ع والضرب والجرح العمد المفضي إلى الوفاة دون قصد إحداثها المنصوص والمعاقب عليه بالمادة 264 الفقرة الأخيرة ق.ع.
    * الحبس من شهر إلى 3 أشهر إذا تعلق الأمر بجنحة.
    - كما نصت المادة 283 ق.ع في فقرتها الأخيرة على أنه يجوز للقاضي في حالة تخفيض العقوبة لوجود عذر الإستفزاز في الجنايات الحكم بالمنع من الإقامة من 5-10 سنوات.
    - يلاحظ أن حالات عذر الاستفزاز المؤدية إلى تخفيض العقوبة محدّدة بدقة وعلى سبيل الحصر، كما حدد المشرع الجرائم التي تطبق فيها وبالتالي فسلطة القاضي في هذه الحالات هي سلطة مقيدة إذ يتعين عليه بقيام العذر الحكم بتخفيض العقوبة وله أن يحدد مقدارها بين الحدين الأدنى والأقصى اللذين قررهما المشرع في المادة 283 ق.ع، ويرجع لقاضي الموضوع الفصل في قيام عذر الاستفزاز سواء من تلقاء نفسه أو بطلب من دفاع المتهم الذي يتعين عليه إثارته في الوقت المناسب حيث لا يمكنه إثارته لأول مرة أمام المحكمة العليا، وهو ما أقره قرارها المؤرخ في 30/12/1986 والذي جاء فيه : "إن الدفع بحالة الاستفزاز يجب أن يثار في وقته أمام الجهة المختصة بدراسة الموضوع ولا يمكن للمتهم أن يدفع بهذه الحالة لأول مرة أمام المجلس الأعلى "(12)
    ب- عذر صغر السن:
    ويستنتج هذا العذر من نص المادة 49 فقرة 3 ق.ع التي نصت على: "ويخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13 إلى18سنة إما لتدابير الحماية أو التربية أو لعقوبات مخففة"، وأول ما يلاحظ على هذا النص أنه قد ترك للقاضي السلطة التقديرية في إخضاع القاصر الذي يبلغ عمره من 13 إلى 18 سنة إما لتدابير الحماية أو التربية المنصوص عليها بالمادة 444 ق.إ.ج أو لعقوبات مخففة، وهو ما أكدته المادة 445 ق.إ.ج غير انه هناك اختلاف بين نص المادة 49 فقرة 3 ق.ع التي جعلت الاستفادة من عذر صغر السن مرتبطة بأن يتراوح عمر المعني بين 13 و 18 سنة أي يستفيد منه من أتم 18 عاما وقت ارتكاب الجريمة، وبين المادة 442 من ق.إ.ج التي حددت سن الرشد الجزائي بتمام 18 سنة، وبالتالي لا يحاكم من بلغ سنه عند ارتكاب الوقائع تمام 18 سنة وفقا لقواعد محاكمة الأحداث ولا يستفيد من عذر صغر السن، وبين المادة 445 ق .إ.ج من جهة أخرى لأن هذه الأخيرة تنص على أنه يجوز أن تستبدل تدابير الحماية أو التربية بالنسبة للحدث الذي يبلغ عمره أكثر من 13 سنة بعقوبة مخففة وفقا للمادة 50 من ق.ع، أي إن كان يبلغ من العمر تمام 13 سنة فلا يقضى عليه إلا بتدابير الحماية أو التربية، في حين تنص المادة 49 فقرة 3 ق.ع على إمكانية توقيع عقوبة مخففة على القاصر الذي يبلغ من العمر تمام 13 سنة عند ارتكاب الوقائع، وهذا معناه أنه لابد من تعديل نص المادة 49 فقرة 3 وجعلها تتماشى ونصوص المواد 442، 445 من ق.إ.ج، ولكن قبل ذلك فلابد من الأخذ بما جاء فيها، وإذا ما قرر القاضي عقاب المتهم الذي يتراوح عمره بين 13 و 18 سنة فلابد أن يكون ذلك بعقوبة مخففة وفقا لما نصت عليه المادة 50 ق.ع وذلك كما يلي:
    · إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي الإعدام أو السجن المؤبد فإنه يحكم عليه بعقوبة الحبس من 10 إلى 20 سنة.
    · إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤقت فإنه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم بها إذا كان بالغا.
    · اما في المخالفات فلا يقضى عليه حسب المادة 51 ق.ع إلا بالتوبيخ أو بعقوبة الغرامة التي نص عليها النص المعاقب على الجريمة المرتكبة.
    2- الظروف المخففة:
    يقضي نظام الظروف المخففة بمنح القاضي سلطة النزول بالعقوبة إلى ما دون حدها الأدنى أو إحلال عقوبة أخرى محلها، وقد أخذت بهذا النظام التشريعات التي تحدد العقوبات بحدين أدنى وأقصى وتخلت عنه التشريعات التي تحددها بحد أقصى فقط كالقانون الإنجليزي، الفرنسي ويترك تحديد الظروف المخفقة للسلطة التقديرية للقاضي حسب شخصية الجاني و ظروف ارتكاب الجريمة، و بذلك يمنح للقاضي في ظل هذا النظام سلطة تقديرية واسعة ليس فقط في تحديد الظروف المخففة، بل و في الأخذ بها أيضا، كما أن القاضي متى أخذ بها فهو غير ملزم بتسبيب حكمه و ليس للمتهم الحق في المطالبة بها، و بهذا المفهوم كرس المشرع الجزائري نظام الظروف المخفقة بموجب المادة 53 من القانون رقم 82/04 المؤرخ في 13/02/1982 المعدل و المتهم لقانون العقوبات، و أكده القضاء في العديد من قراراته منها القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 17/12/1968 الذي جاء فيه:" قبول الظروف المخففة المنصوص عليها في المادة 53 ق.ع متروك لتقدير القاضي فهذه الظروف ليست حق للمتهم"(14) ، و لكن بعد صدور القانون رقم 06/23 المعدل لقانون العقوبات قيد المشرع نطاق سلطة القاضي في نظام الظروف المخفقة و هو ما نستخلصه من المواد 53 إلى 53 مكرر 8 من ق.ع المتعلقة بكيفية تطبيقه و هو ما سنوضحه فيما يلي:
    - كيفية تطبيق نظام الظروف المخففة:
    بالرجوع إلى المواد 53 إلى 53 مكرر 8 من ق.ع نجد بأن هذا النظام أصبح يطبق كما يلي:
    أولا: بالنسبة للشخص الطبيعي: نميّز بالنسبة لهذا الأخير بين 3 حالات هي الآتية:
    1- إذا كان المحكوم عليه مبتدئ الإجرام: في هذه الحالة إذا ما قرر القاضي إفادته بظروف
    مخفقة فيمكنه النزول بالعقوبة إلى الحدود المنصوص عليها في المواد 53،53 مكرر 4 فقرة1،2 ،53 مكرر 6 من ق.ع و ذلك كما يلي:
    أ- في الجنايات: تجيز المادة 53 من ق.ع في حالة الإدانة لارتكاب جناية النزول إلى الحدود التالية:
    10 سنوات سجن إذا كانت العقوبة المقررة هي الإعدام، و 5 سنوات سجن إذا كانت السجن المؤبد، و 3 سنوات حبس إذا كانت السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة، و سنة واحدة حبس إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت من 5 إلى 10سنوات.
    و تجدر الإشارة إلى أنه مع إضافة التعديل الأخير لعقوبة الغرامة في كثير من الجنايات و منها جناية التزوير في محررات رسمية أو عمومية المعاقب عليها في المادة 216 من ق.ع بالسجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة وغرامة من 1.000.000 دج إلى 2.000.000 دج ففي مثل هذه الحالات لا يمكن تخفيض عقوبة الغرامة عن الحدود المقررة لها قانونا و هو ما أكدته المادة 53 مكرر 2 من ق.ع التي أضافت بأنه لا يجوز في مادة الجنايات النطق بالغرامة و حدها وذلك في حالة الحكم بتخفيض عقوبة السجن إلى الحبس فلا يجوز وقف التنفيذ الجزئي للعقوبة في هذه الحالة أي لا يجوز وقف تنفيذ عقوبة الحبس و النطق بعقوبة الغرامة فقط، كما يجوز للقاضي في حالة الحكم بعقوبة الحبس كعقوبة مخففة من أجل جناية أن يحكم بالحرمان من مباشرة حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 9 مكرر 1 من ق.ع ، و ذلك بالمنع من الإقامة طبقا للمواد 13،12 من ق.ع و ذلك طبقا لما نصت عليه المادة 53 مكرر من ق،ع.
    ب- في الجنح:بالرجوع إلى المادة 53 مكرر 4 فقرة 1،2 ق .ع نكون أمام الفرضيات التالية:
    - إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس و الغرامة: و هي الحالة التي كان يثور حولها الإشكال في ظل المادة 53 من ق،ع قبل التعديل الأخير له بموجب القانون رقم 06/23 أين ذهب القضاء في قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 12/01/2000 أنه في هذه الحالة إذا قرر القاضي إفادة المتهم بظروف التخفيف فيجوز له الحكم بعقوبة الحبس فقط أو الغرامة فقط،(15) و هو الاتجاه الذي كرّسه المشرع في المادة 53 مكرر 4 من ق.ع بعد التعديل، حيث يستخلص من فقرتها الأولى بان القاضي يكون أمام الاحتمالات التالية: إما الحكم بالحبس و الغرامة معا مع إمكانية تخفيض مدة الحبس إلى شهرين و قيمة الغرامة إلى 20.000 دج ، أو الحكم بعقوبة الحبس فقط على أن لا ينزل كذلك عن الحد الأدنى المقرر لها قانونا.
    - إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس أو الغرامة: هنا أيضا يمكن للقاضي الحكم بعقوبة الحبس فقط أو الغرامة فقط على أن ينزل عن الحد الأدنى المقرر للجريمة المرتكبة.
    - إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس فقط: في هذه الحالة يجوز للقاضي الحكم بعقوبة الحبس و تخفيضها إلى غاية شهرين، أو استبدالها بعقوبة الغرامة التي تتراوح بين 20.000 و 500.000 دج .
    ج- في المخالفات: تخفض العقوبات وفقا لما نصت عليه المادة 53 مكررة 6 ق.ع كما يلي:
    - إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس و الغرامة: فيمكن الحكم بالعقوبتين معا في إطار الحد الأدنى لكل منهما أو الحكم بعقوبة الحبس فقط أو الغرامة فقط دون النزول عن الحد الأدنى المقرر لها قانونا.
    - إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس أو الغرامة فيحكم إما بعقوبة الحبس فقط أو الغرامة فقط في إطار الحدود المقررة قانونا.
    2- إذا كان المحكوم عليه في حالة العود: إذا ما توافرت الشروط القانونية للعود التي سنتطرق لها لاحقا و ارتأت المحكمة تشديد العقوبات على المحكوم عليه وفقا لهذا النظام ثم أرادت إفادته بالظروف المخفقة فإن تخفيض العقوبات ينصب على الحدود القصوى الجديدة المقررة قانونا للعائد وفقا لما سبق بيانه، و ذلك طبقا للمادة 53 مكرر فقرة 1 ق.ع، غير أنه إذا كانت العقوبة الجديدة السالبة للحرية المقررة لحالة العود هي السجن المؤقت من 5 إلى 20 سنة، فإن الحد الأدنى للعقوبة المخففة لا يجوز أن يقل عن 3 سنوات حبس،أما في المخالفات فلا يجوز في كل الأحوال أن تخفض العقوبات عن حدها الأدنى.
    3- إذا كان المحكوم عليه مسبوق قضائيا: و يعتبر كذلك وفقا للمادة 53 مكرر 5 من ق.ع كل شخص محكوم عليه بحكم نهائي بعقوبة سالبة للحرية سواء كانت نافذة أو مشمولة بوقف التنفيذ من أجل جناية أو جنحة من القانون العام، ففي هذه الحالة يجوز للقاضي إفادة المحكوم عليه بالظروف المخفقة و ذلك كما يلي:
    - إذا كانت الجريمة المرتكبة جناية فتخفض العقوبة السالبة للحرية المقررة لها وفقا لما نصت عليه المادة 53 من ق.ع مع إمكانية الحكم بغرامة تتراوح بين 1.000.000 – 2.000.000 دج إذا كانت العقوبة المقررة للجناية المرتكبة هي الإعدام، و بغرامة تتراوح بين 500.000 إلى 1.000.000 دج إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي السجن المؤبد، أما إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت فيجوز الحكم إضافة إلى العقوبة السالبة للحرية المخففة بعقوبة الغرامة التي تتراوح بين 100.000 إلى 1.000.000 دج، و إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي السجن المؤقت و الغرامة فلا بد من النطق بالغرامة في إطار الحدود المنصوص عليها قانونا، و ذلك كله طبقا للمادة 53 مكرر 1 ق.ع.
    - إذا كانت الجريمة المرتكبة جنحة، طبقا للمادة 53 مكرر 4 فقرة 3 ق.ع نكون أمام الفرضيات التالية:
    * في حالة ارتكاب جنحة عمدية: و كانت العقوبة المقررة قانونا لها هي الحبس أو الغرامة فيجوز الحكم بإحدى العقوبتين و لكن دون تخفيضها عن الحد الأدنى المقرر لها قانونا، أما إن كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس و الغرامة فيجب الحكم بهما معا في الحدود المنصوص عليها قانونا، و إن كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس فقط فلا يجوز تخفيضها عن الحد الأدنى المقرر لها قانونا ولا استبدالها بعقوبة الغرامة.
    * في حالة ارتكاب جنحة غير عمدية كالقتل الخطأ مثلا فيفهم ضمنيا من الفقرة السابقة بأن هذه الحالة تسري عليها قواعد التخفيف المنصوص عليها للمبتدئ في المادة 53 مكرر 4 فقرة 2.1 من ق.ع.
    ثانيا: بالنسبة للشخص المعنوي: لقد كرست المادة 53 مكرر 7 ق.ع إمكانية إفادة الشخص المعنوي المدان بارتكاب أي جريمة سواء كانت جناية ، جنحة أو مخالفة بالظروف المخففة، و لو كان مسؤول جزائيا لوحده، أي و لو لم تثبت مسؤولية الشخص الطبيعي الذي يسيره جزائيا ، و نميز في ذلك بين حالتين:
    1- إذا كان الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا: و يكون كذلك طبقا للمادة 53 مكرر 8 ق ع
    إذا سبق الحكم عليه نهائيا بغرامة نافذة أو مشمولة بوقف التنفيذ من أجل جريمة من القانون العام دون المساس بقواعد العود، فإذا ما قرر القاضي في هذه الحالة إفادته بالظروف المخففة فلا يجوز له تخفيض عقوبة الغرامة المطبقة عليه عن الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي، فإن لم تكن الجريمة معاقب عليها بالغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي فلا يجوز النزول عن الحدود القصوى المنصوص عليها في المادة 18 مكرر 2 ق.ع حسب رأينا طالما أن المشرع لم يتعرض لهذه الحالة.
    2-اذا لم يكن الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا : نصت المادة 53 مكرر7 فقرة1 ق.ع في هذه الحالة على جواز تخفيض عقوبة الغرامة المطبقة عليه إلى الحد الأدنى للغرامة المقررة في القانون الذي يعاقب على الجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي، و لكن يطرح التساؤل إذا ما كان هذا الأخير لا يعاقب على الجريمة المرتكبة بالغرامة خاصة و أن المادة 18 مكرر 2 ق.ع تبين الحدود القصوى و ليس الدنيا ؟ و هو التساؤل الذي يبقى مطروح.
    - مجـال تطبـيق نظـام الظـروف المخففـة:
    مما سبق بيانه يتضح بان نظام الظروف المخففة القضائية هو نظام جواري، ترك فيه المشرع للقاضي سلطة تحديد هذه الظروف و سلطة تقدير ملائمة تطبيقها من عدمه، و يشمل هذا النظام كافة الجرائم سواء كانت جنايات، جنح أو مخالفات، و كل أصناف المجرمين سواء مواطنين أو أجانب و سواء مبتدئين أو مسبوقين قضائيا أو في حالة عود، هذا كأ صل عام، و لكن هناك حالات إستبعد فيها المشرع تطبيق الظروف المخففة بنص صريح كما هو الحال في المادة 26 من القانون رقم 04/18 المتعلق بالوقاية من المخدرات و المؤثرات العقلية و قمع الاستعمال و الإتجار غير المشروعين بهما التي نصت على عدم تطبيق هذا النظام في جرائم المخدرات في حالات معينة حصرا منها استخدام الجاني العنف أو الأسلحة، إذا كان الجاني يمارس وظيفة عمومية و ارتكب الجريمة أثناء تأدية وظيفته، إذا أضاف للمخدرات مواد من شأنها أن تزيد في خطورتها،.....
    كذلك ما نصت عليه المادة 22 من الأمر رقم 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب بمنعها القاضي من إفادة الشخص المدان بارتكاب إحدى جرائم التهريب من الظروف المخففة إذا كان محرضا على ارتكاب الجريمة، أو كان يمارس وظيفة عمومية أو مهنة ذات صلة بالنشاط المجرم وارتكب الجريمة أثناء تأدية وظيفته أو بمناسبتها، أو استخدم العنف أو السلاح في إرتكاب الجريمة، كما قيد المشرع القاضي في تخفيض العقوبة عند إفادته بالظروف المخففة في حالات أخرى بأن وضع له حدود خاصة تختلف عن القواعد العامة المنصوص عليها في المادة 53 وما يليها من ق.ع، كما هو الحال في المادة 28 من قانون المخدرات، والمادة 87 مكرر 8 ق.ع الخاصة بالجرائم الإرهابية التي لا تجيز النزول عن 20 سنة سجن عندما تكون العقوبة المقررة هي السجن المؤبد وعن 2/1 المدة- دون بيان ما إذا تعلق الأمر بالحد الأقصى أم الأدنى- إذا كانت العقوبة المقررة هي السجن المؤقت.
    والسؤال المطروح هو متى يمكن القول بأنه قد تمت إفادة المتهم بالظروف المخففة للعقوبة في ظل النظام الحالي؟ بالرجوع إلى المواد 53 مكرر 4، 53 مكرر 6 ق.ع يتبين بأن المشرع يعتبر بأن النزول بالعقوبة إلى حدها الأدنى يعتبر إفادة للمتهم بالظروف المخففة، وهو مخالف لما ذهب إليه القضاء الفرنسي، وقضاء المحكمة العليا التي جاء في قرارها المؤرخ في 14/10/1983: "إن الحد الأقصى لتخفيف العقوبة عند قبول الظروف المخففة هو الحبس لمدة 3 سنوات إذا كانت العقوبة المقررة هي السجن المؤقت"(16)، وهو مخالف أيضا للمنطق القانوني، فالقاضي ليس بحاجة إلى الظروف المخففة للنزول بالعقوبة إلى حدها الأدنى، لأن الأصل هو أن مجال سلطته في تقدير العقوبة يتراوح بين الحد الأدنى و الحد الأقصى لها، كما أن هذه المسألة تتضمن تقييدا هاما لسلطة القاضي في تخفيف العقوبة عن الحدود المقررة لها قانونا.
    - إذن مما سبق يتضح بأن سلطة القاضي في تخفيف العقوبة تختلف باختلاف الإطار الذي رسمه لها المشرع، ففي حالة الأعذار القانونية المخففة هي سلطة مقيدة إذ بمجرد توافرها يتعين على القاضي تخفيض العقوبة وفقا لما نص عليه القانون وله في ذلك أن يقدرها في حدود الحدين المقررين قانونا، أما الظروف المخففة فهي نظام جوازي للقاضي السلطة المطلقة في الأخذ به وحتى في تحديد هذه الظروف، ولكن التعديل الأخير لقانون العقوبات قلص بشكل كبير من مجاله لاسيما بالنسبة للجنح والمخالفات، وفي هذا الشأن يثور التساؤل حول ما إذا كان من الممكن الجمع بين الظروف المخففة والأعذار المخففة؟ ليس هناك ما يمنع ذلك من الناحية القانونية، ولكن عمليا كيف يتم ذلك فهل نبدأ بالظرف المخفف أم بالعذر القانوني؟ والجواب حسب رأينا الخاص هو أن نبدأ بالعذر القانوني أولا لأنه إلزامي، ثم نطبق الظرف المخفف إذا ما كان ذلك ممكن.
    -عموما يلاحظ أن التعديل الأخير لقانون العقوبات فيما يخص نظام الظروف المخففة قد اعتمد سلم بسيط ومتدرج لتخفيض العقوبات يقوم أساسا على التمييز بين المجرمين المبتدئين وذوي السوابق وهو ما يسمح بتطبيق أفضل لمبدأ تفريد العقوبة، إلا أنه في ذات الوقت إتجه نحو تقليص مجال تطبيقه وقد يكون ذلك تمهيدا منه للتخلي عن هذا النظام كما فعل المشرع الفرنسي.
    الفرع الثاني: سلطة القاضي في تشديد العقوبة.
    لقد نص المشرع على أوضاع تشدد فيها العقوبة، منها ما يقتصر دورها على تشديد العقوبة فقط دون المساس بالوصف القانوني للجريمة و هي ما يعرف بحالة العود، و منها ما يؤدي إلى تعديل الوصف القانوني للجريمة دون تغيير إسمها مما يزيد من شدة العقوبة وهي ما يعرف بالظروف المشددة، وسنوضح الحالتين إتباعا فيما يلي مع بيان سلطة القاضي في تقدير العقوبة في كل حالة.
    1- تقدير العقوبة في حالة العود:
    يقصد بالعود إرتكاب جريمة جديدة بعد صدور حكم نهائي عن جريمة سابقة وفقا للشروط المحددة قانونا وقد أخذ المشرع بهذا النظام في المواد54مكرر إلى 54مكرر 10 والمادة 57من ق.ع، كما كرسه في بعض القوانين الخاصة ومنها الأمر 95/06 المتضمن قانون المنافسة والمادة27من القانون 04/18 المتعلق بالمخدرات، وستقتصر دراستنا في هذا الشأن على العود العام أي المنصوص عليه في قانون العقوبات، وبالرجوع إلى هذا الأخير يمكننا تقسيم أحكام العود كما يلي:
    أولا: بالنسبة للشخص الطبيعي:يمكن تصنيفه في الحالات التالية:
    أـ العود ن جناية أو جنحة إلى جناية: وهي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر ق.ع. ويشترط لقيامها توفر الشروط التالية:
    أن تكون الجريمة التي سبق الحكم فيها جناية أو جنحة معاقب عليها قانونا بعقوبة حدها الأقصى يزيد عن 5 سنوات، ولاتهم العقوبة التي حكم بها.
    - أن يكون الحكم السابق الصادر في هذه الجناية أو الجنحة حكم نهائي
    - أن تكون الجريمة الثانية المرتكبة جناية.
    وإذا ما توافرت شروط هذه الحالة التي تعرف بالعود المؤبد لعدم اشتراط أية مدة زمنية بين الجريمتين والعام لعدم اشتراط تماثل بين الجريمتين تشدد العقوبة كما يلي:
    - يرفع الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية المقررة للجناية الثانية المرتكبة إلى السجن المؤبد إذا كان الحد المقرر قانونا 20 سنة سجن، وتكون العقوبة الإعدام إذا أدت إلى إزهاق روح إنسان.
    - وإذا كان الحد الأقصى للجناية المرتكبة السجن لمدة تساوي أو تقل عن 10سنوات فيرفع إلى الضعف، وإذا أقر القانون إلى جانب عقوبة السجن المؤقت عقوبة الغرامة فيرفع الحد الأقصى لهذه الأخيرة إلى الضعف.
    ب-العود من جناية أو جنحة إلى جنحة: وهي الحالة المنصوص عليها في المواد54 مكرر1، 54مكرر2 من ق.ع ويشترط لقيامها: ارتكاب جناية أو جنحة معاقب عليها قانونا بعقوبة يزيد حدها الأقصى عن 5سنوات أيا كانت العقوبة المحكوم بها، وأن يكون الحكم السابق الصادر حكم نهائي، وأن تكون الجريمة الثانية المرتكبة جنحة ونميز في هذا الشأن بين حالتين فرعيتين:
    - إذا أرتكب جنحة ثانية خلال 10سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة وكانت هذه الجنحة معاقب عليها بنفس العقوبة، وهذه الحالة يشوبها الغموض فهل قصد المشرع بقضاء العقوبة أن العقوبة الأولى المحكوم بها يجب أن تكون نافذة وأن يقضيها المحكوم عليه فعلا؟ وحسب رأينا الخاص الأصح هو من تاريخ انقضاء العقوبة لأنه لا يشترط لقيام حالة العود أن تكون العقوبة السابقة المحكوم بها عقوبة سالبة للحرية نافذة، كما أنه من الممكن أن تنقضي العقوبة دون قضائها كليا أو جزئيا بسبب العفو أو الإفراج المشروط وهذه المسائل لا تمنع توافر العود، كما لم يبين المشرع بوضوح العقوبة التي يجب أن تكون مقررة للجنحة لقيام حالة العود بنصه"... معاقب عليها بنفس العقوبة..." والأقرب إلى المنطق هو أن تكون نفس العقوبة المقضي بها في الجريمة السابقة

    فإذا ما توافرت شروط هذه الحالة يرفع الحد الأقصى لعقوبة الغرامة ولعقوبة الحبس المقرر لهذه الجنحة وجوبا إلى الضعف.
    - وإذا كان الحد الأقصى المقرر قانونا للجنحة المرتكبة فيما يخص عقوبة الحبس يزيد عن 10سنوات فيرفع إلى 20سنة حبس، وإن كان الحد المقرر لها يساوي 20سنة حبس فيرفع وجوبا إلى الضعف.
    - إذا ارتكب جنحة معاقب عليها قانونا بعقوبة حدها الأقصى يساوي أو يقل عن 5سنوات حبس وذلك خلال 5 سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة ، يرفع الحد الأقصى لعقوبتي الحبس والغرامة المقررتين لهذه الجنحة وجوبا إلى الضعف
    وفي كلتا الحالتين السابقتين يجوز الحكم بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة 9 من ق.ع.
    ج- العود من جنحة إلى جنحة مماثلة :وهي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر3 من ق.ع ويشترط لقيام العود في هذه الحالة توافر الشروط التالية:
    - أنّ تكون الجريمة الأولى المرتكبة جنحة.
    - أنّ يكون الحكم السابق الذي أدان الجاني بالجنحة الأولى نهائي.
    - أنّ يرتكب المحكوم عليه نفس الجنحة السابقة أو جنحة مماثلة لها بمفهوم المادة 57 من ق.ع التي حدّدت الجرائم التي تعتبر من نفس النوع بمفهوم قواعد العود و منها جنحة اختلاس أموال عمومية أو خاصة و السرقة و الإخفاء و النصب و خيانة الأمانة و الرشوة، الضرب و الجرح العمد و المشاجرة و التهديد و التعدّي و العصيان.... .
    - أنّ ترتكب الجنحة اللاحقة خلال الخمس سنوات التالية لقضاء العقوبة.
    فإذا ما توفرت هذه الشروط فان الحد الأقصى لعقوبتي الحبس و الغرامة المقررتين لهذه الجنحة يرفع وجوبا إلى الضعف.
    د- العود في المخالفات: وهي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 4 ق.ع، ويشترط لقيام العود في المخالفات ما يلي: - أنّ تكون الجريمة المرتكبة مخالفة
    - أن يكون الحكم السابق الذي أدان الجاني بالمخالفة حكم نهائي.
    - أن يرتكب ا لمحكوم عليه نفس المخالفة الأولى لذلك فهو يسمى بالعود الخاص.
    - أنّ ترتكب المخالفة اللاحقة خلال سنة من تاريخ قضاء العقوبة السابقة.
    فإذا ما توفرت الشروط السابقة تشدد العقوبات المقررة للمخالفة كما يلي:
    · بالنسبة لمخالفات الفئة الأولى تشدد العقوبات المقرر لها وفقا لما نصت عليه المادة 445 ق.ع التي تجيز رفع عقوبة الحبس لمدة قد تصل إلى 4 أشهر، و الغرامة إلى حد قد يصل إلى 40.000 دج.
    · بالنسبة لمخالفات الفئة الثانية: تشدد وفقا لما نصت عليه المادة465ق.ع كما يلي:
    - إمكانية رفع عقوبة الحبس إلى مدّة قد تصل إلى شهر و الغرامة إلى 24.000 دج بالنسبة لمخالفات الدرجة الأولى.
    - إمكانية رفع عقوبة الحبس إلى مدة قد تصل إلى 10 أيام و غرامة قد تصل إلى 16.000 دج بالنسبة لمخالفات الدرجة الثانية.
    - رفع عقوبة الحبس إلى مدة قد تصل إلى 5 أيام و الغرامة إلى 12.000 دج بالنسبة لمخالفات الدرجة الثالثة.
    ثانيا: بالنسبة للشخص المعنوي: تماشيا مع أحكام المادة 51 مكرر من ق.ع التي كرست المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي و ما تبعها من أحكام قانونية، أقر المشرع في المواد54 مكرر إلى 54 مكرر 9 من ق.ع كيفية تطبيق نظام العود على الشخص المعنوي، و بالرجوع إلى المواد المذكورة نستخلص حالاته التي يمكن إجمالها فيما يلي:
    أ‌- العود من جناية أو جنحة إلى جناية: و هي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 5 ق.ع و يشترط لتوافر العود في هذه الحالة الشروط التالية:
    - أن تكون الجريمة السابقة المرتكبة جناية أو جنحة معاقب عليها قانونا بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدّها الأقصى يفوق 500.000 دح.
    - صدور حكم سابق نهائي عن الجريمة السابقة.
    - قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي من جراء ارتكاب جناية لاحقة.
    إذا ما توافرت هذه الشروط و قررت المحكمة تطبيق العود عليه فتشدد عقوبته برفع الحد الأقصى للغرامة المنصوص عليه في القانون الذي يعاقب على الجناية المرتكبة إلى 10 مرات،فإذا كانت هذه الجناية غير معاقب عليها بالغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي، فإن الحد الأقصى للغرامة المطبق على الشخص المعنوي في حالة العود هو 20.000.000 دح إذا كانت الجناية معاقب عليها بالإعدام ، و 10.000.000 دح إذا كانت معاقب عليها بالسجن المؤقت.
    ب‌-العود من جناية أو جنحة إلى جنحة: و هي الحالة المنصوص عليها بالمواد 54 مكرر و 54 مكرر 7 من ق.ع اللتين تشترطان لقيام حالة العود مايلي:
    - أن تكون الجريمة المرتكبة جناية أو جنحة معاقب عليها قانونا بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500.00 دج
    - صدور حكم سابق نهائي بإدانة الشخص المعنوي بهذه الجريمة
    - قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي المحكوم عليه من جراء ارتكابه لجنحة ونميز في هذا الشأن بين حالتين:
    - إذا كانت الجنحة المرتكبة معاقب عليها بنفس العقوبة :هنا يشترط لقيام العود أن تكون هذه الجنحة قد إرتكبت خلال العشر سنوات الموالية لقضاء العقوبة، فإن كانت كذلك فالنسبة القصوى للغرامة التي تطبق تساوي 10مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجنحة، وإن كانت هذه الأخيرة غير معاقب عليها بالغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي فإن الحد الأقصى للغرامة التي تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود هو 10.000.000دج
    - إذا كانت الجنحة مرتكبة خلال الخمس سنوات الموالية لقضاء العقوبة السابقة و معاقب عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يساوي أو يقل عن 500.00دج فإن النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجنحة بالنسبة للشخص الطبيعي، وإن لم تكن معاقب عليها بالغرامة بالنسبة لهذا الأخير فإن الحد الأقصى للغرامة التي تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود هو5.000.000 دج
    ج- العود من جنحة إلى جنحة مماثلة: وهي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 8 ق.ع و يشترط لقيام العود فيها ما يلي:
    - ان تكون الجريمة السابقة المرتكبة من طرف الشخص المعنوي هي جنحة.
    - صدور حكم سابق نهائي بإدانة الشخص المعنوي بهذه الجنحة.
    - إرتكاب نفس الجنحة السابقة أو جنحة مماثلة لها بمفهوم المادة 57 ق.ع.
    - أن ترتكب الجنحة الثانية خلال الخمس سنوات الموالية لقضاء العقوبة.
    إذا ما توافرت هذه الشروط و تقرر تطبيق العقوبات المشددة بفعل العود على المحكوم عليه فإن النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على الجنحة بالنسبة للشخص الطبيعي، فان لم تكن معاقب عليها بالنسبة لهذا الأخير بالغرامة فالحد الأقصى للغرامة التي تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود هو 5.000.000 دج.
    د- العود في المخالفات:و هي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 9 من ق.ع، و يشترط لقيام العود توافر الشروط التالية:
    - أن تكون الجريمة المرتكبة من طرف الشخص المعنوي مخالفة.
    - صدور حكم سابق نهائي بإدانة الشخص المعنوي بالمخالفة المرتكبة.
    - أن يرتكب المحكوم عليه نفس المخالفة خلال سنة من تاريخ قضاء العقوبة السابقة
    إذا ما طبقت قواعد العود بتوافر هذه الشروط فإن النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه المخالفة بالنسبة للشخص الطبيعي.
    مـجـال تطبـيق نظـام العـود :
    بالرجوع إلى المواد 54 مكرر إلى 54 مكرر 10 ق.ع السابق بيانها، يتضح بأن نظام العود هو نظام جو ازي يجوز للقاضي إثارته من تلقاء نفسه إذا لم يكن منوها عنه في إجراءات المتابعة، و إذا رفض المتهم محاكمته على هذا الظرف المشدد على القاضي في هذه الحالة أن ينبهه بأن له الحق في طلب مهلة لتحضير دفاعه، و ينوه بذلك و بإجابة المتهم في الحكم، فإن إستعمل المتهم هذا الحق فتمنح له مهلة 3 أيام على الأقل لهذا الغرض وفقا للمادة 338 ا.ج، و ذلك طبقا للمادة 54 مكرر 10 ق.ع..
    و يطبق نظام العود على كافة الجرائم سواء كانت جنايات ، جنح، أو مخالفات ويثبت الحكم النهائي السابق عموما بصحيفة السوابق القضائية التي تتولى النيابة العامة إدراجها في الملف الذي يعتمد عليه قاضي الموضوع في إصدار حكمه، و هو ما أكده القرار الصادر عن المحكمة العليا و المؤرخ في 20/06/1984 الذي جاء فيه : " متى نص القانون على أن تعتبر صحيفة السوابق القضائية- القسيمة رقم 2- المصدر الشرعي و الوحيد لإعتبار أن المتهم معتاد الإجرام، فانه لا يمكن إعتبار أي بديل آخر لهذه الوثيقة فيما تتضمنه من بيانات حول الأحكام القضائية، و أن القضاء بما يخالف هذا المبدأ بعد خرق للقانون، إن إكتفاء قضاة الموضوع بالإعتماد على إستمارة الإستعلامات المعدة من مصالح الأمن بكون المتهم معتاد الإجرام و تشديد العقوبة في حقه، يعد خرق لأحكام هذا المبدأ القانوني "
    و على ما يبدو فإن القواعد الجديدة التي و ضعها المشرع لتطبيق نظام العود تتميز بسهولة تطبيقها و بساطتها مقارنة بالقواعد التي كان ينص عليها قانون العقوبات قبل تعديله، و التي لم تسمح بتطبيقه عمليا، و ذلك لأن القواعد الجديدة التي وسعت من مجال تطبيق هذا النظام يقوم فيها العود على العقوبات المقررة قانونا و ليس على العقوبات المحكوم بها، كمبدأ عام، و قد منح المشرع للقاضي السلطة التقديرية في تطبيقه تكريسا لمبدأ تفريد العقوبة، فتكرار إرتكاب الجريمة من طرف الجاني لا يمكن إعتباره قرينة قاطعة على خطورته، و تشديد العقوبة عليه ليس دائما الحل المناسب لإصلاحه، إلا أن سلطة القاضي في الأخذ بنظام العود لا تعني أنه يستطيع تشديد العقوبة وفقا لإرادته فقط بل يجب أن يكون ذلك في الإطار الذي نص عليه القانون لذلك يتعين عليه إذا ما قرر تطبيقه أن يسبب حكمه.
    2- تقدير العقوبة في حالة الظروف ال
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

      عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري Empty رد: عنوان المذكرة : النظام القانوني في العقوبة في التشريع الجزائري

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 1:30 am



    المطلـب الثانـي: سلطـة القاضي في تقدير العقوبة في حالة تعدد الجرائم

    يقصد بتعدد الجرائم أن يرتكب الجاني عددا من الجرائم دون أن يفصل بينها حكم بات، أو ارتكاب فعل واحد يقبل عدة أوصاف قانونية، وعلى هذا الأساس يصنف تعدد الجرائم إلى نوعين: التعدد الصوري والتعدد الحقيقي، وقد نص المشرع على الحالتين في المواد من 32-38 ق.ع. وهو ما نتطرق إليه فيما يلي:
    1- التعـدد الصوري أو المعنوي:Concour idéal وهو أن يرتكب الشخص فعلا واحدا يقبل عدة أوصاف ويخضع من حيث الجزاء لأكثر من نص سواء في القانون العام أو الخاص، كأن يقوم المتهم باغتصاب فتاة في غابة مثلا، ففعله في هذه الحالة يشكل جريمة هتك عرض طبقا للمادة 336ق.ع. كما يشكل أيضا جريمة الفعل العلني المخل بالحياء طبقا للمادة 333ق.ع. إذن الفعل الواحد في مثل هذه الحالة يقبل عدة تكييفات قانونية فبأيها يجب أن يأخذ القاضي لتوقيع العقوبة؟
    أجاب المشرع عن هذه المسألة في المادة 32 ق.ع. التي جاء فيها: "يجب أن يوصف الفعل الواحد الذي يحتمل عدة أوصاف بالوصف الأشد من بينها"، وهذا معناه أن الفعل يجب أن يوصف بالوصف الأشد والذي يمكن الإقتداء إليه بمقارنة العقوبات الأصلية المنصوص عليها بالنسبة لجميع الأوصاف التي يحتملها الفعل واختيار أشدها، ففي المثال السابق يجب أن يوصف الفعل بجناية هتك العرض وتطبق عليه العقوبة المقررة في المادة 336 ق.ع.
    إن قاعدة الوصف الأشد لا تطرح إشكالات عند تطبيقها إذا ما كان الفعل المرتكب يقبل وصفين أو أكثر في قانون واحد أي في القانون العام، أو قانون خاص، أما إذا كان الفعل الواحد يقبل عدة أوصاف في عدة نصوص قانونية أحدها عام والآخر خاص، فالمسألة تحتاج إلى بعض التدقيق، فنص المادة 32 ق.ع. لم يشر صراحة إلى هذه الحالة، فإذا ما كان الفعل يقبل وصفين أحدهما في القانون العام والآخر في قانون خاص يكون القاضي أمام 3 معايير: معيار الوصف الأشد، معيار النص الخاص، ومعيار النص الأحدث إذا ما كان صدور القانون الخاص لاحق لصدور قانون العقوبات العام وهو الغالب على القوانين الخاصة، فبأي نص يجب أن يأخذ القاضي؟
    لقد حاولت المحكمة العليا الإجابة على هذه المسألة في قرارها المؤرخ في 25/02/1996 الذي جاء فيه "من المستقر عليه قضاء أن الفعل الواحد الذي يقبل وصفين أحدهما من القانون العام والآخر من قانون الجمارك يخضع من حيث العقوبات ذات الطابع الجزائي للعقوبة الأشد التي يتضمنها أحد القانونين وفقا لنص المادتين 32،34 ق.ع. دون الإخلال بالجزاءات ذات الطابع الجبائي المقررة في القانونين أو في أحدهما"(21)
    ويفهم من هذا القرار أنه في حالة التعدد الصوري بين جنحة من القانون العام وجنحة جمركية نبقي على الوصفين معا لتطبيق العقوبات الجبائية مع تطبيق قاعدة الوصف الأشد على عقوبتي الحبس والغرامة وبتعميم هذا المعنى نصل إلى أن قاعدة الوصف الأشد تصلح أيضا في حالة التعدد الصوري بين جرائم القانون العام والقوانين الخاصة، ولكن حسب رأينا الخاص فإن ما استقر عليه قضاء المحكمة العليا بهذا الخصوص لا يصلح في حالة التعدد الصوري بين جريمة في القانون العام وجريمة جمركية كما هو الحال بالنسبة - التعـدد الحقيقي أو المادي: Concour réel: عرفته المادة 33 ق.ع. على أنه ارتكاب عدة جرائم سواء في وقت واحد أو في أوقات متعددة على أن لا يفصل بينها حكم نهائي، وينقسم إلى صورتين هما: عندما تكون المتابعات في آن واحد والمحاكمة واحدة، وعندما تكون المتابعات متتالية والمحاكمات منفصلة، نتناول كل حالة على حدى مع بيان كيفية تقدير العقوبة فيها فيما يلي:
    أ- الصـورة التي تكون فيها المتابعات في آن واحد والمحاكمة واحدة: وقد أشارت إليها المادة 34 ق.ع. مع ملاحظة أنها قد اقتصرت على الجنايات والجنح دون المخالفات، وتقوم هذه الصورة بارتكاب المتهم لجريمتين أو أكثر تحال معا أمام نفس الجهة القضائية للفصل فيها في جلسة واحدة سواء ارتكبت هذه الجرائم بالتتالي وتم اكتشافها ومتابعتها في آن واحد أو ارتكبت في الوقت ذاته تقريبا، وسواءا كانت المتابعات في ملف واحد أو في عدة ملفات وفي هذه الحالة يقضي بضم الملفات، والقاعدة في هذه الحالة هو أنه على القاضي إدانة المتهم بجميع الجرائم التي ارتكبها والنطق بعقوبة واحدة سالبة للحرية لا تتجاوز الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجريمة الأشد، أما بالنسبة للغرامات المالية فللقاضي سلطة تقديرها ويجوز له جمعها، وكذلك الأمر بالنسبة للعقوبات التبعية وتدابير الأمن طبقا للمادة 37 ق.ع.
    وهو ما أكدته المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 30/06/1987 الذي جاء فيه "متى كان من المقرر قانونا أنه في حالة تعدد جنايات أو جنح محالة أمام محكمة واحدة فإنه يقضي بعقوبة واحدة سالبة للحرية، ولا يجوز أن تجاوز مدتها الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجريمة الأشد، ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون".
    ب- الصـورة التي تكون فيها المتابعات متتالية والمحاكمات منفصلة: أشارت إليها المادة 35 ق.ع. وتتمثل في ارتكاب الجاني لعدة أفعال إجرامية يحال من أجلها للمحاكمة أمام جهة قضائية واحدة أو عدة جهات قضائية إثر متابعات منفصلة تصدر عنها أحكام، ويمكن تصور هذه الصورة ضمن الحالات التالية:
    - أن يرتكب شخص جريمتين سواء في آن واحد أو في أوقات مختلفة فتكتشف إحداهما ويتابع ويحاكم من أجلها ويصدر حكم ضده، وخلال تنفيذ العقوبة عليه أو قبل أن يصبح الحكم الأول نهائي تكتشف الجريمة الثانية فيتابع ويحاكم من أجلها ويصدر ضده حكم ثان.
    - أن يرتكب شخص جريمة فيتابع ويحاكم من أجلها ويصدر حكم بإدانته، وقبل أن يصبح هذا الحكم نهائي أي قبل فوات آجال الطعن أو باستئناف الحكم، ارتكب جريمة ثانية فيتابع ويحاكم من أجلها أيضا ويصدر ضده حكم آخر.
    - أن يرتكب شخص عدة جرائم ويتابع متابعات مختلفة أما جهات قضائية مختلفة فتصدر عنها ضده عدة أحكام.
    والقاعدة العامة في هذه الحالات هي عدم جمع العقوبات السالبة للحرية وتنفيذ العقوبة الأشد وهو ما يعرف بقاعدة جب العقوبات confusion des peines بحيث تصدر المحكمة عقوبة عن كل جريمة وتنفذ منها العقوبة الأشد فقط، ويرجع الاختصاص في تنفيذها إلى النيابة العامة كونها صاحبة الاختصاص في تنفيذ الأحكام الجزائية طبقا للمادة 10 من القانون رقم 05/04 المتعلق بتنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، وهو ما أكده قرار المحكمة العليا المؤرخ في 14/01/1996 الذي جاء فيه "من المقرر قانونا عند صدور عدة أحكام سالبة للحرية على نفس الشخص بسبب تعدد المحاكمات فإن العقوبة الأشد وحدها هي التي تنفذ، وعلى النيابة العامة المكلفة أن تنفذ العقوبة، أما في حالة وجود إشكال فيطرح من جديد على آخر جهة قضائية في الدعوى للأمر بضم العقوبة جزئيا أو كليا، وحسم الموضوع وهو ما تم في قضية الحال مما يتعين رفض الطعن".
    وقد نصت المادة 14 من قانون تنظيم السجون على أن طلبات دمج العقوبات أو ضمها ترفع أمام آخر جهة قضائية أصدرت العقوبة السالبة للحرية، ويرفع هذا الطلب حسب ذات المادة في فقرتها الثانية من طرف النائب العام أو وكيل الجمهورية أو من قاضي تطبيق العقوبات أو المحكوم عليه.
    وقد أورد المشرع استثنائيين عن قاعدة عدم جمع العقوبات هما:
    1- الحالـة التي تكون فيها العقوبات المحكوم بها من طبيعة واحدة: يجيز المشرع في هذه الحالة للقاضي جمع أو ضم العقوبات كليا أو جزئيا بتوفر الشروط التالية:
    - أن تكون العقوبات المحكوم بها من طبيعة واحدة، أي لا يجوز جمع عقوبة الحبس إلا مع مثيلتها ولا عقوبة السجن إلا مع عقوبة السجن فلا يمكن الجمع بين عقوبتي الحبس والسجن رغم أن كلاهما هي عقوبة سالبة للحرية وهو ما أكده قرار المحكمة العليا المؤرخ في 29/10/1985 الذي جاء فيه "لا يسمح بضم العقوبات السالبة للحرية إلا إذا كانت العقوبات لا الجرائم من طبيعة واحدة طبقا للمادة 35ق.ع."
    - أن يتم جمع العقوبات المحكوم بها في نطاق الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجريمة الأشد فإن كان مجموع العقوبات المحكوم بها يتجاوز هذا الحد فلا يمكن للقاضي أن يأمر بذلك كليا ولكن يمكنه الأمر بضمها جزئيا في الحد الأقصى المقرر للجريمة الأشد.
    - أن يتم جمع العقوبات بقرار مسبب أو يصدر هذا القرار عن آخر جهة قضائية أصدرت الحكم بالعقوبة السالبة للحرية طبقا للمادة 14 فقرة أخيرة من قانون تنظيم السجون، بناءا على طلب من الجهات المنصوص عليها في المادة 14 فقرة 2 والتي من بينها النيابة العامة مع أن هذه الأخيرة هي صاحبة الاختصاص أصلا في تنفيذ الأحكام الجزائية ويمكنها تنفيذ أحكام المادة 35 ق.ع. مباشرة.
    - لم ينص المشرع صراحة على الجهة المختصة بالفصل في طلب الضم لعقوبات السجن لأن آخر جهة قضائية هي محكمة الجنايات وهذه الأخيرة هي محكمة دورية، فأمام أي جهة يرفع الطلب إذا كان ذلك خارج الدورة الجنائية؟، يمكن استنتاج الإجابة من نص المادة 14 فقرة 5 من قانون تنظيم السجون التي نصت على: "تختص غرفة الإتهام بتصحيح الأخطاء المادية والفصل في الطلبات العارضة المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات"، وبذلك تجمع عقوبات الصادرة عن محكمة الجنايات بقرار مسبب من غرفة الاتهام.
    2- الحالـة المنصوص عليها بالمادة 189 ق.ع: والتي تنص على وجوب جمع العقوبة المحكوم بها على المحكوم عليه في جنحة الهروب إلى أية عقوبة سالبة للحرية محكوم بها عليه في الجريمة التي كان محبوس من أجلها أو التي قبض عليه من أجلها، ففي مثل هذه الحالة لابد من جمع العقوبات حتى وإن كانت من طبيعة مختلفة بحيث يجوز ضم عقوبة الحبس إلى عقوبة السجن وهو ما جاء في قرار المحكمة العليا المؤرخ في 05/06/1990 الذي جاء فيه: "الفرار عقوبة منفصلة، من المقرر قانونا أن العقوبة التي يقضى بها ضد المحبوس الذي هرب أو شرع في الهروب تضم إلى أية عقوبة مؤقتة سالبة للحرية محكوم بها عن الجريمة التي أدت إلى القبض عليه، ومن ثم فإن القضاء بخلاف ذلك يعد إساءة في تطبيق القانون، ولما كان من الثابت في قضية الحال أن المتهم كان قد فر من السجن وقضاة الموضوع بنطقهم بعقوبة جريمة الفرار على حدى دون ضمها إلى العقوبة الأصلية المحكوم بها عليه يكونوا قد خالفوا القانون".
    هذا فيما يخص العقوبات السالبة للحرية أما بالنسبة للعقوبات المالية أي الغرامة فالأصل فيها هو أن تجمع، إلا إذا قرر القاضي غير ذلك بحكم صريح وهو ما نصت عليه المادة 36 ق.ع. هذا فيما يخص الغرامة الجزائية، أما الغرامة الجبائية والتي تجد أساسها مثلا في قانون الجمارك فلا يجوز للقاضي دمجها أو جبها بل عليه الحكم بها عن كل جريمة يثبت ارتكابها حسب المادة 339 فقرة 2 من قانون الجمارك.
    إذن ما سبق بيانه يتعلق بالتعدد الحقيقي في الجنايات والجنح، أما في المخالفات فقد نصت المادة 38ق.ع. على أن ضم العقوبات فيها وجوبي سواء بالنسبة للحبس أو الغرامة.
    المطلـب الثالـث: سلطـة القاضي في الإعفاء من العقوبة
    لقد نص المشرع على نظام الأعذار القانونية المعفية من العقاب في المادة 52 ق.ع. وعرفها على أنها حالات محددة في القانون على سبيل الحصر ويترتب عليها مع قيام الجريمة والمسؤولية عدم عقاب المتهم ويمكن إجمال هذه الحالات فيما يلي:
    1- عـذر التبليغ عن الجريمة: نص المشرع على هذا العذر في العديد من نصوص قانون العقوبات ومنها:
    - المادة 92 فقرة 1 ق.ع. بالنسبة لمن يبلغ السلطات الإدارية أو القضائية عن الجنايات والجنح ضد أمن الدولة على أن يتم ذلك قبل البدء في تنفيذها أو الشروع فيها.
    - المادة 179 ق.ع. بالنسبة لمن يكون عضوا في جمعية أشرار ويبلغ السلطات عنها قبل الشروع في الجناية أو الجنحة موضوع الاتفاق وقبل البدء في التحقيق.
    - المادة 182 فقرة 3 ق.ع. بالنسبة للشاهد على براءة محبوس مؤقتا أو محكوم عليه في جناية أو جنحة ويمتنع عن الإدلاء بشهادته، ثم يتقدم من تلقاء نفسه للإدلاء بها ولو في وقت متأخر.
    - المادة 199 ق.ع. بالنسبة لمرتكب جريمة تزوير النقود أو الأسهم أو السندات أو الأذونات الذي يبلغ عن بقية الجناة قبل إتمام الجريمة وقبل بداية التحقيق، أو من يسهل القبض على باقي الجناة حتى بعد بدء التحقيق.
    - المادة 205 فقرة 2 ق.ع. بالنسبة لجريمة تقليد أختام الدولة بنفس الشروط المنصوص عليها في المادة 199 ق.ع.
    2- عـذر القرابة العائلية:ويقصد به الحالات التي نص فيها القانون على إعفاء بعض الأقارب والأصهار من العقوبة رغم ثبوت قيامهم بالجريمة، في مجموعة من الجرائم منها:
    - المادة 91 فقرة أخيرة ق.ع. التي تجيز للقاضي إعفاء مرتكب جريمة عدم التبليغ عن جرائم الخيانة والتجسس وجرائم إخفاء أو إتلاف أو اختلاس الأشياء والأدوات والوثائق التي استعملت أو ستستعمل في ارتكاب هذه الجرائم وكان من شأنها تسهيل البحث عنها أو اكتشافها سواء كان فاعلا أصليا أو شريكا إذا كان من أقارب أو أصهار مرتكب جريمة الخيانة أو التجسس.
    - كما نصت المواد 368، 373، 377 ق.ع. على أنه لا يعاقب على جنح السرقة، النصب، وخيانة الأمانة عندما يرتكبها الأصول إضرار بفروعهم أو الفروع إضرارا بأصولهم، أو أحد الزوجين إضرار بالزوج الآخر، ولكن هذه الحالات تثير التساؤل، بحيث أن المادة 368 ق.ع. جاءت بصيغة "لا يعاقب"، فهل معناه أن هذه الحالات تؤدي إلى الإعفاء من العقوبة أم إلى الحكم بالبراءة؟
    والجواب حسب رأينا الخاص هو أن هذه الحالات تؤدي إلى الإعفاء من العقوبة وليس إلى البراءة لأن هذه الأخيرة نتيجة لانتقاء ركن من أركان الجريمة، كما هو الشأن في حالة توفر مانع من موانع المسؤولية الجزائية أين ينتفي الإدراك وينتفي معه الركن المعنوي ويتعين معهما الحكم بالبراءة بالرغم من أن المشرع نص على " لا عقوبة "، وفي حالة الدفاع الشرعي أين نص المشرع على " لا جريمة " مما لا يطرح إشكالا في كون الحكم يكون بالبراءة أي نص عليها المشرع صراحة، أما عذر القرابة العائلية المنصوص عليه في المواد 368، 373، 377 ق.ع. فهو عذر معفي من العقوبة ولا يؤدي إلى الحكم بالبراءة لأنها لا تدخل ضمن الحالات السابقة من جهة، ومن جهة أخرى فإن توافر هذا العذر لا يحول دون الحق في التعويضات المدنية طبقا للمادة 368 ق.ع. والقاضي الجزائي عندما يفصل في الدعوى العمومية بالبراءة لا يكون مختص في نظر الدعوى المدنية بالتبعية ما عدا في الحالات المستثناة بنص صريح في القانون، إضافة إلى أن المواد 373، 377 ق.ع. نصت على: "تطبيق الإعفاءات...... المقررة بالمادتين 368، 369 ....."، وبالتالي فالأصح هو أن يكون الحكم بالإدانة إذا ثبتت مع الإعفاء من العقوبة.
    - عموما في حالة توافر عذر من الأعذار القانونية المعفية يتعين على القاضي الحكم بالإعفاء من العقوبة رغم ثبوت الإدانة، مع بقاء الحق في المطالبة بالتعويضات المدنية قائما، كما أن الإعفاء من العقوبة يتعلق بالعقوبات الأصلية، أما العقوبات التكميلية فتبقى دائما خاضعة للسلطة التقديرية للقاضي رغم أن بعض النصوص المعفية من العقوبة الأصلية تجيز الحكم بها كما هو الحال في المادة 92 ق.ع. التي تجيز الحكم على المعفى عنه بالحرمان من الحقوق المدنية والمنع من الإقامة، كما أنه في كل الأحوال يجوز للقاضي تطبيق تدابير الأمن على المعفى من العقوبة، وبالتالي نظام الظروف المعفية من العقوبة هو نظام إلزامي باستثناء ما نصت عليه المادة 91 في فقرتها الأخيرة أين جعلت منه جوازيا، وبالتالي عموما سلطة القاضي فيه هي سلطة مقيدة.
    - نستخلص مما سبق دراسته في هذا المبحث بأن سلطة القاضي في تقدير العقوبة في القانون الجزائري هي سلطة نسبية، ذلك أنها تختلف بحسب الظروف التي نص عليها المشرع الذي جعل منها سلطة واسعة حينا لاسيما في حالتي الظروف المخففة والعود، وسلطة مقيدة في حالة الإعفاء من العقوبة والظروف المشددة، وتنتقل بين هذه وتلك في الحالات الأخرى؛ إلا أن الأصل فيها كمبدأ عام هو أنها محددة بالحدين الأدنى والأقصى اللذين قررهما المشرع وبذلك تقتصر على التقدير الكمي للعقوبة أي من حيث مقدارها؛ ولا مجال للتقدير النوعي فيها عموما بحيث لا يجوز في أغلب الحالات للقاضي استبدال عقوبة من نوع معين بعقوبة أخرى من نوع آخر، رغم أن المادة 23 من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمساجين قد أشارت إلى نظام بدائل العقوبات، ولكن لم يتم إلى حد الآن تكريس هذا النظام في القانون الجزائري رغم أنه من شأنه التوسيع في سلطة القاضي في تقدير العقوبة بما يضمن تحقيق مبدأ تفريد العقوبات وفعاليتها.
    المبحـث الثانـي: تنفيـذ العقوبة وانقضاؤها.
    بعد تقدير العقوبة الملائمة والنطق بها في حكم قضائي، تأتي مرحلة تنفيذ هذا الحكم التي أوكلها المشرع للنيابة العامة طبقا للمادة 10 من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، ويمكنها لتحقيق هذا الغرض تسخير القوة العمومية، وتنفذ العقوبة السالبة للحرية بمستخرج حكم أو قرار جزائي يعده النائب العام أو وكيل الجمهورية يوضع بموجبه المحكوم عليه في المؤسسة العقابية، أما العقوبات المالية المتمثلة في الغرامة والمصادرة فتقوم مصالح الضرائب أو إدارة أملاك لدولة بتحصيلها بناءا على طلب النيابة العامة، وتنفذ العقوبات التكميلية بحسب ما نص عليه القانون؛ وبذلك تدخل العقوبة حيز التطبيق ويقصد به تنفيذ العقوبة فعليا على المحكوم عليه طيلة الفترة المحكوم بها، وبانتهاء هذه المدة تنقضي العقوبة؛ لكن لا تتبع العقوبة المحكوم بها في كل الحالات هذا المسار بحيث نص المشرع على إمكانية انقضاء العقوبة دون قضائها سواء كليا أو جزئيا ومنح للقاضي سلطة وقفها سواء قبل تنفيذ الحكم الجزائي الذي حكم بها أو خلال تطبيقها عمليا على المحكوم عليه وربط ذلك بالشروط المحددة قانونا، كما نص على حالات أخرى تنقضي فيها العقوبة دون قضائها كليا أو جزئيا ولكن بحكم القانون ودون حاجة إلى أمر قضائي، وعلى هذا الأساس نتطرق في المطلب الأول إلى سلطة القاضي في وقف العقوبة ثم إلى الأسباب القانونية لانقضائها في مطلب ثان:
    المطلـب الأول: سلطـة القاضي في وقف العقوبة
    نظم القانون الإشراف القضائي على تنفيذ العقوبات بأن جعل تنفيذ الحكم الجزائي من اختصاص قضاة النيابة العامة ومنحهم العديد من الصلاحيات في هذا الشأن ومنها سلطة تأجيل تنفيذ الحكم الجزائي إذا ما توفرت الشروط التي حددتها المواد 15 إلى 20 من قانون تنظيم السجون؛ كما أوكل لقاضي تطبيق العقوبات مهمة مراقبة مشروعية تطبيق العقوبة في المؤسسة العقابية طبقا للمادة 23 من قانون تنظيم السجون ومنحه كذلك العديد من السلطات، وفي الحالتين يشمل وقف العقوبة الذي قد يؤدي إلى انقضائها إذا ما توفرت الشروط المنصوص عليها قانونا وقف تنفيذ العقوبة، وكذا وقف تطبيقها وسنتناول نظام وقف تنفيذ العقوبة في فرع أول ثم نظام الإفراج المشروط في فرع ثاني وذلك كما يلي:
    الفـرع الأول: نظـام وقف تنفيذ العقوبة
    إن أبرز ما دعت إليه المدرسة الوضعية هو إلغاء العقوبة للمجرمين غير الخطرين ولاسيما المجرمين بالمصادفة، إلا أن رواد المدرسة التوفيقية نادوا بعدم إلغاء العقوبة بالنسبة لهذه الفئة من المجرمين وإنما إقرارها مع استبعاد تطبيقها عليهم وذلك بمنح القاضي بعد تشخيصه لحالة المجرم سلطة النطق بعقوبة موقوفة النفاذ، وهو ما أخذت به غالبية التشريعات الحديثة مع إضفاء بعض الشروط القانونية التي تضمن التطبيق السليم لهذا النظام من جهة ووضع سياسة عقابية فعالة من جهة أخرى؛ وقد اقتصر هذا النظام في البداية على عقوبة الحبس المقررة أصلا للجنح وبالنسبة للمجرمين المبتدئين؛ ثم اتسع مجاله حاليا ليشمل العقوبات الأصلية في غالبية التشريعات الحديثة كالقانون الفرنسي، المصري، المغربي،.......
    وتجدر الإشارة أن لنظام وقف التنفيذ عدة صور منها وقف التنفيذ الموصوف وهو الذي يجيز فيه القانون للقاضي أو يلزمه بفرض شروط معينة عند الأمر يوقف التنفيذ يتعين على المحكوم عليه مراعاتها فإن أخل بها ينجم عن ذلك وجوب أو جواز إلغاء وقف التنفيذ، ولهذه الصورة عدة أشكال منها: وقف التنفيذ بشرط إصلاح أضرار الجريمة: وقد نص عليه القانون النرويجي، وقف التنفيذ مع الوضع تحت الاختبار وقد أخذ به القانون الأمريكي، السويسري والفرنسي حاليا،.....؛(26) وإضافة إلى هذه الصورة هناك وقف التنفيذ البسيط أين لا يسمح القانون للقاضي فرض أي شرط مقابل منح وقف التنفيذ سوى ما هو منصوص عليه قانونا وهي الصورة التي أخذ بها المشرع الجزائري في المواد 592 إلى 595 من قانون الإجراءات الجزائية، والتي من خلالها يمكن تعريف هذا النظام في التشريع الجزائري بأنه جواز الحكم بوقف تنفيذ العقوبة الأصلية بعد النطق بها على المتهم الذي تثبت إدانته ويتبين للقاضي من صحيفة سوابقه القضائية بأنه لم يسبق الحكم عليه في جناية أو جنحة، وفقا للشروط التي حددها القانون، وبالتالي فهذا النظام يقوم على مجرد تهديد وتنبيه للمحكوم عليه بتنفيذ الحكم الصادر ضده إذا اقترف جريمة جديدة خلال مدة محددة إذا ما رأى القاضي بعد تشخيصه لحالة المجرم الذي تتوفر فيه الشروط القانونية بأن هذا التنبيه كاف لإحداث التأثير النفسي القادر على منع المحكوم عليه من العودة للإجرام أكثر من تنفيذ العقوبة عليه الذي قد يؤدي إلى عودته للإجرام نتيجة اختلاطه في المؤسسة العقابية بمجرمين خطرين.
    - شـروط تطبيق نظام وقف تنفيذ العقوبة: يمكن تقسيمها حسب المادة 592 إ.ج. إلى شروط متعلقة بالجريمة وأخرى بالجاني وأخرى بالعقوبة ذاتها:
    أ- الشـروط المتعلقة بالجريمة: وهي أن تكون الجريمة قد حكم فيها بعقوبة الحبس أو الغرامة أي يجوز تطبيق هذا النظام في كل الجرائم على أن يكون الحكم الصادر فيها هو الحبس أو الغرامة سواء كانت مخالفات أو جنح أو جنايات وذلك في الحالات التي يستفيد فيها المحكوم عليه في هذه الأخيرة من الظروف المخففة.
    ب- الشـروط المتعلقة بالجاني: وهي أن لا يكون المحكوم عليه قد سبق الحكم عليه بالحبس لجناية أو جنحة من جرائم القانون العام، أي سبق الحكم عليه بعقوبة الغرامة فقط لاستفادته من الظروف المخففة في جنحة أو حكم عليه في مخالفة سواء بالحبس أو الغرامة فهذا لا يمنع من إفادته بعقوبة موقوفة النفاذ.
    ج- الشـروط المتعلقة بالعقوبة: يجب أن تكون العقوبة المحكوم بوقف تنفيذها عقوبة أصلية، فلا يمكن وقف تنفيذ العقوبات التكميلية وهي لا تطرح إشكالا لأن الحكم بها أصلا جوازي.
    - إذن في جميع جرائم القانون العام عندما يكون الحكم بالحبس أو الغرامة فيمكن تطبيق نظام وقف التنفيذ، أما بالنسبة للغرامات الجمركية وهي عقوبة مالية فطالما أنها لا يمكن أن تكون محلا للتخفيض وهو ما نصت عليه المادة 281 من قانون الجمارك، وما استقر عليه القضاء أيضا، فلا يمكن إيقاف تنفيذها وهو ما أقرته المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 20/11/1984.
    - إذن متى توافرت الشروط السابقة جاز للقاضي الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة سواء كليا أو جزئيا وهو ما أضافه المشرع بموجب القانون رقم 04/14 المؤرخ في 10/11/2004 المتضمن تعديل قانون الإجراءات الجزائية حيث أصبح من الجائز للقاضي أن يأمر بحكم مسبب بالإيقاف الكلي أو الجزئي لتنفيذ العقوبة طبقا لنص المادة 592 إ.ج. وذلك سواء بالنسبة لعقوبة الحبس أو الغرامة؛ ولا يعد الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة حق للمتهم متى توافرت شروطه، لأن المشرع جعله نظام جوازي يخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع؛ كما أنه في حالة إفادة المتهم بعقوبة موقوفة التنفيذ وعرض الملف من جديد على المجلس القضائي بعد استئناف النيابة العامة فيجوز لقضاة المجلس مراجعته وإلغاؤه، وهو ما قضى به قرار المحكمة العليا المؤرخ في 05/03/1985 الذي جاء فيه: "فيما يخص إيقاف التنفيذ الذي استفاد به المتهم على مستوى المحكمة فلا يمكن اعتبار ذلك حقا مكتسبا، فبمجرد استئناف النيابة لا يتقيد المجلس بحكم المحكمة ومن حقه أن يلغي إيقاف التنفيذ وله ذلك حتى ولو لم يكن المتهم ذا سوابق قضائية".(27)
    - كما أن الحكم يوقف تنفيذ العقوبة لا يتعلق بالمصاريف القضائية وهو ما أكدته المادة 595 إ.ج. غير أنه في الحالة التي يقرر فيها القاضي الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة فعليه أن يسبب حكمه وعليه قبل ذلك عند النطق بالعقوبة موقوفة التنفيذ أن ينبه المحكوم عليه بأنه في حالة صدور حكم جديد عليه بالإدانة خلال 5 سنوات من تاريخ صدور الحكم بالعقوبة موقوفة التنفيذ فإن العقوبة الأولى تستنفذ عليه دون أن تلتبس بالعقوبة الثانية طبقا للمادة 594 إ.ج؛ علما بأن الأحكام المشمولة بوقف التنفيذ تسجل في صحيفة السوابق القضائية طبقا للمادة 618 فقرة 1 إ.ج. ولكن فقط في الصحيفة رقم 1 ورقم 2 وفقا للمواد 626 فقرة 2 و 630 فقرة 1 إ.ج. أما صحيفة السوابق رقم 3 فلا تتضمن الحكم المشمول بوقف النفاذ طبقا للمادة 632 إ.ج. كما أن العقوبة موقوفة التنفيذ تصلح لأن تكون سابقة في العود إذا ما ارتكب المحكوم عليه جريمة جديدة خلال المدة المحددة طبقا للمادة 594 إ.ج.
    - آثـار إيقاف تنفيـذ العقوبة: نميز في ذلك بين الحالتين التاليتين.
    * إذا لم يصدر ضد المحكوم عليه خلال 5 سنوات من صدور الحكم الذي يقضي بإيقاف تنفيذ العقوبة حكم يقضي بعقوبة الحبس أو عقوبة أشد لارتكابه جناية أو جنحة: وهي الحالة التي نصت عليها المادة 593 فقرة 1 إ.ج. ويترتب على ذلك اعتبار الحكم كأن لم يكن؛ أي أن الحكم على المحكوم عليه بحكم جديد خلال 5 سنوات من صدور الحكم في مخالفة وعقابه بالحبس أو الغرامة أو بهما معا أو في جنحة وعقابه بالغرامة فقط لا يؤثر في العقوبة التي أوقف تنفيذها ويعتبر الحكم الذي قضى بها دون أي أثر وتنتهي بذلك جميع آثاره بما فيما العقوبات التكميلية، ويعتبر المحكوم عليه عندئذ وكأنه لم يحكم عليه أصلا.
    * إذا صدر ضد المحكوم عليه خلال 5 سنوات من صدور الحكم الذي أمر بإيقاف تنفيذ العقوبة حكم قضى بعقوبة الحبس أو عقوبة أشد لارتكابه جناية أو جنحة: يترتب على هذه الحالة إلغاء وقف التنفيذ بمجرد صدور الحكم، وتنفذ العقوبة المنطوق بها في الحكم الأول إلى جانب العقوبة الثانية وهو ما أقرته المحكمة العليا في قرارها الصادر في 22/02/1983 الذي جاء فيه: "إن إلغاء وقف التنفيذ للعقوبة الأولى يتم بقوة القانون في حالة ما إذا صدر ضد المحكوم عليه خلال مدة 5 سنوات حكم بعقوبة الحبس أو عقوبة أشد منها، إن إلغاء وقف التنفيذ في مثل هذه الحالة يؤدي إلى التنفيذ المتوالي للعقوبة الأولى والثانية مع الملاحظة أن سقوط الحق في وقف التنفيذ يتم بقوة القانون دون حاجة لصدور أمر لهذا الغرض من طرف القاضي الذي رفعت له الملاحقة الثانية علما بأنه ليس ملزما بإصدار مثل هذا الأمر"، وبذلك يتعين على النيابة العامة السعي على تنفيذ الحكمين.
    وعلى العموم نلاحظ بأن المشرع قد منح القاضي سلطة واسعة في الأخذ بنظام وقف تنفيذ العقوبة، بالرغم من الانتقادات الكثيرة الموجهة إلى هذا النظام على أساس أنه لا يحقق مساواة المجرمين أمام القانون حينما يخضعون لمحاكم مختلفة فتختلف بذلك الأحكام والمعاملة في تطبيق النظام على نفس الحالات، إضافة إلى أنه نظام يضعف الردع حيث يؤدي انتشاره على نحو واسع إلى إغراء المجرمين المبتدئين بأن العقاب لن يطالهم بفضل هذا النظام.
    إلا أننا نرى بأن المشرع قد أحسن فعلا بتكريسه لهذا النظام لا سيما وأنه قد منح القاضي سلطة تقديرية واسعة في تطبيقه بما يضمن تحقيق مبدأ تفريد العقوبة.
    الفـرع الثانـي: نظام الإفراج المشروط.
    كرس المشرع نظام الإفراج المشروط في الفصل الثالث من الباب السادس من القانون رقم 05/04 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وذلك في المواد من 134 إلى 150 منه والتي يمكن تعريفه من خلالها بأنه نظام يجيز من خلاله المشرع لقاضي تطبيق العقوبات أو لوزير العدل حسب الحالة إخلاء سبيل المحكوم عليه نهائيا بعقوبة سالبة للحرية بعد مضي مدة محددة على بدء تطبيقها وقبل انقضاء مدتها وفقا للشروط التي يحددها القانون ويلزم بها المفرج عنه تحت طائلة الرجوع إلى تطبيق العقوبة؛ وذلك بناءا على طلب من المحبوس شخصيا أو من ممثله القانوني أو باقتراح من قاضي تطبيق العقوبات أو من مدير المؤسسة العقابية طبقا للمادة 137 من قانون تنظيم السجون.
    - شـروط نظام الإفراج المشروط: ويمكن إجمالها فيما يلي:
    * أن يكون المحبوس محكوم عليه نهائيا بعقوبة سالبة للحرية: فلا يستفيد من هذا النظام المحبوس مؤقتا في إطار التحقيق،......
    * الخضوع لفترة اختبار وهي الفترة التي يجب على المحبوس أن يقضيها من مدة عقوبته بالمؤسسة العقابية والتي لا يستفيد خلالها من نظام الإفراج المشروط، وتختلف باختلاف المحبوسين والعقوبة المحكوم بها عليهم، حيث حددتها المادة 134 من قانون تنظيم السجون بنصف (2/1) العقوبة المحكوم بها بالنسبة للمحبوس المبتدئ، وثلثي (3/2) العقوبة بالنسبة للمحبوس معتاد الإجرام، على أن لا تقل في هذه الحالة عن سنة، وبمدة 15 سنة سجن بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة السجن المؤبد، وما عدا الحالة الأخيرة تدخل مدة العقوبة التي تم خفضها بموجب عفو رئاسي في حساب فترة الاختبار.
    وتجدر الإشارة إلى أن مشروع قانون العقوبات الجديد قد اقترح النص على أحكام ما سماها بالفترة الأمنية ضمن نصوص قانون العقوبات وعرفها بأنها حرمان المحكوم عليه من تدابير التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة، والوضع في الورشات الخارجية أو البيئية المفتوحة، وإجازات الخروج والحرية النصفية والإفراج المشروط، كما نص على أنها تطبق في حالة الحكم بعقوبة سالبة للحرية مدتها تساوي أو تفوق 10 سنوات بالنسبة للجرائم التي نصت عليها صراحة، وتصدر بحكم، وبالنسبة للجرائم التي لم ينص عليها القانون صراحة فيها فيجوز للمحكمة أن تقضي بها عندما تصدر حكم بعقوبة سالبة للحرية تساوي أو تفوق 5 سنوات، وتتولى تحديدها على أن لا تتجاوز ثلثي العقوبة و 20سنة في حالة الحكم بالسجن المؤبد، وهي بذلك لها نفس مفهوم فترة الإختبار وتختلف معها نسبيا حيث يقترح المشرع أن تصدر بحكم، وهذا حسب رأينا لا فائدة منه في حالة الإفراج المشروط لأنها شرط قانوني لا يحتاج إلى حكم قضائي لتطبيقه، كما تجدر الإشارة أن المشرع قد سبق وأن نص عن الفترة الأمنية في المادة 23 من القانون 05/17 المتعلق بمكافحة التهريب ولكن دون أن يبين المقصود منها، وبالتالي يكون حسنا فعل باقتراحه لمفهومها ضمن مشروع تعديل قانون العقوبات. ويلغى شرط فترة الاختبار بالنسبة للمحبوس الذي يبلغ عن حادث خطير يمس بأمن المؤسسة العقابية قبل وقوعه حسب المادة 135.
    * السيرة الحسنة وإظهار ضمانات جدية على استقامته، ويتم التأكد من سيرة المحبوس من خلال سلوكه مع غيره من المحبوسين واحترامه لقواعد الاحتباس داخل المؤسسة وهو ما ينددرج ضمن التقرير المسبب الذي يقدمه مدير المؤسسة العقابية طبقا للمادة 140 من قانون تنظيم السجون، أما بالنسبة للضمانات التي يتعين عليه إظهارها فلم يبين المشرع طبيعتها وبالتالي تعود مسألة تقديرها إلى الجهة مصدرة قرار الإفراج المشروط التي يمكنها أن تستكشفها من التقرير السالف الذكر.
    * إبراء المحكوم عليه لذمته من المصاريف القضائية والغرامات المحكوم بها لصالح الخزينة العمومية وكذا التعويضات المدنية المحكوم بها وهو ما نصت عليه المادة 136.
    * إمكانية فرض التزامات خاصة وتدابير مراقبة ومساعدة، وقد كان قانون تنظيم السجون السابق ينص عليها أما في ظل القانون الحالي فلم تبين المادة 145 طبيعتها ويخضع ذلك إلى سلطة الجهة مصدرة القرار.
    - تتعلق هذه الشروط بالإفراج المشروط في الحالات العادية، أما في حالة الإفراج المشروط لأسباب صحية كمرض خطير أو إعاقة دائمة تتنافى مع بقائه في المؤسسة، ومن شأنها أن تؤثر سلبا وبصفة مستمرة ومتزايدة على حالته الصحية، وقد نص المشرع على هذه الحالة في المواد 148، 149، 150 أين أعفى المحكوم عليه من الشروط الواردة في المادة 134، ونصت المادة 149 على أنه لابد من تشكيل الملف من طرف قاضي تطبيق العقوبات ويجب أن يتضمن تقرير مفصل من طبيب المؤسسة العقابية إضافة إلى تقرير خبرة طبية أو عقلية يعده 3 أطباء أخصائيين في المرض يسخرون لهذا الغرض، ويصدر مقرر الإفراج المشروط في هذه الحالة من وزير العدل.
    - آثـار نظام الإفراج المشروط:
    يصدر قرار الإفراج المشروط باستثناء الإفراج المشروط لأسباب صحية، من طرف قاضي تطبيق العقوبات بعد أخذ برأي لجنة تطبيق العقوبات ويبلغ إلى النائب العام من طرف أمانة ضبط المؤسسة العقابية، ويجوز لهذا الأخير الطعن فيه في أجل 8 أيام من تاريخ التبليغ أمام لجنة تكييف العقوبات التي تحدث لدى وزير العدل، وقد نصت المادة 143 من قانون تنظيم السجون على أن تشكيلها وسيرها يحددان عن طريق التنظيم، ولهذا الطعن أثر موقف وعلى هذه اللجنة البث فيه خلال 45 يوم فإن لم تفعل يعد ذلك رفض ضمني لهذا الطعن، ويتم بذلك إخلاء سبيل المحبوس وذلك لمدة تساوي الجزء الباقي من العقوبة المحكوم بها عليه، وبالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة السجن المؤبد فإن مدة الإفراج هي 5 سنوات فإذا لم يقم المفرج عنه بشرط خلال هذه الفترة بارتكاب جريمة ثانية أو قام بالإخلال بأحد الالتزامات أو التدابير المفروضة عليه فيعتبر مفرجا عنه نهائيا بأثر رجعي أي من تاريخ الإفراج عنه بشرط وتنقضي بذلك عقوبته.
    - إلغـاء قرار الإفراج المشروط:
    إذا لم يف المفرج عنه بشرط بالالتزامات المفروضة عليه أو لم يخضع لأحد تدابير المراقبة أو المساعدة، أو صدر حكم جديد بإدانته فيجوز لقاضي تطبيق العقوبات أو لوزير العدل حسب الحالة إلغاء قرار الإفراج المشروط طبقا للمادة 147 على أن ترسل نسخة من مقرر الإلغاء إلى النيابة العامة وإلى المحكوم عليه الذي عليه أن يلتحق بالمؤسسة العقابية التي كان يقضي فيها عقوبته المتبقية له، وللنيابة العامة أن تستعين بالقوة العمومية للتنفيذ في حالة امتناع المحكوم عليه، وتعد المدة التي قضاها في نظام الإفراج المشروط عقوبة مقضية.
    نلاحظ أن المشرع من خلال التعديل الأخير لقانون تنظيم السجون قد كرس الإشراف القضائي على تطبيق العقوبة لاسيما من خلال منح قاضي تطبيق العقوبات صلاحيات تشخيص وتكييف العقوبة والإشراف على مشروعية تطبيقها وهذا ما يتضح من خلال منحه سلطة تقديرية واسعة في تطبيق نظام الإفراج المشروط وبإلغائه بحسب ما يتطلبه إصلاح المحكوم عليه.
    المطلـب الثانـي: أسباب انقضاء العقوبة
    الأصل في العقوبة أن تنقضي بتنفيذها، وبانتهاء مدتها إذا ما كانت عقوبة زمنية أي تنفذ خلال المدة الزمنية المحددة بالحكم، كالعقوبات السالبة للحرية، ولكن هناك حالات تنقضي فيها العقوبة دون تنفيذها كما هو الحال في حالة تقادم العقوبة، أو دون قضاء مدتها كليا أو جزئيا كما في حالة وفاة المحكوم عليه والعفو عن العقوبة، وذلك دون حاجة إلى حكم قضائي بذلك، وسنتطرق إلى هذه الحالات فيما يلي:
    الفـرع الأول: وفـاة المحكوم عليه
    إن وفاة المحكوم عليه تؤدي إلى استحالة تنفيذ العقوبة، لأن هذه الأخيرة تخضع لمبدأ الشخصية، وموت المحكوم عليه يجعل تنفيذ العقوبة أمر لا يمكن تطبيقه، ويصلح هذا السبب لانقضاء جميع العقوبات عموما، غير أن التساؤل يثور حول تنفيذ العقوبات المالية كالغرامة والمصادرة التي تتعلق بالذمة المالية للمحكوم عليه، لاسيما إن كان الحكم بات ولكن لم يتم تنفيذه وتوفي المحكوم عليه، وقد انقسم الفقه حول هذه المسألة إلى رأيين:
    الأول يرى أن الغرامة عقوبة وبذلك فهي تنقضي حتما بوفاة المحكوم عليه؛ في حين يرى رأي ثان بأن الحكم بالغرامة المالية يمر بعدة مراحل في تنفيذه كبقية الأحكام، فإذا أصبح باتا وجب تنفيذه، فإن لم ينفذ لأي سبب كان تتحول الغرامة إلى دين مدني يتعلق بذمة المحكوم عليه يجب تنفيذها في تركته في حالة وفاته؛(30) ولكننا نميل إلى الرأي الأول ونرى بأن الغرامة والمصادرة هما عقوبتان تخضعان لمبدأ شخصية العقوبة من جهة، ومن جهة أخرى فهما تهدفان إلى إيلام المحكوم عليه وردعه وإصلاحه وبوفاة هذا الأخير لا تتحقق هذه الأهداف وبالتالي لا جدوى من تنفيذها في تركته وبذلك الأصح هو أن تنقضي هذه العقوبات بوفاة المحكوم عليه.
    الفـرع الثانـي: تقـادم العقوبة
    ويقصد به مضي مدة من الزمن يحددها القانون ابتداءا من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم الذي قضى بالعقوبة واجب التنفيذ مع عدم قيام السلطات المختصة بتنفيذه فعلا، مما يؤدي إلى سقوط العقوبة وعدم إمكانية تنفيذها على المحكوم عليه بعد ذلك.
    ولقد أثار التقادم كسبب من أسباب انقضاء العقوبة جدلا فقهيا حادا بين مؤيد ومعارض له ورغم ذلك فقد أخذت معظم التشريعات الحديثة بهذا النظام ومنها التشريع الجزائري الذي نص عليه في المواد 612 – 617 من ق.إ.ج. ويتضح من هذه المواد أن تقادم العقوبة يؤدي إلى إزالة آثار الحكم بالإدانة، فلا يطالب المحكوم عليه بتنفيذ العقوبة الأصلية ولا التكميلية ولا التبعية باستثناء عدم الأهلية التي قد تكون عقوبة تبعية في مواد الجنايات أو عقوبة تكميلية في الجنح طبقا للمادة 612 فقرة 2 إ.ج، كما أن العقوبات المحكوم بها في الجنايات والجنح الموصوفة بأفعال إرهابية وتخريبية وبالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية وكذا جريمة الرشوة لا تتقادم أبدا مهما طال الزمن على عدم تنفيذها.
    وقد حدد المشرع مدة تقادم العقوبة بحسب طبيعة الجريمة المرتكبة بما يلي:
    - فـي الجنايـات: نصت المادة 613 إ.ج. على أن العقوبات المحكوم بها في الجنايات تتقادم بمضي 20 سنة كاملة ابتداءا من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم بات لا يقبل الطعن بالنقض، وأضافت المادة 613 في فقرتها الثانية بأنه في حالة الحكم في جناية يخضع المحكوم عليه الذي تقادمت عقوبته طيلة حياته لحظر الإقامة في نطاق الولاية التي يقيم بها المجني عليه أو ورثته المباشرون وإذا كانت العقوبة مؤبدة تحضر إقامته مدة 5 سنوات اعتبارا من تاريخ اكتمال مدة التقادم أي بعد مرور 20 سنة.
    ولكن يفهم من المادة 613 فقرة 2 إ.ج. بأنها تخص المحكوم عليه بعقوبة الإعدام إذا تقادمت عقوبته؛ وبالتالي نلاحظ أن المشرع قد أغفل الحالة التي تتقادم فيها عقوبة السجن المؤقت وعندما تكون هذه الأخيرة هي المحكوم بها، فهل هذا معناه أنه في هذه الحالة لا يخضع المحكوم عليه الذي تقادمت عقوبته إلى حظر الإقامة، أم أن هذه الحالة تدخل ضمن مل نصت عليه المادة 613 فقرة 2 إ.ج. وبذلك تحظر إقامته طيلة حياته لأن هذه الفقرة لم تحدد العقوبة المعينة، ولكن الأقرب إلى المنطق هو الطرح الأول أي في حالة تقادم العقوبة بالنسبة للمحكوم عليه بالسجن المؤقت فلا تحظر إقامته.
    كما نصت ذات المادة على أن حظر إقامة المحكوم عليه في هذه الحالة يتم بقوم القانون أي دون حاجة لحكم قضائي ولكنها لم تبين كيفية تطبيقه.
    - فـي الجنح: نميز بين حالتين حسب المادة 614 إ.ج.
    * إذا كانت العقوبة لا تتجاوز 5 سنوات حبس فتتقادم بمضي 5 سنوات كاملة ابتداءا من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم أو القرار الذي قضى بالعقوبة بات.
    * إذا كانت العقوبة المحكوم بها تفوق 5 سنوات، فإن مدة التقادم تكون مساوية لها.
    - فـي المخالفـات: تتقادم العقوبة بمضي سنتين كاملتين من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم بات وفي جميع الأحوال تتقادم العقوبة من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم أو القرار نهائي سواء كان غيابي أو حضوري، وفي حالة الحكم الغيابي أو المتخذ بسبب تخلف المتهم عن الحضور، فإذا ما تقادمت العقوبة فلا يجوز إعادة محاكمة المحكوم عليه مرة ثانية طبقا للمادة 616 إ.ج. ويعتبر تقادم العقوبة من النظام العام إذ يجوز إثارته في كل مراحل الدعوى، كما يمكن لجهات الحكم إثارته تلقائيا وهو ما جاء به قرار المحكمة العليا المؤرخ في 16/12/1980 الذي جاء فيه "إن تقادم العقوبات هو من النظام العام الواجب على كافة القضاة المكلفين بتنفيذ العقوبات مراعاته، والأمر كذلك بالنسبة لكافة الأقضية المكلفة بالحكم والذي يمكن التمسك به في أي حالة تكون عليها الدعوى كما يمكن إثارته تلقائيا"
    وحسب رأينا الخاص فإن نظام تقادم العقوبات هو نظام غير فعال من شأنه التأثير سلبا في السياسة العقابية المنتهجة من طرف المشرع، لأن ذلك من شأنه تشجيع المحكوم عليه على التهرب من تنفيذ الأحكام الجزائية ويزيد من تقاعس السلطات المختصة بالتنفيذ، كما من شأنه المساس بحجية الشيء المقضي به.
    الفـرع الثالـث: العفـو عن العقوبة
    يعتبر العفو بمثابة نظرة عطف أو تدبير من تدابير الرأفة يصدر عن رئيس الدولة لمنع تنفيذ العقوبة كلها أو بعضها أو استبدالها بعقوبة أخرى أخف؛ولابد من تمييزه عن العفو الشامل الذي يقصد به العفو عن الجريمة أين يصبح الفعل مباحا، ويترتب عنه انقضاء كافة أنواع العقوبات بما فيها التبعية والتكميلية وهو من اختصاص البرلمان ويصدر في شكل قانون، وقد كرس النظام القانوني الجزائري العفو عن العقوبة لإنقضائها في المادة 77 فقرة 7 من الدستور التي جعلت ذلك ضمن سلطات وصلاحيات رئيس الدولة؛ كما أشارت إليه المادة 677 الفقرة الأخيرة من ق.إ.ج. التي جاء فيها "كما أن الإعفاء الكلي أو الجزئي من العقوبة بطريق العفو يقوم مقام تنفيذها الكلي أو الجزئي"، والعفو عن العقوبة بهذا المعنى يتناول العقوبة الأصلية التي نطق بها القاضي وأصبح الحكم الذي تضمنها حكما باتا، ويحدد قرار العفو مضمونه فقد يكون عفو تام أو جزئي أو مجرد استبدال للعقوبة، كما يحدد أصناف المحكوم عليهم الذين يستفيدون منه فهو إجراء شخصي يمنح لفرد أو أكثر لا لنوع معين من الجرائم، كما أن قرار العفو لا يمس بحقوق الغير المترتبة عن حكم الإدانة كالتعويضات المدنية؛ أي أنه في هذه الحالة تنقضي العقوبة الجزائية وفقا لما نص عليه مرسوم العفو الذي عادة ما يصدره رئيس الجمهورية في المناسبات والأعياد الوطنية والدينية سواءا كليا أو جزئيا أي سواء بإنهاء العقوبة والإفراج بذلك على المحكوم عليه المحبوس، أو بتخفيض مدتها فقط أو باستبدالها بعقوبة أخرى، وكل هذه الحالات تسجل في صحيفة السوابق القضائية في كل من القسيمة رقم 1 والقسيمة رقم 2 طبقا للمواد 626، 630 ق.إ.ج. وبذلك فإن الحكم الذي صدر بالإدانة في مواجهة المتهم يحتسب سابقة في العود؛ وبالتالي فإنه حتى في حالة ما إذا أدى العفو إلى انقضاء العقوبة وعدم تنفيذها على المحكوم عليه، فهذا لا يؤدي إلى إزالة أثر الحكم الذي قضى بالإدانة تماما؛ هذا لأن العفو عن العقوبة هو إجراء استثنائي لا يعني بأن المحكوم عليه قد صلح حاله ولا أن العقوبة المحكوم بها عليه قد أدت الغرض المرجو منها، وحسب رأينا الخاص فإن كان هذا النظام قد ينفع بعض المحكوم عليهم المعفى عنهم لاسيما الذين تكون العقوبة قد أدت الغرض المرجو منها بالنسبة إليهم، ولكنه في الغالب يؤدي إلى قطع المسار المحدد للعقوبة بإنهائها قبل المدة المحددة لها أو بتقليصها مما قد يعرقل تحقيق الأهداف المقررة لها وعودة المحكوم عليه للإجرام مرة أخرى.

    الخاتمة :
    بعد أن تطرقنا في هذه الدراسة الوجيزة إلى فكرة العقوبة بالكيفية التي تناولها بها القانون الجزائري، وذلك على ضوء أهم نصوصه لاسيما منها قانون العقوبات وفقا للتعديل الذي طرأ عليه بموجب القانون رقم 06/23 المؤرخ في 20/12/2006، وكذا قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، يتبين لنا بأن المشرع قد كرس مجموعة من المبادئ والأسس التي تضمن تطبيق العقوبات مع إحترام الحقوق والحريات الأساسية التي كفلها الدستور لكل فرد في المجتمع، بما في ذلك المحكوم عليه، وأهمها مبادئ شرعية وشخصية وقضائية العقوبة، ومنح بذلك للقاضي سلطة توقيعها سواء من حيث تقديرها في مختلف الظروف المنصوص عليها قانونا وبتخفيفها أو تشديدها أو الإعفاء منها على أن يكون ذلك في الإطار القانوني المحدد له، أو من حيث تنفيذها بحيث لم يقصر دور القاضي على تقدي ر العقوبة كما ونوعا فقط بل منحه سلطة الإشراف على تنفيذها واتخاذ التدابير اللازمة لوقفها إذا ما رأى بأن ذلك من شأنه تحقيق الغرض من العقوبة أكثر من بقاء المحكوم عليه بالمؤسسة العقابية بالنسبة للعقوبات السالبة للحرية، وذلك بأن منح لقاضي تطبيق العقوبات صلاحية السهر على مشروعية تطبيق العقوبة في المادة 23 من قانون تنظيم السجون، كما كرس المشرّع كذلك أهداف ووظائف العقوبة، وكل ما سبق يدفعنا إلى القول بأن المشرّع قد وضع فعلا نظاما قانونيا محكما للعقوبة ضمن سياسته العقابية، ولكن بالرغم من ذلك فإننا نرى بأن هذا النظام يسجل بعض النقائص ويحتاج إلى بعض التعديلات في بعض المسائل نذكر منها:
    1- لقد اتجه المشرع إلى التقليص من سلطة القاضي في تقدير العقوبة، لاسيما بعد التعديل الأخير لقانون العقوبات أين ضيق المشرع مجال تطبيق نظام الظروف المخففة الذي كانت سلطة القاضي في تخفيف العقوبة بواسطته شبه مطلقة، كم

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 1:23 am