الوصف القانوني للجريمة
م.م فرقد عبود العارضي
المقدمــــــــــــــــــــــــة
لقد نص مبدأ الشرعية الجنائية على اختصاص المشرع الجنائي بإنشاء الجرائم والعقوبات وفقا لما هو مقرر فيه بأنه ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ) , وبالتالي يحظر على القاضي أن ينشأ جرائم وعقوبات من نفسه حيث تنحصر مهمته بتطبيق النص القانوني المحدد من قبل المشرع على الواقعة المطروحة أمامه . وهذا المبدأ الدستوري تقتضيه مبررات مبدأ دستوري آخر ألا وهو مبدأ الفصل بين السلطات حيث تختص كل سلطة بوظيفة معينة تحددها طبيعتها ومقتضيات العمل , فالسلطة التشريعية تختص بوضع القوانين أما السلطة التنفيذية فوظيفتها تنفيذ القوانين في حين إن السلطة القضائية وظيفتها تطبيق القوانين التي وضعتها السلطة التشريعية على الوقائع والحوادث المعروضة أمامها . ولكن يلاحظ في كثير من الأحيان أن بعض الفقه يخلط بين معنى الوصف القانوني الذي هو التحديد القانوني من قبل المشرع لواقعة معينة وإخضاعها لنص أو نموذج قانوني معين ينطبق عليها وبالتالي يكون هذا النص المحدد من قبل المشرع متضمنا الجريمة والعقوبة المحددة من قبل المشرع , وبين التكييف القانوني الذي هو عمل قضائي صرف حيث أن القاضي يعمل سلطته التقديرية لتقدير إخضاع الواقعة المعروضة عليه إلى النص القانوني الملائم الذي ينطبق عليها وذلك كله وفقا لتقدير القاضي طبقا لثقافته القانونية وبالتالي يعتمد ذلك على فطنته وذكائه وخبرته وعلمه القانوني دون علمه الشخصي , مع ملاحظة أن علم القاضي الشخصي لا يشمل العلم بالأمور العامة التي يفترض بالناس كافة الإلمام بها .
ومن هنا كان هذا البحث المتواضع بمثابة الدعوة إلى ذلك البعض من الفقه إلى ضرورة التمييز بين الوصف القانوني للجريمة وبين التكييف القانوني لها وإقامة التفرقة الضرورية بينهما لان من شأن ذلك الوصول إلى المعنى الحقيقي والفعلي لكل من المصطلحين , حيث إن المشرع هو الذي يصف من خلال النص أو النموذج القانوني الموضوع من قبله , والقاضي هو الذي يكيف بإنزال حكم القانون المحدد سلفا من قبل المشرع على الواقعة المعروضة أمامه . فالمشرع عندما يواجه واقعة لم تحدد بنص سابقا فانه يقوم بوصفها من خلال وضع النص الملائم لها والذي يحدد تجريمها والعقوبة المناسبة لها , فمثلا إن المشرع يصف واقعة ضرب احد الأشخاص لشخص لآخر بأنها جريمة ضرب , لكن هذه الجريمة ذاتها عندما تؤدي إلى عاهة مستديمة أو إلى الموت هنا يتعين على المشرع أن يعطيها وصف آخر يتضمن تجريم جديد وعقوبة جديدة تختلف بالضرورة عن جريمة الضرب العادي . والمشرع أيضا يصف واقعة اخذ الموظف لمال معين من مواطن له معاملة لدى هذا الموظف بأنه رشوة وأيا كانت صورة هذا الأخذ , في حين لو أن الموظف ذاته اخذ الأموال الموجودة في عهدته والمملوكة للدولة هنا يقوم المشرع بإعطاء وصف قانوني آخر لعمل الموظف هذا وفقا لنص أو نموذج قانوني آخر وذلك بتسمية عمله بجريمة اختلاس أموال الدولة فهنا التحديد القانوني اختلف عن جريمة الرشوة وكذلك العقوبة التي ينبغي أن تختلف عنها . وبالتالي يتبين ضرورة التفريق بين الوصف القانوني الذي هو من صميم اختصاص المشرع وبين التكييف القانوني الذي هو من صميم اختصاص القاضي .
وعلى ذلك يجب التطرق إلى هذا الموضوع في مبحثين , نتناول في الأول منهما ماهية الوصف القانوني للجريمة في مطلبين نتعرض في أولهما إلى تعريف الوصف القانوني للجريمة في حين نستعرض في ثانيهما الموقف القانوني والقضائي منه , أما المبحث الثاني فنتعرض فيه إلى ماهية التكييف القانوني للجريمة في مطلبين نتطرق في أولهما إلى تعريف التكييف القانوني للجريمة في حين نتناول في ثانيهما الموقف القانوني والقضائي منه .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين على نعمه الظاهرة والباطنة , وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين .
م.م فرقد عبود العارضي
المقدمــــــــــــــــــــــــة
لقد نص مبدأ الشرعية الجنائية على اختصاص المشرع الجنائي بإنشاء الجرائم والعقوبات وفقا لما هو مقرر فيه بأنه ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ) , وبالتالي يحظر على القاضي أن ينشأ جرائم وعقوبات من نفسه حيث تنحصر مهمته بتطبيق النص القانوني المحدد من قبل المشرع على الواقعة المطروحة أمامه . وهذا المبدأ الدستوري تقتضيه مبررات مبدأ دستوري آخر ألا وهو مبدأ الفصل بين السلطات حيث تختص كل سلطة بوظيفة معينة تحددها طبيعتها ومقتضيات العمل , فالسلطة التشريعية تختص بوضع القوانين أما السلطة التنفيذية فوظيفتها تنفيذ القوانين في حين إن السلطة القضائية وظيفتها تطبيق القوانين التي وضعتها السلطة التشريعية على الوقائع والحوادث المعروضة أمامها . ولكن يلاحظ في كثير من الأحيان أن بعض الفقه يخلط بين معنى الوصف القانوني الذي هو التحديد القانوني من قبل المشرع لواقعة معينة وإخضاعها لنص أو نموذج قانوني معين ينطبق عليها وبالتالي يكون هذا النص المحدد من قبل المشرع متضمنا الجريمة والعقوبة المحددة من قبل المشرع , وبين التكييف القانوني الذي هو عمل قضائي صرف حيث أن القاضي يعمل سلطته التقديرية لتقدير إخضاع الواقعة المعروضة عليه إلى النص القانوني الملائم الذي ينطبق عليها وذلك كله وفقا لتقدير القاضي طبقا لثقافته القانونية وبالتالي يعتمد ذلك على فطنته وذكائه وخبرته وعلمه القانوني دون علمه الشخصي , مع ملاحظة أن علم القاضي الشخصي لا يشمل العلم بالأمور العامة التي يفترض بالناس كافة الإلمام بها .
ومن هنا كان هذا البحث المتواضع بمثابة الدعوة إلى ذلك البعض من الفقه إلى ضرورة التمييز بين الوصف القانوني للجريمة وبين التكييف القانوني لها وإقامة التفرقة الضرورية بينهما لان من شأن ذلك الوصول إلى المعنى الحقيقي والفعلي لكل من المصطلحين , حيث إن المشرع هو الذي يصف من خلال النص أو النموذج القانوني الموضوع من قبله , والقاضي هو الذي يكيف بإنزال حكم القانون المحدد سلفا من قبل المشرع على الواقعة المعروضة أمامه . فالمشرع عندما يواجه واقعة لم تحدد بنص سابقا فانه يقوم بوصفها من خلال وضع النص الملائم لها والذي يحدد تجريمها والعقوبة المناسبة لها , فمثلا إن المشرع يصف واقعة ضرب احد الأشخاص لشخص لآخر بأنها جريمة ضرب , لكن هذه الجريمة ذاتها عندما تؤدي إلى عاهة مستديمة أو إلى الموت هنا يتعين على المشرع أن يعطيها وصف آخر يتضمن تجريم جديد وعقوبة جديدة تختلف بالضرورة عن جريمة الضرب العادي . والمشرع أيضا يصف واقعة اخذ الموظف لمال معين من مواطن له معاملة لدى هذا الموظف بأنه رشوة وأيا كانت صورة هذا الأخذ , في حين لو أن الموظف ذاته اخذ الأموال الموجودة في عهدته والمملوكة للدولة هنا يقوم المشرع بإعطاء وصف قانوني آخر لعمل الموظف هذا وفقا لنص أو نموذج قانوني آخر وذلك بتسمية عمله بجريمة اختلاس أموال الدولة فهنا التحديد القانوني اختلف عن جريمة الرشوة وكذلك العقوبة التي ينبغي أن تختلف عنها . وبالتالي يتبين ضرورة التفريق بين الوصف القانوني الذي هو من صميم اختصاص المشرع وبين التكييف القانوني الذي هو من صميم اختصاص القاضي .
وعلى ذلك يجب التطرق إلى هذا الموضوع في مبحثين , نتناول في الأول منهما ماهية الوصف القانوني للجريمة في مطلبين نتعرض في أولهما إلى تعريف الوصف القانوني للجريمة في حين نستعرض في ثانيهما الموقف القانوني والقضائي منه , أما المبحث الثاني فنتعرض فيه إلى ماهية التكييف القانوني للجريمة في مطلبين نتطرق في أولهما إلى تعريف التكييف القانوني للجريمة في حين نتناول في ثانيهما الموقف القانوني والقضائي منه .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين على نعمه الظاهرة والباطنة , وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين .
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma