المحاضرة السادسة : العسكريون غير المتمتعين بالحماية الإنسانية
لما كانت العمليات الحربية لا توجه إلا ضد العسكريين الذين يحملون السلاح ، فان هذه العمليات مقيدة بالعوامل الإنسانية عند مواجهة العدو . وقد سبق أن بحثنا في الفقرة السابقة العسكريين الذين يتمتعون بالحماية الإنسانية والأصناف التي تتمتع بهذه الحماية وتحديد نطاقها ، غير أن هناك أصنافاً من العسكريين لا يتمتعون بالحماية الإنسانية وقد أجاز القانون الدولي أن تتخذ الدولة الحاجزة الإجراءات بحقهم وان تجردهم من الحماية الإنسانية . وأصناف العسكريين الذين لا يتمتعون بالحماية الإنسانية ما يأتي :
1ــ العسكريون المرتزقة :
يقصد بالمرتزقة الأشخاص من غير مواطني الدولة الذين يتخذون من الخدمة العسكرية مهنة يرتزقون منها ، ويعرضون خدماتهم لمن يدفع لهم ثمناً أكثر ، دون أن تكون لهم أو لدولتهم علاقة بالقتال المسلح ، وبغض النظر عما إذا كانت الدولة التي يحاربون إلى جنبها صاحبة الحق أم لا ، وان الدافع الأساس في القتال هو الحصول على ثمن فحسب وللدولة المتحاربة أن تعد الطرف الآخر من المرتزقة إذا توافرت فيهم الشروط الآتية :
أ ــ إذا جندوا للقتال في نزاع قائم فعلاً ، أما إذا جندوا في القوات المسلحة دون أن يكون هناك نزاع مسلح بين الطرفين ، فليس للطرف الآخر أن يعدهم من المرتزقة. ويشترط في هذه الحالة أن يجند في القوات المسلحة لغرض القتال . أما إذا كان تجنيده لغرض تقديم الخدمات الإنسانية دون المشاركة في العمليات الحربية ، فانه لا يعد من المرتزقة ولا يهم أن يكون تجنيده للقتال داخل الدولة المتحاربة التي جندته أم يجند وهو في الخارج .
ب ــ أن يمارس القتال فعلاً . فإذا تم تجنيده في وحدة قتالية إلا إن هذه الوحدة لم تشارك في القتال ، فلا يعد من المرتزقة . كذلك إذا اشتركت وحدته التي جند فيها في القتال إلا انه انسحب عن القتال أو رفض مواصلته ، فانه لا يعد من المرتزقة إذا جند في وحدة غير قتالية كالوحدات الخاصة بجمع المرضى والجرحى أو الوحدات الطبية أو كان مراسلاً صحفياً ، فانه لا يعد من المرتزقة ومن ثم يتمتع بالحماية الإنسانية .
جـ ــ أن يكون اشتراكه في القتال من أجل الحصول على مغنم شخصي . أي أن هدفه في القتال غير قائم على أساس فكري أو ديني أو قومي أو إنساني ، إنما هدفه الأساس من الاشتراك هو الحصول على مكاسب مادية . ويشترط في تحقيق ذلك ما يأتي :
أولاً ــ أن يكون هدفه الحصول على الربح المادي أو التعويض المادي .
ثانياً ــ أن يُدفع له هذا الربح المادي فعلاً فإذا لم يدفع له فانه لا يعد من المرتزقة وان كان هدفه الربح المادي .
ثالثاً ــ أن يتجاوز الربح المادي الذي يُدفع له بصورة كبيرة ما يُدفع لأقرانه من مواطني الدولة المتحاربة . أما إذا دفع له تعويض مساوٍ لهم أو أقل منهم فلا يعد من المرتزقة .
رابعاً ــ أن يدفع له الربح المادي من الدولة المتحاربة ذاتها ، أو من قبل دولة أخرى نيابة عن الدولة المتحاربة ، أما إذا دفع التعويض من قبل دولة غير متحاربة وبدون علمها، فان هذا الشخص لا يعد من المرتزقة .
د ــ أن يكون هذا الشخص أجنبياً ويعيش في الخارج ، أما إذا كان من رعايا الدولة المتحاربة أو أجنبياً ولكنه مقيم فيها فانه لا يعد من المرتزقة . فإذا كان مثل هذا الشخص من مواطني الدولة المتحاربة أو كان أجنبياً ولكنه مقيم فيها ، فانه لا يعد من المرتزقة ونرى أن السبب في عدم اعتداد الأجنبي المقيم من المرتزقة يرجع إلى احتمال إجباره على القتال أو تعاطفه مع مواطني الدولة المتحاربة .
هـ ــ أن يكون غير مرسل من قبل دولته في بعثة عسكرية إلى الدولة المتحاربة . فإذا كانت دولته قد أرسلته لتعلم أو تعليم الفنون العسكرية ، أو لأغراض الاستطلاع أو الزيارة أو التدريب إلى الدولة المحاربة واشترك الموفد في القتال فلا يعد من المرتزقة . ونرى أن هذه الحالة تطبق على الموفد من قبل دولة محايدة فلا يعد موفدها من المرتزقة لكونه عسكرياً يعمل في الدولة المتحاربة . ولا يشمل حالة الموفد من دولة متحاربة لأن أفراد قوات الدولة المتحاربة لا يعدون من المرتزقة وان لم تشترك دولتهم في القتال مادامت أعلنت انحيازها إلى أحد أطراف النزاع . ولا تعد الدولة المحايدة التي توفد بعثة عسكرية لأغراض غير قتالية إلى أطراف النزاع خروجاً على حيادها وعلى الرغم من ذلك فان أفراد هذه البعثة لا يعدون من المرتزقة . أما إذا عد الطرف الآخر إن إرسال هذه البعثة يبرر خروجها عن حيادها فإنها تصبح من الدول المتحاربة ، ومن ثم أفراد البعثة لا يعدون من المرتزقة أيضاً لكونهم من المتحاربين التابعين لدولة متحاربة . وإذا توافرت الشروط المذكورة في المشارك في القتال فانه يعد من المرتزقة ويحرمون من الحماية الإنسانية المقررة للمقاتل أو الأسير ، وجاز للدولة أن تتخذ الإجراءات القانونية بحقهم وليس لدولتهم حق الاعتراض على ذلك . ويعاقب القانون العراقي المرتزقة بعقوبة الإعدام .
2ــ الجواسيس :
الجاسوس : الشخص الذي يعمل في خفية أو تحت ستار كاذب في جمع أو محاولة جمع معلومات في منطقة الأعمال العسكرية لإحدى الدول المتحاربة بقصد إرسال هذه المعلومات إلى دولته . وكان العرف الدولي قد أجاز للدول المتحاربة استخدام الوسائل المشروعة للحصول على معلومات من العدو في ساحة العمليات العسكرية . وقد نظم البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف لعام 1949م أحكام الجاسوس طبقاً لما يأتي :
(1) الجاسوس المتخفي في أراضي الخصم :
يجوز للدولة التي تقبض على جاسوس أن تحرمه من الحماية الإنسانية إذا توافرت الشروط الآتية :
أ ــ أن يكون أحد أفراد القوات المسلحة لطرف النزاع . أما إذا كان تابعاً لدولة أخرى غير متنازعة فانه لا يعد جاسوساً طبقاً لأحكام البروتوكول الإضافي .
ب ــ أن يُلقى القبض عليه أثناء تلبسه بالتجسس . أما إذا قبض عليه بعد ذلك فانه لا يفقد الحماية الإنسانية وطبقاً لذلك ، فان التجسس طبقاً لأحكام البروتوكول يعد عملاً محرماً كقاعدة عامة . وإذا تم القبض على الجاسوس طبقاً لما ذكرناه فانه يخضع لأحكام القوانين الداخلية ويجوز للدولة أن تعاقبه بالعقوبة المقررة في قوانينها .
(2) الجاسوس غير المقيم في إقليم يحتله الخصم :
يتمتع الجاسوس الذي يرتدي الزي العسكري بالحماية الإنسانية إذا توافرت فيه الشروط الآتية :
أ ــ أن يكون الجاسوس أحد أفراد القوات المسلحة أما إذا كان مدنياً فلا يتمتع بالحماية الإنسانية .
ب ــ أن يكون هناك نزاع مسلح بين الطرفين . أما إذا قام بعمله أثناء وقت السلم فانه لا يتمتع بالحماية الإنسانية .
جـ ــ أن يقوم بجمع أو محاولة جمع المعلومات لصالح طرف في النزاع . أما إذا قام بجمع أو محاولة جمع المعلومات لصالح دولة غير طرف في النزاع فانه لا يتمتع بالحماية الإنسانية .
د ــ أن يكون عمل الجاسوس في إقليم يسيطر عليه الطرف الآخر . أما إذا قام بعمله في منطقة أخرى فلا يتمتع بالحماية الإنسانية طبقاً لهذه الحالة .
هـ ــ أن يمارس الجاسوس عمله وهو يرتدي زيه العسكري الرسمي . أما إذا كان قد تنكر بملابس عسكرية لدولة أخرى أو بملابس مدنية فانه لا يتمتع بالحماية الإنسانية وإذا ما توافرت الشروط المذكورة ، فان الجاسوس لا يعد قد ارتكب عملاً جاسوسياً، بل ارتكب عملاً عسكرياً يتمتع بالحماية الإنسانية المقررة لأفراد القوات المسلحة .
(3) الجاسوس المقيم في إقليم يحتله الخصم :
لا يعد مرتكباً لأعمال التجسس العسكري الذي يقوم بجمع المعلومات وان لم يرتدِ ملابس عسكرية طبقاً للشروط الآتية :
أ ــ أن يكون الجاسوس أحد أفراد القوات المسلحة لطرف في نزاع عسكري قائم فعلاً .
ب ــ أن تكون محل إقامة الجاسوس في الإقليم الذي يحتله الخصم . أما إذا كان غير مقيم فلا تسري عليه هذه الحالة .
جـ ــ أن يقوم بجمع المعلومات لصالح قواته المسلحة التي يتبعها .
د ــ أن تكون المعلومات التي يجمعها أو يحاول جمعها لها قيمة عسكرية . أما إذا تعلقت المعلومات بموضوعات سياسية أو اقتصادية فلا يستفيد من هذه الحالة .
هـ ــ أن يكون جمع المعلومات من داخل الإقليم المحتل . أما إذا تجاوز ذلك إلى إقليم الخصم فلا يستفيد من هذه الحالة .
و ــ عدم ارتكابه عملاً من أعمال الزيف أو التخفي . فإذا ما ارتدى الزي العسكري أو تخفى داخل معسكراته أو تظاهر بأنه من مؤيدي الخصم لغرض الحصول على المعلومات فانه لا يستفيد من الحماية الإنسانية وإذا توافرت الشروط المذكورة في الجاسوس المقيم فانه لا يعد مرتكباً لأعمال الجاسوسية ، وانما يعد عمله من الأعمال الاستطلاعية العسكرية التي يتمتع مرتكبها بالحماية الإنسانية المقررة لأفراد القوات المسلحة . وإذا ما اتهم شخص بارتكابه أعمال التجسس في الحالات المذكورة ، فأنه لا يفقد في جميع الأحوال الحماية الإنسانية المقررة لأسير الحرب . أما إذا قبض عليه وهو متلبس بجمع المعلومات فانه يُعامل معاملة الجاسوس ، وتعد جميع أعماله أعمالاً جاسوسية يعاقب بموجبها طبقاً لأحكام القوانين الداخلية .
(4) الجاسوس الذي لا يمارس الجاسوسية :
قد تقوم الدولة بتجنيد أحد أفرادها للتجسس على الطرف الآخر ويتمتع مثل هذا الجاسوس بالحماية الإنسانية إذا توفرت فيه الشروط الآتية :
أ ــ أن يكون أحد أفراد القوات المسلحة لطرف في النزاع .
ب ــ ألا يكون مقيماً في أرض يحتلها العدو ، وانما يُرسل لغرض جمع المعلومات .
جـ ــ عدم قيامه بأي عمل من الأعمال المكلف بها من قبل قوات دولته المسلحة .
د ــ أن يعود إلى قوات دولته المسلحة . وإذا ما تم القبض عليه عند عودته للإقليم المحتل مرة ثانية فانه لا يعد جاسوساً ويتمتع بالحماية الإنسانية التي يتمتع بها الأسير على الأقل . أما إذا تم القبض عليه قبل التحاقه بقواته المسلحة فانه يعد جاسوساً ويحرم من الحماية الإنسانية .
3ــ الوطنيون الملتحقون بقوات العدو :
من الواضح ، إن الوطني يخضع لأحكام دولته الوطنية . وتمنع جميع قوانين الدول الوطنيين من الالتحاق بقوات العدو وتعد ذلك جريمة موجبة للعقاب طبقاً لأحكام القوانين الداخلية وان مثل هؤلاء لا يتمتعون بالحماية الإنسانية المقررة في القانون الدولي . وقد أوجب قانون العقوبات العراقي فرض عقوبة الإعدام بحق العراقي الذي يلتحق بصفوف العدو إذا توافرت فيه الشروط الآتية :
أ ــ أن يكون الملتحق بالعدو مواطناً عراقياً .
ب ــ أن يلتحق فعلاً بصفوف العدو أو بالقوات المسلحة للعدو .
جـ ــ أن تكون الدولة التي التحق بها العراقي في حالة حرب مع العراق .
ويعاقب بالإعدام أيضاً العراقي الذي يرفع السلاح ضد العراق وهو في الخارج . أما إذا كانت الجهة التي التحق بها العراقي ليست في حالة حرب ، وانما جهة معادية للعراق ، فتكون عقوبته الإعدام أو السجن المؤبد . وإذا التحق العراقي بصفوف العدو أو قواته المسلحة ولكنه انفصل عنها قبل قيامه بأي عمل عسكري ضد العراق فانه يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت ، ويعاقب بالإعدام كل عراقي ساعد العدو على دخول العراق أو على تقدمه فيه ، أو عمل على تحريض العراقيين على الانضمام إلى العدو أو الاستسلام .
المدنيون المتمتعين بالحماية الإنسانية
إذا كان القانون الدولي قد وضع الحماية الإنسانية للعسكريين في الوقت الذي يحاربون فيه الطرف الآخر ويحاولون قهره وتدميره ، فانه من باب أولى توفير الحماية الإنسانية للأشخاص المدنيين الذين لا يحاربون الطرف الآخر ، ولهذا فان القانون الدولي وضع القواعد القانونية لحماية المدنيين من آثار العمليات العسكرية وفرض على الأطراف المتنازعة أن تضمن عدم التعرض لهم . ولما كانت الحروب الحديثة تعتمد على قدرات الدولة البشرية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية فضلاً عن قواتها المسلحة ، وان الربط بين هذه العوامل يعد ضرورة حتمية لقوة الدولة العسكرية الأمر الذي دفع الدول إلى أن تأخذ بنظر الاعتبار جميع إمكانات الدولة ووضعها في الحساب . وان ضرب أي من هذه العومل ، بلا شك يؤثر في قدرات الدولة العسكرية ولربما كان ضرب الأهداف المدنية أحد العوامل المؤثرة في تحقيق النصر على الطرف الآخر ، ويعد العنصر البشري للدولة قدرة كبيرة ترفد القوات المسلحة بالعامل البشري ، ولهذا فان شعب الدولة يعد امتداداً لقواتها المسلحة ورافدها الأساس وان الدول تحاول أن تضرب هذا الرافد لأضعاف القوات المسلحة والتأثير فيها نفسياً ولهذا فقد اتجهت الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الثانية إلى ضرب مدينتي هيروشيما و نياكازاكي اليابانيتين . ويعلق الخبراء في جيش الولايات المتحدة ، بأنه لولا ضرب تلك المدينتين ، لكانت الحرب العالمية الثانية مستمرة حتى الوقت الحاضر . وطبقاً لهذا الاتجاه الذي يهدد الإنسانية بالفناء، فان المجتمع الدولي قد عمل على وضع القواعد لمنع ضرب المدنيين . ولا بد لنا أن نحدد من هو المدني ، وقد سبق لنا أن حددنا من هو العسكري ، وبذلك يمكن القول إن ما عدا الأشخاص الذين حددناهم من العسكريين ، فان البقية هم من المدنيين . ويمكن ان نضيف إلى ذلك انه يشترط في الشخص لكي يكون مدنياً ما يأتي :
1ــ أن لايكون له دور في العمليات الحربية الدائرة فعلاً بين دولته والطرف الآخر .
2ــ عدم استخدامه السلاح لمواجهة الطرف الآخر .
3ــ عدم ارتباطه بالقوات المسلحة العسكرية لدولته ، سواء كان من المنتسبين إليها أو من المتطوعين .
أما بالنسبة إلى قواعد الحماية الإنسانية المقررة للمدنيين ، فإننا سوف نميز بين نوعين من الحماية الإنسانية ، الأولى : الحماية الإنسانية العامة المقررة لجميع المدنيين بغض النظر عن اختلافهم وأصنافهم ، والثانية : الحماية الإنسانية الخاصة لبعض المدنيين تبعاً لاختلافهم وأصنافهم .
1ــ الحماية للمدنيين بصورة عامة :
يقصد بالحماية العامة للمدنيين ، الحماية التي يتمتع بها جميع المدنيين بغض النظرعن اختلافهم وظروفهم وحالتهم الصحية والنفسية والجسدية ، فهي حماية لكل مدني ، سواء أكان من السكان المدنيين لأراضي محتلة ، أم من المدنيين من غير الساكنين في أرض محتلة ويتمتع المدنيون بالحماية الآتية :
أ ــ الحماية من أخطار الحرب :
لا يجوز أن يكون المدنيون هدفاً للعمليات الحربية ، ولا يجوز تهديدهم بذلك ، ولا يجوز بث الرعب بينهم ، أو أن تتخذ أية وسيلة لإذلالهم فلا يجوز أن توجه إليهم وسائل الأعلام لتخويفهم وإرهابهم . فلا بد من حماية المدنيين من أخطار الحرب المباشرة . وهي الأخطار الناجمة عن العمليات الحربية . ومن أخطار الحرب غير المباشرة كقطع الماء والكهرباء والمؤن الغذائية وتلوث البيئة .
ب ــ الحماية من الضرب العشوائي :
يتمتع المدنيون بالحماية من الضرب العشوائي . ويقصد بالضرب العشوائي الذي لا يوجه ضد المدنيين ما يأتي :
أولاً ــ الضرب الذي لا يوجه ضد هدف عسكري : فإذا ما قام الطرف الآخر بضرب منطقة غير عسكرية فانه عمله هذا يعد عشوائياً ، سواء أكان يعلم بوجود مدنيين أم لا . ذلك أن العمليات الحربية لا توجه إلا إلى المناطق العسكرية . وإذا وجهت إلى منطقة غير عسكرية فان هذا التوجه يعد عشوائياً .
ثانياً ــ إذا استخدم الهجوم طريقة أو وسيلة لا توجه إلى هدف العسكري . ومن ذلك كأن يكون الهدف العسكري مخزناً للأسلحة النووية تحت الأرض أو محصناً تحصيناً لا يمكن أن تؤثر فيه أقوى وأمضى الأسلحة المعروفة ، فيلجأ الطرف الآخر إلى ضرب هذا المخزن أو الحصن العسكري بأسلحة تقليدية أو قنابل كيميائية أو سامة فان مثل هذه الأسلحة لا تؤثر في هذه المواقع ولا على أفراد القوات المسلحة ، وانما تؤثر في المدنيين الذين يسكنون إلى جانب هذه المواقع .
ثالثاً ــ إذا استخدم الهجوم طريقة أو وسيلة لا يمكن حصر آثارها كأن يقوم أحد الأطراف المتحاربة باستخدام السموم لضرب أفراد القوات المسلحة عن طريق تسميم مياه الشرب الأمر الذي يؤدي إلى قتل العسكريين والمدنيين أو استخدام أسلحة كيميائية لضرب العسكريين والمدنيين في منطقة واحدة . أو استخدام القنابل النووية أو النيترونية أو الهيدروجينية لضرب مواقع عسكرية داخل مناطق مدنية الأمر الذي يؤدي إلى قتل المدنيين والعسكريين على حد سواء لأن مثل هذه الأسلحة أو الوسائل لا تميز بين العسكريين والمدنيين وان آثارها تكون شاملة .
رابعاً ــ الهجوم قصفاً بالقنابل على أهداف عسكرية متباعدة : فإذا قام أحد الأطراف بضرب أهداف عسكرية متباعدة على إنها تضم هدفاً عسكرياً واحداً وجد المدنيون بين هذه الأهداف العسكرية المتباعدة أو وجدت مناطق أو مدن أو قرى بين تلك الأهداف العسكرية فان ضرب هذه المواقع العسكرية واعتدادها هدفاً عسكرياً واحداً، فانه يؤدي بالتأكيد إلى ضرب المدنيين الموجودين بين هذه المواقع .
خامساً ــ الهجوم المباشر على المدنيين لتحقيق ميزة عسكرية : قد يلجأ أحد الأطراف لضرب بعض الأهداف المدنية التي يحقق ضربها ميزة عسكرية له ، فيؤدي ذلك إلى ضرب المدنيين داخل هذه الأهداف فيخلط بينها وبين إلحاق الأضرار بالمدنيين أي انه يخلط بين الخسائر في الممتلكات والأضرار التي تلحق بالمدنيين فان ذلك يعد ضرباً عشوائياً محرماً وان أدى ذلك إلى تحقيق ميزة عسكرية للطرف المهاجم . وفي جميع الحالات المذكورة يعد الضرب العشوائي محرماً عندما يمس هذا الضرب المدنيين أو يلحق الخسائر بهم ويتمتع بذلك المدنيون بالحماية الإنسانية من الضرب العشوائي إلا إذا قاموا بدور في العمليات الحربية ، فانهم بذلك يفقدون الحماية المقررة لهم .
العسكريون الذين تجوز مقاتلتهم
العسكريون الذين يجوز قتالهم ، هم الأشخاص الذين ينتمون إلى أصناف القوات المسلحة الرسمية للدولة من غير الأشخاص الذين سبقت الإشارة إليهم في المطالب الأربعة السابقة فهؤلاء وحدهم توجه ضدهم العمليات الحربية . وعلى الرغم من جواز محاربة هؤلاء وقتالهم فان قتالهم محكوم بقواعد إنسانية منها ما يأتي :
1ــ عدم استخدام الأسلحة الخانقة : يحرم استخدام الأسلحة الخانقة التي تؤدي إلى موت جماعي .
2ــ عدم استخدام السموم : لا يجوز استخدام السموم بجميع أنواعها سواء عن طريق وضعها في قذائف أو وضعها في المياه أو الغذاء .
3ــ عدم استخدام القنابل العنقودية ورصاص دمدم : لا يجوز استخدام القنابل العنقودية بسبب ما تسببه من حروق وآلام . كذلك لا يجوز استخدام رصاص دمدم .
4ــ عدم استخدام القنابل الهيدروجينية والذرية والنيترونية : ذلك أن مثل هذه الأسلحة تؤدي إلى موت جماعي ، وتؤدي إلى فناء مظاهر الحياة البشرية وقد استخدمت القنابل الذرية في الحرب العالمية الثانية على مدينتي هيروشيما و ناكازاكي اليابانيتين حيث قُدرت الضحايا بـ 105,000 قتيل و 125,000 مصاب وفقد آلاف الأبنية وتسببت بأضرار شعاعية . وقد أنشأت الأمم المتحدة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 20 أيلول 1956م من أجل تخصيص الطاقة الذرية للأغراض السلمية . وضعت معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية قيوداً على كل دولة بعدم نقل أو قبول الأسلحة النووية وأجهزة التفجير النووي أو الأشراف على هذه الأسلحة أو تشجيع أو تحريض دولة على صنع أسلحة نووية .
5 ــ تحريم استخدام الأسلحة الكيمياوية : حرم بروتوكول جنيف لعام 1925م استعمال غازات خانقة أو غازات سامة أو غازات أخرى والمواد كافة من السوائل أو المواد أو الوسائل الشبيهة في الحرب . وعد أن تحريم ذلك جزء من القانون الدولي يتقيد به على السواء وتحريم الحرب بالمواد البكتريولوجية . وقد أنضم العراق إلى الاتفاقية المذكورة .
6ــ عدم استخدام الخدعة غير المشروعة : ليس للدول المتحاربة أن تستخدم وسائل خداع غير مشروعة ، ويجوز لها استخدام وسائل الخدعة المشروعة . ومن أنواع الخداع غير المشروع التي لا يجوز استخدامها :
أ ــ استغلال أوقات الهدنة للقيام بأعمال عسكرية ضد الطرف الآخر .
ب ــ استخدام إشارات الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر لتغطية الأعمال العسكرية.
جـ ــ التظاهر بالتسليم حتى إذا ما اقترب الطرف الآخر يُفاجأ بالهجوم .
د ــ السماح لأطراف الطرف الآخر بجمع الجرحى والمرضى ومن ثم مهاجمتهم وقتلهم .
أما الخدعة المشروعة ، فهي مثلاً القيام بمناورات في منطقة من أجل إيهام الطرف الآخر والهجوم عليه من جهة ثانية . أو تخفي الجنود وراء الأشجار أو طلي الأسلحة بالطين .
انتهى بحمد لله .
تمنياتنا بالتوفيق للجميع .
منقول للفائدة ...
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma