عنوان المذكرة :بطلان اجراءات التحقيق الابتدائي
مقدمة :
- لقد مرت جل القوا نيين الوضعية على مرالسنين بمراحل عدة ساعدت عـــلى تطويـــــر المفاهيــم القــانونيـة ضمانة لتحقيق العدالة الاجتماعية عبر مختلف العصور، و لعـل القوانين الإجرائية عامة و قانون الإجراءات الجزائية خاصة مر بمراحل عديدة لقي من خلالهــا اهتمامـا كبيرا مـن مختلف الشرائح القانونية سـواء عـلى مستوى التشريع أو الفقه أو عـــلى مستوى القضـــاء. ولأن قانون الإجراءات الجزائية مرتبط ارتباطا وثيقا بالجانب العقابي أي المســــاس بالحـرية الفرديـة ذهب جميع المشرعين إلى وضع أسسه منتهجين في ذلك الدقة و الوضوح لكي ينعم كـل شخص بمحاكمة عادلة، لهذا حدد قانون الإجراءات الجزائية كيفية سير جميع إجراءات الدعوى الجزائية بدءا بمرحلة البحث التمهيدي الأولى ثم مرحلة التحقيق القضائي الابتدائي إلى غاية مرحلة المحاكمة. و لما كان التحقيق الابتدائي يجد سند شرعيته في تنظيم التشريعات الإجرائية له بالنص عليه و تحديد مجاله و نطاقه كمرحلة لاحقة للبحث و التحري و سابقة على المحاكمة و يناط بقاض مختص هو قاضي التحقيق. فانه يمكن تعريفه على أنه مجموعة الإجراءات التي يباشرها الجهاز القضائي المكلف بالتحقيق قصد التثبت من الوقائع المعروضة عليه و معرفة كل من ساهم في اقترافها ثم إحالة مرتكبيها إلى جهة الحكم لتوقيع الجزاء المناسب لهم عند الاقتضاء مع مراعاة مصلحة المجتمع من جهة و مصلحة المتهم في كفالة حقه في الدفاع عن نفسه و مصلحة المتضرر من جهة أخرى مع اختلاف الأمر بين تشريعات تسند سلطة التحقيق إلى جهاز مستقل و تشريعات لا تأخذ بنظام قاضي التحقيق و أخرى تأخذ بنظام مختـــــلط .
- أما نظام التحقيق المعمول به في الجزائر فإنه يفرق بين مراحل ثلاث هي مرحلة جمع الاستدلالات أو البحث الأولي أو التمهيدي التي تتولاها الضبطية القضائية و مرحلة التحقيق الابتدائي التي يتولاها قاضي التحقيق و مرحلة مراقبة صحة الإجراءات و الفصل في الطعون التي خولها لغرقة الاتهام أو للمحكمة العليا حسب الحالة ، إذ يعمل قاضي التحقيق على البحث في الوقائع قصد جمع الأدلة على الجرائم و كل من ساهم في اقترافها و التصرف النهائي بشأنها إما بإحالة الدعوى على جهة الحكـم أو بأن لا وجه للمتابعة أو بإرسال المستندات إلى النيابة العامة. فالتحقيق الابتدائي هو الذي تقوم به جهات التحقيق تكميلا للبحث الأولي( التمهيدي) الذي غالبا مايسبق التحقيق القضائي و الذي تتولاه الضبطية القضائية طبقا للمواد : 12 إلى 28 و 42 إلى 55 و 63 إلى 65 من ق ا ج و لو أن المشرع عبر عنه خطأ بالتحقيق الابتدائي في عنوان الفصل الثاني من الباب الثاني للكتاب الأول من ق إ ج .
وتتميز مرحلة التحقيق الابتدائي عن مرحلة البحث التمهيدي أو الأولى من حيث طبيعتها وجهة الاختصاص
و السلطات و الصلاحيات المخولة لكل جهة منهما و ما يقرره القانون من ضمانات للخاضعين للإجراءات المتبعة في المرحلتين على اعتبار أن مرحلة البحث التمهيدي مرحلة تحضيرية سابقة على تحريك الدعوى العمومية والتحقيق، خلافا للتحقيق الذي يعتبر مرحلة من مراحلها، بل قد تنشأ به الخصومة الجزائية متى بوشر ضد شخص معلوم كما أن البحث التمهيدي لا تتولد عنه أدلة و إنما تترتب عنه مجموعة دلائل لا ترقى إلى مرتبة الدليل لا يستطيع القاضي الجزائي الاعتماد عليها كونها مجرد استدلالات بل عليه تدعيمها بأدلة أخرى عدا الحالات الاستثنائية التي يقرر فيها القانون حجية معينة لمحاضر الضبط القضائي. و كذا اختلاف المرحلتين من حيث الضمانات المقررة للمشتبه فيه في مرحلة البحث التمهيدي و المتهم في مرحلة التحقيق خاصة ضمانة الاستعانة بمحام. و أيضا نجد أنه لا يمكن الاستغناء عن مرحلة البحث الأولي في جميع أنواع الدعاوى العمومية بينما نجد أن التحقيق الابتدائي بواسطة قاضي التحقيق ليس وجوبيا في جميع أنواع الجرائم، إذ تقرر المادة 66 من ق إ ج على أنه وجوبي في الجنايات و اختياري فـي الجنح و جوازي في المخالفات . و تجدر الاشارة الى ان المشرع الجزائري لم يكن دقيقا في استعمال المصطلحات اذ عنون الفصل الثاني من الباب الثاني من الكتاب الاول بعنوان في التحقيق الابتدائي في حين انه عنون نفس الفصل باللغة الفرنسية بـ de l’enquete preliminaire و الذي يقصد به اجراءات البحث الاولي و الذي تجريه عناصر الضبطية القضائية، في حين انه بالرجوع الى المادة 66 من ق ا ج نجدها تحدثت عن التحقيق الذي يجريه قاضي التحقيق، و قد استعمل المشرع في ذلك مصطلح التحقيق الابتدائي، و الذي يقابله المصطلح باللغة الفرنسية l’instruction préparatoire و هو المعنى السليم و الذي هو محور دراستنا.
و نظرا لأهمية التحقيق الابتدائي سواء بالنظر لخصائصه أو لكيفية اتصال قاضي التحقيق بالدعوى وتحديد مجال اختصاصه و كذا إجراءات التحقيق و الأوامر التي يمكن له أن يصدرها سواء في بداية التحقيق أو أثناءه أو في نهايته، فقد وضع المشرع قواعد إجرائية لإظهار الحقيقة يقتضي المنطق وجوب إتباعها.
و عليه فحتى تكون إجراءات التحقيق صحيحة و منتجة لاثارها القانونية وجب أن تتوفر فيها جميع الشروط المقررة قانونا أما إذا اختل أحدها اعتبرت معيبة و يترتب على ذلك البطلان. غير أن العيوب التي تصيب إجراءات التحقيق ليست على مستوى واحد من حيث الآثار المترتبة عليها فمن الإجراءات ما يوجب القانون مراعاتها تحت طائلة البطلان و منها ما يستهدف بها إلا مجرد التنظيم والإرشاد والتوجيه،بحيث لايترتب على مخالفتها البطلان و بذلك يكون المشرع قد فرق بين البطلان القانوني طبقا للمادة157 ق إج
و البطلان الجوهري طبقا للمادة 159 من ق ا ج .
و البطلان بصفة عامة جزاء إجرائي يستهدف كل عمل إجرائي لا يتوافر فيه عنصر أو أكثر من العناصرالجوهرية التي يستلزمها فيه القانون و يترتب عليه عدم إنتاجية الآثار القانونية التي ترتبها القاعدة الإجرائية عليه إذا كان كاملا، كما يعتبر جزاءا لقاء عدم المطابقة بين الاجراء الواقع و بين الاجراء المرسوم قانونا.
ومن خلال كل ما سبق ذكره تتضح أهمية دراسة موضوع بطلان إجراءات التحقيق الابتدائي سواء أكان المشرع قصد من خلال تنظيم تلك الإجراءات تحقيق مصلحة معتبرة بوضع جملة من الضمانات التي تعبر عن جوهرالعمل الإجرائي والشرعية الإجرائية او كان قد قصد حماية أطراف الدعوى الجزائية أو لضمان الإشراف القضائي و حسن سير العدالة تطبيقا لمبدا دستوري " الأصل في الانسان البراءة" و مخالفة هذه الضمانات الإجرائية هي سبب البطلان الذي إما أن يكون مطلقا، أو نسبيا و الذي يؤدي في النهاية الى تجريد الاجراء المعيب من اثاره القانونية . و لهذا فقد اكتفت جل التشريعات بصياغة قواعد عامة تبين كيفية تقرير البطلان ذلك انه تصعب الاحاطة بكافة صور و فروض تعييب العمل الاجرائي ووضع قواعد اجرائية مانعة .و هو الامر الذي دفعنا الى طرح اشكاليات عدة بخصوص هذا الموضوع فحواها :
* ما مفهوم البطلان و اسبابه ؟ ،ومتى يوقع البطلان كجزاء اجرائي على العمل الاجرائي المعيب؟ ولماذا يتقرر في حالات دون اخرى ؟.
* كيف يتم التمسك بالبطلان ؟ ومن هم الأطراف الذين يحق لهم اثارته او التنازل عنه؟ و ماهي الجهات المختصة بالفصل فيه؟ و ما الأثار المترتبة على ذلك؟.
و سعيا منا لتبيان الدور الذي تلعبه نظرية البطلان في ضمان السير الحسن لإجراءات التحقيق و إعادة تصويب كل إغفال للقواعد الإجرائية متى أمكن ذلك ومحاولة استجلاء مظاهر تعيب الاجراء الجزائي الذي انشغل به القضاء و اهتم به الفقه، سنعتمد في دراستنا هذه على بعض الدراسات السابقة و التي ستكون الإطار العام لتناول هذا الموضوع.
و سننتهج في دراستنا أسلوبا وصفيا تحليليا تماشيا مع طبيعة الموضوع محاولة منا الإحاطة بكافة جوانبه معززين هذه الدراسة ببعض الأحكام و القرارات القضائية و كذا الآراء الفقهية مع الإشارة لبعض القوانين المقارنة متى أمكن ذلك، و في سبيل ذلك قسمنا هذا الموضوع إلى فصلين كالآتي :
الخطة :
الفصل الأول: ماهية البطلان وانواعه.
المبحث الأول: مفهوم البطلان.
المبحث الثاني: أسباب البطلان.
المبحث الثالث: أنواع البطلان.
الفصل الثاني: كيفية التمسك بالبطلان والاثارالمترتبة على ذلك.
المبحث الأول: الأطراف التي يجوز لها إثارة البطلان والتنازل عن التمسك به
المبحث الثاني: الجهات المختصة بالفصل في البطلان.
المبحث الثالث: آثار البطلان.
الخاتمة.
الفصل الأول:ماهية البطلان وانواعه.
- لقد نظم المشرع الجزائري كغيره من المشرعين اجراءات التحقيق الابتدائي والتي تلزم قاضي التحقيق منذ اتصاله بالملف الى غاية اصداره لأمرمن اوامرالتصرف، غير انه من الممكن ان تكون هذه الاجراءات التي باشرها بنفسه او بواسطة مساعديه مشوبة بالبطلان نتيجة لعدم صحتها بسبب عدم مراعاة بعض الاحكام القانونية ، وسواء كان البطلان مقررا بنص صريح او كان جوهريا، و مهما كان نوعه مطلقا او نسبيا. وهو الامر الذي سنوضحه من خلال المباحث التالية:
المبحث الاول: مفهوم البطلان.
المبحث الثاني: اسباب البطلان.
المبحث الثالث: انواع البطلان.
المبحث الأول:مفهوم البطلان.
- مما لا شك فيه ان اجراءات التحقيق تخضع لشكليات معينة حددها قانون الاجراءات الجزائية وهي واجبة الاتباع كونها تهدف الى تحقيق التوازن بين المصلحة العامة للجماعة و المصلحة الخاصة للمتهم، وعدم الالتزام بها يرتب البطلان. وعليه فان البطلان يعتبروسيلة قانونية لمراقبة مدى شرعية الاجراءات وجزاءا لعدم احترام الشكلية التي فرضها القانون واقرها القضاء رغم التعاريف العديدة التي اعطيت له،ويعتبربذلك من أهم الجزاءات الاجرائية. ويتعين علينا التمييز بينه وبين سائر الجزاءات الاخرى المشابهة له كالسقوط وعدم القبول والانعدام وهو ما سنبينه في المطلبين التاليين:
المطلب الأول: تعريف البطلان.
لم يقم المشرع الجزائري على غرار باقي التشريعات الأخرى بتعريف البطلان مكتفيا بالنص على حالاته في بعض مواد قانون الإجراءات الجزائية كما سيأتي بيانه لاحقا،و السبب في ذلك أن المشرع ترك مسألة التعاريف للقضاء و الفقه متجنبا بذلك وضع حدود و قيود على القضاء أو حتى على الفقه. ذلك أن وضع تعريف محدد للبطلان من طرف المشرع قد يسقط حالات لم يتناولها مما جعله يتفادى هذا الطرح تاركا المسألة لإعمال الفكر القانوني من طرف القضاة و الفقهاء للإلمام و الحصر لحالات البطلان .
و لعل دراستنا و إن اقتصرت على بطلان إجراءات التحقيق الابتدائي، إلا إن التعاريف التي سيورد ذكرها لم تخص هذا الموضوع دون سواه وإنما يشتمل تعريف البطلان على أي عيب شاب أي إجراء من إجراءات
الدعوى العمومية، بداءة بالتحقيق الأولي الذي تجريه الضبطية القضائية مرورا بالتحقيق الابتدائي و انتهاءا بالتحقيق النهائي الذي تقوم بإجرائه المحكمة.
ولقد حاول الفقه تعريف البطلان و تضاربت أقواله بشأنه، لهذا سنحاول إدراج بعض هذه التعاريف.
التعريف الاول:"البطلان وصف قانونييقع على العمل الإجرائي إذا ما خالف النمط القانوني المقرر له"
التعريف الثاني : "البطلان تكييف قانوني لعمل يخالف نموذجه القانوني مخالفة تؤدي إلى عدم إنتاج آثاره التي يرتبها عليه القانون إذا كان كاملا "
التعريف الثالث : "البطلان جزاء مقرر في قانون الإجراءات لعدم مراعاة أحكامه التي وضعها ، ليكون في مراعاتها الوصول إلى الحقيقة تحقيقا لمصلحة العقاب و كفالة ضمانات تلزمها السلطات حيال الخصوم مع مراعاة الحريات الأساسية و مصلحة الخصوم " .
التعريف الرابع: "البطلان جزاء يرتبه المشرع او تقضي به المحكمة بغير نص اذا افتقر العمل القانوني احد الشروط الشكلية المطلوبة لصحته قانونا ويؤدي هذا الاجراء الى عدم فاعلية العمل القانوني وافتقاده لقيمته القانونية المفترضة له في حالة صحته"
ولقد أورد الأستاذ الياس أبو عيد تعريفا للبطلان بقوله: " البطلان بتعبير بسيط هو جزاء تخلف كل أو بعض شروط صحة الإجراء، و هو يفترض عيبا قانونيا شاب الإجراء.
و البطلان جزاء إجرائي، كونه يطال الإجراءات الجزائية أي مجموعة الأعمال المتتابعة زمنيا و اللازمة لإحداث نتيجة معينة.
فالإجراء شكلا هو مخطوطة لازمة لإثبات أو لصحة وضعية قانونية، أما أساسا فهو تعبير عن إرادة من شأنه أن ينتج مفاعيل قانونية".
و مهما قيل عن البطلان، فهو جزاء لتخلف كل أو بعض شروط صحة الإجراء الجزائي، و يترتب عليه عدم إنتاج الإجراء لآثاره القانونية المعتادة.
و من الجدير بالذكر أن تعريف البطلان مرتبط بأهمية الإجراء في حد ذاته. إذ أن المشرع و ان كان لم يعرف لنا البطلان، فقد وضع قواعد إجرائية كفل بها حرية الأفراد و منح لهم الحق في محاكمة عادلة، و لما كانت الإجراءات ليست على درجة واحدة من الأهمية فقد وضع لكل إجراء إذا ما شابه عيب من العيوب أثرا يختلف عن الإجراءات الأخرى.
غير أنه و أن كان قد سبق لنا الذكر أنه لا يوجد تعريف خاص ببطلان إجراءات التحقيق الابتدائي موضوع الدراسة، إلا أنه يمكننا تعريفه بالقول أن بطلان إجراءات التحقيق الابتدائي يتمثل في"جزاء لتخلف إجراء من إجراءات التحقيق المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية و التي كفل بها المشرع حماية خاصة لأطراف الدعوى الجزائيةأو للسير الحسن للملف الجزائي،ورتب على تخلفها عدم إحداث الإجراء لآثاره القانونية".
المطلب الثاني: تمييز البطلان عن الأنظمة المشابهة له.
قد تختلط بعض المصطلحات القانونية الأخرى مع البطلان، و نظرا لكون هذا الأخير له أثاره الخاصة التي تختلف عن باقي المصطلحات الأخرى، استوجب منا الأمر تفريق البطلان و تمييزه عن بعض المصطلحات و الأنظمة الأخرى المشابهة له من خلال الفروع التالية.
الفرع الاول: البطلان و السقوط .
السقوط هو منع مباشرة عمل أو مجموعة من الأعمال الإجرائية لعدم مراعاة المواعيد المحددة لذلك،وهو جزاء إجرائي ينصب على حق معين للخصم في مباشرة الإجراء لمخالفة أحكام القانون المتعلقة بالميعاد الذي يجب أن يباشر خلاله الاجراء،وبذلك فان السقوط يترتب عليه سقوط الحق في مباشرة الإجراء لانقضاء الموعد المحدد قانونا لذلك .
وقد ورد ذكر السقوط في نص المادة 322 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها " يصير المحكوم عليه تحت طائلة جميع إسقاطات الحق المقررة في القانون اعتبارا من تاريخ استيفاء إجراءات النشر المنصوص عليها في المادة 321 ".
أي أن السقوط جزاء اجرائي من شانه حرمان الفرد من حق إجرائي معين، ووجه الاختلاف بين البطلان و السقوط، أن البطلان يرد على العمل ذاته أما السقوط فيرد على حقه في اتخاذ عمل معين .
فحسب نص المادة 322 من قانون الإجراءات الجزائية بعد نشر مستخرج حكم الإدانة تسقط جميع حقوق المدان المقررة في القانون فلا يستطيع مباشرة العمل الإجرائي.
كما أن البطلان يقبل التصحيح في أحوال معينة كما سيأتي البيان لاحقا، أما السقوط فلا يقبل التصحيح أبدا.
ضف الى ذلك ان البطلان يتقرر أساسا بحكم او بأمر، بينما السقوط بقوة القانون.
الفرع الثاني :البطلان وعدم القبول.
قد يكون الإجراء غير معيب في صلبه، ولكنه يفتقر إلى احد المفترضات الإجرائية التي يتطلبها القانون لجواز اتخاذه. فالإجراء غير المقبول هو إجراء صحيح ولكن لم تتوفر واقعة مستقلة عنه و سابقة عليه يعلق القانون عليها جواز اتخاذه.
فالدفع بعدم القبول هو الدفع الذي يرمي إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى، وهي الصفة و المصلحة و الحق في رفع الدعوى باعتباره حقا مستقلا عن الحق الذي ترفع الدعوى بطلب تقريره كانعدام الحق في الدعوى .
أما البطلان فهو جزاء يوقعه المشرع أو يقرره القاضي لتخلف إجراء معين ،فوجه الخلاف بينهما أن عدم القبول في كثير من الأحيان يمس جوانب إجرائية من النظام العام أي تلك الجوانب التي يجوز للقاضي إثارتها من تلقاء نفسه، كعدم حصول النيابة على شكوى من طرف المتضرر ففي هذه الحالة فان للقاضي الحق في الحكم بعدم قبول الدعوى العمومية لعدم وجود شكوى دون أن ينتظر من المضرور تقديم دفع بخصوص هذا الشأن. و للعلم انه متى توفر العنصر الإجرائي الذي كان منتفيا و كان الحق في اتخاذه مازال قائما فانه يجوز تجديد الإجراء الذي قضي بعدم قبوله.
الفرع الثالث : البطلان و الانعدام .
انعدام العمل الإجرائي هو عدم وجوده، فمظهر عدم الوجود هو عدم الصحة، فالبطلان ينجم عن عيب في العمل القانوني دون أن يمس وجود العمل القانوني. و إن كان كلا المصطلحين يلتقيان في تعطيل اثر العمل الإجرائي،إلا أنهما يختلفان في سبب هذا التعطيل، و يعتبر العمل الإجرائي منعدما قانونا إذا لم يسمح القانون به مثل استجواب المتهم من شخص ليس له الصفة القانونية في الاستجواب، أو إذا تم الاستجواب قبل نشوء الخصومة الجزائية. فالعمل الإجرائي يعتبر منعدما قانونا إذا انطوى على عيب يمس وجوده القانوني أو الإجرائي.
ويتميز البطلان عن الانعدام بالنظر لما يلي :
- إن الانعدام بقوة القانون أما البطلان فيرتبه القاضي بحكم أو بأمر.
- الانعدام لا يقبل التصحيح لعدم وجوده أصلا في عالم القانون بينما البطلان يمكن تصحيحه.
- يمكن لأي طرف من أطراف الدعوى الجزائية حتى المحكمة من تلقاء نفسها إثارة الانعدام أما البطلان فالأطراف التي يحق لها إثارته محددة في قانون الإجراءات الجزائية و تتمثل في قاضي التحقيق و وكيل الجمهورية و غرفة الاتهام و كذا أطراف الدعوى في حالات معينة دون سواهم .
يتبع...
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma