عنوان المذكرة :الحريات الشخصية و الضمانات القضائية
الفصل الأول: الحريات الشخصية
من المؤكد أن الحريات الشخصية باتت ركيزة أساسية في الأنظمة السياسية المعاصرة القائمة على إرادة الشعب صاحب السلطة و السياسة حيثتعد ضمانة أساسية من ضمانات دولة القانون، و من المسلم به هو أن مفهوم (la notion) الحريات الشخصية موجود منذ الأزل و هذا في إطار الحقوق و الحريات ذات الصلة بالقانون الطبيعي
و من أجل الوصول إلى ماهية الحريات الشخصية وجب التطرق إلى تطور مفهومها عبر الحقب التاريخية المختلفة و التي كان فيها تطور ملحوظ لمفهوم الحريات الشخصية لنصل إلى تعريف وافي لهذه الحريات بالمفهوم المعاصر الحديث.
المبحث الأول: ماهية الحريات الشخصية
"الحريات الشخصية هي حق طبيعي و هي مضمونة و لا تمس الكثير من فقهاء القانون يستخدمون مصطلحي الحرية و الحق كمترادفين يدلان على معنى واحد أو متقارب و بالرجوع للمعنى الاصطلاحي فنجده يختلف عن المعنى اللغوي في مجالات العلوم المختلفة فيختلف في الفلسفة عنه في القانون من فرع إلى آخر وهو ما يؤدي بنا للقول أن تعريف مصطلح الحرية نفسه قد اختلف باختلاف المكان و الزمان و هو ما سنوضحه فيما يلي لكي نصل في الأخير إلى تعريف لمصطلح الحريات الشخصية.
المطلب الأول: التطور التاريخي لمفهوم الحريات الشخصية و تعريفها
للوصول إلى تعريف لمصطلحي الحرية و الحريات الشخصية و جب التطرق إل التطور التاريخي لمفهومهما حيث أن مفهوم الحرية قد عرف تغير راجع لمختلف المؤثرات التي عرفتها الحقب التاريخية التي سنتطرق لها مما أدى إلى تطور مفهومه.
الفرع الأول: التطور التاريخي لمفهوم الحريات الشخصية:
إن مدلول الحرية في القديـم غير مدلولها في العصور الوسطى و غير مدلولها اليوم فقد بات هذا اللفظ الأساس و الجوهر لكل تشريع أو تنظيم، أيا كانت منطلقاته و كيفما كانت أهدافه سواء على الصعيد العام أو على الصعيد الخاص، و الملاحظ أنه لا يمكن تحديد معيار واضح و دقيق لمفهوم الحرية و لا أدل على ذلك سوى المعاني المختلفة أو المفاهيم المتضاربة التي أسندت لهذا المصطلح
عبر مختلف الحقب التاريخية و من ذلك ما قاله الرئيس الأمريكي لينكولن: " إن العالم لم يصل أبدا إلى تعريف طيب للفظ الحرية، فنحن و إن كنا نستعمل الكلمة ذاتها إلا أننا لا نقصد المغزى ذاته".فتعبير الحرية يحوي معاني شتى، فلقد دل في المجتمعات القديمة على صفة الفرد الذي يكون إما إنسان "حر" أو "عبد" فالحرية بهذا تتخذ صفة اجتماعية و قانونية يتمتع بها الإنسان في الحالة التي لا يكون فيها الإنسان خاضعا لملكية الغير.
أولا: مفهوم الحرية في العهد القديم:
عرفالعهد القديم قسطا من الحريات و الحقوق و بالخصوص الحرية السياسية إذ تميز العهد الإغريقي بالدول المدن حيث كانت المشاركة السياسية سهلة التحقيق إذ كان يجتمع سكان المدينة كل مدة الزمن و ذلك للمساهمة في مناقشة إدارة الشؤون العامة، و إدارة دفتها رغم قصور هذه المشاركة على الارستقراطية أو طبقة الأحـرار، التي كانت تحمل وحدهـا صفـة المواطنـة، و اقتصر مفهوم الحرية لدى الإغريق على الممارسة السياسية و التي كانت عبارة عن مساهمة في إدارة شؤون العامة و التي سميت بحرية المساهمة؛ و في هذا العصر ظهرت فكرة القانون الطبيعي و التي استمدت منها الفلسفة اليونانية روحها و أسسها و لقد أبدع "سقراط" في آرائه التي طالب من خلالها الاعتراف للشخصية الإنسانية بحقوق لا تستمدها من المدينة بل باعتبارها شخصيـة قائمـة و مستقلة بذاتها؛ و أضاف "أرسطو" بأن ثمة إنسان جديد قد ظهر إلى الوجود يشعر بأن له شخصية متحررة و حقوقا ذاتية مستقلة عن الدولة و عن سلطتها
ثانيا:مفهوم الحرية في العصور الوسطى(الديانة المسيحية)
تميز هذا العصر بسيطرة النظام الإقطاعي لذا فإن شتى التكتلات الجماعية من نقابـات مهنيـة و جمعيات تجارية و كذا عقلية الشعوب و القيم الروحية المجسد لمتطلباتها قد انصهرت و تأثرت بالنظام الإقطاعي دون أن ننفي تأثير الديانة المسيحية و التي جاءت بفكرة حديثة للحرية، حيث من خلال نظرية الكنيسة توصلت إلى أن الحرية ليست منحة تقدمها السلطة الزمنية بل هي صفة تتصل بجوهر الإنسان ذاته و أن السلطة ملزمة بتوفير الأسباب العلمية للتمتع بها ما دامت صادرة من المشيئة الإلهية و إلا باتت سلطة غير شرعية، هذا من جهة و من جهة أخرى فإن الـدول و المـدن و الأقاليم نشأت من أجل المنفعة و هيمنة الإنسان الذي ينتسب إليها، حيث أن الغاية من وجودها إنما هي صلاح الفرد و ضمان مصيره في الأرض و السماء.
هذا و قد فرقت الكنيسة بين الإنسان الذي يتمتع بحقوق إنسانية و بين المواطن الذي يخضع لسلطة الحاكم الزمنية، إذ أنه و بعد أن كان الحق مصدره القانون أي قانون الدولة، بات مصدره على حد تعبير " شارل بودان" في مؤلفه " الحق الفردي و الدولة" ذاتية الإنسان المباشرة الأمر الذي مهد للنتيجة التي سوف تظهر في المستقبل و تكمن في أن لا يقوم القانون العادل إلا إذا كان يتوافق مع طبيعة الإنسان و يحترم حرياته الشخصية.
هذا و قد فرقت الكنيسة بين الإنسان الذي يتمتع بحقوق إنسانية و بين المواطن الذي يخضع لسلطة الحاكم الزمنية، إذ أنه و بعد أن كان الحق مصدره القانون أي قانون الدولة، بات مصدره على حد تعبير " شارل بودان" في مؤلفه " الحق الفردي و الدولة" ذاتية الإنسان مباشرة الأمر الذي مهد للنتيجة التي سوف تظهر في المستقبل و تمكن في أن لا يقوم القانون العادل إلا إذا كان بتوافق مع طبيعة الإنسان و يحترم حرياته الشخصية.
و قد تطور أو واصل مفهوم الحرية تطوره في تاريخ أوروبا السياسي القريب، فتحدد في إعلان حقوق الإنسان و المواطن الفرنسي الصادر في أوت عام 1789 بأن الحرية هي : "حق الفرد في عمل كل ما لا يضر الآخرين".
و في تعريف العلامة جون روش نجده يقول انه بالرغم من الجدل الفلسفي حول مسألة الحرية فـإن " حرية الإنسان تعني حقه في أن يكون أو يتصرف كما يريد أو حقه في تقرير مصيره
و عليه نكون وصلنا إلى المفهوم الحديث للحريات الشخصية بل إلى تقسيمها فبالمقياس على ما جاء به العلامة جون روش فإن حرية الإنسان تعني حقه في الأمن و في حرية التنقل و حق في حياة خاصة و حرية الملبس.
لكن هل من تعريف أكاديمي لهذه الحريات الشخصية بعد التطور التاريخي الذي عرفه مفهوم الحرية و الحريات الشخصية.
الفرع الثاني: تعريف الحريات الشخصية:
إن الحريات الشخصية بمعناه الدقيق هي حرية لصيقة بالشخصية الإنسانية بحيث تتيح لها قيادة نفسها في الحياة الخاصة، و تمكنها من المساهمة في الوسط الاجتماعي، فهي حرية غائية أي أن غايتها في ذاتها كما تسري على كل إنسان بصرف النظر عن موطنه أو مكان إقامته و لا يجوز حرمان الفرد منها حرمانا مطلقا و لا يطلب التمتع بها شروط خاصة كما يمكن أن تزول في أي سن، و على الرغم من نقص الأهليـة و هي حرية تتعلق مباشرة بأمن و استقلال الفرد بالنسبة للسلطة أو بالنسبة لغيرها من أطراف الهيئة الاجتماعية حيث أنها حرية يعترف بها للفرد من اجل أن يختار و من اجل أن يحقق هو بنفسه العوامل و الشروط التي يمكن أن تؤدي إلى حريته، وهي حريات لا يصبح لها معنى إذا لم تنشا القانون، فهي حرية قانونية و ليست حرية واقعية أي أنها ليست فقط مطابقة للقانون بل هي التي تنشئه و هي قائمة على مبدأين هما :
أولا: مبدأ الحرية
فمنطق الحرية يتمثل في العتق من الرق أي أن يتحرر الرقيق من إرادة مالكه و سيده ليصير مالكا لنفسه يعمل بإرادته هو و باختياره هو فالحرية هي القدرة على الاختيار الحر و القدرة على أن يفعل الإنسان ما يشاء متى يشاء و كيفما يشاء و الجدير بالذكر أن الحرية كانت مرادفا للمساواة فـي
العصور اليونانية القديمة، وإذا كان بعض الفقه في العصر الحديث ينظر إلى المسـاواة باعتبـارها
ثانيا: مبدأ المساواة
القاعدة التي يجد فيها مبدأ المساواة مرجعه تقول بأن المجتمع الحر يرتكز أصلا على المساواة فيما بين جميع أفراده و ذلك منذ نشأته، بهدف ألا يكون هناك أفراد يتميزون على حساب الآخرين. فمضمون المساواة يختلف حسب النظام السياسي، ففي الأنظمة الاشتراكية تعني المساواة : تكافؤ الفرص بين الجميع، وتقريب الفوارق المادية بين أفراد المجتمع الواحد ، أما في الأنظمة الرأسمالية فتعني عدم تدخل الدولة فالتزامها هنا سلبي ايزاء الجميع و ذلك دون اعتبار العوامل التي تؤثر في الشخص مثل الثروة أو الجنس أو اللون أو الدين .فالمساواة يجب أن تكون في مختلف المجالات كالمساواة أمام القانون، و المساواة في الأجر حسب العمل و المساواة في الانتفاع بخدمات المرافق العامة و المساواة في الحماية.....الخ.
و بناءا على ما سبق فيمكن القول أن الحريات الشخصية تأتي في مقدمة الحريات العامة باعتبارها لازمة لإمكان التمتع بغيرها من الحريات العامة بل إنها تعد شرطا لوجود غيرها من الحريات الشخصية و السياسية على السواء، إذ لا قيمة لتقرير حق الانتخاب أو الترشح إذا لم يكن للفرد الحق في التنقل أو إذا انتقص حقه في الأمن و حقه في عدم جواز القبض عليه أو حبسه أو إبعاده بغير سبب جدي و قانوني و لا جدوى بإطلاق حرية الفكر و التعبير له إذا هدد الإنسان في أي مجال
من مجالات الحريات الشخصية و عليه :
فالحريات الشخصية تمثل في حقيقة أمرها و واقع جوهرها و مضمونها بؤرة الارتكاز بالنسبة لجميع الحريات الأخرى
المطلب الثاني: مكانة الحريات الشخصية في التشريعات الوضعية
إن الحريات الشخصية يعترف بها للفرد من أجل أن يختار و من أجل أن يحقـق العوامـل و الشروط التي يمكن أن تؤدي إلي حريته كحرية التنقل مثلا، فالحريات الشخصية لا يكون لها معنى إذا لم تنشئ القانون فهي حرية قانونية و ليست حرية واقعية أي أنها ليست فقط مطابقة للقانون بل هي التي تنشئه فلإنسان ينشئ القانون بسلوكه الاجتماعي و هي من أهم الحريات المكرسة في المواثيق الدولية و الدساتير الوطنية.
الفرع الأول: مكانة الحريات الشخصية في الدساتير العربية
بالعودة إلى تاريخ التشريع الدستوري العربي نجد أن مجموعة كبيرة منه قد أقرت الحريات الشخصيـة من حيث المبدأ و إن كانت قد اختلفت في تفاصيل هذه الحريات، قضى إحدى عشر دستور عربي بأن الحريات الشخصية مكفولة في دساتير مصر للأعوام 1923م و 1930م و ليبيا لعامي 1951م و 1963م و الأردن لعامي 1947 و 1952 و الكويت لعام 1962 و العراق لعام 1974 و غيرها من الدول العربية التي كرست الحريات الشخصية، و بالمقابل نصت أحكـام دستوريـة عربيـة أخـرى على أن الحريـات الشخصيـة مصونـة في العام 1920 و القوانين الأساسية لحكومتي اللاذقية و جبل الدروز لعام 1920 و دستور لبنان لعام 1962 و غيرها من الدساتير العربية، أما فيما يخص أحكام الدساتير الجزائرية فقد نصت على أن تضمن الدولة حصانة الفرد في كل من دستوري 1976 و 1989 من خلال المادة 47 منهما وكذا في دستور1996.
و كل هذه النصوص الواردة في الدساتير العربية على اختلافها كانت عبارة عن بداية لنصوص أخرى مكملة في نفس المادة في دساتير أخرى و التي قضت بأن الحرية الشخصية مكفولة و مصونة مثلما هو الحال في الدستور اللبناني الذي قضى في المادة 8 منه بأن الحرية الشخصية مصونة و في حمى القانون و لا يمكن تحديد جرم أو تعيين عقوبة إلا بمقتضى القانون، و لم تخرج الدساتير الجزائريـة في مجملها عن إطار الأحكام الدستورية العربية السابقة بهذا الشأن، فلا تجريم إلا بقانون
صـادر قبل ارتكاب العمل الإجرامي في ميثاق 1976 من خلال المادة 45 و دستور1989 من خـلال المادة 43 و قد أضافت دستور 1989 من خلال المادة 44 و دستور 1996 من خلال المادة 47 : " و لا يمكن إيقاف أي شخص و لا متابعته إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون و أمام القضاة المعنيين بمقتضاها طبقا الإجراءات المقررة " و هي كلها نصوص تكفل، تحمي، تصون، وتضمن الحريات الشخصية. و قد ذهبت دساتير عربية أخرى لأبعد من ذلك فلنأخذ الدستور المغربي لعام 1962 من خـلال المادة 10 و كذا دستور 1970 من خلال المادة 10 منه على انه: " لا يلقى القبض على احد و لا يحبس و لا يعاقب إلا في الأحوال المنصوصعليها في القانون و لا تنتهك حرمته و لا تفتيش و لا تحقيق إلا طبقا للشروط و الإجراءات المنصوص عليها في القانون " و هو نص كفل و ضمن الحريات
الشخصية التالية: حرية التنقل – الحق في حرمة المنزل و قضت طائفة أخرى من الأحكام الدستورية العربية ببراءة المتهم نصا من حيث المبدأ غير أنها قد تغيرت في تفاصيل النصوص.
حيث قررت المجموعة الأولى من هذه الطائفة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته و لا يقضى بالعقاب إلا بعد محاكمة شرعية ينظمها القانون و يكفل له حرية الدفاع. و قررت أحكام مجموعة دستورية من هذه الطائفة براءة المتهم شانها شان النصوص السابقة إلا أنها أضافت بعض الجمل مثلما هو الحال في دستور الكويت الذي نص على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع و اقتربت أحكام الدستور التونسي لعام 1959م من هذه النصوص في نصه على أن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة تكفل له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه،و علاوة على ما تقدم حرمت مجموعة من الأحكام الدستورية العربية التعذيب النفسي و الجسدي إذ يحضر إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا في دساتير عربية عديدة .
و كانت الصيغ التي وردت في الدساتير الجزائرية مقاربة لما ورد في الدساتير السابقة أو مطابقة لها في المعنى إذ أن الدولة هي التي تضمن حرمة الإنسان و حظر أي عنف بدني أو معنوي في دستوري الجزائر لعامي1989(م 33) و 1996 (م 40) لأنه يعتبر كل فرد بريئا في نظر القانون إلى أن يثبت القضاء إدانته طبقا للضمانات المقررة قانونا في دساتير الجزائر للأعوام 1976(م 46) 1989 (م 42) و 1996 (م 45). و قد تعرضت الدساتيـر العربية لمسالة مدة التوقيف تحت النظر و اقتربت أحكام الدساتير الجزائرية من أحكام هذه الدساتير العربية بشان مدة التوقيف حيث قضت بأنه في مادة الإجراءات الجزائية لا يمكن أن تتجاوز مدة التوقيف تحت النظر 48 ساعة و لا يمكن تمديد مدة التوقيف للنظر إلا بصفة استثنائية وفقا للشروط المحددة بالقانون عند انتهاء مدة التوقيف
للنظر يلزم إجراء فحص طبي على شخص الموقوف إن طلب ذلك على أن يعلم بإمكانية هذا الإجراء و يترتب على الخطأ القضائي تعويض من الدولة و يحدد القانون شروط التعويض و كيفياته و هو ما نصت عليه الدساتير الجزائرية العربية بالتغاير المذكور في مجال مهم من الحريات الشخصية فانه بالعودة إلى الدساتير الأجنبية نجد انه قد وجد شبه أو تقارب مع هذه المجموعة أو تلك وهو ما سيوضح فيما يلي:
الفرع الثاني: مكانة الحريات الشخصية في الدساتير الغربية:
اتفقت أحكام طائفة من الدساتير الأجنبية مع الدساتير العربية في النص على كفالة الحريات الشخصية للإنسان وصيانتها و إن اختلفت في تفاصيل هذه الأحكام على النحو الذي سنبينه فيما يلي: كان دستور بلجيكا لعام 1831 أول نص يقرر كفالة الحرية الشخصية في المجموعة الدستورية الأجنبية التي بحوزتنا حيث جاء في نص المادتين 7و8 منه أن الحرية الشخصية مكفولة و لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا وفق أحكام القانون و لا جريمة و لا عقوبة إلا بناءا على قانون و لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينص عليها، كذلك ما جاء في نص الدستور
الإيطالي لعام 1947 كفل الحريات الشخصية حين نص على أنها حريات مصونة لا تمس و أنه لا يسمح بحبس أي شخص أو تفتيشه أو التحري بأي طريقة من الطرق كما لا يسمح بأي قيد آخر على الحرية الشخصية إلا بمقتضى إجراء مسبب صادر من السلطة القضائية و في الأحوال و الطرق المنصوص عليها في القانون.و إلى جانب هذا أقر هذا الدستور للجميع حق الالتجاء إلى القضاء لحماية حقوقهم و مصالحهـم المشروعـة؛ و الدفاع حق مضمون لا يمس في جميع المجالات و في جميـع مراحـل الإجـراءات و بالإضافة إلى ما تقدم قرر هذا الدستور مبدأ هام في حياة الإنسان الذي يعيش في مجتمع مدني هذا المبدأ القائل بالمسؤولية الجنائية الشخصية، و استلهمت مجموعة من دساتير المستعمرات البريطانية السابقة أحكامها المتعلقة بالحريات الشخصية بتحريم العبودية و تقرير الضمانات للحقوق الأساسيـة و حرية الشخص في دساتير أوغندا لعام 1962 و كفالة الحق في الحياة و ضمانة عدم مصادرة الممتلكات و هي نفس الضمانات في دساتير 1963 و لم يشذ على ذلك دستـور زامبيا لعـام 1964 و هي تكاد تكون نفس الأحكام الدستورية التي وردت في دستور نيجيريا لعام 1960 و لم يقتصر التطويل في النصوص المتعلقة بالحريات الشخصية على الدساتير التي سنتها أحكام الدول التي كانت مستعمرات بريطانيا و دول أمريكا اللاتينية فقط، بل و تعداه إلى الدول الأوروبية و الأسيوية مثال ذلك ما قرره دستور تركيا لعام 1961 و هو أنه لكل فرد الحق في الحياة و الحق في تنمية مستـواه المادي و المعنوي و التمتع بالحرية الشخصية، و لا يجوز أن تقيد حصانة الفرد و حريته دون قرار تصدره المحكمة وفقا للقواعد و في الأحوال التي ينص عليها القانون ولا يجوز إساءة معاملة الفرد أو تعذيبه كما لا يجوز أن توقع عليه عقوبات تتنافى مع الكرامة الجنسية ، أما الدستور الياباني لعام 1963 نص على أنه لا يجوز حرمان أحد من حقه في الحياة أو في الحرية كما لا يجوز فرض عقوبات جنائية على أحد ما لم يكن ذلك وفقا لإجراءات يحددها القانون و هذا من خلال نص المادة 21 منه، و شملت الحريات الشخصية في الدستور الإسباني لعام 1978 تحريم الإعدام إلا في حالات استثنائية التي تنظر فيها التشريعات العسكرية الجنائية النافذة أثناء الحرب و قضى هذا الدستور بأنه لكل إنسان الحق في الحرية و الأمن و لا يمكن أن يحرم من الحرية إذا لم يكن قد ارتكب فعلا يوجب ذلك، و على هذا المنهج جاءت أحكام الدساتير الألمانية لعام 1949 و عام 1961 و عام 1974 حيث نصت على الحرية الشخصية و حرمة البيوت و سرية المراسلات و على احترام و حماية الكرامـة و الحرية الشخصية التي هي واجبات جميع أجهزة الدولة و كافة القوى الاجتماعية و كل فرد من المواطنين. و مما سبق نستنتج أن أحكام الدساتير الغربية و على اختلاف النصوص من خلال الإسهاب و الإيجاز و من خلال وقت صدورها و إلا أن المبدأ كان واحد هو كفالة الحريات الشخصية و ضمانها، و على هذه الشاكلة تغايرت الأحكام الدستورية العربية في النصوص الخاصة بالحريات الشخصية حيث كان صدور هذه الدساتير في أوقات مختلفة تباينت في أخذها بالتعددية الحزبية و منعها و التنظيم السياسي الحاكم الوحيد وهو ما يؤثر على تطبيق هذه الأحكام الدستورية إيجابا و سلبا، و علاوة على ما سبق يتضح من خلال مقارنة الدساتير العربية بالدساتير الأجنبية هو وجود مقابل لكل مجموعة من الدساتير العربية في الأحكام الدستورية الأجنبية و إن تطور التشريع الدستوري العربي في هذا الشأن و غيره قد كان في إطار التطور العلمي و مسايرا له.
المبحث الثاني: تقسيمات الحريات الشخصية و القيود الواردة عليها.
تأتي الحريات الشخصية في مقدمة الحريات العامة باعتبارها لازمة لمكان التمتع بغيرها من الحريات العامة بل أنها تعد شرطا لوجود غيرها من الحريات الشخصية و السياسية على السواء . إذ لا قيمة لتقرير الانتخاب أو الترشح إذا لم يكن للفرد الحق في التنقل، أو إذا انتقص حقه في الأمن، و حقه في عدم جواز القبض عليه أو حبسه أو إبعاده بغير سبب جدي أو مسوغ قانوني، و لا جدوى بإطلاق حرية الفكر أو التعبير له إذا هدد الإنسان في أي مجال من مجالات الحريـات الشخصيـة، و عليه فان الحريات الشخصية يمكن أن تشكل في حقيقة أمرها و واقع جوهرها بؤرة الارتكاز بالنسبة لجميع الحريات الأخرىو بناءا على ما سبق ذكره يمكن تصنيف الحريات الشخصية أو تقسيمها كما يلي:
المطلب الأول: تقسيمات الحريات الشخصية:
التقسيمات أو التصنيفات التي سنتعرض إليها ليست بتقسيمات قانونية أي أن التشريعات على اختلافها و خاصة التشريع الجزائري لم يصنفها و لم يفـرق بينهـا و بيـن الحريـات السياسيـة و الاقتصادية و الاجتماعية و عليه فالتقسيم الذي سنتعرض إليه هو تقسيم فقهي فقط.
الفرع الأول: حرية التنقل ( الذهاب و الإياب ) و الحق في الأمن.
إن حريـة التنقـل قد تبرز أثرها منذ الأزمنة البدائية قبل أن تحدد الحدود بين الدول بمعناهـا القانوني الحاضر، و ترتسم معالم الجماعات البشرية بشكل أمم و شعوب مختلفـة و قد بقيـت هـذه الحرية كاملة في ظل الإمبراطوريات العظمة حيث كان التاجر أو حتى الرحالة ينتقل دون رقيب أو إجازة بينما في العصر الحديث فحرية التنقل قد عرفت قيود جاءت بها معاهدات و قوانين و أنظمـة و ذلك تبعا لتطور الدول و توطد دعائم استقلالها الاقتصادي و السياسي لدرجة أن الإنسان المعاصر وبالرغم من تداخل أجزاء العالم و تجاوب شعوبه فيما بينها قد أمسى خاضعا لقيود سياسية و إدارية و اقتصادية و مالية هي في أكثر الأحوال لتجعله مجمدا .و لتبيان ما سبق سوف نتطرق إلى تعريف حرية التنقل في القانون الوضعي و في الإسلام.
أولا: تعريف حرية التنقل:
هي من أهم الحريات الشخصية فلا قيمة لتقرير حق الانتخاب كحرية سياسية إذا لم يتقرر بجانبه حقالفرد في حرية التنقل حيث ينظم القانون و القضاء ممارسة هذه الحرية و إذا اقتضت الضرورة تقيد هذه الحرية ببعض القيود على أن تكون المصلحة العليا للبلاد هي الباعث على ذلك و أن تكون هذه القيود في أضيق نطاق و لفترة مؤقتة و في الحدود التي رسمها القانون .
هي حرية تضمن بتحققها سلامة الفرد البدنية و النفسية كما أنها دليل تمتعه بحريته الطبيعية العضوية،و لكونها حرية جوهرية فقد عرفت منذ القديم قبل غيرها من الحريات كانت تقيد بالحجز أو الاعتقال أو السجن، و أمام خطورة هذه الإجراءات على الحريات العامة تنبه الفكرالاوروبي القديم إلى أهمية هذه الحرية على وجهالخصوص و لخطورة افتقادها لذا و ضمانا لها جاء الهابيس كوربيسو هو بمثابة الضمانة القضائية لحرية التنقل ، متمثلة في سلطة إصدار ما يعرف باسم الأمر بإحضار جسم السجين و هو أمر قضائي تصدره المحكمة إلى مدير السجن المسؤول لإحضار المحبوس و بيان أسباب حبسه ثم تقوم بالإفراج عنه إذا لم تقتنع بهذه الأسباب ،هذا و تباشر هذه الضمانة كدعوى يحق لأي فرد رفعها ساعيا من ورائها الإفراج عن أي محبوس و لو لم تكن له به أية صلة أو علاقة إذ أن حبس الفرد على خلاف أحكام القانون مصلحة عامة تكفي بذاتها لمباشرة تلك الضمانة . و هي حرية تمثل الشرايين الحيوية الممتدة بالحياة لبقية الحريات لذا نجد أن الفقه المقارن يكاد يجمع على ذلك حيث يسميها البعض بالحرية المحركة، و يعتبرها البعض أنها ضمانة بقدر ما هي حرية خاصة في مواجهة القبض و الحجز و الإدانة التعسفية.و بالرجوع للعقيدة الإسلامية فقد حمت هذه الأخيرة حرية الإنسان في الإقامة أو الانتقال من مكان لآخر وتقررت هذه الحرية في القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة.قال الله تعالى :" لإيلاف قريش ، إيلافهم رحلة الشتاء و الصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف
قال تعالى:" فإذا قضيت الصلواة فانتشروا في الأرض و ابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون. قال رسول الله( صلى الله عليه و سلم ):" اطلبوا العلم و لو في الصين "
و تتمثل حماية النظام الإسلامي لحرية التنقل في جعل قطع الطريق و الفساد في الأرض حدا من الحدود التي قررها القرآن الكريم عقوبة رادعة.
حرية التنقل في التشريع الجزائري:
جاء في نص المادة 44 من دستور الجزائر لعام 1996 أن لكل مواطن أن يختار بحرية موطن إقامته و أن ينتقل عبر التراب الوطني و حق الدخول إلى التراب الوطني و الخروج منه مضمون له فالمشرع الدستوري الجزائري قد كفل حرية التنقل لكل مواطن و عليه لكل من يتمتع بالجنسية الجزائرية و عليه فإن حرية التنقل بالنسبة للأجانب ليست مكفولة في الدستور بل تجيزها بعض القوانين الخاصة لكن بشروط مححدة و كذلك حرية التنقل المكفولة في الدستور تستثني المتهمين الذين صدر في حقهم أمر بالوضع تحت الرقابة القضائية و التي بموجبها يمنع المتهم من التنقل بحرية في كامل التراب الوطني إلا بموجب ترخيص من قاضي التحقيق و كذا الأشخاص الذين صدر في حقهم أحكام سالبة للحرية لكن المشرع الدستوري قد نص في المادة 47 من دستور 1996 أنه لا يوقف أو يحتجز إلا في الحالات المحددة بالقانون وطبقا للأشكال التي نص عليها.
ثانيا: الحق في الأمن
يعتبر الحق في الأمن من الحقوق العامة بل يعد في مقدمة الحقوق المتفرعة عن الحريات الشخصية، كما يعد ضمانة لغيره من الحقوقو هو ما سيبرز من خلال تعريف حق الأمن في القوانين الوضعية و في الإسلام.
تعريف حق الأمن
للإنسان حاجات أولية تحتمها فيه طبيعته البشرية ، فتنطلق في شكل حقوق أساسية و تتلخص فيما يوصف بالحرية البدنية ، التي تعني حق الإنسان في سلامته الجسدية و استمرار يته و دوام وجوده . و الحق في السلامة الشخصية هو حق أصلي تستند إليه سائر الحريات باعتبار أن الإنسان لا يستطيع أن يمارس هذه الحريات إلا إذا كان طليق البدن و محمي من قيود العبودية ولعل أن ابرز مفهومللحريات الشخصية بمعناه الضيق و المباشر لدى الإنسان هو حقه في الأمن على شخصه بكفالة عدم تعرضه للقبض أو للاعتقال إلا وفقا للأحكام ، و حتى عند القبض عليه بوجه قانوني فان من حقه أن يعرف فورا التهمة الموجهة إليه و هو البارز في قانون الإجراءات الجزائية الأمريكي الذي يحتم على ضابط الشرطة القضائية الذي يلقي القبض على أي مشتبه فيه أن يتلي عليه كل الحقوق المنوطة به وإلا عد خرقا للإجراءات يستوجب إطلاق سراحه في الحال ( vise de forme )، و من حق الفرد كذلك التعويض الكامل و القابل للتنفيذ فيما لو تبين انه أوقف بشكل غي رقانوني.و حيث يرى الأستاذ جان مورانج أن الأمر في مجال حق الفرد في الأمن في فرنسا قد قام على توفر شرطين هامين يتمثلان في أن تكون الدعوى الجزائية قانونية وأيضا ينبغي إزالة كل المجازفات بالاعتقال الكيفي والتعسفي، والملاحظ أن هذا المعنى للأمن الذي جاء به الإعلان الفرنسي لعام 1789 كان يقوم
على فكرة منتسكيو الذي كان له الفضل في اشتقاق كلمة الأمن لتكون خطوط أمامية للشخصية الإنسانية، و الملاحظ أن التعريفات الفقهية سواء في فرنسا أو في مصر فهي لا تخرج عن هذا الإطار و إن كان قد لوحظ أن بعضها يتسع لدرجة إدخال عناصر لحق آخر غير حق الأمن فيه و أن بعضها الأخر يضيق إلى حد قصرها على عدم القبض التعسفي على الفرد دون كثير من الانتهاكات و الاعتداءات الأخرى ، كما لوحظ أن هناك إجراءات تتنافى مع الحرية الفردية ، و تنال في الوقت نفسه من حق الأمن و مع ذلك لم تتعرض لها التعريفات و ذلك كإجراء الاستيقاف المعروف في مصر و الدكتور محمد شوق الجرف يقول عنه أنه حق الفرد في ألا تروعه سلطات الدولة العامة بأية وسيلة مقيدة للحرية أو سالبة لها ،ما لم يكن تنفيذ هذه الوسيلة قانونيا وهو ما دفع الدكتور محمد شوقي الجرف إلى بلورة هذا التعريف لمعالجة بعض الثغرات بتمييزه لما يلي :
عدم اللجوء لتعداد صور الانتهاكات لحق الأمن، إذ قد يفهم من تعداد بعضها الاقتصارعليها، و من المعروف أن هذه الصور غير متناهية لتفنن رجال السلطة العامة خاصة في ضوء التقدم العلمي في مبتكرات التعذيب و الإهانة واتساع لفظ الوسيلة لكل الممارسات و الانتهاكات غير القانونية للمتهمين و غير الإنسانية للمحكوم عليهم.
حق الأمن في التشريع الجزائري: نصت المادة 34 من الدستور الجزائري لعام 1996 أن الدولة تضمن عدم انتهاك حرمة الإنسان و أضافت نفس المادة أنه يحظر أي عنف بدني أو معنوي أو أي مساس بالكرامة كما نصت المادة 35 من نفس الدستور على أنـه يعاقب القانـون على المخالفـات المرتكبة ضد الحقوق و الحريات و على كل ما يمس سلامة الإنسان البدنية و المعنوية و بالتالي فحق الأمن في التشريع الجزائري مكفول.
حق الأمن في الإسلام: حق الأمن الشخصي في الإسلام من أعظم ما منح الله تعالى للإنسان فهو نعمة عظيمة متعلقة بالحرص على نفسه و لان الإسلام دين كفل الأمن الشخصي و الأمن العام معا و يقدر حرية الفرد و حرية الجماعة ، فحق الأمن مقرر للفرد أساسا باعتباره عضو في المجتمع فهو بهذه الصفة يحتاج للأمن و الطمأنينة بما يتلقاه من منافع خلال تعامله مع الناس ، و هو في ذلك كله في حاجة للعيش في سلام ، لذلك من النطقي أن يكون شعار هذا الدين هو السلام ، فعن عبد الله بن عروة بن العاص قال : " أن رجلا سال النبـي (ص) أي الناس خير، فقال : تطعم الطعام، و تقرا السلام على من عرفت و من لم تعرف ". و قولـه أيضا(ص): لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، و لا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، فافشوا السلام بينكم ". إن إفشاء السلام على هذا النحو دعامة من دعامات الإيمان لأنـه في حقيقته و غايته دعوة الأمن، و قد زكى الإسلام هذه التحية التي تبشر بالأمن للجميع في مجتمعه و في هذا السياق تتحقق كل مظاهر الأمن و تمحى كل اعتداءات السلطة بالنسبة للفرد.
الفرع الثاني: الحق في الحياة الخاصة
للإنسان الحق في المحافظة على شخصه و مسكنه و أوراقه و أعماله و عدم تعرضه إلى التفتيش و الحجوزات التي تتجاوز الحدود المعقولة و المحافظة على حياته العائلية الخاصة و حرمة منزلـه و مرسلاتهحيث يعتبر الحق في الحياة الخاصة من الحقوق اللصيقة بشخصيته لذلك نجد أن التشريعات الوضعية تقرر عقوبات على الأفراد عند انتهاكهم لهذا الحق، شانه في ذلك شان انتهاك الحريات الشخصية.
أولا: تعريف الحياة الخاصة
يعتبر اصطلاح " الحياة الخاصة "أو" الخصوصية " اصطلاحا حديثا نسبيا، وان عرف بعض مجالاته الهامة و الرئيسية منذ القديم تحت عناوين أخرى، و قد عرف هذا الاصطلاح منذ أواخر القرن التاسع عشر و لعل المقال الشهير الذي نشره "وارين و برانديس بمجلة هارفارد للقانون في أمريكا عام 1890 تحت عنوان الحق في الخصوصية " The right to privacy" هو المقال الذي ظهر به هذا الاصطلاح بالمضمون الذي يكاد يتفق تقريبا مع المضمون الذي يعرف به اليوم و لهذا التاريخ أهميته في الدلالة على فكرة الحياة الخاصة و قد سبق بعض الكتاب في بلدان أخرى في تناول هذا الحق تحت اصطلاحات قريبة من هذا الاصطلاح، فنادى "كولر" الألماني بحق الفرد فيما أسماه ب:"مجال الألفة الخاصة". و إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد اعترفت بالحق في الخصوصية، فإن انجلترا لا تزال إلى حد ما تتزعم التيار الذي ينكر الاعتراف بهذا الحق ، فالشريعـة العامـة"commonlow" في انجلترا، لم تعترف بالحق في الخصوصية، حيث أنه من المعروف أنه يسيطر على القضاء الانجليزي مبدأ عدم الخروج على تراث السوابق مهما كان الأذى أو الحيـف، و من ثمة لم يعترف بهذا الحق كحق مستقل قائم بذاته. كما لم يعترف المشرع الفرنسي بحرية الحياة الخاصة إلا في فترة حديثة جدا، حيث يرى العلامة الفرنسي ريفيرو "Rivero" أن القانون الصادر في 17 جويلية 1970 هو الذي أدخلها ضمن التقنين المدني المادة 09" هي الاعتراف لكل فرد بمنطقة نشاط مقصورة عليه و خاصة به، و يكون هو سيدها يحجب الغير عنها".إن حق الحياة الخاصة هو حق لابد أن يعترف به لكل من الفرد و السلطة معا حتى لا يحدث أي تفريط فيه أو اعتداء عليه و لعله يبدوا في أول الأمر سهولة التعرف على الحياة الخاصة للفرد، و تحديـد إطارها و مجالاتها باعتبار أن لكل شخص حياته الخاصة و أسراره، و اعتباراته التي يجب أن ينفرد بها عن المجتمع، فلا يطلع عليها الناس، إلا أن هذه السهولة سرعان ما تبدوا عزيزة المنال، إذ في التعرف على حق الحياة الخاصة بشتى ملامحه و أبعاده و عناصره صعوبات مختلفة، لذلك اختلفت وجهات نظر الفقهاء حول عناصر الحياة الخاصة.و من الواضح أن الفقه المقارن لم يتفق على تعريف للخصوصية أو الحياة الخاصة فضلا عن ذلك، فلم يتوصل إلى تحديد الفرق الموجود بين ما قد تستأثر به العلاقة بين الأفراد و بين ما يتصل بالعلاقة بين الفرد و الدولة، و هو ما يزيد الأمر صعوبة من حيث تحديد عناصر هذا الحق تحديدا دقيقا يتميز به مجال كل من العلاقتين.العميد كوليار Colliard لم يعرف الحياة الخاصة و كان يرى أن الحق فيها يتفرع إلى حق أكبر هو الحق في احترام الشخصية الإنسانية الذي يتمثل في ثلاث عناصر هي:
* احترام المنزل Respect du domicile
* سرية المراسلة Secret de la correspondance
* احترام الحرية الخاصة respect de la vie privée و الذي يحتوي على الحق في السكن و سرية المراسلات، كما تعرض في دراسته لحرمة الحياة الخاصة للحق في الصورة و الحق في احترام الحياة الخاصة.و الحق في الحياة الخاصة وفق بعض الفقهاء " كأوبي جان ماري" يدخل ضمن ما يسمى بالحقوق المسماة و هذه الحقوق غير المسماة التي تستخلص من مبادئ الحريات العامة، و ميزة التفرقة بين هذين النوعين من الحريات هو أن السلطات الإدارية تستطيع أن تقيد الحريات غير المسماة عند ممارستها بكثير من القيود خلافا للحريات المسماة، و هنا يرى الفقهاء أنه لا يجوز للصحافة نشر أي معلومات خصوصية عن الحياة الخاصة للأفراد و إلا تعرضت للمسؤولية. أما الأستاذ جان روش عميد الاتجاه المعياري فيحدد نطاق " ألفة الحياة الخاصة " بأنه النطاق الذي يتخلص من فضول الغير "la curiosité " و يشمل: بدن الإنسان و صورتـه و كلامه و إيماءاته و إشاراته، و في مجال تحديد نطاق هذا الحق يلاحظ أن روش يفرق بين ألفة الحياة الخاصة و بين الحياة الخاصة و يرى أن ألفة الحياة الخاصة ليست سوى عنصر من عناصر أخرى أساسية تكون في مجموعها ما يعرف بالحياة الخاصة و هذه العناصر الأساسية هي:
- حرية المنزل
- سرية الفكر و الرسالة.
- الحق في حماية ألفة الحياة الخاصة.
- الاختيار الحر لنمط الحياة.
مما يعني أن الحياة الخاصة أوسع مدى من ألفة الحياة الخاصة عند روش إلا انه يذكر أن حرية الحياة الخاصة هي الحرية الفردية.
و بالنسبة للعنصر الرابع و المتمثل في الاختيار الحر لنمط الحياة فهو يشير إلى ما اعتبرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من أن العقاب على اللواط بين البالغين قيدٌ على احترام الحياة الخاصة.
و يرى جانب من الفقه أن ألفة الحياة الخاصة تدور في فلك ما أسماه بالحريات العائلية و هي حرية تتجه الجهود المختلفة لحمايتها لكن التساؤل الذي يطرح نفسه هو:
هذه الحماية و هذه الحرية على ماذا تقع؟
و ما هي مجالاتها؟
لم يستقر الفكر القانوني الغربي على تحديد مجالات هذه الحياة الخاصة، حيث أن من المتفق عليه في الفقه المقارن أن هناك مجالين كبيرين يرسمان معا الإطار العام للحق في الحياة الخاصة و هذان المجالان يتمثلان في:
حرمة المسكن الخاص و سرية المراسلات الخاصة بأنواعها المختلفة.
حرمة المسكن:
نعتبر هذه الحرية من حق الإنسان في أن يحيا حياته الشخصية داخل مسكنه دون مضايقة أو إزعاج من أحد.
و لهذا فإنه لا يجوز أن يقتحم أحد مسكن فرد من الأفراد أو أن يقوم بتفتيشه أو انتهاك حرمته إلا في إطار ما أذن به القانون. و يتسع مفهوم المسكن أو يضيق، تبعا لما كان المجال هو مجال القانون العام أو القانون الخاص، كما يختلف بالنظر إلى ما يقدمه القانون الجنائي من حماية، و ما يضعه من قيود تفرضها المصلحة العامة و كذلك ما يمليه العرف في مجالات الاستعمال كملحقـات المسكـن و توابعه(1).و المفهوم الضيق هو ما تتضمنه المادة 102 من التقنين المدني الفرنسي و يقصد به المكان الرئيسي لشخص ما أو المكان الدائم الذي يستقر فيه الإنسان فهو مكان الإقامة. أما المفهوم الواسع للمسكن هو كل مكان خاص يقيم فيه الشخص بصفة دائمة أو مؤقتة، لا يسمح بدخوله إلا بإذنه و أيا كان الوضع القانوني الذي تتأسس عليه هذه الإقامة أو الملكية، حيث اعتبر القضاء الجنائي الفرنسي أن السكن لا يقتصر على المحل الرئيسي للشخص بل ينصرف إلى كل مكان يقيم فيه، و لا يقيم فيه مادام يدعي أنه مكان خاص به و له الحق في سكناه،هذا و حرمة المسكن يمكن أن ترتكز على محورين أساسيين:
* المحور الأول: يتمثل في حرمة اقتحامه أي المنع من دخوله دون رضاء من يسكنه.
* المحور الثاني: يتمثل في حرية استخدامه، و تعني حق تعديله و تشكيله و تنظيمه.
حرمة المسكن في الإسلام:
لابد للإنسان من مكان يبيت فيه و يحفظ سره، و يضم خصوصياته، و تسكن إليه نفسه، فالبيت للإنسان ضرورة و فطرة، و بناؤه عادة مشروعية.
قال الله تعالى: « و الله جعل من بيوتكم سكنا و جعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكـم و يوم إقامتكم »
قال رسول الله(ص): « من سعادة المرء، المسكن الواسع، و الجار الصالح، و المركب الهنيء »
و لقد أكد الإسلام على هذه الحقوق، عندما حرم التجسس على البيوت، و ضرورة المحافظة على سرية الحياة الخاصة للإنسان، بل أن الرسول(ص) قد أمر أتباعه بالمحافظة على هذه السرية حتى عند ارتكابهم جرائم الحق العام داعيا إياها إلى ستر ما ستره الله وحاثا إياها على عدم التبجح بما يرتكبونه في خلواتهم.
حيث أعطى الإسلام الفرد كامل الحرية في اتخاذ المسكن الذي يراه مناسبا له، مادام لم يضر بالآخرين أو يتعسف في استعمال حقه في التملك.
سرية المراسلات:
تعتبر من الحقوق المادية اللصيقة بالشخصية، حرية سرية المراسلات و مضمونها عدم جواز كشف سرية المراسلات بين الأفراد، لما في ذلك من اعتداء على حق ملكية ما تضمنه هذه المراسلات من أسرار تتعلق بالشخص أو ما تحيط به كما أن فيها تعطيل لممارسة هذا الحق الشخصي و انتهاك لحرية الفكرو الحق في السرية من الحقوق الواردة على المقومات المعنوية للإنسان، يتفرع على حق عام للفرد يضم كل خصوصياته و أسراره في شتى جوانب حياته. الرسالة مستمدة من حرية الفكر الذي تتضمنه و المضمون الذهني الذي تحتويه الرسالة بالإضافة لكونها تمثل جانبا من جوانب شخصية الإنسـان، و يعتبر مبدأ حرمة أو حصانة الرسالة من أهم المبادئ التي تفرض في مواجهة أي اعتداء يقع على هذه الرسالة، و من أهم صور الاعتداء يمكن ذكر:
حجز الرسالة أو حجبها فضها أو الإطلاع أو التعديل فيها بالإضافة أو الحذف أو التغيير لوجهتهـا، و يشكل هذا الانتهاك مخالفة جنائية إذا كان الاعتداء فعلا من أفعال الاستيلاء لرسالة معنوية لشخص آخر و يكون خروجا على الالتزام الوظيفي أو المعني المنوط بعمال مرفق البريد، هذا الواجب الذي يقتضي منه الأمانة و الحفاظ على السرية، و ألا يعرض عامل المرفق نفسه للمساءلة الجنائية أو الجزاءات التأديبية أو هما معا.
حرية الاتصالات الخاصة في الإسلام:
إذا كانت للاتصالات الشخصية في الإسلام حرمة فذلك لانطوائها على أفكار و أمور خاصة بين أطرافها، إلا أن هذه الحرمة تقبل من القيود ما يسمح بتنظيمها أو الحد منها.
و للمراسلات الخاصة حرمتها لأنها تضم أسرار خصوصيات لأطرافها و لأن هذه الأطراف يعتمدون هذه الوسيلة الخاصة عادة لتبتعد عن الغير بهذه الخصوصيات، فإن الإسلام يسبغ عليها الحماية اللازمة، و من هنا كان المسلمون كما أمر دينهم و منذ بداية نشأة الدولة يحافظون على سرية المراسلات قال رسول الله (ص): « من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار »
حرمة المنزل و سرية المراسلات في التشريع الجزائري:
نصت المادة 40 من الدستور الجزائري لسنة 1996 أن الدولة تضمن عدم انتهاك حرمة المنزل فلا تفتيش إلا بمقتضى القانون، و في إطار احترامه و لا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية المختصة و عليه فالدستور الجزائري قد كفل حرمة المنزل كعنصر من عناصر حرية الحياة الخاصة التي هي بدورها مضمونة بموجب المادة 39 و التي جاء فيها أنه لا يجوز انتهاك حرمة حياة المواطن الخاصة، و حرمة شرفه و يحميها القانون و أضافت الفقرة الثانية من نفس المادة أن سرية المراسلات و الاتصالات الخاصة بكل أشكالها مضمونة و عليه فالمشرع الجزائري قد ضمن و كفل بصفة واضحة سرية المراسلات و الاتصالات الخاصة كمجال من مجالات حرية الحياة الخاصة حيث لم يكتفي بضمان الحياة الخاصة بل دقق في عناصر هذه الحرية.
المطلب الثاني: القيود الواردة على الحريات الشخصية
إن الدستور يكفل حماية الحقوق و الحريات إما كفالة مباشرة أو بطريق غير مباشر بأن يترك للمشرع تحديد إطار هذه الحماية في إطار مبادئ عامة يقررها و يوفر ضماناتها و من ناحية أخرى، و كأصل عام، يتدخل المشرع لتنظيم الحقوق و الحريات العامة و يثور التساؤل هل يمكن أن يحدث تناقض بين الحقوق و الحريات و غيرها من القيم الدستورية التي تتطلبها حماية المصلحة العامة، مثال ذلك أن مقتضيات المصلحة العامة تتطلب منح الدولة قدرا من السلطة لتمكنها من القيام بدورها في تحقيق الأمن و العدالة و يتجلى ذلك في قانوني العقوبات و الإجراءات الجزائية حيث تتطلب ممارسة السلطة في التجريم و العقاب، و في اتخاذ الإجراءات الجزائية المماس بقسط معين من
الحقوق و الحريات الخاصة منها الحريات الشخصية التي كلفها الدستور
الفرع الأول: النظام العامة كقيد على الحريات الشخصية
الحريات الشخصية ليست بالمطلقة لا حدود لها فممارستها لا يجوز أن تكون من خلال التضحية بغيرها من الحقوق و الحريات، فالحق في حرية التعبير-مثلا- لا يجوز ممارسته اعتداء على الحق في الحياة الخاصة أو الحق في الشرف حيث أن ممارسة الحريات لا يحدها غير ضرورة ضمان الحريات الأخرى و غيرها من القيم الدستورية، و في جميع الأحوال، فان حدود ممارسة الحريات يجب تفسيرها بكل دقة حتى تكون هذه الحدود متناسبة و معقولة لمراعاة الغاية التي تستهدفها و هي حماية المصلحة العامة حيث أن النظام العام يقتضي تقييد حرية الفرد من خلال التجريم و العقاب و التجريم يمس حرية الفرد في مباشرة أنواع معينة من السلوك لأنه يخضعه لضوابط اجتماعية معينة هذا بالإضافة إلى العقاب، فانه يمس الحرية الشخصية للفرد، و لا يقتصر المساس بالحرية على مخاطر التجريم و العقاب و لكنه يمتد أيضا إلى النظام الإجرائـي الجزائـي و ذلك من خلال إجراءات الخصومة الجزائية(الدعوى العمومية) التي تباشرها النيابة بعد وقوع الجريمة من اجل كشف الحقيقة و إقرار حقها في العقاب و إجراءات التنفيذ العقابي بعد إقرار حق الدولة في العقاب.حيث أن هذه الدعوى العمومية قد تلجأ إلى إجراءات معينة تمس بأصل الحريات الشخصية مثلا صدور أمر بالوضع في الحجز تحت النظر حتى و لو كانت المدة قصيرة لا تتجاوز 48 ساعـة كقاعـدة عامة و في الحالات العامة و كذلك أوامر قاضي التحقيق كالأمر بالوضع تحت
الرقابة القضائية و الأمر بالوضع في الحبس المؤقت و هذا بالرجوع إلى التشريع الجزائري حيث أن هذا الأخير و محاولة منه للحفاظ على النظام العام و السكينة العامة خول قاضي التحقيق سلطة إصدار أمر الوضع تحت الرقابة القضائية و أمر الوضع في الحبس الاحتياطي حسب أحكام قانون الإجراءات الجزائية على الرغم من كون هذه الأوامر تعد خرق صارخ لحرية التنقل و الحق في الأمن بالإضافة إلى الأحكام بالسجن و الحبس الصادرة عن أقسام الجنح و محكمة الجنايات في حالة ارتكاب المتهم أفعال معاقب عليها قانونا فهي أحكام و أوامر تنتهك الحريات الشخصية لكن تدخل ضمن ما يأذن به القانون فهي مباحة و هذا حفاظا على النظام العام من الأشخاص الذين قد يخلوا بالتوازن ما بين المصلحة العامة و المصلحة الخاصة وبالتالي في هذه الحالة تجدر تقديم المصلحة العامة عن المصلحة الخاصة.
الفرع الثاني: حالة الطوارئ كقيد على الحريات الشخصية
إن نظام الطوارئ في أصل مشروعيته نظام استثنائي يستهدف غايات محدودة ليس فيه ما يولد سلطات مطلقة بغير حدود، و لا مناص من التزام ضوابطه و التقيد بموجباته و لا سبيل إلى أن يتوسع في سلطاته الاستثنائية أو أن يقاس عليها ، فهو محض نظام خاضـع للدستـور و القانون يتحقق في نطاق المشروعية و يدور في فلك القانون و سيادته و يتقيد بحدوده وضوابطه المرسومة
المادة 91 من الدستور الجزائري لسنة 1996 تنص على أن رئيس الجمهورية هو الذي يقـرر عند الضرورة الملحة حالة الطوارئ أو الحصار لمدة معينة بعد اجتماع المجلس الأعلى للأمن.
و استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني و رئيس مجلس الأمة، و رئيس الحكومة، و رئيس المجلس الدستوري و يتخذ كل التدابير اللازمة لاستتباب الوضع ولا يمكن تمديد حالة الطوارئ أو الحصار إلا بعد موافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه و نصت المادة 92 من نفس الدستور أن تحديد حالة الطوارئ يكون بموجب قانون عضوي
في حين نصت المادة 3 من القانون رقم 162 بشان حالة الطوارئ في التشريع المصري بان لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوي التدابير الآتية : وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع و الانتقال و الإقامة و المرور في أماكن أو أوقات معينة و القبض على ا
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma